السبت، فبراير 03، 2007

النظري و العملي لاحتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة

بقلم / رشا أرنست
جميع البشر يعيشون أوقات صعبة و أوقات حرجة و مواقف متعددة يومياً بين الروتين و المفاجئ منها ، فما أن تـُشرق الشمس و تبدأ معها المعاناة الإنسانية اليومية ، و الكل اعتاد على ما يفعله يومياً بشكل أو بآخر . باستثناء الخارجون عن القاعدة ، مثل رؤساء الدول ، فأيامهم مختلفة بالتأكيد ، لكثرة مشاغلهم الجسيمة التي يتحملونها و كذلك أيضاً من يمسكون بأطراف النهار من مسئولون و مبدعون و غيرهم و هناك من هم في حال مختلف تماماً و يُعتبرون من غير الأسوياء في نظر العالم ، و مع أن هذا التعبير غير إنساني إلا انه واقع نلمسه ، هذه الفئة تعيش كل يوماً بشكل مختلف .فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ( المُعاقين ) المختلفة كالمُقعدين أمثالي ، المكفوفين ، الصم و البكم ، المجروحين في ذكائهم و هم من يحملوا عبئاً آخر غير عبء النهار الذي يُشرق شمسه عليهم مثلهم مثل باقي البشر ، عبء الحركة و التنقل و كيفية ممارسة الحياة في ظل فقدان جزء من جسدهم . و السؤال من سيقوم بدور هذا الجزء ؟
يلاحظ أن نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم في تزايد مستمر رغم الجهود المبذولة للقضاء على مرض شلل الأطفال ، و يرجع هذا نظراً للكثير من التغيرات الديموغرافية في الحياة وتفشي العوامل الصحية التي تصيب الأم الحامل قبل و أثناء الولادة والمسببة للإعاقة ، هذا بالإضافة إلى الإعاقات الناتجة عن الحروب و الكوارث الطبيعية و حوادث الطرق و الأمراض العصرية . و قد وصلت نسبة المعاقين إلى 13.5 % من عدد سكان العالم حتى عام 2000 م . و من المفترض انه اليوم تكون أصبحت 15 % أي 900 مليون شخص معوق هذا العام ، 80 % من المعوقين معظمهم من بلدان العالم الثالث والبلدان النامية .
إحصائية للمعوقين في العالم حتى عام 2000 ونسبتهم موزعة حسب أسباب الإعاقة .
· الإعاقة نتيجة أسباب خلقية و تأخر ذهني 60 مليون
· أسباب وراثية عضوية 60 مليون
· أسباب غير وراثية 30 مليون
· الإعاقة المترتبة على أمراض شلل الاطفال 203 مليون
· حوادث مرور طرق 45 مليون
· حوادث عمل 22 مليون
· حوادث أخرى ( حروب وكوارث ) 5 مليون
· سوء تغذية 149 مليون
· حوادث منزلية 45 مليون
· إدمان مسكرات أو مخدرات 60 مليون
· أمراض عقلية وظيفية 60 مليون

