الخميس، أكتوبر 02، 2008

سوبر ماركت

د. حنان فاروق
أخرجت قائمة الطلبات من حقيبتى..فتحتها...تناثرت وريقاتها المتشابكة على الأرض..انحنيت ألملمها..حين رفعت رأسي واجهتني فوهة نظرة حادة أطلق رصاصها زوجي لتصيب قائمتي في مقتل..أدركت أني سأدخل معترك النقاش التسوقي بعد ثوان..فررت من عينيه وانطلقت بين الأرفف أختبيء بينها وأقتنص ما ثقل حمله وخف ثمنه...أولادي يتبعونني كظلي هاربين بأحلام الاقتناء التى يرتبون لها ستة أيام كاملة من كل أسبوع لتنهار بعضها على صخرة الواقع..وتنجح أخرى فى الوصول إلى مرمى الحقيقة بعد شد وجذب روتيني يحفظونه عن ظهر قلب...بجانب الممر الذى كنت أخوضه وقفت لوحة متوسطة باهتة الألوان على استحياء ...ألقيت يدي داخل حقيبتى أتحسس نظارتى الطبية لأقرأ اللوحة ..ربما يكون هناك عرضاً يخفيه السوبر ماركت ولايريد لكثيرين الاستفادة منه..أجلست النظاره فوق أنفي فى مواجهة عيني واقتربت من اللوحة ..قرأت:

(قاطعوا البضائع الأمريكية)

تجمع حولي أبنائي يسألوننى ..يتضاحكون من جنون صاحب المكان..ويصفونه بالحمق لأنه لايريد أن يبيع...لم أستطع النظر في عيونهم ..تساقطت صور القتلى والجرحى فوق خريطة قلبي الممزقة...تبعثرت الحروف من فمي وأنا أحاول ترتيبها فوق أرفف ذاكرتي المتهاوية فوق شرايينى..أحسست بها تخلعني ..تلقي بي في أقرب سلة مهملات..تساقطت دموعي..أسرعت بخطواتي نحو الباب وسط تعجب أبنائي..لملموا القائمة الممزقة على أرض نزهتهم..لمحنى زوجي ..أسرع قلقه ورائي ..أدركنى..حاولت أن أشرح له لكن نحيبي قيد لساني وأفلت لجام التماسك من يده..نظر إلي بحنان مسح دموعي ..ربت على خدي المبتل معتذراً عن حدته..نثر أبناءه في أنحاء السوبر ماركت ..وضعوا الأرفف كلها فى سلة التسوق غلفوها بضحكات الفوز..وانطلقوا بها إلى حقيبة السيارة..

همس أصغرهم في أذنى: (ليتك تبكين كل مرة يا أمي)...

ليست هناك تعليقات: