الثلاثاء، مايو 12، 2009

شعرية التعدد في احتفالية جمالية خاصة بعيد الكتاب بثانوية أبي بكراللمتوني الخصوصية بطنجة



عبد السلام دخان

نظم نادي الثقافة والتواصل بثانوية أبي بكر اللمتوني الخصوصية بطنجة أمسية كبرى احتفاء بالكتاب الشعري المغربي وذلك مساء يوم الجمعة 08/05/2009 بقاعة عبد الله كنون بالثانوية. واعتبر مدير الثانوية الأستاذ محمد اقريفة أن الاحتفاء بعيد الكتاب ينبع من استراتيجية تربوية تهدف إلى جعل الثقافة لبنة أساسية في المنظومة التربوية ودعامة للتنمية، واعتبر أن الثقافة تساهم في ترسيخ وتأصيل قيم المواطنة والواجب والمسؤولية، فالهدف هو التشجيع على القراءة مما يساهم في تكوين كفايات، تربوية، وتعليمية، وثقافية، لتدعيم أسس التنمية المستدامة. فالمؤسسة بإشراف المربي الفاضل البشير الحناط، والأستاذ محمد الحجاج، والإطار الإداري وعلى رأسهم محمد اغزيل.تهدف إلى الانفتاح على الثقافة المغربية والعربية والاحتفاء بالكتاب الإبداعي، بهدف ربط المدرسة بمحيطها العام على نحو متزن ومسؤول. واعتبرت التلميذة علية الرايصي رئيسة نادي الثقافة والتواصل أن هذه الأمسية تشكل استمراراً للعمل الثقافي الذي يقوم به النادي داخل فضاء المؤسسة بوصفها مكوناً أساسيا ًفي عملية التكوين والإبداع من أجل تطوير الذات، وهو ما تجسد في أنشطة كثيرة أنجزها النادي حول مواضيع مثل محاربة التدخين، التعريف بالإيدز، الهجرة السرية:الأسباب والحلول، المرأة ودورها في التنمية الشاملة، احتفاء خاص بخمسينية السينما المغربية.

وقد أدار أشغال هذا اللقاء الباحث عبد السلام دخان الذي اعتبر أن الغاية من تنظيم هذه الأمسية هي بث الروح في أوصال الحياة الثقافية .وهو ما ترجم في دعوة المؤسسة لعدد من الشواعر والشعراء من مختلف مناطق الوطن للاحتفاء بالابداع الأصيل.وقد جمعت هذه الأمسية بين حساسيات شعرية مختلفة من أرخبيلات متباعدة ،فكانت البداية مع الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس التي راكمت منجزاً شعرياً مند تسعينات القرن الماضي، قوبل بحفاوة نقدية كبيرة. وقد صدر لها سنة 2004 ديوان ( لوعة الهروب) المغرب،و سنة 2008 ديوان (بين ذراعيْ قمر) مصر،ولها قيد الطبع ديوان ( شهوات الروح)، واعتبرت أنها تشعر بغبطة كبيرة عندما يتناغم المتلقي مع قصائدها و أن تفرّغها للشعرلم يذهب هباء منثورا.و كونها أنثى في مجتمع ذكوري بامتياز كان من الطبيعي أن تواجه بعض العراقيل التي زادتنها إصرارا على مواصلة طريقها، فمن يحمل النور في أعماقه لا يمكن للجدران أن تحجبه.كما أنّ هذه الحفاوة التي استقبلت بها بهذه الثانوية المتميزة لهي دليل قاطع على أنّه مازال للشعر متذوقوه.وقد كتبت-تضيف فاطمة الزهراء بنيس-بين ذراعي قمر لأني أحسست فعلا أني بين ذراعيه.ثم أهدت الشاعرة للجمهور النوعي الذي تشكل من شعراء وأساتذة وطلبة وطالبات جديد إبداعاتها الشعرية المتسمة بالشفافية والدقة في التصوير الشعري المعتمد على طاقة بلاغية قائمة على توظيف التشبيهات والاستعارات من أجل قصيدة طافحة بالحياة.مثل قصيدتها المعنونة ب: "مسبحا بنعمة الطيش"،والتي نالت بها الشاعرة جائزة الشعر في المسابقة التي تنظمها مؤسسة النور للثقافة والإعلام بالسويد.

"حينما اجتُررتُ عكسَ قدميَّ
اختفيتُ
على جناح آسر تجليتُ
رفرفتُ..... غنيتُ ..... رقصتُ
عشقتُ....بكيتُ ..... فكتبتُ
عن سفري المفاجئ إلى موت يحتمل الحياة
عن نعمة الطيش في بلاد الصفر
عن لوعتي بالهروب
عن هطول القمر
عن التفاح الذي كان حلما و صار مصيرا
عن انجرافاتي
عن ابتهالاتي
عن انكساراتي
كتبت"

بعد ذلك كان الموعد مع الكاتب العراقي الدكتور فاضل سوداني المغترب بالدانمارك والذي عمل مخرجا وممثلا لسنوات طويلة في العديد من المسرحيات العالمية في مختلف البلدان ولمؤلفين مختلفين عالميين وعرب .وساهم في إلقاء المحاضرات والدراسات في مختلف المهرجانات المسرحية وانتدب للمساهمة في الجامعات والمختبرات المسرحية .وعرف فاضل سوداني بدعوته إلى كتابة النص البصري في المسرح والعمل على تحقيق ذلك ضمن امكانيات مايدعوه بالبعد الرابع لفضاء العرض المسرحي ، وكذلك تحقيق المسرح البصري و تطوير عمل الممثل من خلال تدريبه عن طريق الذاكرة البصرية المطلقة لجسد الممثل وعلاقتها بالأشياء والفضاء المسرحي ، وتحقيق ذلك مع طلبة المعاهد المسرحية والممثلين عموما ، من خلال اقامة العديد من المختبرات work Shop لتدريب الممثل .وتحدث عن الشعر العراقي وتجربته الإبداعية في المنفى بحثاً عن مايسميه تذوق الحياة وقدم للحضور قصيدة بعنوان تعاويذ شعرية بطنجة.

