بقلم/ يوسف صادق
لا بد وأن نأخذ قضيتنا الفلسطينية بالون الأشقر أو الأبيض على حدٍ سواء، عل أزمتنا تنحل "تفك" على يد "رولا" ذات العيون الزرقاء، ما دام قضيتنا ينتابها جمود وترهل سياسي، وأصبح الكل العربي يدور في فلكه الخاص لمصالحه الضيقة، وإن استبشرنا خيرا فهي مصالح حزبية لا تتعدى مستوى مطوحات الفرد العربي المسلم.
هي "رولا" في العشرينات من ربيعها، شرقية المولد.. غربية الشكل والملبس، لا وطويلة ولا قصيرة.. ولا سمينة ولا نحيفة..
هي فقط كالدمية الجميلة التي تعلب بها طفلاتنا خلال لعبة "العروسة وإبنتها". عندما اشتدت الأزمة الحالية حول مدينة القدس، وداست جرافات الاحتلال الإسرائيلي بجنازيرها كرامة أكثر من مليار مسلم على وجه الكرة الأرضية.. ولم يبق منهم غير ثلاثة آلاف فلسطيني إستطاعوا دخول المسجد الأقصى رغم الحواجز الكثيرة التي أقامتها شرطة وجيش الاحتلال على الطرقات لمنع سيل من الأجساد الفلسطينية للوصول لهذا المسجد..
أضطر خجلاً قادتنا وزعماءنا وحكامنا العرب والإسلاميين لعقد قمة عربية طارئة، وبرأيي فأن مفهوم القمة الطارئة هو نتاج أمر ما يحدث في هذه اللحظات. الغريب أن تلك المسرحية كانت عبارة جزء من التفكير السلبي نحو هؤلاء القادة قبل النوم طبعا، وأن رولا دخلت فجأة أثناء إجتماع هؤلاء القادة حول الدائرة المستديرة.. فتوقفت الكلمات وبدأ الهمس هو سيد الموقف، وصارت "التمتمة" تعلو كـ "زن الدبابير"، ذلك لأن رولا دخلت عليهم وشعرها الأصفر يسدل على كتفيها، وكانت تضع بعض الماكياج الخفيف الذي أضفى عليها جمالاً، فوق جمالها، فضلا عن صفاء بحر عينيها الزرقاوين، ولم يعد أحداً من العرب يحتمله.. فإما الغوص فيه .. وإما أن ترحل رولا بعيدا إلى عالمها الخاص بها.
فالشرقيون يا رولا عندنا ذوات بشرة سمراء.. لم يتعودوا قط على غير العادة، كما الدارج عندنا يا رولا أن نساءنا لا يفرقهن احد إذا ما قارنهن بالجندي الذي يخدم على الحدود الصحراوية مع البلد المجاور، لذلك تفاجأ الجميع بهذه الفتاة التي عكست الاتجاهات المختلفة ووحدت العرب فيها، عندما فرقتهم المصالح الخاصة لدولهم أو لذاتهم، وباتوا شيعاً وأحزاباً يساقون نحو تهلكة بلدانهم وشعوبهم.
الأهم في الأمر أن رولا كانت تلبس على غير عادتنا، سيما وأن عيوننا يا "رولا" تخرف ما بعد البنطال الذي تلبسينه والقميص الفضفاف الذي يغطي باقي جسدك.. وتلك العيون بالطبع يا "رولا" موروثة عن قادتنا وزعمائنا، فهو أرث قد يفيد في بعض الأحيان عن أرث الخوف والذل والمهان، مثلاً، وعلى هذا دار اشتباك بالألسن، حمدنا الله أنه لم يمتد إلى الأيادي، حول جلوس "رولا" بجانب مَن منهم.. مما دعاها إلى إسكاتهم جميعا عندما فضلت الوقوف عن الجلوس بجوار احدهم، ربما للرائحة.
وبينما كانت العيون تتجه نحو "رولا" او جسدها، والعلم عند الله، بدأت الجلسة الطارئة على شرف رولا الشقراء.. حيث ألقيت كلمات صاخبة من هذا وذاك تناول فيها حب بلده الشديد لرؤية اللون الآخر الغير شرقي، بينما طرح آخر فكرة التهجين ما بين الأشقر والقمحي، وذاك قال لا بد من تغيير الشعب واستقطاب اللون الأبيض، ربما لتوفير مساحيق الغسيل الشامبوهات، وهي فكرة لاقت استحسان العديد منهم. وعندها جاء دور كلمة "المعلم الكبير" منهم.. وقف صامتا لعدة دقائق... فصمت بدورهم جميع من في القاعة.. ثم التفت تجاه "رولا" متسائلاً، بنت من أنت...؟
حينها قالت "رولا" وهي ترسم أبتسامتها كلوحة الموناليزا، أنا عروس عروبتكم.. فرد الجميع ونعم العروس، يظنون بذلك أنها جاهزة للزواج، ولم يتبادر لذهنهم أنها تقصد القدس.
وعلى هذا النحو علق رئيس القمة الحالي الجلسة الطارئة، للاستراحة.. وهنا علق كاتب السطور مقاله الساخر عن رؤية القادة حول قضيتنا الفلسطينية وحول الحفريات الاسرائيلية تحت المسجد الاقصى في تهديد واضحٍ لانهياره في أي لحظة، في ظل إدانة من بعض الدول العربية على استحياء كما حياء "رولا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق