‏إظهار الرسائل ذات التسميات عوني وتد. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عوني وتد. إظهار كافة الرسائل

الأحد، نوفمبر 16، 2008

عوني وتد : لِمَ لا تبْسِمُ يا وطــن ؟؟

عوني وتد

يا خيمةً تنزف المِحَن ،وجَمَل المحامل أضناه الهجير. يا وتراً يعزِف الشَجَن ، وحادي العيس أعياه المسير. آهٍ يا وطن ! أما آنَ لك ان تمحو الحَزَن؟ أما آن لك أن تَبْسِمُ يا وطن ؟ يا صهوة الخيّالِ! ويا عصا التِرْحال ! لمن تشدو شعرك؟ لمن تشكو أمرك؟ لمن تَبْسِمُ يا وطن ؟



" وطني الذي الجنّات بعض صفاته // والحسنُ آيٌ من رؤى آياته ِ //ذاك الغريب تكشّفتْ أشواقهُ // إثر الذي أذراه من عبراته //بل نمَّ عن وجد يعنّي قلبهُ // سيلٌ من النيران في زفراته ِ //تعتاده الذكرى ويلهبُ شجوهُ // ماض ٍ طوى الأحلام في طياته ِ //لم يبقَ منها و الزمان عدوّه //إلا أنين النزْع في أنّاتِهِ". (نور الدين الخطيب)
لِمَ لا تبْسِمُ يا وطــن ؟؟
أنا لا ابسِمُ لقرية مهجرة ،عاثت بها عواصف الهدم السافر. أو لضيعة منسية، وبقايا قباب وقناطر. قطعوا أشجارالعناب والتين ، وأقتلعوا حواكير النعناع واليقطين .لا لن ابسِمَ لردم أبراج الحمام ورحيل العصافير، ولمحراث كُسّرَ عند ساحة البير. وهل أبْسِمُ لبكاء المرزاب والخابية ، وعويل الطابون ؟ أم لدلة القهوة، والمنقل والكانون!.أين شبابة الحادي، ومجوز الوادي وآهات اليرغول ؟ آه يا حلم النازحين ،ويا رَسْمَ المُبْعدين ! ما بال ولاة فلسطين ،يتنكرون للأمجاد، ويبيعون ما بقي بفلس وطين؟
لِمَ لا تبْسِمُ يا وطــن ؟؟
وهل أبْسِمُ لأرملة فلسطينيه! تُلاحَقُ عند "حسبة" سوق البلديه؟ عجوز جاءت تغني للخبيزة والميرامِيَه، لثمار الخروب ولاشواك العكوب . تلتقط قوت يومها قبل هجوم سياط الشرطة الغليظه، تسابق حضور سجلات البلدية الرهيبه. عجباً ايتها الشرطه الفلسطينيه !! ارانبٌ أنتم امام الرشوات والفساد ! وأُسْدٌ عند ارزاق العباد! وهل أبسِمُ لطفلة حافية القدمين عند الحدود؟ تغني لدميتها مبتورة الساق: "ابي لن يعود! "، تحدثها عن مدرستها المغلقه ،عن عناقيد العنب المذهله، تنتظر كرامةً من الملوك والسلاطين ، ترقُبُ نخوةً الحكام المُدَجَجين!! آهٍ يا أمة تتغنى بأنساب المعتصم ! لامست اسماعكم نداءات المستغيثين ، فجعلتم أصابعكم في آذانكم ، واستغشوتم ثياب الدجّالين.

لِمَ لا تبْسِمُ يا وطــن ؟؟
وهل أبْسِم لمريض غزيٍّ يموت تحت الحصار؟ يا علماء السلاطين! يا من ترددون حديث تعثر بغلة في العراق ! ما بالكم تصمتون ورجولة الاقزام خزيّ وعار؟ ما بالكم تخرسون وشعب بأكمله يتعثر ليل نهار؟ أيها الأزهر الشريف ! يا صرح الفقه ومعقل الأفتاء ،هل لمسلم يموت أمام ناظريكم من رجاء ؟؟ ام ستلتمسون الأعذار ..تلو الأعذار وتنصبون منابر الرثاء! معذرة غزة هاشم لعتابي، فمن هانت عليهم عفة الجلباب،لا يُرْتَجى منه الدواء . وهل أبْسِمُ لأب عائلة مستورة عاجز ! يصلي الفجر عند الحاجز ؟ يستجدي تاشيرة اسيادكم للكدّ وللعمل ، يتوسل عبور ارض السمن والعسل. ويعود خائباً عند العشاء ، ليطهو لأولاده الحجارة في الأناء. رحمك الله يا امير المؤمنين ! يمنون علينا ببعض من الوقود، وبترول امتنا تحجبه السدود! أأبْسِمُ لرغيف خبز تتقاسمه أفواه العشرات؟ وحذاء اميرنا يقتنى بحفنات من الدولارات! عجباً لحذاء الأمير ! كيف يتخطى الجدار الحصين ، ويسبق الدواء والطحين؟
لِمَ لا تبْسِمُ يا وطــن ؟؟
ماذا دهاك !؟ أيبْسمُ الوطن لقابيل يقتل هابيل ؟ وغراب الحقد لهم دليل ! أم لسلطة غليظه ومخابرات بغيضه ، وُكِلت لأسر وتعذيب الأبابيل ؟ هل ابسِمُ لكبت حرية الأعْلام، وتكسير الأقلام ؟ فسطور الحرية حرام ..والشاهد على عصره نمّام ! أواه لقيادة تناضل من أجل الحريه ،وحرية شعوبها تُقَتًلُ وتُسْلَبُ وتُهان. يا " أُمَةً " بَدّلَ قادتها قواعدَها،وفَرّقَ حكامُها حركاتها وأنظمة حروفها.. فصارت للغَرْب " أََمَةً " ، وللعرب "هَما ً" ، وللذل "هَامَةً " !



لِمَ لا تبْسِمُ يا وطــن ؟؟ " البحر يحكي للنجوم حكاية الوطن السجين / والّليل كالشحّاذ يطرق بالدموع وبالأنين / أبواب غزة وهي مغلقة على الشعب الحزين / فيحرّك الأحياء ناموا فوق أنقاض السنين/ وكأنّهم قبر تدقّ عليه أيدي النابشين / وتكاد أنوار الصباح تطلّ من فرط العذاب /وتطارد الّليل الذي ما زال موفور الشباب / لكّنه ما حان موعدها وما حان الذهاب / المارد الجبّار غطّى رأسه العالي التراب / كالبحر غطّاه الضباب وليس يقتله الضباب / ويخاطب الفجر المدينة وهي حيرى لا تجيب ". (معين بسيسو)
(جت المثلث)

الأحد، نوفمبر 02، 2008

لَـوْ كَانت في الجِدَارِ .. فَتْحَهٌ

عوني وتد

اعتدنا الجلوس انا وبعض الأصحاب في متنزه يبعد عن جدار العزل بضع عشرات الامتار،جدارٌ محكم المنافذ ،عالي المتراس،تطل من خلفه قرية زيتا الشعراوية في قضاء طولكرم الشماء، قرية جريحة كانت بالامس القريب تعانق مشارف قريتنا ،وتحتضن سهولنا وروابينا سواعد ابنائها وبناتها الذين يلتقطون لقمة عيشهم بتفانٍ واخلاص... واذا بصوت تشويقةٍ شجيّةٍ تقطع اطراف حديثنا، وتدمي قلوبنا : بَعَايِدْ يا دَمِعْ عِينِي بَعَايِدْ / بَقيِتُوا قْرابْ وَاصْبَحْتُوا بَعَايِدْ / وَجانَا العيد ، مينْ بَدّي أعَايِدْ ؟! / عَلى الْفُرْقَه والا عَلِحْبابْ " . زغرودة من تشاويق والدة الشهيد "خالد ابو العز " الزيتاوي ، والمعروف باسم (ابو احمد قاهر الجدار)، تغريبة ام ثكلى ،تعلو كل مغيب مع موعد عودته من العمل في حقول قريتنا .شهيد روى بدمائه الزكية ثرى قرية زيتا الشعراوية،وأرتقت روحه الى باريها بالقرب من بيته الصامد ، بين حقول اللوز والزيتون ، والتي اقتلعتها واجتثت جذورها ، براثن جدارالفصل والعزل الملعون.

لَـوْ كَانت في الجِدَارِ .." فَتْحَهٌ " !! لجلست استرق سماع زغاريد الحاجة " زينب " والدة الشهيد .أيّ تنهيدة تَرُدّ صدر قلب يَتَصَدَعُ الماً على فراق واسطة عقده ؟! ايّ ميجَنَةٍ تَصُدّ دمعة أبٍ يتلوع حسرة ًعلى عناق قرة عينِه ؟! أيّ اهزوجة تسدّ رمق وليد يترعرع ميتّماً لرحيل عامود بيته ؟! سبع سنوات طُويَت من ملحمة البطل المُسَجّى، والذي ما زال يُحْتجَزُ في برادات الموتى! تجمدت قضيته، وتجار المفاوضات يتزلجون فوق دمائه المتجمدة ، وفق أنغام وألحان املاءات "البارتنر " العنيد. كُسرّت الاطراف .. فجَبَرَ النصرُ كسرها،هُتِكَت الاعراض ..فغسل الطُهرُ عارها، أعتُقِلت النسور والماجدات..فحطّم الصبرُ اسرها . اما في عهد المفاوض الميمون ،حُبِس الشهيد ، وهُدّم القبرُ، وقطّعَ الجدار اوصالنا. وما زال جثمان البطل مسجى في برادات الموت ينتظر دفنه في اكناف قريته الصابره! لَـوْ كَانت في الجِدَارِ .." فَتْحَهٌ " !! لتسللت نحوها وبيدي وردة من تلتنا، وسنبلة قمح من حواكيرنا ..وردةٌ من "يوسف الصديق" تنثر عبق عطرها لبيوت الاسرى والمعتقلين ، تحمل البشرى لزوجات واولاد الاسرى في غياهب الزنازين ،تحمل كسرة خبز للاطفال اليتامى والبائسين. وردةٌ تجدد بيعة وقَسَمَ "مؤسسات الاقصى" باننا على العهد الأمين. وسنبلة قمح.. أبذر حباتها خلف الجدار ، تتحدى الحصار،تخرس الأعصار، وتزحف لتعانق الامطار، وتطرح حباتها المجد للصابرين، لَـوْ كَانت في الجِدَارِ .." فَتْحَهٌ " !! لأصطحبت الحاجة "ام نضال" ، تمد يدها المباركة عبرها، لتقبلها ابنتها "عائشة " ،المبعدة عن حنانها ،المشتاقة لأحتضانها منذ سنين. علّها تخفف أحزانها ،وتزيل غبار بُعادها ، وتمسح هامات احفادها برفق ولين ، وتغني لهم جدتهم العجوز، اغنية اللقاء : وَنا لَعّنْ عنّاتي بقلبي / علّي ذَوّبوا شَحْمي بقلبي / سألتْ الدار :وينْ احبابْ قلبي؟ / قالت : غُيابْ ما منهُم حَدا .

لَـوْ كَانت في الجِدَارِ .." فَتْحَهٌ " !! لأودعت فيها رسالة من طفلة اسير منسيّ خلف قضبان الجلبوع ، واسوار عسقلان ، طفلة فلسطينية ابنة " ثمانية واربعين شهراً " ، تحدثكم عن أغاني الحرية ، وطول ليالي الحرمان.. تستجدي سماحة حقائبكم ! تلتمس سطراً واحداً في ملفات مباحثاتكم ، وثوابت مواقفكم ! هل لحرية ابيها نصيب من تشدقات خطاباتكم؟ وتأتآت سجلاتكم ؟! وستصرخ طفلتنا في وجوهكم ! : " أحكموا البناء ، أغلقوا الفتحات ، ازرعوا الاشواك والاسلاك ، علّوا الابراج فوق التلال ، فمآذن التكبير اسمى ، واجراس الكنائس اعلى، فأن كنتم قد عجزتم عن مطالبنا ،وتنصلتم لقضيتنا ، فدعاؤنا وابتهالنا ارفع وأجدى " . وسنتزع من بين خصلات شعرها نشطة بيضاء ، ترفعها زعاماتنا وكل قياداتنا عند مؤتمرات هزائم اللقاء ، ويعقدها شعبنا الأبيّ راية صُلح ومحبة بين الاشقاء. لَـوْ كَانت في الجِدَارِ .." فَتْحَهٌ " !! لجعلتها منبراً يحكي للعالم أمجاد الكرامة والعزة ، من هاشميين أشاوسٍ يتحدون الجوع في غزه ، من مخيمات ترفض الركوع بثباتها ،وتقهر الكوارث والخنق بصمودها، امة جعلت من دموع الصبر دواء ، ومن ظلمة الحصار كهرباء ، ألا ليت شعري ! فالبارحة بكى العالم برمته لقتل وزه، فما باله اليوم يصمت لموت مريضٍ في غزه؟؟ يا حكام الدجل! ويا ولاة "الأزل " ! غزة لا تبتغي جَذْوة من حماساتكم لتصطلي من البرد ، ولا تريد سيفاً من هزائمكم لتصدّ المعتدي ، فقد اوصدتم في وجهها الحدود ،واقمتم المتاريس والسدود ..وأطلقتم رصاص الكنانة على ملتمسي الخبز والماء .عجباً لمن يسوس أمته ، ويفقد نخوته، وليس في وجهه ماء الحياء !
( من ضحايا كوارث الصرف الصحي في غزة)
ليت شعري على راحتي! امسح للطفل دمعه/ليت شعري درعا واقٍ! يحمي أطفال غزه/كيف اجعل من معاني الشعر شمعة؟! تنير عتمة ليل،تكشف ضرّ وَيْل.. في بلاد حل الظلام فيها وَخَيّم/ومليك ومُعَظّم./ليت شعري دمعة! تحجب دمعه/بعدما حل حصار المخيم./لم أعد أدرك شمسي..لم اعد أعرف أمسي! رغم قصفي بنيران، تجعل الليل نهارا./تجعل ألأخضر هشيماً ودمارا/لم اعد اخشي عدوي،لا،ولا اهاب الظلام!/انما اخشى العروبة،وأهاب تجار السلام/أهاب من عانق أكتاف اللئام/من راهن بالحلم..وهادن الظلم/ورأى انياب الذئاب..اسراب حَمَام. (تسونامي فلسطين)
لَـوْ لم تكن في الجِدَارِ .." فَتْحَهٌ " !! لأطلقت طائرة ورقية من أحلام اطفال فلسطين ، وزغاريد امهات فلسطين ،تحوم فوق قصوركم ،وشاليهات مقايضاتكم ومنتجعات أطماعكم ، وتلقى لكم شهادة رُسّمَت حروفها بالعبرية ،وزيّنت أجنحتها بزخرفات اجنبية ،وفقا لمعهد مواصفات البناء العصريه محدودة الضمان ، تشهد بالفخر والتقدير والأمتنان ،لأعوان الجدار ، ولحماة وبناة الجدار، وتشيد بكل الاخلاص والوفاء لمصانع وشركات اسمنت " ابي العلاء" المسلح ، وانجازاته القومية في مشاريع البناء ومخططات الاعمار.

لكم جداركم! ولنا " فتحات" امل واصرار . فأحكموا جداركم! اوصدّوا الفتحات ! امام نفخ ناياتنا ، ونفح اطلالات ورودنا، وزحف سنابلنا الفلسطينية، وعصف رساثل أطفالنا الشجيّه ، واختراق ايادي امهاتنا الأبيه ، وانطلاق طائراتنا الورقيه .. فسيأتي يومٌ .. تضربون عنده رؤوسكم بالجدار. وسيكتب التاريخ بحروف من ذهب : " خالدُنا " الشهيد مات ، ولم تمت زيتا، وسور برلين أردَاهُ الدمار !

(فلسطين)

السبت، أكتوبر 25، 2008

حديث الملاحم في ذكرى مجزرة كفر قاسم


عوني وتد
وقف الشيخ عثمان القسماوي عند الأصيل، يستطلع امر تأخر وصول قوافل العمال والفلاحين العائدين من حقول القرية والمستوطنات المجاورة.أنتصب يحجب بكفه المرتجفة خيوط شمس الغروب، يرنو بعينيه الذابلتين، علّه يزف الى قريته بشرى تمحو قلقها وتبدد مخاوفها. أنتظر شيخنا طويلاً.. يسابق بعينيه عتمة الليل ،ونسائم الغروب تداعب كوفيته السمراء فينبلج من تحتها وقار الشيب المثقل بالصبر، والثبات والصمود.وما أن لمحت عيناه خيال القافلة القادمة من بعيد ،وتهادت اذناه لجلبة زحفها ،وحداء عودتها ،حتى انفرجت اساريره ، وشرع ينادي بصوته الخافت : " هيهِ يا زينب ! عاد العمال من كروم العنب". "أبشري يا فاطمة! عبر الأبطال حدود الغضب" . " أصدحي يا جميلة ! هلت علينا جحافل العرب". فاستبشر اهل القرية خيرا ،وهللوا حمداً لوصول اهلهم والأبناء.
لم يكد شيخنا عثمان يتم اهزوجته فرحاً بعودة ربعه وذويه ،حتى علا صراخ المستغيثين ،وقطع ازيز الرصاص الكثيف نشوة الاهل والصبية القسماويين لعودة آبائهم وامهاتهم... رحماك يا ربي! ما هذا الدخان ؟! ما هذه النيران ؟! ما هذا العويل؟! فناحت تلال الروابي ، وصاح رَجْعُ الدماء، وزلزل صدى الرحيل:
ألا هل أتاك حديث الملاحم / وذبح الأناسي ذبح البهائم/وقصة شعب تسمى:حصاد الجماجم/ ومسرحها قرية ، اسمها : كفر قاسم ؟؟ / حديث أفاق عليه الجميع/ فظنوه أضغاث حلم مريع/ولكن! اتقضى هزيع، وجاء هزيع/ وجمد أعيننا الحالمة/وصك مسامعنا الواهمة/صراخ الثكالى / صراخ الصبايا، صراخ الحبالى/ طغى وتعالى/ صراخ الشباب الذبيح/ ترد صدورهم العارية/ وأيديهم الخشنة القاسية / بصاق الرصاص الجموح. (الشاعر : توفيق زياد)


لوحه للفنان عبد التمام طه – كفر قاسم

وقبل ان يلفظ شيخنا القسماوي انفاسه الاخيرة حسرة والما ً،على ذبح اهل قريته، جلس القرفصاء، وفرش كوفيته السمراء ارضاً ،وانهمرت دموعه الغزيرة نهراً ، تخط للأجيال تلو الأجيال حديث الملاحم البطولية. فكتبت لنا العبرات:
" وكانت المجزرة الرهيبة ..يوم الأثنين، في التاسع والعشرين من تشرين الاول ،عام الف وتسع مئة وست وخمسين. تسعة واربعون شهيداً ، من الرجال والشيوخ، ومن النساء والأطفال ، رووا بدمائهم الزكيّه سهول كفر قاسم الجريحه. شهداءٌ ابرار، قتلت يد الحقد أحلامهم، وحصد رصاص الغدر آمالهم لحياة كريمة عزيزه " .
وتتوالى الدموع الساخنة فوق الكوفية : " وليشهد العالم ، وليعي الصمت العربي! ان الجنرال "تسفي تسور"، قائد قيادة المركز والمسئول العسكري عن منطقة المثلث، أمر المقدم "يسخار شدمي"، قائد لواء الجيش في المنطقة ، بتوسيع ساعات منع التجول المفروض على القرى والبلدات العربيه، وأمره كذلك ان يكون حذر التجول هذه المرة يليق بالفلول التي لا تقهر ابداً ،فعليهم تطبيقه بيد من حديد ! ".
لفظ شيخنا عثمان انفاسه الاخيرة ،وارتقت روحه الى باريها، ليلحق بركب الشهداء الابرار من الأطفال والرجال، والنساء والشيوخ.


مجزرة كفر قاسم 29/10/1956

ولأن شعبنا الفلسطيني الصامد فوق كل المجازر والجراحات ،وفوق كل الآلام والويلات،
لَمْلم الأحزان ،ونفض عنه المخاوف والهوان ، وشب على رجليه الصلبتين الثابتتين يردع حقد الترحيل ،ويرفض الذل والخنوع والهوان ، شعبٌ يقارع مآرب التهجير ويصدّ الطغيان.
مجزرة... شاء الله لها ان تتزامن مع العدوان الثلاثي على ارض الكنانة،لكبت نداءات الاحرار بتأميم قناة السويس المصرية ، وكأن شعبنا الفلسطيني الصامد جعل من دمائه الزكية المعتقة ، بركانا يرد الضيم عن امته ،ويعلمها درساً في التفاني والعزة والاكبار.
شهداءٌ اوقفوا بجباه جماجمهم الشامخة، اولى خطوات مكائد تهجيرهم واجلائهم عن اراضيهم ،وأخمدوا بربيع انفاسهم لظى التنكيل، ورووا بدمائهم الزيتون واللوز والصبار.
في ذكرى المجزرة الثانية والخمسين،لن نبكي شهداءنا ، فحري بنا ان نذرف الدموع على امة الصمت الأكثر من مليار. امة أضاعت رشدها،وفقدت رشيدها بتخبطاتها ، وهدمت كيانها بمعاولها ، وأطاحت برجولتها بأستسلامها ، وباتت مواقفها شجب وتنديد واستنكار. أمة هشة، أمست وحدتها وهيبتها،حروفا مبهمة ،وارقاما متتالية فوق شريط ألاخبار!
وفي ذكرى المجزرة الثانية والخمسين ، سنزور قصور شهدائنا ،وسنصطحب اولادنا وعائلاتنا ، سنتلوا عليهم، ونذكر لهم ، ملاحم الابطال تلو الابطال : للقرى المهجرة ، للمقدسات المنتهكة ، لمفاتيح المهجرين والمبعدين ،للأسرى المنسيين ، ولطابو اقفهرت سطوره فوق قنطرة الدار. سنحكي لاولادنا عن المذبحة الرهيبه ، وعن اراضينا الغريبه ..ليتمسك ابناؤنا بما بقي لنا من امتار.
سنروي لهم كيف بيعت دماء تسع واربعون منا بقرش ابيض واحد ،وحكامنا ينظرون، فارتقبوا يا اولادنا يوماً ! تباع به عروش الخزي وكراسي العار، بأبخس الاسعار.
وستحملنا الذكرى ،فوق روابي كفر قاسم الجريحة ،نضمد احزانها بالمسك والورد والعنبر، ونفرش ساحاتها بالسنابل والنخيل والزعتر، وستكتب دموع شيخنا عثمان :
الله اكبر ! الله اكبر! الله اكبر!