"طنجة نجم ساري
ومحجرين من ليلك
وزمرد ولازورد .
إكليل شوك للعابرين في ليلها ،
كاهنة تنبثق من اللامكان
لتنغمر في بحر لا متناه .
في أي كوكب دري
تزاحمت ِ مع الممسوسين
كمّهرة متصوفة تلوذ خجلة
بين الزهور، ؟"

كلمة الشاعر محمد أحمد عدة الإعلامي المقتدر بإذاعة طنجة العالية ، والعضو الفاعل في عدة جمعيات مدنية ركزت على سمات الشعر المغربي وجمالياته الجديدة خاصة لدى كتاب قصيدة النثر،وقد أبان الشاعر عن متابعته النقدية الدقيقة لراهن الشعر العربي ولتحولاته المختلفة .كما برهنت قصيدته المعنونة ب: العجز في مقام لوركا عن اختياراته الفنية والجمالية .

" اشتكي من الأسماء و حروف النداء
اتبع مسيرة الشعر في دمي
فتفقدني خطاه
وتحاصرني يداه في حدود المنضدة
اصفعه فلا يدير خده الأيسر
يرمم وقوفي على عجل
ثم يصيح
سلم حيرتك للصحراء
و اشرب من الألوان
ماء العصيان"

أما الشاعرة نسيمة الرواي فقد تحدتث عن الكتابة والسفر خاصة تجربتها بكل من الأردن والبرازيل معتبرة أن السفر يمنح المبدع تجربة استتنائية، يستطيع بموجبها أن يجعل من البحر مثلا مجالا للتخييل الشعري.

"البحر حنجرة المدينة

الهدير صوتها

المد صرخة

الجزر طلقة صمت.

البحر كورال الراحلين

الغرق رغبة في الغناء."

الشاعر محمد العناز الفائز بجائزة القناة الثانية للإبداع الشعري وجائزة طنجة الشاعرة دورة عبد الكريم الطبال وصلاح عبد الصبور ، اعتبر أن استضافة ثانوية اللمتوني للشعراء الشباب سنّة محمودة لمد جسور التواصل بين الطلبة والشعراء .وفرصة للإنصات لأسئلتهم المشاكسة تذكره بلحظات عاشها بفضاء ثانوية الراشدي بالقصر الكبير، إنها إذن لحظة وفاء اتجاه المدرسة بوصفها الإنطلاقة الأولى لكل المبادرات الثقافية الإبداعية.فالشعر الذي ينساب كالماء الزلال بتعبير محمد العناز لا يتأتى فقط بالموهبة بل بالمكابدة والمثابرة وبالإنصات لتوجيهات الأصدقاء والأساتذة(مصطفى بوخزار،محمد أنقار،محمد مشبال،عبد الرحيم جيران،حميد العيدوني...)

"الأَصْدَقَاءُ الَّذِينَ رَحَلُوا،،
لاَيَبْعَثُونَ قُبَلَهُمْ
عَبْرَ الْبَرِيدِ،
أَوْ صُوَرُ الْعُبُورِ،
وَوَحْدَهَا الْجُثَثُ
الْعَائِمَةُ وَسَطَ الْيَمِّ
تُكَسِّرُ سَطْوَةَ الزُّرْقَةِ..
قَدْ تَكُونُ جُثَثِي هُنَاكَ،،
وَأَنَا فِي أَعْلَى الْهَضَبَةِ،،
أَنْتَظِرُ.."

الشاعرة نجية الأحمدي وصفت تجربتها بالرهان الصعب، فهي رغم ممارستها لمهنة الطب تصر على على كتابة الشعر باعتباره الدواء الشافي للروح من صدأ الحياة اليومية."أما القاص والمترجم نجيب كعواشي فقد تحدث عن إكراهات الترجمة خاصة وأن الشعر يتسم بخصوصيات جمالية و ايقاعية تجعل المترجم في حيرة إزاء ترجمة المعنى والصورة الشعرية والصيغ الدلالية. لكن الرغبة في إبداع نص مواز للنص المترجم تجعل من هذه المهمة المستحيلة حلم يراود المترجم لترجمة النصوص الأجمل.وقد أعقب هذه المداخلات والقراءات حوارات مفتوحة مع الأساتذة والطلاب حول التجربة الشعرية ومتخيلها وحول راهن الشعر المغربي ،وإشكال الغموض ،وعلاقة الشعر بالواقع ،والمرجعيات الفكرية والأدبية للشواعر والشعراء ،والمسافة الفاصلة بين الحياة والكتابة. وتوقيع ديوان بين ذراعي قمر للشاعرة فاطمة الزهراء بنيس .بعد ذلك زار الضيوف والتلاميذ معرض الكتاب الشعري المغربي الذي أعدته المؤسسة خصيصاً احتفاء بعيد الكتاب والذي أشرف عليه التلميذ عزيز بولربح ،وهو معرض ركز على جل الإصدارات الشعرية والنقدية مند نهاية القرن الماضي إلى بداية الألفية الجديدة.بعد ذلك سلمت شواهد تقديرية للمشاركين في الأمسية، أعقبها حفل شاي على شرف الضيوف والتلاميذ

ليست هناك تعليقات: