رشا أرنست
عبثاً باقول واقرأ في صورة عبث، ماتلمش حد إن ابتسم أو عبث. في ناس تقول الهزل يطلع جدّ، وناس تقول الجدّ يطلع عبث، عجبي. كلمات صلاح جاهين انسب تعليق من وجهة نظري على الدراما التلفزيونية الرمضانية، التي انتهت أخيراً. وكانت اغلبها عبث يعبر للأسف عن الأحوال الحقيقية التي يمر بها المجتمع المصري في هذه الفترة الفوضوية. جاءت بعض النهايات متوقعة مثل في أيد أمينة، قصة الأمس، قلب ميت وبعضها جاء بشيء من الاختلاف أو بشيء غير متوقع قليلاً مثل هيمه وبعد الفراق. عمار يا مصر وخراب يا حياة ولادنا جاءت ضمن كلمات أغنية معبرة عن حال المصريين في هذه الأيام بالحلقة الأخيرة من مسلسل هيمه بطولة احمد رزق، وعنوان المسلسل هو اسم البطل غير أن العنوان الآخر جاء أكثر تعبيراً وهو أيام الضحك والدموع. أيام الضحك التي غابت عن وجوه المصريين وسط زحام الهموم، وأيام الدموع الرافضة أن تمضي ولو قليلا. وكأننا في سباق للدموع.
عمار يا مصر بتاريخك وحضارتك وانتصار أكتوبر الذي توقفنا عنده ولم نفعل أكثر منه غير معمار ينهار يوماً بعد يوم على رؤوسنا، وانفتاح يضعنا تحت أقدام الأقوياء في هذا الزمن. خراب يا حياتنا وإحنا محنيين على لقمة العيش التي أصبحنا نحصل عليها بدمائنا. وبدّل أن كانت دماء الشهداء ثمن ارض ووطن، أصبحت ثمن رغيف العيش أو دفاع عن الشرف. كل شيء تغير بعد النصر، كل شيء زاد سعره وقلت قيمته. إلا الإنسان زاد عدده وقل سعره وقيمته.
بعض المسلسلات جاءت واقعية معبرة عن مرارة أيامنا وأحوالنا التي غاصت في بحر من الفساد. فساد بدايته مجهولة واستمراره معلوم لكنه استطاع أن يسيطر حتى على بعض الشرفاء رغماً عنهم. فحوّل رجل الأعمال القاتل أو المحتكر إلى مظلوم والموظف البسيط إلى مرتشي. حوّل الإعلاميين إلى منافقين، والمجتمع إلى إرهابيين. حوّل الغني إلى قنوع والفقير إلى طامع ومتعصب. الكل أصبح ضمن نظرية المؤامرة ولا تعرف من الجاني ومن المجني عليه في داخلها، لكن النتيجة أن المجتمع كله أصبح فاسد. وتزينت مصر بسور من حديد وكأنها سجن كبير وكأننا كلنا نحتاج إلى تأديب وتهذيب وإصلاح مع فرق أن بعضنا سجانون والبعض الآخر مساجين.
أحقاً علي كلا منا أن يحفر قبره إذا أراد أن يدافع عن حقاً له كما جاء في مسلسل هيمه؟ أم على الموظف البسيط رب الأسرة أن يسرق أو يرتشي إذا أراد أن يعول عائلته بعد أن فقد عمله مجبراً كما حدث في شرف فتح الباب؟ أم النتيجة النهائية لحياة المصريون موت بلا كرامة كما حدث تحت أنقاض المقطم؟ أسئلة تطرح نفسها على ساحة الشرّ الذي تجزر في أرضك يا مصر. طوفان من الفساد في كل اتجاه ولا احد يدري موعد دوره من الغرق. جاهين قالها زمان: نوح راح لحاله والطوفان استمر، مركبنا تايهه لسه مش لاقيه بر. آه من الطوفان وآهين يا بر الآمان، أزاي تبان والدنيا مليانة شرّ. وعجبي. فمتى سنصل إلى برّ الآمان من جديد داخلك يا مصر!!!
إظهار الرسائل ذات التسميات رشا ارنست. إظهار كافة الرسائل
إظهار الرسائل ذات التسميات رشا ارنست. إظهار كافة الرسائل
الجمعة، أكتوبر 10، 2008
عمار يا مصر وخراب يا حياتنا
Labels:
رشا ارنست
الخميس، مايو 03، 2007
بشر متساوون
رشا ارنست
ننسى الماضي و نجهل الحاضر
و لا نهتم
تتوه الذكرى و تــُفـقـد الكلمة
و لا نهتم
تسود الفوضى تــُشوه الحكمة
و لا نهتم
أمواج محصورة
أشرعة مكسورة
فضاء مزدحم من الأجساد الملونة
دروب أرضها حمراء
و دروب أعماقها سوداء
و داخل الأجساد نفوس تطلب
رحمة السماء
حصار عقول .. صراخ قلوب
أنفاس مختنقة .. قلوب منتحرة
طيور تهاجر بين أوطان و أوطان
و نحن بلا وطن لا نجوز
نــُضرب أو نــَضرب لكن لا نسقط
نــُقتل أو نــَقتل لكن لا نموت
نــُدفن أو نــَدفن لكن لا تأكلنا القبور
قـلـنـا أو لم نـَقـل فالمحاولـة مستمرة
حتى نكون أو لا نكون
بشراً متساوون
Labels:
رشا ارنست
الثلاثاء، أبريل 03، 2007
طريق الجلجثة .. ألـم و رجاء
رشا ارنست ، مصر
كثيراً ما نتوقف عند كلمة الألم و معناه في حياتنا البشرية . فهل الألم بحياة الإنسان فرض ؟ و السؤال الأصعب الذي يُصيب الإنسان بالحيرة هو لماذا يسمح الله بالألم ؟ و أحياناً تكتمل الثلاثية و يكون السؤال الثالث لماذا أنا مَن يتألم ؟ يقول القديس توما الكمبيسي في كتاب " الإقتداء بالمسيح " : انه يستحيل على الإنسان أن يعيش بلا محنه ، لا بشر بلا محنه أو شدة " . و بحياتنا اليومية نُشاهد أشكال عديدة للألم ، فالألم لم يقتصر على الألم الجسدي فقط و إنما هناك أنواع للألم ( الألم الايجابي ، الألم السلبي ، الألم الوجودي ، الألم الإنساني ، الألم الفلسفي ، الألم الرومانسي ) و جميعها تصنّف تحت عنوان الألم حسب علم النفس و لا نستطيع أن نحدد ما إذا كان بينهم ألم أشد من الآخر . و لكن مفهوم الألم الذي ارغب في الحديث عنه الآن هو في مفهومه الإيجابي السير على طريق الجلجثة ، طريق الخلاص ، من أجل تحقيق إنسانية الإنسان .
و نحن الآن في زمن الصوم الأربعيني المقدس استعداداً للاحتفال بقيامة يسوع المسيح الفادي يجعلنا الصوم نُعطي لأنفسنا ليس البكاء على مَن ضحى بنفسه من أجلنا و لكن وقتاً للتعمق و الصلاة التي تمنحنا دائماً فرصة لمعرفة كم أحبنا الله و قدم لنا ابنه ذبيحة مقدسة .
كثيراً ما نتوقف عند كلمة الألم و معناه في حياتنا البشرية . فهل الألم بحياة الإنسان فرض ؟ و السؤال الأصعب الذي يُصيب الإنسان بالحيرة هو لماذا يسمح الله بالألم ؟ و أحياناً تكتمل الثلاثية و يكون السؤال الثالث لماذا أنا مَن يتألم ؟ يقول القديس توما الكمبيسي في كتاب " الإقتداء بالمسيح " : انه يستحيل على الإنسان أن يعيش بلا محنه ، لا بشر بلا محنه أو شدة " . و بحياتنا اليومية نُشاهد أشكال عديدة للألم ، فالألم لم يقتصر على الألم الجسدي فقط و إنما هناك أنواع للألم ( الألم الايجابي ، الألم السلبي ، الألم الوجودي ، الألم الإنساني ، الألم الفلسفي ، الألم الرومانسي ) و جميعها تصنّف تحت عنوان الألم حسب علم النفس و لا نستطيع أن نحدد ما إذا كان بينهم ألم أشد من الآخر . و لكن مفهوم الألم الذي ارغب في الحديث عنه الآن هو في مفهومه الإيجابي السير على طريق الجلجثة ، طريق الخلاص ، من أجل تحقيق إنسانية الإنسان .
و نحن الآن في زمن الصوم الأربعيني المقدس استعداداً للاحتفال بقيامة يسوع المسيح الفادي يجعلنا الصوم نُعطي لأنفسنا ليس البكاء على مَن ضحى بنفسه من أجلنا و لكن وقتاً للتعمق و الصلاة التي تمنحنا دائماً فرصة لمعرفة كم أحبنا الله و قدم لنا ابنه ذبيحة مقدسة .
ذبيحة قُدمت لنا من أكثر من ألفي عام و لكنها ذبيحة حية كل يوم على مذابحنا و بقلوبنا .
أتذكر عندما شاهدتُ فيلم الآلام المسيح لميل جبسون منذ ثلاث سنوات تقريباً أنني أصبتُ بحالة من الحزن الشديد ، ربما لستُ وحدي و إنما كل مَن شاهد الفيلم بكل تجسيده للآلام المسيح التي تحملها بداية من محاكمته كمجرم و حتى دفنه بالقبر . و لكن هذا الحزن لم يكن فقط على ما رأيناه من بشاعة التعذيب التي تعرض لها المسيح و إنما حزناً على أننا نسبب له الآلام حتى الآن .
الجلجثة طريق طويل أوله بأورشليم و آخره في قلب كل إنسان على الأرض . ضعفنا البشري يسمح كل يوم لنا و للآخرين أن نسير هذا الطريق . مِنا مَن يحمل هو الصليب و يكون مُعيناً ليسوع الناصري ، و مِنا مَن يكون بيلاطس الذي حكم بالموت و هو يعلم ببراءة متهمه خوفاً على نفسه و سلطته و كبرياؤه . و منا من يكون الجندي الذي يستلذ بإمساك السوط بيده و إنزاله مرات و مرات على أجساد حاملين الصليب المقدس .
أرى المشهد أمامي و الأكيد انه مشهد أمامنا جميعاً فلستُ وحدي مَن يرى عذابات الناس اليومية بحياتنا . فصور الألم تتجسد أمامنا بشكل مباشر أو غير مباشر في كل مكان ، إن لم نكن نحن أيضاً من المتألمين . الألم أضحى جرعة أساسية للإنسان في يومه العادي .
أتذكر عندما شاهدتُ فيلم الآلام المسيح لميل جبسون منذ ثلاث سنوات تقريباً أنني أصبتُ بحالة من الحزن الشديد ، ربما لستُ وحدي و إنما كل مَن شاهد الفيلم بكل تجسيده للآلام المسيح التي تحملها بداية من محاكمته كمجرم و حتى دفنه بالقبر . و لكن هذا الحزن لم يكن فقط على ما رأيناه من بشاعة التعذيب التي تعرض لها المسيح و إنما حزناً على أننا نسبب له الآلام حتى الآن .
الجلجثة طريق طويل أوله بأورشليم و آخره في قلب كل إنسان على الأرض . ضعفنا البشري يسمح كل يوم لنا و للآخرين أن نسير هذا الطريق . مِنا مَن يحمل هو الصليب و يكون مُعيناً ليسوع الناصري ، و مِنا مَن يكون بيلاطس الذي حكم بالموت و هو يعلم ببراءة متهمه خوفاً على نفسه و سلطته و كبرياؤه . و منا من يكون الجندي الذي يستلذ بإمساك السوط بيده و إنزاله مرات و مرات على أجساد حاملين الصليب المقدس .
أرى المشهد أمامي و الأكيد انه مشهد أمامنا جميعاً فلستُ وحدي مَن يرى عذابات الناس اليومية بحياتنا . فصور الألم تتجسد أمامنا بشكل مباشر أو غير مباشر في كل مكان ، إن لم نكن نحن أيضاً من المتألمين . الألم أضحى جرعة أساسية للإنسان في يومه العادي .
إما أن يكون جسديا ( كالأمراض ، الإعاقات المختلفة ) أو يكون نفسي ( الشعور بالرفض – الشعور بعدم الحب – الشعور بالضعف – الشعور بالانكسار أو الهزيمة ، انعدام الآمان ، ...... ) و هذا الألم بالتحديد ما انتشر بشكل مستفحل فينا بسبب أنانية الإنسان ( حروب ، صراعات يومية ، فقر ، جهل ، ديكتاتورية ، ...... ) و لكن مشهد طريق الجلجثة لم يكن فقط بأبطاله التي ذكرتها و إنما هناك شخصان أساسيان دائما و أبدا هما يسيران على الطريق معنا: الشخص الأول هو المخلص يسوع الذي يحمل الصليب كل يوم معنا ، يتألم فينا و بنا . يسوع المسيح الذي نغرس بأنانيتنا شوكة بجبينه كل حين .
و على الرغم من كل هذا مازال يصرخ بأعلى صوته " يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يغفلون " ..... أما زلنا لا نعلم ماذا نفعل ؟ منذ ألفي عام صلب اليهود المسيح و هو بريء . و كانوا نسبة من البشر . ما أختلف اليوم هو أن نسبة العالم التي تصلبه ارتفعت و تنوعت من كل الأرض و اختلفت معها طريقة الموت ، فالصليب لم يعد الخشب الذي عـُلق عليه من قبل ، الآن الموت مشروع بكل الطرق صواريخ ، مدافع ، نار و زيت يُسكب من اجل الموت . و الحياة ليست من حق إلا من يملك سلطة .
لا ..... ليس هذا كل العالم ما زال هناك بشر يعرفون الله ، بشر يُريدون الخلاص ، بشر عرفوا الجلجثة و فرحوا أن بآلامهم يحملون الصليب مع الفادي . فالشخص الثاني الذي تركته للنهاية هي أمنا مريم . التي قبلت و قالت " نعم ... لتكن إرادتك يا رب فيّ " قبلت الصليب و حملته مع ابنها الوحيد و جاز السيف في قلبها بموته أمام عينيها . مريم أمنا تـُذكرنا كل يوم فكما أن الألم موجود هناك أيضاً الفرح .
لا ..... ليس هذا كل العالم ما زال هناك بشر يعرفون الله ، بشر يُريدون الخلاص ، بشر عرفوا الجلجثة و فرحوا أن بآلامهم يحملون الصليب مع الفادي . فالشخص الثاني الذي تركته للنهاية هي أمنا مريم . التي قبلت و قالت " نعم ... لتكن إرادتك يا رب فيّ " قبلت الصليب و حملته مع ابنها الوحيد و جاز السيف في قلبها بموته أمام عينيها . مريم أمنا تـُذكرنا كل يوم فكما أن الألم موجود هناك أيضاً الفرح .
هناك الرجاء الذي حملته بقلبها مثلما حملت عذابها و وجعها على وحيدها . مريم العذراء التي كل يوم هي بالناصرة حتى الآن تبكي أبنها و تحمل الرجاء . عيناها تبكي حزناً و ألما و تلمع في ذات الوقت نوراً للمجد السماوي رجاء في إلهنا القائم من بين الأموات .
إن إدراك الألم بحياتنا صعوبة لا يستطيع أحد تلاشيها ، و لكن أثق أن الصلاة تُغيرُ كثيراً فينا . فهي تجعل منا أنقياء يُجددون وعدهم بحبهم للثالوث المقدس . و أثق أن مَن تحمل عنا كل عذابات الصليب و مات من أجلنا لأنه أحبنا قادراً أن يحمل معنا آلامنا . فقط نـُعطيه الفرصة ، نثق أننا قادرون على حملها و هو معنا ، نثق انه رجاؤنا المنتظر و الذي ليس بعيدا منا .
إدراكنا للألم و إحساسنا به يتوقف بدرجة كبيرة على طريقة تفكيرنا في أنفسنا و في الحياة . فإذا أردنا أن نغير من شكل و من شدة الألم لا بد لنا من تغيير عالمنا الداخلي . يجب أن نجد معنى للألم طالما لا نستطيع تلاشيه . الصلاة تـُغيّر داخلنا ، أما إيماننا بيسوع المخلص الذي يتألم معنا فهو الذي يـُعطي معنى للألم و يـُعطي معه الرجاء بالحياة الأبدية .
إن إدراك الألم بحياتنا صعوبة لا يستطيع أحد تلاشيها ، و لكن أثق أن الصلاة تُغيرُ كثيراً فينا . فهي تجعل منا أنقياء يُجددون وعدهم بحبهم للثالوث المقدس . و أثق أن مَن تحمل عنا كل عذابات الصليب و مات من أجلنا لأنه أحبنا قادراً أن يحمل معنا آلامنا . فقط نـُعطيه الفرصة ، نثق أننا قادرون على حملها و هو معنا ، نثق انه رجاؤنا المنتظر و الذي ليس بعيدا منا .
إدراكنا للألم و إحساسنا به يتوقف بدرجة كبيرة على طريقة تفكيرنا في أنفسنا و في الحياة . فإذا أردنا أن نغير من شكل و من شدة الألم لا بد لنا من تغيير عالمنا الداخلي . يجب أن نجد معنى للألم طالما لا نستطيع تلاشيه . الصلاة تـُغيّر داخلنا ، أما إيماننا بيسوع المخلص الذي يتألم معنا فهو الذي يـُعطي معنى للألم و يـُعطي معه الرجاء بالحياة الأبدية .
Labels:
رشا ارنست
الثلاثاء، مارس 27، 2007
رسالة الى ........
رشا أرنست
هذه رسالـة عاجلة لك
من طفل يـَكادُ يـُمسك بالقلمِ
يـَسكن أقصى الشمال
و أقصى الجنوب
بقلبهِ يـُولـد حب للحيـاة
و يتجدد يوماً بعد يوم
في حضن وطنه الغائب
أيها العالم و ما فيك من سواعد للموت و الدمار
ألا ترى شيئاً في طفولتنا باقي ؟
في براءتنا أو لـُعـبـُنـا
أقولها و يـَقـولهـَا مـَعـي
مَن بـَقــَى من أصحابي و أولاد الجيران
لم تـَعـد عـالمـنـا
فقد سئـمـنـا الدمـار
لم تـَعـد تـُخـيـفـَنـَا يـا عالـم بلا هويـة
عالم أخفى الإنسانية
عالم تحت أقدامنا دمرنا
عالم فوق رؤوسنا كسرنا
سأصرخُ لأني لم يـَبـقـى لي إلا الصراخ
لم يـَبـقـى لي بعد أبي و أمي و عصفوري إلا الصراخ
لم يـَبـقـى إلا صراخي و الفراق
فـقـدتُ الحبّ و البيت و الأشجار
و ماذا بعد يا عالمي ؟
أتظن أنني سأستسلم لبغضك و نارك ؟
أتظن أنني سأنحني لطغيانك ؟
أتظن أنى بضعف طفل قد جبلتني أمي ؟
سأريـك ماذا يـَفـعـل طفل قـُتـل فيّ
سأريك كيف يـَكـون طفل اغتالته البشرية
سأدوسك بقدميّ بكل عزم موروث في جسدي النحيل
سأمـزقُ صورتـكَ في عينيّ
سأكون في ضميرك ذنب لا يـُغـفـر
و في جسدك جرح لا يـُشـفـى
سأكون عارٌ عليـكَ انك ذبحـتـنـي
انك جوعتني و رميتني و اغتلت طفولتي كأني لم أكن
سأكون ماضي في تاريخك محفور بالإثم
و حاضر يـُغـرزُ بأرضـك كل اسم
لأطفال مثلي قـَتـلـتـهـم
سأكون تاريخ اسود بكتابك لا يـَـزول
سأمشي حتى يراني الكل
و يـَشـهـدوا أن ظلمك فــاق الحــدّ
و أن العدل استشهد على باب مدينتي
و الحق ذاق الذل
لستُ واثق ٌ ممن سـَيـرونـنـي
فشاهدتهم باطلة إن تركوني
فأغلبهم بائعون للكلام و الأشعار
مروجون الحرب ليل و نهار
بائعون الزيف و الأحقاد
يـٌناصرون الموت و يشوهون الحياة
لكني سأحـفـرُ مـَقـبـرتـي
و سأسعـدُ أني شهـيـد طفولـة ماتت من قـَبـلـي
و بوجـهـكَ يـا عالـــم بـلا عـنـوان
ســأغلــق قبـــــري
26 / 3 / 2007 م
هذه رسالـة عاجلة لك
من طفل يـَكادُ يـُمسك بالقلمِ
يـَسكن أقصى الشمال
و أقصى الجنوب
بقلبهِ يـُولـد حب للحيـاة
و يتجدد يوماً بعد يوم
في حضن وطنه الغائب
أيها العالم و ما فيك من سواعد للموت و الدمار
ألا ترى شيئاً في طفولتنا باقي ؟
في براءتنا أو لـُعـبـُنـا
أقولها و يـَقـولهـَا مـَعـي
مَن بـَقــَى من أصحابي و أولاد الجيران
لم تـَعـد عـالمـنـا
فقد سئـمـنـا الدمـار
لم تـَعـد تـُخـيـفـَنـَا يـا عالـم بلا هويـة
عالم أخفى الإنسانية
عالم تحت أقدامنا دمرنا
عالم فوق رؤوسنا كسرنا
سأصرخُ لأني لم يـَبـقـى لي إلا الصراخ
لم يـَبـقـى لي بعد أبي و أمي و عصفوري إلا الصراخ
لم يـَبـقـى إلا صراخي و الفراق
فـقـدتُ الحبّ و البيت و الأشجار
و ماذا بعد يا عالمي ؟
أتظن أنني سأستسلم لبغضك و نارك ؟
أتظن أنني سأنحني لطغيانك ؟
أتظن أنى بضعف طفل قد جبلتني أمي ؟
سأريـك ماذا يـَفـعـل طفل قـُتـل فيّ
سأريك كيف يـَكـون طفل اغتالته البشرية
سأدوسك بقدميّ بكل عزم موروث في جسدي النحيل
سأمـزقُ صورتـكَ في عينيّ
سأكون في ضميرك ذنب لا يـُغـفـر
و في جسدك جرح لا يـُشـفـى
سأكون عارٌ عليـكَ انك ذبحـتـنـي
انك جوعتني و رميتني و اغتلت طفولتي كأني لم أكن
سأكون ماضي في تاريخك محفور بالإثم
و حاضر يـُغـرزُ بأرضـك كل اسم
لأطفال مثلي قـَتـلـتـهـم
سأكون تاريخ اسود بكتابك لا يـَـزول
سأمشي حتى يراني الكل
و يـَشـهـدوا أن ظلمك فــاق الحــدّ
و أن العدل استشهد على باب مدينتي
و الحق ذاق الذل
لستُ واثق ٌ ممن سـَيـرونـنـي
فشاهدتهم باطلة إن تركوني
فأغلبهم بائعون للكلام و الأشعار
مروجون الحرب ليل و نهار
بائعون الزيف و الأحقاد
يـٌناصرون الموت و يشوهون الحياة
لكني سأحـفـرُ مـَقـبـرتـي
و سأسعـدُ أني شهـيـد طفولـة ماتت من قـَبـلـي
و بوجـهـكَ يـا عالـــم بـلا عـنـوان
ســأغلــق قبـــــري
26 / 3 / 2007 م
Labels:
رشا ارنست
الأربعاء، فبراير 21، 2007
أحـبـُـكَ و أنـتـظـر
بقلم / رشا أرنست
أشـرقَ الكـَون بـيـومٍ غيـَر كل يـَوم
يـَوماً أرسلـت فـيهِ الشمسُ خـُيوطـاً من الحـَنـيـن
و ألتفت الأرضُ بـِطوق يـَاسـَمـيـن
عـَيـنـَاي شـاخـصـَتـَان للسمـاء ِ
تـَتـَساءلان لامعـَتـان في صـَفـَاء
أتـراهُ يـَتـذكـَرَني و يـَأتـي
حـامـلاً بـِكـَفـيـه ِ أمـنـيـَتـي
أنـسـَى عـَالـمٌ يـَعـتـَصـرُ الأحـزان
أتـركُ دُنـيـَا مـُشـتـَعـِلـَة بـالنـيـران
ارمي تحت قدَمايَّ الـزَمـَان
و ألتـَقـِطُ من الهـَواءِ أحلامي
و أرحـَلَ دونَ أقـلامي
حـَاملـة آمـَالـي
بـلـقـَائـنـَا مـعَ الـزُهور
تـُغـَردُ فـَوقـنـَا الطيـور
مـُعـلـنـَة انـتـهـَاء زمـن النـسـور
و بـدايـة الحبّ و النـور
نأمـرُ الأرض ألا تـَدور
حتى نـَحملُ الحبَّ على جـنـَاحي عصفـور
مـُقـَبـلـيـنَ كل العـُصـور
تـَأخـُذُنـي السـَاعـَات و تـَمضـي
و أنـا هنـَا لـم أغـَادرُ يـَومـي
أُحـدقُ فـيمـَا حـَولـي
لأجـد وحـدَتـي لم تـَتـركـَنـي
انـتـَظـركَ تـَأتـي و تـُقـَبـلـنـي
انـتـَظـركَ تـَمـلأ الكـَون بـِهـَمـس الحبّ و تـَهـديـنـي
وردة بـِلـَون ِ حـُمـرَة خـَجـَلـي
انـتـَظـركَ تـُحـَدثُ الشـمـس عـَنـى
و تـُخّـبـر اللـيـلُ عـن أسـراري
تـَقـضـي النـَهـارُ و أنـتَ أمـَامـي
تـُعـَلـمُ الحـَنـيـنَ كـيـفَ يـَكـونُ فـي انـتـظـَاري
انـتـَظـركَ شوقاً يدمي الفؤاد
انـتـَظـركَ كـفـَرحـة قـادمـة مـن بـَعـيـد
فـي بـُطءٍ يـَزيـدُ حـُزن الحـُزن أنـيـن
لـَكنـكَ حتى الآن لـم تـأتـي
مــرّ العـيـد بـلا عيـد
و الحبّ لـم يـُولـدُ بـِيـَومـي
حـَدثـتُ نـَفـسـي
أنـي بـِقـَلـبـك مـَوجـودة
دون حــدود
أنـي بـِعـَقـلـك نـَجـمـة ٌمـسحـورة
بـسحـري المـَعـهـود
أنـي بـِفـكـرك فـكـرة مـَجـنـونـة
تـَكـسـرُ القـيـود
حـَدثـتـُهـا أن تـَغـفـرُ نـسـيـانـكَ
أن تـَعرفُ هـَذيـانـكَ
وجـدتُ نـَفـسـي فـي لحظـة غـَائـرة
تائـهـة فـي حـُزن مـُضنـي
قـَلـبـي يـَئـنُ لـِغـيـابـك
و عـَقـلـي يـَحـلـمُ بـِلقـائك
و كلـي يـَتـوق لـِقـُربـك
نـَفـسـي بـلا أمــل
و الحلـم كان و الحاضـر لم يكـن
روحي تـَهـمـسُ فـي سكـون
الانـتـظـَار قـَدرٌ
يـَكـونُ واقـعٌ أو لا يـَكـون
فمـَا لـي إلا هـو و الشـُجـون
انـتـَظـرك و أصـَلـي
أن يـَأتـي عيد آخر و تـَتـَذَكـَرَنـي
أن يـُلقـيـنـي فـي قـَلبـك و يـَتركنـي
انـتـَظـركَ مـَهما طالَ الانـتـظار
انـتـَظـركَ و بـيـنـَنـا لـُعـبـَة الأقــدار
انـتـَظـركَ حتى أخر المشوار
Labels:
رشا ارنست
الخميس، فبراير 08، 2007
افكاري
بقلم / رشا أرنست
1)
أفكـاري
أوراقٌ مـُبـَعثـَرة َعـَلى مـَكـتـَبـي
نـِقـَاط حـبر سـَوداء عـَلى صَفـَحـاتـي
مـُرسـِلـة حـُروفـَهـَا عـَبرَ شـَرايـِيني
تـَلتـَقـِطـُ مـَعـَـانـِيهـَا مـن بـَين أضلـُعـي
(2)
أفكــاري
فـَراشـات تـَطيـر و تـُحـَلـق
تـُلامـِس حـَواف الـزهور
أحيـاناً تـَنـَالُ مـِنهـا نـَسـَمـاتٍ
تـَفـوحُ رائحـةٍ ذكـيـة
و أحيـانــاً تـَسـقـُطـُ موتــاً
(3)
أفكــاري
أمـواجٌ تـُلاحـِقُ بـَعضـَهـَا
تـحـت ضـوء القـمر
تـُعارك المَّدُ و الجـَزر
أحيـانـاً تـَجـدُ مـَرسَى
و أحيـانـاً تـَغرق
(4)
أفكــاري
زَهـرة ُ نـَبـَاتُ بـَريـِة
تـَضرِبُ جـُذورَهـَا بـِأعـمـَاقـِي
أحيـانـاً تـَجـدني و أجـدُهـا
و أحيـانـاً اهربُ مـِنـهـَا
(5)
أفكــاري
كـَلـِمـَاتٌ لـَيـسَ لـَهـَا قـاعـِدة
مـَلـِكـَة ٌمـُتـَوَجـَة عـَلى قـَلبـِي
أمـَيـِرَة ٌ أيـَامـي
و عـَقـلـي المـُتـَخـبـِطـُ شــمال و يـَمـيـن
أحيـانـاً تـَجعـَلـَنـِي أمـلـُك
و أحيـانـاً تـَمـلـُكـَنـي
(6)
أفكــاري
صيفٌ و شـِتـاءٌ مـُتـبـَاعـِدان
رَبـيـعٌ و خـَريـفٌ عـَلى حـَافـة الهـَذَيـَان
أحيـانـاً تـُقـَابـِلـنـي
و أحيـانـاً تـَغـفـَى عـَنـي
(7)
أفكــاري
طائـــــــر
بـَيـتـَهُ قــَلـبــي
و غـِذَائـُـهُ عـَقـلـي
و جـِنـَاحـِيـه قـَلـَمـي و دفـتـَـري
إرادَتــي مَـوطـِنـَهُ
عـَيـنـَايّ فـَضـاءٌ يـَطـيـرُ فـِيـه
(8)
أفكــاري هي
ذِكـرَيـَـاتُ المـَاضـي
ثـَورَتــي عـَلى الحـاضـر
غـَضـبـي مـِن الأيــَام
تـَنـَاثــُرُ الأحــلام
دُروُبٌ رَاحـِلـَة ٌ لا تـَخـَشـى الـزَمـَان
حـُريـَة ٌ مـُبـَعـثـَرَة
عـَلى أطـرَافُ الحـيــَاة
(9)
أفكاري
لـيـسـت بـِذرَة غـُرسـَت صـُدفـَة
أو زَهـرَة ٌ أزهـَرت فـَجـأة
هـي كل مـَا ولـِدَ و لـَم يـُولـَد
هي ألـفُ الحـُبّ
و فــَاء الفـؤاد
كــافُ الكــَرَامــة
الألـفُ التـي لـِتـأكـيـدِ الـوجـُود
و الـراءُ رؤى عـَقـلـي
و اليـَاءُ يـَومـُهـَا الـذي لا يـَمـوت
مصر
أفكـاري
أوراقٌ مـُبـَعثـَرة َعـَلى مـَكـتـَبـي
نـِقـَاط حـبر سـَوداء عـَلى صَفـَحـاتـي
مـُرسـِلـة حـُروفـَهـَا عـَبرَ شـَرايـِيني
تـَلتـَقـِطـُ مـَعـَـانـِيهـَا مـن بـَين أضلـُعـي
(2)
أفكــاري
فـَراشـات تـَطيـر و تـُحـَلـق
تـُلامـِس حـَواف الـزهور
أحيـاناً تـَنـَالُ مـِنهـا نـَسـَمـاتٍ
تـَفـوحُ رائحـةٍ ذكـيـة
و أحيـانــاً تـَسـقـُطـُ موتــاً
(3)
أفكــاري
أمـواجٌ تـُلاحـِقُ بـَعضـَهـَا
تـحـت ضـوء القـمر
تـُعارك المَّدُ و الجـَزر
أحيـانـاً تـَجـدُ مـَرسَى
و أحيـانـاً تـَغرق
(4)
أفكــاري
زَهـرة ُ نـَبـَاتُ بـَريـِة
تـَضرِبُ جـُذورَهـَا بـِأعـمـَاقـِي
أحيـانـاً تـَجـدني و أجـدُهـا
و أحيـانـاً اهربُ مـِنـهـَا
(5)
أفكــاري
كـَلـِمـَاتٌ لـَيـسَ لـَهـَا قـاعـِدة
مـَلـِكـَة ٌمـُتـَوَجـَة عـَلى قـَلبـِي
أمـَيـِرَة ٌ أيـَامـي
و عـَقـلـي المـُتـَخـبـِطـُ شــمال و يـَمـيـن
أحيـانـاً تـَجعـَلـَنـِي أمـلـُك
و أحيـانـاً تـَمـلـُكـَنـي
(6)
أفكــاري
صيفٌ و شـِتـاءٌ مـُتـبـَاعـِدان
رَبـيـعٌ و خـَريـفٌ عـَلى حـَافـة الهـَذَيـَان
أحيـانـاً تـُقـَابـِلـنـي
و أحيـانـاً تـَغـفـَى عـَنـي
(7)
أفكــاري
طائـــــــر
بـَيـتـَهُ قــَلـبــي
و غـِذَائـُـهُ عـَقـلـي
و جـِنـَاحـِيـه قـَلـَمـي و دفـتـَـري
إرادَتــي مَـوطـِنـَهُ
عـَيـنـَايّ فـَضـاءٌ يـَطـيـرُ فـِيـه
(8)
أفكــاري هي
ذِكـرَيـَـاتُ المـَاضـي
ثـَورَتــي عـَلى الحـاضـر
غـَضـبـي مـِن الأيــَام
تـَنـَاثــُرُ الأحــلام
دُروُبٌ رَاحـِلـَة ٌ لا تـَخـَشـى الـزَمـَان
حـُريـَة ٌ مـُبـَعـثـَرَة
عـَلى أطـرَافُ الحـيــَاة
(9)
أفكاري
لـيـسـت بـِذرَة غـُرسـَت صـُدفـَة
أو زَهـرَة ٌ أزهـَرت فـَجـأة
هـي كل مـَا ولـِدَ و لـَم يـُولـَد
هي ألـفُ الحـُبّ
و فــَاء الفـؤاد
كــافُ الكــَرَامــة
الألـفُ التـي لـِتـأكـيـدِ الـوجـُود
و الـراءُ رؤى عـَقـلـي
و اليـَاءُ يـَومـُهـَا الـذي لا يـَمـوت
مصر
Labels:
رشا ارنست
الأربعاء، فبراير 07، 2007
همس الليل
رشا ارنست – مصر
الليــلُ عـَـاد
السماءُ صافـية و النـُجومُ تـُـزينـُهـَا
الـوقـت ُ يـَمـضي
و سكونُ الليـلُ يـَغـمُـرُنـي
انـتـَظـركَ يـا رَفـيـق العمر
فأنا احتــاجُ إليكَ
أتلهـفُ لـِرؤيـَتـَكَ
أشتـاقُ لـِحـَديـثـي مـَعـَكَ
نهـارٌ كامـلٌ مـَضى عـَلى لـقـائـُنـَا
قلبي امتـَلأ مـن كثرة الحكايـات
و ثرثرة النـَهـار
الليـلُ فارغٌ بدونـَكَ
كأنكَ تقصدُ التأخيـرُ
أم ترغبُ في نـَسمـَة تـَأتي كالحـَريـر
فأنت تــَعلـمُ مـَـا لـي صديـق سـِواكَ
فقط تعـال أيهـَا المـُتـَعـَال
أتستـَغـِلُ صداقـَتـي أم أنـَكَ استـبـدلـتـَنـي ؟
أخافُ عـَلـيـكَ و أغـار
فلا تـُهمل لوعـَتـي و الانـتـظـار
تعـال و لا تـخـتـلقِ الأعـذار
تعال يا صاحب القرار
فطلـَتـُكَ من الأقـدار
عيوني ذابت بالسهـر
و جفـونـي أشدُها بـِخيـط الأشواق
عطري نـَثـَرتـَهُ و طـَيـفـي فـَرَشـتـَهُ
و النـومُ من عيـونـي نـَسـَيـتـَهُ
تعال لصديقـة تـَعـشـَقـُكَ
لحـَبـيـبـة تـَجـهـَلـُهـَا
لفراشـَة تـَطـيـر على ضوئِكَ
تعال يا قمري
فــَبـيـَدي كأسٌ لـك
سأسـقـيـكَ حلــوًا و مـرًّا كالأمس ِ
أعـدُكَ ... لـن تـَمـلَّ همسـاتي
أو حكاياتي
فأنت جـَاري حـَتى مطلـع الشمس
غيرتي عليكَ من العـَاشـِقـيـن
من شـدو فيروز و السَاهـِريـن
أكونُ لـك أو لا أكون
فأنا أغـنيـَتـُكَ حـَتى الجـنـون
يا قمر العالي
لا تـزِدْ حرماني
فأنتَ أعلمُ بغيـرة النساءِ
بالأمـس ِكنتُ على ضـيـَائـِكَ أرقصُ
و اليـومُ بـِغـيـابـِكَ أعـبـَسُ
فلا تــُقــَسـي شـُمـُوخك
فـَتـَمـضي الليلـةُ بـِدونـَكَ
و تـُمسى سمـاؤكَ عـَاريـة من نـورك
Labels:
رشا ارنست
السبت، فبراير 03، 2007
النظري و العملي لاحتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة
بقلم / رشا أرنست
جميع البشر يعيشون أوقات صعبة و أوقات حرجة و مواقف متعددة يومياً بين الروتين و المفاجئ منها ، فما أن تـُشرق الشمس و تبدأ معها المعاناة الإنسانية اليومية ، و الكل اعتاد على ما يفعله يومياً بشكل أو بآخر . باستثناء الخارجون عن القاعدة ، مثل رؤساء الدول ، فأيامهم مختلفة بالتأكيد ، لكثرة مشاغلهم الجسيمة التي يتحملونها و كذلك أيضاً من يمسكون بأطراف النهار من مسئولون و مبدعون و غيرهم و هناك من هم في حال مختلف تماماً و يُعتبرون من غير الأسوياء في نظر العالم ، و مع أن هذا التعبير غير إنساني إلا انه واقع نلمسه ، هذه الفئة تعيش كل يوماً بشكل مختلف .فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ( المُعاقين ) المختلفة كالمُقعدين أمثالي ، المكفوفين ، الصم و البكم ، المجروحين في ذكائهم و هم من يحملوا عبئاً آخر غير عبء النهار الذي يُشرق شمسه عليهم مثلهم مثل باقي البشر ، عبء الحركة و التنقل و كيفية ممارسة الحياة في ظل فقدان جزء من جسدهم . و السؤال من سيقوم بدور هذا الجزء ؟
يلاحظ أن نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم في تزايد مستمر رغم الجهود المبذولة للقضاء على مرض شلل الأطفال ، و يرجع هذا نظراً للكثير من التغيرات الديموغرافية في الحياة وتفشي العوامل الصحية التي تصيب الأم الحامل قبل و أثناء الولادة والمسببة للإعاقة ، هذا بالإضافة إلى الإعاقات الناتجة عن الحروب و الكوارث الطبيعية و حوادث الطرق و الأمراض العصرية . و قد وصلت نسبة المعاقين إلى 13.5 % من عدد سكان العالم حتى عام 2000 م . و من المفترض انه اليوم تكون أصبحت 15 % أي 900 مليون شخص معوق هذا العام ، 80 % من المعوقين معظمهم من بلدان العالم الثالث والبلدان النامية .
إحصائية للمعوقين في العالم حتى عام 2000 ونسبتهم موزعة حسب أسباب الإعاقة .
· الإعاقة نتيجة أسباب خلقية و تأخر ذهني 60 مليون
· أسباب وراثية عضوية 60 مليون
· أسباب غير وراثية 30 مليون
· الإعاقة المترتبة على أمراض شلل الاطفال 203 مليون
· حوادث مرور طرق 45 مليون
· حوادث عمل 22 مليون
· حوادث أخرى ( حروب وكوارث ) 5 مليون
· سوء تغذية 149 مليون
· حوادث منزلية 45 مليون
· إدمان مسكرات أو مخدرات 60 مليون
· أمراض عقلية وظيفية 60 مليون
تـُقدر حجم الإعاقة في المجتمعات الصناعية والنامية ، أمريكا 9.48 % ، الدول الصناعية 10 % ، المجتمعات النامية 12.3 % لعام 88 – 1989 م .
كما يُفيد تقرير إحصائي لأعداد المكفوفين في العالم حيث يُقدر عدد المكفوفين حالياً في العالم يقدر بـ 45 مليون شخص و يُرجح أن عدد المكفوفين في عام 2020 سيصل إلى 75 مليون شخص، حيث يتحول كل خمس ثواني شخص في العالم إلى مكفوف ، و كل دقيقة يتحول طفل في العالم إلى مكفوف .
الأرقام مُخيفة جداً ، فبرغم كل التطور الطبي و التكنولوجي في أنماط الحياة إلا أن النسبة في تزايد سريع . وقد حرص المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان في الربع الأخير من القرن الماضي على أن يأخذ المعوق نصيبه من الرعاية والاهتمام والحقوق والواجبات ، فأصدرت الأمم المتحدة - إعلان حقوق المعاقين عقلياً- عام 1971م ، و إعلان حقوق المعوّقين عامة عام 1975، كما أنها أعلنت العام الدولي للمعاقين عام 1981م و رغم هذا لا تزال هناك مئات المشاكل تواجه المعاقين يومياً و خاصة في الدول العربية و دول العالم الثالث كما يسمونها . فلا تزال صعوبة التنقل و الحركة هي المشكلة الرئيسية في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة أنواعها . ففي مصر حتى الآن لا تتوفر إمكانية آلية لدخول ذوي الاحتياجات الخاصة و خاصة المقعدين منهم إلى أي مصلحة أو هيئة حكومية أو خاصة . ناهيك عن وسائل المواصلات و خاصة في التنقل لمسافة طويلة . فعندما يكون القطار هو السبيل الوحيد أمام هؤلاء يزداد الأمر سوءاً . و إذا وضعنا مشكلة التنقل جانباً وجدنا مشكلة أكثر صعوبة و هي مواصلة ذوي الاحتياجات الخاصة للتعليم أو العمل . فلا وسيلة واحدة تمكن هؤلاء من العيش بشكل طبيعي ، لذلك فلا حرج عندما يطلقون علينا أننا غير أسوياء ، فالحياة نفسها أصبحت غير سوية ليس فقط لمَن هم في احتياجات جسدية معينة إنما لمَن هم بحاجة اكبر للفهم و إطلاق بصيرتهم للعمل .
في جامعة هامبورغ بألمانيا ، استطاعوا أن يقدموا خدمات عملية ونظرية لذوي الاحتياجات الخاصة في قاعة المحاضرات وأثناء الامتحانات بالإضافة إلى أجهزة السمع وأجهزة القراءة ، السكن و الامتحانات و التنقل و غيرها . فقد أشارت إحدى الجهات الرسمية الألمانية إلى أن نسبة الطلاب الذين يعانون من إعاقات وأمراض مزمنة تصل إلى نحو 15 بالمائة في ألمانيا . و بالطبع هذه نسبة كبيرة و خاصة في بلد حضارية مثل ألمانيا . و لكن عندما تتاح لهم إمكانية الحياة بطريقة طبيعية فتصبح الحياة أكثر استقراراً و سهولة . و أقول طبيعية حسب نصوص حقوق الإنسان التي تكفل للجميع توفير الاحتياجات الأساسية .
ذوي الاحتياجات الخاصة بأي مكان لا يطلبون سوى الضروري . و الطبيعي الذي يتوفر لكل الفئات . فعندما يُكلف مبنى أو مشروع ضخم ملايين الدولارات لن تزيد كاهلهم بضع دولارات أخرى يستطيعوا بها أن يُسهلوا الحياة لمَن هم في احتياج لبعض الإمكانيات البسيطة .
فأعداد المعاقين في تزايد كما رأينا من خلال الإحصائيات و أي خدمات تقدم لهم لم تعد تكفي هذا التزايد المستمر ، يلزم الدول و القائمين على شئون المعاقين أن يبدءوا بما يكون أساسي في المجتمعات كإتاحة الأماكن لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة و التي تمكنهم من تقضية مصالحهم و خاصة المصالح الحكومية ، تجهيز آليات تساعدهم على استخدام وسائل المواصلات و خاصة القطار و المترو ، تطوير الأماكن العامة و الشوارع بحيث تكون مناسبة للسير ، معاملة العاملين منهم كأسوياء ليس كمن يحتاجون لإعانة . هذه أولويات لابد أن تكون متوفرة بالضرورة في كل المجتمعات المؤمنة بتفعيل دور الفرد و المجتمع .
الواقع الذي يفرض نفسه أن ذوي الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون لنصوص موثقة بالأمم المتحدة فقط ، أو لفتات مذهلة و محاضرات بديعة في المؤتمرات التي تـُنـادي بحقوقهم و التي تُعقد بأفخم الفنادق بأي دولة و تنفق عليها مبالغ طائلة و لا يحضرها ذوي الاحتياجات الخاصة سوى فرد أو اثنين . إنما يحتاجون إلى تطبيق عملي لهذه النصوص ، تطبيق يَـكفل لهم العيش بطريقة أيسر و بإمكانيات و مساعدات في المجتمع الذي يعيشون فيه . تطبيق يجعل ضوء الشمس ينعكس على وجوههم أثناء وجودهم خارج منازلهم . ضوء يعكس حبهم للحياة و رضائهم بما يعيشونه ، لا يعكس عبوسهم و تفكيرهم المستمر في كيفية عمل هذا أو ذاك ، شاعرين أن هناك من يشعر و يفكر و يعمل من اجلهم . فالأمر لا يحتاج إلا إلى صحوة وعى من المسئولون و الوزراء الذين يهدرون أوقاتهم بالحديث للصحف و الفضائيات . نحتاج منكم أيها السادة أعين تُبصر لا أعين تنظر فقط و الفرق واضح .
مراجع الإحصائيات :
http://www.caihand.com/na.htm
جميع البشر يعيشون أوقات صعبة و أوقات حرجة و مواقف متعددة يومياً بين الروتين و المفاجئ منها ، فما أن تـُشرق الشمس و تبدأ معها المعاناة الإنسانية اليومية ، و الكل اعتاد على ما يفعله يومياً بشكل أو بآخر . باستثناء الخارجون عن القاعدة ، مثل رؤساء الدول ، فأيامهم مختلفة بالتأكيد ، لكثرة مشاغلهم الجسيمة التي يتحملونها و كذلك أيضاً من يمسكون بأطراف النهار من مسئولون و مبدعون و غيرهم و هناك من هم في حال مختلف تماماً و يُعتبرون من غير الأسوياء في نظر العالم ، و مع أن هذا التعبير غير إنساني إلا انه واقع نلمسه ، هذه الفئة تعيش كل يوماً بشكل مختلف .فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ( المُعاقين ) المختلفة كالمُقعدين أمثالي ، المكفوفين ، الصم و البكم ، المجروحين في ذكائهم و هم من يحملوا عبئاً آخر غير عبء النهار الذي يُشرق شمسه عليهم مثلهم مثل باقي البشر ، عبء الحركة و التنقل و كيفية ممارسة الحياة في ظل فقدان جزء من جسدهم . و السؤال من سيقوم بدور هذا الجزء ؟
يلاحظ أن نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم في تزايد مستمر رغم الجهود المبذولة للقضاء على مرض شلل الأطفال ، و يرجع هذا نظراً للكثير من التغيرات الديموغرافية في الحياة وتفشي العوامل الصحية التي تصيب الأم الحامل قبل و أثناء الولادة والمسببة للإعاقة ، هذا بالإضافة إلى الإعاقات الناتجة عن الحروب و الكوارث الطبيعية و حوادث الطرق و الأمراض العصرية . و قد وصلت نسبة المعاقين إلى 13.5 % من عدد سكان العالم حتى عام 2000 م . و من المفترض انه اليوم تكون أصبحت 15 % أي 900 مليون شخص معوق هذا العام ، 80 % من المعوقين معظمهم من بلدان العالم الثالث والبلدان النامية .
إحصائية للمعوقين في العالم حتى عام 2000 ونسبتهم موزعة حسب أسباب الإعاقة .
· الإعاقة نتيجة أسباب خلقية و تأخر ذهني 60 مليون
· أسباب وراثية عضوية 60 مليون
· أسباب غير وراثية 30 مليون
· الإعاقة المترتبة على أمراض شلل الاطفال 203 مليون
· حوادث مرور طرق 45 مليون
· حوادث عمل 22 مليون
· حوادث أخرى ( حروب وكوارث ) 5 مليون
· سوء تغذية 149 مليون
· حوادث منزلية 45 مليون
· إدمان مسكرات أو مخدرات 60 مليون
· أمراض عقلية وظيفية 60 مليون
تـُقدر حجم الإعاقة في المجتمعات الصناعية والنامية ، أمريكا 9.48 % ، الدول الصناعية 10 % ، المجتمعات النامية 12.3 % لعام 88 – 1989 م .
كما يُفيد تقرير إحصائي لأعداد المكفوفين في العالم حيث يُقدر عدد المكفوفين حالياً في العالم يقدر بـ 45 مليون شخص و يُرجح أن عدد المكفوفين في عام 2020 سيصل إلى 75 مليون شخص، حيث يتحول كل خمس ثواني شخص في العالم إلى مكفوف ، و كل دقيقة يتحول طفل في العالم إلى مكفوف .
الأرقام مُخيفة جداً ، فبرغم كل التطور الطبي و التكنولوجي في أنماط الحياة إلا أن النسبة في تزايد سريع . وقد حرص المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان في الربع الأخير من القرن الماضي على أن يأخذ المعوق نصيبه من الرعاية والاهتمام والحقوق والواجبات ، فأصدرت الأمم المتحدة - إعلان حقوق المعاقين عقلياً- عام 1971م ، و إعلان حقوق المعوّقين عامة عام 1975، كما أنها أعلنت العام الدولي للمعاقين عام 1981م و رغم هذا لا تزال هناك مئات المشاكل تواجه المعاقين يومياً و خاصة في الدول العربية و دول العالم الثالث كما يسمونها . فلا تزال صعوبة التنقل و الحركة هي المشكلة الرئيسية في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة أنواعها . ففي مصر حتى الآن لا تتوفر إمكانية آلية لدخول ذوي الاحتياجات الخاصة و خاصة المقعدين منهم إلى أي مصلحة أو هيئة حكومية أو خاصة . ناهيك عن وسائل المواصلات و خاصة في التنقل لمسافة طويلة . فعندما يكون القطار هو السبيل الوحيد أمام هؤلاء يزداد الأمر سوءاً . و إذا وضعنا مشكلة التنقل جانباً وجدنا مشكلة أكثر صعوبة و هي مواصلة ذوي الاحتياجات الخاصة للتعليم أو العمل . فلا وسيلة واحدة تمكن هؤلاء من العيش بشكل طبيعي ، لذلك فلا حرج عندما يطلقون علينا أننا غير أسوياء ، فالحياة نفسها أصبحت غير سوية ليس فقط لمَن هم في احتياجات جسدية معينة إنما لمَن هم بحاجة اكبر للفهم و إطلاق بصيرتهم للعمل .
في جامعة هامبورغ بألمانيا ، استطاعوا أن يقدموا خدمات عملية ونظرية لذوي الاحتياجات الخاصة في قاعة المحاضرات وأثناء الامتحانات بالإضافة إلى أجهزة السمع وأجهزة القراءة ، السكن و الامتحانات و التنقل و غيرها . فقد أشارت إحدى الجهات الرسمية الألمانية إلى أن نسبة الطلاب الذين يعانون من إعاقات وأمراض مزمنة تصل إلى نحو 15 بالمائة في ألمانيا . و بالطبع هذه نسبة كبيرة و خاصة في بلد حضارية مثل ألمانيا . و لكن عندما تتاح لهم إمكانية الحياة بطريقة طبيعية فتصبح الحياة أكثر استقراراً و سهولة . و أقول طبيعية حسب نصوص حقوق الإنسان التي تكفل للجميع توفير الاحتياجات الأساسية .
ذوي الاحتياجات الخاصة بأي مكان لا يطلبون سوى الضروري . و الطبيعي الذي يتوفر لكل الفئات . فعندما يُكلف مبنى أو مشروع ضخم ملايين الدولارات لن تزيد كاهلهم بضع دولارات أخرى يستطيعوا بها أن يُسهلوا الحياة لمَن هم في احتياج لبعض الإمكانيات البسيطة .
فأعداد المعاقين في تزايد كما رأينا من خلال الإحصائيات و أي خدمات تقدم لهم لم تعد تكفي هذا التزايد المستمر ، يلزم الدول و القائمين على شئون المعاقين أن يبدءوا بما يكون أساسي في المجتمعات كإتاحة الأماكن لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة و التي تمكنهم من تقضية مصالحهم و خاصة المصالح الحكومية ، تجهيز آليات تساعدهم على استخدام وسائل المواصلات و خاصة القطار و المترو ، تطوير الأماكن العامة و الشوارع بحيث تكون مناسبة للسير ، معاملة العاملين منهم كأسوياء ليس كمن يحتاجون لإعانة . هذه أولويات لابد أن تكون متوفرة بالضرورة في كل المجتمعات المؤمنة بتفعيل دور الفرد و المجتمع .
الواقع الذي يفرض نفسه أن ذوي الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون لنصوص موثقة بالأمم المتحدة فقط ، أو لفتات مذهلة و محاضرات بديعة في المؤتمرات التي تـُنـادي بحقوقهم و التي تُعقد بأفخم الفنادق بأي دولة و تنفق عليها مبالغ طائلة و لا يحضرها ذوي الاحتياجات الخاصة سوى فرد أو اثنين . إنما يحتاجون إلى تطبيق عملي لهذه النصوص ، تطبيق يَـكفل لهم العيش بطريقة أيسر و بإمكانيات و مساعدات في المجتمع الذي يعيشون فيه . تطبيق يجعل ضوء الشمس ينعكس على وجوههم أثناء وجودهم خارج منازلهم . ضوء يعكس حبهم للحياة و رضائهم بما يعيشونه ، لا يعكس عبوسهم و تفكيرهم المستمر في كيفية عمل هذا أو ذاك ، شاعرين أن هناك من يشعر و يفكر و يعمل من اجلهم . فالأمر لا يحتاج إلا إلى صحوة وعى من المسئولون و الوزراء الذين يهدرون أوقاتهم بالحديث للصحف و الفضائيات . نحتاج منكم أيها السادة أعين تُبصر لا أعين تنظر فقط و الفرق واضح .
مراجع الإحصائيات :
http://www.caihand.com/na.htm
Labels:
رشا ارنست
الثلاثاء، يناير 23، 2007
شهداء لبنان يصرخون: لا تستسلموا يا أبناء الأرز
رشا أرنست – مصر
الأحداث سريعة و متتالية و لم تقف أحداث لبنان حد الحرب ، فكل يوم بها جديد من الأحزاب و القتال و المظاهرات . كل هذا و الضحية بالنهاية هم هؤلاء الذين مازالوا يؤمنون أن لبنان حيّ فيهم و سيظل فوق كل هذه الاعتبارات .
تتطاير يومياً الأخبار و الأحداث الجارية بلبنان المجروح ، و اليوم منذ ساعاته الأولى خيمت أجواء العنف و التظاهرات على لبنان ، فأغلق مناصري المعارضة اللبنانية الطرق الرئيسية والفرعية في مختلف المناطق من الشمال إلى الجنوب ، مطالبين بتشكيل حكومة وحدة وطنية ، فيما أصيب ستة أشخاص بطلقات نارية جراء مواجهات في شمال لبنان . و عشرات الجرحى أصيبوا في مواجهات بين مناصري المعارضة والحكومة .
و رغم أن أعداد مناصري المعارضة ليست كثيرة إلا أنهم استطاعوا أن يحدثوا المطلوب من شل الحركة بلبنان و زرع صراعات داخلية بالطوائف و عنف و ضرب و غلق مطار بيروت . و السؤال هل هؤلاء لبنانيون ؟ تساوى الكل ، من يبني و من يهدم داخل لبنان .
منذ أشهر قليلة شن السيد حسن نصرالله الحرب بلبنان بخطفه جنديين إسرائيليين و لم تجدي نتائج حربه مع إسرائيل غير الدمار و عودة لبنان للوراء . و انهار كل ما أنجزه اللبنانيون و الشهيد رفيق الحريري و تشردت آلاف العائلات بجنوب لبنان . و الآن من جديد يشعل حرب داخلية بمساعدة هذا المسمى ميشال عون . ذلك العائد من منفاه بعد خمس عشر عاماً آملاً أن يكون له نصيب في الحكم . و يغفل انه يضع يده في يد رجل برع سياسياً و أقام حربا أضحت لبنان مختلفاً في غضون أيام قليلة . ألا يعلم ميشال عون الذي يتزعم المعارضة بشوارع لبنان إن السيد حسن نصرالله يُشعل حرباً أهلية ؟ أم رغبته في نصيبه من الأرزة جعلته يفقد ما بقى فيه من عقل و صواب ؟
ميشال عون ذاك العائد عام 2005 من فرنسا بعد غياب سنوات و في استقباله ستمائة ألف لبناني في ساحة الشهداء وسط بيروت ، يرد لهم حبهم و فرحتهم بعودته بإشعال الفتنة و النار داخل لبنان . أهذا هو ما جاء لأجله ؟ جاء ليشعل ناراً و يلقى بالشعب كله في الهلاك بالصراع الطائفي فيما بينهم .
أصبح بلبنان تجمعات عدة ، كل مجموعة أصبحت حزب لها آراءها و خطتها و لا نعلم ماذا تريد . حتى أهالي لبنان لم يعودوا يعلمون ماذا يحدث بوطنهم . هذا الشعب العنيد و المُقاوم الذي يتحدى الجميع بقوته و ارتباطه لم يعد يعي ما يحدث ببلده .
الكل في لبنان يدور داخل دائرة فارغة اسمها الأفضل للبنان ، و هذه الدائرة تعبئة من الدخان و افتـُرشت أرضها بدماء الشهداء بالشمال و الجنوب . الثمن الذي يدفعه الأبرياء و الأقوياء في هذا الوطن . لكن إلى متى ؟ النار تأكل كل شيء بك يا لبنان ، و هم في غفلة . خطفوا أرواح أبنائك من رفيق الحريري و جبران توينى إلى شهدائك في الساحة اليوم إلى متى تظل أرضك تصرخ من نارك و لا احد يُصغي ؟
جبران تويني اقسمها و الكل رددها من وراء صوته الذي دوى في كل لبنان " نقسم بالله العظيم ، مسلمين و مسيحيين ، أن نبقى موحدين ، إلى آبد الآبدين دفاعاً عن لبنان العظيم .. عشتم و عاش لبنان " .. أين ذهب هذا القسم ؟ أيذهب الشهيد و تذهب كلماته !
على لبنان بكل طوائفها أن تقف في وجه هذا الشر القادم و هذه الحرب الأهلية التي على وشك أن تشتعل . أن كان لبنان يحتاج إلى حكومة جديدة فلتكن . لكن دون دماء ، دون صرخات جديدة للأمهات ، فلتكن حكومتكم منكم ، و لا تدعوا من يزيفوا الحقائق يصلوا إليها . فلتسترجعوا قسم جبران و قسمكم كلكم يا لبنان و لتتحدوا جميعاً ضد هذا العدوان الداخلي الذي بينكم باسم الله و باسم الوطن و باسم الحق . كثيرون نادوا بهذا و التاريخ يُسجل سقوطهم و سيأتي يوماً يعرف هؤلاء أن ما كانوا يسمونه حقٌ كان باطلاً . لان الحق لا يكون بالدم و الدمار ، الحق لا يكون على أجساد الصغار ، الحق لا يدفن أصوات الشهداء . فهي تظل حية دائماً في ضمائرنا تـُنادي فينا . فلا تستسلموا يا أبناء الأرز .
الأحداث سريعة و متتالية و لم تقف أحداث لبنان حد الحرب ، فكل يوم بها جديد من الأحزاب و القتال و المظاهرات . كل هذا و الضحية بالنهاية هم هؤلاء الذين مازالوا يؤمنون أن لبنان حيّ فيهم و سيظل فوق كل هذه الاعتبارات .
تتطاير يومياً الأخبار و الأحداث الجارية بلبنان المجروح ، و اليوم منذ ساعاته الأولى خيمت أجواء العنف و التظاهرات على لبنان ، فأغلق مناصري المعارضة اللبنانية الطرق الرئيسية والفرعية في مختلف المناطق من الشمال إلى الجنوب ، مطالبين بتشكيل حكومة وحدة وطنية ، فيما أصيب ستة أشخاص بطلقات نارية جراء مواجهات في شمال لبنان . و عشرات الجرحى أصيبوا في مواجهات بين مناصري المعارضة والحكومة .
و رغم أن أعداد مناصري المعارضة ليست كثيرة إلا أنهم استطاعوا أن يحدثوا المطلوب من شل الحركة بلبنان و زرع صراعات داخلية بالطوائف و عنف و ضرب و غلق مطار بيروت . و السؤال هل هؤلاء لبنانيون ؟ تساوى الكل ، من يبني و من يهدم داخل لبنان .
منذ أشهر قليلة شن السيد حسن نصرالله الحرب بلبنان بخطفه جنديين إسرائيليين و لم تجدي نتائج حربه مع إسرائيل غير الدمار و عودة لبنان للوراء . و انهار كل ما أنجزه اللبنانيون و الشهيد رفيق الحريري و تشردت آلاف العائلات بجنوب لبنان . و الآن من جديد يشعل حرب داخلية بمساعدة هذا المسمى ميشال عون . ذلك العائد من منفاه بعد خمس عشر عاماً آملاً أن يكون له نصيب في الحكم . و يغفل انه يضع يده في يد رجل برع سياسياً و أقام حربا أضحت لبنان مختلفاً في غضون أيام قليلة . ألا يعلم ميشال عون الذي يتزعم المعارضة بشوارع لبنان إن السيد حسن نصرالله يُشعل حرباً أهلية ؟ أم رغبته في نصيبه من الأرزة جعلته يفقد ما بقى فيه من عقل و صواب ؟
ميشال عون ذاك العائد عام 2005 من فرنسا بعد غياب سنوات و في استقباله ستمائة ألف لبناني في ساحة الشهداء وسط بيروت ، يرد لهم حبهم و فرحتهم بعودته بإشعال الفتنة و النار داخل لبنان . أهذا هو ما جاء لأجله ؟ جاء ليشعل ناراً و يلقى بالشعب كله في الهلاك بالصراع الطائفي فيما بينهم .
أصبح بلبنان تجمعات عدة ، كل مجموعة أصبحت حزب لها آراءها و خطتها و لا نعلم ماذا تريد . حتى أهالي لبنان لم يعودوا يعلمون ماذا يحدث بوطنهم . هذا الشعب العنيد و المُقاوم الذي يتحدى الجميع بقوته و ارتباطه لم يعد يعي ما يحدث ببلده .
الكل في لبنان يدور داخل دائرة فارغة اسمها الأفضل للبنان ، و هذه الدائرة تعبئة من الدخان و افتـُرشت أرضها بدماء الشهداء بالشمال و الجنوب . الثمن الذي يدفعه الأبرياء و الأقوياء في هذا الوطن . لكن إلى متى ؟ النار تأكل كل شيء بك يا لبنان ، و هم في غفلة . خطفوا أرواح أبنائك من رفيق الحريري و جبران توينى إلى شهدائك في الساحة اليوم إلى متى تظل أرضك تصرخ من نارك و لا احد يُصغي ؟
جبران تويني اقسمها و الكل رددها من وراء صوته الذي دوى في كل لبنان " نقسم بالله العظيم ، مسلمين و مسيحيين ، أن نبقى موحدين ، إلى آبد الآبدين دفاعاً عن لبنان العظيم .. عشتم و عاش لبنان " .. أين ذهب هذا القسم ؟ أيذهب الشهيد و تذهب كلماته !
على لبنان بكل طوائفها أن تقف في وجه هذا الشر القادم و هذه الحرب الأهلية التي على وشك أن تشتعل . أن كان لبنان يحتاج إلى حكومة جديدة فلتكن . لكن دون دماء ، دون صرخات جديدة للأمهات ، فلتكن حكومتكم منكم ، و لا تدعوا من يزيفوا الحقائق يصلوا إليها . فلتسترجعوا قسم جبران و قسمكم كلكم يا لبنان و لتتحدوا جميعاً ضد هذا العدوان الداخلي الذي بينكم باسم الله و باسم الوطن و باسم الحق . كثيرون نادوا بهذا و التاريخ يُسجل سقوطهم و سيأتي يوماً يعرف هؤلاء أن ما كانوا يسمونه حقٌ كان باطلاً . لان الحق لا يكون بالدم و الدمار ، الحق لا يكون على أجساد الصغار ، الحق لا يدفن أصوات الشهداء . فهي تظل حية دائماً في ضمائرنا تـُنادي فينا . فلا تستسلموا يا أبناء الأرز .
Labels:
رشا ارنست
السبت، يناير 20، 2007
العشرة الطيبة
رشا أرنست - مصر
أتلقى تدريبا بورشة كتابة مع الشاعر والناقد جرجس شكري بمركز الجزويت للاستشارات و التدريب بالمنيا ، و ضمن فريق من الصبايا و الشباب الذين تنمو بداخلهم رغبة جميلة في التمكن من أدوات الكتابــة تلبية لبذرة موهبتهــم التي بدأت في النمــو عبر بعض المحاولات . و نرجع من خلال الورشة إلى زمن الفن الجميل حيث روايات نجيب محفوظ و إحسان عبد القدوس و يوسف إدريس و الحان سيد درويش و عبد الوهاب و غيرهم ممن كتبوا و لحنوا تاريخاً مليء بالأحداث عبر أجيال و أجيال .
جــاء لنا الأستاذ جرجس بأوبريت ربما أغلبنـا لم يسمـــع به من قبـل هو أوبــريـت " العشرة الطيبة " الذي كتبه محمود تيمور و نظم أغانيه بديع خيري و لحنه سيد درويش الذي أدخل للموسيقى للمرة الأولى في مصر الغناء البوليفوني من خلال هذا الاوبريت و اوبريت " شهرذاد " ، أوبريت " العشرة الطيبة " مأخوذ عن المسرحية الفرنسية الهزلية « ذو اللحية الزرقاء » . و قام بالأداء فيها بالمرة الأولى في العشرينيات سيد درويش و حياة صبري .كما قدمتها فرقة نجيب الريحاني عام 1930 .
و النسخة التي سمعناها كانت تمثيل كريمة مختار و صلاح منصور في ادوار البطولــــة " نزهة ، سيف الدين " و قام بالغناء للشخصيتين كارم محمود و أحلام . ثم أعيد تقديم العشرة الطيبة بعد وفاة سيد درويش بسنوات فقدمته الإذاعة المصرية في الخمسينات موزعا توزيعا أوركسترالياً حديثا بقيادة للموسيقار محمد حسن الشجاعى ثم قُدمت بالإسكندرية في السبعينات بإشراف محمد البحر نجل سيد درويش والموسيقار محمد عفيفي .
انتبهنا في بادئ الأمر عندما علمنا أن أجيال مرت على هذا الاوبريت و زادني اهتماماً شخصياً أن الاوبريت نسمعه فقط صوتاً و هذه المرة الأولى الذي اسمع اوبريتاً دون أن أراه ، فالصورة لها اثر كبير على نجاح أي اوبريت غنائي .
دام الاوبريت قرابة ساعة و نصف ، حقيقة لم يمر الوقت بسهولة حيث اننا مللنا بعض الشيء نظراً لعيوب في الصوت و انعدام الصورة . بأغلب الوقت كنتُ اصغي جيدا حتى أتمكن من معرفة الأشخاص الذين يقومون بالتمثيل فقد جعلها الشاعر جرجس مجهولة لنا حتى نكتشفها . و من خلال سيناريو الاوبريت الذي مال إلى الإطالة و هذا راجع للوقت الذي كُتب فيه النص ، و كلمات الأغاني الزجلية التي برع سيد درويش رغم صعوبتها البالغة في تلحينها بشكل يسهل على الأذن سماعها و التمتع بها ، اكتشفت كم برع الفنانون المصريون بشتى الطرق على التعبير عن فترات قاسية مروا بها . فترات تأرجح بين الطبقة العليا من البشوات و الطبقة السفلى من الفلاحين . بين من هو حاكم و من هو محكوم . فالفترة لم تكن بقصيرة ، توالى الاستعمار و توالت الاختلافات و لكن يبقى المصري مبدعاً بقدر ما يتألم .
خلال الاوبريت تتجسد معالم الفلاح البسيط و الساذج من خلال " نزهة " الفتاة التي هي محور السيناريو ، الطفلة التي القوا بها في النيل لأنها فقط بنت ، فقد كان الباشا والدهــا ينتظر ولي العهــد و عندما خاب الأمــــل استسهل من حوله رميهــا في النيــل و المجيء له بطفل ادعوا انه ابنه . و تجيء بها تموجات النيل الهادئة لتستقر بها بإحدى القرى و يأخذها شيخ البلد ليقوم بتربيتها .
و في حبكة درامية يكتشف الباشا الأب بحقيقة وجود ابنة له بعد عشرون عاماً و يبدأ في البحث عنها و تحدث المعجزة و يجدها حتى لو بطريقة أخذت شرحاً وافيً من محمود تيمور . وسط هذه الأحداث هناك أنغام تأخذك لعالم سيد درويش الجالس على راحة القمر يُرسل لنا بالحان على ضوءه . تزداد إبداعاً بصوت كارم محمود و أحــلام و شهرزاد .
و لم ينسى تيمور أن ينسج بالاوبريت خيطان متلاحمان هما خيط الحب الدافئ بين نزهة و سيف الدين و خيطاً رفيعاً هو عالم السياسة الذي يختلط بكل شيء و الذي جسده قمر الدين أبو زعيزع الباشا و أعوانه .
أتسال لما لم يعد هناك اوبريتات كمثل هذه ؟ تمتزج فيها المشاعر الإنسانية بالسياسية في حبكة إبداع في التمثيل و الغناء ، ربما لأنه لم يعد هناك سيد درويش و ربما لأنه لم يعد بإمكاننا تحمل ساعة و نصف من الإبداع . يكفينا أربعة دقائق مع إحدى المغنيات الفاتنات و التي ستقوم بكل شيء من رقص و غناء و دلع و خلع بأقل وقت . نعلم جميعاً أننا في حوصرنا بين جيل التسعينيات أخر أجيــال الانجــاز و بين جيل الألفية الثالثة الذي لا يقوى على شيء غير الصبر . فنحن وقعنا بين المطرقة و السندان في هذا العصر ، بين زمن مليء بالبطولات و الانجـــازات و الفن الراقــــي و بين عولمة بدأت و ليس لها ملامح تُذكر تأخذنا في موجة اسمها البحث عن الديمقراطية و التطور . و لا ندري إذا كنا نحب الماضي و رضينا الحاضر ، أم أننا نلعن الحاضر و نرثى الماضي .
بقلبي حنيناً لماضي لم نعيش فيه و لكنه يعيش فينا ، و بقلبي أيضاً آمالا تنطلق من تلك المائدة التي اجتمعت عليها مع شباب وصبايا مازالوا يحلمون ، و يحملون بقلوبهم كل الحب و الخير لأنفسهم و وطنهم . و مازالوا ينبضون نحن هنا نسعى للأفضل .
أتلقى تدريبا بورشة كتابة مع الشاعر والناقد جرجس شكري بمركز الجزويت للاستشارات و التدريب بالمنيا ، و ضمن فريق من الصبايا و الشباب الذين تنمو بداخلهم رغبة جميلة في التمكن من أدوات الكتابــة تلبية لبذرة موهبتهــم التي بدأت في النمــو عبر بعض المحاولات . و نرجع من خلال الورشة إلى زمن الفن الجميل حيث روايات نجيب محفوظ و إحسان عبد القدوس و يوسف إدريس و الحان سيد درويش و عبد الوهاب و غيرهم ممن كتبوا و لحنوا تاريخاً مليء بالأحداث عبر أجيال و أجيال .
جــاء لنا الأستاذ جرجس بأوبريت ربما أغلبنـا لم يسمـــع به من قبـل هو أوبــريـت " العشرة الطيبة " الذي كتبه محمود تيمور و نظم أغانيه بديع خيري و لحنه سيد درويش الذي أدخل للموسيقى للمرة الأولى في مصر الغناء البوليفوني من خلال هذا الاوبريت و اوبريت " شهرذاد " ، أوبريت " العشرة الطيبة " مأخوذ عن المسرحية الفرنسية الهزلية « ذو اللحية الزرقاء » . و قام بالأداء فيها بالمرة الأولى في العشرينيات سيد درويش و حياة صبري .كما قدمتها فرقة نجيب الريحاني عام 1930 .
و النسخة التي سمعناها كانت تمثيل كريمة مختار و صلاح منصور في ادوار البطولــــة " نزهة ، سيف الدين " و قام بالغناء للشخصيتين كارم محمود و أحلام . ثم أعيد تقديم العشرة الطيبة بعد وفاة سيد درويش بسنوات فقدمته الإذاعة المصرية في الخمسينات موزعا توزيعا أوركسترالياً حديثا بقيادة للموسيقار محمد حسن الشجاعى ثم قُدمت بالإسكندرية في السبعينات بإشراف محمد البحر نجل سيد درويش والموسيقار محمد عفيفي .
انتبهنا في بادئ الأمر عندما علمنا أن أجيال مرت على هذا الاوبريت و زادني اهتماماً شخصياً أن الاوبريت نسمعه فقط صوتاً و هذه المرة الأولى الذي اسمع اوبريتاً دون أن أراه ، فالصورة لها اثر كبير على نجاح أي اوبريت غنائي .
دام الاوبريت قرابة ساعة و نصف ، حقيقة لم يمر الوقت بسهولة حيث اننا مللنا بعض الشيء نظراً لعيوب في الصوت و انعدام الصورة . بأغلب الوقت كنتُ اصغي جيدا حتى أتمكن من معرفة الأشخاص الذين يقومون بالتمثيل فقد جعلها الشاعر جرجس مجهولة لنا حتى نكتشفها . و من خلال سيناريو الاوبريت الذي مال إلى الإطالة و هذا راجع للوقت الذي كُتب فيه النص ، و كلمات الأغاني الزجلية التي برع سيد درويش رغم صعوبتها البالغة في تلحينها بشكل يسهل على الأذن سماعها و التمتع بها ، اكتشفت كم برع الفنانون المصريون بشتى الطرق على التعبير عن فترات قاسية مروا بها . فترات تأرجح بين الطبقة العليا من البشوات و الطبقة السفلى من الفلاحين . بين من هو حاكم و من هو محكوم . فالفترة لم تكن بقصيرة ، توالى الاستعمار و توالت الاختلافات و لكن يبقى المصري مبدعاً بقدر ما يتألم .
خلال الاوبريت تتجسد معالم الفلاح البسيط و الساذج من خلال " نزهة " الفتاة التي هي محور السيناريو ، الطفلة التي القوا بها في النيل لأنها فقط بنت ، فقد كان الباشا والدهــا ينتظر ولي العهــد و عندما خاب الأمــــل استسهل من حوله رميهــا في النيــل و المجيء له بطفل ادعوا انه ابنه . و تجيء بها تموجات النيل الهادئة لتستقر بها بإحدى القرى و يأخذها شيخ البلد ليقوم بتربيتها .
و في حبكة درامية يكتشف الباشا الأب بحقيقة وجود ابنة له بعد عشرون عاماً و يبدأ في البحث عنها و تحدث المعجزة و يجدها حتى لو بطريقة أخذت شرحاً وافيً من محمود تيمور . وسط هذه الأحداث هناك أنغام تأخذك لعالم سيد درويش الجالس على راحة القمر يُرسل لنا بالحان على ضوءه . تزداد إبداعاً بصوت كارم محمود و أحــلام و شهرزاد .
و لم ينسى تيمور أن ينسج بالاوبريت خيطان متلاحمان هما خيط الحب الدافئ بين نزهة و سيف الدين و خيطاً رفيعاً هو عالم السياسة الذي يختلط بكل شيء و الذي جسده قمر الدين أبو زعيزع الباشا و أعوانه .
أتسال لما لم يعد هناك اوبريتات كمثل هذه ؟ تمتزج فيها المشاعر الإنسانية بالسياسية في حبكة إبداع في التمثيل و الغناء ، ربما لأنه لم يعد هناك سيد درويش و ربما لأنه لم يعد بإمكاننا تحمل ساعة و نصف من الإبداع . يكفينا أربعة دقائق مع إحدى المغنيات الفاتنات و التي ستقوم بكل شيء من رقص و غناء و دلع و خلع بأقل وقت . نعلم جميعاً أننا في حوصرنا بين جيل التسعينيات أخر أجيــال الانجــاز و بين جيل الألفية الثالثة الذي لا يقوى على شيء غير الصبر . فنحن وقعنا بين المطرقة و السندان في هذا العصر ، بين زمن مليء بالبطولات و الانجـــازات و الفن الراقــــي و بين عولمة بدأت و ليس لها ملامح تُذكر تأخذنا في موجة اسمها البحث عن الديمقراطية و التطور . و لا ندري إذا كنا نحب الماضي و رضينا الحاضر ، أم أننا نلعن الحاضر و نرثى الماضي .
بقلبي حنيناً لماضي لم نعيش فيه و لكنه يعيش فينا ، و بقلبي أيضاً آمالا تنطلق من تلك المائدة التي اجتمعت عليها مع شباب وصبايا مازالوا يحلمون ، و يحملون بقلوبهم كل الحب و الخير لأنفسهم و وطنهم . و مازالوا ينبضون نحن هنا نسعى للأفضل .
Labels:
رشا ارنست
الجمعة، يناير 19، 2007
تعددت الأنواع و الزواج لم يعد زواجا
تحقيق / رشا أرنست
مصر
بعصر التكنولوجيا الحديثة و الانترنت المفتوح على العالم من كل الاتجاهات ، أضحت حياتنا تتحرك هي أيضاً بالكليك (ضغطة الفأرة ) مثل جهاز الكمبيوتر الذي نتحكم فيه بكليك يمين و كليك شمال عن طريق هذه الفأرة الصغيرة أو الماوس كما نقول عنها بالانجليزية
كل شيء في حياتنا صغار و كبار أصبحت كليك يمين و كليك شمال ، حتى أهم المواقف و القرارات بحياتنا أصبحت هكذا ، وصلنا كبشر لمرحلة الاستخدام ، فلم يقتصر الاستخدام و الاستغلال على كل ما هو مادي و مستهلك بل أيضاً تحولنا نحن أيضاً كبشر إلى مواد مستهلكة كنوع أيضاً من التمدن الحديث . و الأكبر من ذلك إننا نكاد نكون من ارخص المواد و لسنا أغلاها . هذا ما اكتشفه كل يوم و أنا أقرأ و أتابع كل ما هو جديد في نشرات الأخبار و الجرائد و على صفحات الانترنت . تفاجأت كثيراً عندما قرأت عن نسب الطلاق في العالم العربي فلقد كشفت دراسة أعدها مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض أن نسب الطلاق بلغت 34% في البحرين و40% في مصر و38% في قطر و46% في الإمارات في عام 2003، كما توضح إحصاءات صدرت عن إدارة التوثيق الشرعية بوزارة العدل الكويتية أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت 40% خلال النصف الأول من العام نفسه ، أما في السعودية فقد أورد موقع (محامو المملكة) أنه يتم طلاق 33 امرأة يومياً ، و بدول الخليج تتراوح النسبة ما بين 30% إلى 38% .
لقد تحولت المرأة في زمن العولمة إلى سلعة مستهلكة بنسبة تفوق استهلاك سلع أخرى ، ربما يوما ستكون استهلاكها اكبر من استهلاك القهوة أو ربما ستفوق مقدار استهلاك الأوراق التي نكتب عليها مقالاتنا . و الأكثر من ذلك أن نسب الزواج الغير شرعي بأنواعه تُعادل و تفوق نسب الطلاق . فالزواج الذي نعرفه بين رجل و امرأة تعاهدوا فيما بينهما أمام الله و الناس بأن يكونوا أسرة واحدة على السراء و الضراء لم تعد هي نموذج للحياة الطبيعية و الأسرة السوية الآن . فهذا الزواج و الذي نعرفه بالزواج الشرعي هو أول زواج بحياة الرجل العربي ، و بعد ذلك يبدأ بتجربة كافة أنواع الزواج الأخرى . فهو يتزوج بفتاة يعرفها نسباً و أصلاً و تكون هي الشرعية و الظاهرة أمام الجميع و من بعدها يُتيح لنفسه زيجات أخرى لمتعته الخاصة و هي بالطبع لن تفرق كثيراً معه من ستكون هذه الزوجة و كأن الله خلق بنات ناس يتزوجهن في العلن و خلق بنات شوارع يتزوجهن في الخفاء . و كثيراً من هؤلاء الذين يتزوجون بأكثر من واحدة غالباً ما لا يكتفون بمثنى و ثلاث و رباع كما جاء بالقرآن الكريم و إنما الزواج بالنسبة لهم عملية تبادلية مرحلية ، فما المانع أن يكون هناك خماس و سداس طالما انه يوجد الحل و هو الطلاق . لقد تعدت التكنولوجيا الحديثة مجرد تقدم عقولنا و اختراعاتنا الكثيفة كل يوم ، لقد وصلت التكنولوجيا إلى داخل الإنسان ، جعلته يعرف كيف يبحث عن متعته و كيف يجدها بأقل التكاليف و في أقصر وقت ممكن ، فأصبح كفأرة الكمبيوتر كليك يمين يتزوج و كليك شمال يُطلق و المسألة لا تستحق العناء .
و بالفعل أصبح الزواج الحديث بأنواعه و الطلاق أيضاً هما مشكلة متضخمة في مجتمعنا العربي ، و خاصة بعد أن تعددت الأنواع و الطرق . و أصبح كل شيء مُباح و الفتاوى هنا و هناك . و لم يعد الشاب الآن ملزم بأن يكون اتمم دراسته أو حصل على مؤهل أو وظيفة و بدأ في تكوين بيت حتى يتزوج ، يكفيه أن تُشاور يديه على أي فتاة ، حتى يحصل عليها و بدون تكلفة أو وجع دماغ بتفاصيل الحب و تكوين أسرة و زفاف و غيره من العادات البالية التي ذهبت مع القيم و أصبحت موضة قديمة . فهو يختار أي فتاة و النوع الذي يليق عليها من أنواع الزواج و يناسبه هو أيضاً .
فمن الرجال ما يناسبه الزواج العرفي و يأتي الزواج العرفي على قائمة أنواع الزواج الحديث حيث انه الأكثر انتشاراً بين شباب الجامعات ، الذين علموا قبل أن ينهوا دراساتهم أن السبيل للزواج الشرعي المعترف به من الصعب تحقيقه في القريب العاجل في ظل ظروف البطالة التي تفشت في اغلب الدول . و المعروف أن القانون لا يحفظ للفتاة في هذا الزواج و لا في أي زواج آخر غير الشرعي أي حقوق . هذا غير الآثار النفسية التي يتركها هذا الزواج في نفس الفتاة ، بالإضافة للمشكلات الاجتماعية و القضائية التي تتعرض لها نتيجة لزواجها بشاب زواج عرفي غير معترف به .
و للزواج أنواع أخرى منها زواج المتعة ( متعة التجربة ) و هذا النوع له فروع كثيرة فمنه زواج المتعة من اجل الإنجاب ، زواج المتعة من اجل النفقة المادية ، زواج المتعة بين السيد و الخادمة ، زواج المتعة من اجل الاختلاط ، و أخيراً زواج المتعة للمتعة غير الجنسية . هذه الزيجات جميعاً تندرج تحت مسمى زواج المتعة . و دون أن نخوض في تفاصيل و شرح لكل هذه الأنواع ، لابد أن نعرف أن هذا الزواج هو أيضاً غير شرعي و من مسمياته العديدة ندرك أن هذا النوع هو إهدار جزئي و كلي لكرامة البشر سواء للرجل أو المرأة ، فالإنسان الذي يصل لمرحلة استخدام إنسان آخر لمتعه محددة الزمن هكذا لم يعد إنسان طبيعي مهما اختلفت المبررات . مع العلم أن زواج المتعة هو نوع قديم من أيام الجاهلية حتى مجيء الإسلام الذي حرمه و لكنه أباحه تحت الضرورة و لا نعلم ما هي هذه الضرورة !
كما انتشر أيضاً في الآونة الأخيرة و خاصة في دول الخليج ما يسمى " بزواج المِسيار" و هو أن يتزوج رجل امرأة مطلقة أو أرملة - في الغالب - على أن يأتيها مرة أو أكثر في الشهر، وغالباً ما تكون في منطقة بعيدة عن سكنه الأصلي، ويكون ذلك برغبة منها فتتنازل عن حقها في العدل بينها وبين زوجته الأولى
و هناك أيضا نوع آخر و هو الزواج بنية الطلاق وهو انتشر في هذا الزمن بين الشباب المسلم وخاصة من هاجروا للعمل خارج بلادهم ، و هو أن يضمر في نيته طلاق من يرغب زواجها بعد انتهاء دراسته أو عمله .
و هناك أيضاً زواج الفريند نسبة إلى العلاقة المتعارف عليها في الغرب و ما تسمى " boy friend – girl friend " فأصبح هناك زواج الفريند و يستند إلى جوانب و أركان الزواج الشرعي من حيث المأذون و الشاهدين و صيغة العقد و المهر المتراضي عليه و الاختلاف انه لا يشترط وجود منزل للزوج .
و هذا الزواج فتوى أطلقها الشيخ " عبد المجيد الزنداني " و قد حلله أيضاً شيخ الأزهر " محمد سيد طنطاوي " و أشار انه زواج حلال و صحيح و من حق المرأة التنازل عن حقها في السكن و النفقة برغبتها .
نأتي لأخر نوع و هو الزواج السري و الذي بدأ ينتشر في السنوات الأخيرة و عرف في البداية باسم الزواج العرفي ثم وجد الشباب أن الورقة التي يكتبونها في الزواج العرفي تسبب لهم بعض المشاكل مع وجود شهود . فقرروا أن يغيروا قليلاً فأصبح الزواج بورقة أو تسجيل صوتي لهما دون وجود شاهد واحد . و هنا اختفت كل معالم الزواج المتعارف عليه و أصبح سرٌ بين اثنين إذا غاب إحداهما و غالباً ما يكون الغائب هو الرجل أصبح الطرف الثاني في حكم الزاني . و هذا الزواج غير مكتمل الأركان جميعاً فهو بالتالي غير شرعي و مُحرم ، هذا ما أصدرته إدارة الفتوة بالأزهر الشريف و عدد من كبار علماء الدين .
المشكلة الحقيقية لا تكمن في مدى شرعية هذا الزواج أو عدم شرعيته ، فالجميع يعلم جيداً ما هو حلال و ما هو حرام بغض النظر عن تشككهم كل يوم بالفتاوى الجديدة التي تطل علينا عبر الفضائيات من قلة من الشيوخ . فالمشكلة الحقيقية هي تلاشي قيمة الإنسان في نظر نفسه و في نظر الآخر .
أصبحنا نختار نوع الزواج كما نختار نوع الطعام من القائمة في أي مطعم . تحولت أذواقنا و مشاعرنا إلى أجهزة تعمل و تنطفئ و تستجيب للمتعة عندما يأتي ميعاد المتعة ليس إلا . أين ذهبت القيم و الرحمة و المودة بين البشر ، وصلنا لطريق أوله من سيستغل الآخر أولاً ، و آخره من سيخرج خاسراً بأقل الخسائر من هذا الزواج الذي أصبح لعبة بطرق مختلفة .
مصر
بعصر التكنولوجيا الحديثة و الانترنت المفتوح على العالم من كل الاتجاهات ، أضحت حياتنا تتحرك هي أيضاً بالكليك (ضغطة الفأرة ) مثل جهاز الكمبيوتر الذي نتحكم فيه بكليك يمين و كليك شمال عن طريق هذه الفأرة الصغيرة أو الماوس كما نقول عنها بالانجليزية
كل شيء في حياتنا صغار و كبار أصبحت كليك يمين و كليك شمال ، حتى أهم المواقف و القرارات بحياتنا أصبحت هكذا ، وصلنا كبشر لمرحلة الاستخدام ، فلم يقتصر الاستخدام و الاستغلال على كل ما هو مادي و مستهلك بل أيضاً تحولنا نحن أيضاً كبشر إلى مواد مستهلكة كنوع أيضاً من التمدن الحديث . و الأكبر من ذلك إننا نكاد نكون من ارخص المواد و لسنا أغلاها . هذا ما اكتشفه كل يوم و أنا أقرأ و أتابع كل ما هو جديد في نشرات الأخبار و الجرائد و على صفحات الانترنت . تفاجأت كثيراً عندما قرأت عن نسب الطلاق في العالم العربي فلقد كشفت دراسة أعدها مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض أن نسب الطلاق بلغت 34% في البحرين و40% في مصر و38% في قطر و46% في الإمارات في عام 2003، كما توضح إحصاءات صدرت عن إدارة التوثيق الشرعية بوزارة العدل الكويتية أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت 40% خلال النصف الأول من العام نفسه ، أما في السعودية فقد أورد موقع (محامو المملكة) أنه يتم طلاق 33 امرأة يومياً ، و بدول الخليج تتراوح النسبة ما بين 30% إلى 38% .
لقد تحولت المرأة في زمن العولمة إلى سلعة مستهلكة بنسبة تفوق استهلاك سلع أخرى ، ربما يوما ستكون استهلاكها اكبر من استهلاك القهوة أو ربما ستفوق مقدار استهلاك الأوراق التي نكتب عليها مقالاتنا . و الأكثر من ذلك أن نسب الزواج الغير شرعي بأنواعه تُعادل و تفوق نسب الطلاق . فالزواج الذي نعرفه بين رجل و امرأة تعاهدوا فيما بينهما أمام الله و الناس بأن يكونوا أسرة واحدة على السراء و الضراء لم تعد هي نموذج للحياة الطبيعية و الأسرة السوية الآن . فهذا الزواج و الذي نعرفه بالزواج الشرعي هو أول زواج بحياة الرجل العربي ، و بعد ذلك يبدأ بتجربة كافة أنواع الزواج الأخرى . فهو يتزوج بفتاة يعرفها نسباً و أصلاً و تكون هي الشرعية و الظاهرة أمام الجميع و من بعدها يُتيح لنفسه زيجات أخرى لمتعته الخاصة و هي بالطبع لن تفرق كثيراً معه من ستكون هذه الزوجة و كأن الله خلق بنات ناس يتزوجهن في العلن و خلق بنات شوارع يتزوجهن في الخفاء . و كثيراً من هؤلاء الذين يتزوجون بأكثر من واحدة غالباً ما لا يكتفون بمثنى و ثلاث و رباع كما جاء بالقرآن الكريم و إنما الزواج بالنسبة لهم عملية تبادلية مرحلية ، فما المانع أن يكون هناك خماس و سداس طالما انه يوجد الحل و هو الطلاق . لقد تعدت التكنولوجيا الحديثة مجرد تقدم عقولنا و اختراعاتنا الكثيفة كل يوم ، لقد وصلت التكنولوجيا إلى داخل الإنسان ، جعلته يعرف كيف يبحث عن متعته و كيف يجدها بأقل التكاليف و في أقصر وقت ممكن ، فأصبح كفأرة الكمبيوتر كليك يمين يتزوج و كليك شمال يُطلق و المسألة لا تستحق العناء .
و بالفعل أصبح الزواج الحديث بأنواعه و الطلاق أيضاً هما مشكلة متضخمة في مجتمعنا العربي ، و خاصة بعد أن تعددت الأنواع و الطرق . و أصبح كل شيء مُباح و الفتاوى هنا و هناك . و لم يعد الشاب الآن ملزم بأن يكون اتمم دراسته أو حصل على مؤهل أو وظيفة و بدأ في تكوين بيت حتى يتزوج ، يكفيه أن تُشاور يديه على أي فتاة ، حتى يحصل عليها و بدون تكلفة أو وجع دماغ بتفاصيل الحب و تكوين أسرة و زفاف و غيره من العادات البالية التي ذهبت مع القيم و أصبحت موضة قديمة . فهو يختار أي فتاة و النوع الذي يليق عليها من أنواع الزواج و يناسبه هو أيضاً .
فمن الرجال ما يناسبه الزواج العرفي و يأتي الزواج العرفي على قائمة أنواع الزواج الحديث حيث انه الأكثر انتشاراً بين شباب الجامعات ، الذين علموا قبل أن ينهوا دراساتهم أن السبيل للزواج الشرعي المعترف به من الصعب تحقيقه في القريب العاجل في ظل ظروف البطالة التي تفشت في اغلب الدول . و المعروف أن القانون لا يحفظ للفتاة في هذا الزواج و لا في أي زواج آخر غير الشرعي أي حقوق . هذا غير الآثار النفسية التي يتركها هذا الزواج في نفس الفتاة ، بالإضافة للمشكلات الاجتماعية و القضائية التي تتعرض لها نتيجة لزواجها بشاب زواج عرفي غير معترف به .
و للزواج أنواع أخرى منها زواج المتعة ( متعة التجربة ) و هذا النوع له فروع كثيرة فمنه زواج المتعة من اجل الإنجاب ، زواج المتعة من اجل النفقة المادية ، زواج المتعة بين السيد و الخادمة ، زواج المتعة من اجل الاختلاط ، و أخيراً زواج المتعة للمتعة غير الجنسية . هذه الزيجات جميعاً تندرج تحت مسمى زواج المتعة . و دون أن نخوض في تفاصيل و شرح لكل هذه الأنواع ، لابد أن نعرف أن هذا الزواج هو أيضاً غير شرعي و من مسمياته العديدة ندرك أن هذا النوع هو إهدار جزئي و كلي لكرامة البشر سواء للرجل أو المرأة ، فالإنسان الذي يصل لمرحلة استخدام إنسان آخر لمتعه محددة الزمن هكذا لم يعد إنسان طبيعي مهما اختلفت المبررات . مع العلم أن زواج المتعة هو نوع قديم من أيام الجاهلية حتى مجيء الإسلام الذي حرمه و لكنه أباحه تحت الضرورة و لا نعلم ما هي هذه الضرورة !
كما انتشر أيضاً في الآونة الأخيرة و خاصة في دول الخليج ما يسمى " بزواج المِسيار" و هو أن يتزوج رجل امرأة مطلقة أو أرملة - في الغالب - على أن يأتيها مرة أو أكثر في الشهر، وغالباً ما تكون في منطقة بعيدة عن سكنه الأصلي، ويكون ذلك برغبة منها فتتنازل عن حقها في العدل بينها وبين زوجته الأولى
و هناك أيضا نوع آخر و هو الزواج بنية الطلاق وهو انتشر في هذا الزمن بين الشباب المسلم وخاصة من هاجروا للعمل خارج بلادهم ، و هو أن يضمر في نيته طلاق من يرغب زواجها بعد انتهاء دراسته أو عمله .
و هناك أيضاً زواج الفريند نسبة إلى العلاقة المتعارف عليها في الغرب و ما تسمى " boy friend – girl friend " فأصبح هناك زواج الفريند و يستند إلى جوانب و أركان الزواج الشرعي من حيث المأذون و الشاهدين و صيغة العقد و المهر المتراضي عليه و الاختلاف انه لا يشترط وجود منزل للزوج .
و هذا الزواج فتوى أطلقها الشيخ " عبد المجيد الزنداني " و قد حلله أيضاً شيخ الأزهر " محمد سيد طنطاوي " و أشار انه زواج حلال و صحيح و من حق المرأة التنازل عن حقها في السكن و النفقة برغبتها .
نأتي لأخر نوع و هو الزواج السري و الذي بدأ ينتشر في السنوات الأخيرة و عرف في البداية باسم الزواج العرفي ثم وجد الشباب أن الورقة التي يكتبونها في الزواج العرفي تسبب لهم بعض المشاكل مع وجود شهود . فقرروا أن يغيروا قليلاً فأصبح الزواج بورقة أو تسجيل صوتي لهما دون وجود شاهد واحد . و هنا اختفت كل معالم الزواج المتعارف عليه و أصبح سرٌ بين اثنين إذا غاب إحداهما و غالباً ما يكون الغائب هو الرجل أصبح الطرف الثاني في حكم الزاني . و هذا الزواج غير مكتمل الأركان جميعاً فهو بالتالي غير شرعي و مُحرم ، هذا ما أصدرته إدارة الفتوة بالأزهر الشريف و عدد من كبار علماء الدين .
المشكلة الحقيقية لا تكمن في مدى شرعية هذا الزواج أو عدم شرعيته ، فالجميع يعلم جيداً ما هو حلال و ما هو حرام بغض النظر عن تشككهم كل يوم بالفتاوى الجديدة التي تطل علينا عبر الفضائيات من قلة من الشيوخ . فالمشكلة الحقيقية هي تلاشي قيمة الإنسان في نظر نفسه و في نظر الآخر .
أصبحنا نختار نوع الزواج كما نختار نوع الطعام من القائمة في أي مطعم . تحولت أذواقنا و مشاعرنا إلى أجهزة تعمل و تنطفئ و تستجيب للمتعة عندما يأتي ميعاد المتعة ليس إلا . أين ذهبت القيم و الرحمة و المودة بين البشر ، وصلنا لطريق أوله من سيستغل الآخر أولاً ، و آخره من سيخرج خاسراً بأقل الخسائر من هذا الزواج الذي أصبح لعبة بطرق مختلفة .
Labels:
رشا ارنست
الاثنين، يناير 15، 2007
شباب يطلب فرصة
رشا أرنست – مصر
قرأت له الكثير من الكتابات دون أن اعرفه ، فهو بالنسبة لي كاتب كأي كاتب آخر ، ما يميزه عندي أنني أشعر انه يتواصل مع عقلي بشكل طبيعي و أفضل قراءة كتاباته . و الآن ها إني اعرفه و أحدثه و كانت معرفتنا صدفة ، و لكنها أصبحت أكثر من ذلك ، فربطتنا صداقة جدّية . لم يجعل لفارق العمر أو المكانة حاجزٌ بيننا ، بل العكس ، بحواري معه لم أشعر بتلك الفوارق ، و إن كان هو يُعتبر في سن الشباب أيضاً ، دائماً يُقدرني و يهتم لأفكاري و قناعاتي في أمور كثيرة ، في عصر أصبح الشباب منا بلا قيمة و يصفونه بالشباب الضائع و المستهتر و لا يصغون إليه دون تمييز أن هناك أنماط مختلفة للشباب .
قرأت له الكثير من الكتابات دون أن اعرفه ، فهو بالنسبة لي كاتب كأي كاتب آخر ، ما يميزه عندي أنني أشعر انه يتواصل مع عقلي بشكل طبيعي و أفضل قراءة كتاباته . و الآن ها إني اعرفه و أحدثه و كانت معرفتنا صدفة ، و لكنها أصبحت أكثر من ذلك ، فربطتنا صداقة جدّية . لم يجعل لفارق العمر أو المكانة حاجزٌ بيننا ، بل العكس ، بحواري معه لم أشعر بتلك الفوارق ، و إن كان هو يُعتبر في سن الشباب أيضاً ، دائماً يُقدرني و يهتم لأفكاري و قناعاتي في أمور كثيرة ، في عصر أصبح الشباب منا بلا قيمة و يصفونه بالشباب الضائع و المستهتر و لا يصغون إليه دون تمييز أن هناك أنماط مختلفة للشباب .
فالشباب بالتقريب هم ثلاث أنماط ، النمط الأول الشباب الذي تعلم تعليم لا يُساوي أكثر من الحبر الذي كُتب به شهادتهم الجامعية ، و هذا الشباب يسعى فقط لترك البلد و السفر للخارج نتيجة الإحباط و البطالة و تدهور كل شيء هنا حتى الكرامة . و النمط الثاني لشباب استطاع بمقدرته المحدودة و إيمانه الكبير أن يُثقف نفسه و يجد له قضية يعيش من اجلها في وطنه هنا و هؤلاء قلة . أما شباب النمط الثالث هم مَن ضاعوا في المنتصف لم يستطيعوا تحديد أهدافهم أو الإيمان بقضية ، و قرروا ضرب كل القيم بالحائط ، و اكتفوا بثقافة الفيديو كليب و أفلام الإيرادات الهابطة و البرامج التي تحط من قيمة الإنسان . و لكن بالنهاية جميعهم شباب هذا البلد يمثلون نصف المجتمع .
و رغم ذلك نجد من حولهم غاية في اللامبالاة وسط فوضى من الآراء المبعثرة في كل مكان . فمنهم من لا يأبه أساساً بالشباب ، و منهم مَن يعتبرهم جيل الألفية الثالثة الضائع بلا هدف و منهم مَن لا يعرف غير النقد لهم و لأفكارهم و مبادئهم .
قليلون فقط مثل هذا الكاتب مَن حاولوا فهم الشباب و الحوار معه و معرفة ما يتطلعون إليه بنظراتهم المُشرقة و أن كانت بائسة في أحوال كثيرة نظراً للظروف الاقتصادية و التعليمية و الفكرية التي تدهورت إلى أقصى مراحل التدهور هذه الأعوام و عدم إتاحة الفرص الكاملة لهم .
قليلون فقط مثل هذا الكاتب مَن حاولوا فهم الشباب و الحوار معه و معرفة ما يتطلعون إليه بنظراتهم المُشرقة و أن كانت بائسة في أحوال كثيرة نظراً للظروف الاقتصادية و التعليمية و الفكرية التي تدهورت إلى أقصى مراحل التدهور هذه الأعوام و عدم إتاحة الفرص الكاملة لهم .
و لا اقصد بهؤلاء الذين يُنادون بالثورات و العناوين البراقة و البرامج المصروف عليها ملايين دون فائدة ، و لا أقصد صناع الحياة أو جيل المستقبل الذين يزيفون الحياة و يضعون عليها ماسك باهتاً . و لكنى أتكلم عن القليلون الذين يفكرون مع الشباب ، يحيطونهم حب و رعاية و تشجيعاً . و لكن لماذا لا يزداد عددهم ؟ لماذا يتوارى الجميع عن تشجيع الشباب و خاصة الموهوبون منهم . فمن خلال تصفحي لعديد من المنتديات على الانترنت وجدت كمّ هائل من الشباب الموهوب بالكتابة و الرسم و الشعر ، كما وجدت شباب موهوب أيضاً بالتطلع للمستقبل و الأمل و حب الحياة . لماذا يا مَن تستطيعون المساعدة لا تمدون أيديكم لهؤلاء الشباب ؟ ألا يستحق هذا البلد منكم أن تكرموه و تعطوا ممن أعطاكم لهؤلاء الشباب الذين سيصبحون مستقبل بلدكم !
بلد بلا شباب كشجرة نمت و لم تُعطي ثمرة ، موجودة و لكن ليس لوجودها قيمة حقيقية . ربما تحتفظ بمكانها أو تُفيد البعض بظلال أوراقها و لكن لا تُعطي إنتاجاً و سيأتي يوماً أن ظلت هكذا أن تُقطع و تلقى في النار .
حقيقة .. الشباب يستحق بعضاً من التشجيع بعضاً من الحوار ، بعض الوقت لتستمعوا إلينا و تعرفوا منا كيف نفكر و ماذا نريد و بماذا نؤمن . بعض من الوقت تفكرون فيه كيف تُساعدوننا نحن الشباب ، كيف تجعلونا ننمو بطريقة صحيحة ، كيف تجعلونا لا نفكر في ترك هذا البلد ؟ ....
لو لم تنتبهوا لن يتغير الوضع الحالي لأفضل منه و لكن ربما يتغير للأسوأ . نحن الشباب بداخلنا طاقات كامنة لا حصر لها و لا حدود ، و أن لم تخرج بِعناية مَن هم أكبر منا و أنضج منا مع إرشادهم و تشجيعهم ستكون قوة مدمرة لأنفسنا و لهذا البلد الذي مازلنا نسعى للأفضل له و نبقى على رفعته دائماً . و التشجيع و تبني المواهب الشابة يعود عليكم بالفائدة و الفخر ، فمَن يُقدم حباً عملياً لوطنه متجسداً في تشجيع و تنمية الشباب يُقدم بذلك مستقبل أفضل لوطنه بدلاً من إلقاء اللوم المستمر عليهم و على أيامهم التي امتلأت بكل أنواع التدهور .
بلد بلا شباب كشجرة نمت و لم تُعطي ثمرة ، موجودة و لكن ليس لوجودها قيمة حقيقية . ربما تحتفظ بمكانها أو تُفيد البعض بظلال أوراقها و لكن لا تُعطي إنتاجاً و سيأتي يوماً أن ظلت هكذا أن تُقطع و تلقى في النار .
حقيقة .. الشباب يستحق بعضاً من التشجيع بعضاً من الحوار ، بعض الوقت لتستمعوا إلينا و تعرفوا منا كيف نفكر و ماذا نريد و بماذا نؤمن . بعض من الوقت تفكرون فيه كيف تُساعدوننا نحن الشباب ، كيف تجعلونا ننمو بطريقة صحيحة ، كيف تجعلونا لا نفكر في ترك هذا البلد ؟ ....
لو لم تنتبهوا لن يتغير الوضع الحالي لأفضل منه و لكن ربما يتغير للأسوأ . نحن الشباب بداخلنا طاقات كامنة لا حصر لها و لا حدود ، و أن لم تخرج بِعناية مَن هم أكبر منا و أنضج منا مع إرشادهم و تشجيعهم ستكون قوة مدمرة لأنفسنا و لهذا البلد الذي مازلنا نسعى للأفضل له و نبقى على رفعته دائماً . و التشجيع و تبني المواهب الشابة يعود عليكم بالفائدة و الفخر ، فمَن يُقدم حباً عملياً لوطنه متجسداً في تشجيع و تنمية الشباب يُقدم بذلك مستقبل أفضل لوطنه بدلاً من إلقاء اللوم المستمر عليهم و على أيامهم التي امتلأت بكل أنواع التدهور .
و نحن الشباب بالطبع لم نكن المسئولون عن هذا التدهور . لأنه ببساطة لم تتاح لنا الفرصة حتى الآن لنعمل شيئاً لإصلاح هذا البلد . فسواء الحكومات أو الهيئات أو الجمعيات حتى الخيرية منها فالسيطرة كلها تعود إليكم . و الكراسي التي تجلسون عليها لا تدور إلا بكم . نطلب مجرد فرصة ، أعطونا فرصة تكون تحت إشرافكم بشرف لتروا كل ما نستطيع عمله . فنحن لا نقل عن شباب أوروبا الذين يخترعون مئات الاختراعات كل يوم ، أعطونا فرصة لنبني معكم بقدر ما نملك من و الإيمان و الحب و الأمل الذي يجعلنا نفعل الكثير .
Labels:
رشا ارنست
الأحد، يناير 14، 2007
الإعدام رفض لرحمة الله
رشا أرنست – مصر
جدران متعددة بغرفة ليس لها وصف محدد ، مظلمة ، لا يوجد بها شيء يذكر سوى حبل سميك متدلي من سقفها و بأحد أركانها يوجد سلم . هذه كانت مواصفات أشهر غرفة لعام 2006 م . تلك الغرفة التي شهدت إعدام واحد من أشهر رؤساء هذا العصر و الذي يكاد يكون أقواهم . حقيقة لا اعرف لماذا اكتب للمرة الثانية عن إعدام الرئيس صدام حسين ، رئيس العراق الذي اسلم الروح بين يديّ الله منذ يومين . و لكن مشهد إعدامه الذي فاق كل إهانة إنسانية ، هذا المشهد الذي شاهدناه على قنوات الأخبار و الفضائيات . هذه القنوات التي قامت بعرض المشهد بكل وحشية بدون أي اعتبار للمشاهدين ، و هم يعلمون جيداً أن هناك ملايين الأطفال في كل العالم تشاهد قنواتهم و ملايين من البشر يختلفون عنهم في الإحساس و سيكون لهم ردود أفعال لمشاهدة هذا المشهد البشع كما فعل طفل باكستان البريء الذي قام بكل براءة و طفولة تمثيل مشهد الإعدام بمساعدة أخته و النتيجة انه ألحق بصدام . قتل الطفل و الإعلام هو القاتل . فلم تكن يوماً هذه رسالة الإعلام ، الإعلام الذي من المفترض أن يدافع عن الإنسان و إنسانيته و كرامته و طرق تنميته في كل المجالات . و ما عرض كان تشويه لدور الإعلام و الإعلاميين في كافة المستويات .
علمنا في السابق أن موعد إعدام الرئيس صدام سيكون قبل نهاية شهر يناير 2007 م ، و بعدها تغير الوضع و أصبح قبل بداية العام الجديد و مع نهاية عام 2006 م . و الغريب إننا بعد كل هذه المناورات حول موعد إعدامه و المسرحية الهزلية لمحاكمته نفاجئ بالموعد قبل ست ساعات حسب أول وكالة أنباء أصدرت خبر تحديد موعد إعدامه . و لم يكن موعد الإعدام بمفاجئة لنا ، نحن نعلم انه في كل الأحوال سيُعدم و يكون عبرة للجميع . و لكن مفاجئتنا جاءت أن إعدامه يوافق أول أيام عيد الأضحى المبارك . فلماذا هذا التوقيت ؟ الم يكتفوا بأنه سيكون حدث يصب في قلوب كل رؤساء العرب بجمرة خوف لا تنطفئ ! و أن يكون إعدامه بهذا الشكل المهين .
أحداث كثيرة و متتالية و مبهمة بخصوص الإعدام و موعده و ظروفه و لكن الأحداث التي كانت داخل غرفة الإعدام كانت أكثر إثارة و سرعة . عندما تشاهد مشهد الإعدام ، و الذي لا يتعدى خمس دقائق ، تُشاهد اكبر عملية لاختلال توازن الإنسان نتيجة الحقد و رغبة الانتقام و الألم و انعدام للمشاعر الإنسانية التي خلقها الله بداخلنا ، و بنفس المشهد ترى شجاعة إنسان في اظلم لحظات حياته و هو يعلم أن العالم كله يراه في هذه اللحظة . بين هؤلاء الملثمين الذين يدورون داخل الغرفة و هم و أن كان صدام نفسه بين أيديهم مختبئين تحت أقنعتهم رعباً ، و بين هذا الجبار الذي لم يهتز لحظة واحدة و هو بين أيديهم و أربكهم أكثر بقوته التي جعلته يستلذ بحبل المشنقة حول عنقه دون أن يختبئ داخل قناع و كأنهم يلبسونه عقد من الماس . يا لجبروت هذا الرجل . و يا لضعف هؤلاء الملثمين و حولهم من تعلوا أصواتهم مرددين في وجهه " إلى جهنم و بئس المصير " .
للحظات شعرت كأن قلبي ينسحب معه في غفلة منه و هم بمنتهى الوحشية يأخذونه على غرة و يسحبون الحبل ليتدلى عبر هذه الغرفة المظلمة لمَّا هو اظلم يتدلى قبل أن يكمل النطق بالشهادتين حسب مسمعي ، منطلقاً إلى تحت أقدامهم ، و كأنه سقط في هاوية من الماضي المظلم له .
أثناء هذا المشهد لعنت كل شيء و أولها هذا الزمن الذي جعل البعض بلا إنسانية و البعض بلا كرامة . لا أقول أن صدام لم يستحق العقاب ، فهو قد فعل الكثير و الكثير من القتل و النهب و المذابح الجماعية و أصاب الملايين لثلاثون عاماً بالرعب المطلق . و لكن ألا نعد نرى الوجه الآخر للإنسانية في وجهه البائس و الذي مضى و داسته الأقدام .
لأي حد صارت ذواتنا فارغة ، هالكة في طرق من الدماء الأسود و الغضب المضني ، الحقد اللامتناهي . مشهد إعدامه يثبت أن نهاية صدام حسين كان أمراً لابد منه باعتباره شهادة على تحقيق العدالة التي يظنوا أنهم بموته تحققت . و لا يدرون أن هناك مئات صدام مختبئة و جلودها تتغير حسب الوضع الراهن . فهو و إن كان إمبراطور القتل و لكنه كان أيضاً يملك من الشجاعة و القوة ما تجعله مكشوفاً للجميع ، ليس كهؤلاء الذين يبررون غاياتهم بسفك الدماء . فغايته و أهدافه كانت واضحة وضوح الشمس . و رغم كل ما فعله هذا صدام يبقى هو الأقوى حتى لحظة موته .
الأوضاع انعكست أثناء مشهد الإعدام ، فبدل من أن يكون هو المُلثم خوفاً و هم الفاعلين فرحاً و انتصاراً ، انقلب الوضع و السؤال : لهذه الدرجة لم تنجب بلادنا رجل بقوة هذا الرجل ؟
أحاول محو مشهد الإعدام من ذاكرتي و إن كنت اشعر إنني لا استطيع ، فمشهد إعدامه وسط هؤلاء و بهذه الطريقة فاقت أفضل تصوير سينمائي لمشهد إعدام ، حقيقة تجسدت داخل هذه الغرفة هي أننا أصبحنا لا نساوى شيئاً .
رحل صدام عن عالمنا ، كان و مازال و سيظل أسطورة رئيس حكم بيد من حديد . و مات بأبشع مما ظن انه فعل .
الموت صوره عديدة و لكن أبشعه ما يكون بأيدينا ، فالجوع و الفقر و الأمراض و الأوبئة تقتل الآلاف كل يوم . و لكن موتاً مثل هذا الموت يظل بذاكرتنا . هذا الموت الذي نقرره و نبرره و ننفذه دون مقاومة من الطرف الآخر . عقوبة الإعدام هي إعدام لإنسانيتنا و رفض لرحمة الله و الوقوف في وجه العدالة . ليرى كل العالم هذا المشهد و خاصة القضاء الذين يقررون حكم الإعدام . ليروا مقدار بشاعة هذا الحكم . فالبدائل له متوفرة .
الله يرحم ... فلماذا نحن نرفض الرحمة ؟ الله يجرح و يَعصب ... فلماذا لا نُبصر نحن ؟ لنبصر كرامتنا و إنسانيتنا و نقول لا للإعدام من اليوم . الحياة و الموت بيد الله فلندعها لله .
علمنا في السابق أن موعد إعدام الرئيس صدام سيكون قبل نهاية شهر يناير 2007 م ، و بعدها تغير الوضع و أصبح قبل بداية العام الجديد و مع نهاية عام 2006 م . و الغريب إننا بعد كل هذه المناورات حول موعد إعدامه و المسرحية الهزلية لمحاكمته نفاجئ بالموعد قبل ست ساعات حسب أول وكالة أنباء أصدرت خبر تحديد موعد إعدامه . و لم يكن موعد الإعدام بمفاجئة لنا ، نحن نعلم انه في كل الأحوال سيُعدم و يكون عبرة للجميع . و لكن مفاجئتنا جاءت أن إعدامه يوافق أول أيام عيد الأضحى المبارك . فلماذا هذا التوقيت ؟ الم يكتفوا بأنه سيكون حدث يصب في قلوب كل رؤساء العرب بجمرة خوف لا تنطفئ ! و أن يكون إعدامه بهذا الشكل المهين .
أحداث كثيرة و متتالية و مبهمة بخصوص الإعدام و موعده و ظروفه و لكن الأحداث التي كانت داخل غرفة الإعدام كانت أكثر إثارة و سرعة . عندما تشاهد مشهد الإعدام ، و الذي لا يتعدى خمس دقائق ، تُشاهد اكبر عملية لاختلال توازن الإنسان نتيجة الحقد و رغبة الانتقام و الألم و انعدام للمشاعر الإنسانية التي خلقها الله بداخلنا ، و بنفس المشهد ترى شجاعة إنسان في اظلم لحظات حياته و هو يعلم أن العالم كله يراه في هذه اللحظة . بين هؤلاء الملثمين الذين يدورون داخل الغرفة و هم و أن كان صدام نفسه بين أيديهم مختبئين تحت أقنعتهم رعباً ، و بين هذا الجبار الذي لم يهتز لحظة واحدة و هو بين أيديهم و أربكهم أكثر بقوته التي جعلته يستلذ بحبل المشنقة حول عنقه دون أن يختبئ داخل قناع و كأنهم يلبسونه عقد من الماس . يا لجبروت هذا الرجل . و يا لضعف هؤلاء الملثمين و حولهم من تعلوا أصواتهم مرددين في وجهه " إلى جهنم و بئس المصير " .
للحظات شعرت كأن قلبي ينسحب معه في غفلة منه و هم بمنتهى الوحشية يأخذونه على غرة و يسحبون الحبل ليتدلى عبر هذه الغرفة المظلمة لمَّا هو اظلم يتدلى قبل أن يكمل النطق بالشهادتين حسب مسمعي ، منطلقاً إلى تحت أقدامهم ، و كأنه سقط في هاوية من الماضي المظلم له .
أثناء هذا المشهد لعنت كل شيء و أولها هذا الزمن الذي جعل البعض بلا إنسانية و البعض بلا كرامة . لا أقول أن صدام لم يستحق العقاب ، فهو قد فعل الكثير و الكثير من القتل و النهب و المذابح الجماعية و أصاب الملايين لثلاثون عاماً بالرعب المطلق . و لكن ألا نعد نرى الوجه الآخر للإنسانية في وجهه البائس و الذي مضى و داسته الأقدام .
لأي حد صارت ذواتنا فارغة ، هالكة في طرق من الدماء الأسود و الغضب المضني ، الحقد اللامتناهي . مشهد إعدامه يثبت أن نهاية صدام حسين كان أمراً لابد منه باعتباره شهادة على تحقيق العدالة التي يظنوا أنهم بموته تحققت . و لا يدرون أن هناك مئات صدام مختبئة و جلودها تتغير حسب الوضع الراهن . فهو و إن كان إمبراطور القتل و لكنه كان أيضاً يملك من الشجاعة و القوة ما تجعله مكشوفاً للجميع ، ليس كهؤلاء الذين يبررون غاياتهم بسفك الدماء . فغايته و أهدافه كانت واضحة وضوح الشمس . و رغم كل ما فعله هذا صدام يبقى هو الأقوى حتى لحظة موته .
الأوضاع انعكست أثناء مشهد الإعدام ، فبدل من أن يكون هو المُلثم خوفاً و هم الفاعلين فرحاً و انتصاراً ، انقلب الوضع و السؤال : لهذه الدرجة لم تنجب بلادنا رجل بقوة هذا الرجل ؟
أحاول محو مشهد الإعدام من ذاكرتي و إن كنت اشعر إنني لا استطيع ، فمشهد إعدامه وسط هؤلاء و بهذه الطريقة فاقت أفضل تصوير سينمائي لمشهد إعدام ، حقيقة تجسدت داخل هذه الغرفة هي أننا أصبحنا لا نساوى شيئاً .
رحل صدام عن عالمنا ، كان و مازال و سيظل أسطورة رئيس حكم بيد من حديد . و مات بأبشع مما ظن انه فعل .
الموت صوره عديدة و لكن أبشعه ما يكون بأيدينا ، فالجوع و الفقر و الأمراض و الأوبئة تقتل الآلاف كل يوم . و لكن موتاً مثل هذا الموت يظل بذاكرتنا . هذا الموت الذي نقرره و نبرره و ننفذه دون مقاومة من الطرف الآخر . عقوبة الإعدام هي إعدام لإنسانيتنا و رفض لرحمة الله و الوقوف في وجه العدالة . ليرى كل العالم هذا المشهد و خاصة القضاء الذين يقررون حكم الإعدام . ليروا مقدار بشاعة هذا الحكم . فالبدائل له متوفرة .
الله يرحم ... فلماذا نحن نرفض الرحمة ؟ الله يجرح و يَعصب ... فلماذا لا نُبصر نحن ؟ لنبصر كرامتنا و إنسانيتنا و نقول لا للإعدام من اليوم . الحياة و الموت بيد الله فلندعها لله .
Labels:
رشا ارنست
الاثنين، يناير 08، 2007
يعقوبيان في البرلمان
تابعت كما تابع الكثيرون ما يتررد من أخبار و أقاويل و مقالات عن فيلم " عمارة يعقوبيان " و في وسط كل ما تردد من نقد ايجابي يرى الفيلم من وجهة نظر تطرح ما حدث في أيام التسعينات و مازال يحدث بتطور يواكب العصر و العولمة و نقد سلبي يرى أن هناك صورة سلبية كانت واضحة و كاملة في الفيلم عن مجتمعنا المصري .
جاء النقد بين مؤيد و مُعارض و متحفظ . و لكن ما آثار انتباهي ما علمت به بقيام الأستاذ الصحفي الكبير مصطفى البكري عضو مجلس الشعب الموقر و رئيس تحرير جريدة الأسبوع بتقديم بيان عاجل للبرلمان بضرورة التحفظ على الفيلم و حذف بعض المشاهد منه . و قام بالإمضاء على هذا البيان حوالي مئة و أحدى عشر عضو آخرين .
تسألت في نفسي هل انتهى جدول أعمال البرلمان من مناقشة و حل جميع مشكلات الوطن العربي من خراب العراق و القضية الفلسطينة و انتهى الصراع بين سوريا و لبنان و قبضوا على من اغتال الحريري ؟ هل انتهوا الأعضاء الموقريين من حل كل المشكلات القامعة في جذور بلدنا العزيز من أزمة البطالة و التعليم و الفساد و الأمية و ارتفاع الأسعار و صراع أجيال تذوب وسط كل هذه الهالة . هل انتهوا من كل هذا و بدأوا يبحثون عن ملأ أوراق المجلس بمشكلات ثانوية حتى يشعر المصريين أن هناك تواجد للبرلمان ؟ إنني أتسائل و حقيقة لا اعرف الجواب . آجل كل الاحترام للأستاذ مصطفى البكري فهو رائد من رواد الصحافة التي تحمل قيمً للمجتمع و تدافع عن الحقوق . و ما فاجئني انه هو من ترك كل شىء و تفرغ ليعقوبيان . أقول له يا أستاذي الفاضل : هذا الفيلم بكل ما أثير حوله من ضجة لا يحمل أكثر من الواقع و إن كنا نغفله . أحداث فيلم يعقوبيان تدور حولنا كل يوم و لكن من كثرة ما يشغل كل واحد منا قد لا يرى إلا القليل منها و لكن هذا الفيلم قام بتجميعها كلها في عمارة واحدة تقع وسط القاهرة الكبرى . جمع بين باشوات الماضي و بشوات الحاضر ، بين نماذج للفقراء و الأغنياء ، المطحونيين و الطاحنيين ، بين نموذج للمصري المسلم و للمصري المسيحي . كل أنماط المجتمع تجمعت في عمارة واحدة في وسط العاصمة ، ضمت كل ما نعيشه و نتقاسمه يومياً من احداث تدور حولنا او تحت أقدامنا ، رأينا مَن تُكافح لتضمن عيش أخواتها دون ان تفقد شرفها في مجتمع تغير فيه معنى الشرف كما رأينا مَن يستطيع أن يقوّم بلدنا ... و يقعدها كما قالها الفنان خالد صالح الذي قام بالشخصية المهيمنة في الفيلم شخصية كمال الفولي .
عندما شاهدت إعلان الفيلم تصورت انه سيكون صورة لمجتمع بدأ يقترب منا ، و المفاجئة عندما رأيته انه ماضي و حاضر يعصف بمستقبل اقل ما يقال عنه انه مستقبل مظلم . الحقيقة أن الفيلم مر علىّ ساعات من الكآبة و الضجر . و تمنيت لو استطعت أن أصرخ و أقول كفى ، كفى لهذا الظلم ، كفى لهذا الفساد ، كفى إهدار لاحترامنا كبشر ، كفى كبتً و إرغاماً و إغواءً و دماراً لمجتمع نحن فيه مستعبدين للمادة و السلطة و الغرائز . كفى .. كفى .. أردت أن أقولها بكل ما في من عزم و أنا في حالة انهيار جزئي و كأني لم أكن اعلم بكل هذا و لكن تأكدت أن المعرفة شيء و رؤيتها أمامي متجسدة شيء آخر . اكتب كلماتي كما يكتب الكثيرين ، اكتب كلماتي حتى لو ظلت كلمات . اكتبها و أن كانت صرخة بوادي لا يسمع أحد فيه .
رشا ارنست
مصر
جاء النقد بين مؤيد و مُعارض و متحفظ . و لكن ما آثار انتباهي ما علمت به بقيام الأستاذ الصحفي الكبير مصطفى البكري عضو مجلس الشعب الموقر و رئيس تحرير جريدة الأسبوع بتقديم بيان عاجل للبرلمان بضرورة التحفظ على الفيلم و حذف بعض المشاهد منه . و قام بالإمضاء على هذا البيان حوالي مئة و أحدى عشر عضو آخرين .
تسألت في نفسي هل انتهى جدول أعمال البرلمان من مناقشة و حل جميع مشكلات الوطن العربي من خراب العراق و القضية الفلسطينة و انتهى الصراع بين سوريا و لبنان و قبضوا على من اغتال الحريري ؟ هل انتهوا الأعضاء الموقريين من حل كل المشكلات القامعة في جذور بلدنا العزيز من أزمة البطالة و التعليم و الفساد و الأمية و ارتفاع الأسعار و صراع أجيال تذوب وسط كل هذه الهالة . هل انتهوا من كل هذا و بدأوا يبحثون عن ملأ أوراق المجلس بمشكلات ثانوية حتى يشعر المصريين أن هناك تواجد للبرلمان ؟ إنني أتسائل و حقيقة لا اعرف الجواب . آجل كل الاحترام للأستاذ مصطفى البكري فهو رائد من رواد الصحافة التي تحمل قيمً للمجتمع و تدافع عن الحقوق . و ما فاجئني انه هو من ترك كل شىء و تفرغ ليعقوبيان . أقول له يا أستاذي الفاضل : هذا الفيلم بكل ما أثير حوله من ضجة لا يحمل أكثر من الواقع و إن كنا نغفله . أحداث فيلم يعقوبيان تدور حولنا كل يوم و لكن من كثرة ما يشغل كل واحد منا قد لا يرى إلا القليل منها و لكن هذا الفيلم قام بتجميعها كلها في عمارة واحدة تقع وسط القاهرة الكبرى . جمع بين باشوات الماضي و بشوات الحاضر ، بين نماذج للفقراء و الأغنياء ، المطحونيين و الطاحنيين ، بين نموذج للمصري المسلم و للمصري المسيحي . كل أنماط المجتمع تجمعت في عمارة واحدة في وسط العاصمة ، ضمت كل ما نعيشه و نتقاسمه يومياً من احداث تدور حولنا او تحت أقدامنا ، رأينا مَن تُكافح لتضمن عيش أخواتها دون ان تفقد شرفها في مجتمع تغير فيه معنى الشرف كما رأينا مَن يستطيع أن يقوّم بلدنا ... و يقعدها كما قالها الفنان خالد صالح الذي قام بالشخصية المهيمنة في الفيلم شخصية كمال الفولي .
عندما شاهدت إعلان الفيلم تصورت انه سيكون صورة لمجتمع بدأ يقترب منا ، و المفاجئة عندما رأيته انه ماضي و حاضر يعصف بمستقبل اقل ما يقال عنه انه مستقبل مظلم . الحقيقة أن الفيلم مر علىّ ساعات من الكآبة و الضجر . و تمنيت لو استطعت أن أصرخ و أقول كفى ، كفى لهذا الظلم ، كفى لهذا الفساد ، كفى إهدار لاحترامنا كبشر ، كفى كبتً و إرغاماً و إغواءً و دماراً لمجتمع نحن فيه مستعبدين للمادة و السلطة و الغرائز . كفى .. كفى .. أردت أن أقولها بكل ما في من عزم و أنا في حالة انهيار جزئي و كأني لم أكن اعلم بكل هذا و لكن تأكدت أن المعرفة شيء و رؤيتها أمامي متجسدة شيء آخر . اكتب كلماتي كما يكتب الكثيرين ، اكتب كلماتي حتى لو ظلت كلمات . اكتبها و أن كانت صرخة بوادي لا يسمع أحد فيه .
رشا ارنست
مصر
Labels:
رشا ارنست
الأحد، ديسمبر 31، 2006
المشهد الأخير في حياة رئيس
أسدل الستار على المشهد الأخير لحياة الرئيس الأسير صدام حسين في مشهد تُرثي له الإنسانية كلها . ثلاث سنوات من الاعتقال و الأسر و عشرات القضايا و المحاكمات و آلاف كانوا ضحايا لهذا الزعيم الذي شهد إعدامه على الفضائيات كل العالم سواء من اعتبروه زعيم قومي و الآن هو في نظرهم شهيد أو من اعتبروه سفاح دوليّ استعذب قتل حتى اقرب المقربين له .
و بغض النظر عن كل الاعتبارات ففي مشهد إعدامه و الذي كان لأول رئيس دولة عربي في تاريخ الإنسان ، انعدام لكل معاني الإنسانية فماذا كان سيفعل لو ظل صدام حياً ؟ .... ألم يُعدم الرئيس العراقي صدام حسين من قبل عندما هرب من دولته و سلطته و هو الزعيم الأقوى وسط هؤلاء الأمراء و الرؤساء ! ألم يُعدم عندما قبض عليه و أصبح أسير للاحتلال بعد أن كانت سجونه و معتقلاته مكتظة بالآلاف الأبرياء ! ألم يُعدم عندما شاهده العالم كله عبر وسائل الأعلام فور القبض عليه و هو يُفحص كالحيوانات الشاردة !
حقاً لم يكن هذا إعدامه الوحيد ، فلقد عدم معنوياً و نفسياً و جسدياً أكثر من مرة . و إعدامه هذه المرة لم يكن أكثر من إنهاء جسده المتهالك عن النبض و الحياة . و لكن بأي طريقة ؟ بطريقة تجعل التاريخ يُسجل بأنه بفجر يوم السبت الموافق الثلاثون من ديسمبر عام 2006 م طبع الاحتلال الأمريكي شعار لا للإنسان من الآن . طبع شعار لا لكل المعاني و القيم التي خلقها الله بداخلنا . لا للرحمـــة ، كما فعلت يُفعل بكَ ، فإن يغفر الله نحن لا نغفر .
فعل الرئيس المُنعدم صدام حسين الكثير حقاً و بنظري انه استحق أن يرى و يذوق ممن أذاقه لشعبه و لشعوب أخرى ، و لكن بأي منطق و دافع كان عليه أن يُعدم بهذا الشكل بعد أن تجرد من كل شيء حتى من إنسانيته !
أتساءل كيف كانت ساعاته الأخيرة ؟ ربما ظل ممسكناً بالقرآن الكريم يتلو آياته طالباً الصفح عن ما فعل بحياته ، و ربما كان يتلو آيات القرآن ليغفر الله لمن أساءوا إليه و لم يطلب الغفران لنفسه لإقناعه انه كان على صواب ، و ربما أيضاً كان يتذكر مجده الذي ضاع من بين يديه بعد ثلاثون عاماً من السلطة . و ربما يود أن يضم بناته الباقيين إلى صدره و يقول لهم سامحوني كانت نيتي شيئاً و ما فعلته شيئاً آخر و لم استطع إصلاحه حتى لا اضعف ، فالضعف ليس من شيم الرؤساء . و الاحتمال الذي يراودني انه ظل هادئاً عاجزاً عن التفكير يتلو آيات من القران تخرج منه بعفوية لا يُدركها ، ناظراً إلى أعلى كمن يطلب إيقاف الزمن . احتمالات كثيرة قد تصور الساعات الأخيرة في حياة هذا الزعيم المشنوق بحبل يمتد من العراق و يلتف على عنق العالم ليعود بطرفه الأخر إلى العراق .
و ماذا بعد إعدام صدام ؟ لم تكن نهايته مُشرفة ، لا للأمريكان و لا للعراق و لا للإنسانية حيث نحن باقون بدونها . إعدامه بهذه الطريقة على مرأى و مسمع الجميع من رؤساء و ملوك و أمراء و شيوخ و قضاة و سلطات دينية إسلامية و مسيحية لم يأخذوا تصريحاتهم و رفضهم للإعدام بعين الاعتبار معناه أن هناك حاكماً واحدا لهذا العالم يحكم بمنطق القوة . فلا مكان للتفكير أو الحوار أو السلام في هذا العالم
نحن على حافة الهاوية و إذا لم يستيقظ مَن بأيديهم سلطة و يجعلوا من صوتهم رنين يدق العالم كله لن ننجو من السقوط في هذه الهاوية .
هذا الرجل مضي إلى حيث لا نعرف ، و هذا العالم الباقي فيما لا ندرك و نحن ننظر إلى السماء نطلب من رب السماء العون ، فلا معين غيره على ما ابتلينا به في عالمنـــــا هذا . الذي أصبح عالــــم بلا كرامـــة . و بالنهاية نقول لنا الله يا شعب الله .
رشا أرنست – مصر
و بغض النظر عن كل الاعتبارات ففي مشهد إعدامه و الذي كان لأول رئيس دولة عربي في تاريخ الإنسان ، انعدام لكل معاني الإنسانية فماذا كان سيفعل لو ظل صدام حياً ؟ .... ألم يُعدم الرئيس العراقي صدام حسين من قبل عندما هرب من دولته و سلطته و هو الزعيم الأقوى وسط هؤلاء الأمراء و الرؤساء ! ألم يُعدم عندما قبض عليه و أصبح أسير للاحتلال بعد أن كانت سجونه و معتقلاته مكتظة بالآلاف الأبرياء ! ألم يُعدم عندما شاهده العالم كله عبر وسائل الأعلام فور القبض عليه و هو يُفحص كالحيوانات الشاردة !
حقاً لم يكن هذا إعدامه الوحيد ، فلقد عدم معنوياً و نفسياً و جسدياً أكثر من مرة . و إعدامه هذه المرة لم يكن أكثر من إنهاء جسده المتهالك عن النبض و الحياة . و لكن بأي طريقة ؟ بطريقة تجعل التاريخ يُسجل بأنه بفجر يوم السبت الموافق الثلاثون من ديسمبر عام 2006 م طبع الاحتلال الأمريكي شعار لا للإنسان من الآن . طبع شعار لا لكل المعاني و القيم التي خلقها الله بداخلنا . لا للرحمـــة ، كما فعلت يُفعل بكَ ، فإن يغفر الله نحن لا نغفر .
فعل الرئيس المُنعدم صدام حسين الكثير حقاً و بنظري انه استحق أن يرى و يذوق ممن أذاقه لشعبه و لشعوب أخرى ، و لكن بأي منطق و دافع كان عليه أن يُعدم بهذا الشكل بعد أن تجرد من كل شيء حتى من إنسانيته !
أتساءل كيف كانت ساعاته الأخيرة ؟ ربما ظل ممسكناً بالقرآن الكريم يتلو آياته طالباً الصفح عن ما فعل بحياته ، و ربما كان يتلو آيات القرآن ليغفر الله لمن أساءوا إليه و لم يطلب الغفران لنفسه لإقناعه انه كان على صواب ، و ربما أيضاً كان يتذكر مجده الذي ضاع من بين يديه بعد ثلاثون عاماً من السلطة . و ربما يود أن يضم بناته الباقيين إلى صدره و يقول لهم سامحوني كانت نيتي شيئاً و ما فعلته شيئاً آخر و لم استطع إصلاحه حتى لا اضعف ، فالضعف ليس من شيم الرؤساء . و الاحتمال الذي يراودني انه ظل هادئاً عاجزاً عن التفكير يتلو آيات من القران تخرج منه بعفوية لا يُدركها ، ناظراً إلى أعلى كمن يطلب إيقاف الزمن . احتمالات كثيرة قد تصور الساعات الأخيرة في حياة هذا الزعيم المشنوق بحبل يمتد من العراق و يلتف على عنق العالم ليعود بطرفه الأخر إلى العراق .
و ماذا بعد إعدام صدام ؟ لم تكن نهايته مُشرفة ، لا للأمريكان و لا للعراق و لا للإنسانية حيث نحن باقون بدونها . إعدامه بهذه الطريقة على مرأى و مسمع الجميع من رؤساء و ملوك و أمراء و شيوخ و قضاة و سلطات دينية إسلامية و مسيحية لم يأخذوا تصريحاتهم و رفضهم للإعدام بعين الاعتبار معناه أن هناك حاكماً واحدا لهذا العالم يحكم بمنطق القوة . فلا مكان للتفكير أو الحوار أو السلام في هذا العالم
نحن على حافة الهاوية و إذا لم يستيقظ مَن بأيديهم سلطة و يجعلوا من صوتهم رنين يدق العالم كله لن ننجو من السقوط في هذه الهاوية .
هذا الرجل مضي إلى حيث لا نعرف ، و هذا العالم الباقي فيما لا ندرك و نحن ننظر إلى السماء نطلب من رب السماء العون ، فلا معين غيره على ما ابتلينا به في عالمنـــــا هذا . الذي أصبح عالــــم بلا كرامـــة . و بالنهاية نقول لنا الله يا شعب الله .
رشا أرنست – مصر
Labels:
رشا ارنست
الجمعة، ديسمبر 29، 2006
لستُ فتاة عادية
رشا أرنست – مصر
يتهمونني كثيراً أنني لا اهتم بأشياء كان لابد أن تكون لها مكانة واهتمام اكبر منى ، فعندما اعلم بان فلانا مات أو فلانا أصابته أزمة قلبية . يكون وقع الخبر بسمعي عاديا .
وعندما أقرا خبرا عاجلا عن الغلاء وارتفاع الأسعار يكون شيئا عاديا. و عندما علمت أن هناك فرسانا سيطروا على جامعة القاهرة لدقائق قليلة بملابس غريبة ونداءات أغرب وقدموا عرضاً عسكرياً ولم يجدوا من يسألهم ماذا تفعلون ، أيضاً هذا عادي .
حتى عندما يُصارحني شاب بأنه يشعر اتجاهي بشيء من الحب و أن ظهوري بحياته غيرها تماماً أقول له: عادي .
يستغربون كلمتي: عادي .. و ماذا أصبح بحياتنا لا يكون عاديا؟ فكل ما سبق هو عادي سواء كان بحكم الحياة و الطبيعة كالموت و الحياة و المرض أو بحكم البشر كارتفاع الأسعار و عروض الأخوان المسلمين التي يُقدمونها يومياً في مجلس الشعب و الفضائيات أو أخوانهم الذين تشعبوا بكل مكان .
و أن كان على الحب فهو أيضاً أصبح عاديا جداً ، اليوم أنت تحب و غداً كأن شيئاً لم يكن ، فالتغيير الذي يرددونه الشباب عن انه نتيجة للحبّ هو تغيير مؤقت وقته معلوم لا أكثر و لا أقل ، هذا ليس لأنه ليس حبّا و إنما لأن كل شيء بحياتنا أخذ مبدأ السرعة . كل شيء نقوم به يبدو سريعاً جداً.. بريقه لا يكاد يلمع حتى ينطفئ . نأكل بسرعة ، نمشي بسرعة ، ننام و نصحو بسرعة ، نقتل و ندمر و تقوم الحروب أيضاً بسرعة . فلماذا لا يكون الحبّ هو أيضاً بغاية السرعة ؟
كنت أسمع و أنا صغيرة بأفلامنا المصرية عن الحب من أول نظرة . فالنظرة تستطيع أن تمتلئ بالكثير ، إحساس و نبض و نظرة عميقة ، خاصة لمن وهبهم الله بالبصيرة حتى يعرفوا صدق من ينظرون له و يستطيعوا أن يدركوا اتجاه مشاعرهم . و كنت أقول كيف استطيع أن أحب بنظرة عين ؟ هذا شبه مستحيل كيف تدركني هذه النظرة ؟ ، كيف تعرفني و تحبني بهذه السرعة ؟. و الآن الحب ليس بنظرة أصبح بطرفة عين ، بكلمة من خلال الهاتف و ربما من خلال وسائل العصر الحديثة ألا و هي الانترنت .
و يقولون لي كل شيء عندك أصبح عاديا . لا لم يُصبح كل شيء بنظري عاديا.. فالعادي يكون عاديا لإنسان فارغ . و أنا لم أكن أبداً يوماً ما فارغة . كيف أكون ذلك و أنا نضجتُ بالألم ، عبرت من الطفولة إلي الشباب و أنا على سرير الموت . كيف يكون كل شيء عاديا و أنا فتاة غير عادية .
ليس معنى أنني أردد كلمة تعبيراً عما أراه و أسمعه و أعيشه يومياً أن هذه الكلمة أصبحت نهج حياتي . لم أقبل يوماً أن أكون عادية ، لم أقبلها عندما علمت أنني لن استطيع الذهاب للجامعة التي أدرس فيها لأنها غير مجهزة لأمثالي المقعدين على كراسي تتحرك بهم و أكملت دراستي .
لم أقبلها عندما علمت بعد سنوات تخرجي ، سنوات أدرك كيف كانت بالنسبة لفتاة في عمر العشرين مثلي أنها لن تٌقبل بعمل هي ترغبه أو لا ترغبه لأنها فقط مُقعدة . و ظلت بداخلي الرغبة و التحدي جعلتني ابحث في كل مكان حتى استطعت أن أعمل مُدرسة بأحدى المدارس الخاصة .
لم أقبلها عندما قررت أن أتحدى خوف أهلي و أقود سيارة وسط هذا الكم من السيارات و وسط طرق السواقة الحديثة في بلدنا و التي أقل ما يُسمى عنها أنها غير أخلاقية . لم أقبلها عندما مسكت بالقلم مرات كثيرة و أنا اخطط لأحلامي الجديدة كل يوم . كيف أكون عادية و أنا أملك قوة غير عادية من إله غير عادي .
الحياة هي مَن أصبحت عادية و ليس أنا . فكل شيء أصبح عادي و أقل من العادي . قتل أطفال أبرياء أصبح عاديا ، الأسر و القتل و الذل و القهر و الجوع أصبح عاديا . الحرب و الدمار و الطائفية و التعصب أصبح عاديا . الهجوم على دولة لأي سبب أيضاً عادي . أن تُشاهد الدماء متناثرة بكل ركن في هذا العالم أصبح عاديا .
القليلون فقط هم الغير عاديين ، القليلون فقط هم مَن ما زالوا يؤمنون . أرسل نظرتي إلى بعيد إلى حيث تشرق الشمس ربما هي أيضاً ستشرق يوماً بشكل غير عادي على بشر ربما يرون مستقبلا أفضل يكون غير ما نحن اليوم نعيشه .. مستقبلا يملأ عيون الأطفال بابتسامة آمان.. مستقبلا يُعيد البراءة و الأمل للشباب .. مستقبلا ينشر الحب و السلام .. مستقبلا يحتوي الجميع . و لكن لن يكون هناك مستقبل مثل هذا إلا إذا كانت البداية من الآن . بداية نزرع فيها الحب ، بداية نتغاضى فيها عن الاختلافات ، بداية تجعلنا نرى أنفسنا و الآخرين بنظرة جديدة و ليست سريعة ، بداية عهد مع رب هو للكل ، حبه للكل ، أرضه للكل ، عطاؤه للكل . بداية تجعلنا ننظر لأبعد من نظرة عين . بداية تجعلنا نرى أنفسنا جميعاً أننا عاديون لأننا أصبحنا متشابهين بالحب و الأمل و العمل .
يتهمونني كثيراً أنني لا اهتم بأشياء كان لابد أن تكون لها مكانة واهتمام اكبر منى ، فعندما اعلم بان فلانا مات أو فلانا أصابته أزمة قلبية . يكون وقع الخبر بسمعي عاديا .
وعندما أقرا خبرا عاجلا عن الغلاء وارتفاع الأسعار يكون شيئا عاديا. و عندما علمت أن هناك فرسانا سيطروا على جامعة القاهرة لدقائق قليلة بملابس غريبة ونداءات أغرب وقدموا عرضاً عسكرياً ولم يجدوا من يسألهم ماذا تفعلون ، أيضاً هذا عادي .
حتى عندما يُصارحني شاب بأنه يشعر اتجاهي بشيء من الحب و أن ظهوري بحياته غيرها تماماً أقول له: عادي .
يستغربون كلمتي: عادي .. و ماذا أصبح بحياتنا لا يكون عاديا؟ فكل ما سبق هو عادي سواء كان بحكم الحياة و الطبيعة كالموت و الحياة و المرض أو بحكم البشر كارتفاع الأسعار و عروض الأخوان المسلمين التي يُقدمونها يومياً في مجلس الشعب و الفضائيات أو أخوانهم الذين تشعبوا بكل مكان .
و أن كان على الحب فهو أيضاً أصبح عاديا جداً ، اليوم أنت تحب و غداً كأن شيئاً لم يكن ، فالتغيير الذي يرددونه الشباب عن انه نتيجة للحبّ هو تغيير مؤقت وقته معلوم لا أكثر و لا أقل ، هذا ليس لأنه ليس حبّا و إنما لأن كل شيء بحياتنا أخذ مبدأ السرعة . كل شيء نقوم به يبدو سريعاً جداً.. بريقه لا يكاد يلمع حتى ينطفئ . نأكل بسرعة ، نمشي بسرعة ، ننام و نصحو بسرعة ، نقتل و ندمر و تقوم الحروب أيضاً بسرعة . فلماذا لا يكون الحبّ هو أيضاً بغاية السرعة ؟
كنت أسمع و أنا صغيرة بأفلامنا المصرية عن الحب من أول نظرة . فالنظرة تستطيع أن تمتلئ بالكثير ، إحساس و نبض و نظرة عميقة ، خاصة لمن وهبهم الله بالبصيرة حتى يعرفوا صدق من ينظرون له و يستطيعوا أن يدركوا اتجاه مشاعرهم . و كنت أقول كيف استطيع أن أحب بنظرة عين ؟ هذا شبه مستحيل كيف تدركني هذه النظرة ؟ ، كيف تعرفني و تحبني بهذه السرعة ؟. و الآن الحب ليس بنظرة أصبح بطرفة عين ، بكلمة من خلال الهاتف و ربما من خلال وسائل العصر الحديثة ألا و هي الانترنت .
و يقولون لي كل شيء عندك أصبح عاديا . لا لم يُصبح كل شيء بنظري عاديا.. فالعادي يكون عاديا لإنسان فارغ . و أنا لم أكن أبداً يوماً ما فارغة . كيف أكون ذلك و أنا نضجتُ بالألم ، عبرت من الطفولة إلي الشباب و أنا على سرير الموت . كيف يكون كل شيء عاديا و أنا فتاة غير عادية .
ليس معنى أنني أردد كلمة تعبيراً عما أراه و أسمعه و أعيشه يومياً أن هذه الكلمة أصبحت نهج حياتي . لم أقبل يوماً أن أكون عادية ، لم أقبلها عندما علمت أنني لن استطيع الذهاب للجامعة التي أدرس فيها لأنها غير مجهزة لأمثالي المقعدين على كراسي تتحرك بهم و أكملت دراستي .
لم أقبلها عندما علمت بعد سنوات تخرجي ، سنوات أدرك كيف كانت بالنسبة لفتاة في عمر العشرين مثلي أنها لن تٌقبل بعمل هي ترغبه أو لا ترغبه لأنها فقط مُقعدة . و ظلت بداخلي الرغبة و التحدي جعلتني ابحث في كل مكان حتى استطعت أن أعمل مُدرسة بأحدى المدارس الخاصة .
لم أقبلها عندما قررت أن أتحدى خوف أهلي و أقود سيارة وسط هذا الكم من السيارات و وسط طرق السواقة الحديثة في بلدنا و التي أقل ما يُسمى عنها أنها غير أخلاقية . لم أقبلها عندما مسكت بالقلم مرات كثيرة و أنا اخطط لأحلامي الجديدة كل يوم . كيف أكون عادية و أنا أملك قوة غير عادية من إله غير عادي .
الحياة هي مَن أصبحت عادية و ليس أنا . فكل شيء أصبح عادي و أقل من العادي . قتل أطفال أبرياء أصبح عاديا ، الأسر و القتل و الذل و القهر و الجوع أصبح عاديا . الحرب و الدمار و الطائفية و التعصب أصبح عاديا . الهجوم على دولة لأي سبب أيضاً عادي . أن تُشاهد الدماء متناثرة بكل ركن في هذا العالم أصبح عاديا .
القليلون فقط هم الغير عاديين ، القليلون فقط هم مَن ما زالوا يؤمنون . أرسل نظرتي إلى بعيد إلى حيث تشرق الشمس ربما هي أيضاً ستشرق يوماً بشكل غير عادي على بشر ربما يرون مستقبلا أفضل يكون غير ما نحن اليوم نعيشه .. مستقبلا يملأ عيون الأطفال بابتسامة آمان.. مستقبلا يُعيد البراءة و الأمل للشباب .. مستقبلا ينشر الحب و السلام .. مستقبلا يحتوي الجميع . و لكن لن يكون هناك مستقبل مثل هذا إلا إذا كانت البداية من الآن . بداية نزرع فيها الحب ، بداية نتغاضى فيها عن الاختلافات ، بداية تجعلنا نرى أنفسنا و الآخرين بنظرة جديدة و ليست سريعة ، بداية عهد مع رب هو للكل ، حبه للكل ، أرضه للكل ، عطاؤه للكل . بداية تجعلنا ننظر لأبعد من نظرة عين . بداية تجعلنا نرى أنفسنا جميعاً أننا عاديون لأننا أصبحنا متشابهين بالحب و الأمل و العمل .
Labels:
رشا ارنست
الثلاثاء، ديسمبر 26، 2006
نورسات وهدايا الميلاد
رشا أرنست
هلت علينا الأعياد وها هو عام 2006 يلملم أوراقه الأخيرة مستعدا ليُسجل بالتاريخ ويمضي . و مع استعدادي لاستقبال عيد الميلاد و العام الجديد ، جلست أمس أتأمل في هذا الإله الذي تجسد وتجسده يفوق عقولنا البشرية . و كان 25 ديسمبر موافق عيد الميلاد حسب الطقس الغربي للكاثوليك ولأني كاثوليكية كان من المفروض أن أكون في هذا اليوم داخل أجواء العيد و لكن للأسف لأني أعيش بالصعيد فانا مضطرة آسفة أن أعيد في السابع من يناير نظراً لان الكنيسة بالصعيد هي أيضاً تضطر للاحتفال بالعيد في السابع من يناير حتى يكون الجميع في نفس الوقت الكاثوليك والأرثوذكس معاً . علماً أن الكاثوليكية في القاهرة والإسكندرية تحتفل بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر كباقي البشر في كل العالم . و لأن الحياة في وجه بحري بمصر تختلف عن حياتنا نحن في الوجه القبلي ، فنحن مازلنا هنا في الصعيد أكثر ارتباطاً من الناحية الاجتماعية و أيضاً أكثر ثرثرة في أمور الطقوس الكنسية . فالاضطرار يعد واجباً و عملاً قوميا من مسيحيين لمسيحيين .
مقدمتي هذه فقط حتى يعلم ما لا يعلمون لماذا نصف الكاثوليك بمصر يحتفلون بعيد الميلاد في يوم 25 ديسمبر والنصف الآخر سابعة يناير للعام الجديد . و لكن لنضع هذا جانباً الآن ...... فأنا في صدد موضوع هام أود طرحه الآن ، ففي دقائق من وقتي الذي خصصته للاستعداد للميلاد جلست أشاهد قناة النور سات و تلي لوميور الفضائية اللبنانية تلك القناة التي هي حقاً أبداع الكنيسة الكاثوليكية للعرب في هذا القرن . جلست أشاهد و سرقني الوقت كالعادة و أنا أشاهد برنامج " الو ريتا " و هو مخصص للأطفال ، فأنا اعتدت على مشاهدته لحنيني الشديد للأطفال . و أدهشني هذا الحب و السلام الذي يملأ القلوب الصغيرة التي تتصل للمشاركة مع تلك المذيعة الرقيقة ريتا عوده . و سمعتها تقول رداً على احد الصغار المتصلين بها ( أنت بتصلي للسلام ، نحنا كنا صغار و كنا نصلي للسلام و كبرنا و بنضل نصلي للسلام ، لكن بقلوبنا لسه باقي عنا رجاء أن الله ما بيتخلى عنا و انه راح يجي السلام ) تأملتُ وجهها و هي تناشد بكلماتها قلب هذا الصغير المنتظر على الهاتف ، كم كان هادئاً و ثابتاً ، وددت وقتها لو استطيع مكالمتها مثل هؤلاء الصغار
لأقول لها أن لبنان سيبقى و السلام سيظل رجاؤنا كلنا ، و لتظل هذه الابتسامة المليئة بالثقة في الله دائمة على وجهك و على وجه كل اللبنانيين الذين تمتلئ أفئدتهم من الحب و تمتلئ إرادتهم بالقوة و حياتهم بالإيمان و الثقة في الله .
انتهى البرنامج و أنا مازلت بنفس الحالة ، حالة الهدوء و الاندهاش عائدة لحالة الانتظار ، انتظار مجيء يسوع . اعرف انه بيننا ، و أن تجسده كان منذ أكثر من ألفين عام و لكن ينتابني دائماً تفكير و شعور في مجيئه يوماً يُحدثني و آراه وجهاً لوجه . و لكن هذه المرة تمنيت أن يأتي و لكن ليس لي ، تمنيت أن يأتي و يطل علينا من النور سات تلك القناة المشعة لنوره منذ سنوات قليلة . ربما يأتي و تكون هذه مفاجأته للعالم في عيد ميلاده و بداية العام الجديد . ربما يأتي ليقول لنا و للبنان على وجه الخصوص انتم عرفتموني و ها أنا في وسطكم كل الأيام ، اخترتكم أولاً و ظلت قلوبكم قابلة الاختيار . عرفتم كيف تعيشون السلام الذي تركته لكم رغم ما بحال بلادكم .
الانتظار علامة رجاء ، و الرجاء نعمة الله للإنسان ، قلبي تغمره السعادة لأنه مازال يحتفظ بهذا الرجاء رغم كل شيء . و لست وحدي فكثيراً مثل ريتا و هؤلاء الأطفال ما زالوا يؤمنون و ما زالوا ينتظرون و مازال الرجاء يفيض منهم ليَعّبر من خلال تلي لوميور إلى كل العالم ليصرخ في وجه الجميع الله هنا رغماً عنكم ، إيمانُنا به باقِ مهما فعلتم و قلوبنا ممتلئة رجاء بأن الأفضل لنا سيظل لنا مهما حدث و مهما فعلتم بنا و إلى الأبد .
أطلب من يسوع المتجسد بقلوبنا في كل وقت أن يُهدي الرجاء و السلام للجميع ، و يكونا هما هديته لنا في عيده المجيد .
مقدمتي هذه فقط حتى يعلم ما لا يعلمون لماذا نصف الكاثوليك بمصر يحتفلون بعيد الميلاد في يوم 25 ديسمبر والنصف الآخر سابعة يناير للعام الجديد . و لكن لنضع هذا جانباً الآن ...... فأنا في صدد موضوع هام أود طرحه الآن ، ففي دقائق من وقتي الذي خصصته للاستعداد للميلاد جلست أشاهد قناة النور سات و تلي لوميور الفضائية اللبنانية تلك القناة التي هي حقاً أبداع الكنيسة الكاثوليكية للعرب في هذا القرن . جلست أشاهد و سرقني الوقت كالعادة و أنا أشاهد برنامج " الو ريتا " و هو مخصص للأطفال ، فأنا اعتدت على مشاهدته لحنيني الشديد للأطفال . و أدهشني هذا الحب و السلام الذي يملأ القلوب الصغيرة التي تتصل للمشاركة مع تلك المذيعة الرقيقة ريتا عوده . و سمعتها تقول رداً على احد الصغار المتصلين بها ( أنت بتصلي للسلام ، نحنا كنا صغار و كنا نصلي للسلام و كبرنا و بنضل نصلي للسلام ، لكن بقلوبنا لسه باقي عنا رجاء أن الله ما بيتخلى عنا و انه راح يجي السلام ) تأملتُ وجهها و هي تناشد بكلماتها قلب هذا الصغير المنتظر على الهاتف ، كم كان هادئاً و ثابتاً ، وددت وقتها لو استطيع مكالمتها مثل هؤلاء الصغار

انتهى البرنامج و أنا مازلت بنفس الحالة ، حالة الهدوء و الاندهاش عائدة لحالة الانتظار ، انتظار مجيء يسوع . اعرف انه بيننا ، و أن تجسده كان منذ أكثر من ألفين عام و لكن ينتابني دائماً تفكير و شعور في مجيئه يوماً يُحدثني و آراه وجهاً لوجه . و لكن هذه المرة تمنيت أن يأتي و لكن ليس لي ، تمنيت أن يأتي و يطل علينا من النور سات تلك القناة المشعة لنوره منذ سنوات قليلة . ربما يأتي و تكون هذه مفاجأته للعالم في عيد ميلاده و بداية العام الجديد . ربما يأتي ليقول لنا و للبنان على وجه الخصوص انتم عرفتموني و ها أنا في وسطكم كل الأيام ، اخترتكم أولاً و ظلت قلوبكم قابلة الاختيار . عرفتم كيف تعيشون السلام الذي تركته لكم رغم ما بحال بلادكم .
الانتظار علامة رجاء ، و الرجاء نعمة الله للإنسان ، قلبي تغمره السعادة لأنه مازال يحتفظ بهذا الرجاء رغم كل شيء . و لست وحدي فكثيراً مثل ريتا و هؤلاء الأطفال ما زالوا يؤمنون و ما زالوا ينتظرون و مازال الرجاء يفيض منهم ليَعّبر من خلال تلي لوميور إلى كل العالم ليصرخ في وجه الجميع الله هنا رغماً عنكم ، إيمانُنا به باقِ مهما فعلتم و قلوبنا ممتلئة رجاء بأن الأفضل لنا سيظل لنا مهما حدث و مهما فعلتم بنا و إلى الأبد .
أطلب من يسوع المتجسد بقلوبنا في كل وقت أن يُهدي الرجاء و السلام للجميع ، و يكونا هما هديته لنا في عيده المجيد .
Labels:
رشا ارنست
الجمعة، ديسمبر 22، 2006
تعالَ من جديد
جئتنا منذ أكثر من ألفين عام
و لم يكن لدينا مكان
جئتنا أخاً و إلهاً مُحباً
و أغلقنا في وجهك الأبواب
تركناك تتجسد بالمزود
ولدت وسط العجول لانشغال العقول
ولدت في زمن يتكرر كل الأزمان
حملت لنا الحب ...... و قدمنا لك الرفض
حملت لنا السلام ..... و قدمنا لك انتقام
حملت لنا فرح ....... حملنا لك حزن
أعطيتنا ابتسامة ..... أعطيناك إهانة
أهديتنا نور و حياة ... أهديناك موت و هلاك
تُرى يا رب الكون
هل لك مكان بيننا إن جئتنا ثانية ؟
أقول و بقلبي أنين
مازال الازدحام
بيوتنا مزدحمة
قلوبنا مغلقة
عقولنا مُقفرة
ستُعاد مشكلة المكان
منازل كثيرة بُنيت
و قصور شُيدت
و لكن لن تجد لكَ مكان
أجيال خَلفتها أجيال
و كما تركتنا تجدنا
لا نعرف الحق و لا نملك العدل
مازالت أصواتناً تهوى
و أقدامناً لا تخطو
و نفوسناً تشتاق إليك و لا ترضى بك
الجميع مشغولون
فينا حكام و محكومون
فينا مئات بيلاطس ذابت أيديهم
و فينا الآلاف يهوذا باعوا و بيبيعوا
الكل منتظر الخلاص
أقولها لك
نحن شعبٌ احترف الانتظار
نغلق قلوبنا
و نسترُ عقولنا
و نطوى تاريخنا
و فينا كل شيء يُعاد من جديد
لم نتغير
و لم نُغير
أقولها لكَ و بلساني مرار
و ليس لديّ حل للانكسار
خوفي عليك من القرار
فبلادنا غاب عنها الآمان
و لكن .......
بكل ما بقى بداخلي
من إيمانٌ أنت أساسه
رجاءٌ أنت واهبه
محبةٌ أنت منبعها
أقول لكَ .... تعال
تعال لعالم مظلم لتُنيره
تعال لعالم مقفرٍ لترويه
تعال لعالم ضال و أُرجعه
تعال لعالم فارغٍ و أملأه
تعال لعالم سقط لترفعه إلى حيث أنت
تعال لعالم غاب عنه الحق و الحب و السلام
لتُعيدهُ إلى حضنك و تضمه في قلبك
و تخلقه من جديد
رشا ارنست
و لم يكن لدينا مكان
جئتنا أخاً و إلهاً مُحباً
و أغلقنا في وجهك الأبواب
تركناك تتجسد بالمزود
ولدت وسط العجول لانشغال العقول
ولدت في زمن يتكرر كل الأزمان
حملت لنا الحب ...... و قدمنا لك الرفض
حملت لنا السلام ..... و قدمنا لك انتقام
حملت لنا فرح ....... حملنا لك حزن
أعطيتنا ابتسامة ..... أعطيناك إهانة
أهديتنا نور و حياة ... أهديناك موت و هلاك
تُرى يا رب الكون
هل لك مكان بيننا إن جئتنا ثانية ؟
أقول و بقلبي أنين
مازال الازدحام
بيوتنا مزدحمة
قلوبنا مغلقة
عقولنا مُقفرة
ستُعاد مشكلة المكان
منازل كثيرة بُنيت
و قصور شُيدت
و لكن لن تجد لكَ مكان
أجيال خَلفتها أجيال
و كما تركتنا تجدنا
لا نعرف الحق و لا نملك العدل
مازالت أصواتناً تهوى
و أقدامناً لا تخطو
و نفوسناً تشتاق إليك و لا ترضى بك
الجميع مشغولون
فينا حكام و محكومون
فينا مئات بيلاطس ذابت أيديهم
و فينا الآلاف يهوذا باعوا و بيبيعوا
الكل منتظر الخلاص
أقولها لك
نحن شعبٌ احترف الانتظار
نغلق قلوبنا
و نسترُ عقولنا
و نطوى تاريخنا
و فينا كل شيء يُعاد من جديد
لم نتغير
و لم نُغير
أقولها لكَ و بلساني مرار
و ليس لديّ حل للانكسار
خوفي عليك من القرار
فبلادنا غاب عنها الآمان
و لكن .......
بكل ما بقى بداخلي
من إيمانٌ أنت أساسه
رجاءٌ أنت واهبه
محبةٌ أنت منبعها
أقول لكَ .... تعال
تعال لعالم مظلم لتُنيره
تعال لعالم مقفرٍ لترويه
تعال لعالم ضال و أُرجعه
تعال لعالم فارغٍ و أملأه
تعال لعالم سقط لترفعه إلى حيث أنت
تعال لعالم غاب عنه الحق و الحب و السلام
لتُعيدهُ إلى حضنك و تضمه في قلبك
و تخلقه من جديد
رشا ارنست
Labels:
رشا ارنست
الأربعاء، ديسمبر 20، 2006
لا عزاء للصحفيين
رشا أرنست
وسط هالة من مفكري هذا البلد العريق مصر ، رفع الصحفيون أخيراً صوتهم عالياً مرددين بحقوقهم الصحفية في بلدهم ، منددين بكل صمت و سكوت في مجتمعنا . و بعد حوارات و محاولات قررت خمسة و عشرون صحيفة يومية وأسبوعية عدم إصدار صحيفتها ليوم الأحد الموافق 9 يوليو 2006 ، هذا اليوم الذي سيُذكر في تاريخ المصريين و الصحفيين على وجه الخصوص انهم توقفوا عن التفكير ، توقفوا عن الصراخ في وجه الفساد ، توقفوا ان يكونوا أحراراً كما خلقهم الله .
وسط هالة من مفكري هذا البلد العريق مصر ، رفع الصحفيون أخيراً صوتهم عالياً مرددين بحقوقهم الصحفية في بلدهم ، منددين بكل صمت و سكوت في مجتمعنا . و بعد حوارات و محاولات قررت خمسة و عشرون صحيفة يومية وأسبوعية عدم إصدار صحيفتها ليوم الأحد الموافق 9 يوليو 2006 ، هذا اليوم الذي سيُذكر في تاريخ المصريين و الصحفيين على وجه الخصوص انهم توقفوا عن التفكير ، توقفوا عن الصراخ في وجه الفساد ، توقفوا ان يكونوا أحراراً كما خلقهم الله .
هذا اليوم الذي سيكون شاهداً على بلد تنادي بديمقراطية مُحاصرة ، تنادي بحرية مُكبلة بالقيود . سيكون شاهداً على حال بلدِ بأكمله حاولوا أهله بكل الطرق أن يصلوا به الى حافة الدول المُفكرة و التي تُنادي بما تؤمن به دون شرط او سجن .
أثناء متابعتي للأحداث عبر الفضائيات التي إستغلت الحدث لتُثبت ان مصر بلد يُحرم فيها أولادها من حقهم الطبيعي في التعبير عن آرائهم دون خوف او إحتياط من نتيجة حريتهم ، تذكرت فيلم البداية لسمير سيف ، تذكرت ما فعل الديكتاتور الذي سيطر على الأبطال الذين كانوا من كل الثقافات و الطبقات ، كيف سيطر عليهم بمسدسه حتى يكون هو السيد و هم العبيد ، و عندما قرروا ان يتمردوا عليه هددهم بالقتل و السجن و لم يكن يدري ان جميعهم كانوا مسجونين في هذه الجزيرة النائية ، و عندما أشار عليه أحدهم بأن لديه الطريقة التي يستطيع بها إخراسهم تماماً كانت ان ينشأوا مجلة حائط يعبروا فيها عن كل ما يكتمونه بداخلهم من رعب و خوف من المجهول .
و النتيجة انهم فعلوا هذا و كانت كلماتهم صرخة مدوية بهذه الجزيرة البعيدة التي لن يسمعهم أحد فيها .
أتذكر هذا السيناريو لأن حتى إمكانية التعبير و الصراخ أصبحت مشروطة و مسجونة داخل قوانين تُسمى قوانين الصحفيين . أصبح القانون هو السجن و القلم و الفكر هم المسجونان .
تسقط الصحافة و يحيا الفساد شعار رفعه الصحفيين ليومهم الحافل ، تسقط الصحافة الحرة و يحيا القانون الذي يقف بجانب مَن يدفنون الفكر و الحرية و يقفون على القبر ليستقبلوا التعازي . و رغم هذا أيضاً يضعون لافتة على القبر مكتوب عليها لا عزاء للصحفيين .
تسقط الصحافة و يحيا الفساد شعار رفعه الصحفيين ليومهم الحافل ، تسقط الصحافة الحرة و يحيا القانون الذي يقف بجانب مَن يدفنون الفكر و الحرية و يقفون على القبر ليستقبلوا التعازي . و رغم هذا أيضاً يضعون لافتة على القبر مكتوب عليها لا عزاء للصحفيين .
Labels:
رشا ارنست
الأحد، ديسمبر 17، 2006
أطفال يحملون الأثقال
رشا أرنست
ذهبت في رحلة الى مكان بعيد ، وجدت نفسي آمر بين أشجار و زهور غاية في الجمال و وجدت هناك أطفالاً يلعبون و يلهون و الضحكة مفروشة على وجوههم و حولهم أهلهم يتحدثون و بأيديهم فناجين الشاي يتمتمون بأحاديث لاهية ، كل هذا وسط الطبيعة الخلابة و سكون السماء بلونها الأزرق الزاهي و صوت ضحكات الأطفال مع تغريد الطيور المُحلقة التي تكاد تصل للسماء . ما شعرت به وقتئذ أن الكل في غاية السعادة و كأن الدنيا كلها كانت في هذا المكان الأخضر . حقيقة رحلتي هذه كانت لمكان بعيد و لكنه داخل عقلي ، هذا المكان ذهبت إليه بخيالي و أنا أشاهد إحدى برامج الأطفال التي يصورونها غالباً كأماكن ذاهية و كلها لهو و لعب . ذهبت للمكان بمخيلتي لعلي اقنع نفسي كما يقنعون الأطفال في برامجهم ان هناك حقاً مثل هذه الأماكن ، أماكن غير التي نشاهدها يومياً على جميع قنوات الأخبار اماكن غير التي نعرفها ، أماكن لا تكسوها الدماء و البارود ، لا يعلو فيها الصراخ ، لا يكون فيها حاكم او محكوم . و سئلت نفسي : هل أطفالنا تعيش هكذا كما تخيلت ؟ ام هناك طريقة عيش مختلفة نعيشها نحن العرب و نتميز بها ؟ أظن فعلاً اننا متميزون حيث حياتنا و حياة أطفالنا هي استعداد للاستبداد و القهر ، حياتنا يملأها العمل .. العمل من اجل لقمة العيش .
و يا ليتها تقف عند هذا الحد حد حرمان الأطفال من أقل حقوقهم الضحك و اللعب و التعليم و الوجود وسط عائلتهم . و لكني نظرت الى ابعد من ذلك فنحن المصريون و الحمد لله افضل بكثير من مَن حرمتهم الدنيا ما هو أكثر من الضحك و التعليم ، مَن هم حُرموا حياتهم و استقرارهم و تساءلت من جديد كم من ظلم يقع على آلالاف الاطفال في بلادنا العربية كل يوم ؟ كم مرة يُحرمون طفولتهم ؟ كيف لا يرون غير بلادهم التي دمرتها الحرب و كست أرضها الدماء ؟ كم مرة ناموا و لم يستيقظوا على احلامهم البريئة ؟ هؤلاء الاطفال الذين حرموا الحاضر و لا يعرفون كيف تكون الاحلام ، حرموا حتى من الحياة ، و رغم كل هذا يتربون على حب الوطن . الوطن المُكافح ، الوطن المسلوب ، الوطن المُحتل . يتربون ان هذه أرضنا ، حقنا ، عرضنا ، ندافع عنها حتى نموت . و في اغلب الاحيان يكون الموت اقرب من الكفاح .
تُصيبني حالة من الدهشة عندما أرى أطفالاً بالكاد يستطيعون المشي و اول ما يتعلمونه هو كيف يمسكون بالحجارة أو كيف يحملون لافتة كُتبت عليها " أرضنا ، حريتنا " . أطفالاً لا يدركون ما هم مُقبلين عليه و لكنهم قابلون ، أطفالاً لا يعرفون ما ينتظرهم و لكنهم مستعدون ، أطفالاً غير قادرين على الوقوف و لكنهم صامدون و كأنهم يقولون للعالم كله نحن هنا موجودون .
يومياً نُشاهد أخبار متتالية كأنها مسلسلات من القتل و الإرهاب و الدمار و الانفجار و التهديد و التنديد و الكل إما فاعل او مفعول . العالم أصبح دائرة تكسوها الغبار ، تفترشها دماء ملايين من البشر ، حولها صرخات مدوية من قهر و ظلم و استغاثة و الجميع هنا و هناك قرروا ان الصمت أبلغ من الكلام ، تركوا كل الأمثال و استعانوا بما يحفظ ماء وجوههم . أتسأل ألم يُذكر في كُتبنا المقدسة ان الأرض لن تشرب الدماء ؟ إذا كان هكذا فإلى أين تذهب دماء كل من ماتوا ؟ كيف تختفي ؟ هل استطاعت الأرض ابتلاع كل ما نراه يوميا من دماء صغار و كبار ، مظلومين و ظالمين ؟ أظن انه حتى الأرض تمردت ، لم يتمرد الإنسان فقط ، الأرض أيضاً تمردت كما تمرد الإنسان و أصبح هو السيد على هذا الكون و قرر ان الخالق خلقنا و نحن الآن من نقرر من يعيش عليها و من لا يعيش .
حقيقة لا أعلم الى متى سيظل العالم هكذا . لا اعلم الى متى سنظل مُشاهدون ، الى متى سيظل كل مسئول على هذه الأرض يظن أنه الاحكم .. الأفضل ، انه يفعل الصواب و أنه على حق و في النهاية يغسل يديه و يردد " إني بريء من دم هؤلاء الأبرار " . لا أعلم كم دفعوا ثمن حكمة هؤلاء ؟!!
و لكن ما أعلمه و يعلمه الكثيرون أن في كل وطن أبطال من خلفه يحفظونه و يُسلمونه لأولادهم . و لن ينتهي وطن يعيش بقلوب أولاده مهما مرت عليه عصور من الظلم . سيظل دائماً الأمل و الرجاء أن الأوطان تلد أبطالاً يحملون أوطانهم فوق رؤوسهم حتى يظل دائماً عالياً فوق الجميع .
مصر
ذهبت في رحلة الى مكان بعيد ، وجدت نفسي آمر بين أشجار و زهور غاية في الجمال و وجدت هناك أطفالاً يلعبون و يلهون و الضحكة مفروشة على وجوههم و حولهم أهلهم يتحدثون و بأيديهم فناجين الشاي يتمتمون بأحاديث لاهية ، كل هذا وسط الطبيعة الخلابة و سكون السماء بلونها الأزرق الزاهي و صوت ضحكات الأطفال مع تغريد الطيور المُحلقة التي تكاد تصل للسماء . ما شعرت به وقتئذ أن الكل في غاية السعادة و كأن الدنيا كلها كانت في هذا المكان الأخضر . حقيقة رحلتي هذه كانت لمكان بعيد و لكنه داخل عقلي ، هذا المكان ذهبت إليه بخيالي و أنا أشاهد إحدى برامج الأطفال التي يصورونها غالباً كأماكن ذاهية و كلها لهو و لعب . ذهبت للمكان بمخيلتي لعلي اقنع نفسي كما يقنعون الأطفال في برامجهم ان هناك حقاً مثل هذه الأماكن ، أماكن غير التي نشاهدها يومياً على جميع قنوات الأخبار اماكن غير التي نعرفها ، أماكن لا تكسوها الدماء و البارود ، لا يعلو فيها الصراخ ، لا يكون فيها حاكم او محكوم . و سئلت نفسي : هل أطفالنا تعيش هكذا كما تخيلت ؟ ام هناك طريقة عيش مختلفة نعيشها نحن العرب و نتميز بها ؟ أظن فعلاً اننا متميزون حيث حياتنا و حياة أطفالنا هي استعداد للاستبداد و القهر ، حياتنا يملأها العمل .. العمل من اجل لقمة العيش .
و يا ليتها تقف عند هذا الحد حد حرمان الأطفال من أقل حقوقهم الضحك و اللعب و التعليم و الوجود وسط عائلتهم . و لكني نظرت الى ابعد من ذلك فنحن المصريون و الحمد لله افضل بكثير من مَن حرمتهم الدنيا ما هو أكثر من الضحك و التعليم ، مَن هم حُرموا حياتهم و استقرارهم و تساءلت من جديد كم من ظلم يقع على آلالاف الاطفال في بلادنا العربية كل يوم ؟ كم مرة يُحرمون طفولتهم ؟ كيف لا يرون غير بلادهم التي دمرتها الحرب و كست أرضها الدماء ؟ كم مرة ناموا و لم يستيقظوا على احلامهم البريئة ؟ هؤلاء الاطفال الذين حرموا الحاضر و لا يعرفون كيف تكون الاحلام ، حرموا حتى من الحياة ، و رغم كل هذا يتربون على حب الوطن . الوطن المُكافح ، الوطن المسلوب ، الوطن المُحتل . يتربون ان هذه أرضنا ، حقنا ، عرضنا ، ندافع عنها حتى نموت . و في اغلب الاحيان يكون الموت اقرب من الكفاح .
تُصيبني حالة من الدهشة عندما أرى أطفالاً بالكاد يستطيعون المشي و اول ما يتعلمونه هو كيف يمسكون بالحجارة أو كيف يحملون لافتة كُتبت عليها " أرضنا ، حريتنا " . أطفالاً لا يدركون ما هم مُقبلين عليه و لكنهم قابلون ، أطفالاً لا يعرفون ما ينتظرهم و لكنهم مستعدون ، أطفالاً غير قادرين على الوقوف و لكنهم صامدون و كأنهم يقولون للعالم كله نحن هنا موجودون .
يومياً نُشاهد أخبار متتالية كأنها مسلسلات من القتل و الإرهاب و الدمار و الانفجار و التهديد و التنديد و الكل إما فاعل او مفعول . العالم أصبح دائرة تكسوها الغبار ، تفترشها دماء ملايين من البشر ، حولها صرخات مدوية من قهر و ظلم و استغاثة و الجميع هنا و هناك قرروا ان الصمت أبلغ من الكلام ، تركوا كل الأمثال و استعانوا بما يحفظ ماء وجوههم . أتسأل ألم يُذكر في كُتبنا المقدسة ان الأرض لن تشرب الدماء ؟ إذا كان هكذا فإلى أين تذهب دماء كل من ماتوا ؟ كيف تختفي ؟ هل استطاعت الأرض ابتلاع كل ما نراه يوميا من دماء صغار و كبار ، مظلومين و ظالمين ؟ أظن انه حتى الأرض تمردت ، لم يتمرد الإنسان فقط ، الأرض أيضاً تمردت كما تمرد الإنسان و أصبح هو السيد على هذا الكون و قرر ان الخالق خلقنا و نحن الآن من نقرر من يعيش عليها و من لا يعيش .
حقيقة لا أعلم الى متى سيظل العالم هكذا . لا اعلم الى متى سنظل مُشاهدون ، الى متى سيظل كل مسئول على هذه الأرض يظن أنه الاحكم .. الأفضل ، انه يفعل الصواب و أنه على حق و في النهاية يغسل يديه و يردد " إني بريء من دم هؤلاء الأبرار " . لا أعلم كم دفعوا ثمن حكمة هؤلاء ؟!!
و لكن ما أعلمه و يعلمه الكثيرون أن في كل وطن أبطال من خلفه يحفظونه و يُسلمونه لأولادهم . و لن ينتهي وطن يعيش بقلوب أولاده مهما مرت عليه عصور من الظلم . سيظل دائماً الأمل و الرجاء أن الأوطان تلد أبطالاً يحملون أوطانهم فوق رؤوسهم حتى يظل دائماً عالياً فوق الجميع .
مصر
Labels:
رشا ارنست
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)