الأحد، مايو 31، 2009

العاشقُ الفاني

محمـد محمد علي جنيدي
أُعَاتِبُ مَنْ سَبَى قلبي
أُعَاتِبُ مَنْ لها حُبِّي
أُعَاتِبُهَا وَمَا ذنبي
سِوَى أنَّاتِ حرماني!
--
لِحُبِّي عِشْتُ في شَوْقٍ
وَضَاع الْعُمْرُ كَالبَرْقِ
وَلَمْ تَأْتِ عَلَى ضيقي
تُوَاسِى لَهْفَةَ الحاني !
--
حَبَسْتُ العُمْرَ في كَلَمِى
فَلَم يَخْرُجْ صَدَى ألَمِي
وَلَم أشْكُ عَلَى هَرَمِي
وَمَاءُ الصَّبْرِ إيماني
--
لَفِيحُ الوَجْدِ يَحْرِقُنِي
وَهَمُّ البُعْدِ يُغْرِقُنِي
وَكَمْ أهْدَيْتُهَا زَمَنِي
لِأنِّي العَاشِقُ الفَانِي
--
نُجُوماً كَمْ أُقَبِّلُهُا
بِرَغْمِِ البُعْدِ أُدْرِكُهَا
تُغَنِّى لَحْنَ عَاشِقِهَا
وَحُلْمُ القُرْبِ يَنْسَانِي!
--
رَفِيقَةُ مُهْجَتِي عُودِي
أمَا تَدْرِي غَداً عِيدِي؟!
حَيَاتِي باللُقَا..جُودِي
وَرُوحُ الوَصْلِ شُرْيَانِي

الثوب الازرق

عيسى القنصل
رايت البحر َ مرتميا على الاكتاف والجسد ِ

وبعض الموج هادئة ُ

تنادينى ...بغمز الجز والمـــــــــــــــــــــــد ِ

وبعض الموج هائجة ..

كعاصفة ٍ تهددننى كاصوات ٍ من الرعــــــد ِ

على الاكتاف قد القت مقاطعه ...

باغراء ٍ لتبعدنى عن الايمان والزهــــــــــد ِ

فاتبعها على لهف ..

لدنيا العشق بين السند والهنــــــــــــــــــــــد

رداُء ازرق لبست

على جسدٍ فزاد العطر ُ بالــــــــــــــــــــــورد

وبانت فى معالمه

كطاهرة ِ حباها الله ياقوتا ِعلى القــــــــــــــــد

فبان القد ممشوقا ..

كدالية ٍ محملة عناقيدا فمن خلق ٍ الــــــــى ود ِ


جمالا رائع التكوين فوق الوصف فى حــــــــد

فمن خصر ٍ بلا عظــم ٍ

الى خجل ٍ بعمق العين والخـــــــــــــــــــــــــد

رايت الثوب منشرحا ..ومبتسما

وقد نامت زراقتة على على صدر ٍ على نهـــــــدِ

ايا فستان غاليتى ..

جعلت القلب مشتاقا ..لملهمتى بلا حـــــــــــــــــدِ

روضة المحبة في محردة وتخريج دفعة جديدة من عصافير الأمل

مفيد نبزو

- محردة-
تم تخريج الدفعة الثانية عشرة من أطفال روضة المحبة في محردة، وذلك يوم السبت الموافق\ 30\5 \ 2009 \ في المركز الثقافي العربي في محردة الساعة السابعة مساء

وبجضور الآباء الأجلاء وجمهور كبير من أهالي الأطفال المتخرجين.

أول ما بدأت السيدة منى هزيم مديرة الروضة بالتعريف

بالروضة ونشاطاتها يرافقها عرض جميل ساحر لهؤلاء البراعم الصغار الذين يغمرون الحياة بالفرح والتفاؤل.

ثم توالت الفقرات التالية:

موسيقا افتتاحية، فالنشيد الوطني للجمهورية العربية السورية،

، فكلمة افتتاحية ألقتها الطفلة راما يوسف قاورما،ثم مقدمة أغنية غزالي للطفل نديم أيمن ديوب، ثم توزيع شهادات التخرج، وبعدها حوارية باللغة الانكليزية للطفلة ميري دانيال الشيخ، ثم أغنية بالانكليزية five littleducks لابراهيم برشيني –

سومر عوكان - فلا هزيم – فتوزيع الشهادات لقسم آخر ،

ومقدمة لمجموعة أغاني فيروزية، أداء الطفلة كارمن باسم يعقوب، ووصلة غنائية ( يا محلا ليالي الهوى- قالولي كن –

هدوني هدوني- ثم توزيع شهادات تخرج للقسم الأخير،

فمقدمة لأغنية بكتب اسمك يا بلادي أداها كل من :

داود غسان زحلوق وميشيل جوني سكاف.

لقد غمرت الفرحة الجميع ، وكان الشعار الأجمل:

إذا المحبة أومت إليكم فاتبعوها. جبران.

ألف مبروك لجميع الأطفال المتخرجين من روضة المحبة في محردة ، وكلمة حق: لا يوجد فرح أجمل من فرح الطفولة.

محمد عز الدين التازي في ضيافة مختبر السرديات: أكتب.. كما يحفر النهر مجراه




خلال يوم كامل، وبمشاركة أربعة عشر ناقدا مغربيا، انعقدت ندوة ( اللغة والمجتمع وغياب اليقين في روايات محمد عز الدين التازي ) يوم الجمعة 29 مايو 2009 برحاب كلية الآداب بنمسيك بالدارالبيضاء ، جامعة الحسن الثاني المحمدية ، في ضيافة مختبر السرديات الذي دأب على الاحتفاء بالثقافة المغربية والعربية في لقاءات علمية. وقد عرفت الجلسة الافتتاحية كلمة شعيب حليفي التي سجل فيها المقاصد الكبرى من هذه الندوة وأهمية الروائي المغربي التازي في المشهد الثقافي. كما تحدث محمد عز الدين التازي عن بعض الملامح والآفاق في مسار الكتابة عنده .

· جماليات التجريب والتخييل

انطلقت الجلسة الأولى والتي ترأس أشغالها جواد بنيس ، بمداخلة عبد الفتاح الحجمري(روايات التازي : كتابة منذورة للبقاء ) حيث تحدث بتفصبل عن حياة محمد عز الدين التازي الثقافية ومسيرته الابداعية متوقفا عند أهم المحطات الابداعية بدءا من أول رواية "أبراج المدينة" إلى "أبنية الفراغ" وقد عمل وهو يرصد نصوص التجربة إلى توصيفها جماليا ودلاليا وأيديولوجيا. مع تركيزه على خصوصياتها الموضوعاتية والفنية قياسا إلى تجارب مغربية مناظرة..

وفي مداخلة بعنوان ( الواقعي والتخييلي في رواية أبراج المدينة ) تدخل محمد بطل متحدثاعن القوة الإنجازية للرواية وهي تُحرض خيال المتلقي. وقد أطر الباحث ورقته بتناول محاور منها شبق الكتابة وتمفصل الحكي عن الخطاب ، لينتقل إلى مقاربة تمفصل الدلالة الرمزية للمدينة وأبراجها ،التماهي السخري من الواقع ، وصولا إلى البحث في الاوضاع الخطابية من ترهينات ولغات، خاتما تحليله بالتوقف عند التخيييلية باعتبارها بُعدا جماليا في رواية أبراج المدينة.

أما مداخلة عبد الرحيم جيران فكانت بعنوان"البلاغي الأسطوري في (زهرة الآس) أو تقابل العوالم" وقد انصبت على معالجة العلاقة بين الأسطوري والكتابة الروائية. وقد تطرق الباحث في البداية إلى العلاقة الماثلة بين الأسطورة والبلاغة، وضبط اشتراكهما معا تجسيم العالم انطلاقا من التنافر بوصفه مظهرا دالا على بنية تستقطب عبر التوسط أشكال الكتابة في رواية زهرة الأس. ثم انتقل بعد ذلك فحص هذا التوسط في الرواية، حيث بين الحدود التي يتحرك ضمنها. وهكذا عمل الباحث على مقاربة توسط الأسطوري الكتابة الروائية والتاريخ في علاقتهما بالموضوع الروائي "فاس"، بما يعنيه ذلك من ضبط المبدإ الكلي الذي يتخفى بوصفه منطلقا وتوقا وراء الصياغة السردية للرواية، هذا فضلا عن ضبط الانبثاق السردي في ارتباطه بأسلوب الورطة، وتجسيمه الأسطوري في بناء التقابل البلاغي، مع ما يقتضيه ذلك من ضرورة خلق تجسير بين هذا التقابل متطلبات الرواية بوصفها جنسا أدبيا له شروطه الخاصة، الشيء الذي أفضى إلى ضرورة تبين تدخل العجيب في بناء التعالق بين الأسطورى وممكن الرواية.

رشيد الإدريسي في ورقة نقدية بعنوان ( انعدام الحقيقة وهشاشة الكائن: مفاتيح لفهم المنطق الحكائي لدى عز الدين التازي) اعتبر المدونة السردية للكاتب من أكثر المدونات ارتيادا للتجريب، ونتيجة لهذه الخاصية التي تطبع أغلب إبداعاته، يجد القارئ نفسه إزاء عوالم حكائية غير مألوفة لديه. وهذا ما ينطبق على رواياتي "مهاوي الحلم" و"ضحكة زرقاء"، ففيهما معا تتجلى كل خصائص تصور الكاتب للإبداع وطريقة صوغ الأفكار والعوالم التي يريد تبليغها للقارئ. ويعتبر المحور النصي المتمثل في انعدام الحقيقة وهشاشة الكائن، من أكثر المفاتيح قدرة على سبر أغوار هذين الروايتين، والتي يعتبر الغموض أحد مكوناتها وثوابتها الأساسية، مما يستدعي الرفع من درجة مشاركة القارئ التأويلية، وعدم الاكتفاء بالتفسير الحرفي التاريخي الذي يجب البناء عليه لإنجاز تأويلات عميقة تتوافق مع طبيعة هذا النوع من الإبداع.

أما مداخلة عبد الإله رابحي الموسومة ب" التخييل الليلي في رواية الخفافيش " فقد انطلق فيها من توصيف ثنائية الظلمة والنور في الرواية بكل ملحقاتها أو سيماتها التي يعجز منطق الترادف على الإحاطة بها ، وذلك عبر اقتران الكتابة الإبداعية بالحلم كسياق ليلي تتجلى من خلاله الثنائية الأصل :الواقعي والمحتمل التي تجعل من الكتابة سؤالا مؤرقا، ثم انتقل إلى توضيح كيف أن الكتابة تتأرجح بين العالمين:عالم الظلمة -الحلم- وعالم النور- الواقع- ،عالم "الحاجة لالة زهور "كعالم يعج بالأشباح ،كتخييل ليلي يعجز حرفيو الكتابة إدراك أسراره ، وعالم "كنزة" الغارق في تفاصيل اليومي العابر. ومؤكدا أن حيرة الكتابة بين العالمين تفسح المجال للقارئ لكي يرتق خيوط الحكاية الليلية المتناثرة، ويكمل سيرة الحاجة وسيرة الكتابة بما تراكم لديه من متخيل ليلي، وهو المتخيل الذي ينقل الوقائع من التاريخي إلى الروحي، موضحا أن هذا الانتقال مناظر لما عبر عنه ريكور بالانتقال من العبودية إلى الحرية أي إلى حالة الخلاص.

وحول ( لعبة الحكي وتراجيديا التحول في رواية مغارات) قارب عبد الغاني عارف النص الروائي من خلال أربعة محاور وهي أولا : المكان باعتباره موضوعة في الرواية وبؤرة تستقطب إلى مركزها مجموع وقائع الرواية.ثانيا: لعبة الحكي ضمن اختيار سردي ينزع نحو التجريب وعبر لعبة حكي تتعالى عن الواقع بالإيهام الفني .ثالثا : شخصيات الرواية المحكومة بمواجهة أقدار عابثة رغم وعيها الحاد المشرئب إلى واقع خارج الانهيار.رابعا اللغة وماهية الكتابة ، والأبعاد الترميزية التي تفتح للتأويل منافذ جديدة وتفصح مرآويا عن عنف التحول المتحقق في طنجة المدينة وفي الشخصيات .

· اللغة ، المجتمع ، غياب اليقين
في الجلسة الزوالية التي نسق أشغالها عبد اللطيف محفوظ ، تدخل بوشعيب الساوري في موضوع ( ترميم الذات والمكان في رواية امرأة الماء ) من خلال محورين اثنين .الأول بخصوص السفر في الذات والمكان حيث تتأسس روائية الرواية بغية القبض على العطب ، وكذلك الكشف عن التحولات انطلاقا من الحوار بين الماضي والحاضر . المحور الثاني حول التنويع السردي انطلاقا من سرد تفقد المكان والتذكر والاسترجاع ، ثم الرسائل وشطحات الحلم .

أما مداخلة سلمى براهمة فقد كانت بعنوان "من تصدع البناء إلى تصدق الأسطورة"، حيث حاولت أن تكشف من خلالها أن تصدع البناء وتشظيه كان له دور دلالي قوي تمثل في إسقاط الأسطورة اليهودية. لذلك وقفت الباحثة عند الحكاية الأساسية في الرواية، والتي تتصل بالهيلولة (احتفال ديني سنوي لليهود المغاربة) حيث توقفت عند كشف الخطاب الروائي لكل الأقنعة عن الخطاب الديني..

وقد انتهت الباحثة إلى تأكيد أن رواية " فوق القبور تحت القمر" ذات بعد أطروحي وبعد جمالي أيضا. الشيء الذي جعلها تكتسب تميزا وتفردا على مستوى المحتوى وطرائق السرد.

ثم تدخل جمال بندحمان بموضوع( مدارج اللغة وحكي القيامة الدنيوية: دراسة في رواية " خفق أجنحة" )وانطلق من التساؤل عما يميز لغة الحكي عن غيرها؟ وهل يتحكم مضمون الخطاب الحكائي في نوع لغته؟ و ما الذي يفعله القارئ أمام خطاب متشعب اللغة ؟ أي علاقة بين مقاصد الخطاب والمبدع والمتلقي؟ وهل تتمرد اللغة على مستعملها؟ وما مسوغ الجمع بين لغات داخل اللغة وبين حكايات داخل الحكاية؟ وهل يكفي رصد المعجم لتعليل أنماط الحكي وتموجاته؟ أي دور تلعبه التراكيب في بلورة الموقف المفترض للقوى الفاعلة؟ وما الدلالات التي تقدمها لنا اختيارات الأسماء والأماكن؟ وإلى أي حد تتراجع اعتباطيتها لتصبح اختيارات مقصودة؟ كيف نبلور خطابا عن الحكي من خلال اعتماد الأفعال الكلامية وصيغ السؤال المفتوح؟

انطلاقا من هذه الأسئلة، وغيرها، قارب الباحث رواية خفق أجنحة استنادا إلى مقاربة تعتبر أن للغة سلطتها في بعض المقامات الحكائية التي تتوسل بها لتبليغ مضامين ذات التباس دلالي كبير، يقود إلى جعل تشاكلاتها الدلالية أكثر إيغالا في جعل التعايش ممكنا بين المتناقضات، وفق تصور يعيد صياغة الإشكالات الفكرية والمجتمعية والتاريخية، ويضعها في مأزق يكسر ثوابتها،ويجعل اليقينيات أكثر عرضة للتشكي..

أما محمد خفيفي فقد كانت مداخلته بعنوان "تعدد الأصوات وانهيار القيم في رواية حكاية غراب" وقد استهل المداخلة بالكشف عن النصوص الغائبة التي قد تفرض ذاتها على المتلقين تبعا لقدراتهم الإدراكية، لينتقل إلى وصف خصوصيات الغراب في الرواية، حيث لاحظ أنه ملتبس مختلف عما تقدمه المعاجم عن هذا الطائر العجيب والغريب الذي يتبدى جراء ذلك ممتلكا لصفات تجعله متعدد الهوية.. وهو متعدد بتعدد المواقف والوضعيات التي تتأرجح بين حضور واقعي وآخر رمزي يؤشر على شيء آخر تراهن الرواية على فطنة القارئ لتوصيفه وفك طلاسيمه. كما لاحظ أن الرواية تتجاوز البناء التركيبي التقليدي، وتعتمد تقنية تعدد الأصوات التي تساعد على تشخيص أنواع الوعي الإيديولوجي..

وانتهى الباحث إلى أن الرواية تحقق التناغم بين الذات وأفعالها، فهي انطوائية منعزلة تفكر كثيرا في الموت لكن عزاءها الكبير في توهج الحكاية وقدرتها على هزمه.

في الجلسة الرابعة والختامية خلال هذه الندوة والتي نسق أشغالها شعيب حليفي تدخل شريشي لمعاشي بورقة نقدية حول رواية المباءة (الرواية واللايقين ..يقين الجنون ) معتبرا أن هذه الرواية هي سرد يولد من متاهة اللايقين وتتشكل من مفصلين كبيرين ، الأول تخييلي والثاني شبه واقعي ، وعبرهما سيتوقف الباحث عند عدد من القضايا المحركة للنص ، منها أبعاد الرموز ، لغة التصوف ، الجنون ، التفاوت بين عمق الوعي وعمق الإحساس .

أما إبراهيم أزوغ فقد قارب موضوع (صوغ المتناقضات والأوهام والمواقف في رواية بطن الحوت ) باحثا عن تيمة غياب اليقين المفضي إلى العجائبي باعتباره وسيلة تعبيرية لتصريف المواقف والرؤى حول المجتمع الصغير والكبير .كما توقف الباحث عند مستوى توظيف الرواية لتقنية السؤال في بناء النص ، أو صيغة البحث دون جواب.

وتدحل بعد ذلك المصطفى مويقن بموضوع "دم الوعول: بين المسخ والبوح" حيث عمل على مقاربة الرواية من خلال دلالة المسخ، وقد طال الشخصية المحورية "عبد الرحيم" الذي مسخ في هيئة قزم. موضحا أن هذا التحويل استدعى بوح كل الشخصيات ذات العلاقة بالذات موضوع المسخ، ومن ثمة تحول المسخ إلى ذريعة للبوح وتعرية الكائن، تبدى معه أن كل شخصيات الرواية تعاني المسخ..

وانتهى إلى تأكيد أن الرواية تعكس من خلال لغة متشظية انكسار الشخصيات المحطمة، كما تشخص المسخ الذي أصاب الواقع نفسه.

وكانت آخر مداخلة لعبد اللطيف محفوظ، تحت عنوان "بناء المعنى في رواية أبنية الفراغ" حيث عالج المعنى انطلاقا أولا من شكل توظيف اللغة الموسوم بالبساطة والشفافية في التعبير عن الموضوعات، وثانيا من خلال سجلات الكلام التي تتركب من ثلاثة مستويات، مستوى عام ومجرد يتصل بالموقف من العالم والقيم والأنساق المنظمة للسلوك الرمزي المتحكم في أشكال الفعل والتفكير فيه وتقييمه، ومستوى ثقافي اجتماعي يمس العلاقات الإنسانية، ومستوى ثالث يتصل بالفردي والخاص، ملاحظا أن بناء المعنى يقتضي أخد المستويات وعلاقاتها بعين الاعتبار، وثالثا من خلال مضمرات السرد والكتابة والتي حددها في مجموعة من الأدلة وصفها بالأيقونية، وهي العلاقة الفضائية بين الفصول والمحكيات الصغرى، والتي تعوض وتنوب عن العلاقات السببية، وعلاقة المسارات السردية بدلالات أسماء المتكلمين في الرواية، وعلاقة الحريقين الذين تنفتح الرواية على أحدهما بالبيضاء وتنتهي بثانيهما بطنجة بالدلالات الرمزية للحريق في الأنساق الرمزية

· المجرى والمسار

في نهاية اللقاء تحدث عز الدين التازي عن تجربته الروائية الممتدة في مساحات التخييل الروائي من خلال الورقة التالية :



" ما الذي يتغير في الإنسان وهو يغير جلدته كما تفعل الثعابين ، أو وهو يغير لسانه ليتكلم بلغة الوقت وبأصوات الآخرين ،أو وهو يغير ما كان يقوله لنفسه في سرائه وضرائه بقول آخر يتكيف فيه مع الآخرين ؟

من غير شك فإن الجوهري في ذات الإنسان يتغير بفعل تلك التغيرات، وحيث تتعرض الذات للتهتيك وفقدان مقوماتها كذات .

وإذا كان الإنسان روائيا ، فإنه يحتمي بالكتابة من فراغ المعنى ومن المسخ والتشيئ، ومن ابتذال القيم ، لأن ثمة ما يكمن أصيلا في ذات الكاتب ، يحميها من التزلف والزيف والنفاق .

الأسرار التي تحفل بها الحياة لا يحاول الكشف عنها شيء سوى الكتابة .

في الكتابة الروائية تتجدد علاقة الكائن بذاته وبمحيطة الاجتماعي ، وبنظرته للناس وللوقائع والتحولات .

هكذا يمكن أن يعلل الكاتب الروائي شرط وجوده بالكتابة الروائية قبل أن يعلله بأي تعليل آخر. وقد لا يفهم كثير من الناس معنى أن يربط إنسان ما حياته اليومية ولسنوات طويلة، تمتد إلى عقود من الزمن.. لعل المسألة في غاية البساطة ،فذلك الارتباط لم يتحقق طوعا أو قسرا ، وإنما جاء كما يحفر النهر مجراه .

في خصوبة عوالم الكتابة ، وتجددها واستمراريتها، ما يهيئ لجرأة خاصة على اقتحام الموضوعات التي تبدو محرمة ، أو تبدو وكأنها من قبيل المسكوت عنه ،وتلك الجرأة لا تتحقق إلا من خلال دخول الكتابة في عوالمها التي تنهض على محكيات الشخصيات التي تختلف عن بعضها في التجربة والمسار في دروب الحياة.

الوجود في الكتابة الروائية يضاعف الوجود ، ذلك أن ما تحياه الشخصيات من أحداث ومواقف ، على تعددها هو السبيل الوحيد لمضاعفة الوجود ، وتعدد أوجهه وملابساته ومستويات صعوده وانحداره.

هكذا لا توجد في الكتابة الروائية يقينيات ، لأن كل يقين تحمله شخصية روائية هو معرض لزلزلة الشك والحيرة والبحث عن السراب .معنى ذلك أن قلق الشخصيات الروائية هو قلق إنساني ، يتمازج فيه تاريخ الأسطورة بتاريخ العلم ، كما يتمازج فيه تاريخ الذات وتواريخ أخرى مشوشة ولا تصل إلى الحقيقة .

بهذا المعنى تصبح الكتابة الروائية سؤالا عن الوجود ، في تضعيفاته وتحييناته في الأزمنة ، في توسيع للزمن الروائي الذي يستوعب كل الأزمنة.

وبهذا المعنى أيضا لا تغدو الرواية وثيقة ، لأنها تخون البحث عن حقيقة الإنسان ، تلك الحقيقة التي جاءت الأساطير وبعدها الأديان ، لمحاولة توضيحها ، ثم جاء العلم أيضا لمحاولة توضيحها، وهي ما تزال مستعصية عن أن تتجلى بكامل الوضوح .

في هذا الغموض الذي يكتنف الوجود الإنساني ، يكون لا بد للرواية من أن تشتغل على الغموض، فإذا كان عالم الرواية غير مكتمل ، ولا نهائي ، فانه يكون مضطرا إلى التنويع في مقترباته من لحظات إنسانية دالة على الزمن والفضاء في أوضاع مجتمعية قابلة للتبدل والتحول حتى وان كان يثوي في صلبها ما هو ثابت وجوهري .

بهذا المعنى كذلك ، تخوض الكتابة الروائية مغامرة تشخيص الأفكار والمبادئ والأسئلة في التشخيص الروائي ، وهو ما يحول الأفكار والمبادئ والأسئلة إلى وقائع وتوقعات، أي إلى سرد روائي يعتمد الحكاية ، وما التاريخ الإنساني ، وتواريخ الشعوب ، سوى حكاية تتردد على الألسنة بروايات شديدة الاختلاف .

ربما ، ومن هنا تكتسب الكتابة الروائية مشروعيتها من إنتاج خطابات متعددة ومتنوعة ، ولا تكون تلك الخطابات منتمية إلى غير الخطاب الروائي نفسه ، الذي ينظم العوالم ويبني الأشكال.

أما الروائي فهو في أوقات الكتابة يتحرر من أفكاره وتجاربه في الحياة ونظرته للعالم ،لأنه يجعل من ذاته مرصدا لصيرورة وتحول العالم ، دون ان يعني ذلك أن الذات التي تتحول الى مرصد ، تنكر ذاتها .

كيف يمكن إذن ، للواقع السياسي والاجتماعي ، وللأساطير المعاصرة ، أن تتسلل إلى جسد الرواية ، وكيف يمكن للذوات المتشظية أن تصبح" أبطالا "روائيين ، وكيف يمكن للفضاءات بتاريخها المنسي أن تستعيد ذاكرتها في الرواية ؟

هي كتابة روائية تشتغل على تعدد هذه المستويات ، لتصهرها في صوغ أدبي تخييلي.

أليس هذا هو المهم في الكتابة الروائية ، وهي تلتقط تفاصيل الواقع ، وتجعل منه أسطورة واقع ؟

لعل هذا هو المهم .

أما تقنيات الكتابة فهي تنتمي إلى التصنيع الروائي الذي يحفل ببناء إستراتيجية للأشكال ، ويعني ذلك كل ما يجعل من الكتابة الروائية لعبا على مساحة الفراغ التي هي الصفحة البيضاء .

حتما ، إن هذا الغليل لا يُشفِي غليلا أكثر غلة ، لتأمل كتابة روائية لها متسعها الذي لا يحد بحدود .

وعودة إلى الكاتب الروائي ، فهو ليس ناطقا باسمه ، ولا يأكل الثوم بأفواه الآخرين ، إنه لايغير جدلته كما تفعل الثعابين، كما هو لا يغير لغته ليتكلم بلغة الآخرين ، كما أنه لا يكيف لغته لكي تتكيف مع لغة الآخرين .

إنه هو من يشتغل على السرد وأصواته السردية ، وهو من يجعل من ذاته مرصدا ترصد الكلية المجتمعية .

وهو ليس هنا وهناك .

إنه لا يوجد إلا ككاتب روائي ، وبهذه الصفة يجب أن يُعَرَّف.


ملحق


ــــــــــــــــــــــــ

التازي وسيرة الإبداع

ولد محمد عز الدين التازي بفاس سنة 1948. حصل على الدكتوراه في الأدب الحديث. يعمل أستاذا للتعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان.

صاحب أكبر كم روائي وقصصي نشره مغربي لحد الآن، فهو يواظب على الكتابة والنشر منذ أربعين عاما. نشر أول نص قصصي له سنة 1966 بالملحق الثقافي لجريدة الأنباء المغربية، بعنوان مربك هو: "تموء كالقطط"، ليواصل نشر قصصه القصيرة في جريدة "العلم"، ولينشر قصصه في المجلات العربية كالأقلام العراقية، والآداب البيروتية، وفي منابر عربية أخرى.

كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية وقصص الأطفال وسيناريوهات بعض الأفلام والنقد الأدبي. نشر ثمانية عشر رواية لدى دور النشر في المغرب والجزائر وسورية ومصر لبنان، قبل أن تَضُمَّ أغلبَها ثلاثُ مجلدات صادرة عن وزارة الثقافة المغربية، تقع في 1785 صفحة، إضافة إلى روايته الثلاثية: "زهرة الآس" التي صدرت في ثلاثة أجزاء، والتي لم تُتَضمن في أعماله الكاملة، وإلى رواياته الصادرة بعد صدور أعماله الكاملة، ما ينتظر الصدور من أعمال.

في مجال القصة القصيرة كان قد نشر أضمومته القصصية الأولى سنة 1975، بعنوان: "أوصال الشجر المقطوعة"، وكان أن قَدَّمَ لها الناقد محمد برادة، ثم توالى صدور مجاميعه القصصية، فصارت تسع مجموعات، صدرت في مجلدين من753 صفحة، يحتويان على 134 قصة قصيرة .

صدرت له أزيد من عشرين قصة للأطفال، وتفوق كتبه المنشورة، الخمسين كتابا. تحولت روايته "رحيل البحر" إلى شريط أنجزته التلفزة المغربية. قررت وزارة التربية الوطنية روايته "المَبَاءَة" على تلاميذ الجذع المشترك ثانوي. كرمته عدة كليات وجمعيات ثقافية، وعقدت عدة ندوات حول أعماله. كرس حياته للكتابة، وهو يقضي ليله ونهاره يكتب ويمحو ما كتب، باحثا عن اقتناص لحظة إبداعية من خلالها يبني عالما أو قيم معنى أو يشذب حديقة نص، أو يخاتل ما يسميه إستراتيجية الأشكال.

ترجمت بعض قصصه القصيرة إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية والسلوفانية، كما ترجمت روايته "مغارات" إلى الفرنسية. اختيرت روايته "أيام الرماد" من بين أفضل 105 رواية عربية نشرت في القرن الماضي، ضمن استقراء نشرته جريدة الأهرام القاهرية.

حاصل على عدة جوائز من أهمها جائزة فاس للثقافة والإعلام لسنة 1976، وجائزة المغرب للكتاب لسنة 1977. و 2009 عن روايته الأخيرة "أبنية الفراغ". كما حائز على وسام العرش من درجة فارس .

عضو اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب العرب، وجمعيات ثقافية منحته عضويتها الشرفية، وأخرى منحته شهادات تقديرية.

المؤلفات

· الأعمال الروائية

1- أبراج المدينة، اتحاد كتاب المغرب بتعاون مع اتحاد الكتـاب في العراق، دار آفاق عربية ، 1978 . 104 ص .

2- رحيل البحر، طبعة أولى، المؤسسة العربية للدراسات والنشـر، بـيروت، 1983 . طبعة ثانية، مؤسسة منتدى أصيلة 2002 . 320 ص.

3- المباءة، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، طبعة أولى 1989، طبعة ثانية 2000 . 198 ص . طبعة جديدة صادرة عن مكتبة الأمة بالدار البيضاء، أكتوبر 2005، مخصصة لتلاميذ الثانوي.

4- فوق القبور/ تحت القمر، منشورات عيون، الدار البيضاء 1988 . 69 ص .

5- أيها الرائي، دار الأمان، الرباط، 1990 . 79 ص .

6- أيام الرماد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1994 . 305 ص .

7- مغارات، الطبعة الأولى، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1992 الطبعة الثانية، مطبعة الساحل، الرباط ، 1994 . 158 ص .

8- عيوشة امرأة الشمس والقمر، رواية للفتيان، دفاتر المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، نوفمبر 1996.

9- مهاوي الحلم، البوكيلي للطباعة و النشر، القنيطرة، 1998 . 100 ص .

10- ضحكة زرقاء، منشورات الزمن، الرباط، يوليوز 2000 . 155 ص .

11- خفق أجنحة، مطبعة طوب بريس، الرباط2002 .

12- كائنات محتملة، مطبعة طوب بريس، الرباط 2002 . الطبعة الثانية: روايات الهلال، القاهرة، فبراير 2003.

13- الخفافيش، وكالة الصحافة العربية، القاهرة2002 .

14- زهرة الآس، رواية في ثلاثة أجزاء : ( واد رشاشة / شم النسيم في جنان السبيل / دار الدبيبغ ) ، عن منشورات السليكي، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال، 2003.

15- دم الوعول، منشورات سليكي، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2005 .

16- امرأة من ماء، منشورات سليكي إخوان، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2005.

17- بطن الحوت، منشورات سليكي إخوان، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2006.

18- حكاية غراب، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2007بدعم من وزارة الثقافة.

19- أبنية الفراغ، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2008بدعم من وزارة الثقافة.

ـ الأعمال الروائية والقصصية الكاملة في خمسة مجلدات، عن وزارة الثقافة، وتشمل: الأعمال الروائية في ثلاثة مجلدات، (13 رواية). والأعمال القصصية في مجلدين، (9 مجموعات قصصية).

· الأعمال القصصية

1- أوصال الشجر المقطوعة، دار النشر المغربية، الدار البيضاء 1975 .

2- النداء بالأسماء، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981.

3- منزل اليمام، مطبعة برانت ديفزيون، سلا، 1995

4- ) الشبابيك، البوكيلي للطباعة والنشر، القنيطرة، 1996.

5- يتعرى القلب، وكالة شراع، طنجة، يونيه 1998 .

6- شيء من رائحته، منشورات عكاظ، الرباط، أكتوبر 1999.

7- شمس سوداء، دار توبقال، الدار البيضاء، 2000.

8- باب العين، متضمة في الأعمال القصصية الكاملة، الصادرة عن وزارة الثقافة.

9- جهة الماء، متضمة في الأعمال القصصية الكاملة، الصادرة عن وزارة الثقافة.

· الأعمال المسرحية:

1- تحفة النظار ( عن رحلة ابن بطوطة )، دفاتر المدرسة العليا للأساتـذة بتطوان ، يونيه 1999 .

2- شجرة الأحلام / الـمَحَّاء / الغريب في الميناء (نصـوص مسرحية)، المركز المغربي للإعلام، يوليوز2001.

· قصص الأطفال:

1 ـ الأقفاص والعصافير، ( بالعربية الإسبانية)، الناشر : جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا (أتيمي)، مطبعة سيربيفار، الترجمة إلى الإسبانية : سعاد الزواق، رسوم الفنان السوداني عبد الله ميرغني، 1997

2 ـ اللقلاق الأعرج، (بالعربية والفرنسية)، منشورات مرسم، رسوم عبد القادر الأعرج، الرباط، 2002.

3 ـ سمكتي الرائعة، منشورات صوت الطفل، 2006 (صدرت في طبعتين).

ــــــــــــــــــــــــــ

منشورات وزارة الثقافة :

4 ـ جدتي صيحة، رسوم عبد الله درقاوي، 1999.

5 ـ النمر الذي أراد أن يفترس النهر، رسوم نبيل الدادسي، 2000.

6 ـ جوقة الفئران، رسوم عبد المجيد أوليد، 2000.

7 ـ التاجر عبد الأحد والقراصنة، رسوم عبد الله ميرغني، 2004.

8 ـ الفراشة الحائرة، رسوم عزيز السيد، 2004.

9 ـ النرجسة والذئاب، رسوم عزيز السيد، 2004.

10 ـالطاووس المختال، رسوم عزيز السيد، 2004.

11 ـ الذئب والقنفذ، رسوم عزيز السيد، 2004 .

12 ـ الفيل والحطاب، 2007.

13 ـ الثعبان الماكر، 2007.

14 ـ فم الأسد، 2007.

15 ـ النسر والقرد والحمامة، 2007.

16 ـ القرد الفنان، 2007.

ــــــــــــــــــــــ

منشورات دار الكتب الحديثة بلبنان:

17 ـ حومة الأقزام.

18 ـ القرد الفنان.

19 ـ الغراب ألأبيض.

20 ـ الحمامة الحنون.

21 ـ الأقفاص والعصافير.

22 ـ البجع والبحيرة.

23 ـ القنفذ الأملس.

· الأعمال النقدية:


1- الكتابة الروائية في (رفقة السلاح و القمر)، دار النشر المغربية، الـدار البيضاء، 1984.

2- السرد في روايات محمد زفزاف، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985.

3- الكاتب الخفي والكتابة المقنـعة، وكالة شراع، طنجة، يونيه 2000.

4- تنويعات الخطاب الروائي العربي، التشخيص والاستعارة، قراءة في أعمال.

5- الرواية العربية الجديدة، تنويعات الشكل والخطاب.

6- المرايا المهشمة (قراءات في أعمال روائية مغربية)

7- أسئلة الثقافة والإبداع في المغرب.

المذكرات:

ـ محمد شكري كاتب من زماننا، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2003.

ـ مبدعون عرفتهم.

الحوار:

ـ حوار مع الفنان أحمد العمراني (حدائق اللون وحرائق الجسد) ، طوب بريس، الرباط، 2003.

ـ حوار مع الشاعر محمد السرغيني (جذور في الحياة، جذور في القصيدة).

الجمعة، مايو 29، 2009

إيبيزا Ibiza

عدنان الظاهر

إلتقينا ثلاثتنا بمحض الصُدفة . جمعتنا الأقدار نصف العمياء في هذه الجزيرة الإسبانية المقابلة لسواحل الشمال الإفريقي ولا سيما الجزائر . يكتبها الإسبان

Eivissa

أجلْ ، جمعتنا الصدفة نصف العمياء فالصدف والأقدارُ تجمع البشر حسب هواها وتفرّقهم حسب أهوائهم . صحافيتان إحداهما سيدة في أواسط الثلاثينيات من العمر والأخرى آنسة في مطلع عشرينياتها . لم نلتقِ قبلاً فلعبتُ دور رجل الخير الوسيط وقمتُ بتعريفهما على بعض فانسجمتا على الفور فهما صحافيتان وأديبتان وكلتاهما من الشمال الإفريقي فالسيدة ( سُهيلة ) من الجزائر والآنسة ( الزهراء مجبير ) من المغرب فمن أنا بينهما ؟ لا شيء ! أبداً ، مجرَّدَ لا شيء أتاهما من لا شيء فصنعتا مني شيئاً ذا قيمة معنوية وليست قيمة سوق [ سوقية ] . دارت بيننا في مقهى على ساحل البحر إسمها ( مقهى سيدوري السومرية ) أحاديث وأحاديث في شتى مجالات الحياة وكانت للأدب من أحاديثنا حصة أسدين ولبؤتين. بعيداً عن الأدب ومتاعبه سألت سُهيلة عن رأيها بهذه الجزيرة ، جزيرة إيبيزا ، فقالت إنها تحبها لأنها تقابل سواحل بلدها الجزائر ، ثم إنها ليست بعيدة عن مدينة برشلونة الإسبانية الشهيرة . وأنت يا آنسة الآوانس يا بنتَ مجبير ، ما رأيك ؟ قالت إنها لا تحب هذه الجزيرة لأنها تقابل الجزائر لكنها تحب الجزر الأخرى الواقعة في مياه المحيط الأطلسي القريبة من بلدها المغرب . تحبّها لأنها أساساً مغربية وليست إسبانية . طيّب يا الزهراء المزهرة صيفاً وشتاءً ، قلتِ إنكِ لا تحبينها لأنها تقابل الجزائر ولكن ، ما علاقة هذا البلد بنفرتك منها ؟ قالت سريعاً : وهل نسيتَ خلاف المغرب مع الجزائر حول الصحراء المغربية ؟ لذتُ بالصمت ولم تعلِّق السيدة الجزائرية سُهيلة . جاءت القهوة فانفرجت الأجواءُ وتبدلت النفوسُ ولكنْ إلى حين . أقحمتُ الأديبتين في موضوع عويص كيما أتعرّف على وجهتي نظريهما فيه وكانت الأسماءُ هي مُدخلُ حديثي والأسماءُ واشتقاقاتها في صلب إهتماماتي وهواجسي اللغوية . إنه موضوع القدرُ والجبرُ ! ما رأي السيدة سُهيلة في هذا الأمر ؟ قالت إنها مع الأقدار المتغيرة القوة والإتجاهات وإنَّ الإنسانَ سيّدُ نفسه في الأقل مناصفةً مع هذه الأقدار أو الصدف . ليس هناك من قوة عليا خفية تفرض علينا ما تشاء من مقادير . قلتُ متضاحكاً إنك حقاً متساهلة يا سهيلة ، مع نفسك ومع أقدارك . ردّتْ قائلةً : وإني حقاً لكذلك ، فسهيلة إسمي مصغّر سهلة وسهلة تعني بسيطة متفائلة ومتساهلة مع نفسها ودنياها ولا من آخرةٍ بعد هذه الدنيا الفانية . وما الدنيا إلا كفقاعات كأس بيرة فلنرفع الأنخاب . طلبتُ كأسي بيرة قوية لسهيلة ولي ومزيداً من القهوة للزهراء . ما لكِ صامتة أيتها الزاهدة المترهبنة في عزِّ شبابك ؟ قالت الزهراء إنها مع الجبْر ولا إيمانَ لها بسواه فكل شيء مكتوبٌ على جبين المرء ولا تنسَ أنَّ إسمي ( فاطمةُ الزهراء مجبير ) ، فالجبر قسمتي وحظي ونصيبي في حياتي ولا مهربَ منه بتاتاً . ف [[ مُجبير ]] تعني الشخص القابل بالجبر والمتكيف له لأنه أساساً مفروضٌ عليه . لكنَّ المُجبير يا زهراء هي صيغة المبالغة من الجابر أو المُجْبِر لذا فإنَّ لقبك الذي تحملين أو إسم والدك هو على الضد مما تحسبين ، أي أنَّ الوالد هو فاعل أقداره وهو المتحكم فيها والموجّه لها حتى مع شئ من المبالغة لتعظيم الرجل نفسه ثم أفعاله . ما كانت الزهراء مقتنعة بهذا الكلام فأصرّت على قناعتها الراسخة من أنها نتاج قوى ألجبر الغامضة المسلطة على البشر وأنَّ نصيبَ ما تلعب فيها من أدوار تكادُ تكونُ لا قيمة حقيقية لها . قالت إنها مجرد دمية تحركها قوى خفية لا تدرك منها إلا نتائجها وخاتماتها الفاجعة في أغلب الأحيان . إنتبهتُ ! لماذا تتكلم الزهراء عن الخواتم المفجعة ؟ هل أسالها وهل ستوضح إذا ما سألتُ ؟ بل سأُرجئ مناقشة هذا الموضوع معها ما بيننا ومن خلال تبادل الرسائل الألكترونية لعلها تستجيب لندائي وشوقي لمعرفة أسباب ما يعكر أجواء حياتها وهي لم تزلْ في مقتبل العمر وعنفوان شبابها . أعرف من خلال صورها المنشورة في المواقع أنها تبدو حزينة أو ميالة لنوع ولون خاص من الحزن العميق لا تعرف سره إلا ملائكة السماوات . الحزن شأنها الخاص كبقية خصوصيات البشر التي لها حرمتها بل وحتى قدسيتها . لم نلتقِ ثلاثتنا هنا في الجزيرة الإسبانية إيبيزا لكي أعكّر أمزجة ضيفاتي الأثيرات ومن لي غيرهن في الحياة إذا فقدتهنَّ ؟ ستنتقل عدوى الحزن العميق عندذاك إليَّ من الزهراء وإني رجلٌ لا يُطيقُ المزيد من الحزن بعد أنْ جربتُ منه الكثير أشكالاً والواناً . للناس سعات محدودة لإستيعاب الحزن وخزنه وتمثيله ما بين الصدر والقلب والكبد فإنْ لم تتم عملية تمثيله سريعاً فلربما قتلَ صاحبه أو أسلمه لداء الكآبة ( السوداوية ، المالنكوليا ) المزمنة والعوذ بالشيطان الرجيم . تآمرت الضيفتان عليَّ وقد رأين ذهولي وشرودي عنهما وكان ذلك سوء أدب مني لا ريب . هل يُعقلُ أنْ أدعو ضيوفاً للقاء حميم نادر كما في الأحلام ثم إنصرف عنهم بفكري تاركاً لهم جسداً خالياً ناحلاً لا يحلُّ ولا يربطُ ؟ هزّتني من ذراعي سهيلة ، وحسناً ما فعلتْ ، إذْ أعادتني هِزتُها لواقعي وإليهنَّ ... ضيفتيَ الغاليتين . أفقتُ من الذهول واعتذرتُ صادقاً وبحرارة أني لا أدري أين سرحتْ بي أفكاري ولا أدري أين كنتُ ، حتّى . قالت قد قبلنا أعذارك شرطَ أنْ تقصَّ علينا ما رأيتَ قبلنا في هذه الجزيرة وعما أعجبك وما لم يعجبك فيها وما كانت أسعد لحظاتك فيها وما كانت المناسبة . سمعاً وطاعةً يا سيدة السهول والتسهيلات ولكن ، هل الفاطمةُ الزهراءُ معك في طلبك المعقّد هذا ؟ هزّت الزهراء بنت مجبير رأسها موافقةً . هل هي مؤامرة حوائية ضدي جاءت صدفةً أم قد تم ترتيبها قبل اللقاء ؟ ما جدوى أنْ أقصَّ عليهنَّ تفاصيلَ ما رأيتُ ما دُمنَ جئنَ لرؤيةِ ما رأيتُ ؟ إضاعةُ وقتٍ أم إيقاع عقوبة على رقبة مسكين مثلي دعاهنَّ لتسليتهنَّ والتنعّم برفقتهنَّ ضيفاتٍ عزيزاتٍ غالياتٍ ألا تبّتْ يدا أبي لَهَب ! صحيحٌ إذاً ما قال بعض سلفنا [[ ما جزاءُ الإحسانِ إلا الإساءة ]] . ضحكت عالياً ضيفتايَ الساميتان فلقد كنَّ معي في عميق أفكاري وطُرُقات شرودي وتفصيلات هواجسي وظنوني . لديهن أجهزةٌ سريةٌ تلتقط نأمات الضمائر وما يخططُ المرءُ في سرّه وكيف يتقلّب في هواجسه وكيف ومتى ينتهي إلى قرارٍ جاهز للتنفيذ . لذا لديهنَّ القدرة الجبارة على إحباط هذه القرارات وإفشال الخطط قبل ساعة التنفيذ فأين المفرُّ منهنَّ يا أمنا حواء ؟ كانت الزهراء مثلي شاردة في تفكير عميق لا قرارَ له ولا ساحلَ ولا مرفأ . أمرٌ ما ذو شأنٍ خطير يقلقها ويسببُ لها حزناً شديد الوضوح ليس هيّناً عليَّ قبوله . كيف أُشرِكُ المتفائلة دوماً والباسمة أبداً السيدة سهيلة في أمر مساعدتي لإخراج الزهراء من ظلام ليل حزنها الحالك الذي أحال لون بشرة وجهها إلى مزيج غريب من اللون البنيِّ والليموني الشاحب . هل لي علاقة ما لما هي فيه من هم وشرود ؟ هل أنا سببُ ذلك أو كنتُ بعضَ أسبابه ؟ لِمَ لا تُفصحُ وتوضحُ وتُبين ؟ غموض بعض الناس يقتلني فمن لي بالقدرة على إخراجها من سجن غموضها وكشف عميق سرها ؟ وجدتها وجدتها ، نعم ، وجدتها . إقترحتُ على ضيفاتي أن نغادر المقهى للتمشي حُفاة الأقدام على رمال ساحل البحر فالشمس رائعة اللون في أفقها والبحر رخيُّ الموج والزوارق السريعة والبطيئة رائحة غادية لعل هذه الأجواء والمناظر تبدّل نفسية فاطمة وتعود إلى سالف طبعها الشفاف المحب للنكتة والعائم في بحورالرومانسية المغربية . لم تمضِ إلا بضعة دقائق لنجدَ أنفسنا حفاة الأقدام نتمشى جذلين بين ماء البحر ورمل الساحل. كانت الزهراءُ أكثرنا جَذَلاً وأكثرنا سروراً فعادت إلى أيام طفولتها تلعب وتلهو مع البحر ومما يجرفه الموج إلى الساحل من محّار وما يتجمع من حصى متفاوت الألوان والتشكيلات . كانت في قمة سعادتها وأوج حبورها حتى شرعت تُغني بأجمل صوت أرق الأغاني مما نعرف وما لا نعرف . ما أروعها حين يصفو مزاجها وتتألق روحها الإنسانية والأدبية حتى لتبدو كأنها تحلّق هائمةً خارج حدود الطبيعة وما وراءها . دخلتْ ـ رغم خوفي وتحذيري ـ في ماء البحر حتى غطّى الماءُ المالحُ ركبتيها وصارت تلهو وتعابث الماء بكفيها ... تجمعُهُ ثم تبعثرهُ في الهواء في نشوة لم أرها فيها قبلاً حتى خُيلَ لي كأنها سكرى وجدٍ غامض لا تعرف كنهه . تحررت الزهراء روحاً وجسداً فلقد وجدتْ ضالتها ودواءها في رمل الساحل وماء البحر الممتد أمام عينيها وخيالها زرقةً غامقةً وهيبةً لا تلمسها يدُ إنسانٍ ولا تفسرها حواسه التي بلّدتها المدنُ والتلوث وخرسانة وحديد المباني والطرق والجسور . بقيتُ وسهيلة على شاطئ البحر مشدوهين لما نرى من فتنة بشرية ـ بحرية تتبادل اللهو البرئ مع بحر غدّار ليس الأمان من طبعه . كنتُ خائفاً أنْ يستدرجَها البحرُ بسحره وغموضه قبيل مغيب الشمس فتسرف في لهوها بمائه وإستغراقها بمتعة لهوها وتمضي أعمقَ فأعمقَ حتى يُحدِّقَ بها خطرُ الغرق . تخليتُ عن قميصي وتأهبتُ لمواجهة كل طارئ سيّء . كان قلبي يدقُ عنيفاً وكنتُ أكتم عن سهيلة مخاوفي . كانت أشجع مني فلم تكنْ لتبالي بما ترى . أما أنا فكان في رأسي صدى أرجوزة قديمة كنتُ أسمعها من المرحومة والدتي زمان طفولتي حين كنتُ أُشاكسها [[ كلبي على كلب ولدي // وكلب ولدي من صخر ]] . أي قلبي على قلب ولدي لكنَّ قلبَ ولدي من صخر . ليس في قلب الولد حنين أو شفقة على أمه . فهل قلبكِ من صخرٍ يا فاطمة الزهراء ؟ إنحدر ربع قرص الشمس في البحر فشعَّ في السماء لونٌ أحمرُ ـ برتقاليٌّ لا أحلى منه. عندذاك تركت الزهراء بحرها وعادت إلينا دون أن تدري أن أكثر من نصف ثوبها البرتقالي الجميل كان مبتلاً بماء البحر . كان المساء دافئاً فلا خوفَ عليها من نزلة برد أو موجة عطاس مزعجة . كان البحر كله في عينيها والوجود كله في صدرها فما أوسعَ العينين والصدر في تلك الساعة . لماذا ذهبتِ بعيداً في البحر يا فاطمة ؟ قالت لا أدري . البحرُ أخذني إلى مسقط رأسي في الدار البيضاء . شوّقني لأمي فقلبي على قلب أمي وإنه جزءٌ من قلبها . هل تحسين بشئ من البرد وملابسك يا فاطمةُ مُبتلّةٌ ؟ قالت كلا ، في جسدي وفي قلبي كل دفء الكون كواكبَ وشموساً . كنتُ مع أمي هناك فليتكما كنتما معنا حيث مائدة الطعام ممتدة في فناء الدار وكانت والدتي في إنتظار أبي لتناول العشاء سويةً كما هو دأب العائلة منذ قديم الزمن . أي تحوّل طرأ على هذه الشابة اليافعة اليانعة بعد أنْ دخلت البحرَ وداعبت ماءه وتهيأ لها أنها كانت هناك في مدينتها مع ذويها شاركتهم طعام العشاء ثم عادت لتلتحق بنا تشاركنا متعة التمشي الطويل على رمال البحر الذي سحرها وأفقدها أكثر وعيها فصارت تتخيل وتحلم وهي تشتت ماءه المالح وعيناها شاخصتان في أفقٍ ممتد تحسبه ينتهي أمام باب بيتها في الدار البيضاء المغربية . وتمشينا طويلاً حتى هدّنا التعب فعرّجنا على مطعم صغير مطلٍّ على البحر مباشرةً يقدِّمُ الدجاج المشوي . هل نأخذ الحافلةَ رجوعاً لفنادقنا أو نقطع المسافةَ الطويلةَ مشياً على أقدامنا المتعبة ؟ حلَّ الظلامُ فلا معنى للتمشي في طرقات المدينة المزدحمة بالسيارات ووسائط النقل الأخرى .

إلتقينا صباح اليوم التالي في مقهى سيدوري السومرية على ساحل البحر وكان يومنا الأخير . إتفقنا أنْ نلتقي في شهر آب ( أغسطس ) القادم في العاصمة الجيكية براغ ففيها نهر جميلٌ كثير السحر والإمتاع .

حسب طلب بعض الأصدقاء كتبت المشاهدات الآتية عن جزيرة إيبيزا الإسبانية :

مفاجآت كثيرة بعضها متوقع والبعض الآخر غير متوقع أبداً .

إيبيزا هي الجزيرة الأم ولكن فيها مدناً رائعة الجمال والتنظيم وهندسة عمارة الدور والفنادق والشوارع أخص بالذكر منها مدينة سانت أنطوني


Sant Antoni


والثانية سانتايولاريا


Santa Eularia

.. لم أرَ في حياتي طولاً وعرضاً أجمل منهما ولا أروع . قمت بجولات بحرية قصيرة وطويلة وكانت الطويلة منها مملة ... تصوري ماذا يفعل السائح حين يضعونه أمام خيار واحد أنْ يقضي سبع ساعات في جزيرة صغيرة مقترحين انْ يقوم بجولة مكوكية بالحافلة أو أن يستأجر تاكسي وكان لحسن حظي أن تعرفت على شاب مغربي في حوزته سيارة فوضعها تحت تصرفي ودار بي أربع مدن ساحلية عادية لا يميزها شئ فوق العادة . إسم هذه الجزيرة فورمنتيرا

Formentera

لذا صرت والمغربي أتنقل خلاصاً من سيف الوقت بين مقهى ومقهى ومطعم وآخر

المدينة الثالثة التي زرتها من مدن إيبيزا وليتني لم أزرها ! هي

Portinatx

لم تكن مدينة كباقي المدن الجميلة التي رأيتُ ولكنْ وجدتها عبارة عن ساحل صغير جداً نصف دائري صخري مع عدد قليل من الفنادق والمطاعم والمقاهيُّ تطلُّ عليه من مرتفع عالٍ . ما سبب شهرة هذا المصيف الذي رأيت فيه عدداً كبيراً من العوائل الأمريكية ؟ لا أعرف !

الطرق المؤدية بالحافلة إلى هذه المدن رائعة الجمال تحيط بها سلسلتان من الجبال الغاطة بالخضرة وبساتين الحمضيات المختلفة وحقول الكروم وأشجار النخيل المختلفة الأطوال وسمك الجذوع أعذاقها ذهبية متدلية لكنهم للأسف يتركونها دون تلقيح لذا لا يجنون منها تمراً .

وماذا عن سكان هذه الجزيرة ؟ لم أرَ فيهم وجهاً إسبانياً صميماً إلا في النادر ! ما تفسير ذلك ؟ حتى في مطار الجزيرة كانت موظفات تدقيق جوازات السفر وتفتيش أجساد المغادرين من أقبح الوجوه .

ماذا عن جزيرة إيبيزا

Ibiza

نفسها ؟

شوارع جميلة لكنها ضيقة وبيوت حلوة المعمار وفنادق راقية باذخة التشكيل كنت سعيداً بفندقي وخدمات مطعم فطور الصباح .

كنت في شقة كبيرة مزودة بمطبخ وثلاجة وغرفة طعام وغرفة إستقبال مع تلفزيون وبلكونة على البحر تماماً وغرفة نوم بدولاب ملابس كبير مخفي في الحائط . الفندق مجهز بحمام سباحة صيفي لكن ما كان الماء ساخناً ولا حتى ماء البحر لذا لم أرَ ناساً يعومون

في البحر إلا الأقل من القليل .

تمشيت يوماً طويلاً بين ماء البحر ورمل الساحل حافي القدمين بسروال قصير ... تمشيت طويلاً حتى أحسست فجأةً بالتعب فطرحت جسدي المتعب على رمال الساحل وكنت بالطبع عاري الصدر وكان صندال أقدامي مخدةَ رأسي وغفوتُ بالفعل .

الساحل ضيق وأجزاء كبيرة منه غير نظيفة والفنادق والمطاعم والمقاهي تقع مباشرة على برومينادا البحر ولعل هذا أحد اسباب إتساخ رمل الساحل .

كانت مصيبتي هناك مع الطعام !! يغشّون فيه كميةً ونوعاً فكنت أعاني من متاعب في معدتي جعلتني أكون جزئياً نباتياً لذا غدوتُ أحد زبائن المطاعم الصينية والتايلاندية شبه الدائمين فطعامهم نظيف ورزهم ممتاز ودجاجهم بالكاري لا مثيلَ له فضلاً عن سوب المشروم اللذيد .

نعم ، الغش متفشٍ بشكل يجنن ... يغشون في حساب التلفون وفي حساب أجور الكومبيوتر وهناك بالطبع إستثناءات قليلة .

الفاكهة والخضرة واللحوم غالية الأثمان حتى يفوق ثمن البعض منها أسعار مثيلاتها في ألمانيا بمرتين أو مرة ونصف . بل وحتى الماء المعدني والكولا وأخواتها غالية بشكل لم أكن أتوقعه أبداً . ليس في الجزيرة مخازن كبيرة مثل كاوفهوف أو هرتي أو كارشتاد وما يعُرض من ملابس رديئة النوعية لذا فهي رخيصة الثمن ولا غشَّ فيها .

كنت مسروراً بالتمشيات الطويلة عاري القدمين على رمال البحر مع غصّة كبيرة أنَّ ماءه البارد لا يسمح لي بالسباحة فيه .

السياحات بالحافلات إلى المدن الجميلة المجاورة كانت إحدى سلواتي وهواياتي المفضلة فالطبيعة زاهية بالخضرة واشجار الناسبولي والليمون الحامض وفاكهتهما ناضجة خلافاً لباقي أشجار الفاكهة كالتين والبرتقال والكمثرى وسواها على سبيل المثال.

أشجار النخيل يفوق عددها الحصر وعذوقها مدلاة لكن التمر فيها لا ينضج للأسف لأنهم لا يلقحونه كما يفعل الأمريكان في كالفورنيا وفلوريدا مثلاً .

مغاربة كثيرون أينما وليتُ وجهي وإلى اية مدينة توجهت حتى في الأقاصي ونساؤهم محجبات يتمشين في الشوارع دافعات عربات

أطفالهن وجارّات خلفهن عدداً من الأطفال . ...

أكلت الشاورمة / دونر كباب في مطعمين مغربيين ووجدت لحسن حظي مطعماً مختصاً بتقديم الدجاج المشوي وهو إسباني .

كنتُ مسروراً بالتمشيات الطويلة في المدينة وعلى السواحل . وكنت مسرورا وسعيداً بإقامتي حيث الخدمة يومياً والفطور جيد شديد التنوع ..

عدتُ إلى ميونيخ متعباً بشكل غير عادي ولا أعرف السبب ولحد اليوم أشعر بتعب وميل كبير للنوم فأنام كثيراً .

أسبوعان كثير على هذه الجزيرة وما جاورها

والجميل من مدائنها . اسبوع يكفي أو عشرة ايام على الأكثر

الخطر البشري على الإنترنت

عـادل عطيـة
adelattiaeg@yahoo.com


لماذا وضعت القوانين ؟!..
ولماذا صنعت الأصفاد ؟!..
ولماذا شيدت السجون ؟!..
إجابة واحدة ، تشير إلى :
أن هناك من اساء بالحرية إلى الحرية !
وأن هناك من وضع نفسه في دائرة الاتهام !
وأن هناك من اقترف جرماً !
وكلما تكاثر الانسان شراَ ،
تكاثرت القوانين التي تحد من خصوبته الشيطانية .
المأساة هنا :
أن اقسى مافي هذه القوانين ـ كما في كثير البلدان ـ ،
انها تتخطى مجابهة الشر ، وتأتي على الخير .
وهذه احدى انتكاسات الوباء البشري .
الذي اجتاح ارضنا ،
بنا ..
وصيّر مناطق كثيرة على كرتنا الارضية إلى مناطق شرطوية ـ بوليسية !
ولم نكتف بهذا على مواطئ اقدامنا ،
فجلبناه معنا على أطراف أصابعنا
ـ ضمن خريطتنا الوراثية ـ
إلى كرتنا الفضائية ،
التي تدور في فلك الشبكة العنكبوتية ؛
لتكون ملاذاً لنفوسنا الهائمة في أحلام البحث عن المدينة الفاضلة !
فماذا فعلنا بالكوكب الذى صنعناه بخيال واقتدار وفخامة وعظمة العقل الانساني ،
عندما يتصل بالروح المتسامية ؟! ..
لقد اصبحت البذاءات ،
التي لايمكن وضعها على اللسان ؛
ـ لانها سيئة جداً ، ولا يمكن وصفها ـ ..
واحدة من أهم اللغات الحية على اثير الإنترنت !
وانتشرت أعمال السطو والنهب على الملكيات الخاصة بالمبدعين !
كما انتشرتزوير كلمات العبورالخاصة بسكانها ،
وسرقة بريدهم الالكتروني ،
كأسلوب للتلصص على حياتهم !
وقامت جماعات الهاكرز الارهابية ،
بنشر الفيروسات المدمرة لاجهزة الحاسوب ،
كما قامت باقتحام العديد من المواقع الآمنة ،
وعاثت فيها خراباً يباباً !
فإذا بالشرائع ، والقوانين ، والقيود الحديدية ،
تطال عالمنا الافتراضى ،
وتفرض سيطرتها عليه ،
وتلاحقهم ..
فسمعنا عن الطرد المخزي من المنتديات !
وعن كثرة المواقع التي يتم حجبها عنوة عن الرواد !
وعن مضادات الفيروسات ،
التي وهى تقضي عليها ، تقضي معها على ملفاتنا المهمة !
وسمعنا عن معاقبة المدونين ،
بسجنهم ،
وغلق مدوناتهم ،
ومصادرة أقلامهم المضيئة !
تماماً كما يحدث على كوكبنا الأرضي المتألم ،
عندما تعدت مجابهة الخطأ والباطل ، حدودها إلى مجابهة الصواب والحق !
،...،...،...
أفلا يمتلكنا الرعب من آثارنا البشعة الزاحفة على آية خيالنا العلمي ،
ويمسكنا الاسى العميق ؛
لاننا تمردنا على أحلامنا اليوتوبية ،
وندرك ـ قبل فوات الأوان ـ :
ما نقترفه من فعل .
ومن صمت .
بحق كوكبنا الالكتروني ..
ونجتهد ـ بكل ندم ـ ، إلى وقف الوباء البشري من اتساع نفسه على شبكات الإنترنت ؟!...

الخميس، مايو 28، 2009

الدكتورة بثينة شعبان في محردة


المركز الثقافي العربي في محردة يدعوكم لحضور المحاضرة التي تقدمها :

الدكتورة بثينة شعبان

المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية

بعنوان : (دور سورية في المتغيرات الإقليمية والدولية).

وذلك في الساعة \ 8 \ الثامنة من مساء يوم الخميس المصادف \ 28\ 5 \ 2009\ في قاعة

المحاضرات في المركز الثقافي العربي في محردة.

* مفيد نبزو


وعد منفي كعاهة

ليلى البلوشي

ثمة وعد منفي
بيني وبينك ،
تُرى ، كم مضى على عمره
وهو هامش بلا ظل ..؟
لعلي سأصْدِقك القول ،
فهذه المرة ليست ككل المرات ؛
ربما لأني لم أعد أجيد الكذب مذ افترقت عنك
ربما لأن لساني تقدّس بفضل من الله ،
كلسان الأنبياء ..
* * *
ببراءة الوعد بيننا سأذعن :
رأيتك كابوسا ،
تتوسع رؤاي كفيلق
من نار إلى نار
وكان سوادك أشد قتامة من أن تحتمله السماء ..!
رأيتك شوكا ،
تتضوع شراهة
افتضحت غواياتك كلها على شراشف مشبوهة ،
ونساء لم أعهد يوما أن يتلطخن بك ..!
رأيتك رصاصة ،
لم يجسر الأولون إطلاقها لفض التاريخ
لم يكونوا أشرارا كما يجب ،
ولأنك أشدهم حقدا ؛
كنت أعظمهم وحشية ..!
رأيتك موتا ،
تسترق الأرواح دون أن تغادر الابتسامة شفتيك ،
وحين تنتهي من دعك يديك جيدا بالماء والصابون
تذعن كرجل مستقيم لمشيئة الله .. !
* * *
الوعد المنفي ،
هل تذكره ..؟!
بيني وبينك ،
قدر علقّنا معا
على عاتق من الريح
يسبرنا سهما من على بعد
قد نلتحم ،
وقد نقتتل حتى الموت ،
كنذر أضاع دربه إلى الوفاء ..!
* * *
الوعد تكور بيني وبينك كعاهة ،
ولأن أبي علّمني أن وعد الحر دين ؛
فها أنا ذا أهّب كراهبة سنواتي الأخرى لك ،
أصلّي اعوجاجك بغفران ..
وأُكفِِّر نشواتك الساحقة كامرأة بلهاء
لم تتقن العبث يوما ،
لم تتقن سوى فن السذاجة ..!

الأربعاء، مايو 27، 2009

مشروع ظلم

محمد محمد علي جنيدي


تساءلت يوماً لماذا لا أكون ظالماً ؟! لماذا لا أكون (مُفتري)، لماذا لا أعمل لمصلحتي فقط وليُغرق الطُّوفان كلَّ من يُعاديني أو يقف ضدِّي، أو حتى يُفكر في المِسَاس بمصالحي
أليس على الظُّلم تدور المحن وتُبتلى الأمم والشُّعوب والأفراد في هذا الزَّمن..
ولكنَّني.. جلست مليّاً أفكر! كيف أكون ظالماً (أد الدّنيا) وأنا لا أملك ركائز الظُّلم – نعم عزيزي القارئ – الظُّلم كي يتنامى حجمه وتستفحل مصيبته وكي يُصبح طامة كبرى لا بد له من ركائز يحلو لي أن أُسميها ( ركائز الاستبداد والرَّدع ) ولا تستند هذه الركائز عادةً إلا على أساسٍ واحد يكون قوام خلطته المُسلّحة من ( شويّة ظالمين شُطَّار ) يُشار إليهم بالبنان، وبالتَّالي يُمكنك تصويب هؤلاء في الاتجاه الَّذي تُريده بنجاح – وبالطَّبع - كلَّما كان الأساس متيناً جداً وكلَّما استفحلت ركائز الاستبداد والرَّدع، يصبح الطريق أمامك مفتوحاً في أن تُضيف أدوات (افترى أخرى) من حملة الطُّبول والدُّفوف والمنافقين مُزيِّفي الحقائق ولا تقل أهمية هؤلاء عن أساتذة الظُّلم المشار إليهم بالبنان بل لا غنى عنهم أصلاً، فهم لوازم الدِّعاية لمشروعك الكبير وهم أيضاً الشِّبَاك الَّتي تستدرج لها فرائِسك وبكلِّ تأكيد عند اكتمال عناصر هذه الشَّبكة ستضمن استشراء الفساد وتناميه وتتزايد حصون الدِّفاع عنّك وتُصبح في كلِّ آنٍ وحين (آمناً سالماً كويِّساً جداً) وسوف تضمن بهذه الحصون تحقيق مصالحك من غير ( إحم ولا دستور) وفي مناخ هادئ وسليم مائة في المائة أليس كذلك!!.
ورُبَّما أيضاً - عزيزي القارئ - بمرور الوقت بل وبكلِّ تأكيد ومن خلال حملة الطُّبول والدِّفوف ومُزيِّفي الحقائق ومع ( كتر زنُّهم على خلق الله ) وبفضل إتقانهم لعملهم ستجد نفسك مُصدِّقاً بأنّك ( ميّة ميّة ومبعوث العناية الإلهيِّة!! ) - ومهما تهبش وتُنفخ بطنك حلال عليك يا عم - بل وربما تجد أن كثيراً من النَّاس راضية عنك ( وكمان بتدعيلك!!. (
هكذا - عزيزي القارئ - تتشكَّلُ نفسيَّة ( الظَّالم الأكاديمي ) فهو في البداية يقع فريسة أطماعه ومصالحه ثُمَّ يبدأ التَّنفيذ بأن يبيع ضميره لأيِّ عَرَضٍ زائلٍ مهما كان الثَّمن ثُمَّ في النِّهاية يُزَيِّن الله له سوء عمله ويَصْدُقُ فيه قول الحقِّ خالقنا العظيم ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ( الجاثية:23

فما رأيك عزيزي القارئ بعد هذه الآية الكريمة في استمرارنا في تنفيذ هذا المشروع الكبير من عدمه !! أم تُرى تتراجع معي بسرعة خارقة أفضل من مجرد التفكير فيه..
على كلِّ حالٍ، أعاذنا الله وإيّاك من الشيطان الرجيم ومن ضلال هؤلاء ومن اتباعهم ومعاونتهم والسَّير علي خُطاهم.
فوالله، ولو لم يتبق لنا إلا الموت أو أن نسير على دربهم لآثرنا الموت على أوهامهم وضلالهم وسفاهاتهم وتحصَّنا بالله مخلصين له قلوبنا ونوايانا وديننا وأحسنَّا التَّوكل عليه سبحانه فهو سند كلِّ من لا سند له وهو وحده القاهر فوق عباده والقادر على كلِّ ظالم جبار.
يا أهلَ الأرضِ كَفَى صَمَمُ

رامي الطُّغيانِ إلى سَقَمٍ
من يُنْجِى الغارقَ في ضيقٍ

يُنجيه اللهُ من الهمِّ
فأعينوا محرومَ الرُّكنِ

وجريحاً جُنَّ من الألَمِ
نسأل الله أن يوفقنا إلى الوقوف في عون إخواننا بدلاً من الوقوف عائِقاً في طريقهم من أجل – مصلحة - هي عند الله (مهلكة) لا يُدرك ظالم مستبد خطرها إلا بعد أن يُغلق بتماديه في ظلمه للآخرين كلَّ أبواب التوبة والرحمة التي بينه وبين بارئِه العظيم سبحانه، فإذا انتهت مهلتُه وأدرك نهايتَه.. جنى أشواك خاتمتِه بيده!
ألا أيُّها الظَّالم المستبد مهلاً مهلاً .. إن غداً لناظره قريب !!

الثلاثاء، مايو 26، 2009

العالم العربي بين خيارين: عقل وإبداع... أو نقل وإتباع؟

نبيل عودة
قال ابن المقفع في كتابه "الأدب الكبير"، في فصل عن الدين والرأي: "إن الدين يسلم بالإيمان، وإن الرأي يثبت بالخصومة، فمن جعل الدين خصومة، فقد جعل الدين رأيًا، ومن جعل الرأي دينًا، فقد صار شارعًا، ومن كان يشرع الدين لنفسه، فلا دين له".
هكذا كنا، عقلانيين، نحكم عقولنا، مبدعين، ننظر نحو التمدن والرقي، فأين نحن اليوم؟!

يشتد الانتقاد في المجتمعات العربية والإسلامية، لما يعرف بـ "الحداثة الإمبريالية الصليبية"، حسب تعبيرهم.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل كون الحداثة (أو رديفها: التنوير) جاءت ضمن انجازات ما يعرف بالمجتمعات الإمبريالية الرأسمالية المتطورة، هو تبرير كاف لرفضها والتخلي عنها؟
لا نبرر الإمبريالية كسياسة ونهج حمل معه العنف الدموي والقهر للشعوب، إنما نطرح سؤالاً من زاوية أخرى ترتبط بواقع المجتمعات التي عانت من سياسات الاستعمار وعنفه وقهره ودمويته، هل كون الحداثة، والتنوير والعقل العلمي والرقي التكنولوجي، نتاج المجتمعات الغربية المتطورة اقتصاديًا وعلميًا كاف لتبرير رفضنا للحداثة مثلاً، أو لما أنجزته من تنوير وعلوم وتكنولوجيا، والتمسك بواقع اجتماعي مغرق بالماضوية والفقر في كل مرافقه؟!
أفهم أننا ننتقد العصر الإمبريالي، أفهم أننا ندين أساليب الاستبداد الاحتلالي الإمبريالي، ولكن كيف نقدر أن نلائم بين احتياجاتنا الضرورية، لمنجزات عصر التنوير والعلوم والتكنولوجيا، ونقدنا لثوبها الإمبريالي؟! مجتمعنا يحتاج للعلوم والتكنولوجيا، يحتاج لإحداث نهضة اجتماعية واقتصادية وفكرية واسعة، والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد المتطور لا قومية أو دين لها، لذلك لا مبرر كافيًا لما نشهده من رفض التنوير والتحديث، وظاهرة الاغتراب الحادة لمجتمعاتنا عن منجزات عصرها؟ وموجة الاستلاب للهوية القومية... بل والتخلي الإرادي عنها!!!
دول مختلفة اندمجت في عصر الحداثة والعلوم، دون أن تفقد قيمها التقليدية، وفسيفسائها الاجتماعية مثل الصين واليابان والهند والعديد من دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
أحد رموز الإصلاح الفكري في التاريخ العربي الحديث، عبد الرحمن الكواكبي يقول في كتابه "طبائع الاستبداد": "الحركة سنة عاملة في الخليقة دائبة بين شخوص (بروز) وهبوط، فالترقي هو الحركة الحيوية، أي حركة الشخوص، ويقابله الهبوط وهو الحركة إلى الموت".
لم أجد أفضل من هذا التعبير لوصف ما يجري في مجتمعاتنا من حركة إلى الموت... وإذا لم نفهم ان التنوير والعلوم، والتحديث والتكنولوجيا هي حركة نحو الحياة، وإن وصف الحداثة والتنوير بالإمبريالية والصليبية هو نوع من سقوط العقلانية، وهذا الأمر يشكل جريمة بحق تجديد انطلاقة المجتمعات العربية نحو آفاق حضارية وثقافية، وكل محاولات أسلمة الحداثة، تفرغها من مضمونها.
إن طرح شعار "الإسلام هو الحل" في المجتمعات العربية والإسلامية، يعطي بلا شك هوية وقيم في دول لم تقدم للمواطن أي من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي تتلاءم مع عصرنا. كل ما قدمته تلك الدول، أنظمة استبدادية بلا مؤسسات دولة قادرة على العمل والرقابة.
قد يكون "الإسلام هو الحل" جاء ليعطي البديل لسقوط التيارات القومية واليسارية التي وعدت بالحرية وسلبتها، وبالديمقراطية وقمعت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وعاقبت المفكرين وبالرفاه الاجتماعي، ولم تقدم إلا الفقر والإملاق، وبالاشتراكية، وخدمت القطط السمان... بالمقابل نجد أن ما قامت به مؤسسات اجتماعية وصحية وتعليمية إسلامية، حلت مكان مؤسسات الدولة في رعاية الاحتياجات الأساسية للمواطنين... وفي واقع تدفق ملايين سكان الأرياف، للعمل في المدن، لم يجدوا غير المؤسسات الإسلامية، للتوجه إليها ومدهم بالرعاية، وبهوية هامة افتقدوها في إطار أنظمتهم (القومية) الفاسدة والغائبة عن القضايا الملحة لملايين المواطنين...
ولكن السؤال الكبير، طرحه أيضًا العديد من الباحثين العرب والغربيين، وهو سؤال هام للغاية، هل شعار "الإسلام هو الحل" قادر على حل مشكلات الظلم الاجتماعي والقمع السياسي، والتخلف الاقتصادي، وتطوير العلوم والتعليم والتقنيات الحديثة، وحل مشكلة الضعف العسكري في مواجهة إسرائيل مثلاً.... وربما إيران مستقبلاً؟ الأجوبة هنا تكاد تكون واضحة.
لا توجد حلول دينية (إسلامية، مسيحية أو يهودية أو بوذية أو كونفوشية، لا فرق) لمشاكل التطوير والبناء والتقدم.
توجد حلول علمية، خطط مبنية على معطيات بدون شعارات، مهما صيغت بديباجة لغوية... لن تكون قادرة على حل معضلات المجتمعات فقط باستبدال الهوية الوطنية مثلاً بهوية دينية، ومشاكل ذلك في مجتمعات متعددة الانتماءات، ولا ننكر أهمية الهوية الأساسية للإنسان، وهنا سقطت الأنظمة القومية نتيجة ممارستها القمعية وفسادها.
للأسف هذا الواقع بات واضحًا أنه يتجه نحو المزيد من التأزيم في المجتمعات العربية والإسلامية.
إلى جانب التضخم السكاني الكبير، هناك عجز كبير في إيجاد عمل للشباب الذين هم في أوائل العشرينات من عمرهم.
بالمقارنة مع التسعينات من القرن الماضي سيزداد في الدول العربية عدد الباحثين عن العمل بنسب كبيرة جدًا، أبرزها سوريا حيث ستكون الزيادة في السنوات القريبة بمعدل 100%، في الجزائر ومصر والمغرب الزيادة المتوقعة هي 50%، في تونس 30%. هذه أرقام رهيبة إذا فهمنا أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. تكفي الإشارة أن اقتصاديات هذه الدول تتطور ببطء شديد لا يتلاءم مع الزيادة في عدد طالبي العمل. معنى ذلك في سوريا مثلاً إضافة نسبة 50% على نسبة البطالة القائمة والتي نقدرها بـ 25% على أقل تقدير... أي دولة يمكن أن تكون مستقرة، ببطالة تشمل 50% - 75% من الأيدي العاملة؟!
إن قوى التنوير وانطلاق الفكر الحداثي في أوروبا، شكلت انتصارًا للعقلانية. ومن الخطأ الظن أن المثقفين الأوروبيين، من رجال العلم والأبحاث والاقتصاد والإبداع الأدبي والفني يحملون وزر إمبريالية دولهم.
إن استعراض أسماء فلاسفة عصر التنوير والنهضة الأوروبية، وعلى رأسهم جان جاك روسو وفولتير وجون لوك وسبينوزا وكانط، تثبت أنهم كانوا ألد أعداء استبداد الدولة واستبداد الدين، في نفس الوقت، وهي المعادلة التي انطلقت منها دول أوروبا الإمبريالية إلى استبداد الشعوب.
إن رفضنا للحداثة، هو رفض للعقل العلمي والعقل التكنولوجي، ومبادئ التعليم وحقوق المرأة ومساواتها، ومبادئ الديمقراطية، ولكننا نستهلك بدون وعي مستحضرات هذه الحضارة، مثل الإنترنت والتلفزيون ووسائل الاتصالات والنقل الحديثة والتجهيزات المنزلية وغيرها من المواد الاستهلاكية، دون أن نعي حقيقة تحولنا إلى مجتمع استهلاكي ينفي العقل ويحل محله النقل، يرفض الإبداع ويستبدله بالإتباع، يرفض الديمقراطية ليحل مكانها استبداد سياسي وديني والكواكبي يقول: "الاستبداد السياسي ناتج عن الاستبداد الديني" للأسف هذا هو واقع المجتمعات العربية.
في مواجهة هذا الواقع نجد مثقفين تبريريين، جبناء يبررون تخلف مجتمعاتهم بخزعبلات علمية وإيمان عجائز وتأويلات تفتقد للمنطق العقلي. المثقفون المتنورون يهجرون على الأغلب أوطانهم، أو يضمن صمتهم في السجون والقبور!!
هذا الواقع يولد الاغتراب، والمغترب في مجتمعه يفتقد لدوافع التقدم وإحداث التغيير في واقعه وحياته فهل نشهد انتفاضة للعقل العربي ونحن نحث الخطى في القرن الواحد والعشرين؟!
nabiloudeh@gmail.com

رسالة الإنترنت

عـادل عطيـة
adelattiaeg@yahoo.com


ياله من شعور عذب ورائع ،
ونحن نغلق غرفتنا لساعات مع صديق مكوّن من شاشة وازرار !
وقد قررنا أن نترك اليابسة ،
ونبحر نحو مداخل ابدية للاتصال والمعرفة !
متخطين كل الحواجز ،
ومخترقين المسافات النائية والشاسعة ؛
لنتقفى دوماً وابداً آثار كل مافعلته البشرية ،
أو: فكرت فيه ،
أو: ربحته ،
أو: كانته في ذلك الذي يوسّع في ذاكرة الدنيا !
أنه : الإنترنت ..
كلمة السر المعاصرة ؛
لتحويل أرضنا الرحبة إلى كرة صغيرة ،
تدور بالماوس ،
ونرتادها بسرعة نقرة أصبع ،
ونشاهدها بعدسة دقيقة لاتغلق عينها الساهرة إلا حين ننام !
قد يكون عالمنا على الانترنت ،
مرافئ لوحدتنا ، حيث مواقع نبيلة تضئ لنا مصابيح الضيافة ؛ للتمتع بالرفقة !
ومنبراً لحاملى شعلة الحقيقة ،
والدعوة إلى الله ،
وفرصة تاريخية للحريصين على نشر الخير !
ولكنه ليس كاملاَ ..
تماماً كما فى عالمنا على الارض .
ففيه : السلبية ، والتجارب ، والسقوط ، والقبح ...
فمن الجانب المظلم من الإنترنت ،
ينطلق الشيطان من الشاشة الساحرة ؛
ليجوب في حياتنا ويخرّبها ..
ليس ذلك الشيطان الذى وصفته الكتب المقدسة ،
وإنما ذلك الشيطان الذي نصنعه بفكرنا ،
ويتكوّن في تلافيف دماغنا ،
ونحركه بأصبعنا ؛
لنشر : الانحلال ، والفساد ، والشر ... ،
باسم نبيل ، هو : الحرية !
ونخترق به خصوصيات الغير :
نتلصص عليهم ، ونسرقهم .
ونخرّب اجهزتهم بفيروسات قاتلة .
باسم أنيق ، هو : الهاكرز !
،...،...،...
ولكى نتجاوب مع عظمة الإنترنت ،
علينا أن نتعلّم : حب فضائله أكثر من بغضنا لسيئاته ..
فاننا بالإنترنت نصنع فخرنا .
وبالإنترنت نصنع خزينا .
.. وهذه هى رسالة الإنترنت !

ندوة لمناقشة ديوان: لمجرد الفرجة

اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين

مجلة الشعر


تقيم اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين الجلسة النقدية الثانية لمجلة الشعر فى السابعة والنصف مساء الخميس القادم 28 /5 بقاعة طه حسين لمناقشة ديوان "لمجرد الفرجة" للشاعر وليد طلعت، الديوان هو الرابع للشاعر فقد أصدر من قبل "كأنى قادر أحب"،طبعة خاصة 1997، و"مزيد من الوقت"، الهيئة العامة لقصور الثقافة،سلسة ابداعات 2003. و" مسكنات الروح" دار الكفاح 2008.

يشارك فى مناقشة الديوان النقاد والشعراء: سيد الوكيل ،و مسعود شومان، ومحمد طلبة، وعمر شهريار ويدير الجلسة النقدية الشاعر سعيد عبد المقصود.

رئيس تحرير مجلة الشعر
فارس خضر
رئيس اللجنة الثقافية
علاء ثايت

اللغة والمجتمع وغياب اليقين في روايات عزالدين التازي


مختبر السرديات ينظم يوما دراسيا حول الأعمال الروائية الكاملة لمحمد عز الدين التازي:

وفاء لموعده السنوي المخصص لتدارس أعمال روائي رائد، أغنى مكتبة الرواية المغربية والعربية ، يعقد مختبر السرديات هذه السنة ندوة حول الأعمال الروائية للروائي المغربي محمد عز الدين التازي الذي يعتبر أكثر الكتاب المغاربة إنتاجا. ويمتاز بالقدرة على التوفيق بين الكم والنوع.، ققد واظب على الكتابة والنشر منذ أربعين عاما، وذلك في سياق محاورة التجارب الروائية بأسئلتها المتراكمة عبر عقود من الإبداع. بالاضافة الى أن تجربته السردية تحفل بخصوصيات لافتة من بينها الاستمرارية والتطور المطرد واختراق مختلف مناطق التخييل مع الوفاء لتشخيص الواقع، وتنويغ موضوعات وطرائق السرد

بفضل هذا العطاء، اعتبر التازي واحدا ممن أغنوا المشهد الإبداعي، بأعمالهم المتميزة وجهودهم المتواصلة.

ومن أجل الاقتراب من هذه التجربة ومقاربة أهم مكوناتها الجمالية والإيديولوجية، يقترح مختبر السرديات محورا عاما للندوة والتي ستنعقد يوم الجمعة 29 ماي 2009 :"اللغة والمجتمع وغياب اليقين في روايات التازي " .

وسيشارك في هذا اللقاء بالاضافة الى المؤلف نخبة من النقاد والباحثين في مجال السرد من بينهم:

عبد الفتاح الحجمري ،عثماني الميلود ،محمد خفيفي ،عبد الغاني عارف ،المعاشي الشريشي ،سعيد غصان ، محمد بطل ،رشيد الإدريسي ،جمال بندحمان ، سلمى ابراهمة، ريهام أمزيل،جواد بنيس، عبد الاله رابحي، المصطفى مويقن، بوشعيب الساوري ،عبد الرحيم جيران ،عبد اللطيف محفوظ، شعيب حليفي.

برنامج الندوة

اللغة والمجتمع وغياب اليقين

في روايات عزالدين التازي

الجمعة 29 ماي 2009 – قاعة الندوات – كلية الآداب بنمسيك – الدار البيضاء

9.30: الافتتاح الرسمي للندوة:

- كلمة عبد المجيد قدوري عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء

- كلمة شعيب حليفي رئيس مختبر السرديات

- كلمة الكاتب محمد عز الدين التازي .

10.00- جماليات التجريب الروائي (رئيس الجلسة :جواد بنيس)

- عبد الفتاح الحجمري: كتابة منذورة للبقاء

- محمد بطل: التجريب في روايتي: أبراج المدينة ورحيل البحر

- عثماني الميلود قراءة في رواية " أيها الرائي "

11.15 – جماليات التخييل الروائي (رئيس الجلسة :نور الدين صدوق )

- عبد الرحيم جيران :قراءة في رواية زهرة الآس.

- رشيد الإدريسي: انعدام الحقيقة وهشاشة الكائن: مفاتيح لفهم المنطق الحكائي لدى عز الدين التازي

- عبد الاله رابحي: التخييل الليلي في رواية "الخفافيش"

ـ عبد الغاني عارف : لعبة الحكي وتراجيديا التحول: قراءة في رواية مغارات .

12.15 - مناقشة

الجلسة الزوالية

14.30- اللغة والرواية ( رئيس الجلسة : عبد الرحيم جيران )

- عبد اللطيف محفوظ : بناء المعنى في رواية "أبنية الفراغ"

- جمال بندحمان: مدارج اللغة وحكي القيامة الدنيوية في رواية "خفق أجنحة"

- محمد خفيفي :تعدد الأصوات وفلسفة اللايقين في " حكاية غراب"

-بوشعيب الساوري :قراءة في رواية امرأة من ماء

16.15 مائدة مستديرة : المجتمع وغياب اليقين ( رئيس الجلسة : شعيب حليفي )

بمشاركة :

الشريشي لمعاشي: المباءة- سعيد غصان: عيوشة - ابراهيم أزوغ: بطن الحوت- عبد الاله رابحي: الخفافيش ــ المصطفى مويقن : دم الوعول- سلمى براهمة: فوق القبور تحت القمر -

التازي وسيرة الإبداع

ولد محمد عز الدين التازي بفاس سنة 1948. حصل على الدكتوراه في الأدب الحديث. يعمل أستاذا للتعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان.

صاحب أكبر كم روائي وقصصي نشره مغربي لحد الآن، فهو يواظب على الكتابة والنشر منذ أربعين عاما. نشر أول نص قصصي له سنة 1966 بالملحق الثقافي لجريدة الأنباء المغربية، بعنوان مربك هو: "تموء كالقطط"، ليواصل نشر قصصه القصيرة في جريدة "العلم"، ولينشر قصصه في المجلات العربية كالأقلام العراقية، والآداب البيروتية، وفي منابر عربية أخرى.

كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية وقصص الأطفال وسيناريوهات بعض الأفلام والنقد الأدبي. نشر ثمانية عشر رواية لدى دور النشر في المغرب والجزائر وسورية ومصر لبنان، قبل أن تَضُمَّ أغلبَها ثلاثُ مجلدات صادرة عن وزارة الثقافة المغربية، تقع في 1785 صفحة، إضافة إلى روايته الثلاثية: "زهرة الآس" التي صدرت في ثلاثة أجزاء، والتي لم تُتَضمن في أعماله الكاملة، وإلى رواياته الصادرة بعد صدور أعماله الكاملة، ما ينتظر الصدور من أعمال.

في مجال القصة القصيرة كان قد نشر أضمومته القصصية الأولى سنة 1975، بعنوان: "أوصال الشجر المقطوعة"، وكان أن قَدَّمَ لها الناقد محمد برادة، ثم توالى صدور مجاميعه القصصية، فصارت تسع مجموعات، صدرت في مجلدين من753 صفحة، يحتويان على 134 قصة قصيرة .

صدرت له أزيد من عشرين قصة للأطفال، وتفوق كتبه المنشورة، الخمسين كتابا. تحولت روايته "رحيل البحر" إلى شريط أنجزته التلفزة المغربية. قررت وزارة التربية الوطنية روايته "المَبَاءَة" على تلاميذ الجذع المشترك ثانوي. كرمته عدة كليات وجمعيات ثقافية، وعقدت عدة ندوات حول أعماله. كرس حياته للكتابة، وهو يقضي ليله ونهاره يكتب ويمحو ما كتب، باحثا عن اقتناص لحظة إبداعية من خلالها يبني عالما أو قيم معنى أو يشذب حديقة نص، أو يخاتل ما يسميه إستراتيجية الأشكال.

ترجمت بعض قصصه القصيرة إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية والسلوفانية، كما ترجمت روايته "مغارات" إلى الفرنسية. اختيرت روايته "أيام الرماد" من بين أفضل 105 رواية عربية نشرت في القرن الماضي، ضمن استقراء نشرته جريدة الأهرام القاهرية.

حاصل على عدة جوائز من أهمها جائزة فاس للثقافة والإعلام لسنة 1976، وجائزة المغرب للكتاب لسنة 1977. و 2009 عن روايته الأخيرة "أبنية الفراغ". كما حائز على وسام العرش من درجة فارس .

عضو اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب العرب، وجمعيات ثقافية منحته عضويتها الشرفية، وأخرى منحته شهادات تقديرية.

المؤلفات

· الأعمال الروائية

1- أبراج المدينة، اتحاد كتاب المغرب بتعاون مع اتحاد الكتـاب في العراق، دار آفاق عربية ، 1978 . 104 ص .

2- رحيل البحر، طبعة أولى، المؤسسة العربية للدراسات والنشـر، بـيروت، 1983 . طبعة ثانية، مؤسسة منتدى أصيلة 2002 . 320 ص.

3- المباءة، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، طبعة أولى 1989، طبعة ثانية 2000 . 198 ص . طبعة جديدة صادرة عن مكتبة الأمة بالدار البيضاء، أكتوبر 2005، مخصصة لتلاميذ الثانوي.

4- فوق القبور/ تحت القمر، منشورات عيون، الدار البيضاء 1988 . 69 ص .

5- أيها الرائي، دار الأمان، الرباط، 1990 . 79 ص .

6- أيام الرماد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1994 . 305 ص .


7- مغارات، الطبعة الأولى، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1992 الطبعة الثانية، مطبعة الساحل، الرباط ، 1994 . 158 ص .

8- عيوشة امرأة الشمس والقمر، رواية للفتيان، دفاتر المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، نوفمبر 1996.

9- مهاوي الحلم، البوكيلي للطباعة و النشر، القنيطرة، 1998 . 100 ص .

10- ضحكة زرقاء، منشورات الزمن، الرباط، يوليوز 2000 . 155 ص .

11- خفق أجنحة، مطبعة طوب بريس، الرباط2002 .

12- كائنات محتملة، مطبعة طوب بريس، الرباط 2002 . الطبعة الثانية: روايات الهلال، القاهرة، فبراير 2003.

13- الخفافيش، وكالة الصحافة العربية، القاهرة2002 .

14- زهرة الآس، رواية في ثلاثة أجزاء : ( واد رشاشة / شم النسيم في جنان السبيل / دار الدبيبغ ) ، عن منشورات السليكي، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال، 2003.

15- دم الوعول، منشورات سليكي، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2005 .

16- امرأة من ماء، منشورات سليكي إخوان، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2005.

17- بطن الحوت، منشورات سليكي إخوان، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2006.

18- حكاية غراب، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2007بدعم من وزارة الثقافة.

19- أبنية الفراغ، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2008بدعم من وزارة الثقافة.

ـ الأعمال الروائية والقصصية الكاملة في خمسة مجلدات، عن وزارة الثقافة، وتشمل: الأعمال الروائية في ثلاثة مجلدات، (13 رواية). والأعمال القصصية في مجلدين، (9 مجموعات قصصية).

· الأعمال القصصية

1- أوصال الشجر المقطوعة، دار النشر المغربية، الدار البيضاء 1975 .

2- النداء بالأسماء، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981.

3- منزل اليمام، مطبعة برانت ديفزيون، سلا، 1995

4- ) الشبابيك، البوكيلي للطباعة والنشر، القنيطرة، 1996.

5- يتعرى القلب، وكالة شراع، طنجة، يونيه 1998 .

6- شيء من رائحته، منشورات عكاظ، الرباط، أكتوبر 1999.

7- شمس سوداء، دار توبقال، الدار البيضاء، 2000.

8- باب العين، متضمة في الأعمال القصصية الكاملة، الصادرة عن وزارة الثقافة.

9- جهة الماء، متضمة في الأعمال القصصية الكاملة، الصادرة عن وزارة الثقافة.

· الأعمال المسرحية:

1- تحفة النظار ( عن رحلة ابن بطوطة )، دفاتر المدرسة العليا للأساتـذة بتطوان ، يونيه 1999 .

2- شجرة الأحلام / الـمَحَّاء / الغريب في الميناء (نصـوص مسرحية)، المركز المغربي للإعلام، يوليوز2001.

· قصص الأطفال:

1 ـ الأقفاص والعصافير، ( بالعربية الإسبانية)، الناشر : جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا (أتيمي)، مطبعة سيربيفار، الترجمة إلى الإسبانية : سعاد الزواق، رسوم الفنان السوداني عبد الله ميرغني، 1997

2 ـ اللقلاق الأعرج، (بالعربية والفرنسية)، منشورات مرسم، رسوم عبد القادر الأعرج، الرباط، 2002.

3 ـ سمكتي الرائعة، منشورات صوت الطفل، 2006 (صدرت في طبعتين).

ــــــــــــــــــــــــــ

منشورات وزارة الثقافة :

4 ـ جدتي صيحة، رسوم عبد الله درقاوي، 1999.

5 ـ النمر الذي أراد أن يفترس النهر، رسوم نبيل الدادسي، 2000.

6 ـ جوقة الفئران، رسوم عبد المجيد أوليد، 2000.

7 ـ التاجر عبد الأحد والقراصنة، رسوم عبد الله ميرغني، 2004.

8 ـ الفراشة الحائرة، رسوم عزيز السيد، 2004.

9 ـ النرجسة والذئاب، رسوم عزيز السيد، 2004.

10 ـالطاووس المختال، رسوم عزيز السيد، 2004.

11 ـ الذئب والقنفذ، رسوم عزيز السيد، 2004 .

12 ـ الفيل والحطاب، 2007.

13 ـ الثعبان الماكر، 2007.

14 ـ فم الأسد، 2007.

15 ـ النسر والقرد والحمامة، 2007.

16 ـ القرد الفنان، 2007.

ــــــــــــــــــــــ

منشورات دار الكتب الحديثة بلبنان:

17 ـ حومة الأقزام.

18 ـ القرد الفنان.

19 ـ الغراب ألأبيض.

20 ـ الحمامة الحنون.

21 ـ الأقفاص والعصافير.

22 ـ البجع والبحيرة.

23 ـ القنفذ الأملس.

· الأعمال النقدية:

1- الكتابة الروائية في (رفقة السلاح و القمر)، دار النشر المغربية، الـدار البيضاء، 1984.

2- السرد في روايات محمد زفزاف، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985.

3- الكاتب الخفي والكتابة المقنـعة، وكالة شراع، طنجة، يونيه 2000.

4- تنويعات الخطاب الروائي العربي، التشخيص والاستعارة، قراءة في أعمال.

5- الرواية العربية الجديدة، تنويعات الشكل والخطاب.

6- المرايا المهشمة (قراءات في أعمال روائية مغربية)

7- أسئلة الثقافة والإبداع في المغرب.

المذكرات:

ـ محمد شكري كاتب من زماننا، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2003.

ـ مبدعون عرفتهم.

الحوار:
ـ حوار مع الفنان أحمد العمراني (حدائق اللون وحرائق الجسد) ، طوب بريس، الرباط، 2003.

ـ حوار مع الشاعر محمد السرغيني (جذور في الحياة، جذور في القصيدة).

الاثنين، مايو 25، 2009

لا تجتمع نهايةٌ وبداية: للحسين بن منصور الحلاّج

عدنان الظاهر

أخطأتَ يا ابن منصور يا حلاّج . أخطأتَ لأنك تجهل مبادئ الهندسة فلِمَ ورّطتَ نفسك كما سبق لك وأنْ ورّطتها في فلسفة لم تفهمها جيداً ولم تتعمقْ فيها وعجزتَ عن الغوص في بحورها العميقة . خبرتك ومعلوماتك في التصوّف ضحلةٌ قصرّتَ فيها عمّن سبق ومن لحق من مجتهدي وفلاسفة الصوفية . لذا إتهمك سلاطين بغداد وخصومك بالشعوذة والجنون بل زادوا فدبروا لك مؤامرةَ التحرش بصبيّة . ما الذي منعك من البقاء في مسقط رأسك مدينة تستر في بلاد فارس ؟ قال بعصب بارد : منعني من ذلك ما منع الحسين بن علي من البقاء في المدينة ! لكنَّ الحُسينَ جاء العراق بطلب من زعماء عشائر الكوفة مع الوعد بمبايعته خليفةً على المسلمين . أما أنت يا حلاّجُ فمن دعاك لدخول بغداد ومن وعدك بتنصيبك إماماً للمسلمين ؟ قال : خانه الذين دعوه ووعدوه أما أنا فأتيتُ بغدادَ بمحض مشيئتي وفي صدري ثورة عظمى لإنقاذ الإسلام والمسلمين سلمياً دون الحاجة لرفع السلاح أو عصيان السلاطين . سلاحي ما في رأسي من عقائد وما في صدري من وجد وتعلق بخالقي وبارئ نفسي . إذا اتحد البشر بالله وحلوا فيه وحلَّ فيهم نجت من آثامها البشريةُ ونالوا الفردوس الأعظم . هذه فلسفتي وأنا كما تعلم رجلٌ مسلم بفطرتي وتربيتي وثقافتي أسير على نهج محمد وأستهدي بأنواره حسب تصوراتي ودراستي المتأنية لشخصيته إنساناً قبل أنْ يكونَ نبياً ورسولا . لكنْ يا إبن منصور أنت كذلك خانك أتباعك وبعض أصدقائك الأقربين فما تقولُ ؟ نعم ، قد خانني البعض ممن ذكرتَ تحت طائلة الخوف من القتل والإغراء بقوة الذهب . التعلق بالحياة في صميم الغرائز البشرية أما الذهب والمال فلقد قال القرآنُ فيها ما قال [ المالُ والبنونُ زينةُ الحياةِ الدنيا ] . أردتُ مشاكسة هذا الشيخ المنقطع للزهد والعبادة حسب طرائقه واجتهاداته الخاصة فقلت له إدعيتَ قبل قليل أنك جئتَ بغداد زمن الخليفة العباسي المقتدر بالله ( 282 ـ 320 هجرية ) أنك صاحب ثورة إصلاحية جذرية ولكن تقومُ بها مستخدماً وسائل سلمية دون إراقة دماء وتحريض على الفتنة والتمرد وحمل السلاح . قال هذا الكلام صحيح . لكنكَ يا حلاّجُ ويا حُسين بن منصور أنت ، نعم أنت مَن قال [ ركعتان في العشق لا يصحُّ وضؤوهما إلا بالدم ] فهل رأيتَ في حياتك مسلماَ يتوضأُ بالدم ؟ أليس في هذا الأمر عصيانٌ وتمرّد وبدعة ممقوتة وخروج على الشريعة وتحريض على الثورة وسفك الدماء بحمل السلاح بوجه خليفة المسلمين ؟ قال قد أخطأتَ قصدك يا صديقي . أخطأتَ في إجتهادك وفي فهمك لما عنيتُ من قولي هذا . أخطأتَ بسبب جهلك لمبادئ الصوفية وعلم التصوف . وأخطاتَ أكثر لأنك لم تخالط أهل هذا العلم ولم تحاورهم ولم تجادلهم في علمهم الذي تجهلُ. كنت أتكلم عن العشق ، عشق الخالق الذي فطر السماواتِ والأرض ، وما العشق في هذا الباب إلا وسيلة الدنوّ منه والتقرّب إليه ثم محاولة الحلول فيه ففي الحلول المطلق فيه خلاصُ البشر وتطهرهم من ذنوبهم وخطاياهم والتبرؤ من اللعنة التي حلت بأبيهم آدمَ المعروفة . قلتُ ممتعظاً لكأنك يا ابن منصور تتكلم في هذا المقام بلسان عيسى إبن مريم الذي قال ما معناه إنَّ في دمه خلاص البشرية من الإثم القديم ، أي إنه يُضحي بجسده قرباناً وثمناً لخطيئة لم يقترفها البشر على سطح الكرة الأرضية ، إنما قارفها آدمُ في الزمان القديم هناك في الأعالي ، في جنات الخلود التي حُرِّمتْ عليه إلى يوم الدين . أنت تعشق عشقاً صوفياً غير مسبوق لتتخلّصَ من آثامك وخطايا غيرك من البشر بأمل الذوبان نهائياً في الذات الربانية أي أنك رجلٌ إنتهازي أنانيٌّ لا يهمك إلا أمرُ الخلاص بنفسك بالتخلص منها ومما فيها حلولاً أبدياً في ذات ربّك وخالقك . أي إنك رجلٌ جبان مهزومٌ عاجزٌ عن مواجهة نفسك وأعجز في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكلك الحياتية الدنيوية ، أي أنك عاجزٌ عن التكيّف مع ما ومن حولك فما رأيُ شيخنا الجليل فيما قلتُ ؟ قال قد شططتَ بعيداً يا هذا . أنا في وادٍ وأنت تغرّدُ في وديانَ أُخَرَ غريبة عني وعن فكري وطبيعتي وفلسفتي . لو أعدتَ قراءةَ قولي موضوع خلافنا وحاولتَ فهم ما في ظاهره وما خلف ظاهره لأعجبكَ قولي ولما زدتني إلا إكباراً . [[ ركعتان في العشق لا يصحُّ وضؤوهما إلا بالدم ]] . إنما كنتُ أركع في صلواتي لله عاشقاً وأعشقه مصليّاً راكعاً ، وكنتُ في ذلك أتنبأ أنَّ نظام الخلافة وبطانة الخليفة والمنتفعين منهما من السماسرة والمضاربين بأقوات الناس وكبار تجار بغداد سوف يحللون دمي فدمي هو أُضحية عشقي لربي ومحاولتي الحلول فيه . لا بدَّ لذلك من ثمن باهض ودمي المسفوك هو هذا الثمن . ليس في الأمر دعوة للعصيان والثورة وإراقة دماء عباد الله ، حاشا ذلك وأنا رجلٌ مسلمٌ أي مسالمٌ والإسلامُ كما أفهمه دينُ رحمة وعدلٍ ومساواة بين البشر في الحقوق والحظوظ . هل فهمتَ فلسفتي في قولي الذي استفزّك وأخرجك من طورك ؟ تقريباً ! أجبتُ . إفترقنا على أنْ نلتقي ذات مساء على سطح داره في جانب الكرخ من بغداد بعد صلاة العشاء . في طريقي إلى بيتي في حي المنصور من كرخ بغدادَ رحتُ أقارن بين فلسفة وتفسيرات ومواقف هذا الرجل حول التضحية والفداء من أجل العدالة والمساواة وإحقاق حقوق الرعية وبين شجاعة كوكبة المناضلين السياسيين المعاصرين الذين تسلقوا أعوادَ المشانق وقتلوا في السجون أو أُغتيلوا في الشوراع والطرقات أو عبثَ الحكامُ الفاشيست بأجسادهم وشوهوها وعطلوا بعض أعضائهم تحت التعذيب الوحشي . فالحلاج هو الصورة المثالية المقلوبة لهذه الكوكبة من شجعان البشر ، إنه رمزٌ لمثالية الفيلسوف الألماني هيكل السماوية ، أما الآخرون فإنهم يمثلون واقعية كارل ماركس المادية الأرضية . إنه مع رب في السماء لا يلدُ ولم يولدْ ، لا ينامُ ولا يأكلُ طعاماً ... أما أولئك فإنهم مع إنسان من لحم ودمٍ وعظمٍ يمشي على الأرض يتنفس وينامُ ويأكلُ الطعام ثم يتناسل فيتكاثر أي يلدُ وقد كان مولوداً لأبوين . حريٌّ بنا أنْ نفهمه في أُطُر زمانه وحسبَ ظروف ومقتضيات ذاك الزمان لا أنْ نفلسفه وفق تعقيدات وتطورات زماننا . لقد سبقه رجالٌ من الصحابة تعلم منهم الزهد في الحياة والشجاعة في قول الحق والتعبير عمّا يعتقدون والجرأة في مواجهة السلاطين المنحرفين والمتعسفين والظَلَمة من بين خلفاء المسلمين ، فله فيهم أُسوة وله منهم مثال وبسبب شجاعته وجرأته في التعبيرعن قناعاته وإجتهاداته الدينية وتفسيراته لبعض آيات القرآن وأحكام الشريعة أُتُهِمَ بالشعوذة أو الشعبذة ولا عجب فلقد أُتهمَ بعضُ الأنبياءِ قبله بالكهانة والسحر وقول الشعر والجنون (**) وهذا شأنُ كل من خرج على قومه بفكرة جديدة أو عقيدةٍ أو دين جديد . لم أنمْ تلك الليلة لا بسبب إنشغال فكري بقضايا الحلاّج وتفسير بعض شعره حسبُ ، إنما لشدة حرارة جو بغداد إذْ كان التيارُ الكهربائي ـ كما تعوّدنا ـ مقطوعاً. حرارة الجو العالية تُبخّرُ ما في رأس الإنسان من أفكار حتى ليغدو هذا الرأس كأنه وعاءٌ معدني لغليّ ماء الشاي. حاولتُ ، رغم شعوري بالعجز ومصيبتي مع الحر والكهرباء ، أنْ أستعيدَ ما كان في ذاكرتي من أشعار إبن منصور لتفسيرها تفسيرات عصرية بعيداً عن معتقدات الرجل صاحبها فعجزتُ . قلتُ بل الأفضل أنْ أناقشها معه لأستجلي مكنونات هذا المتصوّف الزاهد العابد الورع . ما أنْ بزغَ الفجر حتى كنتُ مستعداً لمنازلة الحلاّج ومحاججته في فكره وفي شعره فبعض الرجال المتصوفة لا نجدهم إلا في أشعارهم المعروفة والحلاجُ من هذا الصنف .

طرقتُ باب الرجل في الوقت المحدد حسب الإتفاق بعد صلاة العشاء فقادني كما كنتُ أتوقع إلى سطح داره إذْ ليس في بيت الرجل الكثير التواضع تيارٌ كهربائي لأنه يعتقد أنْ ضياء مصابيحه يُدنّسُ طبيعة وقدسية نور الإله الشعشعاني ، فهذا نور على نور يُضيء كالشمس دون وقود ودون أنْ تمسسه نارٌ كما كان يعتقدُ . لذا لا مروحة سقفية أو منضدية في بيته المتهاوي ولا مكيفات هواء عدا مراوح خوص النخيل المتهرئة الأطراف والمقابض . لا تحلو المحاورات مع الحلاّج إلا في الظلام سوى ضوء القمر الصيفي وبريق النجوم الشديد الخفوت . طرح تحتي بساطاً ملوَّناً مزرّكشاً من بُسُط الأهواز ثم إضطجع على حصيرة من القصب عارية . كان ذاهلاً منصرفاً عني يتطلع في نجوم سماء الصيف الصافية . إحترتُ كيف أصرفه عن ذهوله لينصرفَ لي بدل إستغراقه في النجوم . كنتُ أعرفُ أنه على علم بالنجوم ومنازلها وحركاتها وابراجها والسيمياء وبعض الطب فقلتُ لعله غارق في تتبع مسار نجمةٍ أو كوكب سيار . ولما شعرتُ بمللٍ مُمضٍّ شرعتُ أقرأ بصوت عالٍ بعض ما حفظتُ من شعره الصوفي عسى أن يسمعني فيفيقَ مما هو فيه من خواطر فلكية .

أنا الحقُّ والحقُّ للحقِّ حقُّ

لابسٌ ذاتَهُ ، فما ثَمَّ فرقُ ؟

لم ينتبهْ . أعدتُ قراءةَ هذا البيت بصوتٍ أعلى قليلاً . ظلَّ سادراً مع نجومه . رفعتُ نبرةَ صوتي أعلى فأعلى فتبسّمَ الحلاّجُ وأشرق وجهه بنور خفي التعبير . سألني بجدٍّ : ماذا قلتَ يا ضيفي ؟ أعدتُ عليه قراءة البيت فقطّب ما بين حاجبيه مفتعلاً التعجب . إنتظرته لكي يُعلِّق لكنه لم يفعل . لذا وجدتُ نفسيَ مُضطراً أنْ أساله : ألستَ أنت قائل هذا الشعر ؟ أجاب نعم ، وما فيه ، سألني ؟ لم أجدْ فيه شيئاً من الشعر أو المنطق وإنه خالٍ من إيحاءات الشعر الحقيقي ، اي إنه اقرب لسخيف القول ... مجرد سفسطة أو لعبة تصفيف كلمات لا أكثر . لم ينزعجْ الرجل وظلَّ متماسكاً ثابت القلب كثير الصبر فكَبُر في عيني . أردتُ تحريكه فقلت ألا ترى هذا البيت في التحليل النهائي غيرَ مُختَلفٍ عما قلتَ في بيتك الآخر:

أنا من يهوى ومن يهوى أنا

نحنُ روحانِ حللنا بدنا

قال نعم ولا . فيهما مشابه وفيهما وجوه إختلاف لكنَّ أوجه الشَبَه أكثر من أوجه الإختلاف . خلاصة البيتين من معنى هي أني والله متحدان إثنان في واحد وواحد في إثنين . أنا حقٌّ والله كذلك حقٌّ أي [[ أنا الحقُّ والحقُّ للحقِّ حقُّ ]] فهل فهمتَ المعادلة المركّبة من طرفين لا ينفصلان ؟ قلتُ قد فهمتها حسب شرحك ومنطقك ولكن لي منطقي المغاير وتفسيري الذي لا يٌقنعك . قال ماذا تقصد ؟ أقصد أنك تحاول الإتحاد بشئ لا وجودَ له وتتصور أنك بالفعل قد إندمجتَ به فحلَّ فيك فغدوتما شيئاً واحداً غيرَ قابلٍ للإنفصام . إني أجدها ضرباً من الهلوسة يا شيخ وإضاعة للوقت وضحك على ذقون العباد . إنك تعاني من أزمات نفسية سببها ضيقك الشديد من ثقل وطأة الزمن الذي تراه يمرُّ بطيئاً فلا تصبر على مروره بعمرك فتتعجل نهايتك خلاصاً من عذاب محنتك بالزمن ومعه . أوَلمْ تقلْ ذات يوم [[ أيها الناسُ ، إعلموا أنَّ اللهَ تعالى أباحَ لكم دمي فاقتلوني ... أقتلوني تؤجروا وأسترح ]] . أنتَ بَرِمٌ بالحياة ولا تعرف كيف تُصرِّفها ولا كيف تُمضّي أيامك ، دائم القلق دائم الترحال والسفر . وقد أعربتَ أنت عن ذلك ببيانٍ تام الوضوح حين أضفتَ بيتاً من شعرك { البيت الثالث } لبضعة أبياتٍ من شعر أبي العتاهية :

طلبتُ المستقَّرَ بكلِ أرضٍ

فلم أرَ لي بأرضٍ مُستَقرا

أطعتُ مطامعي فاستعبدتني

ولو أني قنعتُ لكنتُ حُرّا

{ فنلتُ من الزمانِ ونالَ منّي }

{ وكانَ منالُهُ حلواً ومُرّا }



قال واللهِ قد فعلتُ . إنما فعلتُ ذلك إذْ وجدتُ نفسي مُعجباً بقول أبي العتاهية حتى لقد خلته مثلي متصوفاً . أردتُ مداعبته ـ وقد أثقلتُ أو ثقّلتُ عليه ـ فسألته هل يودُ سماع ما قال الشاعر أبو الطيّب المتنبي في موضوعة الترحال والأسفار وقد كان الرجلُ كذلك دائم القلق لا يستطيع الإقامة طويلاً في أرض واحدة . إنبسط وأشار برأسه أنْ نعم ، وأضاف بل وأحب . قرأتُ :

فما حاولتُ في أرضٍ مُقاماً

ولا أزمعتُ عن أرضٍ زوالا

على قَلقٍ كأنَّ الريحَ تحتي

أوجهها جَنوباً أو شَمالا

هزَّ رأسهُ ومسّدَ شعر لحيته الخفيف ثم تنهّدَ قائلاً : لكأني أرى هذا الشاعر واحداً منا أو إنه جزءٌ مني . علّقتُ قائلاً : الزمن ، محنة الزمن فيكما توحّدكما وتربطكما بأقوى الروابط . محنة الوجود فيكم أو تمحّنكم بهذا الوجود يا شيخنا . أضفتُ : ما كان الرجلُ متصوفاً لكنه كان قرمطي الهوى والنزعات ... وأنت كذلك متهم بالتواطؤ مع القرامطة وقبلهم مع الزنج وثورتهم في البصرة وقد كنتَ أنتَ شاهد عيانها . أطرق مُغمضَ العينين ولم يجبْ .

تهيأ لي أنَّ صاحبي قد دخل فيما يشبه الغيبوبة إذْ إنبطح على ظهره وتدثرَ بجبته الرثة فقلت سأترك الرجل لينام دون وداع . قلتُ بصوتٍ عالٍ : موعدنا غداً تماماً كما كان موعد اليوم ومضيتُ وسط الظلام الدامس أتلمّس سلّمَ بيته الحجري المتداعي خوفاً من السقوط .

كانت مادة اللقاء الثالث جاهزة في رأسي وكنتُ قد أعددتُ نفسي جيداً لمقارعة الرجل ومحاججته فلقد كان ـ ولم يزل ـ قراري أنْ أكشف الرجلَ أمام نفسه وأمام التأريخ وأنْ أُعرّيه مما أحاط نفسه به من أوهام وغلالات وضباب وأدخنة بخور وغير البخور حقيقية وأدخنة أخرى غير حقيقية . إنه رجل ضعيفٌ وربما كان متأثراً بما قرأ عن عيسى المسيح فاتخذَ منه مَثلاً يقتفيه سواء في معنى التضحية والفداء أو في إشفاء المرضى وإتيان الخوارق مما أُشيع في حينه عن الحلاّج .

ما حاجتي لطرق باب بيت الحلاّج ؟ كانت باب داره مُشرعةً على الدوام فلا من قفل فيها ولا مفتاح أو مزلاج تدخله اللصوص وقطّاع الطرق متى شاؤوا كما تفعل القططُ والسائبُ من كلاب الطُرُقات . مع ذلك طرقتُ الباب طرقاتٍ خفيفةً وحثثتُ خطايَ نحو سطح الدار فقد كان الرجلُ في إنتظاري . حاول القيامَ لإستقبالي فرجوته أن لا يفعل . عاد إلى حصيرته في مقابلتي ودعاني للكلام فيما شئتُ . قلتَ يا ابن منصورٍ يوماً :

للناسِ حَجٌ ولي حجٌ إلى سَكني

تُهدي الأضاحي وأُهدي مهجتي ودمي



قال أجلْ واللهِ قد قلتُ . ألا ترى يا ابنَ منصور أنكَ في قولك [[ وأُهدي مهجتي ودمي ]] قد تشبّهتَ بالمسيح فهل قرأتَ الإنجيل وهل تقمصتَ شخصية عيسى أو تعتقد أنه قد حلَّ فيك وحللتَ فيه خاصةً وإنه (( إبن الله )) حسب عقيدة بعض طوائف المسيحيين (( الأبُ والإبنُ وروح القدس )) ؟ فكّرَ الحلاّجُ طويلاً ، إعتدلَ في جلسته وإنه قلّما يعتدل إذْ يفضّلُ الإنبطاح على أحد جنبيه مُسنداً رأسه إلى كفه. قال بثقة عالية وثبات الواثق من نفسه ومما سيقول : تعرف يا أخي أنَّ بعض عرب الجاهلية ـ وشعوباً ساميةَّ أخرى سبقتهم ـ كانوا يذبحون أطفالهم الأبكار أضاحيَ وقرابينَ لأربابهم الأصنام . وقد دأب اليهود وبعض شعوب أرض الكنعانيين في فلسطين في قديم الزمان على ممارسة هذا الطقس وأخبارُ ذلك كثيرة الورود في التوراة . هل نسيتَ ، أضاف الحلاجُ ، قصة إبراهيمَ مع ولده إسماعيلَ ؟ أفلم يُعدّه للذبح قرباناً لولا تدخل ربه وتعويضه ب < ذِبح عظيم > ؟

هنا أصل الفكرة كما أعتقد ، قال الحلاّج ، ومنها أخذ المسيحُ عقيدته في التضحية بدمه تكفيراً عن خطايا الإنسان . أنا إذاً وعيسى المسيح في خط واحد ونهج واحد وعقيدة واحدة فلا فضل له عليَّ إلا في إلتزامي بسلوكه المسالم ورفض العنف وسفك الدماء . إذاً قرأتَ الإنجيل يا صديقي ؟ قال نعم ، بل ودرسته كما درست القرآن فإنهما كتاب واحد أُنزلَ على مرحلتين وحقبتين مختلفتين في التدرج الزماني . لا أناقشك في هذا الكلام لأنني أتحاشى إحراجك ... قلتُ له ، لكنْ أمامي بيتٌ شعريٌّ لك هل لديك مانعٌ من مناقشتك فيه ؟ قال كلا ، هات :

بدا لكَ سرٌّ طالَ عنكَ اكتتامُهُ

ولاحَ صباحٌ كنتَ أنتَ ظلامُهُ



ما هذا السر أولاً وكيف كنتَ ظلاماً لصباح لاحَ ؟ أجاب على الفور : جانبٌ من هذا السر الأكبر هو الله ، أما جانبه الآخر فإكتشافي أنَّ اللهَ حالٌّ فيَّ وإني حالٌّ فيه جزءاً منه متمماً له . سكتَ عن الشق الآخر فحثثته أنْ يفسّرَ ما جاء فيه لكنه لم يفعل. لذا كنتُ مضطراً أنْ أقولَ له يا شيخيَ الكريم ، الا ترى مجوسية أجدادك في قولك [[ ولاحَ صباحٌ كنتَ أنتَ ظلامُهُ ]] ؟ إنفعلَ قليلاً محتجّاً لينفي علاقة هذا القول بدين المجوس حول النور والظُلمة . قال إنه في صُلب فلسفتنا نحن المتصوفة أنَّ النور في الظلمة والظلمة في النور فهما ضدان لا ينفصلان فإذا إنفصلا إنطفأ النور واختفت الظلمة وتعطّلَ الزمنُ وتوقفت الحياةُ لأنها أساساً قائمة على إتحاد هذين النقيضين ، لا من وجود لأحدهما دون الآخر . رحتُ عن صاحبي بعيداً وقد تذكرتُ ما قال المتنبي تماماً بهذا الصدد :

أمِنَ ازدياركِ في الدجى الرُقباءُ

إذْ حيثُ كنتِ من الظلامِ ضياءُ

فهل أخذ الشاعرُ المتنبي قوله هذا من الحلاّج أم أنها كانت فلسفة قديمة معروفة شائعة تداولها الفلاسفة كما تداولها الشعراءُ ؟

قبل أنْ نفترقَ عنَّ لي أنْ أطلبَ منه تفسيرَ بيتٍ شعريٍّ له قال فيه :

وأقبلَ الوجدُ يُفني الكلَّ من صفتي

وأقبلَ الحقُّ يُخفيني وأبديهِ

قال متضايقاً : اللهُ هو الكل ، والحق كذلك هو الله . يُخفيني حلولاً فيه لكني بعد خفائي أُظهرُ الصفات الألهية فيَّ فيتجلى الربُّ . مرةً أخرى برز أمامي بيتٌ شعريٌّ لأبي الطيّب المتنبي من قصيدة مدح بها إبن العميد في أرجّانَ من بلاد فارس :

نافستُ فيهِ صورةً في سترهِ

لو كنتُها لخفيتُ حتى يظهرا

أفلا يشبه هذا البيت عجز بيت الحلاّج إذا نظرنا إليه في العمق ؟

أخيراً ، وجدتُ أربعةَ أبياتٍ شعرية كل ما فيها يوحي أنها للحلاج نفسه ، لكنَّ المشكلة أنها تتكلم عن القتل والصلب والوجد والغيبة ، فهل كان يتنبأُ في حياته بالكيفية التي سيموت فيها مصلوباً ثم مقتولاً ؟ أم أنَّ قائلها أحدُ أتباعه ومريديه كتبها بعد قتله ؟ الأبيات هي :

هيهاتَ ما قتلوهُ

كلاّ ، ولا صلبوهُ

لكنهمْ حينَ غابوا

عن وجدهِ غيّبوهُ

سقوهُ صِرفاً وراموا

كِتمانَ ما أوعدوهُ

فما أطاقَ ثبوتاً

لثِقلِ ما حمّلوهُ .

هوامش

( *) أخذتُ جميع أشعار الحلاّج من كتاب ( الحلاج أو وضوء الدم ) / المؤلف ميشال فريد غريب . الطبعة الأولى ، بدون تأريخ ، بيروت .

(**) فيما يلي نماذج من إتهام الأنبياء بالجنون والكهانة والسحر وقول الشعر :

(( قالَ إنَّ رسولَكم الذي أُرسِلَ إليكم لمجنون / الكلام لفرعون عن موسى / سورة الشعراء / الآية27 )).

(( فذكّرْ فما أنتَ بنعمةِ ربّكَ بكاهنٍ ولا مجنونْ . أم يقولونَ شاعرٌ نتربّصُ به ريَبَ المنون / الكلام للنبي محمد / سورة الطور / الآيتان29 ـ 30 )) .

في القرآن آيات غير قليلة تتكلم عما تعرض له النبي محمد من إتهامات وتخرّصات وأقاويل . ففي سورة ( ص ) نقرأ (( وعَجِبوا أنْ جاءهم مُنذِرٌ منهم وقال الكافرون هذا ساحرٌ كذّابٌ / الآية 4 )) .

الخمار الاسود

عيسى القنصل
محجبة ُ

وتحت حجابها وجه ُ

هو الثلج ُ هو النـــــــــــــــــــار ُ

وصامتة ُ
مدى الايام بسمتها

وبعض الصمت ثرثــــــــــــــار ُ

وتسالنى ؟؟

اتحبنى ام الاحلام تنهـــــــــــار ُ

نعم اهواك سيدتى ؟؟

وهل بالحب انكــــــــــــــــــار

فكيف لقلبنا ينسى ؟؟

وانت لعمرنا عطر ُ وازهــار ُ

وانت الحرف فى كتبى ..

وفى الاشعار افكـــــــــــــــار ُ

رايت القد يدعونى ..لساحتكم

وبين لقائنا سد ُ واشواك واقدار ُ

وقلبى دائما طير ُ

جناح الطير احلام ُ وافكـــــــار ُ

تعالى واسكنى صدرى

حجابك قمة الاغراء يلهبنى


فلا عار ُ ولا خجل ُ وانكــــــار ُ

السبت، مايو 23، 2009

أيام قلبي

محمد محمد على جنيدي

تَتَسَاءَلِين..
هَلْ ضَاعَ حُبِّي فِي بُكَاه ؟!
وَمَوَاكِبُ الأحْزَانِ
تَسْرِي فِي دِمَاه!
أرَأيْتِِ نَجْماً قَدْ تَخَلَّى
عَنْ سَمَاه!
هَذَا فُؤَادِي
قَدْ تَلاشَى فِي هَوَاه..
تَتَسَاءَلِين
والحقُّ أوْلَى أنْ نَرَاه!
تَتَسَاءَلِين
والْهَجْرُ قَدْ أدْمَى مُنَاه!!
مَحْبُوبَتِي..
الْحُبُّ لَنْ يَمْضِي
ورُوحِي في مَدَاه
لَكِنَّ عُمْرِي..
قَدْ مَضَى مِنْهُ سَنَاه
وغَداً أمُوتُ
وسَوْفَ يَبْقَى في عُلاه
مَحْبُوبَتِي..
مَاذَا أقُولُ
لأغْصُنٍ بِِظِلالِهَا
كُنَّا نُغَنِّي لَيْلَنَا حُبّاً شَدَاه!
ماذا أقولُ
لِقُبْلَةٍ في كَأْسِها
كُنَّا نَذُوبُ
ونَارُهَا أُنْسٌ شَجَاه!
فَتَذَكَّرِي أيَّامَ قَلْبِي
قَدْ كَفَاه
إنْ تَذْكُرِي..
هَذَا مُرَادِي لا سِوَاه

اختيار من ديواني / واحة من الحب

ومن لا يعرف ريتا عودة؟ كل هذا الحنان

السيد حافظ

صدر ديوان باسم من لا يعرف ريتا !!

ريتا عودة شاعرة فلسطينية .. تعيش داخل الأرض المحتلة من مواليد 1960 مدينة الناصرة .. الناصرة مدينة (مكان) الثورة والمقاومة والحب والجنون .. إن ريتا عورة تحتاج إلي الإضاءة النقدية حتى ولو كانت إضاءة غير أكاديمية ، فنحن نعيش في زمن ركام شعري ..يومي.. قد يمس عصب الشعر أو روحه أو قد لا يمس ، نحن نعيش حالة فوضي وسراب بين الشعراء والمتشعرين تشعر بالخجل أمام نفسك إنك لا تتابعه ..

ريتا عودة تنتمي إلي الشعر الحداثي فهي بعيدة عن البلاغة القديمة والصورة البالية وتملك حساً وفطنه .. فنجدها قد خرجت من عباءة القديم في وهم رومانسي دون كيشوتي مفعومه بالعشق للحروف والألوان الأخضر والأحمر والأصفر والانفعالات وقوارير العطور قد خرجت لتكتب واقع وجغرافيا مشاعرها تجاه العالم .. إنها تملك في شعرها اتجاهين ( الوجدان الانفعالي شعر الداخل وشعر عبثي ، معابث للشيء شعر خارجي (1) وهي تقول :

هبني مفتاح القلب

كي اقتحم أسوار الدهشة

وأعشقك كما يشتهي الخيال

وفي قصيدة أخري :

قلبه جنسيتي

فلتسقطوا عني

متاهات القدر

وفي قصيدة ثالثة :

كن كما الحلم

مشاغباً

مراوغاً

حتى تكون الحياة

أروع من القصيدة

وفي قصيدة (ومن يعرف ريتا) قدمت نفسها :

ريتا

نرجسية

عشقت نحلة

نورسة

عشقت بحراً

لا البحر ولا النحلة

عاشقاً عشق ريتا

هذا الحنان المتدفق للشعر والحياة وأن تصبح الحياة شعراً والشعر حياة .. فقد يري البعض أن ريتا عودة امرأة منفلتة في الحياة ، ولكن الحقيقة " إن الحكم الأخلاقي علي الشعراء من مجرد شعرهم ليس حكماً صحيحاً لأن سلوك الشاعر في النص الشعري لا ينطبق علي حياته وسلوكه في الحياة بل يكون أحياناً مناقضاً لها " (2) .

إن ريتا عودة تظل المرأة التي تعشق الجمال ..جمال اللغة وجمال القبح وجمال الطبيعة ، إن الجمال يتغلغل في دمها ويملك عليها حواسها عليها حواسها وهو عالم خصب وبحر واسع يغوص في أدق المعاني وأدق التعابير (3) .

ويبدو أن الاتزان النفسي والعقلي قد يجعل بعض الشعراء في إطار المقبول والمعقول والجيد ، لكن عدم الاتزان النفسي عند ريتا يجعلها متفردة في شعرها وتكاد تقترب أحياناً من اللحظة العبقرية ، وهذا هو سر الصعود والهبوط في مملكتها الشعرية .

إن تمرد ريتا عودة ينبع بحثها عن الحب العبقري (حب الرجل، حب الشعر ، حب الكتابة ، حب الحياة ، حب الحب ) .. انظر معي ماذا تقول :

أحبك

كما البحر

فكلما

اشعلت فتيل المكائد

العاطفية

في ولايتي الشعرية

تحدث إنقلاباً

لغوياً

وتخلع عن عرشي

رئيس جمهوريتي

الضجر

"إن ما هو عام ليس اذن نقيضاً لما هو خاص .. وما هو فردي ليس نقيضاً لما هو اجتماعي وما هو عيني ليس نقيضاً لما هو مجرد ، ذلك إن كل طرف يمتزج بالطرف الآخر وينفذ فيه بشكل كامل في إطار وحده كلية متكاملة وهكذا ما هو عام أو اجتماعي أو فردياً ومجرد أو مطلق لا يمكن أن يكون متاحاً للتأمل المحسوس كان فردياً أو عينياً في جوهرة .. ولننظر إلي قصيدة أخري (الخيانة الأخيرة) :

ساورته الخيانة فطاردها

وأبصرها تمارس الكتابة

علي قارعة القصيدة

فانطلق دون أن يطلق العيار

علي جسد أحلامها

أطلق العنان

لغبار خيبة أوهامه

ولننظر إلي تمرد ريتا عودة حول مصطلح "أعزب الشعر أكذبه"
قد تباينت الآراء حول أن أحسن الشعر أصدقه أو أكذبه وهنا يبرز مصطلح "الصدق" وأصحاب الطريقة المدرسية يميلون إليه ولكن الصدق عندهم يعني ارتباط التصوير الذهني في الشعر بالحقيقة مع عدم اشتراط المطابقة الحرفية ، ومن هنا يتضح إن هذا الشق من الصدق ذو بعد أخلاقي كما يلاحظ من استشهاد اتهم الشعرية عليه (5) .. وتقف ريتا عودة أمام هذا المصطلح في قصيدة تحذير
تحذير
قيل
أعزب الشعر أكذبه
وأقول
بريئة أنا
من نزيف صبري
أما في قصيده خمس علامات استفهام
نقرأ ونعرف العفوية في شعر ريتا
اضع اللون علي اللون
علي اللوحة
اضع الخط علي الخط
ابحث عن هيئته
ارسمه سماء
ماء .. هواء
يمتزج الأحمر بالأزرق
تتأوه باقي الألوان
عبثاً ..تتذمر ..تتلوي
اتركها تجف
وأعود
أطل علي عالمها بحرقه
فتطل علي
بعلامة تعجب خضراء
وخمس علامات استفهام
صفراء ؟؟؟؟؟؟؟؟
الرجل الفكرة في شعر ريتا..قد تكون ريتا عودة من أنصار التلقائية والتعامل مع السهل البسيط واستخدام المفردات اليومية الحياتية ، المتنوعة في معظم تشكيل الصور الشعرية العامة .. ولديها حس رومانسي متفجر ، وهي في صراع دائم مع نفسها ومع شعرها ومع تجربتها ، إنها شاعرة تجريبية ، فهي تعادل في بناء القصيدة من خلال الطريقة الهندسية لها ، وأحياناً نشعر إنك أمام تداعيات هذيان أو هلوسة أنثوية مليئة بالحنان في شكل قصيده وكأنها تكتب لنفسها صوت وصدي في خط متوازي ، فهي تحمل عمق وجداني وتتوحد مع الحبيب وتلتصق بمشاعره وتتوحد معه روحياً وجسدياً في الخيال وتتمرد عليه وتهجره وتلعنه .. الحبيب قد يكون الوطن قد يكون الجنسية ، قد يكون الحلم ، قد يكون الشعر ، قد يكون الرجل ، وقد يكون كل هؤلاء .
بقي لي ملاحظة .. فقد كان شعراء العرب القدامى عندما يقومون بنسخ ديوانهم يحذفون القصائد التي لا تتواءم مع تجربتهم .. وعلي الشاعرة أن تفصل هذا بحب شديد كما يفعل المخرج عندما يكون في المونتاج فيقوم بحذف مشاهد جميلة لكنها قد تؤثر في إيقاع الفيلم ، وقد كان عليها أن تفعل ذلك .

المراجع :

* صدر الديوان عن مركز الحضارة العربية – القاهرة – علي عبد الحميد

(1) شعر الحداثة –دراسات وتأويلات –ادوارد الخراط –وزارة الثقافة –مصر 1999

(2) موسيقي الشعر العربي قضايا ومشكلات – د.مدحت الجيار – دار المعارف – القاهرة – 1995
(3) الشعر المعاصر في البحرين – علوي الهاشمي

(4) نقد شعر الحداثة – محمد خلاف – مجلة آداب ونقد –القاهرة –عدد نوفمبر – 2000- العدد رقم 183

(5) كتاب مصطلح نقد الشعر عند الإحيائيين – د. محمد مهدي الشريف – وزارة الثقافة – مصر - 2000


Email : elsayedhafez@hotmail.com

الجمعة، مايو 22، 2009

مفكّرون وأدباء عرب ماركسيون: "حسين مروة"- مؤسّس مدرسة النقد الواقعي الاشتراكي في العالم العربي

د. حبيب بولس
أ- حسين مروة في سطور: في كتابه "شخصيات وادوار في الثقافة العربية الحديثة", كتب "محمد دكروب" فذلكة لحياة حسين مروة باختصار يقول فيها: ولد حسين مروة عام 1910 في بلدة حداثا الجنوبية المتاخمة للحدود اللبنانية- الفلسطينية.
بدا اهتمامه بالكتابة الأدبية منذ سنوات دراسته الأولى في العشرينات من القرن الماضي, فكتب القصة والمقالة والنقد والبحث وكتب القليل من الشعر, ومنذ أوائل الثلاثينات حتى أواخر الأربعينات اقتصر نشر كتاباته على المجلات والصحف العراقية, خصوصا مجلتي "الهاتف" النجف و "الحضارة", وجريدتي "الرأي العام" و "الساعة" بغداد.
عام 1948 شارك أدبيا وإعلاميا وعمليا, في أحداث الوثيقة الوطنية العراقية التي أسقطت معاهدة "بورتسموث" البريطانية الاستعمارية مع حكومة العهد الملكي حينذاك. ولكن عندما حدثت الردة الرجعية وأعيد العميل الاستعماري "نورة السعيد" إلى الحكم (أيار 1949), ابعد "حسين مروة" من العراق وأعيد من وطنه لبنان بعد هجرة طويلة.
في لبنان استأنف نشاطه الثقافي, والكتابة الأدبية, واخذ يكتب زاويته اليومية المعروفة بعنوان " مع القافلة" في جريدة "الحياة", وظل يكتبها سبع سنوات متواصلة.
في الوقت نفسه أسهم في تأسيس مجلة "الثقافة الوطنية" وفي تحريرها, وقد أدت هذه المجلة طوال فترة الخمسينات دورا طليعيا للأدب والفكر التقدميين في البلاد العربية بأسرها. وفي هذه المجلة نشر الكثير من دراساته في التراث الثقافي العربي, بضوء النظرة العلمية (الماركسية) فكانت من أوائل الدراسات التي تكتب بهذا الضوء في هذا الميدان. كما بدا في المجلة نفسها ينشر سلسلة دراساته النقدية في الأدب الواقعي الجديد. كما أسهم في أداء الدور نفسه في مجلة الطريق.
اشترك في معظم مؤتمرات الأدباء العرب, وقدّم فيها العديد من الدراسات والأبحاث. وقد اشترك بنشاطات منظمة كتاب آسيا وأفريقيا, وهو عضو في الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب اللبنانيين منذ تأسيسه. كما انتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني.
منح جائزة لوتس العالمية عام (1980), وهي الجائزة التي تمنحها منظمة كتاب آسيا وأفريقيا, منح وسام الآداب والفنون من هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية.
من مؤلفاته:
• "مع القافلة" عام 1952:
مجموعة مقالات في الأدب والنقد والحياة, وقد شكلت في حينه لونا جديدا في أدب المقالة. (منشورات دار بيروت).
• "الثورة العراقية" (1958): عن جذور وأسباب الثورة العراقية (تموز 1958) والظروف الاجتماعية السياسية والكفاحية التي أدت إلى انتصارها (منشورات دار الفكر الجديد).
• "قضايا أدبية" (عام 1956): مجموعة من الدراسات النقدية التي أسهمت في التأسيس لمنهج جديد في النقد الأدبي, المنهج الواقعي, وكانت حصيلة معركة على مدى الخمسينات مع أصحاب نظرية "الفن للفن" (منشورات دار الفكر- القاهرة).
• "دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي" (1956).
هذا الكتاب هو متابعة وتعميق للمعركة الأدبية الأيديولوجية نفسها, ويمتاز باحتوائه دراسات تطبيقية للعديد من الآثار الأدبية الإبداعية للكتاب من لبنان ومن مختلف البلدان العربية. وقد نال هذا الكتاب جائزة "جمعية أصدقاء الكتاب, عام 1956". للكتاب طبعتان, الأولى عام 1956 عن دار مكتبة المعارف, بيروت. والثانية عن دار الفارابي عام 1976.
• "دراسات في الإسلام" بالاشتراك مع آخرين. 1979: وهو كتاب ينظر إلى الإسلام في بعض عهوده القديمة والحديثة, بضوء المنهج المادي/ الديالكتيكي. ويقدّم تفسيرا معاصرا للدور التقدمي الذي أدته بعض الحركات الإسلامية. (منشورات الفارابي)
• "النزعات المادية في الفلسفة العربية- الإسلامية" (1978): هو انجازه الكبير, صدر منه جزآن بحوالي ألفي صفحة من القطع الكبير: هذا الكتاب يشكّل عملا تأسيسيا في مجال البحوث التراثية العربية المعاصرة, يقدم معرفة علمية جديدة بالتراث الفكري الفلسفي العربي, إذ ينظر إلى مكانه من اللحظة التاريخية في خط تطور المجتمع العربي- الإسلامي خلال العصور الوسطى. ويشكّل إلى هذا عملية مسح معرفي لخطوات ونقلات تاريخية للعرب يتفاعل خلالها التطور الاجتماعي والتطور الفكري, منذ الجاهلية حتى القرن الرابع الهجري. (منشورات دار الفارابي).
• "الموقف الثوري في الأدب" (1980): يتناول فيه بالدرس والتحليل علاقة الأدب بالثورة". ويلقي الضوء على حركة التحرر الوطني العربي والأدب العربي. وعلى أدب الأزمة اللبنانية (1975-1976), وعلى أدب الثورة الفلسطينية, وعلى أدب المقاومة, وعلى أدب حربي حزيران, واوكتوبر, وكذلك يبحث فيه بين الفن والعلم, كما ويتناول فيه الموقف الثوري من التراث والموقف الثوري من التراث في الدين والفلسفة. (منشورات الفكر العربي).
• "دراسات في الفكر والأدب"- تحرير "محمد دكروب" (1993) الكتاب مجموعة دراسات, جمعها "محمد دكروب" بعد اغتيال حسين مروة يتناول فيها "محمد مروة" جملة من القضايا الأدبية: مشكلة المضمون, في الأدب العربي المعاصر. نحو أدب جديد, واقعية الواقعية, علاقة السياسي بالأديب في المجتمع العربي. نظرية "رئيف خوري" الأدبية. وغيرها من الدراسات الهامة. (منشورات دار الفارابي).
• بعد الظهر من يوم (1987-2-17), اقتحموا بيت حسين مروة- ذوو النزعة الطائفية المعادون لكل مشروع وحل وطني في لبنان- وأطلقوا رصاصة واحدة على رأسه اخترقت جمجمته, ففارق الحياة وهو في السابعة والسبعين من العمر(1).
ب: "حسين مروة" في حياته ونقده:
* ليس بوسع المرء حينما يفكر بشخصيات من طراز حسين مروة, الا ان يجد نفسه امام عوالم رحيبة خصيبة تحفزه بعمق وتواضع على التامل في اعقد المسائل الفكرية المنحدرة من التاريخ والتراث العربيين. (2)هذا امر تتضح صحته حالما نتقصى السيرة الذاتية لحسين مروة باوجهها الفكرية والعلمية والتطبيقية. فهذه تشير بوضوح لا لبس فيه الى شخصية المفكر المناضل, والمناضل المفكر.
* وحسين مروة شخصيته تأسرنا بجاذبيتها وعطفها وعقلها المتزن الواعي. شخصيته مسكونة بهموم شعبها, تطمح الى رفع الضيم عنه وزرع بذور اليقظة والتحرر في ربوعه(3).
* هو من مواليد العقد الاول من القرن الماضي, اي انه شهد انتفاضة العالم العربي الفكرية والسياسية والثقافية. شهد معاناة شعبه كما شهد سعيه نحو الحرية والاستقلال. عاصر ازمنة القهر والقمع والظلم, كما عايش الانتفاضات والثورات والتفتح. عاش زمن الردة, كما عاش زمن الصعود, فكان لكل ذلك تاثير في مسيرته العلمية والثقافية والفكرية, نظرية وممارسة, وكانت حصيلة ذلك كله بناء فكريا ادبيا تقدميا شامخا شاده حسين مروة مع اخوان له سلكوا مسلكه كرئيف خوري وعمر فاخوري ومحمود امين العالم وعبد العظيم انيس, فاتمّ هو المسلك وعمّقه وجذّره.
* عرفنا حسين مروة كاتبا سياسيا مناضلا واديبا مفكرا وانسانا, ولا يمكن التفريق بين شخصية حسين مروة كاديب وكسياسي وكانسان, فهو جماع ذلك كله. يلتقي فيه الكاتب السياسي بالاديب المفكر, بالانسان في وحدة يحكمها الالتحام في حياته بين الفكرة والعمل, بين نشاطه المادي ونشاطه الروحي(4). ومن هنا فان الكلام عن جانب واحد من جوانب هذه الشخصية الموسوعية, لا بد له ان يمس من قريب او من بعيد سائر الجوانب الاخرى في شخصيته المتكاملة.
* وكي يتسنى لنا الحديث عن حسين مروة, وكي نستطيع فهمه وتثمين دوره وما اعطاه, لا غنى لنا من ان نلم ولو يسيرا بالحياة التي عاشها, كي نكون منصفين في حقه. اذ ان اثمن ما اعطاه, واعظم ما الفه هو حياته في تناميها وتطورها, في نضاله وهو رب عائلة من اجل ان يعيش, في تغلبه على الظروف والمحيط, في سهره كي يشق طريقه وينفلت من عقال التقاليد, في سعيه المتواصل من اجل المعرفة والتحرر من ظروف الاستلاب الطبقي, في ادراكه لحركة تطور التاريخ واندفاعه للوقوف في خط سيرها الامامي.
* ولد حسين مروة ونشا في قرية نائية من قرى جبل "عامل" بجنوب لبنان, في اسرة دينية, وفي محيط يحكمه استبداد الاقطاعيين من الداخل, وحكم الاجنبي من الخارج. وحين شبّ التحق بجامعة النجف لدراسة اللاهوت الاسلامي. وهناك انصرف لطلب العلم وسط جو يصفه بالاحتباس والتزمت, وضيق الافق الثقافي, والعجز عن فهم المعرفة على حقيقة معناها وكما ينبغي لها ان ان تفهم. وكان لبعض كتاب تلك الفترة وشعرائها العصريين في مصر والعراق اثر في تفتيح عيني حسين مروة على حقيقة واقعه, فاخذ يقابل بين ما يكتبه هؤلاء العصريون من اراء وافكار حية متجددة وبين ما يمده به نظام الدراسة النجفي من تعاليم اقل ما تتصف به الانغلاق والتحجر والجمود والمراوحة ضمن الاطار السلفي بجوانبه النازعة الى الغيبية والمثالية والاتجاه الجبري والاقطاعي, والنظرة المنكفئة الى الوراء, فضاقت نفسه بهذا الجو الذي فرض عليه بسبب ظروفه, ووقع من جراء ذلك في دوامة الصراع داخل ذاته بين ان يذعن للنظام وتعليمات اهله, وبين ان يرفض هذا النظام ويجابهه ويخرق جدار التزمت الذي يحاصره ويخرج من قيده ويتخطاه متحررا من مفاهيم الفكر السائد فيه(5).
* من اجل ذلك عانى حسين مروة عذابا, عالجه بالصبر, الى ان نفد صبره, وقرر ان يضع حدا لهذه المعاناة, وهكذا كان, فكانت نقلته من النجف الى بغداد هي المنعطف لخط جديد من التطور في مسيرة حياته شعر على اثرها كانه انتقل من عالم الى عالم.
* في بغداد عمل في التدريس, ولكنه وهو يكدح لم يكن بمعزل عما كان يحدث في العراق بين قوى شعبه الوطنية والتقدمية والديمقراطية والنظام الرجعي الملكي وقادته واجهزتهم القمعية. وكانت البلاد العربية انذاك بين ريحين متعارضتين: ريح الاستقلال الوطني يظفر به شعب سورية ولبنان, وريح الامبريالية والصهيونية تستعد لاغتصاب فلسطين. فوقف حسين مروة بشرف الى جانب قوى التحرر, ووجد في الكتابة للصحف الوسيلة للتعبير عما كان يجيش في نفسه من حماس, فضاقت في كتاباته السلطات العراقية فارجعته قسرا الى لبنان, وكانت هذه العودة منعطفا جديدا اخر ولكن حاسما في تاريخ حياته نحو الانضمام لحزب الطبقة العاملة واتخاذ الماركسية موقفا فكريا له. واختتم عهد وبدا عهد(6).
* في لبنان اضيئت له الطريق. وادرك بهدي الفلسفة التي اعتنقها حقيقة التناقضات التي كانت تتصارع في مجتمعه واستوعب تحولات عصره وانحاز الى الجانب الثوري الذي تحويه هذه التحولات وجاهر بالوقوف الى جانب الاطوار الجديدة, مؤمنا بالنظرية القائلة ان التطور هو السمة الوحيدة لحركة التاريخ وليس هناك من تكوين جامد, بل كل شيء هو في تطور مستمر, والسعادة ممكنة على الارض, والناس هم صانعو القرار.
*منذ تلك الفترة اضاءت هذه الافكار اعماق كاتبنا وسرت في دمه وكيانه, واصبحت طريقته في التفكير, وتحولت من ثم الى نهج له في السلوك والممارسة, فحمل رايتها وخرج الى الساحات يناضل في سبيل العصر الذي سوف تتفجر شموسه يصرخ لتستيقظ امته من غفلتها, ان الفجر سيطلع وما من قوة ستمنع الثائرين من دك اسوار الحصون والقلاع ليمهدوا له طريق سطوعه(7).
* لاكثر من نصف قرن من الزمن وحسين مروة شاكي السلاح, يدافع في العقدين الاولين منه ضد المفتريات والاراجيف والضلالة, ويرسم في السنوات الثلاثين الاخيرة قبل اغتياله المستقبل, ويسهم في الاعداد للثورات المقبلة, يجاهد لينبت للوطن ربيع جديد.
* كان حسين مروة اذن نشيطا نشاط الحياة ذاتها, ولقد كانت حصيلة هذا النشاط مجموعة كتابات تتوزع بين ادب النضال السياسي, وكتابة النقد الادبي, ودراسة التراث الفكري العربي والاسلامي في حركة تطوره منذ الجاهلية حتى اليوم(8).
* هذه المقاربة مهما حاولت ستظل قاصرة لأن حياة وفكر حسين مروة يحتاجان الى الكثير. ولكن جل ما تطمح اليه هو ان تكون في ذهن القاريء فكرة عامة عن دوره, وكي لا تتشظى ساسيجها بجانب واحد في رأيي هو الاهم في مسيرة عطاء مروة, وهو تتبع نقده الادبي, املا ان ارسم نهجه وان ابين دوره الريادي وان اجلو بعضا من ميزات نقده العميق الاصيل.
* في مجال النقد الادبي كتب حسين مروة صفحة جديدة في تراثنا النقدي المعاصر, وقد تبلورت نظريته النقدية في كتابيه: "قضايا ادبية" و "دراسات نقدية", اللذين ناقش فيهما المستوى النظري والتطبيقي وكافة النقاط التي لا تزال تشغل جانبا مهما من تفكيرنا فيما يتعلق بنظرية الادب واصول علم الجمال.
الاول منهما كان حصيلة المعارك التي خاضها طوال الخمسينات مع اصحاب النزعات المثالية والرجعية في الادب, مع اصحاب نظرية الفن للفن, ويغلب عليه الجانب النظري للمنهج الواقعي في فهم الادب وتفسيره ونقده.
والثاني هو متابعة وتعميق للمعركة الادبية والايديولوجية نفسها في الجانب العملي التطبيقي لهذا المنهج, وذلك من خلال دراساته للعديد من الاثار الادبية الابداعية لشعراء وكتاب من لبنان ومن مختلف البلدان العربية(9).
*والمساءلة التي ترتفع, لماذا هذا الاهتمام بالنقد الادبي؟
الاجابة عن السؤال يعطيها حسين مروة نفسه حيث يقول: من الظاهرات الملحوظة في حياتنا الادبية في لبنان, غياب وجه النقد عنها حتى وقتنا هذا ويتابع مفصلا: لا اعني بذلك ان ليس للنقد وجود في حركة النشاط الادبي عندنا, او ان وجوده لا يستوي مع سائر ظاهرات النشاط هذا...
بل ما اعنيه هو النقد المنهجي ويقصد بقوله: النقد المنهجي هو ما يكون مؤسسا على نظرية نقدية تعتمد اصولا معينة في فهم الادب, وفي اكتشاف القيم الجمالية والنفسية والفكرية والاجتماعية في العمل الادبي(10).
واعتماد هذه الاصول يقتضي من الناقد ان يتجهز كذلك بقدر من المعرفة تتصل بشؤون النفس الانسانية وقوانين تطور المجتمع وطبيعة العلاقة بين هذه وتلك, وفهم الشخصية الانسانية في ضوء هذه المعرفة بالاضافة الى الالمام-ضرورة- باهم قضايا العصر التي تساعد معرفتها الناقد على تحديد موقف العمل الادبي تجاه القضايا فكرية كانت ام اجتماعية ام فنية. وبدهي ان يكون في جملة الفصول التي تعتمدها المنهجية النقدية ثقافة وافرة راسخة تمكن الناقد من البصر بالخصائص التعبيرية بلغة الادب وبالعلاقات الرمزية القائمة بين الكلمة ومعناها او بين العبارة ومضمونها(11).
*ولكن سؤالاً آخر يرتفع، أليست هناك خطورة في إتباع منهج نقدي محدد؟ بمعنى ألا يؤدي التزام المنهجية في النقد الأدبي إلى نوع من الميكانيكية في عمل الناقد؟ أي أن الناقد الملتزم نهجا معينا لا بد أن يُخضع كل عمل فني أدبي ينقده إلى مقاييس ثابتة جامدة يرسمها له المنهج الذي يلتزمه، بحيث يقول في هذا العمل الأدبي ما يقوله في ذاك، بصور من التكرار الآلي الرّتيب فيتجمد النقد بذلك، وتتجمد شخصية الناقد وتتعطل عنده حساسية التذوق الجمالي ، وعندئذ تنشلّ حركة النقد الوظيفية وتنتفي منه الفائدة والغاية.
* عن هذا السؤال النابع من خطورة المنهجية في النقد يجيب "حسين مروة"، قائلا: الواقع ان مثل هذه الخطورة نابع من فهم خاطئ للمنهجية. فأول ما ينبغي ان يكون واضحا من امر المنهجية النقدية انها لا تستحق هذه الصفة، إذا هي قامت على اسس او على مقاييس ثابتة ثبوت جمود او تحجّر. وانما تستحقها – أي صفة المنهجية -، حين تكون الاسس والمقاييس هذه ثابتة من حيث الجوهر، متحركة متطورة متجددة متنوعة من حيث التطبيق ومراعاة الخصائص الذاتية القائمة في كل خلق بخصوصه، الى جانب الخصائص العامة المكتسبة من قوانين الحركة الشاملة المرافقة لكل عمل ادبي ذي قيمة فنية ما. من هنا يحتاج الناقد الادبي المنهجي الى توفّر الحساسية الذاتية القادرة على اكتشاف القيم الخاصة في كل أثر ادبي بذاته وبخصوصيته. وهذا يعني كما هو واضح أن المنهجية النقدية لا تقتصر على عدم انكار القيم الخاصة في العمل الادبي، بل هي ترى ضرورة وجود هذه القيم ما دامت الشخصية الانسانية ذاتها وبوجه عام متنوعة الخصائص متعددة الجوانب، بقدر تنوع الشخصيات وتعددها، ومن باب أولى ان يكون هذا التنوع والتعدد في ذات الاديب الفنان الخلاق، ولذلك ترى المنهجية النقدية ان كل عمل ادبي لا بد ان يحتوي نوعا من التجربة التي لا تتكرر عند فنان وفنان آخر، بل لا تتكرر حتى في عملين صادرين عن فنان واحد(12).
* مما تقدّم نرى ان "حسين مروة" يدعو الى نقد منهجي ملتزم يرتكز على قواعد وأصول ومقاييس ويحارب نوعية النقد الادبي الغالبة اليوم في العالم العربي والمتّسمة بالتأثرية، لأن النقد التأثري يفقد النقد وظيفته الأساسية كليا.
* فما هي وظيفة النقد في رأيه، اذن؟
ان وظيفة النقد هي تثقيف القارئ باعانته على تفهم الاعمال الادبية وكشف المغلق من مضامينها وادخاله الى مواطن اسرارها الجمالية، وارهاف ذوقه وحسه الجمالي، واغناء وجدانه ووعيه بالقدرة على استبطان التجارب والافكار والدلالات الاجتماعية والمواقف الانسانية التي يقفها الشاعر او الكاتب، خلال العمل الفني تجاه قضايا عصره او وطنه او مجتمعه، وبالمستوى نفسه هذا يستطيع النقد الموضوعي المنهجي ان يؤدي وظيفة بتبصير الكاتب او الشاعر بالقيم الحقيقية التي يحتويها عمله او يفتقدها ليكون على بيّنة مما يصنع ويخلق، او ليكون اكثر وعيا لما في موهبته وادواته ومواقفه من ممكنات او من نواقص او من اتجاهات سديدة او منحرفة، ذلك كله يعني ان النقد الموضوعي المنهجي يقوم بوظيفة مزدوجة تؤدي هي بدورها الى تطوير حركة النقد وحركة الادب وحركة الثقافة الوطنية جميعا.
تلك مهمة ثقيلة الاعباء ولكنها تمنح الناقد منزلة الانسان النافع في حقل المعرفة الجمالية الرفيعة.(13)
* هذه هي مهمة النقد المنهجي الموضوعي. في رأي "حسين مروة"، فعن أي منهج يتحدث، او بكلمات اخرى أي منهج هذا الذي يحمل مثل هذه المهمات والاعباء والهموم؟
انه المنهج الواقعي وبالتحديد المنهج الواقعي الجديد او الاشتراكي، ذلك المنهج المرتكز على علم الجمال الماركسي اللينيني.
وعماد نظرية هذا المذهب في النقد هو النظر الى العمل الادبي على انه تصوير للواقع، ولكن من خلال ذات الفنان وانفعاله به وتعاطفه معه وجدانيا. الواقع بحسب النظرية هو الموضوع او الحقيقة الموضوعية او المجتمع بمجمل ظروفه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وعمل الاديب الخلاق هو في وعي الواقع وفي كيفية التعبير عنه تعبيرا يرتفع عن مستوى الانفعال الحسّي به الى مستوى الشاعرية التي تنفذ الى جوهره وتكشف عن صفاته الحقيقية المكونة لحركة تطوره وصيرورته وتصبح من ثم شكلا من اشكال العمل الفكري المعرفي الذي يتخذ الرؤى والصور اداته المعبّرة دون المقولات والمفاهيم، ويضيف به الاديب الى الواقع واقعا جديدا من صنعه، من صنع رؤيته الداخلية له، رؤية الوعي والخيال والوجدان معا التي تمتزج فيها الذات بالموضوع وتتحقق علاقة التأثير المتبادل بينهما.(14)
* ان "حسين مروة" في توضيحه الاسس النظرية للمذهب الواقعي في الادب على هذا النحو، وفي استخدامها في المجال التطبيقي بمنهجية متحررة هكذا من (الدوغماتية) ومن الفهم الميكانيكي لعلاقة الادب والفن بالعالم المادي، انما فعل ذلك وهو مدجج بسلاح الوعي الجمالي المعرفي البالغ الحساسية واليقظة، وبيقينية العالم الراسخ في العلم، الواثق من نفسه ومن ثبات نظريته التي اجتهد ان يجلوها في كتبه ودراساته فنفى مرارا ان تكون الواقعية وهي تحتفل بالواقع تنقله نقلا آليا وأكد دور الطاقات الذاتية للفرد في عملية الخلق الفني مقررا امكانية الكتابة عن الموضوع دون ان تضيع في حدود الذات، وبيّن ضرورة الفن كقيمة جمالية عليا وكعمل خلاق يخلق من الحدث الواقعي حدثا فنيا هو شيء آخر غير الواقع وان كان هذا الواقع منبعه وملهمه. وحذّر الذين يكتبون عن المجتمع كتابات واقعية ان تجيء كتاباتهم هذه على حساب فنية فنهم وأشار باستخفاف الى الذين يتصورون الواقعية عقلانية خالصة مفرغة من الابداع والخيال والوجدان الرومنسي حيث يقول: "ان الاستغناء في العمل الفني عن الخيال يبطله".(15)
* هذه هي رؤية "حسين مروة" للواقعية في الادب وللمدرسة الواقعية في النقد، وربما سبقه اليها غيره من النقاد العرب الا ان اولئك كان احساس معظمهم احساسا ذاتيا اقرب الى الحدَس منه الى الوعي العلمي المتكامل الذي يتجلى في نقد "حسين مروة". وهذا ما يجعل الدارسين يُعدون عمله في نقده الادبي من قبيل العمل التأسيسي لنقد ادبي جديد تقدمي فكري وايديولوجي في آن.
يقول الكاتب المعروف "حنا مينة" عن نقد "حسين مروة": انه حين يتصدى "مروة" للنقد الادبي فإنه لا يتقحّم ميدانه ليقال عنه انه ناقد. لا يمتهن النقد كأداة تعبيرية تترجم عن ذاته فيما يريد ان يقول، متخذا من الذين ينتقدهم وسائل الى هذا القول. النقد، لديه عملية إبداع، كشف تقويم، ترشيد وتوجيه. وهو لا يأتي النقد قارئا للكتب، معرّفا بها، او متذوقا لها بمزاج شخصي، او متعصبا سلفا، او متزمتا، او متخبطا بين المدارس النقدية، وبين مناهج النقد، دون قدرة على امتلاك أي منها، وبغير اهلية لتطبيقه على الأثر المنقود. انه صاحب مهمة. يدرك ان مهمته جليلة وينهض بها. يعرف أن الثقافة الواسعة العميقة الشاملة، هي المؤهل الاساسي للناقد، فيتسلّح بثقافة.. لم تتوفر لناقد فرد من العرب الحديثين غيره.
ان امتلاك المفهوم الكامل، ثم معرفة التراث شعرا ونثرا، والتضلّع بالفكر العربي ومصادره ومدارسه، والالمام، الى درجة جيدة، بكل المدارس الادبية المعاصرة، والقدرة على رصد الفكرة، وتتبعها وردها الى منجمها، ومناقشتها، ثم هذه الذاكرة العجيبة، التي تسعفه في الشواهد، وهذه الموسوعة التي تمده بالمعرفة الضرورية حول أي موضوع دار الكلام عليه، والقدرة على الاحاطة، والبقاء في اطار البحث مهما اضطر الى الاستطراد، ان ذلك كله يجعل منه ناقدا جديرا بهذا الاسم، وخليقا بأن يكون صاحب منهج علمي، هو منهج الواقعية، الذي يهتدي به قارئا وناقدا ومفكرا وباحثا. وهذا المنهج كما يقول: هو الصحيح للنفاذ الى اساس الحركة الجوهرية لعملية الابداع الادبي والفني والفكري. وهو كذلك – لا يزال المنهج المتميز بالقدرة على اكتشاف كل عناصر الفعل المتبادل بين الوعي الاجتماعي والواقع الاجتماعي، ان هذه المميزات للمنهج الواقعي هي في اساس سيرورته واقتحامه معظم القلاع الباقية رهن سيطرة المذاهب النقدية التأثرية والميتافيزيقية.(16)
* هذه هي رؤية "حسين مروة" للنقد بشكل عام، وهذه هي مفاهيمه ومنطلقاته فكيف طبّقها في نقده؟ بمعنى ما هي خصائص نقده؟
اولا وقبل كل شيء، كان "حسين مروة" في نقده يؤمن بأن العمل الادبي لا يمكن ان يُسلخ عن الظروف المحيطة به. "ليس هناك فنّ يتخطى تاريخيته"(17) يقول. فقد آمن ان كل وجود فردي هو وجود طبقي اجتماعي. لا وجود للفرد خارج طبقته الاجتماعية التي ينتمي اليها بوضعيته المادية او بوعيه، لذلك فهناك علاقة بين الأثر الادبي والواقع الاجتماعي. (18)
ثانيا، آمن "حسين مروة" بأن العمل الادبي هو التحام الشكل والمضمون معا. بحيث تكون هناك علاقة قائمة بينهما، أي انه لم يكن يفصل بين الشكل والمضمون، فليس الشكل وحده معيار الحداثة، بل هو والمضمون الحديث معا. وحالات انفصام الشكل عن المضمون هي حالات الانقطاع بين الشاعر والحياة.(19)
ثالثا، كان "حسين مروة" يرفض الغموض، حيث يقول: اننا نرى الآن موجة خطيرة تجتاح ادبنا العربي الحديث ولا سيما الشعر منه، هي موجة الغموض. اننا نعدّ الغموض موجة خطيرة نعاديها ونكافحها حين يصبح الغموض غاية لذاته وإغرابا متقصدا. وحين يصبح لا غوْصا ولا رحيلا الى الاعماق والاسرار، بل هروبا من الغوص والرحيل وتهويما في الفراغ وايهاما بما لا وجود به.(20) وتقوده مشكلة الغموض الى قضية العلاقة بين الفن والجماهير، ويناقش عندئذ ادونيس في رأيه حول هذه القضية (21)، ليقول فيه: يكفي ان نقول انه بعيد عن معاييرنا في تحديد ما هو تقدمي في الادب.(22) رابعا، لقد كان الفكر النقدي عند "حسين مروة" عملية متنامية وقد تبدأ تسليما بمنطلق خاطئ لتصل منه الى نتائج سليمة، وهي خير من وضع الاساس النظري اولا ثم البناء عليه، وان كان الاساس النظري في الحالتين مستقرا ثابتا ابتداء لأن أي سؤال يطرح يؤدي بالباحث الى فرز الاشياء بحيث تقف الواقعية والاشتراكية وحدها في مواجهة كل شيء آخر، وتتسم هذه الطريقة بالكشف المتدرج وتتغلغل في تدرجها الى دقائق هامة لم تكن لتتكشّف لولاها.(23)
خامسا، في نقده بحث "حسين مروة" عن الانساني وعن الفردي وميّز بينهما، فقبل الاول ورفض الثاني، لأنه رأى في الاول عنصرا من عناصر خلود الأثر، ورأى في الثاني عنصرا من عناصر ضعفه ومحدوديته وهذا العنصر: عنصر الانساني مقابل الفردي، معيار نقدي اساسي في منهجه يعتمده في تقويم الأثر الادبي ويرى اليه به. لذلك رفض "حسين مروة" من منطلق منهجه كل عمل ادبي عدميّ ومجرّد ومطلق، أي أنه رفض كل ما هو مثالي في هذا الحضور المادي للواقع وما يغيّب حقيقته.(24)
* هكذا رأينا مما تقدم ان "حسين مروة" ناضل من اجل نقد موضوعي منهجي فكرا وممارسة، نظرية وتطبيقا. فكان علم الجمال الماركسي رائده والواقعية الجديدة منهجه، ومن يسترشد بهما لن يضلّ، وهكذا ما ضل ابو نزار في فكره ولا وهن في ممارساته، وأكبر دليل على ذلك استشهاده بأيدي الغادرين عام 1987.
- الإحالات -
1. محمد دكروب، شخصيات وادوار في الثقافة العربية الحديثة، مؤسسة الابحاث العربية، بيروت، 1987
2. طيّب تيزيني: حسين مروة، مقال: حسين مروة مفكرا مبدعا، دار الفارابي، بيروت، 1981. ص31
3. احمد ابو سعد: حسين مروة، مقال: حسين مروة المنهج والطريق. ص 97
4. ن.م. ص98
5. ن.م ص100 وراجع دكروب ص 20 وما بعدها
6. ن.م. ص100 وما بعدها وكذلك دكروب ص 21
7. ن.م. ص101 وكذلك ركروب ص 21
8. عن نضاله السياسي راجع مهدي عامل، كتاب حسين مروة شهادة في فكره ونضاله، دار الفارابي، بيروت، 1981 ص 37، ومحمد دكروب ص 153 عن نقده راجع يمنى العيد ص 111، واحسان عباس ص 61. عن دراسة التراث عند حسين مروة، راجع محمود امين العالم ص 13، وطيب تيزيني ص 31، وكذلك راجع مجلة ادب ونقد عدد (31) (1987)، مقال محمود اسماعيل ص 18 وما بعدها.
9. ابو سعد، ص 104
10. حسين مروة، دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي، مكتبة المعارف، بيروت، 1972، ص 5
11. ن.م. ص6
12. ن.م. ص 7 – ص 8
13. ن.م، ص 8 – ص 9
14. ابو سعد، ص 104
15. ن.م. ص 105
16. حنا مينة، ادب ونقد، مقال، من يرسم الطيبة، عدد 31، 1987 ص 31 – ص32
17. حسين مروة: دراسات نقدية، ص 279. مصدر سابق
18. يمنى العيد: حسين مروة، مقال: حسين مروة والمنهج الواقعي في النقد الادبي، مصدر سابق، ص 118
19. احسان عباس: حسين مروة: مقال: النقد عند حسين مروة: بين المنهج والتطبيق، مصدر سابق، ص 70
20. حسين مروة: دراسات نقدية، ص 250، مصدر سابق
21. عباس، ص 68، مصدر سابق
22. مروة، دراسات نقدية، ص 250، مصدر سابق
23. عباس، ص 68، مصدر سابق
24. يمنى العيد، ص 115، مصدر سابق