تـُقدر حجم الإعاقة في المجتمعات الصناعية والنامية ، أمريكا 9.48 % ، الدول الصناعية 10 % ، المجتمعات النامية 12.3 % لعام 88 – 1989 م .
كما يُفيد تقرير إحصائي لأعداد المكفوفين في العالم حيث يُقدر عدد المكفوفين حالياً في العالم يقدر بـ 45 مليون شخص و يُرجح أن عدد المكفوفين في عام 2020 سيصل إلى 75 مليون شخص، حيث يتحول كل خمس ثواني شخص في العالم إلى مكفوف ، و كل دقيقة يتحول طفل في العالم إلى مكفوف .
الأرقام مُخيفة جداً ، فبرغم كل التطور الطبي و التكنولوجي في أنماط الحياة إلا أن النسبة في تزايد سريع . وقد حرص المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان في الربع الأخير من القرن الماضي على أن يأخذ المعوق نصيبه من الرعاية والاهتمام والحقوق والواجبات ، فأصدرت الأمم المتحدة - إعلان حقوق المعاقين عقلياً- عام 1971م ، و إعلان حقوق المعوّقين عامة عام 1975، كما أنها أعلنت العام الدولي للمعاقين عام 1981م و رغم هذا لا تزال هناك مئات المشاكل تواجه المعاقين يومياً و خاصة في الدول العربية و دول العالم الثالث كما يسمونها . فلا تزال صعوبة التنقل و الحركة هي المشكلة الرئيسية في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة أنواعها . ففي مصر حتى الآن لا تتوفر إمكانية آلية لدخول ذوي الاحتياجات الخاصة و خاصة المقعدين منهم إلى أي مصلحة أو هيئة حكومية أو خاصة . ناهيك عن وسائل المواصلات و خاصة في التنقل لمسافة طويلة . فعندما يكون القطار هو السبيل الوحيد أمام هؤلاء يزداد الأمر سوءاً . و إذا وضعنا مشكلة التنقل جانباً وجدنا مشكلة أكثر صعوبة و هي مواصلة ذوي الاحتياجات الخاصة للتعليم أو العمل . فلا وسيلة واحدة تمكن هؤلاء من العيش بشكل طبيعي ، لذلك فلا حرج عندما يطلقون علينا أننا غير أسوياء ، فالحياة نفسها أصبحت غير سوية ليس فقط لمَن هم في احتياجات جسدية معينة إنما لمَن هم بحاجة اكبر للفهم و إطلاق بصيرتهم للعمل .
في جامعة هامبورغ بألمانيا ، استطاعوا أن يقدموا خدمات عملية ونظرية لذوي الاحتياجات الخاصة في قاعة المحاضرات وأثناء الامتحانات بالإضافة إلى أجهزة السمع وأجهزة القراءة ، السكن و الامتحانات و التنقل و غيرها . فقد أشارت إحدى الجهات الرسمية الألمانية إلى أن نسبة الطلاب الذين يعانون من إعاقات وأمراض مزمنة تصل إلى نحو 15 بالمائة في ألمانيا . و بالطبع هذه نسبة كبيرة و خاصة في بلد حضارية مثل ألمانيا . و لكن عندما تتاح لهم إمكانية الحياة بطريقة طبيعية فتصبح الحياة أكثر استقراراً و سهولة . و أقول طبيعية حسب نصوص حقوق الإنسان التي تكفل للجميع توفير الاحتياجات الأساسية .
ذوي الاحتياجات الخاصة بأي مكان لا يطلبون سوى الضروري . و الطبيعي الذي يتوفر لكل الفئات . فعندما يُكلف مبنى أو مشروع ضخم ملايين الدولارات لن تزيد كاهلهم بضع دولارات أخرى يستطيعوا بها أن يُسهلوا الحياة لمَن هم في احتياج لبعض الإمكانيات البسيطة .
فأعداد المعاقين في تزايد كما رأينا من خلال الإحصائيات و أي خدمات تقدم لهم لم تعد تكفي هذا التزايد المستمر ، يلزم الدول و القائمين على شئون المعاقين أن يبدءوا بما يكون أساسي في المجتمعات كإتاحة الأماكن لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة و التي تمكنهم من تقضية مصالحهم و خاصة المصالح الحكومية ، تجهيز آليات تساعدهم على استخدام وسائل المواصلات و خاصة القطار و المترو ، تطوير الأماكن العامة و الشوارع بحيث تكون مناسبة للسير ، معاملة العاملين منهم كأسوياء ليس كمن يحتاجون لإعانة . هذه أولويات لابد أن تكون متوفرة بالضرورة في كل المجتمعات المؤمنة بتفعيل دور الفرد و المجتمع .
الواقع الذي يفرض نفسه أن ذوي الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون لنصوص موثقة بالأمم المتحدة فقط ، أو لفتات مذهلة و محاضرات بديعة في المؤتمرات التي تـُنـادي بحقوقهم و التي تُعقد بأفخم الفنادق بأي دولة و تنفق عليها مبالغ طائلة و لا يحضرها ذوي الاحتياجات الخاصة سوى فرد أو اثنين . إنما يحتاجون إلى تطبيق عملي لهذه النصوص ، تطبيق يَـكفل لهم العيش بطريقة أيسر و بإمكانيات و مساعدات في المجتمع الذي يعيشون فيه . تطبيق يجعل ضوء الشمس ينعكس على وجوههم أثناء وجودهم خارج منازلهم . ضوء يعكس حبهم للحياة و رضائهم بما يعيشونه ، لا يعكس عبوسهم و تفكيرهم المستمر في كيفية عمل هذا أو ذاك ، شاعرين أن هناك من يشعر و يفكر و يعمل من اجلهم . فالأمر لا يحتاج إلا إلى صحوة وعى من المسئولون و الوزراء الذين يهدرون أوقاتهم بالحديث للصحف و الفضائيات . نحتاج منكم أيها السادة أعين تُبصر لا أعين تنظر فقط و الفرق واضح .



مراجع الإحصائيات :
http://www.caihand.com/na.htm





ليست هناك تعليقات: