الثلاثاء، يوليو 31، 2007

رباعياتٌ مُهاجرة

سامي العامري

عليٌّ تشظّى واختفى ابنُ سُمَيَّةٍ
وعُذِّبَ داودٌ وأُعدِمَ ساطعُ
أولئكَ أصحابي فَجِئْني بمثلِهِم
إذا جمعَتْنا ياعراقُ المَجامعُ !

*****

ترحَّلْتُ عن بغدادَ فارتابَ أهلُها
بأني سألهو ثُمَّ كم غائبٍ لاهي !
لقد كنتُ في بغدادَ والشوقُ هَزَّةٌ
لدجلةَ أمّا اليومَ فالبطشُ واللهِ !

*****

حنانيكَ أنّى للمُتَيَّمِ لَفْتَةٌ
وقد بهَرتْهُ اليومَ خَودٌ بلا عُرْفِ
سعَتْ بدماءِ العاشقين تَقيَّةً !
وقد أسرفَتْ حتى لَيفضَحُها نَزْفي !

*****

تخَيَّلتُ أنْ ألقى السلوَّ إذا نأتْ
وأَعتُقَ جِفنَيها الضحوكَينِ مِن جفني
ولكنَّ أعواماً مضتْ وحضورُها
يفوحُ بروقاً من فؤادي الى الكونِ

*****

وتُهْتُ , أحاكي الشمسَ في دورانِها
وما ثابتٌ ما بيننا ما خلا كأسي
وعطرٌ لأوروبا يَضلُّ سبيلَهُ
فتَهديهِ أنفاسي انتشاءاً الى يأسي !

*****

ولي في رياضِ الشامِ تذكارُ مَدْمَعٍ
وصَحْبٍ كما الأطيافِ في غفلةٍ غابوا
فآهٍ على روحي العليلةِ وادياً
أتَحْنيهِ أنسامٌ وتلويهِ أعشابُ !؟

*****

وفي فارسٍ مِن قبلُ كُنّا كمنهلٍ
فإنْ أوسَعوا إثماً غمَرناهُمُ نَسْمَا
هي الواحةُ الغَنّاءُ لولا يبابُهمْ
ولولا جرادُ الحقلِ ما أطيبَ الطَّعما !

*****

هَلُمّوا نُحَيِّي الأرضَ والحبَّ والناسا
ونُغْني الوغى كُرْهاً لتَغْربَ إفلاسا
فَعُمراً قصيراً قد حُبِينا كَرَنَّةٍ
حَرِيٌّ بهِ أنْ يملأَ الأرضَ أجراسا !


-*-*-*-*-*-*
كولونيا - تموز – 2007
alamiri60@yahoo.de

الاثنين، يوليو 30، 2007

المتناثرون

عبدالله علي الأقزم

إنـِّي افـتـتـحْـتُ هُـموميَ المُتـناثِـرَةْ

فـوصـلْـتُ مـا بـيـنَ الـدُّنـا و الآخِـرَةْ

فـصَـرخْـتُ في وجْهِ العواصف ِ كلِّها

و معـي الجراحُ قـبـائِـلٌ مُـتـنـاحِـرَةْ

أهـتـكْـتِ حـدَّ سـعـادتـي و سـرقـتـِني

و عَـجـنـْتِ جُـرحي بالليالي الجـائِـرَةْ؟

أأخذتِ جوهرتي و سِـرتِ إلـى دمي

و دمي الهمومُ خـنـاجـرٌ مُـتـشاجـِرَةْ؟

أأخـذتِ مِـنْ روحي أبـي؟ مَن ذا الذي

سـيــردُّ لي تـلـكَ المعـاني البـاهِـرَةْ؟

أبـتـاهُ خـذنـي نـحـوَ قـبـرِكَ رحلـة ً

في الـبـسـمـلاتِ الـمـُورقـاتِ الـعـاطِـرَةْ

سـأظـلُّ أظهـرُ فـوقَ قـبـركَ وردةً

و قـصـيـدة ً بهواكَ دومـاً مـاطِـرَةْ

هـذا تـرابـُـكَ يـا أبـي مُـتـأجِّجٌ

بـالـذكـريـاتِ و بـالـعـيـون ِ الـسـاهِـرَةْ

قد جـاورتـنـي المُـذهـلاتُ زوابـعـاً

فـصحـا فـضائي بـالـمراثي الهـادِرَةْ

تصـحـو على ألم ِ الـفـراق ِ خـواطري

جَـرحَى بـمبـضع ِ نـارِ تلكَ الخاطِرَةْ

أبـتـاهُ يـا نـورَ الـصَّـلاة ِ ألا تـرى

هـذي الحـروفَ مَدامعي المُـتـنـاثـِرَةْ

فـي كـلِّ حرفٍ مِنْ حـروفِكَ صرخة ٌ

و مـآتـمٌ و جـنـائـزٌ مُـتـواتِـرَةْ

قـد عـشْـتُ فـيـكَ طـفـولـتي و رجولتي

و الأبـجـديـَّـة َ و ابـتـداءَ الآخِـرَةْ

كم ذا حـضـنـتـُكَ يا أبي فـلثـمْتـني

لـثـمَ الـمُـحـيـطِ بـثـغـرِ أجـمـل ِ دائِـرَةْ

و غـدوتَ لي أرجوحة ً أبـعـادُهـا

بـالـحـبِّ و الأحـضـان ِ دومـاً عـامِـرَةْ

ربـَّيـتـنـي بـالـحـبِّ حـبـَّـاً خـارقـاً

فـمضيـْتُ أسـرعَ مِـنْ صحـون ٍ طـائـِرَةْ

أبـتـاهُ إنَّ حَـنـانَ فـعـلِـكَ في دمـي

بـابٌ إلـى غـُرَف ِ الـغـرام ِ الـفـاخِـرَةْ

بـيـنـي و بـيـنـكَ يـا أبـي عـاشَ الـهـدى

كـالـبُوصـلاتِ إلـى الـقـلـوبِ الـطـاهِــرَةْ

قِـفْ هـا هـنـا هـذي الـديـارُ تـأنُّ مِـنْ

صُـورٍ لـعُـكَّـاز ِ البـلايـا الـفـائِـرَةْ

أبـتـاهُ عـشْـتَ مـعَ الـعـذاب ِ كـتـوأم ٍ

و عـلـيـكَ أمـراضُ الـسِّـنـيـْنَ الـثـائِـرَةْ

هـذي هيَ الأمـراضُ حين تـتـابـعـتْ

نـثـرتـْـكَ بـيـنَ عـواصـفٍ مـتـآمِـرَةْ

في ذبـح ِ قـلـبـكَ لـم تـكِـلْ أبـداً و في

قـاعـاتِ رأسِـكَ بـالـمـنـيـَّـةِ حـاضِـرَةْ

كـتـبـتـْـكَ أسـئـلـة ُ الـتـأوِّهِ كـلُّـهـا

و لـديـكَ عـاصـفـة ُ الإجـابـةِ حـاسِــرَةْ

جـاءتـْـكَ كـلُّ بـلـيـَّـةٍ مـجـنـونـةٍ

سـكـنـتـْـكَ ألـفَ عـمـارةٍ مُـتـجـاوِرَةْ

أبـنـاؤكَ الـمـتـنـاثـرون تـألُّـمـاً

فرشوكَ أزهـاراً بـأجـمـل ِ خـاطِـرَةْ

حَـمَـلُـوكَ كـلَّ أبٍ تـجـلَّـى عـشـقـُهُ

فـيـهـمْ فـأحـيـا بـالجـمـال ِ مـنـاظِـرَهْ

هـذا ارتـفـاعـُـكَ خـيـمـة ٌ أبـديـَّـة ٌ

أوتـادُهـا مِـنْ نـورِ حـبـِّـكَ زاهِـرَةْ

أبـتـاهُ خـذنـي كـي تعـيـشَ مـنـاظـري

ما بـيـنَ أصداء ِ الهـوى الـمُتـضـافِـرَةْ

مـا هـذهِ الـدنـيـا بـدونِـكَ يـا أبـي

إلا انـكـسـارٌ في حـروفي الـحـائِـرَةْ

مـا بـيـن كـلِّ تـنـاثـرٍ و تـوجُّـع ٍ

سـيـسـيـرُ دربُـكَ في دمائي الـهـادِرَةْ

عاشقة لوجستية .. !

ليلى البلوشي

تستنهضني أدوار قوّاد الحروب
كم أود الآن أن أتشبع بداخلك بشراهة المغول
وهمجية التتار
وكم أود أن تبتلعني أنت بفكيك كزئير أسد مجنون .. !
* * *
أتعرف ما هي ألذ لحظات عذابي ؟!
- حين أتمخضك في روحي عشقا ..
أتعرف ما هي ألذ لحظات فرحي ؟!
- حين أتمخضك في روحي أسى ً ..
* * *
اعتق حريتي ، أرجوك
فأصابعي تريد أن تمارس ارتعاشها
في حضرة جرأتك !
* * *
ليت لي قوة الجبال كي أتسلقك نجمة
ليت لي قوة الرياح كي أمتطيك غيمة
ليت لي قوة الأشجار كي أغرسك ورقة
ليت لي قوة الصحاري كي أجمعك بكفي رمالا جامدة ..!

Lailal222@hotmail.com

(مار موسى) والتلاقي الثقافي مع شبيبة الغد


خالد الاختيار
godo.checkpoint@gmail.com

أجيال شابـّة, وهويّات شائخة

كانت الدراما بادية على وجوه تلك الثلة من الشباب التي اختيرت بشيء من العشوائية والارتجال ليقع على عاتقها مهمة صياغة ما يشبه بيانا ختاميا لهاتيك الندوة التي عقدت تحت عنوان متطلـّب هو (التلاقي الثقافي وشبيبة الغد).

ومن بين التعليقات والمداخلات الوفيرة لم تجد المجموعة قليلة الخبرة بمتاهات (المنفيستوات) بدا من أن ترمي ورائها -آسفة- الإنشاء والمجاز الوردي الذي لم يبخل به جمهور الجلسات المتوالية, لتختزل في النهاية وبموضوعيتها الخاصة أفكارا تخالفت بقدر ما تآلفت عبر أيام أربعة سخرها المنظمون بإخلاص للتداول في مانشيتات ليس أقلها (تطور الهويات الثقافية) و(صراع الحضارات عبر الأصولية والعولمة والتعصب) و(استراتيجيات اللاعنف في العلاقات الثقافية), وغيرها مما يشفق كثير من الدارسين بل ومراكز البحوث من تناولها على الجملة كحال هذا الملتقى.

على أنها ليست المرة الأولى التي يستضيف فيها دير مار موسى الحبشي مثل هذه النشاطات الحوارية, إذ له معها تاريخ مشهود ينوف على العقد, بهمّة لا تعرف الكلل من عرّابها الأول الأب الإيطالي باولو دالوليو, الذي قلّ من له سهم في هذا المجال ولم يسمع به.
الراهب الذي تستلذ أذنه وقع اسمه بالعربية (بولص)؛ لاينفك يلوب في الأرجاء.
فتارة تراه في الدير بجلباب كهنوت داكن وحزام جلد معتـّق, وأخرى في ندوة مدينية ببنطال و قميص وحقيبة ظهر تصلح لطفل, وتارة تلمحه بين العامة متسربلا (قمبازا) محليا ذا تطريزات أنيقة.

وإن كان لا يعوزنا كثير عناء لتلمس ردود الفعل التي تخلـّفها عادة لسعات وبلسمات هذا القسيس كثير الجلبة بين المفكرين ورجال الدين هنا؛ فإن جهدا أكبر يلزمنا حقيقة لتقصي آثار سعيه وآخرين بين شرائح الشبيبة المختلفة, ولعل هذه الندوة عن (التلاقي الثقافي وسؤال الهوية) شكلت فرصة طيبة لـ(نافع) على سبيل المثال الشاب العشريني المندفع ليدلي بدلوه في سجال سبق أن أهرق فيه الكثير من الحبر إن لم نقل الدماء, فتجده لا يتوانى عن التصريح دفعة واحدة و من دون مقدمات:(الحوار الإسلامي-المسيحي كذبة كبيرة, وعلينا ألا نتكلم عن هذه الأمور هنا, لأننا سنفتح عيون المسلمين والمسيحيين على أشياء لا يجدر بهم التفكير بها مجددا)!
وبعد أن يبدي شيئا من الفخر بمسيحيّته كنوع من التكفير المسبق عما سيضيفه يقول:(أعتقد ان على الأب باولو أن يتخلى عن مشروعه العقيم هذا في الحوار. إنّه لا يعرف ما الذي يفعله).

وهو رأي ستشاركه إياه في اليوم التالي (رولا) طالبة البكالوريا التي تملك كما تقول -على حداثة سنها- (ذكريات سيّئة) عن المشاحنات والملاسنات التي تجرها طروحات كهذه على كل من يتورط فيها.

ومن الطريف أن الأب باولو نفسه سيستشرف هذه الهواجس قبل شهرين بالضبط في مداخلة له على بعد
\80\كيلومترا إلى الجنوب من هذا المعتزل.
فهناك في باحة المعهد الدنمركي بدمشق, , وردا في حينه على ما اعتبره استفزازا من أحد العلمانيين, سيستخلص السيد دالوليو بعربيّة واضحة أنّه (من الأفضل لنا اليوم أن نكتفي بتقدير بركة وجودنا مختلفين كما نحن, إنما متعايشين جنبا إلى جنب, وهو أمر يفضل بأشواط سعي كل منا محاولا تحويل الآخر إلى ملته).

وبالعودة إلى المؤتمر و الدير الذي يعود تاريخ إنشاءه إلى القرن السادس الميلادي؛ فقد ترك غياب بعض المحاضرين عن أعمال الندوات نتيجة كسل موروث أو هنّات في التنظيم, مساحة مـُلئت على عجل بالمزيد من حلقات الحوار والنقاش المصغرة, التي انبثت بعناصرها الشابة في كل أرجاء المكان من غرف وباحات ومغاور, حلقات جسدت في تشكلاتها الأولى تلمسا حذرا للآخر واستطلاعا للسقف والحدود, قبل أن تسترسل فيما بعد جسرا عبرت فوقه الخواطر والآراء بين المتجادلين, الذين لم تنقصهم بحال أي من أمراض الحوار وآفاته التي ورثوها بأمانة فذة عن آبائهم الأوّلين.

(حسنا, أنا لا أريد ان أصدر حكما على أولئك الذين يتسكعون الآن في هذه اللحظة في الشعلان بأنهم ضائعون أو تائهون أو بلا هوية, بالطريقة التي تريد بها ديمة أن تصور الأمور, لكنني سأسأل: إلى أين يتوجب علي أن أمضي بهويتي عندما أعرفها؟).

سؤال (محمد) هذا الذي أصرّ على طرحه جملة جملة, على الرغم من أنه كان قد استهلك لتوه الدقائق الخمس المخصصة له للحديث, استدعى احتجاجا عاجلا من طرف (جورج) الذي ذكـّره بما يشبه التأنيب بنقاش الأمس, من أنّه لا يملك هوية واحدة, فهو -أي محمد- مسلم, وعربي, وسوري, وإنسان, و..., و(فيك ترتـّبهن على مهلك بعدين) يضيف (جورج) شبه مازح.

أما (ديمة) طالبة الصيدلة المنقبة, فلم تستغ بحال الدفاع عن أمثال هؤلاء الشباب (الشعلانيين) المنقطعين عن مستقبلهم حسب رأيها, (الذين لم يحاولوا أن يكملوا قراءة كتاب واحد في حياتهم), وواصلت حملتها عليهم بمن فيهم أختها نفسها, لتقرر في النهاية(فعلت المستحيل, ولكن لاسبيل للتفاهم بيننا), وذلك قبل ان تأخذ (ناديا) -نصف السورية\نصف الروسية- بناصية الحديث مؤكدة على فكرة صديقتها نفسها مضيفة إلى قائمة (ديمة) العصيّة على التواصل ركام الجيل السابق برمته الذي (لا يستوعب التغيرات الحاصلة في العالم, ويريدنا بشكل مرضي ومرفوض أن نكون نسخة عنه).

أن تحكم على الشخص مما يظهره أو مما يظهر لك منه, أن تكون لك حال نافرة تسبطن أحوالا متعددة, أن توسع الخطا نحو الآخر, أو أن تتمهل لـيأتيك, أن ترث أهلك ممتنا, أو أن تجهد في إثرائهم على طريقتك, استخلاصات جائرة ربما, إنما حقيقية, وهي لا تعدو كونها حصيلة مؤقتة لسجالات لم يكن ليقطعها طوال الأيام الماضية سوى مؤونة النهار التي تتدبر(تيريز), الخمسينية المتحمّسة بمعجزة صغيرة كل يوم أمر تحويلها إلى وجبة حواريين محترمة, جنبا إلى جنب مع الأمسيات الموسيقية واستلهامات قرائح عازفين فرنسيين وسوريين في ساحة الدير أو بطن الوادي.

بيد أن الأطراف المدعوة إلى مائدة النقاش لم تكن لتتشاطر جميعها القدر ذاته من الحماس, إن لم نقل المسؤولية, فظهر بعضها وكأنه قد ولج المسالة من باب المجاملة ورفع العتب الفلكلوري, مما درجنا عليه في تقاليد لقاءاتنا المكرورة, فبدا حضور هؤلاء أشبه بمن اعتقد أن مجيئه إنما كان لمجرد أن يلقي عصاه على ثقة من أنّها ستلتهم حيّات الآخرين وحبالهم!
فلا نقاش, ولا تبادل رؤى أو أفكار, ولا مشاركة حقـّة, بذريعة أزلية هي ضيق الوقت.
كما كان مثلا من حال ما يفترض أنّها مجموعة (جامع أبو النور), التي تحللت بنظر كثيرين من جوهر اللقاء, وترفعت عنه.
ووقائع كهذه هي بالطبع برسم المنظمين مستقبلا, فمشاركات على هذه الشاكلة لعل عدمها يكون أفضل وأخير لمبدأ التواصل نفسه.

تلفريك بدائي للحوائج, وستالايت, وحواسب شخصيّة, وخط إنترنت, وتغطية موبايل متوسطة الرداءة, وماء مسخن على الطاقة الشمسية, وجهاز عرض سلايدات, وهاتف ثابت, ودزينات متتالية من المتعبدين والحجيج والسياح الصرف, مظاهرباتت على ما يبدو جزء لا يتجزأ من رهبانية هذه الأيام في دير مار موسى الحبشي, حتى لتبدو ساحة الدير للناظر من زاوية من زواياها وكأنها لقطة مستعارة من أحد مقاهي باب توما المكتظة أبدا!
إنما من دون أن تنتقص هذه (العولميات) الطارئة بحال من جلال روح الصومعة ونسكها, معلقة بين خليج صخري هار, وسماء محفورة بضوء المجرة.

بيد أن الإخلاص المزمن والرغبة الصادقة من قبل المنظمين والداعمين لإنجاح الملتقى في مكان له مثل هذا الطقس الفريد؛ لم يشفع لهم في رأي مراقبين أنهم -من حيث دروا أو لم يدروا- قد اختصروا أبعاده الرحبة التي يشتمل عليها سؤال الهوية المتسع أفقه أبدا إلى بعد يتيم واحد هو البعد الديني, والذي على أهميته لشريحة واسعة من مجتمعاتنا اليوم؛ لا يشكل لشرائح أخرى في المجتمع ذاته السطر الأخير في محاولة الإجابة على ذلك السؤال, كيف والمعني هنا هم الشباب دون غيرهم, بعد أن كان سعي الملتقى في إطاره العام مركزا على البعد الثقافي للحوار, (أكثر منه على البعد الديني أو السياسي), على ما جاء في متن الدعوة نفسها.

بل ذهب بعضهم إلى أن الانسياق وراء هذه الأحادية في التعاطي والتي كان الاقتصار فيها قاصرا والاختزال مخلا, سرعان ما جرّ بدوره إلى اختصارات أخرى لا تقلّ فداحة, كان ضحيتها الأولى التنوع الثقافي نفسه الذي بدأ الحوار على أساسه, ناهيك عن غياب الحديث عن الأطر القانونية والحقوقية التي من المفترض بها أن تكون ناظمة لسير المجتمع وحراكه, كمبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص وعلمانية الدولة وغيرها, وهي ما يجدر حقا بشباب اليوم أن يكونوا على إطلاع عليها, ووعي بها.

لقد كان أمرا ذا دلالة بالغة أن ينبري أحد الشباب في جلسة من الجلسات التي استفحل فيها الجدل ليسكت الأب باولو وضيفه الإسلامي اللجوج طالبا منهما نقل سجالهما خارج القاعة, مستندا إلى أنّ هذا اللقاء خاص بالشباب المفترض بهم أن يكونوا المتكلم الأساس هنا, وبدلالة لا تقل بلاغة؛ يضع القسيس الكهل كفيه على رأسه الحليق علامة الرضوخ.

نهاية ً, لايملك الهابط من دير مار موسى الحبشي في طريق عودته, إلا أن يبدي غبطته بما أسبغه ذلك المكان وأهله من رونق وغنى ميداني على موضوع النقاش في الهوية لدى الشباب, لدرجة أن ثمة من بادر بالتحسر علانية كوننا سننتظر سنة كاملة قبل أن نحظى بفرصة أخرى للقاء من هذا النوع.

بيد أن فتاة جميلة جالسة إلى جانبي باغتتنا وهي بالكاد تعرف ما نتحدث عنه بتعليق زاده الاقتضاب جزالة.
(دينا) التي تحمل منذ بعض الوقت شهادة في التجارة؛ كانت أول من تململ عندما تلقفتنا على حين غرة طلائع هواء (الديزل) على مشارف النبك, مخلفين ورائنا الدير ونسيمه العليل, وعلى الرغم من أنّه لم يتسنى لها حضور أي من ندوات المؤتمر أو نقاشاته, لكنها تعلم يقينا من روح حكمة غامضة أنّ (ما لا تستطيع القيام به هنا والآن, لن تنفعك هناك مشقة ارتقاء الدرجات الثلاثمائة والأربعين في تحصيله غدا)!!

السبت، يوليو 28، 2007

سـتـبـقـى حـبـيَّ الأوَّلْ


عبدالله بن علي الأقزم
1
سـتـبـقـى حـبـيَّ الأوَّلْ
ألا تـسـألْ
عـن ِ الـمـحـفـور ِ فـي ذاتـي
عـن ِ الـقـمـر ِ الـذي أقـبـلْ
عـن ِ الـلُّـقـيـا و مـا فـيـهِـا
عـن ِ الـذوبـان ِ فـي فـجـر ِ اعـتـرافـاتـي؟
و وجــهُ هـواكَ فـي الـمـاضـي
و فـي الآتـي
هـو الأجـمـلْ
زرعـتُ هـواكَ ــ لـو تـدري ــ
عـلـى كـلِّ الـجـزيـئـاتِ
سـقـيـتُ بـمـائِـكَ الـفـوَّار ِ طـاقـاتـي
وأشـعـلـتُ اعـتـرافـاتـي
عـلـى أبـوابِـكَ الـخـضـراء ِ
يـا مَـنْ فـي يـدي مـشـعـلْ
2
أأدخـلُ فـي كـهـوفِ الـدفءِ
و الأشـواق ِ و الأحـضـان ِ ؟
فـاكـشـفْ لـلـهـوى مـدخـلْ
هـنـا في حـبِّـكَ الـعـسـلـيِّ
يُـشـرقُ عـالـمـي الأفـضـلْ
أُديـرُ صـداكَ فـي شـرق ٍ
و فـي غـرب ٍ
و مِـنْ مـحـفـلْ
إلـى مـحـفـلْ
أُنـظِّـمُ دورة َ الـنـَّبـضـاتِ
فـي قـلـبـي
و ألـعـابُ الـهـوى فـيـهـا
بـفـضـل ِ اللهِ لـمْ تـفـشـلْ
أتـسـألُ عـن بـراهـيـنـي؟
أريـكَ اليـومَ أوراقي التي حـمـلـتْ
3
إلـى الـلُّـقـيـا انـفـجـاراتـي
أريـكَ حـروفـَـكَ الـنـوراءَ
كـيـف نـمـتْ
بـأوردتـي بـقـافـيـتـي
بـأفـلامـي بـأوقـاتـي
و حـبـُّـكَ فـي تـلاواتـي
هـنـا صـلَّـى هـنـا زلـزلْ
جـهـاتُ الـحـبِّ أحـفـظُـهـا
و نـيـزكـُـهـا الـذي أقـبـلْ
أحـبـُّـكُ يـا دخـولَ الـشـوق ِ
خـيـلاً فـي روايـاتـي
تـسـيـلُ عـلـى فـمـي عـسـلاً
و تـبـحـرُ في عـبـاراتـي
و تـغـزلُ مِـنْ سـمـاواتـي
وصـالاً حبـلـُـهُ فـيـنـا
4
هـوَ الـمـدُّ الـذي هـيـهـاتَ أن يـفـتـلْ
شـهـابُ رؤاكَ
فـي صـدري
يـشـقُّ طـريـقــَـهُ الأجـمـلْ
أيـا أحـلـى قـرارتـي
نـشـرتـُـكَ فـي كـتـابـاتـي
فـكـانَ عـنـاقُ حـرفـيـنـا
مـوالـيـداً و أعـيـاداً
و قوسَ اللهِ و الفـردوسَ
و الـعـشـقَ الـذي أحـيـا
بـمـا أفـتـى بـمـا رتـَّـلْ
حـبـيـبَ الـقـلـبِ
كـنْ لـي الـطَّـاقـة َ الـكـبـرى
أظـنُّ الـقـلـبَ دون َ هـواكَ لا يـعـمـلْ
و مَـنْ قـال الـهـوى يـشـقـى
5
و فـي أخـلاقِـكَ الـغـرَّاء ِ
يـسـطـعُ فـي يـديـكَ الـحـلْ
بـأعـذبِ مـا لـدى الأصـداء ِ مِـن هـدفٍ
بـاسـمـيـنـا الـهـوى سـجَّـلْ
ركـضـتَ مـعـي
فـكـانَ الـركـضُ أمـواجـاً و أزهـاراً
و فـاتـحـة َ الـبـدايـاتِ
سـنـبـقـى هـاهـنـا دومـاً
كـعـصـفـوريـن ِ
قـد طـارا
إلـى أحـلـى الـنـهـايـاتِ
و بـيـنـهـمـا بـدا زحـُـلٌ
يـضـيءُ بـكـلِّ زاويـةٍ
ستبقى حبي الاول

الجمعة، يوليو 27، 2007

من واقع الثقافة العربية في اسرائيل


نبيل عودة
الشاعر الراحل المبدع سميح صباغ .. وثقافتنا الغائبة
في هذا الشهر ، حلت الذكرى السنوية ال ( 15 ) لوفاة الشاعر سميح صباغ . شاعر رحل قبل أوانه ، مخلفا وراءه تراثا شعريا أصيلا في مضمونه ، ورائعا في أصالته الفنية ، وساحرا في صياغاته ورؤيته الشعرية ، وبليغا في لغته وحلمه الانساني .
سميح صباغ لم يلفت أنظار نقاد أدبنا المحلي ، فهو من " قبيلة قليلة عددها " ، ولا يمت بصلة القرابة أو الصداقة أو الجيرة أو المصالح السياسية – الأدبية لأي من نقادنا في زمن حياته القصيرة والثرية بالابداع الشعري .
وما عدا مراجعة أو أثنتين ، نسي سميح ، واندثرت ذكراه الا من قلوب القليل القليل من محبيه شاعرا وانسانا ، وأخص بالذكر الشاعر المبدع حسين مهنا، ابن قرية الشعراء البقيعة ، قرية سميح أيضا ... الذي نشر مقالة رائعة في " فصل المقال " بذكرى وفاة شاعر البقيعة وشاعر الوطن ، وشاعر الهم الانساني ، شادي الريف سميح صباغ .
مقالة حسين مهنا لفتت انتباهي الى قصور ثقافتنا وغيابها ، وحالة "اللهو الثقافي " التي أصبحت الصوت والصورة في واقع ثقافي لا نحسد عليه .
كنت قد كتبت مراجعة ثقافية عن ديوان سميح صباغ الكامل الذي صدر بعد وفاته ، نشرته وقتها بصحيفة "العين " النصراوية ، وفي كتابي " الآنطلاقة " الصادر عام 2002 عن دائرة الثقافة العربية في الناصرة ، وأجزم أن ديوان سميح لم يلق أي التفاتة ثقافية أخرى .
بأسى شديد أقول ان تجاهل الشاعر سميح صباغ ، هو معيار سلبي يعكس حالتنا الثقافية ، حالة تردي المقاييس الثقافية ، وغياب الذائقة الأدبية، حتى صارت حالتنا الثقافية اليوم ، بمعظمها ، أقرب لما جاء في أغنية جديدة للصبية الحلوة نانسي عجرم " شخبط شخابيط ، لخبط لخابيط " . ارى اليوم ثرثرة كثيرة ، وتمجيد مخجل لمن لا يعرف من الشعر الا شكله ، ولمن يفتقد للقدرة على جعل الشعر زادا ثقافيا ، ورؤية جمالية ابداعية آسرة للقلوب .. حتى لو كانت القصيدة غارقة في المضامين السياسية . الشاعر الفنان يعرف كيف يجعل قضايا الساعة الحارقة ، شعرا جماليا يعكس الهم الوطني من زواياه الانسانية . وانا أقول لكل من يدعي ان مرحلة الشعر المهرجاني ، أو الشعر السياسي ، أو القصائد الوطنية ، تفتقد لجمالية الشعر ، وانها بدايات ، انتقلنا منها الى مرحلة الشعر الوجداني والهم الانساني والحداثة والرؤية الفلسفية للحياة .. ان هذا كلام غير دقيق ، لأن شعراءنا لم يسمو بشعرهم " الحداثي "عن مرحلة الشعر النضالي المباشر ، والنماذج أعزائي في متناول الجميع ، ان لم يكن في الذاكرة ..
كانت القصيدة تعيش على أفواه الناس ولا تنسى ، وبعضها ما زال ماثلا في ضمير شعبنا وذاكرته . وكانت القصيدة أهم من بيان سياسي ، وأهم من خطاب ناري . كان المهرجان السياسي الذي لا يشارك فيه الشعراء ، فاشل سلفا ... كانت المظاهرة التي لا يدوي فيها رعد قصائد التحدي للسلطة الغاشمة ولقوانينها الجائرة ، تنفض قبل ان ينهي الخطباء كلامهم .لذا كان الشعر هو مسك الختام .. قولوا لي من يسمع وينفعل مع شعر اليوم ؟! بل من يستطيع ان يقرأ قصيدة كاملة من شعر الطلاسم ، والتركيبات الغرائبية ، وشعر الغيبيات والديباجة الفارغة من المضمون ، وأحيانا من الانشاء البسيط ؟!

هل سرا أن أجمل شعرنا ، هو الشعر الذي انطلق مدويا في معارك شعبنا الكفاحية ؟ هل كان خطابيا ولغوا سياسيا مباشرا ؟ اطلاقا لا ، كان صرخة ابداعية تحمل من جمالية الشعر وبلاغة الصياغة ما يجعله في أرقى مراتب الابداع الشعري . هل سرا أن اجمل شعرنا هو ما أبكانا على مآسينا ؟ فهل كان شعرا بكائيا ذليلا متوسلا الرحمة ، ام شعرا زرع في نفوسنا الايمان بعدالة قضيتنا وفولذ اصرارنا على تحقيق حلمنا الوطني ؟ هل سرا ان أجمل شعرنا هو ما غنى للشعوب المناضلة والمنتصرة في معارك التحرر والتقدم ، وزرع في نفوسنا الحلم بأن شعبنا أيضا ليس بعاقر ؟ هل سرا ان أجمل شعرنا هو ما حفظ مقاطع طويلة منه عمالنا وفلاحونا وطلابنا واشبالنا منذ سمعوه لأول مرة في مهرجاناتنا السياسية والشعرية ؟ وهل سرا ان أجمل شعرنا هو ما كان الدرس الثقافي الوطني والانساني الأول الذي حفظته الأجيال الناشئة ورددته في رحلاتها ومدارسها ونواديها ؟!
لدي الكثير من النماذج .. ربما أعود بمسح واسع اذا استمرت المهزلة الشعرية . ولكني اليوم أكتب عن ذكرى شاعر مبدع أصيل ، قد يكون رحيله عنا محزنا لمن عرفه شخصيا ، ولكن مأساة ثقافتنا انها غرقت بالدجل ، فافتقدت للمصداقية ، والمصداقية هي شرعية الاديب وقوته ، المصداقية هي شرعية الحياة الثقافية ، أنظر حولي فأرى دجلا مخجلا . أرى تبجيلا يتجاوز حدود الادراك البسيط . وأرى تجاهلا مؤلما ومنهجيا للمبدعين من الشعراء والادباء الذين أعطونا تراثا شعريا وادبيا جعلنا على خارطة الأدب العربي والعالمي . .. فهل يتوهم أحد أن الثقافة تنتصب قامتها وتشمخ بلا مصداقية أدبية ؟!

لا تقولوا لي تطورنا .. هذا التطور قضى على رونق ثقافتنا العربية الفلسطينية داخل اسرائيل . وحسب مقولة انجلز ( زميل كارل ماركس ) التطور شكلان ، واحد الى الأمام والثاني الى الخلف .. ونحن نشد الخطى الى الخلف ، باصرار ..
سميح صباغ مات قبل أوانه .. حقا لم يكتب في سنواته الأخيرة الشعر .. ربما حالته الصحية الصعبة انتصرت على الشاعر وأصمتته . وهوالذي عاش حياته متحديا رافضا الذل ، فكان منذ بداياته على وعي سياسي ووطني أصيل ، كانت فترة نشوئه هي فترة سيطرة الحكم العسكري على جهاز التعليم ، وعلى كل تفاصيل حياتنا . وكان حلم سميح ان يكون معلما للغة العربية ، وان يزرع حب اللغة واستعمالها الصحيح في نفوس طلابه .. لذا لم يكن بامكانه المجاهرة باسمه ، فاختار لنفسه اسم " شادي الريف".. وما أجمل ما شدى .. ولكن الحكم العسكري بأزلامة القذرين ، عرفوا من هو طالب دار المعلمين العرب المتخفي وراء اسم " شادي الريف ".. وكانت الصفعة الاولى رفض قبوله في سلك التعليم ...
الضربه الثانية اصابته بمرض صعب في كبده ، عانى من مرضه طويلا ، وقد يكون مرضه المؤلم والصعب ، والعلاجات الطويلة التي اخضع لها ، السبب وراء توقفه في السنوات الخير ة عن كتابة الشعر ..
ومع ذلك لا يقاس الشعر بالكم ، ولا يقاس الأدب بوزن الورق ، ولا يقيم الاديب " بعدد افراد قبيلته " ..
يروق لي أن أعطي نموذجا شعريا واحدا لشاعرنا الراحل عنا والباقي في روح ثقافتنا ، قصيدة نشرها في ( 1967 – 07 – 06 ) ووقعها باسم " شادي الريف" ومنشورة في ديوانه الكامل ( ص 84 – 85 ) ، اذ كان ما يزال يحلم بحمل رسالة التعليم ، الرسالة التي حرم منها .. وحرمت شعبنا من عاشق للغة العربية ، يعرف اسرارها ويعرف كيف يغرز حبها في نفوس الطلاب .. أقرأوا معي هذه القصيدة الرائعة :
اني بغير كرامتي لن اشبعا
نغم يضج بجانبي ملوعا
يحكي شكاياتي فيقطر ادمعا
ارنو الى الماضي الكئيب مفجعا
فيكاد قلبي ان يشق الاضلعا
وتهزني اصداؤه فيذيبني
نغماً على لهب الحروف موقعا
سنتان من عمري وليس بهيّن
عهد الشباب يمر أقتم موجعا
حبسوا القصيد ولم يزل في مهده
رياّن يدفق بالمشاعر طيّعا
*******
يا لقمة حبست نشيدي حقبة
ايظل لحني خلفها متقنعا ؟!
قدر يعذبني ويدمي خاطري..
فينز من دمي النشيد ملوّعا
دربان في قلبي الجريح تصارعا
فوقعت بينهما اخاف المصرعا ..!
قيد الطغاة بأضلعي متربعٌ
ونداء حرفي لم يزل متوجعا
يا لقمة وقع الفؤاد بقيدها
اني بغير كرامتي لن أشبعا
سأخط درباً لي ، جديداً نيّراً
في موكب العمال زاهٍ مطلعا
ولسوف احكي للطغاة مصيرهم
بقصائدي.. والشعب يصنع مصرعا
لا أظن ان القصيدة تحتاج الى تفسير .. وفهم ما يقصده الشاعر ، خاصة بعد ان أوضحت الخلفية التاريخية السياسية التي كتبت فيها القصيدة . الشعر الذي يحتاج لمن يفسره ليس شعرا ولا يمت لأي أشكال الأدب بصلة . وبالطبع ليس كل ما هو واضح جيد ومقبول .
لو لم يكتب سميح صباغ الا هذه القصيدة ، لاستحق أن نسميه شاعرا كبيرا . ولكنه كتب عشرات القصائد التي لا تقل شاعرية وجمالا عنها.
,اقول بدون وجل أو تردد ، اني أفتقد اليوم في شعرنا المحلي ،الى قصائد بمثل هذا المستوى الشعري . أفتقد اليوم هذه المصداقية الأدبية والانسانية التي خرجت هذه القصيدة من رحمها ، افتقد للموقف الانساني المستقيم الذي لم يتردد في دفع أغلى ثمن يملكه الانسان ، ثمن لقمة العيش في سبيل المصداقية الشخصية والأدبية .
ان تجاهل هذا الشاعر الأصيل الرائع والمبدع والجريء سياسيا ،في فترة سوداء وبالغة الصعوبة من تاريخنا السياسي والثقافي .. هو أمر مخجل لنا ثقافيا ، ومخجل أكثر حين نقرأ عن مهرجانات التبجيل والتتويج لشعراء بلا لغة وبلا ثقافة وبلا أبسط رؤية أدبية وفكرية ،ولندوات شعرية بلا شعر ، حتى لو عقدت في عرض البحر ... ومخجل لثقافتنا تجاهل الشاعر الأصيل سميح صباغ ونسيانه ، ولولا الأصيل الشاعر حسين مهنا لغابت ذكرى سميح بلا اشارة . بينما " ادبنا " المسكين مليء بصياغات انشائية تافهة في صياغت بلا روح وبلا احساس لغوي وكتابات مدائحية تدعي النقد ، وتفتقد حتى للحس الثقافي البسيط ... تبجل باندلاق لغوي يثير الاشمئزاز كل التافهين الفارغين من أي مضمون جمالي او ما يمت للشعر بصلة ، وما أكثرهم اليوم ...
ومخجل أكثر ، ومؤلم للغاية .. مشاركة ادباء ونقاد جادين في مهازل التهريج الثقافي . ومخجل مائة مرة هذا التجاهل لشاعر أصيل ولشعر رائع ، استصعب اليوم ان أجد من يكتب شعرا بمستواه وبروعته في أدبنا العربي الفلسطيني داخل اسرائيل، وربما بما هو أوسع من المساحة العربية الضيقة داخل اسرائيل .
حقا لدينا شعراء مبدعين .. ولكنهم يعدون على اصابع اليد الواحدة .. وتبقى اصابع أخرى بلا استعمال ... رغم ان ما ينشر عندنا يكاد يضاهي بكميته ما ينشر في العالم العربي .
15 عاما مرت .. وما زال التوهج الشعري في قصائد سميح صباغ متقدا ، وأختصر كل الكلام في هذا الموقف المؤلم لاقرباء وأحباء شادي الريف – سميح صباغ ، وللغيورين على ثقافتنا ، وأقول : انت حي بشعرك أيها الشاعر !!

نبيل عودة – كاتب ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com

القراءة.. إعادة لبناء المرجعيات الدلالية ( طعنات أليفة-انموذجا)


أمجد نجم الزيدي
إن الدخول في عملية الكتابة هي مغامرة للكاتب مع إحكامه للحرفة والموهبة ،ولكن الولوج في عملية القراءة هي استكشاف هي حالة انبهار المستكشف لمنجم تغطي جدرانه الإشارات الأولى للحياة والوجود.
القراءة عملية استحضار وإعادة تشكيل للكم المعرفي والجمالي المرتبط بالجنس الأدبي الذي يحيل إلى النص و ذاكرته ,اعتمادا على البناء المعرفي والجمالي للمتلقي، باستشرافه لبنية العلاقات المتوازية والمتشاكلة داخل النص, إن استراتيجية النص والآليات التي يجترحها لتقديم الرؤية الشعرية المنضوية تحت خطابه تخضع بصورة لا واعية إلى اشتراطات خارجية متمحورة حول منتج النص وخلفيته المعرفية والثقافية وحتى إلى التراث الاجتماعي والفكري لبيئته التي تخضع بصورة عميقة إلى بنية اللاشعور الجمعي الذي تنبني على أساسه الشخصية الثقافية مما يؤدي إلى نص تداخلت في تشكيله عدة ذوات ثقافية متنوعة ،والذي يقود بالتالي إلى نص متعدد المرجعيات،ولكن ما يهمنا في هذا المقال هو البناء التشكيلي للنص وتوجيه فعل القراءة والربط المرجعي من خلال استشراف التمايز الابستملوجي الذي يكمن في بنية الخطاب والمستتر بهذه التشكيلة البنائية المفارقة،ليس بمعنى كشف مرجعياته وإنما الاكتفاء بالإشارة إلى الترسيمة التي يقوم عليها النص وترك الربط المرجعي إلى ثقافة القارئ .
ولقراءة نص (طعنات أليفة) للشاعر أمير ناصر المنشورة في جريدة طريق الشعب العدد(36)في 28 أيلول 2006 يجب إعادة توجيه فعل القراءة وفق مرجعية جديدة يفرضها البناء الشكلي ،والتنافذ الدلالي بين المقاطع التي تكون النص، أو حتى بين أجزاء المقطع الواحد.
وقبل الدخول إلى المتن يجب النظر داخل العنوان(طعنات أليفة )الذي يقوم على مفارقة بناه المرجعية،أو خلق توازي بين مفردتي العنوان الغارقتين بدلالتين متناقضتين ,ولكن الحركية في تركيبة العنوان تقوم على الانزياح الدلالي ،فالطعنات ومرجعيتها المستندة على التداولية الشفاهية أو حتى في بنيتها القرائية هي فعل عدائي ,وتأخذ كتأويل (للغدر)مثلا بينما المفردة الأخرى وهي (الأليفة) فهي صفة مرتبطة بدلالة مضادة وهي (السلام),وهذا يوحي لنا بأن النص سيأخذ تقنية المزاوجة والمقابلة بين مفردات متعاكسة داخل متن النص والذي يظهر في (تراسل الحواس)في المقطع الأول:
هكذا/الصورة/
الواجمة في الذاكرة
بطعمها المز
يسيل دهان حروفها
مشرعا عيونا جديدة
لظنون في جيب معطفي
نلاحظ إن النص يحتوي على ثيمتين,أولى فتح بها المقطع وهي (الصورة) وأخرى ختم بها المقطع وهي (الظنون) فالصورة المحللة من قبل (أنا النص) والتي هي بثلاث مستويات حسية :الأولى ذهنية (الصورة الواجمة في الذاكرة), والثانية ذوقية (بطعمها المز) وثالثة بصرية(يسيل دهان حروفها). ولو نظرنا نظرة أخرى إلى المقطع,للاحظنا إن الصورة التي بدأت ذهنية داخلية كذاكرة ثم تحولت إلى ذوقية ,وبصرية خارجية ممهدة للثيمة الثانية التي هي حالة نفسية داخلية , ومع اسم الإشارة(هكذا)في استهلال المقطع والذي يدل في المستوى الدلالي على التكرار يعطي للمقطع صفة الدائرية,أي التحلق في دائرة وجودية سايكولوجية.
إن المحفزات القرائية التي تنهض بفعل القراءة والتي يستدعيها النص لتمتين وتقوية أواصر العلاقات الدلالية المتضمنة, على اعتبار أنها رؤية مؤجلة يستجلبها القارئ بمدركاته, دون التفريط أيضا بالإلية المرجعية الكامنة والمتكونة من تلك العلاقات التي يثيرها ويقدمها البناء الشكلي,إذ إن التحفيز يقوم على آلية استفزازية للقارئ إلى إعادة تنظيم وحدات النص والبحث عن فجواته وغلقها،فالمقطع:
الساقطة من السفح
/المشاعة/
الصفراء والذابلة
يبقى النسر على الربوة
لا يحمل أي سر
يبقى بروح عريقة
ولون حقيقي
فهذا المقطع المتكون من جزئين تربطهما علاقة متقابلة إذ إن الجزء الأول وهو(الساقطة من السفح/المشاعة/الصفراء والذابلة)هو تعداد لصفات،وهذه الصفات المعرفة(بأل)التعريف هي صفات سلبية بالمقابل مع الجزء الثاني من المقطع والذي يعكس هذه الصفات إلى الايجابية،ولو أردنا أن نوجد مقاربة شكلية بين الجزئين فستكون كالتالي:
الساقطة من السفح = يبقى النسر على الربوة
المشاعة = لا يحمل أي سر
الصفراء والذابلة = لون حقيقي
عكس المقطع (6)الذي يقوم على علاقات توازي وتقابل :
تنام المدن وفمها مفتوح
سكين لكل داجن
وقع الخطى/ الغريبة/
وضجيجها
شفرة لذقنك الكث
حيث تظهر هذه العلاقات كالأتي:
تنام المدن = وقع الخطى/ الغريبة/
فمها مفتوح = ضجيجها
سكين = شفرة
نص(طعنات أليفة) للشاعر أمير ناصر يحاول تأسيس شخصية استثنائية بمحاولة ربط التمايز لما وراء المعنى المجرد بأسس تشخيصية، إن كانت معرفية أو توحيد لأشياء متراكمة في الذاكرة بدلالة مركزية تفقدها في بعض الأحيان، تلك المتفصلة بها دلالات متغايرة أو بعيدة عن تلك المركزية عند تقصيها أفقيا ، ولكنها عموديا تمد خيوطا وأواصر مع دلالة المركز وذلك لخلق انكسار أفق الانتظار لمجمل الدلالة المنتظمة أفقيا....

الخميس، يوليو 26، 2007

كيف حافظ العرب الأستراليون على الثقافة والأدب العربي في بلد المهجر؟

سعيد تركي الشهراني

مقدمة

يتميز الأدب العربي بثراء بحوره وتعدد مجالاته وقد أحتل الشعر العربي الصدارة في نقل الثقافة والأدب العربي عبر العصور، حيث كان الشعر ناقلاً للحكمه والخبره والثقافة العربية والوصف، فتارة نرى الشعر منادياً للحرب وطالباً للمؤخاه والسلم تارة أخرى. وعندما يذكر الشعر كرافد من روافد الأدب العربي فأننا نذكرالشعر الجاهلي والمعلقات السبع والتي من شعرائها أمرؤ القيس وعمرو أبن كلثوم وعنترة بن شداد ومروراً بالشعراء المخضرمين ومنهم على سبيل المثال الخنساء وكعب أبن زهير ومروراً بالعصر الأموي والعباسي وإنتهاءً بعصر النهضة وبنهاية هذه المرحلة، توالت العصور وتميَز كل عصر بتنوع موارده الأدبية والفكرية ومعالجته للأوضاع مرتبطاً بالمرحلة التي عايشها الشعراء والأدباء.
وخلافاً للشعر تميّز الأدب العربي بعدة مجالات منها النقد والبلاغة والرسم والمسرح والرواية والقصة القصيرة. وقد قام كثير من الأدباء والمفكرين العرب بنقل الثقافة والأدب العربي خارج منطقته بأساليب عدة منها الترجمة أو التأليف بلغات غير العربية وقد ساعد ذلك وجود المهاجرين والمغتربين العرب في بلدان المهجر ومنها على سبيل المثال أمريكا وكندا وبريطانيا واستراليا.
وسوف يأتي في سياق هذا البحث إلقاء الضوء على بدايات الثقافة العربية في استراليا وعرتراليا وضوء على بدايات الثقافة العربية ي الحفاظ على آدابهم وثقافاتهم العربية في أستراليا وبريطانيا و التأليف بلغات لقيس ض لتجربة المغتربين العرب في استراليا في الحفاظ على آدابهم وثقافاتهم العربية وأهم الجمعيات والمؤسسات العربية في استراليا التي تدعم الحركة والأنشطه الثقافية والأدبية والإشارة إلى بعض رواد الأدب العربي في استراليا وإنتهاءً بعرض العوائق التي يواجهها الأدب العربي في استراليا.

البدايات
تقول سوزان دراوري في كتابها اللبنانيين (1981 ص.26) " يحكى أن أحد المهاجرين اللبنانيين الأوائل إلى استراليا قد أكتشف بعد عامين من وصوله إلى القارة الأستراليه بأن وكيل سفره قد أركبه السفينه الخطأ والتي إتجهت به إلى استراليا بدلاً من نيويورك".
وصل أوائل العرب المهاجرين إلى استراليا في العام 1880 م (دراوري 1981) ومن ثم بدأت تتوالي الهجرات العربية من أغلب الدول العربية حتى يومنا هذا. ويتراوح عدد المهاجرين من أصول عربية في استراليا بأكثر من نصف مليون ينحدرون من أثنين وعشرين دولة عربية (غسان حاج 2002). وكانت بدايات الهجرة إلى استراليا هرباً من الحروب الطاحنة في بعض الدول العربية مثل لبنان.
وبعد أكثر من سبعين سنة مرت على أول الهجرات العربية إلى استراليا بدأت بوادر متواضعة في نشر الأدب العربي عن طريق نشرات تضم أخبار تهم الجالية العربية حيث ذكرت الكاتبة نجاة فخري مرسي في مقالها حول نشأت الأدب العربي المهجري في استراليا أن أوائل الهجرات العربية تعود إلى عام 1860م ولكن إنتشار الأدب العربي والثقافة العربية لم يظهر بشكل ملموس حتى عام 1957م عندما صدرت (الوطن العربي) وهي نشره نصف شهرية تهتم بالعرب والأدب العربي، وبعد مرور سنة على إصدار الوطن العربي توقفت عن الصدور نهائياً.
وبعد توقف الوطن العربي ظهرت جريدة القمر بعد مرور ثمان سنوات عجاف. وبعد صدور القمر في عام 1957م توالت الجرائد والنشرات العربية إضافة إلى المجلات الشهرية.
وكان من أبرزها الهدف، وصوت المغترب، والتلغراف، والنهار، والرسالة، والمنارة، والثقافة والبيرق. وقد وصل عدد المجلات والجرائد العربية في استراليا منذ عام 1957م وحتى 1989م إلى مائة جريده ومجلة (سليم الزبال 1989). وكانت تختلف الجرائد والمجلات من حيث الإهتمامات فهناك المجلات والجرائد الأدبية والدينية والحزبية. وقد كان العبء المالي والتوزيع من أهم أسباب توقف المجلات والجرائد عن الصدور.
كما أن بعض المجلات والجرائد أسست بجهود شخصية وتختفي إما بإختفاء الشخصيات المؤسسة مثل جريدة المحرر الإلكترونية أو لأ سباب مالية أو لوجستيه تتعلق بطبيعة الموقع الجغرافي لدولة استراليا وبعدها عن البلدان العربية. وقد كوّن وجود المجلات والجرائد العربية عاملاً مهماً في نشر الثقافة العربية بين العرب المغتربين في استراليا كوسيلة للتعبير عن هموهم وتطلعاتهم وأحوالهم الإجتماعية.
كما ساعد وجود مجلات وجرائد عربية تصدر باللغتين العربية والإنجليزية على التواصل والترابط بين أفراد الجالية العربية سواءً الناطقين منهم بالعربية أو الإنجليزية.

الخدمات الإلكترونية والإذاعية
وفي المقابل ساعد وجود الخدمات الإلكترونية المباشرة مثل الإنترنت والستلايت والبرامج الإذاعية والتي تنقل الأخبار والمعلومات ساعة صدورها من الإعتماد على الجرائد والمجلات العربية في استراليا. فعلى سبيل المثال تقوم شركات أسترالية عالمية بتوفير قنوات تلفزونية عربية عبر تقنية الستلايت ضمن خدماتها الموجهه للجاليات المختلفه.
ويوجد في استراليا الكثير من الإذاعات العربية مثل إذاعة ABS وإذاعة صوت الغد وبرامج عربية ضمن شبكة راديو SBS. وتلخص هذه الإذاعات أحداث الأربع والعشرين ساعة التي تهم الجالية العربية، كما أنها وسيلة أتصال لنشر الأنشطة والمهرجانات العربية والثقافية بين الأسر العربية. وساعدت الخدمات الإلكترونية في نشر الأدب العربي والتواصل بين مختلف الثقافات العربية سواء في بلد المهجر أو في مناطق الدول العربية.


المؤسسات العلمية والخدماتية
وبالإضافة إلى وجود الجرائد والمجلات والخدمات الإلكترونية والإذاعية كداعم للثقافة والأدب العربي في استراليا وجدت المؤسسات والجمعيات العربية في استراليا وتوزعت في مختلف الولايات كي تخدم الجالية العربية من النواحي الإجتماعية والثقافية والصحية والتعليمية وغيرها من المجالات. ومن هذه الجمعيات والمؤسسات على سبيل المثال المجلس العربي الأسترالي في NSW والذي أسس في عام 1988م ليخدم الثقافة واللغة العربية.
وهناك أيضاً الخدمات الإجتماعية العربية في استراليا والتي أسست عام 1986 وتعنى بتثقيف الجالية العربية إجتماعياً ولها مكاتب في أغلب الولايات.
وهناك الكثير من المؤسسات التجارية والعلمية كل منها يؤدي دوراً مختلفاً لخدمة الثقافة والأدب العربي. ومن جهة أخرى وجدت عدة رابطات عربية في استراليا مثل "رابطة إحياء التراث العربي في سيدني" وقد أسست عام 1981م وتقدم هذه الرابطة جوائز لأدباء ومفكرين عرب أسهموا في إثراء الثقافة العربية.
كما أن وجود تخصصات عربية في بعض الجامعات الإسترالية مثل جامعة Deakin وجامعة RMIT وجامعة Melbourne وجامعة The Australian National University يعتبر من أبرز أساليب نشر وتوثيق الثقافة العربية، حيث تقوم هذه الجامعات بتدريس اللغة والآداب العربية وتمنح درجات علمية في هذه التخصصات. وقد أسهم وجود مثل هذه الموسسات العلمية والثقافية والإجتماعية في دعم الثقافة والأدب العربي ونشره بين المهتمين من الشعب الأسترالي.

الأدباء والمفكرون العرب في استراليا
وبالإنتقال إلى الأدباء والمفكرين العرب، نجد أن وجود مفكرين وكتاب عرب مهاجرين إلى استراليا قد أسهم في نشر الثقافة العربية داخل وخارج استراليا ونذكر على سبيل المثال الكاتبة الفلسطينية الأصل نجاة فخري مرسي والتي هاجرت إلى استراليا برفقة زوجها في عام 1969م. وتكللت رحلة الأديبه نجاة مرسي بالكثير من الإنجازات الأدبية وأثرت الكاتبة الساحة الأدبية والثقافية بعدة مؤلفات منها شجرة عائلتي والمهاجرون العرب في استراليا وغيرها من المؤلفات ولا تزال أسهاماتها الأدبية حتى يومنا هذا.
ومن أبرز الشعراء في الأدب العربي الشاعر اللبناني الأصل شربل بعيني والذي أسهم بعدة مؤلفات شعرية ونثرية ومسرحيات باللغة العربية وأخرى باللغة الإنجليزية. ومن الكتاب المعاصرين الكاتب لطفي حداد وله العديد من المؤلفات منها زنزانه بلا جدران ورياض الترك مانديلا سورية. ويوجد العديد من الكتاب والمثقفين العرب في استراليا اللذين أثروا الساحة الأدبية العربية في استراليا بإنتجاتهم الأدبية المختلفه.

الوضع الحالي والهموم
أوضحت نتائج التعداد لدولة استراليا للعام 2001 أن مجموع الأستراليين الناطقين باللغة العربية يتجاوز الثلاثمائه وثلاثة وخمسون ألف نسمه ويمثلون 1.2% من إجمالي عدد السكان. معظم المهاجرين إلى استراليا من دول عربيه هاجرو لأسباب عده منها طلب العمل أو الدراسة ومن ثم الإستقرار أو لأسباب تتعلق بالأوضاع السياسية والحروب الطاحنه في دولهم، ومثال على ذلك الحرب الأهليه في لبنان. وكانت استراليا لبعضهم قارب النجاة والحلم اللذي طالما راوده في مسقط رأسه.

ويتمركز العرب في مدن أستراليه رئيسيه مثل سيدني وملبورن وبعض أجزاء متفرقه من القاره، ومنهم من فضل الإنصهار داخل المجتمع الأسترالي حتى يجد الفرص المناسبه للعمل والإبتعاد عن المضايقات العرقيه ومشاكل فوراق الهوية (باتروني 1992).
ويغلب على أبناء الجاليه العربية في استراليا واللذين تقلدوا مناصب سياسية أو ثقافيه حصولهم على هذه المراكز بإجتهادات شخصية في ظل عدم وجود دعم واضح من منظمات أو تكتلات عربية داخليه خلافاً للتكتلات العرقية الأخرى في استراليا، وعلى سبيل المثأل نذكر الحاكم الحالي لولاية فيكتوريا ستيف براكس والذي ينحدر من أصول لبنانيه (الحاج 2002)، وإدوار عبيد السيناتور البارز وعضو مجلس الشيوخ في ولاية نيو ساوث ويلز.

وما يلاحظ على الجاليه العربية في استراليا إفتقارها لوجود تنظيم رسمي ومعترف به يعنى بالأداب والفنون العربيه في جميع ولايات الدوله. ومن جهة أخرى فإن مشكله البطالة بين شباب الجالية العربية تلقي بظلالها على الحركة الأدبية وتحول دون وجود بيئة مستقره وداعمه للأعمال الأدبية. وهذا بدوره حال دون بداية قوية لنشر الأدب العربي والثقافة العربية في استراليا حيث أنصب أهتمام المهاجرين في بداية سنوات الهجرة على تكوين أنفسهم من الناحية المالية والإجتماعية كضرورة أولية ومن ثم تأتي المساهمات الأدبية والمشاركات الثقافية لاحقاً.
ويغلب على النشاطات الأدبية العربية في استراليا الفردية في الأداء، حيث أن الأنشطة الأدبية والمسرحية التي يشهدها الشارع الأدبي في استراليا تفتقر إلى الوحده العربية وتظهر نشاط أدبي لدولة عربية دون غيرها، ومثال على ذلك المسرح اللبناني أو الشعر العراقي. كما أن قلة الموارد المالية أضاف المزيد من الأعباء على عدم إنتشار الثقافة العربية بشكل أوسع في استراليا وعدم وجود قوى عربية داعمة غيّب الكثير من الإنتاجات العربية والفكرية.

كما أن الأوضاع السياسية في بعض الدول العربية تنعكس بصورة أو بأخرى على العمل الجماعي العربي في استراليا حيث أن العربي في استراليا على أتصال مباشر بما يحدث على الصعيد السياسي في الدول العربية كالقضية الفلسطينية التي تلقي بظلالها على جميع التعاملات والمحادثات العربية العربية. كما أننا لا ننسى أن نبرز القصور الواضح من جامعة الدول العربية في دعمها للثقافة العربية والأدب العربي في دول المهجر واللذي يعتبر مغيّب تماماً.

نظره على أعمال أدباء عرب معاصرين في استراليا
يقول شربل بعيني واصفاً الأديب الغريب

أديب غريب

تَغْفو.. وَفِي الْعَيْنَيْنِ طَيْرٌ أَزْرَقُ
بِرِياشِهِ الْمَلْساءِ بَدْرٌ مُشْرِقُ
يَخْتالُ في نَبَضاتِهِ فَرَحُ الدُّجَى
وَعَلَى مَسامِعِهِ الْمَدائِحُ تُهْرَقُ
بِجَمالِهِ، ما صاغَ رَبُّكَ طائِراً
وَبِحُبِّهِ بَوْحُ الزَّمانِ مُعَلَّقُ
هَذا الْغَريبُ الْمُستَنيرُ بِفِكْرِهِ
شِعْرٌ يُضَمِّخُهُ الشَّذا والزَّنْبَقُ
أَحْبابُهُ، عُدَّ الدَّقائِقَ وَاسْتَرِحْ
فَتَرَى الْمَطارِحَ بِالْغَريبِ تُحَدِّقُ
لا تَحْسَبَنَّ الْهَجْرَ يَرْفَعُ قَدْرَهُ
فالأَرْضُ وَقْعَ حُروفِهِ تَتَعَشَّقُ
قَبْلَ ارْتِحالٍِ كَمْ تَمَنَّتْهُ الرُّبَى
مَطَراً.. وَحُلْماً أَخْضَراً يَتَفَتَّقُ...

إلى أن قال:

يا ابْنَ العُروبَةِ لا تَسَلْ فَعُيونُهُمْ
تَزْدادُ سِحْراً عِنْدَما تَتَأَرَّقَُ
فاكْتُبْ، أَديبـي، لا تَخَفْ أُرْجوزَةً
سَئِمَ الْمَغيبُ سَماعَها والْمَشْرِقُ
أَنْشِدْ، أَعانَكَ خالِقي، في غُرْبَةٍ
فَلَعَلَّكَ الإنسانَ فيها تُعْتِقُ.

عندما ننظر إلى قصيدة الشاعر نلمس مدى إحساسه كأديب بنظرة العالم من حوله عندما يتغنى بشعره بعيداً عن أرضه لبنان، حتى مع مرور السنين التي قضاها الشاعر في بلد المهجر تجد أن القلب يحنّ إلى أراضيه مهما كانت وعورتها. ومع وجود الحياه الساحرة في البلدان الأخرى إلا أن الشاعر العربي يجد نفسه لا إرادياً يتغنى بجبال ضيعته أو جمال أوديتها ويستمر في غنائها وأشعاره حتى مع علمه بوجود أعين الفضوليين من حوله.
ومن الشعراء المعاصرين الشاعر العراقي أديب كمال الدين والذي أقيمت له العديد من المشاركات الشعرية باللغة العربية والإنجليزية في مدن أستراليه مختلفه، ويقول الشاعر متغنياً بدجله:
دجلة.. يا دجلة.. يا دجلة
من سمّاكِ بهذا الاسم العجيب؟
ومن علّم أجسادنا على الغرق
حين تلامس ماءك الغامض
إلى أن يقول:
دجلة.. يا دجلة.. يا دجلة
ما الذي حوّلني من ملكٍ إلى شحّاذ؟
ومن فيلسوف إلى مجنون؟
ومن ضحكةٍ إلى تابوت؟

بالنظر إلى قصيدة الشاعر نجد بأنه مع علم الشاعر بما تمتلكه الأراضي الأستراليه من الأنهار اللتي تزينها المساحات الخضراء إلا أن دجله له وقع خاص في مخيلة الشاعر، كان كمال الدين في بلده العراق ملكاً يسطر أدبه داخل مملكته وفجأة أنتقل إلى مكان غير مكانه وأرض غير أرضه فأصبح نديمه الجنون وهاجس الموت.
يتضح من ما ذكر بأن الغربة عامل مساعد في إبداعات الأديب العربي في بلد المهجر حيث أن وجود الشاعر خارج وطنه وفر له فرصة مناسبة لصقل إبداعاته الأدبية سواءً الشعرية منها أوالنثرية، حيث أن غياب الأرض والأصدقاء والأهل يدفع الشاعر والأديب إلى صنع وسيلة إتصال تربطه معنوياً بجذوره.
وبالنظر إلى الوضع الراهن في العالم العربي نجد أن الكثير من البلدان العربية قد إنشغل بمشاكله السياسية ولإقتصادية الداخلية والخارجية ونسي أو تناسى أهمية التواصل الأدبي بين مجتمعاته مع علمنا بحجم الأعمال الأدبية التي أنتجها الأدباء والمفكرين العرب في العصور التي تلت عصر الخلفاء الراشدين.


ونخلص بأن الثقافة العربية والأدب العربي في استراليا تسيران ببطء لعدة أسباب تتعلق بعضها بنقص الموارد المالية وعدم وجود منظمات ومؤسسات عربية قوية ونافذه. كما أن عملية المبادرات الشخصية أوالفردية التي سبق ذكر بعضها لسيت كافيه لتوفير بيئة أدبية عربية تعنى بنشر الثقافة العربية وتطويرها.
كما أن وجود جمعيه عربية تعنى بالثقافة والأدب العربي في استراليا عامل مهم في نشر الثقافة العربية بين أبناء الجالية وربط الأجيال الحالية بعضها ببعض. أمثال الشعراء شربل بعيني وأديب كمال الدين وغيرهم سوف يكون عامل داعم في وجود هذه الجمعية وأستمرارها. ونذّكر بأهمية توحيد الجهود العربية كعامل مهم في نشر الثقافة العربية والمحافظه عليها في استراليا مع وجود الباب مفتوحاً للجامعة العربية بأن تدعم مسيرة الثقافة والأدب العربي في المهجر.

----------------------

References:
AlZabal, S. 1989 AlZabal Information Centre, Report, 1989.
, Retrieved May 2007, <>ظلال شربل بعيني Baini, C.
BATROUNEY, A. & BATROUNEY, T. 1985,The Lebanese in Australia, Melbourne, AE Press.
DRURY, S. 1981,The Lebanese, West Melbourne, Nelson.
Hage, G. 2002, Arab-Australian Today: Citizenship and Belonging, Melbourne University Press.
Victorian Arabic Social Services 2006, services, retrieved 22, March 2007,
, retrieved 22, March 2007, حول نشأة الأدب العربي المهجري Mursi, N. <http://www.khayma.com/algethour/volume2/najat.html>
Mursi, N. 1989, Arab immigrants in Australia, Nada Publications.
ZEED, A. & ACTION ON DISABILITY WITHIN ETHNIC COMMUNITIES. 1991,A profile of the Arabic community and disability in Victoria, Brunswick, ADEC.

الأربعاء، يوليو 25، 2007

صباحكم أجمل \ شوق ووحدة


زياد جيوسي
أعود وحيدا..هكذا هو قدري ومسيرة حياتي، أفكر بذلك وأنا أجتاز بعض من شوارع رام الله في هذا الصباح المبكر، فقد سافرت أسرتي منذ يومين وافتقدت الدفء العائلي الجميل، افتقدت مشاكسات ومداعبات ابنتي الوحيدة، وعلي أن أنتظر حتى الصيف القادم لرؤيتها من جديد إن كان هناك في العمر بقية، أفتقد زوجتي أيضا التي كانت تشاركني بعض من مسير الفجر في شوارع رام الله، هي الحياة هكذا وقدر مرسوم أيضا، لأبتسم لعبق الياسمين من جديد وأمتع روحي بجمال مدينتي.
لا تقتصر وحدتي على سفر أسرتي وعائلتي، فقد غادرني أيضا صديقي التوأم د. هاني الحروب، الذي كنا نلتقي يوميا، نتناول وجبتنا الأساسية في السادسة مساءا بعد أن ينهي تدريباته الرياضية، بصحبة من يزورنا من أصدقاء الصومعة، فقد غادر هو أيضا في إجازته السنوية لرؤية عائلته في البعيد، فهو لا يتاح له أيضا أن يلتقيهم إلا في إجازته السنوية مرة في العام، فهو يمثل حالة نقيضة لحالتي، فهو يتمكن من السفر ولو بالإجازة وزيارة أسرته، أما أنا فلا أقدر على مغادرة بوابة المدينة، وعليّ الانتظار أن تتاح الفرصة لأحد أفراد عائلتي أن يزورني.
في الأمس اتصلت معي صديقة طيبة تعلمني بعودتها من السفر، كانت تحضر مؤتمرا في أحد الدول الإفريقية وغابت أسبوعين كاملين، هنأتها بالسلامة وتحدثنا عن أفريقيا وعن المؤتمر، قالت أتمنى لك السفر لهناك فهي فرصة رائعة لزيارة بلد أفريقي، قلت لها: يا صديقتي طموحي أن أتمكن من زيارة أبو قش، فضحكت بألم فأبو قش قرية لا تبعد عن رام الله سوى بعض من الكيلومترات، ومن لا يمتلك هوية ومحجور عليه في المدينة، لا يمكنه أن يتجاوز بوابة المدينة حرصا من الوقوع في براثن حاجز طيار من حواجز الاحتلال.
هي الوحدة إذن وان اعتدت عليها عبر هذه السنوات الطويلة، ما بين سفر أو غياب قسري أو بعد العائلة في المنافي والشتات، لكن بعد لقاء احد من أفراد أسرتي ثم غيابه، يتجدد الشعور بها، حتى أتمكن من تجاوزها من جديد، وعادة لأصدقائي الدور الأكبر في سرعة هذا التجاوز، ففي الأيام الماضية حظيت بزيارة رائعة وجميلة من الكاتب الشاب سامح عودة، قادما من مدينة قلقيلية بجوار قريتي الصغيرة جيوس، وكان لقاءنا الأول بعد أن التقينا كثيرا عبر الحروف والكلمات، أتى وهو يحمل كم كبير من الأحاديث الجميلة التي زادها جمالا أحاديثة الجميلة عن قريتي المحروم من زيارتها، حاملا بأحاديثه عبق الزعتر البري وعبق الجوافة والبيارات، فكان لقاء لا ينسى وحفر في الذاكرة خطوطا جميلة، وفي الأمس زارني صديقي المهندس الفنان فهيم في زيارة مفاجئة وغير متوقعة، كان المساء حارا كما النهار فخرجنا سويا، سرنا في شارع الإرسال مسافة جيدة، حتى وصلنا لبيت الكاتب جميل حامد الذي ما زال أعزب، وكلما التقيته يسألني متى ستجد لي عروسا وتُزوجني، فأقول له يظهر أنك أدمنت العزوبية ولم تعد فكرة الزواج تقلق روحك، اقتحمنا عليه عزلته وجلسنا جلستنا المعتادة، تحت شجرة الجوز مقابل الساحل الفلسطيني السليب، حيث نتمكن من رؤية أنوار الساحل حسب صفاء الجو، جلسة افتقدتها منذ بدء موسم البرد في العام الماضي، وككل جلسة لا بد من الخوض في أحاديث الوضع الراهن وأحاديث الذكريات.
قبل اشتداد الحرارة أفضل السير في الصباح المبكر، أشد الخطى في السير فقد تثاقلت خطواتي في هذه الفترة، حيث أنني اكتسبت عدة كيلوغرامات جديدة من الوزن، لعله من الراحة النفسية بلقاءي بعض من أسرتي، إضافة إلى الولائم والدعوات التي غمرنا بها أصدقائنا ومعظمها كانت في الأمسيات، فكانت جلسات عائلية جميلة لا تخلو من المرح، فتعود بي ذاكرتي في هذا الصباح لذكريات بعيدة، حين كانت الحياة بسيطة والظروف المادية كذلك، فلم نكن نعرف من الأطعمة إلا القليل وما يمكن أن يسد غائلة الجوع، فلم نكن نعرف هذه الأنواع والأصناف من الطعام، وأما اللحوم والدواجن فهذه كانت حالات نادرة ومرتبطة بالأعياد والمناسبات، وحين كنت أحدث أبنائي حين يتدلل أحدهم على بعض أنواع الطعام عن ما عشناه، كانوا ينظرون لبعضهم في استغراب، ربما حرصي أن أوفر لهم ما حرمت به في طفولتي، لم يسمح لهم بتخيل نوعية الحياة التي عشناها، فأشتاق في هذه الذكريات للوالدة التي آلمني جدا ما وصلت إليه حالتها الصحية، حيث تحدثت إليها قبل أيام هاتفيا وهي تعاني المرض وعوامل السن، وأنا بعيد لا يمكنني رؤيتها ولا أمتلك سوى الشوق والدعوات لله أن يشفيها، فأتذكر الطفولة بجمالها وشظف العيش فيها، فأذكر أطعمة كانت تصنعها، نقبل عليها بشهية فلا إمكانية لغيرها، فالإفطار لم يكن يتجاوز الزيت والزعتر إلا نادرا، كان الأهل يقولون لنا أنه يقوي الذاكرة، وأما ثريد العدس فهو وجبة تتكرر أكثر من مرة في الأسبوع، ودوما كان يقنعوننا أن العدس يعادل اللحم بفوائده، فأقول للوالدة ولما لا نأكل اللحم بدلا منه، ولعل الأسوأ في ذاكرتي هو الوجبة التي كنا نسميها "الرز بالبندورة"، وهو رز مسلوق بماء البندورة يترك لزجا وكنت أعتبر هذه الوجبة التي تتكرر كثيرا، عقوبة سيئة ولكن لا مجال إلا الأكل منها فلا بديل، وكنت أسعد يوم نحظى ببعض حبات البطاطا المقطعة قطعا صغيرة، ومسلوقة مع "رُب" البندورة، وان كان المحظوظ من يغوص بالماعون للحصول على قطعة البطاطا، أما اللحوم فلا مكان لها على المائدة إلا في الأعياد وعادة في عيد الأضحى، وان كنا محظوظين في فترة ما حين سكنا بيتونيا جنوب رام الله، في موسم الربيع كانت مياه الشتاء تتجمع غرب بيتونيا، مشكلة مسطحا مائيا كبيرا وكأنه بحيرة صغيرة، كان الكل يسمونه "البالوع"، فتأتي الطيور بأعداد كبيرة مثل البط البري وطيور القطا والحمام والعصافير، وكان الوالد يمارس هواية الصيد في تلك المنطقة، فنحظى حسب حظه بالصيد بأعداد من الطيور الطيبة تعوض بعض مما نفتقده، ومع عطاء الأرض الطيبة تكون الفرصة لتناول أطعمة من نبات الأرض، فنأكل الخبيزة والهندباء والبقلة وورق الزعمطوط والسِلك وغيرها مما ينعم به الله في الأرض، نجمعها من الأرض ونحضرها للبيت لتطبخها الوالدة أطال الله بعمرها، ومنذ فترة سمعت نكتة لطيفة تقول: أن هناك رجلا تزوج من فلسطينية، ففي اليوم الأول طبخت له خبيزة، وفي اليوم الثاني طبخت له بقله، وفي اليوم الثالث طبخت له ملوخية، وفي اليوم الرابع قال لها: لا تطبخي اليوم سأنزل بنفسي إلى الحقل وأرعى الأعشاب من الأرض مباشرة.
أضحك من هذه النكتة التي تعيد للذاكرة كم كان لعشب ونباتات الأرض من دور في حياتنا، فأشد بالسير عائدا لصومعتي فقد بدأت درجة الحرارة بالارتفاع، فدرجات الحرارة هذه الأيام مرتفعة نوعا ما عن ما عرفناه بطفولتنا عن جو رام الله المعتدل، ولعل ارتفاع درجات الحرارة عالميا، وافتقاد رام الله للمساحات الشجرية الكبيرة التي كانت تغطيها، مع التوسع العمراني الهائل والكبير افقد المدينة بعض من مزاياها، لذا آمل أن يواصل تجمع البلديات الثلاث رام الله والبيرة وبيتونيا حملة التشجير التي بدأوا بها، حتى يعود لنا بعض من جمال افتقدناه، وأجواء ألطف وأجمل لعلها تخفف عنا حرارة الجو، وتنسينا ولو قليلا هذا الواقع الأليم الذي نحياه، في ظل تمزق الوطن والصراع الفصائلي، الذي سلخ غزة عن الضفة وأوجد قطيعة يعلم الله إلى متى تستمر.
أعود لصومعتي وصحيفة الصباح بيدي وأستمع لنشرات الأخبار، أتصفح الصحيفة وكالعادة لا أخبار مفرحة، فالدماء التي تسيل والصراعات هي الأبرز، أقرر أن أحتسي القهوة ضاربا عرض الحائط وصية الطبيب، أستحضر خيال طيفي البعيد القريب، آه يا نجمة الصبح إن الشوق لا يتوقف.
أستمع لفيروز ككل صباح تشدو..
بلدتي غابة جميلة، حلوة التلال
حبها نغمة طويلة، أرضها جمال
صباحكم أجمل

جوليا بطرس.. غنوه لبنانيه

سمير الأمير


كل من يسمع غنيه


للعشق وللحريه


بيعرف ما بيغنيها


غيرك يا لبنانيه


**


علّى صوتك كرمالنا


بلكى بيتغير حالنا


بكير نشوف عيالنا


حاضنين البندقيه


**


علّى صوتك هزينا


بلكى بنذكر ما نسينا


ع جبال العز خدينا


ع صيدا والنبطيه


**


يا كلمة صدق وإحساس


يا اللى سكنتى قلوب التاس


فى قانا ومارون الراس


و كل الأرض العربيه


**


ع بكره احنا رايحين


لا تقولى وين الملايين


بكره بنرجع ع فلسطين


وتموت الصهيونيه


**


وكل من يسمع غنيه


للعشق وللحرية


بيعرف ما بيغنيها


غيرك يا لبنانيه


الثلاثاء، يوليو 24، 2007

فيضانات بالضعف العربي

عبدالله بن علي الأقزم


فجأة تختفي مشاهد النيزك لكنَّ

الفضـائـيَّـات تُعلنُ أنَّ الـنـيـزك أصـيـب بعلةٍ قـاتـلـةٍ اسمها

(فيضانات في الضعف العربي)

وإليكم البيان التالي

تسونامي ضرب جنوب آسيا فأحدث أضراراً هائلة

جداً..مئات الآلاف من الضحايا..تبادرَ إلى ذهني و هل

هناك تسونامي مشابهٌ ضرب العالم العربي؟ قلتُ: نعم

و لكنه من نوع آخر



خـنـجـرٌ فـي جـسـدِ الـسـاحـل ِ

مـغـروسٌ ألـمْ

كـيـف صـرنـا كـخـرافٍ

تـتـمشـَّى

بـيـن أرجـاءِ الأمـمْ

كـيـف صـرنـا مِـنْ نـسـور ٍ شـامـخـاتٍ

رمـمـاً فـوق رمـمْ

قـرأتْ زيـنـبُ فـي الـطـفِّ

عـلـى الـمـوج ِ سـطـوراً

دامـيـاتٍ

و اخـتـفـتْ مـِنْ كـفـِّـنـا كـلُّ الـقـمـمْ

كـم تـلـقـى جـسـدُ الـسُّـبـط ِ مـنَ الـطـعـن ِ فـصـولاً

و عـراقُ الأمس ِ و الـيـوم ِ

إلـى الـقـصَّـاب ِ يُـرمَـى كـالـغـنـمْ

و فـلـسـطـيـنٌ مـنَ الأمـس ِ إلـى اليـوم ِ

إلـى الـمـسـتـقـبـل ِ الآتـي

عـلـى أكـتـافِـهـا تـحـمـلُ أطـنـانَ ألـمْ

كـيـفَ عـشـنـا فـيـضـانـاً هـمـجـيَّـاً عـربـيـَّـاً

فـاضَ مِـنْ ضـعـفٍ عـجـيـب ٍ

قـتـلَ الـفـرحـة َ و الـوردة َ

و الـهـجـرة َ و الـتـنـويـرَ

و اغـتـالَ الـهـمـمْ

نـومُـنـا يـزدادُ طـولاً و انـتـفـاخـاً

( كلُّ نور ٍ في أيـاديـنـا

تـوارى و انـهـزمْ ؟)

حـمـقـنـا قـد صـارَ أهـرامـاً طـوالاً

و نـسـاءُ الـعـري و الـهـزِّ

غـدتْ أعـلـى هـرمْ

كلُّ مَنْ يبذلُ فسقاً و فجوراً

صارَ بالطبلةِ و المزمار ِ

أستاذ َ الـكـرمْ

صـرخ َ الـشـاطئُ فـيـنـا

و على صدرِ صداهُ

انهمرتْ كلُّ الشكايا

و نـشـيـد ُ الـطـفـلـةِ الـسَّـمـراء ِ

يُـرمَى لـيدِ الذلِّ

و يـُدعَـى نحوَ تـقـبـيـل ِ صنمْ

بـلـعَ الـبـحـرُ قـصـيـداً و زهـوراً و عـنـاقـاً

و غـنـاءً و بـلاداً و أممْ

ضـعـفـُنـا فـيـنـا تـجـلَّـى

فـيـضـانـاً

دائـمـاً يـبـلعُ مـنـَّـا

مـا تـبـقـى مِـنْ قـيـمْ

الأحد، يوليو 22، 2007

قراءة في نص(برج النعام) للقاص ابراهيم سبتي




امجد نجم الزيدي

في النصوص التي انتهجت الاسلوب التقليدي في الكتابة القصصية كان العنوان هو المدخل الذي يدل على الثيمة التي ينبني عليها النص،و يكشف عن موجودات المتن ومقارباته، ويكون عادة ملخصا بكلمة واحدة او ربما بكلمات، وفي بعض الأحيان بجملة، وكانت هذه الدالة البدئية مرافقة للقارئ مساندة للنص جامعة ومفسرة له ويبقى القارئ لا شعوريا منقادا ومشدودا لهذه الدلالة وأي إخلال بها يعتبر إخلالا بالنص.
اما بالنسبة للقص العراقي ومنذ نهاية الستينيات اخذ منحى أسلوبيا مغايرا، اثر كما هو الحال مع عناصر القص الأخرى على العنوان، فقد تزحزح العنوان عن وظيفتة الاسنادية واخذ مديات أوسع ليس بالارتباط ألسببي مع النص كما هو الحال في النصوص السابقة، وإنما اخذ بملامسة السطح المضمر للثيمة القصصية ، وارتبط بها بعلاقة تكميلية نابعة من مجمل دلالة النص، وربما كان موجها قرائيا إلى تناصاته المضمرة، ولا يخفى على المتتبع لمسيرة القصة العراقية وفي سياق تتبع الدوال التي ارتبطت بها العناوين منذ نشأتها إلى الوقت الحاضر، ارتباطها وبصورة مضمرة بالخطاب السياسي والاجتماعي والديني المهيمن، وخاصة في مرحلة الثمانينيات بعدما أخذت النصوص القصصية بمحاولة التغريد خارج السرب التعبوي والتمجيدي، لذلك فقد وقعت العناوين في ما وقعت به النصوص القصصية من غموض وتعمية،وتجنب كلمات وإيثار أخرى، وربما بدا العنوان ككلمة واحدة مائعة بعيدة عن أن تؤول إلى كلمة ممنوعة لاتستسيغها ذائقة الرقيب، وبعدما اتجهت القصة العراقية في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات إلى توظيف الأسطورة ونهجت أسلوب الشعرية الذي ساعد القاص على التجريب القصصي، فبرزت الكثير من العناوين الغريبة التي لم تستسغها الذائقة العراقية فظهر العنوان المغاير، بعد ان خلعت العناوين أرديتها القديمة وأصبحت ندا مشاركا للمتن في حوارية القراءة، اذ إن العنوان المغاير قد ينتج اسئلة ،او يثير كوامن هامدة في النص، ويفتح القراءات المتعددة له، اذ ان العنوان المغاير لايرتبط بصورة مباشرة بالنص وانما يعيد انتاج النص وفق العلاقة التبادلية بينه وبين والمتن.
لو اخذنا نص(برج النعام) للقاص ابراهيم سبتي المنشور في جريدة طريق الشعب العدد(36) في 28 ايلول 2006 وفككنا ارتباطاته مع عنوانه للاحظنا ان تركيبة العنوان مبنية على تجاور كلمتين لهما مستويين متغايرين من حيث الفهم والتحليل، المستوى الاول وهو المستوى المباشر حيث يقودنا الى العلاقة القائمة بين كلمتي (برج) و (النعام) واللتين تعطيان اشارة الى مكان ما هو العنوان نفسه، والمستوى الثاني يظهر ان نحن تحرينا الارتباطات الدلالية بين مفردتي العنوان ، حيث ان (برج) تدل على مكان مرتفع بالقياسات الدلالية للكلمة او بما تحمله من مرموز، بيد ان (النعام) مع ضخامة حجم الطائر وارتفاع رقبته ، لكنه لايدل في بنية الدلالية او الرمزية على الارتفاع او العلو، اذ يرتبط في دلالته الخارجية بمعنى الهروب ]اذ يدفن راسه بالرمال عندما يرى خطرا محدقا[، اي ان اتجاه الدلالة الى اسفل، وهذا التجاور بين هاتين الدلالتين ( اعلى/اسفل) تقودنا الى ان نلقي نظرة على متن النص واستكشاف ارتباطات العنوان مع هاتين الدلالتين داخل المتن، مع التأكيد على ان الدلالة المركزية هي (اعلى) حيث ان كلمة (برج) هي التي تحمل المرتكزات الدلالية للعنوان، اذ انها جاءت (مبتدأ) وما كلمة (النعام) الا خبرا لها.
لو نظرنا داخل النص للاحظنا على الفور بان الدلالة الغالبة عليه هي (افقي/اسفل) وسوف لانجد اي دلالة اخرى ممكن ان تقودنا الى الى الدلالة الاخرى وهي(اعلى)، حيث نلاحظ بان ثيمة النص تسير بمستوى افقي وعلاقات زمنية افقية وبسرد ثانوي مرتبطة (بماقبل) فعل الروي الذي تنبني عليه ثيمة النص، اما في جانب الدلالات وارتباطاتها فهي تظهر اما في مستوى افقي وصفي /تتماوج امامه وسط السراب المتراقص الواصل حد الافق/، /بلدته التي بدت بيوتها كحبات متناثرة تخترقها سكة الحديدمن وسطها/، /مر القطار مخترقا وسط البلدة/، او التي تشير الى (اسفل)، /عيناه مدفونتان في تجاويف غائرة/،/اصحاب اللحى الشقراء والنظارات البرونزية الذين جاؤوا قبل سنين طويلة ليحفروا هنا/،/قرب السكة ستمسك بالمعول وتحفر/، /كانتالحفرة واسعة وعميقة/،/نزلنا جميعا فيها/،/انا صاحب تلك الحفرة لقد حفرتها بيدي هاتين/،/حملوه ورموا به في الحفرة الشاخصة منذ سنين طويلة/، وهاتين الدلالتين (افقي/اسفل) تسيطران على مجريات السرد بينما نرى الدلالة الاخرى وهي(اعلى) المتماهية مع كلمة (برج) من العنوان ليس لها وجود مؤثر في النص حيث تظهر/جلس فوق تلة صغيرة/،/مدوا رقابهم كالنعام/،/نخيلها السامق/،/الدوي المفزع يتصاعد/، وكما نرى بان هذه التوظيفات لدلالة (اعلى) هي توظيفات ضعيفة لا تؤثر في النص، اذا ماهو دور العنوان المغاير (برج النعام) والذي يجمع كلا المتغايرين (اعلى/اسفل) ، اذ ان اصطلاحنا على العنوان بالمغاير ، يوجب علينا توضيح ماهية المغايرة، والتي تظهر من خلال ارتباط ذلك العنوان بالنص، ليس من العلاقة التي يوحيها، وانما باجتراحه لمديات وارتباطات اخرى، قد تظهر بانها متناقضة في بعض الاحيان من خلال القراءة السطحية، اذ لو تقصينا اثر الدلالة المتضمنة داخل ثيمة النص لوجدنا انها في ظاهرها تسير بدلالة (افقي/اسفل)، ولكنها ربما تكون قد جردت دلالة العنوان التي اتفقنا عليها في السابق من مرموزاتها، ولم يكن العنوان (برج النعام) محركا دلاليا متناميا مع حركة السرد وانما اطارا لاما للنص، تظهر دلالته بعد اكتمال القراءة، ويقودنا من طرف خفي الى تصحيح اتجاه قرائتنا حتى لا تاخذ اتجاها اخر..

شمعة ودمعة لقبر امى

عيسى القنصل

بحضن الله نامى واستريحـــــــى

ايا امّى ايا روحا لروحـــــــــــــى

فكف الرب تحضنكم بلطـــــــــــف ٍ

فترفعكم ..الى قرب المسيــــــــــــــح ِ

فطهر الكون منبعه لديكــــــــــــــــــم
فثغر ُ طاهر ُ فى كل بــــــــــــــــــــوح
فما كنت بغير الخيـــــر تسعـــــــــــــى
وحق الكل فى الدرب الصحيــــــــــــح
لقد ذهلت دمائى فى عروقـــــــــــــــــــى
وفاض الدمع من قلبى الجريــــــــــــــح
لقد ضاقت على فكرى الامانــــــــــــــــى
وضاع الفكر ُ فى درب الجنــــــــــــــوح
اياتى الموت ُ حقــــــــــــــــا دون اذن
وهل تلقين شمعا فى الضـــــــــــــــــريح
ايا امّى ..ايا طهر النســـــــــــــــــــــــاء
وطهر الخير ينبوع ُ المديــــــــــــــــــــــح
لقد هربت حروفى يوم حزنــــــــــــــــــى
فما كانت لترضى صوت نوحــــــــــــــــى
لقد عانيت فى الدنيا كثيـــــــــــــــــــــــرا
فمن مرض الى وجع الجـــــــــــــــــــــروح
لقد ابصرتكم طفلا وبعــــــــــــــــــــــلا
فكنت الصوت فى اعماق ريــــــــــــــح
وكنت الام فى احلى المعانـــــــــــــــــــــى
بقلب طاهر ٍ وجه سمــــــــــــــــــــــــــــوح
بمسبحة ٍ الى العذراء دومــــــــــــــــــــــــا
تلازمها كانسان ٍ بــــــــــــــــــــــــــــــــروح
وايمان ٍ برب الخلق دومـــــــــــــــــــــــــا
فلا شكوى سوى تلو المديــــــــــــــــــــــــح
لعمرى لم تكن امى بيــــــــــــــــــــــــــوم
سوى الثالوث فى ذكر المسيــــــــــــــــــــــح
ايا امّى ايا امّى وداعــــــــــــــــــــــــــــــــــا
دموع العمر نازفة ُ كروحــــــــــــــــــــــــــى
وموت المرء حق كالحيــــــــــــــــــــــــــــاة ِ
فلا يبقى سوى ذكر المليــــــــــــــــــــــــــــــح
وذكرك زهرة ُ فى كل حقــــــــــــــــــــــــــــل
كعطر الورد فى فى فجر ٍ صبـــــــــــــــــــوح
وداعا ام عيسى سامحينـــــــــــــــــــــــــــــــا
فما كنّا دوائك للجــــــــــــــــــــــــــــــــــــروح
عزاء ُ الكل يبقى باعتـــــــــــــــــــــــــــراف
بان الله َ شمعك فى الضــــــــــــــــــــــــريح

هي ضيعتنا


مفيد نبزو


محردة

من هذه الضيعة المزروعة على أكتاف العاصي ، والمشهورة بماضيها المضيء

لا بد من حروف العطر والضوء والحنين

إنها الذكريات ، ذكريات تطلُّ من نافذة الشوق،

لترسم لوحة الإنسان الذي لا نزال امتداداً له بالخير والسحر والجمال

**

لمن نقور طير الحب

ع شبابيك الضيعة الحلوة

قلنا هي هيِّ ضيعتنا،

وهي رسمتها

وبعدا شبابيكا هالحلوة

ع الشمس بتشلح نظرتها

**

ولما تبسم تم الليل

ونقَّط قطراتو

ورذرذها ع ضيعتنا،

قلنا هي هيِّ ضيعتنا،

وهي قطرات المي اللي بتنوفر من بسمتها

**

ولمن فاح الزنبق عطرو

من جدولة هاك الحلوة السمرا

قلنا هالحلوة حلوتنا ،

وهالجدولة المرمية ع كتاف الخضرة جدولتها

**

ولمن غنّى الصبح غناني

ع الضيعة الحلوة المسحورة بمحبتها

قلنا هالضيعة ضيعتنا ، وهالغنية غنيتها

**

ولمن طلِّت شفت الحلوة ،

والغوازي بحطاطتها،

وعرفت الزي بقبعتها،

ودرَّاعتها ،

وصفِّيتها

**

ولما التمّ الفل ومال ،

وشلح قرنفل حد العين

يفرِّش ع طوارف نبعتنا،

قلنا هالمية ميتنا،

وهالضيعة الحلوة ضيعتنا ،

من ميتها ومن نبعتها،

ومن هالأرض اللي بتعانق في خضرتها

الشمس الخلقت مرة وحدة من تربتها

وكل طيور العين ال رجعت من غربتها

رجعت ع بيادر حنطتها

وبدها تغني غنيتها:

بضيعتنا الهوى بيعشق وردها

ونهر الكان عصيانا وردها

سقاها ميتو العاصي وردها

غنية كنوزها مواسم دهب

**

يا طيور الغربة يا طيور

زهور بلادك أحلى زهور

ونجوما ال بتنادي دوم

عودي من الظلمة للنور

**

عودي للأرض المرمية

بين الشمس وبين المية

وغنيلا أحلى غنية

ترقِّص شتلات المنتور

**

يا طيور الغربة العنباتا

حمرو فيهن هالحبَّات

ما اشتقتو لليالي الصيف

والقعدة بكوخ الناطور

**

نحنا يا طيور رجعنا

وبعد الغربة تجمَّعنا

وغرَّد هالبلبل معنا

وزقزق بالملقى العصفور

يا طيور الغربة يا طيور

**

لها سأقول

سامي العامري

على وَتَرِ الحبيبِ غداً تمرُّ الروحْ
كلحنٍ جارحٍ مجروحْ ,
وتعلو ,
والمدى كالطفلِ
يَنزلُ طائعاً
عن أذْرُعِ المَطَرِ
انا الشفقُ المُضاءُ بِحُمرةِ الزَّهَرِ
نشأتُ مع الوحوشِ الضارياتِ
جميعِها بعرينِها وبنابِها النَّضِرِ !
وها هو ذا الصدى ينثالُ من صوتي
خياري – ولا خيارَ – حمامةٌ
قُدَّتْ من الأنوارِ
لحظةَ غادرتْ أسوارَ بيتي
فأيَّاً مِن أحاديثي الكِثارِ
تُرى اليها سوفَ أختارُ ؟
انتبهتُ ,
فليس مأمولاً عن الشكوى هُروبُ
وعن مَرِّ النسيمِ به تجودُ رموشُها
فإذا دمائي تنثني
ورمادُها ناراً يؤوبُ !
لها سأقولُ : إني قد أضعتُ هنا اليقينْ
وإني خالدٌ في غربتي كالعاشقينْ !
وهذا العشقُ لو تدرينَ
ما يُخفيهِ من سِرٍّ
فَفيهِ تَصَدُّعاتُ الرعدِ والإعصارِ
همساتٌ تحومُ
وما الصراخُ سوى أنينْ !
وإني قد رأيتُ على المدارِ , مدارِ صدركِ
غيمتينِ
وكان قلبُكِ نجمةً ترتاحُ بينهما
وأمّا قلبيَ الصابي
فليس أمامَهُ إلاّ التَنَقُّلُ
تارةً ذاتَ الشمالِ
وتارةً ذاتَ اليمينْ !

كولونيا – تموز - 2007
alamiri60@yahoo.de

السبت، يوليو 21، 2007

يا حبيبي.. اقترب مني قليلاً

عبدالله بن علي الأقزم


يـا حـبـيـبـي

لا تـغـبْ عـنـِّـي

أتـرضـى أنْ يـفـرَّ الـعـالـمُ الأجـمـلُ مـنـِّـي

أأنـا الـمـذنـبـة ُ الـحـمـقـاءُ

فـي قـتـْـل ِ الـتـَّلاقـي

بالـشِّـجـاراتِ

و في إحـراق ِ أحـلامـي و ألـعـابـي و فـنـِّـي

أأنـا الـبـحـرُ

لـمـاذا جـزرُ الـوردِ تُـعـاديـنـي

إذا قــرَّرتَ يـومـاً

يـا أحـبَّ الـنـَّـاس ِ أنْ تـرحـلَ عـنِّـي

يـا حـبـيـبـي

اقـتـربْ مـنـِّـي قـلـيـلاً

سـتـرى مـذيـاع َ قـلـبـي

لـم يـزلْ فـي حـبـِّكَ الأحـلـى يُـغـنـِّـي

يـا حـبـيـبـي

لا تـغـبْ عـنْ خـافـقـي

هـلْ أنـتَ تـرضـى

فـي دجـى الـتـِّـرحـال ِ

أنْ يُـغـتـالَ في قـيـثـارةِ الأشـواق ِ لـحْـنـي

لا تـضـعْ مـنـشـارَكَ الـقـاتـلَ

فـي وردي و غـصـنـي

لا تـفـارقـنـي

أترضـى تـسـلـبُ الـمـرآة ُ مـكـيـاجـي و فـسـتـاني

وأعـيـادي و حُـسْـنـي

فـي مـرايـا الـهـجْـرِ صـدري

فـيـكَ مـحـرومٌ

مـنَ الـصـدرِ الأحــنِّ

ذوِّبَ الـصَّـخـرة َ

فـي نـار ِ الـهـوى الـسـائـل ِ

لا تـجـعـلْ زوايـا الـصَّـخـرةِ الـصَّـمـاءِ

فـي سـمـعي و عـيـْنـي

يـا حـبـيـبـي

فـزعـي صـادرنـي

مـنْ دفـتـرِ اللًّـقـيـا رحـيـلاً أبـديـَّاً

و سـؤالـي مـنْ أعـاصـيـر ِ الـتـمـنـِّـي

هـل رحـيـلُ الـنَّـاس ِ و الألـحـان ِ

و الأزهـارِ و الشـطـآن ِ عـنـِّـي

رحـلـتـي نـحـوَ اتـَّجـاهِ الـشـمـس ِ

فـي عـطـرِ الـضـمـيـر ِ الـمـطـمـئـنِِّ

يـا حـبـيـبـي

لـنْ يـمـوتَ الـحـبُّ فـي قـلـبـي

و إنْ أدخـلـتـَـه ُ أقـسـى تـجـنِّـي

فـأنـا فـي أبـجـديَّـاتِ الـهـوى

رحـلـة ُ تـكـويـنـي و مـيـلادي

و تـغـسـيـلـي و تـكـفـيـنـي و دفـْنـي


نسائمُ الصبح

ابراهيم عباس نتو


نسائمُ الصبح هُبّي في مرابعنا
و لامسي القلب كيما يشدو فرحانا

هذي نسائمُ بين الزهر ناعسة
بوجه صبوح أنار الكون افنانا

و عين تفوق سماء الله زرقتـُها
و فم شهي فاق الورد و ازدانا

و جيد حنو هل لي أن أعانقه
ألامسُ الوجن و الرمان أحيانا

و ثغر ندي تثير الوجه حمرته
و وجه وضي يشي بالحب ألوانا

و هاي مناتي بالألحاظ تقتلني
ترمي بسهم طال الإنس و الجانا

و غنت بغنج تدير الرأس نوتتُه
بلحن شديّ فغنى الكونُ الحانا!

الأربعاء، يوليو 18، 2007

تونس والعالم "تاريخ جديد يتشكل 1954-2006"



حسّان الباهي
الجزائر /

يعد هذا الكتاب لمؤلّفيه د. الهادي مهنّي ود. محمّد البشير حليّم مساهمة في أحياء محطتين هامتين في تاريخ تونس المعاصر هما الذكرى الخمسون للاستقلال التي تمّ الاحتفال بها في ربيع 2006 تليها الذكرى الخمسون لإعلان الجمهوريّة التي يحتفي بها الشعب التونسي في الخامس والعشرين من شهر يوليو 2007.
احتكم المؤلّفان في هذا الكتاب، الصّادر عن منشورات أوربيس، في 495 صفحة، إلى مدوّنة الخطاب السّياسيّ بكلّ زخمها وإلى مذكّرات الزعماء والمناضلين دون إغفال مؤلفات أبرز الكتاب والمفكرين الذين اهتموا بمنطقة المغرب العربي.
أمّا الهدف من تجميع المعطيات المتعلقة بتونس أو ببقية بلدان العالم فهو التعريف بصورة الوطن وإبراز مكانة تونس التي ظلت على الدوام بلدا يطيب العيش فيه رغم الظروف الصعبة التي واجهها في بعض الفترات والرجات السياسية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتقلبات المناخية التي هزت العالم.
خصص الجزء الأول من الكتاب للفترة التي امتدت من الحكم الذاتي سنة 1954 إلى تغيير السابع من نوفمبر 1987 بقيادة زين العابدين بن علي وهي تروي صفحات ناصعة خطها الشعب التونسي في النضال من أجل بناء الدولة الحديثة في حين يتناول الجزء الثاني الحراك متعدد الأبعاد الذي عرفته تونس انطلاقا من ذلك التّاريخ، تاريخ بداية "عهد جديد".
وقد حرص المؤلفان الهادي مهني ومحمد البشير حليّم على التوجه من خلال هذا الكتاب إلى قرّاء من غير العارفين بالشأن التونسي وخاصة الذين يوجهون اهتمامهم إلى تونس أو الذين ينتقدون أحيانا خياراتها الوطنية عن جهل بخصوصياتها الثقافية أو عن تجاهل متعمد ومتعسّف لها .
ما يميّز هذا الكتاب/ المرجع هو مدى انفتاح مؤلّفيه على العالم بحيث صيغت مادّته وفق منهج كوكتيليّ، جامع انصهرت فيه تونس مع عالمها تاريخا وسياسة وحضارة وثقافة وأحداثا فارقة وفي ذلك إقرار من المؤلّفين بمدى أهمّية تمكين تونس في فضائها الاتّصاليّ، المعولم، تجسيرا لتواصل لا بدّ منه بين القاصي والدّاني ، في شتى الأصعدة ومجالات الاهتمام ( سياسة ، تاريخ، علوم، آداب...)، بحيث التقى العالم ،على تنائي أطرافه وحسب منطق التبئير المعتمد ، بين دفّتي هذا الكتاب ليكون بانوراما عاكسة لتونس المتطلّعة إلى غدها بواقعيّة الآن وهنا وبحرص دائم من أبنائها على أن تكون لهم بصمات على الخارطة الكونيّة تخوّل لهم التواشج والتموقع من ثمّ مع "الآخر" أي مع العالم في بوتقة المصالح المشتركة.

الثلاثاء، يوليو 17، 2007

صباحكم أجمل \ الأشجار تموت واقفة



زياد جيوسي

هو الصباح ككل صباح يطل علينا جمالا وحبا وأملا، نسمات بحر يافا تداعب روحي وأنا أجول في شارع الإرسال في هذا الوقت المبكر، ترافقني روح طيفي الجميلة المشعة حبا وجمالا، متأملا هذا الشارع القديم في رام الله والذي تبدأ جماليته منذ مغادرة دوار المنارة "الذي كان جميلا"، قبل أن تشوهه الأسود الضخمة والخازوق المعدني البارد واليافطات التي تغلق ثلاثة من منافذه، وتشوهه تلك البيانات والملصقات و "الخربشات" بالطلاء في كل زواياه، فأحالته فصائل النضال بالورق والدهان الأحمر إلى بشاعة متميزة، يمكن أن تدخلنا موسوعة "غينس" للأرقام القياسية ولكن في تحطيم الجمال.
أسائل نفسي وأنا أجتاز ميدان المنارة باتجاه شارع الإرسال..الم يكن بالامكان إعادة بناء المنارة كما كانت قبل أن يزيلها الاحتلال.. فمنارتنا كانت أجمل وأروع، أما منارتهم فافتقدت الجمال وافتقدت الذوق والتاريخ الذي حملته منارتنا الجميلة.
أسير بشارع الإرسال وأتساءل..لماذا سمح لهذه البنايات الضخمة بتشويه الشارع، الم يكن بالامكان أن تعطى تسهيلات للبناء التجاري في المناطق الأبعد فننقل مركز المدينة إلى الأطراف، كما اقترح يوما صديقي الشاعر المرهف عبد السلام العطاري، لو تم ذلك لمنعنا الضغط عن قلب المدينة وتخلصنا من الازدحام الهائل، ولتمت عملية إحالة قلب المدينة من ميدان المغتربين إلى ميدان المنارة، إلى منطقة مشاة محافظة على روحها التاريخية، وعلى الأشجار التي أعدمت في شارع الإرسال وزرعت بدلا منها البنايات الإسمنتية البشعة.
أقف إلى زاويتي المفضلة بعد أن أجتاز المقاطعة والجنود المنتشرين حولها، ناظرا إلى الغرب حيث أطل على الساحل الفلسطيني من بعيد، حيث الهواء ونسمات يافا تصلني بدون عوائق وبدون حواجز، فتعود بي الذاكرة إلى ذلك اليوم بعد عودتي للوطن وقبل صدور فرمانات الاحتلال بمنعي لدواع يسمونها أمنية من الحصول على الهوية، وبالتالي أصبحت أسير مدينتي جسدا بعد أن كنت أسيرها الروحي، وفي ذلك الوقت حضرت زوجتي لزيارتي واقترح أحد أصدقائي أن نزور الداخل الفلسطيني الذي أغتصب عام 1948، حيث انطلقنا بسيارتي هو وزوجته وأنا وزوجتي، وكنت متوقعا إعادتنا من أول حاجز رغم هدوء الأوضاع في تلك الفترة، فقد كانت السلطة الفلسطينية جديدة العهد، وفي بداية انتشارها في المدن الفلسطينية التي جرى تصنيفها مناطق " أ "، قبل أن يخطط العدو للتخلص من اتفاق اوسلو رغم ضحالته وضآلته، ويزج بشارون وألفي شرطي وجندي إلى القدس فتتفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ربما لحسن حظنا أن الجندي الاحتلالي الواقف على الحاجز كان مشغول بالحديث مع مجندة احتلالية، فأشار لنا بالعبور ودخلنا لنجتاز من خلال مسافة أمتار عالمين، عالم وطن أغتصب في هزيمة حزيران عام 1967، وعالم الوطن الذي أغتصب في نكبة فلسطين في نهاية الحرب العالمية الثانية، لم أستطع حتى الآن أن أحدد المشاعر التي انتابتني بتلك اللحظة، فأنا أغادر جزءا من الوطن ما زال يحتفظ بالملامح العربية واللغة العربية في الشوارع وعلى اليافطات، إلى جزء آخر من الوطن جرى اغتصابه وتهويده، فتصطدم عيناي في كل زاوية بيافطات مكتوبة بلغة غريبة عن هذه الأرض المقدسة، وبالتالي لم يكن من السهل تحديد المشاعر بين فرح وغضب وألم فبقيت صامتا، طلبت أن نزور يافا بداية وهذا ما كان، فصديقي يعرف المنطقة جيدا فسبق له زيارتها أكثر من مرة، وصلنا يافا وبرتقال يافا وعبق يافا..آه يا يافا يا عروس البحر..تجولنا في السوق القديمة حيث ما زالت الملامح العربية في الأحياء العربية، أسماء المحلات بالعربية فشعرت بالراحة، وقفت إلى شاطئ العجمي ومسحت وجهي بمياه البحر السليب، ثم قرأت الفاتحة هناك على روح جدي الذي زرع يافا في ذهني منذ الطفولة، ومات قبل أن يتاح له أن يكحل عيناه بها من جديد، ومن هناك اتجهنا شمالا مرورا بتل الربيع التي حولوا اسمها إلى تل أبيب، مارين بالعديد من المناطق حتى وصلنا حيفا، كان المرور طوال الوقت عبر الطريق الساحلي المتجه للشمال، يثير في الروح التداعيات والذكريات التي تناقلت ووصلت لنا من أحاديث الآباء والأجداد، وكانت رائحة البحر تخترق مني مسام الروح والجسد، فبقيت ولم تفارقني حتى الآن، فلذا اشعر بها كل صباح ومساء وأنا أجول دروب رام الله وخاصة حين أجلس على ربوة الماصيون أو في زاويتي المفضلة في شارع الإرسال، في حيفا كان لنا جولة طيبة في الأحياء المختلفة وخاصة تلك التي ما زالت تحتفظ بطابعها العربي القديم، ومن ثم اتجهنا إلى عكا حارسة البحر التي لا تلين، فجلنا في حيها القديم ووقفت إلى البحر وأسوار عكا، نظرت النوارس فوق البحر فشعرت بها الأهل الغائبين في الشتات والمنافي، يعودون يوما إلى أرض سلبت منهم، تجولنا طويلا هناك بانتظار أصدقاء من سخنين اتصلنا بهم، وفي مطعم يحمل اسم الأندلس تناولنا طعام الغداء، وشددنا الرحال إلى سخنين حيث بيوت أصدقائنا الذين استضافونا بكل الحفاوة والكرم، ومن هناك إلى طبريا وضفاف بحيرتها الجميلة حتى منتصف الليل، ثم مرورا بالعديد من المدن والقرى حتى وصلنا أريحا واتجهنا صعودا إلى رام الله لنصلها في ساعة مبكرة من الفجر.
أعود من رحلة الذكريات إلى واقع يزداد مرارة، فها نحن قد قسمنا ما تبقى من الوطن إلى قطاعين آخرين، غزة والضفة الغربية، فيصبح الوطن من ثلاثة أجزاء، ولا نرى إلا فرسان الفضائيات يتبادلون الردح والشتم، والاحتلال يعمل أسنانه قضما في الأراضي الفلسطينية، بينما صراع القوى يزداد ويخلق أمرا واقعا جديدا من التقسيم والفرقة، ولا يريد أحدا أن يدرك أن الصراع ما هو إلا على سلطة بلا سيادة، وعلى كعكة مسمومة تحت الاحتلال قدمها لنا الاحتلال أيضا.
أعود من جولتي وأقرر المرور من ميدان الساعة لشارع النزهة أو شارع المكتبة كما جرى التعارف عليه، وقرب المكتبة أقرر النزول لشارع يافا عبر الدرج الموصل بين الشارعين، بجوار حضانة غسان كنفاني فتقفز إلى الذاكرة فورا ذكرى هذا الكاتب الشهيد ورائعته عائد إلى حيفا، وفي نهاية الدرج أفاجئ بجفاف وموت شجرة السرو الضخمة التي كانت تتوسط الدرج، أنظر إليها بحزن وأقول..الأشجار تموت واقفة، وأعتقد أن موت هذه الشجرة التاريخية ناتج عن عملية الحفر التي تمت في الدرج وإعادة سكب الاسمنت بدون مراعاة الحرص على ترك فوهة مناسبة حول الشجرة مما أدى لاختناقها وموتها، فالأشجار كالبشر تختنق أن لم تكن حرة، ولعل بلدية رام الله تنتبه للموضوع فتعيد زراعة شجرة أخرى في نفس الموقع، حتى لا يفقد هذا الدرج هذا المعلم الذي عرفناه منذ طفولتنا.
من شارع يافا أعود صعودا باتجاه دورا الساعة وميدان المغتربين، ما زال الدوار بدون ساعة حتى الآن، وما زال أولي الأمر والحكم يدفعوننا لنكون مغتربين في وطننا، أواصل السير حتى صومعتي فأتفقد أحواض الزهور والنعناع وأرويها ماءا، أصنع فنجان قهوة وأستمع وطيفي لفيروز تغني..
يا غريب الديار نسيم الجنوب ظل فيك المزار فبات الهبوب، أنت من بلادنا يا نسيم يا عبيرا يقطع المدى حاملا هموم أرض يهيم أهلها في الأرض شردا..
نحن من الأرض الخصيبة نحن من الدار السليبة، يا ترى بعد ليال نجيئها تلك الحبيبة، في البال تحيا دروبها السمر سطوحها الحمر في البال زهر التلال في البال.

صباحكم أجمل

الأحد، يوليو 15، 2007

رثاء امى


عيسى القنصل
فى ذهول ٍ
فاق اوصاف الذهـــــــــول ِ
جاءت الاخبار تبكى ..
جاءت الانباء تنعى
موت امى ..
بين حزنى وذهولـــــــــــى
كان قلبى ..هادرا فى عمق صمته
كاتساع الضؤ كانت ..
تعشق الانسان فينـــــــــــــــــــــــا
بيتها شمع ُ المعابــــــــــــــــــــــــد
قلبها مثل عمق البحر عمق ُ
ما رايت الحزن فيها ..يقتل الايمان عنها ..
ما رايت الفقر يوما ..يظهر الحقد عليهــا
قلبها قربان ُ مقدس
اذ ترى فى وجهها وجه لكاهـــــــــــــــــن
كلما عانقتها فى عودتى ..
انتعشى طهرا وايمانا جميـــــــــــــــــــــــــلا
يصبح الانسان فيّا ..ام عيســـــى
يصبح الايمان عندى ..ام عيسى
كنت القاها بقلبى .. كلما ضقت ُ بعمرى
كنت القاها بفكرى ..كلما قهرا شربت ُ
انها امى ..بكت من موتها حتى السماءُ
لهف قلبى ..قبرها اليوم بعيد ُ عن عيونى
غير انّى قد اراها
فى صلاة ترتجى خير الجميـــــــــــــــــــع
لهف قلبى ..
كيف القى حارتى من غير امــــــــــــــــــى
كيف القى اخوتى من غير امـــــــــــــــــــــى
كيف القى نفسى عائدا يا (مادبا) من غير امى ..
لهف قلبى ام عيسى
لهف قلبى قد بكى قلبى عليـــــــــــــــــــــــك ِ
فى ذهول ٍ واختناق ٍ قد بكى قلبى عليــــــــــك ِ
كنت ابغى ان اراك بعد ايام قليلة ...
كانت الايام تجرى نحو ميعاد التلاقــــــــــــــــى
كى ارى ايام عمرى بين احضان الرفاق
كى اراك ,,
كى اراك ..ام عيسى
غير ان النعى الغى بهجة الترحيب
واحلام العنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاق
فاذهبى لله امـــــــــــــــــــــى
قبرك ِ حضن الالــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه .

الجمعة، يوليو 13، 2007

إنسُهُ " جان "

الهام ناصر
الأرض كحقيبة السّفر
تحمل كل ما يحتاجه الإنس لبقاء البشريّة
والجن جحافل تستتر بقشرة
تنتشر عبر خيوطِ شفافة
وفي عُمقِ اليّمِ
أسواره
مسألة تخاط حولها الأسرار
كتبتُ " جنيّاً " لو حاولت رسمهُ ،
ارتبكت الألوان
يتحرّك بصعوبة
وهو سجين " الخيال "
أفرغ حمولتهُ من عيني
لأفرشَ صوته من حولي
أمشي نحوه
وتتعب الساقانِ
قبل الوصول كيف أصلُ الى الحديثِ الغاصّ بالصمت ؟
يشبهُ الموج الذي لم يكتملْ في منتصفِ الغرقِ ,
تفتح الأنفاس زعانفها
وابقى معلّقةٌ بلا مخرج ,
لا أستدير,
لا أنام .
أكتبه شيئاً
وافيضُ في البشريّة رفضاُ
وكأن البحر رزقني المجهولَ دون بوصلة
فأطلَّ من زُرقتِهِ ,
مادا لسان القرار /
لكم حقيبتكم ولي حقيبتي

الخميس، يوليو 12، 2007

دعـنـي عـلـى شـفـتـيـكَ ورداً أحمـراً

عبدالله بن عـلـي الأقزم

دعـنـي هـنـا
فـي حـضـنِـكَ الـمـغـمـور ِبـالـعـزف ِ الـفـريـدِ

دعـنـي عـلـى شـفـتـيـكَ ورداً أحمـراً

و تـجـدُّدَ الـقـُبـلاتِ بـالـوَهَـج ِ الـتــَّلـيـدِ

دعـنـي أحـوِّلُ كـلَّ أجـزائـي إلـى

لـقـيـا غـرامـكَ

كـالشَّـذا كـالـشِّـعـر فـي ألـحـانـِـهِ

كـالـمـاء ِ فـي جـريـانِـهِ

كـالـقـُبـلـةِ الأحـلـى

لـمـيـلادِ الـورودِ

يـا مَـنْ ألـوذ ُ بـقـلـبـهِ

مـا كـان حـبِّـي هـا هـنـا

فـي الـضـمِّ و الـفـوران ِيـشـكـو مـنْ ركـودِ

كـيـف الـركـودُ

و حـبـُّـنـا كـالـنَّـارِ تـنـعـمُ بـالـوقـودِ

ارسـمْ فـؤاديـنـا مـعـاً

فـي لـوحـةِ الـصـبـح ِ الـجـديـد

ِارسـمْـهـمـا لـهـبـاً كـبـيـراً أحـمـراً

فـي الـحـبِّ يُـبـحـرُ فـي الـحـرائـق ِ بـالـمزيـدِ

سـيـظـلُّ شـوقـي فـي دمـي

بـهـواكَ فـي لـغـةِ الـصَّـدى

كـالـسَّـيـل ِ فـي هـدم ِ الـسِّـدود ِ

كـتـتـابـع ِ الأمـواج ِبـالأمـل ِ الـوحـيـدِ

فـهـوايَ يـا أحـلـى الـهـوى

كـالـفـتـح ِ فـي فـكِّ الـقـيـود ِ

كـالـغـيـث ِ لا يـمـشـي بـأغـلال ِ الـحـدود

ِفـي حـبـِّـكِ الـنـَّـاريِّ أصـبـحُ دائـمـاً

أنشـودة ً و حـمـامـة ً بـيـضـاءَ

فـي حـفـل ِ الـتـبـسُّـم ِ و الـتَّـمـازح ِو الـتـَّراقـص و الـتـعـانـق ِ و الـورود

ِأنـتَ الـقـريـبُ الـى نـسـيـم ِ اللـثـم ِو الأحـضـان ِ

و الـذوبـان ِفـي مـجـرى وريـدي

نـبـضـي هـواكَ

أتـى فـؤادي كـالـوفـودِ

أنـتَ الـقـريـبُ فلا أرى فـيـكَ الـهـوى

إلا انـهـزامـاً لـلـبـعـيـدِ

إنـِّـي ارتـديـتــُـكَ لا الـشـقـاءَ يـُصـيـبـُنـي

مـنْ سـهـمـهِ الـممـزوج ِ بـالـوجـع ِ الـشَّـديـدِ

في حـضـنـكَ الـورديِّ أكـتـشـفُ الـنـَّدى

و أردُّ أجـزاءَ الـهـوى و أرتـِّبُ الـقـُبـلاتِ

بـالـولـَـع ِ الـمـديـدِ

و أعـيشُ فـي مـعـنـاكَ عـيـشـة َ نـاسـكٍ

مـتـأمِّـل ٍ مـتـبــحـِّـرٍ

حـرثَ الـوجـودَ تـفـكُّـراً

بـيـن الـركـوع مـضـى و مـا بـيـن الـسـجـودِ

و أضـيءُ فـي الـكـهـف ِ الـعـمـيـق ِ تـسـاؤلاً

أهـواكَ شـرط ُ تـألُّـقـي و تـمـيـُّـزي و أنـاقـتـي

و حـكايتي نـحـو الـخـلـودِ؟

أهـواكَ حـلٌّلـ لـطـلاسـم ِ كـلِّـهـا

و بـصـيـرتـي و هـدايـتـي

و طـريـقـتـى المـثـلـى عـلـى مـحْـو الـجلـيـدِ؟

أنتَ الـتـسـاؤلُ و الـجـوابُ

فـمـا هـمـا إلا مـطـالـعُ أحـرفـي و قـواربـي

مـا بـيـن مـجـدافِ الـنـشـيـدِ

يـنـمـو ثـرائـي فـي الـحـيـاةِ و مـا لـهُ إلا غـرامُـكَ فـي رصـيـدي

إنـِّـي أعـيـشُ بـعـطـر ِ حـبِّـكَ جـنـَّتـي

و أعـيـشُ فـيـكَ بـدايـتـي و نـهـايتي

و الـعـالـمَ الأحـلـى بـتـأريـخ ِ الـوجـودِ

**