‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيمون عيلوطي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيمون عيلوطي. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، فبراير 01، 2010

إلتصاق الأغنية بواقع مجتمعها .. شرط لنجاحها وانتشارها

سيمون عيلوطي


تختلف نكهة الأغنية العربية باختلاف القطر العربي الذي تنتمي إليه . بمجرد سماعك لاحدى الأغنيات تستطيع أن تعرف صاحبها ، وتحدد هويتها ، والقطر الذي تنتمي اليه ، حتى لو لم تكن استمعت لهذه الأغنية من قبل.


هذا الأمر في رأيي يتحقق ليس من خلال لهجتها التي تميزها فحسب ، ذلك لأن هذا التعرف على هوية الأغنية يتم أيضا حتى لو كانت بالفصحى.


هنا تواجهني أسئلة مختلفة .

ما هي المقومات الأساسية التي تجعل هذه الأغنية التي تنتمي إلى بلد عربي ما ، تختلف عن تلك الأغنية التي تنتمي إلى بلد عربي آخر ؟

ما هي الأسباب والشروط والمنطلقات التي تتوفَّر في هذه الأغنية أو تلك ، لتجعلنا بالتالي نتعرَّف على هويتها وبلدها وفي أحيان كثيرة على صاحبها أيضا ؟

هل هي اللهجة ، أم أسلوب الأداء ، أم هو المضمون، أم شيء آخر ؟


لنفترض أن ذلك يرجع إلى لهجة الأغنية ، ولكن هناك في القطر الواحد عدة لهجات تختلف الواحدة عن الأخرى باختلاف المنطقة ، وهذا التعدد لا يُتوِّهنا ، ونستطيع معه أن نميِّز بين هذه الأغاني ، ونتبيّن من أين أتت وإلى أي بلد عربي ترجع .


هناك إذن أمور أخرى لا بدَّ أن نتحسسها ونحاول أن نجتهد في تحديدها لنصل إلى الإجابة عن تلك الأسئلة التي طرحتها، والتي سأحاول أن أجد لها الأجوبة، مع اعترافي المسبق بأنني لا أدَّعي بأن أجوبتي هي "الوصفة الطبية" التي تحدد طابع وهوية الأغنية ونكهتها ، إنما مجرد اجتهاد أقدمه في هذا المجال مع حرصي الشديد على أن يُبقي الباب مفتوحا على مصراعيه لتقديم اجتهادات أخرى من قبل المهتمين في موضوع الأغنية، وخاصة في المجال الموسيقى الذي هو ليس من تخصصي ، وأنا حين أتحدث عن الأغاني، تدورفي ذهني كلماتها التي لي بعض التجارب في كتابتها.


وأرى من المفيد هنا أن أتناول تجارب عدد من الملحنين والمطربين الذين أثروا بفنِّهم الأغنية العربية، وعرفوا كيف يختاروا الكلمة التي تخدم مبتغاهم الفني .


إذا نظرنا إلى سيد درويش مثلا ، نرى أنه عمل على تحديد ملامح الشخصية المصرية من خلال تركيزه في عدد من أغانيه على الجوانب الطبقية والاجتماعية والسياسية للمجتمع المصري ، مع حرصه البارز على الذهاب إلى التراث الغنائي المصري بهدف وضع اللحن باسلوب منبثق عنه ومعبِّر عن أجوائه التي يتميّز بها، ومستفيدا كذلك من الثرات الغنائي الشامي الذي عرفه وأعجب به واستطاع أن يطبعه بطابعه الدرويشي ، ومن يرجع إلى أعماله الغنائية سيلاحظ ذلك بكل وضوح، وخاصة في أغنية ( الحلوة دي )، أو أغنية (طلعت يا محلى نورها )، وفي الجانب الوطني نشيد ( بلادي بلادي )، ولا شك أن مسرحياته الغنائية دعمت ما أراده هذا الفنان الكبير، وحققت منطلقاته الفنية التي جسَّدت - فيما جسّدت- الطابع الغنائي والهوية الغنائية التي نتحدث عنها .


لست هنا في باب سرد تاريخ الأغنية العربية ، بقدر عنايتي المتواضعة بتسليط الضوء على موضع تحديد هوية الأغنية، بالقدر الذي يساعدني في تحديد الأجوبة على الأسئلة المطروحة أعلاه .


المثال البارز هنا هو تجربة الأخوين رحباني، وما تميَّزت به أغانيهما محققة هذا الإنتشار، وهذا الحضور المستمر رغم مضي زمن طويل على الكثير من أعمالهما الغنائية والمسرحية، إلا أنك تحس وكأنها كُتبت ولُحِّنت الآن .


لا شكَّّ أن الأخوين رحباني عند ذهابهما إلى تراث بلاد الشام الشعبي الشعري والغنائي الذي عرفا كيف يوظّفانه توظيفا فنيا في العديد من أعمالهما الغنائية، لم يحققا إنجاذا فنيا لأغنيتهما فحسب، بل حققا إنجاذا فنيا للأغنية اللبنانية والعربية أيضا، حيث أنهما أوجدا لأغنيتها طابعا خاصا ومتميّزا يعتمد على التراث، ويغترف الجميل منه، ثم بعد أن يمر من مصفاة روحيهما الفنية المبدعة، ويداعب بأصالة نادرة بعض الأعمال الموسيقية العالمية،يتشكَّل باسلوبهما، وبطابعهما، ويذاع إلى الجمهور الذي يستقبله بالكثير من الاعجاب والتصفيق، وقد تم ذلك في فترة زمنية ما زالت الأغنية الطربية المصرية عند عبد الوهاب وأم كلثوم تتربع على عرش الغناء العربي، ولكن الأخوان رحباني بألحانهما الرائعة، وبصوت فيروز الملائكي، عرفا كيف يجعلان أغنيتهما تقف شامخة إلى جانب الأغنية المصرية الطربية، وعرفا أيضا كيف يمكن لأغنيتهما أن تسير معها جنبا إلي جنب، ومن دون أن تدخل معها في منافسة .


لم يكن من الممكن أن يتحقق ذلك للأغنية الرحبانية، لو لم تتشكل بطابع ونكهة مميزة بها، استطاعت أن تعكس اللون الغنائي اللبناني، والشخصية اللبنانية ونفسيَّتها، والتي تمثلت في اغنيتهما بالعامية والفصيحة عل حد سواء.


وإذا نظرنا إلى عدد من أعمال الفنانين والملحنين الآخرين، والذين أثروا هم أيضا بفنهم الجميل ألأغنية العربية، مثل أغاني عبد الحليم حافظ ، ونجاة الصغيرة، وغيرهما، نجد أن هذه الأغاني كانت تتوفر فيها عناصر الطابع والنكهة موضوع حديثنا ، وإلى حد كبير .


والملاحظ أن الأغاني العربية، وخاصة المصرية التي تأثرت بالألحان التركية ، إنما كان تأثرها تأثرا أصيلا، ولم يخفِ الملامح والهوية المصرية التي ضلَّّّّّت بارزة في هذه الأغناني، الأمر الذي جعلها تعيش وتداعب أوتار قلوب الناس، وتتغلغل في وجدانهم .


ولعلَّ صباح فخري ، ومن قبله محمد خيري، حين تناولا القدود الحلبية ، ربما أرادا من خلال هذه الخصوصية الحلبية السورية، أن يمهدا الطريق أمام فنان يمتلك بحسه الفني هذه الروح من أجل وضع ألحان وأغان نابعة من أجواء هذا التراث العظيم .


أن الشرخ الذي حدث للشعب الفلسطيني بعد عام ال48، من قلع وتهجير وتنكر لجميع حقوقه السياسية والثقافية، خلق حالة من الفراغ الذي بات من الصعب معها الاستمرار بمواصلة العمل الفني والثقافي من خلال عملية التواصل الطبيعي للأجيال الفنية والثقافية ما قبل وما بعد ال48، وكانت من نتائجة المدمرة الكثيرة أن توقفت الأغنية الفلسطينية عن متابعة مشوارها الذي أخذت حينها تخطو خطوات جادة نحو أغنية فلسطينة خاصة، وذات طابع ونكهة تميزها عن غيرها من الأغاني العربية، وكانت حينها الاذاعة الفلسطينية تبث عددا من هذه الأغاني، وفي مقدمتها كانت أغاني نوح ابراهيم ، مثل أغنية دبرها يا مستل دل، وغيرها الكثير من الأغاني التي حملت بالاضافة إلى مضمونها السياسي، البعد الفني الذي صبغ هذه الأغاني بأسلوب له نكهتة الفلسطينية الخاصة والمنبثقة من المناخ التراثي الشعري والغنائي الذي يرجع بطبيعته إلى بلاد الشام، ولكن مع الانتباه ومراعاة ما يعبر عن مناخ وخصوصة هذه البقعة الجغرافية (فلسطين) من هذا التراث الشامي، وانتقاء الأقرب إلى جونا ونفسيتنا التي تختلف عن نفسية المناطق الأخرى، وذلك باختلاف الظروف والاحداث.


وأنا هنا لم أضف شيئا أذا قلت أن الأدب الفلسطيني بعد ال48 استطاع أن يشكل الامتداد مع الأجيال الأدبية التي سبقته، ويحقق للأدب والشعر الفلسطيني خاصة ملامحة وهويته التي تميزه والتي رأيناها عند حنا ابو حنا، وتوفيق زياد، وسالم جبران، ومحمود درويش، وسميح القاسم ، في حين أن موسيقانا وأغنيتنا الفلسطينية لم تواصل حركة الامتداد هذه، بل توقفت نتيجة للظروف السياسية والثقافية القاهرة التي عصفت بأهلنا، وأن المحاولات التي قام بها بعض الموسيقيين في وضع عدد من الأغاني كانت في معظمها ركيكة وبعيدة عن نفسية الشعب، مما أدى إلى عدم مقدرتها على الاستمرار بالحياة، وقد تكون الظروف السياسية والثقافية الصعبة التي خيَّمت على تلك الففرة الزمنية، هي التي أثرت سلبا باتجاه نموها ومستواها الفني، ولكنها عندما أخذت تنهض وتستعيد عافيتها، وجدناها تذهب إلى منابع وأجواء غريبة عنا ، بل لا تشبه الكثير من ملامح شخصيتنا وهويتنا وتراثنا.


ومن يرد أن يكون موضوعيا ويستعرض بعض أعمالنا الغنائية التي أتت في ظل مناخ أخذت فيه ظروف وأوضاع الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل تتحسن، وتتنفس بحرية إلى حد ما، يجد أن الكثير من هذه الأعمال، وبالرغم من اعتبار أن بعضها كان جيدا وجميلا من الناحية الفنية، إلا أنها لم تَدُر في فلك مناخنا وطابعنا، الأمر الذي غرَّبها عنا ، وجعلها لا تحاكي واقعنا، ولا تعكس ملامحنا، وبالتالي فإنها لم تتماثل- كما هو مفروض- مع وجداننا ، ولم تصبح جزءا من مشروعنا الفني والثقافي .


لا أريد هنا أن أذكر أمثلة تدلل على ما أقول، بهدف الحرص على تجنُّب نقاشات ربما تكون جانبية، ولا تخدم الموضوع ، ولكني أرى أن هناك تجارب فنية غنائية لعدد من ملحنينا ومطربينا استطاعوا أن يوفرَّوا فيها العديد من عناصر الطابع والنكهة الفلسطينية الخالصة، وقد تجلَّى ذلك في الكثيرأعمال فرقة "الطليعة" النصراوية التي كان يشرف على تدريبها الأستاذان المرحومان ميشيل درملكنيان، وباسم جبران، وفرقة "صابرين" وأغاني مصطفى الكرد، وفوزي السعدي، وهناك أيضا بالاضافة إلى هذه الأغاني، تجربة غنائية لفرقة "ولَّّعت" العكاوية، التي استطاعت هي أيضا أن تعكس الهوية الفلسطينية رغم استعمالها الآلات الموسيقة الغربية، لكن هذا لم يمنعها من الالتصاق والتلاحم مع خصوصية هويتنا التي يجب أن تتوفر في أغنيتنا بالتغاضي عن الآلات الموسيقية التي نستخدمها، أو طريقة توظيف اللهجة، وبالتغاضي أيضا عما إذا كانت هذه الأغاني بالفصحى، أو بالعامية، فالفنان الفنان هو الذي يعرف كيف يحافظ على طابع ونكهة وتراث وهوية مجتمعه، مع مشروعية اختياره للأسلوب الفني الذي يناسب أعماله الغنائية والموسيقية، والطريقة التي يريد أن يقدمها بها، والفنون العظيمة والعالمية، هي تلك الفنون التي أغرقها أصحابها بالمحلية، (ولا أقول الأقليمية)، لأنهم بإحساسهم الفني المرهف، عرفوا أن أقرب الطرق للوصول إلى العالمية، هو الاغراق بالمحلية.


سيمون عيلوطي محرر الموقد الثقافي - الناصرة

http://www.mauked.com/

maukedwebmaster@netvision.net.il

الخميس، ديسمبر 10، 2009

الإنعزال وحمى الأسرلة: ردا على مقال نجوان درويش: سميح القاسم وحمى الأسرلة

سيمون عيلوطي

أثار مقال الكاتب والشاعر والمراسل الثقافي لصحيفة الأخبار اللبنانية، نجوان درويش، تحت عنوان " سميح القاسم وحمى الأسرلة"، الذي نُشر في "الأخبار اللبنانية"، وتلفَّقته العديد من المواقع الألكترونية، وكأنها عثرت على موضوع " حَكَّ لمحرِّريها على بيت جَّرَّب" ، كما يقول المثل الشعبي.

المقال لاقى الصدى والتجاوب من الكثير من الكتاب والأدباء لما طرحه من أفكار تتعلق بمشاركة الكتاب العرب الفلسطينيين في إسرائيل بمهرجانات وندوات شعرية وثقافية تنظِّّّمها مؤسسات إسرائيلية .

أرى أن هذا المقال يطرح مواقف قائمة على سوء فهم لحقيقة ما يجري على الساحة الثقافية والأدبية الإسرائيلية .

لا بدَّّّّّّّّّّّّّّّّّّ من التأكيد على أن هناك مؤسسات ثقافية يهودية إسرائيلية تمثل وتطرح مواقف ثقافية وسياسية متعاطفة ومتضامنة مع الحق الفلسطيني أكثر بكثير من بعض المؤسسات الثقافية العربية المتماثلة والمحتضنة ماليا من المؤسسة الحاكمة في إسرائيل ، إن لم تكن متصهينة وتعمل على تمييع الأدب الفلسطيني وتسطيحه، وسلخه عن جذوره وهويته وبصمته الثقافية.

لستُ هنا بصدد الدفاع عن الشاعرين سميح القاسم، وطه محمد علي الذين ذكرهما الكاتب نجوان درويش في مقاله ، كما أنني لا أقصد الدفاع عن كل أديب أو شاعر عربي يشارك في مثل هذه اللقاءات الأدبية ، خاصة وأن الردود "المدافعة" كانت تهجُّّّّّّّمية وتخوينية الأمر الذي لا يُمثل جوهر فكر كاتب المقال التَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّقدمي والطَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّلائعي ، والذي كثيرا ما رأيناه يعبِّّّّّر عنه من خلال قصائده وكتاباته المختلفة .

بعض المتهجِّمين نظروا إلى المقال على أنه مناسبة لتفريغ ما في نفوسهم "اليعقوبية" من اتهامات ومغالطات، ذهب بعضها إلى حد الإدِّعاء بأن هناك تآمرا على " رموز ثقافتنا " ممَّا أبعد الحوار عن مساره الصحيح الذي كان من المفروض " فيما أرى" أن يخدم الحوار الثقافي الذي باثرائه يمكن الوصول إلى معرفة حقيقة ما يدور على ساحة ثقافتنا المحلية .

المشاركة في مثل هذه الندوات والمهرجانات التي انتقدها الأستاذ الكاتب نجوان درويش، لا تعني بأي حال من الأحوال تأقلم الأديب المشارك فيها مع الجهة التي دعت أليها ، أو تبنِّّّّّّّّّّّيه لأفكارها ومواقفها، سواء كانت هذه الجهة الداعية متزمتة أو منفتحة، فالصهيونية في اسرائيل هي صيغة تشمل كل المجتمع الاسرائيلي من الليبراليين، والتقدميين واليساريين اليهود والقوى الداعمة للإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة، وكذلك القوى التي تنادي بالمساواة الكاملة غير المشروطة للعرب في اسرائيل .

إن إعطاء منصَّّة تتيح المجال لحرية التعبير عن الموقف الثقافي الفلسطيني أمام الآخر المختلف، وبحرية كاملة، يُفيد أكثر من المقاطعة التي تضاعف من عزلتنا، وتبقينا خارج الدائرة المؤثرة في الوسط الثقافي اليهودي ، وبهذا نكون من حيث ندري أو لا ندري قد عملنا على تهميش دورنا وطرح مواقفنا ، منفِّّّّذين بذلك ما تريده الموسسة الحاكمة .

إن إعطاء منصات هامة من هذا النوع الذي يحظى بتغطية إعلامية واسعة في الداخل والخارج ، يجعل من المشاركة أمرا إيجابيا لإيصال صوت ثقافتنا الفلسطينية الاحتجاجية على ممارسات التَّّّّّّّمييز، والاضهاد القومي، والاحتلال . وهل قراءة قصيدة لطه محمد علي، من على هذه المنابر، يتغنى فيها بالتراث الفلسطيني – كما يقول الكاتب نفسه - يُضر بالتراث الفلسطيني ، وبالثقافة الفلسطينية ، أم يفتح أبوابا لفهم شخصيتنا الثقافية ، وتمسُّّّّّّّّّكنا بأرضنا، وتراثنا، وهويتنا القومية .

أتبتت التجارب أن بعض القومجيين الذين عزلوا أنفسهم عن الآخر، وتقوقعوا داخل ذاتهم ، لم يقدِّّّّموا شيئا يخدم رؤيتهم الفكرية، والوطنية، والثقافية ، لا لمجتمعهم، ولا لايصال صوتهم للآخر، وأنا أرى بأنهم لو ساهموا باسماع أصواتهم لهذا الآخر المختلف، وأثاروا انتباهه لثقافتنا وواقعنا، لخدموا قضية شعبهم ومجتمعهم أكثر ألف مرة من الانعزال الانطوائي المميت.

لم يكن الانعزال في أي ثقافة إلا نفيا لتلك الثقافة .

إن المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة، كانت دائما تحاول أن تنفي ثقافتنا، وتعزلها وتقزِّّّّمها، وأن تأتي مؤسسات يهودية دمقراطية ، وتفتح منابرها التي نستطيع من خلالها أن نُسمع صوتنا إلى أوسع الأوساط الثقافية في العالم ، فإن هذا يُعتبر مكسبا لكل ثقافتنا ، وهزيمة لسياسة التمييز والتهميش والقهر القومي ، ومن الخطأ الجسيم اعتبار هذه المشاركات حمى الأسرلة .

سيمون عيلوطي: محرر موقع الموقد الثقافي
www.mauked.com
maukedwebmaster@netvision.net.il

الاثنين، أكتوبر 05، 2009

أيَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّـــــــــام وَصْلِـــــــــك

سيمون عيلوطي

- 1-
بْعيد عَنِّّك مالْها طَعْم الحياه
ما في بْحياتي شي...
رَحْ يُبْلُغ مُناه
غير العَتِم المْكَوَّم بْموج السَّّّحاب
وِسْنين تُمْرُق ..
عا عذابي بالسَّراب
وِالأسى بِسَهْم الضَّّّنى ...
قلبي رَماهْ .

- 2 -

يُخْطُر عَ بالي أتْرِكِك وَروح
لَبْلاد ما فيها هوي وِجْروح
وَارتاح من نار النَّوى وِالحُب
ما عود أمشي ...
عا جَمِر هَالدَّرْب
وما أبكي من صَدِّ الحبيب ...
وْنوح..!!.

- 3 -

أيَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّام وَصْلِك تِلْعَب بْقلبي
تْواسي هُيامي ...
وْلَوْعِتي وْغُلْبي
فْ ليل الهَجِر إلْ طَعْمو مثْل المِلْح
يِفْتَح بِروحي ألْف جُرْح وْجُرْح
يْسَوِّد سِنيني ...
وْحالْتي وْدَرْبي .

- 4 -

أشتاق أضُمِّّّّّّّك بين إيدين القَلْب
وْأحِن عَليكي ...
مِثِل زَمان الحُب
وِتْواصليني ....
وْتوفي في وَعْدِك
أنعَف بوساتي في صَفا وَرْدِك
وَاقضي حَياتي ....
من شِفافِك غُبْ .

- 5 -

قَلْبي لولاكي يَباس
صَحْرا الجَفاف بْروحي داس
وِانْتي مَعايي يْغَنِّني عَصفور الجِنان
يْزَقْزِق معاكي ...
أحلى ألْحان الحنان
يِطْرِبْني من رِجْلَيي حتى الراس ..!!.

- 6 -

لَحْظات قَليلِه باقْيِه للوَعْد
وَلْقاكي في بستان عبير الوَرْد
وِنْطير عَ جْناح الهَوى لَبْعيد
مِثْل الحمام نْعَشِّش بْقَرْميد ..، ..
وْقِعْت فيكي بين هَزْل وْجَد .

- 7 -

مَرَّات أفَكِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّر أتْرِكِك وارتاح
مِنْ هَواكي ...
وْفِل بِميت جْناح
لَبْعيد بَلْكي قْدِرْت أنساكي
تاري حياتي صحرا لولاكي
مَعاكي وَحْدِك بَهْجَع وْبَرْتاح .

سيمون عيلوطي
محرر موقع "موقد" الثقافي
www.mauked.com
maukedwebmaster@netvision.net.il

الخميس، يونيو 25، 2009

العَلْقَم

سيمون عيلوطي
تذكَّرتُ وأنا أقرأ هذا الكم الهائل من الكتابات التي تطل علينا كل يوم من قبل العديد العديد من الكتَّاب والأدباء يتحدَّثون فيها عن الشاعر محمود درويش بعد مغادرته لنا. أقول : ذكَّرتني هذه الكتابات بحكاية رواها لي المرحوم والدي عندما كنتُ صغيراً.. مفادها أن الشخص الكبير وصاحب الجاه والنُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّفوذ، يحاول الجميع التَّّقرب منه ومصادقته..بل حتى من تربطه به صلة قرابة بعيدة تخص جد جد الجد، يُظهِر نفسه وكأنّه ابن عمه(البدري) اللزم ، بهدف الإستفادة من سلطانه ونفوذه، في حين يتنكَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّر ويتهرَّّّّب ويخجل من أخيه إذا كان فقيراً معدماً، خوفاً من أن يسأله ذات يوم عن حاجة ما. ولما رأى انفعالي ودهشتي مما سمعت، ألحقها بحكاية أخرى، قال اسمع يا بُني: النَّجاح له مئة أب ، ذلك لأن الجميع يدَّعي بأنه صاحب الدَّور البارز في تحقيقه..، أما الفشل فيتيم، الجميع يتهرَّّّّّّّب من الإعتراف بالمسؤولية عن حدوثه .
ولأن محمود درويش شاعر كبير، ابتليَ ( وكان الله في عونه) بأن أصبح "من الواجب" على كل من عرفه أو لم يعرفه، وعلى كل من قرأه أو لم يقرأه، وكل من آمن بطريقه أو من أشاح بوجهه عنه خوفا على وظيفته من هذا الطَّريق،أن يكتب عنه كلاماً الكثير منه "لا يسمن ولا يغني عن جوع "، ولم يتوقَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحت تقام الندوات والمنصًّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّات يتحدَّث فيها كل من ادَّعى أنه على صلة به أو على اطِّّلاع على شعره ، وأنا أستغرب أن كاتباً رفض أن أقرأ قصيدة أهديتها لمحمود درويش في أحد البرامج الإذاعية التي كان يقدِّّّّّّّمها ، وذلك خوفاً على وظيفته من اسم محمود درويش ، يكتب عنه اليوم ،(بعد تقاعده طبعاً) مقالة يشعرك فيها وكأنَّّّه من أقرب المقرَّّّبين إليه ، والأدهى أن كاتباً آخر انسحب من ندوة شعرية أقيمت في بيت الكرمة في حيفا، لأنني أعلنتُ أنني سأقرأ قصيدة وطنية في هذه الأمسية ، ولم تنفع معه شفاعة عريف النَّّّدوة آنذك ، طيَّّّّّّّّّّّب الذِّّّّّّّّّّّّكر الشاعر مؤيد إبراهيم ، فأصرَّ على الإنسحاب لأنه كان مدير احدى المدارس ويخاف على موقعه هذا أن "يطير من بين يديه"، والغريب العجيب أن هذا الكاتب اليوم ، وبعد غياب شاعرنا الكبير ، نراه يُفيد من هذا الغياب ، (فمصائب قوم عند قوم فوائد) والذي تزامن بعد تقاعده ومحاولة تقرُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّبه من المنابر والوطنية.. فأصبح يكتب في الصُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّحف التي كان يخاف أن (يجيب سيرتها) بالأمس ، ويتحدَّث في النَّدوات عن علاقته الحميمة بدرويش بعد أن منعَ توزيع كُتبه على المعلِّّّّّّّّّمين في مدرسته، إلى درجة أن درويش لم يكن يعرف تناول طعام العشاء – كما يقول - إلا بمشاركته له ، وأنا على يقين من أن الصحف التي تنشر له والقيِّمين على النَّدوات الذين يدعونه، لو كانوا يعرفون عنه هذه الأمور لما جعلوه يظهر بمظهر (دلِّّّّّّّّّيلوني ما إلْكو غيري) ولما دعيَ كذلك إلى مثل هذه المنابر والمنصَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّات ، وأعرف أن من تركه بعد التخرج من المدرسة ، لينتسب إلى حزب صهيوني بهدف الحصول على وظيفة معلِّم ، أصبح اليوم ، وبعد أن تقاعد ولم يعد بحاجة إلى ذلك الحزب ، إذ ضمن المعاش ، فأخذ يُظهر نفسه وكأنه أقرب إلى محمود درويش من محمود درويش إلى ذاته !!
والملاحظ أنهم لا يتحدَّّثون عن شعر محمود درويش ، أو عن ابداعه الذي تطوَّّر من خلال المراحل التي مرَّ بها مثلاً ، بل عن أمور لا تهم الجمهور ولا تفيده بشئ ، وسرَّّّني أنني وجدتُ كاتباً كبيرأ، وهو محرر الملحق الثقافي في جريدة "الحياة" ، عبده وازن، يكتب مقالاً حول هذا الكم الهائل من الكتابات التي خصَّّّّّّّّّّّّّّّّت محمود درويش بعد رحيله ، ولكن فاته وفاتني أن نذكر أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل تجاوزه إلى منح جوائز على اسمه، ولولا أن لحق نفسه ، وفزَّّ من مرقده في رام الله وفي اللحظة المناسبه، رافضاً تسمية جائزة اسرائيلية على اسمه،لربَّما مرَّّّّّّّّّّّ هذا الأمر، وذاق "لا سمح الله"، كل ما فيه من علقم .
(سيمون عيلوطي- شاعر بالفصحى وبالعامية، الناصرة).

الخميس، أبريل 30، 2009

سيمون عيلوطي: قراءة في البوح والفوح

د. فاروق مواسي

شعر العامية أو المحكية يفرض نفسه في دنيا العرب، له قراؤه ومحبوه ومجددوه، وله كتّابه ومريدوه.
فهو يرد في لهجة الأم مقابل لغة الأمة. لهجة الأم ( أو لغتها في الألسنيات الحديثة) هي رقراقة أنيسة، فبها نروي النكتة، ونحكي الحكاية، ونضرب المثل، ونطرب، ونغضب، وإلا فإننا نكون في تعبيرنا التلقائي متنطعين متكلفين.
سيمون كتب في زمانه شعرًا فصيحًا مليحًا حتى كان لشعره هوية سيمونية، لكنه آثر التعابير اليومية ليشحنها بالطاقة الشعرية، بالشعر الحقيقي – على رأي المرحوم محمود أمين العالم، وهو يتحدث عن شعر الدارجة.
لنقرأ الدواوين الأربعة التي أصدرها، ولننظر كيف يكون تعريف الشعر في صوره، وكما يعبر عنه:
في الديوان الأول برقوق الجرمق- 1990 (ص7) يقول سيمون:

قالت لي خلي الشاعريه
برقّةِ وْراق الورد
وبلون حبات الندى
تقطر نعومة كلمتك
خليها تتدفق بحب وأمل
مثل النهر
خليها تسري بالبدن
تشكِّل بقلبو عصافير وشجر
خلي الشعر
منسوج بخيوط الفجر
رقراقه تيجو موجــتو
مثل السِّحر
(يسحرنا هَيكو حملتو ) تسحرنا هيكي جملتو
توخدنا ع حدود النجم
تحكينا بشفاف الحلم
وتطول فينا رحلتو
في بهجتو
أما في الديوان الثاني قريب من سما البروه - 1994 ( ص 7 )، فيقول:

افرد جناحك يا شعر
كر بسمانا مثل كرّات الكنار
وانشر عطر

زرِّ الزهر
نسّم علينا
كُون في العتمه نهار
خُدنا ورا حدود السحر
فوق النجم
خلف البحار
نوِّرْنا في نور الفكر
جدِّدْنا وابقى يا شعر
وحدك فنار

وهكذا في الديوان الثاني يكون الشعر فنارًا بضوء الفكر، الأمر الذي لم نجده في الرؤية الأولى حيث "الشعر الشعر"- أو كما سماه بعض النقاد الإنجليز Pure Poetry.

في الديوان الثالث حريق في بحر القصيدة- (1997) نراه أيضا يفتتح الديون بقصيدة " ملاك الشعر" فتتحول الجبيبة إلى شعر ، فنسمعه (ص 5) يقول:
إنتي الشِّعِر لو تِعْرفي كيف الصور
بِتْشع لما تْخَرِّفي ..
نجوم وْقمر ..
ثم تتبدى صورة الشعر عبر قصائد وعن الوطن، وعن الشعراء، وعن التراث- هي الحياة كلها بانفعالاتها وتفاعلاتها.
فإذا عدنا إلى ترتيب مجموعات القصائد في هذا الديوان سنجدها بعد قصيدتين – هما افتتاحية، وموقف- كما يلي:
جنون القصيدة، فرس القصيدة، شهقات القصيدة، صور..، غليان..، ميدان...، حديث...، هموم...، عجايب..، حب...، هدايا...، بداية القصيدة، وفي كل مرة يكون المضاف إليه لفظ "القصيدة". وبالطبع فالمتابع يلاحظ أنها رحلة فارس، ختام مسيرته بداية. وبالتالي فهناك جواهر في العقد منتظمة في السلك الدائري يشكل بِنية العقد، خاتمته بدايته، والحلقة ممتلئة.
وكما كانت القصائد متدرجة منسابة منساقة في نظام، هكذا كانت القصيدة الواحدة سردًا متدرجًا في سياق تصاعدي مشوّق. إنه يحبك الحادثة بحيث تتصل بحياة الناس واهتماماتهم - اتصالاً وثيقًا. لنقرأ:

فرفحت لوجوه ورتاحو العيون
هالطير بلّش
يلعب بعب الزتون
والياسمين زهورو هيك تشوشو تْنَشْوَشو
ع الحيطان
غصونو بديو يعربشو
قلبي صافن
فز تارك مطرحو
ما عاد يعرف ليش
هني بفرحو
(حريق...، ص 42)
ملاحظة أخرى أذكرها هنا، أننا نجد القصة تستمد عناصرها من عناصر الطبيعة، فمن القصيدة التي ذكرتها لاحظتم الطير والزيتون والياسمين والزهور والغصون، ومثل ذلك ما نجده وهو يخاطب شاعرًا (ص 106):

وعندك قصايد حالمه
حلم القرنفل للهوا
وعندك معاني هايمه
هيام الصبية بالغوى
وعندك الكلمة ناعمه
همسات أنعم مِالهوى
زرار الورد يحرقصو
ويحاورو قطر الندى
فكل بيت أو أي سطر تقريبًا لا يخلو من هذه الطبيعة التي دعت الشاعر إلى محرابها. ونموذج آخر نجده وهو يخاطب كاتب هذه الكلمات – واعذروني في ذكر ذلك -، بدءًا من المطلع:

بنعومة النسمه العليله
ورقة الحان القصب

يِسْري في بْحورو الطِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّليقه
يْمَرْجِح بْليلو القمر
وْتَنُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّو يِعْرف شو الحقيقه
أبْدَع بْشِعْرو صور..
هالشاعر المثل الفراشه
من عطره زهر وكَتب
موجات تِتْناغَم دِرايِه
قِصَّّّّّّّّّه، أشعار، وْنَقِد..
أحلام ما إلها نِهايِه
كِلْمِه بِتْفَرْفِح وَرِد
في روضْنا وْبِتْظَل رايِه
إلْنا إبْداعو وَهَب.
(ص 122)

أرأيتم كيف تتغلغل الطبيعة في وجدانه، وكيف أن صميمه يتعلق ويتألق بالطبيعة. أصدقكم أنني أشعر أنه أول من أتحف، وأول من أنصف.
أما الحوار الداخلي ( المونولوج ) فما أكثره، فهو ينثال أسئلة تثير التعجب والانفعال، على نحو:
كيف أخلص حالي من خوفي (ص 82)
وأي سحر عمّال تعطيها (ص 111)
ليش المعاصي ع النفوس معربشه ( ص 114)
وقس على ذلك! أسئلة بعضها بلاغي، وبعضها محاورة ذاتية يقصد الشاعر من ورائها الإثارة أو تمثيل واقعه هو.
القصائد عامة تبدو نابضة بالحياة لها نكهة. هي عصارة أو نسغ يسري في ساق حياتنا كما كتب الأستاذ حنا أبو حنا على غلاف ديوانه الأول.
ورغم أنني طربت وتغنيت بالديوانين الأولين أكثر لرشاقتهما إلا أنني أحسست أكثرت في الديوانين الثالث والرابع بكهرباء الشعرية، ففي الديوان الرابع فيض العطر- 2003 يستهل الشاعر ديوانه بقصيدة (رقِّ الشعر)، إذ يقول :

مشتاق سمّعْها ولو بيتين
من شعِر
عن وجناتها الحلوه،
كنت أكتب بالهوا أشعار
بالكلمه أتحسَّس
مدى المشوار
لما جيتي برعمت أزهار
في شعري..
واندلّيت طريقي منين

نلاحظ في هذه الأبيات عن الشعر أنه الهدي والدليل، ونواكب هنا تدفق الحياة إلى مسالك الجمال. فالشعر يغدو لديه تيارًا نابضًا في الجسد. القصيدة أضحت كائنًا حيًا يقف على قدميه ليستحق الحياة لذاته، فهو جِدي أكثر:

إحنا من هالبقعه
من تراب الشرق
...
منلوكها بتلوكنا ما في فرق

إذن هو الانتماء الذي يطرح رشاقة الصورة الرومانتية بعيدًا، ويتشبث بالبقاء. من هنا وجدنا في الديوان الثالث قصائد عن أريحا وعن القضية الفلسطينية، بتوترهاالذي يوتّرنا. ولعل ما يشفع لذكر هذه الأمكنة أنها أعطت وهجًا وإضاءة في القصيدة، فالشاعر يذكر الناصرة وأريحا وأماكن أخرى ( حريق...ص، 11، 14)
وكذلك القدس العتيقة " ( برقوق الجرمق..ص،146)
ثم نراه يغازل الجرمق (برقوق الجرمق..ص،151) حيث يقول :

لما نوار الوَعِد فتح هوانا
وشافو دمعات الفرح
تكرج على خدودي من عيونَك
من عيوني على خدودَك
شنو الموت
حصر مره
شنق مره
صلب مره
حصد مره
كل نقطِة دم تطلع سنبُله زهره
نعنعه خضرا
تزرع بهالموت روح
تحي عَ خدودك صَبر
نجمِه ... عِطر...
وابقى أنا شمعه .. عشِق
خُصلِة حبق
غنوه ..
دليل ..
ونظل أنا وإنتَ جليل .

بمعنى أنه يقدم ملامح، يضفي هوية، وما أحوجنا إلى ذلك في شعرنا عامة! فهكذا فعل الشاعر الجاهلي إذ قدم الأطلال وذكر الأماكن، حتى أتى السياب ليعرّج على جيكور والخليج وبويب، حتى أتى سيمون في رقته ليحدثنا عن حارات الناصرة بلغة يفهما أبناؤها كلهم. يذكرها لمامًا، ولو بشكل عابر، إلا أن مجرد ذكرها له وقع ونكهة.

وهكذا قبست من نار حريق سيمون، وخضت في لجة واحدة من بحر قصيدته، فغمرني فيض عطره.
وبهذا جمعت بين النار والماء، وهنا فقط نستأذن المتنبي لنقول له: تيسر الأمر يا أبا الطيب، فلماذا تشكو من عدم إمكانية الجمع بين الجّد والفهم؟ أظنك فعلت وجمعت، حتى ولو أنكرت.

السبت، مارس 28، 2009

إحْنا ما كُنَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّا ضََحايا

سيمون عيلوطي

بِالصًّّّّّّّّّّّّّّحرا تُهْنا
تْلوَّنَت فينا النَّّوايا
ذُقْنا وَيْلات الماّسي
- قُلْنا : مِشْ إحْنا الضَّّّحايا
إحْنا مع هَالمَقْهورين ..
وْقِفْنا قُدَّّّّّّّّّّّّّّّّام السَّّّّّّّّّّّّّّّّرايا
بِالحِلِمْ...
رَجَّّّّّّّّّّّّعْنا إشبيلْيا وْقضاها
صُرنا للسِّّّّّّّّّّّّّّّّلْم المرايا
بِالوَهِم ...
مِنطَهِّّّّّّّّر ذْنوب القلوب !!! .
وْللنَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّصِر نِنْسِج حَكايا
***
غَمَّضو عْيون الدٌُّّّّّّّّّّّّّروب
ما عادو عِرْفو الشَّّّّّّّّّّّّّرْق
مِنْ وِجْه الجُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّنوب ،
حَسُّّّّّّّّّّّّّّّّّو السَّّّّّّّّّّّحِق عَ الأرْض
شو ضارِب طُنوب ...
صَلُّّّّو - أبانا -
وَحْدو غَفَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّار الذُّّّنوب
صُبْحانو : بِيْجَرِّّّّّّّّّّّب عَبيدو
بِالحُروب
وِنْ كانو هيكي بُصْبُرو
صًبِر أيُّوب
وِنْ كان قِبْلو بِحِكْمِتو ..
وْلوح الوَصايا ،..،..
- صاروا قُدَّامو عَرايا
إلا إحْنا...
إحْنا مِشْ مِتْل الشُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّعوب
إحْنا ما كُنَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّا ضَحايا ..
إحنا مَ عْمِلْنا خَطايا.. !! .
سيمون عيلوطي : شاعر ومحرر موقع "الموقد" الثقافي /الناصرة
www.mauked.com

mauked-webmaster@mauked.com


الخميس، يناير 22، 2009

أدباء للتَّّّكريم




سيمون عيلوطي

لكل أدب عربي أو عالمي سماته ونكهته الخاصة التي تميِّزه عن غيره من الآداب الأخرى، وهذا الأمر،في رأيي، هو الذي يجعل من المادة الأدبية عالمية بحيث تقدِّم نفسها إلى الثقافة الأخرى من خلال بصمتها وهويَّّّّّتها ووجهها المميَّز الذي يعكس ويصوِّر الملامح والشخوص والقضايا على أنواعها التي تخص هذة الثقافة، (الأدب) دون غيرها ، فأنت حين تقرأ ( الدون الهادئ)، تعرف أنها نابعة من الأرض الروسيَّّّّّّّّّّّّّّة، وحين تقرأ ( أحدب نوتردام )، تعرف أن هذا العمل الأدبي يمثل مرحلة من مراحل فرنسا، وحين تقرأ ( زقاق المدق )، أو ( ثرثرة فوق النيل )، تعرف أنك أمام عمل أدبي مصري صرف .
وإذا أتينا إلى أدبنا الفلسطيني ، نرى أن هذا الأدب هو الذي أسَّّّّّّّّّّّّّّّّس ( أدب المقاومة ) ،وكان أصيلا ومتميِّزا من هذه الناحية ، ومن يقرأ قصائد محمود درويش على سبيل المثال ، يعرف ما أعنيه تماما . هذا في الشعر ، أما في مجال الرواية ، فلا شك أن الأديب الروائي غسان كنفاني صاحب ( عائد إلى حيفا ) مثل بالعمل الروائي المقاوم مرحلة هامة في تاريخ الأدب الفلسطيني ، وكان لها بالغ الأثر على الآداب العربية الأخرى .

أرى أن أدبنا الفلسطيني لم يتوقَّّّّّّف عند ما ذكرته فحسب ، بل تعدَّاه إلى ابتكار فن أدبي جديد لم تعرفه الآداب العالميَّّّّّّّّّّة الأخرى بشكل عام ، وأدبنا الفلسطيني على وجه الخصوص ، وقد برع في تفنّّّّّّّن هذا النوع الجديد من الأدب عدد من الأدباء والكتَّاب ، واستطاعوا خلال فترة زمنيَّة قصيرة أن يشكِّلوا ظاهرة ، أخذنا نحن جمهور الكتَّّّّّّّاب والمهتمِّين ، نلاحظ وجودها على ساحتنا الأدبية ، بل والتَّّّّّّّّّّنافس أحيانا على من سيمثلها ويشارك في نشاطاتها بشكل فعلي .
ويطيب لي أن أسمِّّّّّّّّّّّّّّّّي هذه الظاهرة الأدبية الجديدة (( ظاهرة الأدباء المكرِّّّّّّّّّّّمين )) ، أو إذا شئتم ، (( أدب التَّّّّّّّّّّّّكريم )) بحيث تقام في الشهر الواحد ندوتان تكريميَّتان ، بعض المكرَّمين يستحق ذلك ، وبعضهم توضع حوله علامات استفهام كبيرة وكثيرة ، والملاحظ أن (الأدباء المكرِّمين) تتكرر أسماؤهم في جميع الندوات والمنتديات ، وقد وصل إلى مسامعي أن هؤلاء المكرِّمين هم الذين يلحون على عنوان أدبي لإقامة هذه الندوات التكريمية ، وعلمت ان الذي يزيد من إصرارهم أن هذه الندوات ليست بالمجان ، وأنا إزاء هذا الأمر، أعرب عن قلقي انه في حالة نفاذ مخزون الأدباء بعد تكريمهم جميعا ، هل سيعاودون الكرة ويبدأون التكريم من ( أوَّّّّّّل وجديد ؟؟!!) ، أم يستوردون كتَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّابنا المتواجدين في الخارج والشَّّتات من أجل تكريمهم ؟؟!! ، أم يبتكرون نوعا أدبيَّّّّّّا منفعيَّّّّّا جديدا ؟؟!!. أم ماذا..؟؟؟!!..
****
سيمون عيلوطي: شاعر وكاتب
ومحرر الموقع الثقافي– موقد
www.mauked.com


السبت، نوفمبر 08، 2008

"الموقد" يحاور الكاتبة المثيرة للجدل ميرا جميل

لماذا هذا الاهتمام غير العادي بشخصيتها وكتابتها ؟
الثقافة الفلسطينية في الداخل غير قادرة على العودة إلى مكانتها الريادية في الثقافة العربية عامة، وفي الداخل إشكاليات كبيرة "وهيصة "أدبية غير مفهومة!!
* يجب نسف كل المعوقات الثقافية والاجتماعية والأيديولوجية لفتح الطريق أمام التطور الجديد الأرقى والأجمل والأكثر إنسانية * لم ألمس نشوء جيل جديد قادر على حمل الشعلة التي تركها محمود درويش * دماغنا يعيش تحت تأثير الغرائز والمعجزات .. عكس الفكر الغربي الذي تأسس على المنطق القائل أن " لا شيء يأتي من لا شيء " * الإبداع مستحيل بلا تجربة حياتية وممارسة فكرية شاملة في قضايا المجتمع والناس *
حاورها : سيمون عيلوطي – محرر الموقد الثقافي
ميرا جميل فجرت العديد من القضايا المسكوت عنها في السياسة والأدب والدين على حد سواء، حتى أن إحدى الصحف نشرت افتتاحية وبقلم رئيس تحريرها تناقش فيها بعض طروحات هذه الكاتبة "المشاغبة" وقد اتصل بي بعض الكتاب والمهتمين يستفسرون عن هوية ميرا جميل ، وانتشرت تأويلات مختلفة تقول إنه اسم غير حقيقي لكاتب قد يكون من الكتاب المحليين .
معرفتي بميرا جميل جاءت عن طريق المواد التي ترسلها إلى الموقد كما ترسلها إلى عشرات المواقع .. وقد نشرتُ بعض مقالاتها وامتنعتُ عن نشر البعض الآخر .
ميرا كتبت في مواضيع مختلفة مثيرة . ويبدو أن لها اطلاع واسع على ثقافتنا المحلية، وخاصة ما يدور في الغرف المغلقة، وهو أمر أثار اهتمامي، كما أثار اهتمام نفر من القراء والمثقفين لما تطرحه مقالاتها من مواقف حادة وجريئة ليس لثقافتنا عهدًا بها . الأمر الذي حفزني أن أتوجه إليها ، عبر بريدها الألكتروني بعدد من الأسئلة ، لعلني أنجح بكشف شخصيتها بشكل أفضل للقراء المهتمين بالشخص ، وقد كنت مضطرا لتوجيه المزيد من الأسئلة بعد تلقي أجوبتها الأولى ، ولكن الملاحظ أن ميرا جميل، تصر على أنها ميرا جميل، وليست أي شخص آخر، وترفض كشف المزيد من شخصيتها، بل وتعتبر ذلك مسخرة وتؤكد أن الشخص بقلمه وليس باسمه وصورته .. وأعترف منذ البداية أنني توجهت إليها بأسئلتي ، لكي أكشف أكثر عن عالمها وهمومها ومواقفها، ولكنني بعد أن أنهيت هذه المقابلة تفاجأت أنها فجرت لدي المزيد من الأسئلة التي أرجو أن تتوفر لي الظروف يوما للعودة إليها بحوار جديد .

سؤال- ميرا جميل: أنت كاتبة مثيرة للجدل، عميقة جدا، ومستعدة لنقاش جميع المواضيع دون أن تضعي طابو على القضايا الفكرية والثقافية وكل ما يشغل الواقع العربي من مواضيع..
هل ميرا جميل اسم حقيقي ؟
ما هو عملها ؟.. ومن أين لها كل هذا الاهتمام والمعرفة بما يجري على ساحتنا الأدبية ؟

ميرا – وصل لعلمي أن البعض يبحث عمن تكون ، أو يكون .. ميرا جميل .. واتهم أدباء ذكرت أسماؤهم في مقالاتي بأنهم ميرا .. أحدهم أكاتبه منذ سنة على الأقل ولم نلتق بعد .. ولكني على ثقة أننا سنلتقي إما في قبرص أو في الوطن .. ولكنه موضوع شخصي ليس للصحافة .
ما يدور من مطاردة مخابراتية من بعض المثقفين حول من أكون، هي حالة مضحكة وهزلية وملائمة للمستوى الثقافي المتدني والمأزوم للثقافة العربية داخل فلسطين 48 .
أولا أعتذر من الذين اتهموا زورا بأنهم أنا .. وثانيا شكرا لموقع "الموقد الثقافي" الذي يتيح لي هذه الفرصة للمصارحة ..
لنفرض أني لست ميرا ؟.. هل يتغير مضمون ما أطرحه ؟ هذا هو السؤال الأهم والجوهري. لا تبحثوا عن إنسان متخف في ميرا ، لن تجدوا إلا ميرا جميل ، جليلية تشبعت من هواء الجليل وصلب عودها بحب ترابه . وما زال سحر بلادها منغرسا عميقا في وجدانها .. وكما قال الشاعر المبدع سالم جبران ، في أجمل قصيدة حب فلسطينية للوطن : " كما تحب الأم طفلها المشوها // أحبها حبيبتي بلادي" . وآمل أن لا يتهم جبران أيضا بأنه ميرا جميل !!
أنا من بيت مسلم وعلماني، لم أعان مثل صاحباتي من قيود عائلية حول حرية تصرفاتي .. أو حقي في اختيار شريك حياتي من قومية غير قوميتي ودين غير ديني . لم أجبر على التحول لدين زوجي ولم أدفعة لقبول ديني . نحتفل بكل الأعياد، وأجمل عيد لنا أن نرى ابننا الوحيد يحقق ذاته كطبيب وإنسان ...
ميرا هو أسمي ، جميل هو أسم أبي ، أسم عائلتي ليس واردا ولا أريد أن أسبب إزعاجا لأهلي بسبب بعض مقالاتي عن الدين والإعجاز العلمي في القرآن ، وأسم عائلة زوجي اليوناني لا ضرورة لها .. لا أريد أن يطاردوني حتى بيتي ..
الأدب شدني منذ بداية وعيي ... وما زلت قارئة جيدة للأدب .. وهو ما قادني للتعرف على زوجي اليوناني –عربي اللسان والثقافة . درست الأدب العربي والشرق الأوسط في جامعة حيفا .. ثم تحولت للعلوم الاجتماعية .. لا أعمل في المجال، ولكني على اطلاع لا بأس به على واقع المجتمعات العربية، بفضل أستاذي الدكتور حليم بركات الذي كان محاضرا في جامعة جورج تاون، والذي ترك أثره العميق في تفكيري، عمق رؤيته وبكتابه الشمولي الضخم والرائع " المجتمع العربي في القرن العشرين ".

علم الاجتماع وسع مداركي الثقافية والفكرية، وأعطاني مقاييس معرفية لفهم حركة الحياة والثقافة والمجتمع والبشر
لم أكن في يوم ما بعيدة عن مجريات الثقافة الفلسطينية في فلسطين 48 .. أعرف الأسماء وأتابع إنتاجها وأتابع خلافات الأدباء المضحكة المبكية منذ بداية تشكيل اتحاد الكتاب والانقسامات وموت الاتحادين وثم إنشاء اتحاد أعلى برئاسة الشاعر سميح القاسم الذي احترم نفسه ولم يعد يذكر شيئا عن رئاسته لاتحاد هو عبارة عن اسم بلا كيان بينما البعض يرى الثقافة تزعما ومناصب ولو على حساب جسم مات وشبع تعفنا ..
يؤسفني أن أقول إني لم ألمس نشوء جيل جديد قادر على حمل الشعلة التي تركها محمود درويش. الجيل القديم يحركه وهم العظمة ... ولا أجد أن الثقافة الفلسطينية في الداخل قادرة على العودة إلى مكانتها الريادية في الثقافة العربية عامة . وفي الداخل إشكاليات كبيرة " وهيصة" أدبية غير مفهومة !!

تقولين أنك تعرفين الأسماء وتتابعين إنتاجها وخلافات الأدباء المضحكة المبكية،.. سؤالي هو - هل لك أن تصارحينا بهذه الأسماء ؟


ميرا – لا أريد الدخول بإعطاء علامات .. ليست هذه وظيفتي . ولست ناقدة أدبية لأعطي تقييما موضوعيا ، إنما أتحدث عن رؤية ثقافية عامة .

سؤال – نعم : ولكنك وجهت نقدا حادا للنقد المحلي ... وذكرت أسماء؟

ميرا – انتقدت تيار الصياغات الخلو من النقد، والمليئة بالثرثرة الضارة، ولم أذكر النقاد المحليين .. الذين لي مع بعضهم حساب من نوع آخر.. لتهاونهم مع ظواهر الهبوط الإبداعي وفوضى النشر .. وقد أعود للموضوع فيما بعد

سؤال - هل هذا تأثر من موقف طرحه أديبان محليان وربما أكثر ؟

ميرا- لا علاقة بأحد إطلاقا ، أعتقد أن رأيي تشكل منذ نهاية التسعينات ، اليوم أجد تماثلا مع بعض الطروحات وهي لم تؤثر على مواقفي لأني كنت السباقة إلى رؤيتها.. التماثل لا يعني التأثر . والتأثر ليس عارا بنفس الوقت ..
أعرف وأقرا الكثير مما ينشر في مواقع الانترنت، للأسف الصحافة المطبوعة لا تصلني، أقرأ بعضها على الانترنت .. فإذا كانت صحافتكم بمستوى ما أراه على الشبكة العنكبوتية، فانتم تواجهون أكثر من أزمة ، تواجهون تسطيحا لعقولكم واستهتارا بوعيكم .. الموقف هو وليد تفكير منهجي سليم ورؤية ثقافية واجتماعية لأهمية النقد في صيرورتنا الاجتماعية والإبداعية . لا أنفي أن موقفا ما شدني أكثر من غيره لتعبيره القريب جدا لوجهة نظري، وشدني أيضا بوضوح رؤياه الاجتماعية والسياسية ، وأمتنع عن ذكر الأسماء حتى لا اسبب الإزعاج لأحد ..
التأثر لا يقلل من استقلالية رأيي وقدرتي على المساهمة وتطوير النظرة الثقافية. الثقافة تشكل مجمل رؤى الكون والحياة ودور الإنسان ومعارفه ومفاهيمه وعقائده . انتبهوا لما يقوله المفكر الكبير محمود أمين العالم : " إن لكل إنسان ثقافته التي تتمثل في رؤيته للعالم ، وسلوكه العملي والاجتماعي والوجداني ... وان هدف التثقيف قد يكون نقدا ونقيضا وتغييرا للبنية الثقافية المسيطرة ، من أجل إرساء بنية ثقافية أخرى جديدة مختلفة، وان الثقافة تشمل كل المضامين الفكرية والوجدانية والتذوقية في مختلف مجالات السلوك السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وهي بهذا المعنى جزء من البنية الأيديولوجية الاجتماعية العامة التي هي أكثر شمولا وتجريدا ".
من هنا رؤيتي أن كل المعوقات الثقافية والاجتماعية والأيديولوجية يجب نسفها لفتح الطريق أمام التطور الجديد الأرقى والأجمل والأكثر إنسانية .
ومن هنا انتقادي للحفاظ على الجيف الميتة من تنظيمات وأفكار، والتصرف كالغانيات في الثقافة والنقد ..

سؤال – تبدين في بعض كتاباتك كأنك لا تميزين بين الدين كمادة دينية وبين الأصولية ؟ هل يختلط الأمر عليك في هذا الموضوع ؟

ميرا – الصحابي أبو حيان التوحيدي كان يقظا منذ مطلع الإسلام للتحولات السلبية،وقد قال بوضوح : "الشريعة دُنّست بالجهالات واختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة، وذلك لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية".
المجتمع العربي يعيش بحنين إلى الماضي دون أن يستوعب كيف كان ذلك الماضي .. وهل هو مستعد للعودة 17 قرنا إلى الوراء مع كل ما يترتب على ذلك ؟
إن عبادة الماضي صارت دينا جديدا ألحق بنا. وبدل أن نستعمل العقل لاكتشاف قوانين الطبيعة، وتطوير التكنولوجيات والصناعة والزراعة والمرافق الحياتية والتأمينات الاجتماعية والصحية والقضاء على الأمية والتعليم والرفاه الاجتماعي، يغرق عقلنا بأوهام الإعجاز العلمي الذي لن يفيدنا ببناء مستقبلنا بل يزيدنا غرقا بالماضي والانغلاق العقلي عن الحاضر.. وعن مسيرة العلوم الإنسانية .
يقول المفكر التونسي الكبير العفيف الأخضر : "ثقافتنا ثقافة نص ديني يفترض التسليم بالمعجزة بما هي إلغاء لقوانين العقل وقوانين الطبيعة. ومنذ القرن 12م لم تعد غير معقولة وحسب بل سادها العداء المناض للعقل " . هذا هو باختصار ملخَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّص نقاشي لهذا الموضوع.

سؤال - نعود إلى الأدب والكتابة .. أين كنت كل هذه المدة ، ولماذا لم تحملي القلم وتنشري إلا في الفترة الأخيرة ؟

ميرا- كنت أما وربة بيت بوظيفة كاملة ، وما زلت ، ولكن وقتي أكثر فراغا ... وما زلت قارئة وباحثة نهمة ومتابعة لكل الأحداث السياسية والثقافية والفكرية والدينية والفلسفية في مجتمعي العربي ، وخاصة داخل حدود ال 48. أعمل مراسلة جزئية لبعض وسائل الإعلام اليونانية والقبرصية حول قضايا العالم العربي والشرق الأوسط .. وكنت دائما متحمسة للكتابة بلغتي الأم .. ولكنني مترددة وخائفة من المواجهة ومن الفشل .. وما أثرته من اهتمام أبسطني ولكنه أثار مخاوفي في نفس الوقت ، هل أنا قادرة على المواصلة بنفس المستوى ؟

سؤال – مقلاتك تثير الكثير من علامات الاستفهام ، طبعا وغضب البعض .. وتضع الكثير من علامات الاستفهام حول شخصيتك . هل لك عداوة شخصية مع الذين تنتقدينهم ؟

ميرا – إطلاقا .. الدكتور بطرس دلة معلم رائع كما أعرف .. وأحترم تاريخه التعليمي ، ولكنه أدخل نفسه في مجال يفتقد فيه لكل الأدوات والقدرة على فهم حقيقة الإبداع ، ومركباته . لذلك كتاباته بلا معنى ، ولا أقول ذلك تهجما ، بل إقرارا بواقع أكون بلا ضمير إذا قلت غيره . ويؤلمني أن من يعتبرون أنفسهم نقادا ومبدعين يصمتون أمام الألعاب النقدية للدكتور بطرس دلة. من جهة أخرى أقدر اهتمامه بالأدب وحرصه على متابعة الإنتاج .. ولكن بين النقد ، وبين المتابعة مساحة هائلة جدا تحتاج إلى أكثر من الرغبة الذاتية والحب الذي لا يعرف حدودا للمبدعين .
لست معادية لمحمد علي طه .. أعرفه معرفة جيدة من صحيفة الإتحاد بعد أن أنضم للحزب الشيوعي في إسرائيل . . ومن مؤتمر الشباب الذي عقد في كوبا ، التقينا مرات كثيرة في المؤتمر ، وفي احد اللقاءات شارك كما أذكر الكاتب اللبناني الكبير الياس خوري ، ولكني أرفض التمسك بجيفة ميتة ( اتحاد الكتاب ) والادعاء الفارغ برئاسة اتحاد كتاب وهمي ضرره على ثقافة الداخل كبيرة ومؤذية .. أنا أعرف من هو محمد علي طه منذ كان ينشر في الأنباء الحكومية وهاجم صحيفة "الاتحاد" لنشرها إحدى قصص مجموعته الأولى احتراما له ولقلمه .. هذا جانب سلبي لم أنسه ، ولكن هناك جانب ايجابي ، إذ كان لفترة قصيرة معلما لابني في اورثوذكسية حيفا ، وما زلت أذكر تحليله لكتاب "عرس بغل" للطلاب ، وكان ابني منهم لفترة قصيرة ، وقد تحمست وقرأت الرواية فشدني عالم الطيب صالح وقرأت كل أعماله .. والفضل يعود للأستاذ محمد علي طه طبعا . لماذا يقبلون المديح ولا يقبلون النقد مثلا ؟!

سؤال – ما هو موقفك من بعض الكتاب الذين يخلطون ما بين السياسة والأدب لتحقيق مكاسب شخصية ، ورأيك في هذه الظاهرة ؟

ميرا – هناك فهم خاطئ للسياسة .. يقود إلى موقف سلبي من السياسة ، التهمة أوجهها للسياسيين وليس للسياسة. السياسة فن وعلم وتجربة وتطوير للقدرات والمعارف . الادعاء أني أديب ولا تهمني السياسة تعني أني لا شيء .. واني مجرد ثرثار بلا معرفة ولا خبرة حياتية . الإبداع مستحيل بلا تجربة حياتية وممارسة فكرية شاملة في قضايا المجتمع والناس .. وقراءة الأدب لوحده لا تصنع مبدعا كبيرا . الأديب الحقيقي هو إنسان موسوعي في قراءاته وتجاربه ..
حقا انأ لست مبدعة، ولم أفكر بكتابة نص أدبي .. ولكني قارئة مواظبة وعلى اطلاع على كل ما يشغل عالمنا من فكر وتطورات .. ولي اهتماماتي الكبيرة بما يجري داخل مناطق ال 48 خاصة، وبالمجتمعات العربية عامة ..

سؤال – بماذا ميرا مشغولة الآن ؟

ميرا – لا شيء خاص يشغلني .. أقرأ كتابا رائعا لمعروف الرصافي عن الشخصية المحمدية . حصلت عليه من عراقي لاجئ التقيته في قبرص، مقابل حاسوبي المتنقل ، زوجي يعتقد أني خرجت خاسرة ، ولكن عندما يقرا هذا الكتاب النادر سيقتنع أني الرابحة في الصفقة ... على كل كان حاسوبا من الجيل القديم وحان الوقت لشيء أكثر تطورا .. ووصلتني عدة أعمال جديدة لأدباء عرب ، منها رواية "شيكاغو" لعلاء الأسواني ورواية " كأنها نائمة " لإلياس خوري .. ويشغلني منذ فترة الفيلسوف كارل بوبر ببحثه العظيم عن المجتمع المفتوح وأعدائه بالانكليزية طبعا : ( THE OPEN SOCIETY AND ITS ENEMIES ) هذا عدا الانترنت ومتابعة أخبار الوطن والأهل وواجباتي المنزلية التي لا بد منها ، ومساعدة زوجي ببعض أعماله المكتبية ... وتشدني بالطبع الرغبة في الكتابة والمساهمة في المعترك الفكري ، وآمل أن تنتهي التأويلات المضحكة حول من أكون ، وان يتعاملوا معي في وطني كما يتعاملون معي في الوطن العربي ، باحترام لقلمي وطروحاتي .

سؤال- بودك أن تضيفي شيًا ؟.

ميرا – أرجو أن يقوم حقا اتحاد للكتاب والصحفيين .. أن ينتخب مؤسساته وأن ينشط ثقافيا .. وأن لا يبقى مغلقا على اسم رئيسه ، كلقب يسبقه اسمه !!
وبالطبع آمل أن تتغير حال الثقافة في فلسطين 48 إلى الأفضل .. وهذا يقتضي جهودا من نقاد جادين ... ومن مختلف الهيئات العربية في الداخل . والأمنية الكبرى أن ينجز شعبي الفلسطيني حلمه الوطني بدحر الاحتلال الصهيوني وبناء دولته المستقلة ...


الأربعاء، أكتوبر 15، 2008

تهالك ثقافي "وخربشات" نقديَّة

سيمون عيلوطي

في ظلِّ غياب المحرِّّّرين الأدبيِّّّّّّّّّّّّين في صحفنا المحلَّّية، أصبحت تعم هذه الصًّحافة كتابات "أدبيَّة"الكثير منها لا يصلح أن يكون حبوًا نحو طريق الأدب، وأحد أسباب جعل هذه الحالة تنتشر "وبهذا الشكل الفوضوي" هو غياب النَّّّّّّّّّّّقد الموضوعي والموجِّه ، حتى أن الكتَّّّّّّّّاب المعروفين، وكذلك الذين اشتدَّ عودهم، وأخذوا يكتبون مادَّة أدبيَّة مقبولة تتوفر فيها العناصر الفنيَّة المطلوبة والصَّالحة للنشر، صار الكثير منهم يتردَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّد بنشر نتاجه الأدبي بين هذا الكم الهابط من "الأدب"، وإن الصحف التي تحترم نفسها تأتي بمحرِّر أدبي يعرف أصول أنواع الآداب المختلفة، فإذا أتته قصيدة مكسٍّّّّّّّّّّّّّّرة الأوزان يعرف أنها مكسَّرة، وإذا أتته قصًّّّّّّّّّة فيها خلط ما بين القصَّة والصًّّورة القلميِّة ، يعرف كيف يتعامل مع مثل هذا النِّتاج . أما عن الخربشات الأدبيَّة التي تدَّعي الحداثة، فحدِّّّّّّث ولا حرج.

أرى أن صحافتنا الأدبيَّة بدأت تتهاوى منذ أن توقَّفت مجلَّّّّّّّّّّة "الجديد" عن الصًّّّّدور، وغاب عن جريدة "الإتِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّحاد" ملحقها الثقافي الأدبي الذي كان له دور بارز في تثقيف أجيال وأجيال، وأذكر أن المحرِّرين الأدبيِّين الذين أداروا الجديد والإتِّحاد كانوا يتَّصلون بالكاتب ويناقشونه حول مادته الأدبيَّة التي أرسلها للنشر، وبعد أن يأخذ الكاتب بالملاحظات أو يقنع المحرِّر برأيه الآخر، تنشر المادة، وكثيرًا ما تترك صدى طيِّّّّّّّّّّّبًا في نفوس القراء، والذي زاد الطِّين بلَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّة ذلك العدد الكبير من الصَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّحافة "البلاشيَّة" المعتمدة على الإعلان والتي يهمًّّّّّّّّّها أوَّلاً وفوق كل اعتبار الرِّبح السَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّريع، فأخذت تنشر ما هبَّّّّّ ودبَّّّ من قصَّة وشعر ومقالة أدبيَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّة مليئة بالأخطاء النَّحويَّّّّة واللغويَّة والتراكيب العجيبة الغريبة، الأقرب إلى الفارسيَّة والتركيَّّّّّّّّّّّة، وبشكل غير مباشر شكَّلَ كتَّّاب هذه الصَّّحافة، ومعظمهم من الشَّباب، ظاهرة ذات صوت عال أضاع في ضجيجه صدى الأصوات الرَّصينة ،فتشابكت الألوان وغاصت حركتنا الأدبية في فوضى عارمة .

إن مثل هذه الفوضى، بل هذا التَّّّّّّّسيب المنتشر في صحافتنا المحليَّة يدعو الكتَّاب والأدباء الجدِّيين والمسؤولين تجاه الكلمة والأدب، أن يأخذوا دورهم في الحياة الأدبيَّّّّّّّّّة وأن يؤسِّسوا جسمًا أدبيا لعلَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّه يحد من ظاهرة الفوضى التي أفرزت حالة مائعة.. متهالكة كان من نتائجها بالإضافة إلى ما تقدَّم، أن أصبح كل من يعرف صياغة جملة، يكتب مقالاَ نقديَّا حول كتاب ما، وتحدِّد تقييمه للكتاب علاقته الشَّخصية بالكاتب، فتراه مادحًا أو قادحًا.

عندما أقول هذا، آخذ بعين الإعتبار الدِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّراسات النَّقدية التي صدرت لبعض أدبائنا الذين يتعاملون مع النَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّقد ، والتي غابت عن معظمها المنهجيَّة العلميَّة ، والإيديولوجية الفكرية ، والفهم الحقيقي لماهيَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّة فن المادة الأدبية التي يضعونها تحت مشرحة النَّقد ، إذ كيف يمكن "لناقد" مهما بلغت سعة ثقافته أن يعرف في القصَّّة والرِّّّّّّّّّّّّّّّواية والقصيدة والمسرحية في حين أن العالم اليوم أخذ يتَّّّجه نحو التخصًّصات في النَّقد الأدبي ، وهذا التَّّّّّّخصص هو الذي جعل النَّقد نقدًا له دوره ومكانته .

مَن ينظر إلى مشهدنا الثقافي لا بدَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ أن يرى العديد من الظَّواهر التي نمت وترعرعت في ظلِّ هذا المناخ المتسيِّّّّب والذي يسمح مثلاَ بإقامة ندوة إحتفائية بصدور كتاب يشارك فيها عدد كبير من المدعوِّين الذين لم يحصلوا على نسخة من الكتاب بعد، فيتحوَّّّّّّّّّل الاحتفاء بالشَّّخص وليس بعمله الأدبي ، ونجد أن هناك من يُجيد "فن" التحدُّث في هذه المناسبات حتى بلغ به الأمر أن صار يتابعها بمقالات نقديَّة ، فما أن يصدر كتاب حتى يكتب عنه مقالة "نقديَّة"، ومن كثرة ما يكتب وينشر، ينسى ، فتراه يتحفَّظ حينًا من ظاهرة أو صياغة في كتاب ما، ثمَّ سرعان ما يمتدح نفس الظَّاهرة أو الصِّّّّّّياغة في كتاب آخر.ولأن الكتابة عند هذا "الناقد" هي الهدف دون أن يكون لها رسالة أدبية ثقافية، يلجأ كثيرًا إلى المدح الذي يخلِّصه من ردِّ الأديب الذي يتناول إصداره "بالنَّقد"، باعتبار أن الأدباء يحبُّّّون المدح ، ناهيك عن أن الكثير من مراجعاته تأتي بعد صدور الكتاب بيوم واحد، فيكون النقد في واد والكتاب في واد آخر. ولكي لا أتجنَّى عليه أذكر أنني كنتُ شاهدًا على أحد أصدقائي الكتَّاب، أهداه ثلاثة كتب، وبعد يوم واحد فوجئتُ بمقالات منشورة في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية عن هذه الكتب، وهذه المقالات ليست أكثر من كلام للإستهلاك قائمة بالتأكيد على قراءته لتذييل الكتب، والذي يساعد على انتشار هذا النَّّّاقد بعض الكتَّاب الذين يمتدحهم، فنراهم يرسلون مقالاته إلى مختلف الصحف والمواقع الالكترونية.. فهذا يُحيك وذاك يُسوِّق.

والمضحك المبكي أنه نشر في الصحف خبرًا عن ندوة أدبيَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّة مفصِّلا برنامجها والمتحدِّّّّّّّثين فيها ثم نشر كلمته التي كان من المفروض أن يُلقيها ، ولأنه اعتذر مسبقُا عن الحضور، لم يعرف أن الندوة أجِّلت إلى أجل غير مسمَّى.. وفي اليوم التالي قرأنا الخبر والكلمة وكأن كل شيء تمَّ بالفعل.

إن عدم حضوره لهذه الندوة أمر غير طبيعي لأنه دائم الحضور في الندوات ، ودائم الظُّّّّّهور على المنصَّات ، حتى لو لم يُدرج اسمه في برنامج النَّّّّدوة، نراه يُصر على أن يقول كلمته، يتحدَّث كثيرًا ولا يقول شيئًا.. وإن قال تصبح عنده نازك الملائكة مؤسسة لقصيدة النَّثر، مع العلم أنَّّّّّها لم تكتب شطرة شعريَّة واحدة غير موزونة، بل كتبت قصيدة التَّفعيلة. وناقدنا لا يُميِّّّّّّّّّز بين الزَّّّّّّّّّّّّّّّّّّجل وبين الشعر العامي ، ونحن لا نستطيع أن نقول إن ما يكتبه أحمد فؤاد نجم أو ميشيل طراد زجل بل قصائد عاميَّة تدخل الشعر من الباب الواسع .

هنا يجب أن أطرح سؤالا يلحُّّّّّّّّّّّ عليّ ، هذا الوضع الفوضوي والمتسيِّب بمسؤوليَّة من؟؟.

هل الصحافة؟.

أم غياب الكتَّاب ؟ أم النَّقد؟.

أم غياب جسم أدبي مسؤول وموجِّّّّّّّه؟.

أم غياب المناهج التدريسية المثقِّفة؟.

أرى أنها مسؤوليَّة عامَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّة شاملة .. وإذا أخذ كل جسم دوره الصَّحيح، يبدأ الاتجاه في التَّّّّّّّّّّّّّّغيير نحو الأفضل.

سيمون عيلوطي – شاعر وكاتب ومحرر موقع "الموقد الثقافي" – الناصرة

الجمعة، أكتوبر 10، 2008

مكانك عد

سيمون عيلوطي

كانت برامجنا الثقافية من مسرح وغناء وموسيقى وندوات أدبية ، ألخ تعاني من عدم إقبال الجمهور عليها ، وتقتصرعلى المهتمين والمعنيين ، وكنت أرى أن أحد أسباب ذلك يعود إلى عدم وجود وكالة أنباء تعنى بالآداب والفنون لترويج هذه الفعاليات ، واليوم في عصر الإنترنت ، أصبح مطلوباً وضرورياً الترويج إعلامياً للنشاطات والبرامج الفنية – الثقافية على أنواعها ، وأقيمت لهذا الغرض وكالات تسويق تستخدم مختلف الوسائل الحديثة ، مثل : إرسال برقيَّات إعلانية بواسطة الهاتف النقال ، وعبر البريد الألكتروني ، وملصقات تلصق على الحافلات وعلى بعض المواد الإستهلاكية في"السوبر ماركت" ، بالإضافة إلى النشر في الوسائل التقليدية التي نعرفها، والمسوَّقون متخصِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّصون كل في مجال..فمن يتخصَّّّّّّّّّّّّّّص في المسرح يعرف ماذا يجب أن يقول وكيف يروِّج لهذه المسرحية أو تلك ... وهكذا..، ونراهم لا يبخلون في شكل وطريقة عرض المادة الإعلانية من النواحي الفنية والمادية ، ووجدوا أن طريقة هذا التوجُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّه مثمرة إلى درجة أن إقبال الجمهور على مختلف الفعاليات الفنية، وكذلك على اقتناء الكتب "المروَّج لها" تضاعف عشرات المرَّات ، وعاد بالفائدة المرجوَّّّّّّّة .
وكم سررت عندما أقيمت عندنا وكالة أنباء للشؤون الفنية والثقافية علَّها تسير في الإتَّجاه الذي سارت عليه شبيهاتها في العالم العربي ، ولكن ، ومن خلال متابعتي لعمل هذه الوكالة ، وطريقة عرضها وتسويقها ، وجدت أنها تعاني من عدَّّّّّّّة نواقص ، أهمها غياب التخصص في المادة الفنية المنوي تسويقها ، ثم المبالغة والتضخيم والتهويل "لديسك" غنائي مثلاً ، ما زال صاحبة يحبو نحو عالم الغناء ، وما زال "ينشَّّّّّّّّز" ويتلعثم إن صحَّ التَّّّّّّّّّّّّّّّعبير في دوزنة العود ، فتجعله يقف إلى جانب كبار المطربين والموسيقيين في العالم العربي ، وأحياناً تشعرك بأنه أكبر من عبد الوهاب ووديع الصافي ، وهذا ينطبق أيضاً على تسويق هذه الوكالة للمسرح وغيره .

نعلم أن الفرق الفنية والمسارح التي تروج لها "وكالتنا" تتلقَّى دعماً سخياً من وزارة الثقافة والرياضة والفنون، وبعضها يتلقَّى دعماً من الإتحاد الأوروبي ، وإذا كانت وكالة الأنباء هذه تتقاضى أجراً مقابل عملها ، وهذا حقها الطبيعي ، من حقِّنا أن نتساءل هنا : لماذا تتم صياغة الإعلان بطريقة خبر ..؟ وليس بطريقة إعلان مدفوع الأجر ؟؟! . وإذا كانت هذه الوكالة تقوم بعملها تطوُّّّّّّّّّّّّّّّّّعاً ، يجب أن تعمل على أن تتقاضى أجراً وتدفع ما يلزم من أجل النشر ، حينها تتمكَّن من أن تأتي بمتخصِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّصين ويصبح عملها مهنيَّّّّّا قادراً على جذب الجمهور .. بعيداً عن المبالغات التي تسئ في كل الإتِّجاهات، وهذا ما لا نريد، وبدون أن يتحقَّق ذلك يبقى وضعنا الفني الثقافي، من حيث الإقبال الجماهيري .. مكانك عُدْ .

الناصرة