مسجد الشهداء-كفر قاسم
ساعة الصفر صفرت واستقرت ** والغروب الغريب فيها وئيد
وبدا الغائبون رحلة عود ** وبدا اعصار الفناء يميد
قف : وصاح الغراب نعقا على شا ـ م ـ ** حنة بالغفاة ملاى تنود
بلغ الجهد مبلغا فاق وصفا ** فاذا هم على الحديد رقود
احصدوهم : خروا بطرفة عين ** جثثا فوق بعضها والبليد
يطلق الضحك ، والرصاص ، ويعلو ** وجهه الاربد الغليظ ، الجليد
واتم الرصاص قولا وفعلا ** وتردى فوق الشهيد الشهيد
وصغير طريد رعب تولى ** اذ نجا صارخا ويبكي الطريد
قد راهم يسّاقطون تباعا ** جثة فوق جثة لا تميد
لم تشاهد عيناه يوما ضحايا ** تتهاوى كما تهاوى السجود
ينحني عن سقف الرصاص ويعدو ** ليس يدري الجهات يهدي .. جنود
وعلا صوت طفلة في جوار ** هاتفا ، يا ابي ، ابي لا ردود
زهرة غضة راتهم عيانا ** فمضى عقلها وهامت تريد
وتنادي ابا واين ابوها ** ربما ضرجوه او موجود
في عداد الاحياء في الدار يرجو ** عودها فالظلام هول وبيد
وازيز الرصاص في اذنيها ** وعلى شالها دخان شديد
من قصيدة ـ كفر قاسم جل الشهيد ـ للشاعر محمود مرعي

(عرب الداخل)

الثلاثاء، أكتوبر 21، 2008

مدافن الأحياء

عوني وتد
وثائق جهريّه في أسفار أسرى 48.
أيتها النسور الملجمة ، أيتها السواعد المكبلة ، أيتها الأسود المصفدّة ..
سأقول عذراً ! ارددها .. ولن أتوقف .. لا لن أتوقف .
فقد بات عذري أقبحُ من ذنبي، وصمتي اشدُّ من سوطي، وهواني افضحُ من ذلّّي .
فقضيتكم اطهر من عمري ، وزنازينكم أقدس من سجني ، وأوسع من باحتي، وأبهى من سرمدي . لكنني مع كل عذري .. سأتمرد على صمتي، وانتزع سوطي ، واقلب لتجار قضيتكم ظهري .. وأكثر من ظهري.
وسأصرخ بأعلى صوتي:
" أيتها النسور الملجمة، أيتها السواعد المكبلة، أيتها الأسود المصفدّة!
اخجل من صفحاتي حينما تَعُدّ غياهب عزلكم،
اخجل من قلمي حينما يعجز أمام قيودكم،
اخجل من قياداتي حينما تتنكر لحريتكم، واخجل من أولادكم وزوجاتكم،
من أمهاتكم وعائلاتكم، لأنني خذلتهم وخنت قضيتكم !
والتمست العذر في صمتي ! ".
عذراً !
لقد عجزنا عن طرح قضيتكم فوق طاولة الحرية،
لأنها أثقل من هاماتنا، وأنفس من بضاعتنا، فلم نقوَ على حملها،
وخشينا الكلام حول مائدة اللئام، ونسيناها في رَحْلِ المزايدين.
وصنعنا من مصائركم شعارات ونياشين ، تعلق في مواسم أسواق الانتخابات ،
وصورا تزيّن الملصقات
وأغنيات تردد في المهرجانات. لكنها سرعان ما تذوي وتتلاشى أمام بزاتنا البرلمانية الجديدة.
عذراً !
بعناكم لغطرسة عزيز مصر بمهاترات معدودة، ومقايضات صُكَت من وثائق كراسينا الباليه،
ومناصبنا الخاوية. فركعنا وسجدنا لخزائن فرعون ،
نلتقط الفتات وبعضاً من الرواتب الشاغرة ،
وهرعنا لاهثين لمبايعة رابي رئاسته المنتظر بكل نخوة وشهامة،
وبدون شروط وكرامه ، عله ينعم بالاسترحام ،
ويغدق عليكم الأنعام، أترضون أن تكون ولايتنا بغير إمامه ؟ ومسيرتنا السلمية دون حمامه؟
عذراً !
لا نريد أن نخلط الحابل بالنابل ، فألوان وجوه حبالكم زرقاء، يزينها شمعدان الوالي،
ووجوه نبال إخوانكم برتقالية أو خضراء، قسمت ألوانها المعالي.
ولأننا امة تعشق الأمثال والحكم ، فلا بد من جعل شعبنا شعبين ،
وعربنا عربين، ووجوهنا وجهين وقضيتنا الواحدة شطرين .
عذراً !
فلقد نسيت امتنا العربية ، ثوابت مفاوضاتهم وأولويات قضاياهم المصيرية،
وزلت أنامل كوندليزتهم المطبعية ، فتاهت أسماؤكم وتناثرت بين كوفية فلسطينية مُستجديّه ،
وقُمباز مصريّ مُطبّع ، وعمامة شاميّة مُمْتنِعة ،
وعباءة خليجية مُهجَنَّه .فرضخ المفاوضون لقبول تلاوة (توراة سيناء )
و ( مزامير داود) ..
وكما ورد في سفر أسرى 48:
" كلوا أيها المفاوضون ما شئتم من وصفات ارض السمن والعسل !
ولا تقربوا مدافن الأحياء ! ". أترضون لنا أن نحرّف التوراة، ونرقص على غير هذه المزامير؟
ونخون حسن الجوار ، وصدق النوايا؟
عذراً !
فجدار العزل الملعون، حجب أسماءكم عن قيادات وهموم (شعب الجبارّين) بكافة فصائله، وحركاته وأحزابه.
وأنساها الخوض في قضيتكم، والمطالبة بحريتكم وحذرها الوالي
من ذكر أيديكم الملطخة بدماء العجل المقدس،
فهي لا تنتمي إلى فصيلة دم ( عامي بوبر ) المسجلة وفق قوانين الأمم المتحدة وحقوق الأسرى.
عذرا!
فحلمنا العربي ، والجامعة العربية ، والمؤتمرات الاسلامية ، والقمم الطارئة والموسمية ، والمهرجانات السياسية والفضائيات السوبرستاريه ..
مزقت ملف قضيتكم المصيرية سهواً ،( دونما سبق إصرار وترصد )،
حينما تهافتت على مستوى الوزارات الخارجية ، وتسابقت أياديها لتحظى بشرف طرح قضيتكم بكل عزيمة وإصرار .. فتمزق ملف قضيتكم بين أيديهم المباركة ،
وهم يتصارعون السباق على طرح قضيتكم.
عذرا!
لأن حبنا لأقصانا الأسير ، طغى على قلوبنا جميعاً ، وهمومنا جميعاً ،
فنسيناكم قبل ربوع عمواس وروابي القسطل .
وانشغلنا كثيرا في تسيير آلاف قوافل الحجيج من مطالع شطة ومشارف نفحة وعسقلان ،
لنسرج له قناديل الحرية ونوقد بخور الانتماء ، فعذراً إن كانت شدة حبنا لأقصانا الجريح ،
قد أنستنا أن حرمة أسير مسلم اشد عند الله من حرمة المقدسات .
وأخيراً قبل وداع خطوتنا الأولى ..
عذراً ! وألف عذر !
لأننا جميعاً لا نفقه فؤاد أم متوقد عدت الثواني تلو الثواني، تحلم بضم نجلها بعد طول الفراق.
لا نأبه لوقار شيخ عجوز طحن الأيام ، يتوق لتقبيل وجنتيّ ابنه والعناق.
لا نحس بألم أسير مريض يعد السنين ويعاني مر المذاق.
نعتذر ! لأن رجولتنا .. وصدق مواقفنا .. وقضايا مصائرنا .. وأولويات ثوابتنا ذلٌ وهوانٌ ونفاق .

فلسطين الداخل

الاثنين، أكتوبر 20، 2008

تغريبة شعبنا الفلسطينيه

عوني وتد


لملم جراحك !! واحمل يراعك ... وتابع المسير

ان ما يميّز تغريبة شعبنا الفلسطيني بكل اطيافه واجياله ،
بكل مشاربه واقرانه انه يغدق بالشعر في زمن العويل ...
ويصدح بالزغاريد حين الرحيل ...
انه شعب لا يبالي بالنقمة عند اللقمة ،
ولا يأبه للجروح تخالطها النعمة...
فما اجمل وجنتيه عندما تعانق بسمتها الف دمعة ودمعه!!
يجمع جراحه ويشب على قدميه النحيفة ..
يواري احزانه ويتابع المسير.
<<<<<

ألا ترون اطفالنا كأنهم ينامون حين يرحلون ؟
وشبابنا تنفرج اساريرهم حالما يستشهدون؟

ألا تسمعون صبايانا تصدح النشيد لمن ينزحون؟
وامهاتنا ترقص صبرا لمن يموتون؟
هذه تغريبتنا... لنا وحدنا ...لن يقتسمها معنا غيرنا!!
هذه اهزوجتنا ... لنا وحدنا ... لن يتغنى معنا غيرنا !!

اقتطعنا عود عزفها من سنديانة الثبات ..
وشددنا اوتاره من ضفائر الماجدات ..
وحينما تعانق العود والضفائر ولدت اعذب الهمسات...

<<<<<<

يولد الطفل وفي يمناه سنبلة امل..
ويوارى حينما يموت بتراب القُبَل...
فسرعان ما تعلو حبات السنابل من بين ثنايا الجبل...
تعلو وتتفتح لتحكي تغريبة البطل.
ما ابهاك يا شعبي!!
وما اعذب لحنك!!
نعشق الغفوة على فراش الأنين ،
ونشتاق للحلم بلحن حزين ،
ونفيق نصحو للغد الدفين...
غد كأمسه ... وسابق امسه كبعد غده ....
جرح تخالطه بسمة ،
صرخة تعانقها نشوة ،
شموخ تعقبها كبوه ...
ويبقى شعبنا مرفوع الجبين .
<<<<<<
هذه المشاركة مهداة لمن
اراد الرقص على انقاض الوعد...

فأنا امسح الجرح عند اللقاء
، وأخفي الدموع!!
لكنني لا اتقن الرقص عند الرحيل..

الأحد، أكتوبر 19، 2008

إنّا باقون ما بقي الزعتر والزيتون

عوني وتد


آه يا ابن آدم آه..

سيدي!

ها أنت تعود إليَّ في موسم زيتون آخر،

ربما قد نسيت موسمنا الفائت! ألست إنسانا يقلب الله قلبه كيف يشاء؟ لكنني أنا..


لن أنساه أبداً ما حييت. جئتني يومها لتنعم بعطائي وتسعد بلقائي ،

فاشتد غضبك عليّ، وتجمعت تجاعيد وجهك حينما وجدتني قليلة الحبّ،

وشحيحة العطاء, قمت فلعنتني ولعنت وجودي، ونعتني بأقبح الأوصاف!
ما كان ذنبي عندما حبس الله عنكم الغيث لكثرة ذنوبكم وخطاياكم؟

ماذا جنيت حينما انشغلتم عني بالتناحر على المناصب والمكاسب؟

فيبس عودي ، واشتد ظمأي وقلّ عطائي!
وها أنت تعود إليَّ بعد غيابك الطويل، متلهِفٌ لقطف ثماري، مشتاقٌ لظلي الظليل ..

لا لن احبس عنك الخير الوفير، ولن أعاتبك على إهمالك الكبير ،

فزيتون فلسطين لا ينكر الجميل.
آه يا ابن آدم آه..
ما بالك اليوم تأتيني وحيداً، مثقل الهموم كئيباً، وقد كنتم جميعاً تحتضنون موسمنا بهمة ونخوة ووفاء؟!

وتعقدون فوق الروابي حلقات الدبكة ، والرقص والحداء !

أما زال محمود وإسماعيل يقتتلان على عبادة العجل الذهبي،

ويشنان على الأهل الكراهية والبغضاء؟ فتفتت شملكم .. وتفرقت مشاربكم!

عجباً سيدي .. أيُقَسّم زيتي هذا الموسم إلى ماركة فتحاوية وأخرى حمساوية؟

وأنا الزيتونة الفلسطينية لا شرقية ولا غربية! يا حسرةً أيها الزيت الفلسطيني،

فقد فسد طعمك، وبهت لونك وسيغدو وهجك الوطنيّ ابخس الأثمان.
آه يا ابن آدم آه..
ما بالك تقصدني اليوم وبيمينك عصاً غليظةً 'مرقطة' ؟ وقد كنت تأتيني بالمجوز والقربة واليرغول!

أجئت تضربني وتكسر أطرافي كما يصنع أبناء عمومتك بحقول الزيتون؟

أم جئت لتلقي عصاك فإذا هي حية تلقف ما يكيدون ويحيكون؟
فبالأمس القريب حضر إلى الحقل مختار القرية وصديقه (شمعون)،

فاقتطع صديقه الحاخام الحميم غصن زيتون صلبٍ من زيتونة أم احمد العجوز ،

ظننت أن المختار احضره لينقش لها درعاً على شرف ذكرى ولدها الشهيد

،لكنني سمعت (شمعون) يحدثه، بأنه ينوي نحت تمثال يجسد حلم هيكلهم المزعوم!!

آه يا سيدي ثم آه.. ليتني حنظله! لأرسم فضائحكم فوق جدار العزل الملعون!



آه يا ابن آدم آه..
هيا أفرش تحت أفناني بقايا أكياس التموين! فراشاً يتلقف الحبّ،

واضربني بعصاك الغليظة بقسوة وبلا رحمه لأدر عليك ثمري الوفير!

لا تقلق ! اضربني، لا ترحم !

سيخرج بعض زيتي من شدة ضرباتك ..ليكتب فوق أكياس الصليب الأحمر، وبقايا ثياب المبعدين:
' إنّا باقون ،ما بقي الزعتر والزيتون/ ما بقيت آيات الإسراء وما بقي اللوح المكنون '.
آه يا سيدي ثم آه..
قد بت أخشى أن تذهبوا.. وترحلوا ..ويذهب الزيتون !
آه يا ابن آدم آه..
استحلفك بالله ! لا تنس من زيتي نصيباً لذوي الشهداء، وللأيتام، ولأم احمد،

ولسراج الأقصى الذي بات يخبو نوره وانتم تنظرون !
وكل موسم وانتم بموسم زيتون.
(جت المثلث)