السبت، فبراير 17، 2007

هوية المرأة

سمر المقرن

قبل أكثر من خمس سنوات منحت الحكومة السعودية المرأة حق استخراج بطاقة شخصية، فقلنا ( الله , أخيراً أصبح لنا هوية ) .. أزبد وأرعد المرجفون رفضا لهذا القرار، متعللين بأن البطاقة المدنية ستساعد المرأة على أن تتمرّد على الرجل، وستُخرجها من قالب التبعية التي اعتادتها.
مع ذلك استمرت مئات النساء في استخراج البطاقة، وساهم القرار الصادر في الآونة الأخيرة، بالسماح للمرأة باستخراج البطاقة المدنية دون إذن ولي أمرها، في إقبال كبير من النساء المتعطشات والباحثات عن كيانهن الذي أُعترف به أخيراً.
حتى الآن لم نفرح كثيراً نحن النساء بهذه البطاقة، فمعظم الدوائر الحكومية لا تعدّ بطاقتنا حقيقية و لا صالحة لديها، و لا تملك شخصية اعتبارية ، ولا تستطيع النساء استخدامها , يستثنى من ذلك مؤسسة واحدة ألا و هي البنوك النسائية .
هذا مؤشر مؤسف على رضوخ الحكومة لأصحاب الصراخ العالي الذين احتكروا الدين الإسلامي في المرأة .لا يختلف الوضع كثيراً بعد صدور قرار وزارة العمل بأن تعمل النساء في مهنة البيع في المحلات النسائية ، وجاءت خطة الوزارة بأن تكون البداية من محلات بيع الملابس النسائية الداخلية.. بطبيعة الحال , رحبت الأوساط النسائية بهذا القرار خصوصاً وأن أصعب الأمور التي تواجه المرأة في السعودية من كل الجنسيات بما فيها الغربية هو الدخول إلى محل ملابس داخلية .
فالرجل( البائع ) لقطع تخص أجزاء الجسد الداخلي للمرأة، لا تقبل به امرأة من أي جنسية ، ومن أي دين ولتأكيد ذلك فإن هذه المحلات في دول الغرب لا يبيع بها إلا النساء ، لأن تولي المرأة هذه المهمة في هذا المكان يُعد عملاً أخلاقياً قبل أن يكون دينياً . للأسف أزبد وأرعد المرجفون مرّة أخرى واعتبروا هذا القرار يهدف لإخراج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال، واصلين بذلك الاحتجاج إلى قمة التناقض فهم يسمحون للرجل بأن يُقلب ملابس نسائهم الداخلية بيديه، ويرفضون أن تبيع المرأة للمرأة . علماً أن القرار عندما صدر كان واضحاً بأنه لا يهدف إلى اختلاط المرأة بالرجل، حيث وضعت الوزارة من ضمن المعايير أن تكون المحلات مغلقة وساترة ولا يدخلها إلا النساء .
بعد هذا القرار استجاب عدد من تجار بيع الملابس الداخلية وطبقوه حتى قبل المدة الممنوحة لتفعيل القرار , تجاوباً مع الأوامر الحكومية التي تهدف إلى مصلحة الجميع , إلا أنه وللأسف الشديد بعد أن تمكن المتشددون من الوقوف بكل صرامة في وجه هذا القرار، رأينا المحلات قد عادت على حالتها الأولى، وتم الاستغناء عن الفتيات السعوديات البائعات ورجع الرجل الأجنبي يبيع ويمسك ويُقلّب الملابس الداخلية .
ضرر آخر جرّته هذه المعمعة , هو أن مئات الفتيات والنساء العاطلات عن العمل , منهن مطلقات وأرامل ومنهن فتيات أنهين الدراسة الجامعية وبقين في البيوت تقدمن لهذه الوظائف . فحصولها على هذه الوظيفة قد يساهم في بناء بيوت جديدة , وإيجاد دخل للفقراء ممن يعيشون على الكفاف ، إلا أن مرضى التشدد الديني لا ينظرون مطلقا لمثل هذه الاعتبارات الإنسانية , فهم " يجاهدون " ليل نهار لقمع المرأة .
إنه مما يؤسفني أن يُختزل الدين الإسلامي عند هؤلاء الصحويين في ملاحقة المرأة والوصاية عليها !. والغريب أن من ضمن هؤلاء المجاهدين " نساء " تواطأن على بنات جنسهن وقبلن البقاء في الصفوف الخلفية بعد أن أصبحن أدوات ودُمى تُحرك من قِبل المتشددين الرجال .إلى متى يا وطني نتقدم خطوة ونعود للخلف عشرات الخطوات ؟!..
متى سندرك أن الدين الإسلامي رسالة سامية راقية هدفها تهذيب النفوس والعمل على المساواة بين البشر رجالا ونساء ؟

ليست هناك تعليقات: