‏إظهار الرسائل ذات التسميات صادق مجبل الموسوي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صادق مجبل الموسوي. إظهار كافة الرسائل

السبت، مايو 03، 2008

حيدر ..النجم المدجج بالشعر ،المسكون بالعراق

صادق مجبل الموسوي
لَستُ هُنا متناولاً لحيدر النجم نقدياً واطل بقراءة على نصوصه الشعرية التي تستحق الوقوف والتأمل لما تحمل من ثقل شعري وقيمة فنية عالية في أسلوبه الشعري الذي يتفرد به.

حيدر شاعر من هذا الجنوب ومن أحفاد سومر برز اسمه شعريا في مدينته (الرفاعي) وفي بغداد شارك في مهرجانات شعرية عديدة منها
1- مهرجان كلية الاداب – جامعة بغداد عام 2003 الذي ضم خيرة شعراء العراق ، وكان فوزه بالمركز الاول مناصفة مع الشاعر حسين اقاصد
.2- مهرجان كلية الصيدلة 2001 – جامعة بغداد المركز الاول بتحكيم الشاعر الكبير محمد حسين آل ياسين .
3- مهرجان كلية المعلمين – الجامعة المستنصرية – المركز الاول
4- عدة مشاركات شعرية منها مهرجان الجواهري ، مهرجان الصدر في المسرح الوطني ببغداد 2004 ، وفي اتحاد الادباء في ذكرى رحيل الشاعر رشيد الدليمي
عرفت حيدر النجم عندما زارني الى مدرستي قبل ثلاث سنوات محملا ببضع أوراق وأسئلة كنت-وكما الآن- في بداية مشواري مع الكتابة وكان لوصيته لي اثر كبير في زيادة توجهي نحو الشعر قال"أوصيك بالشعر " فتنامت في داخلي الرغبة نحو الشعر.
لازلت أيضا أتذكر محاضرته الوحيدة لي في علم العَروض الذي عرفته من خلاله منذ ذلك الوقت بأسلوب حيدر النجم ،وهو صديق عزيز ومبدع متألق رغم إن فترة اللقاء بيننا لم تكن طويلة فقد سافر إلى بغداد ليعمل إعلاميا فيها قبل ان ينتقل إلى مملكة البحرين ليقيم هناك.
حيدر النجم ، شاعر بكل ما تحمل الكلمة من شعر له نصوصه التي تتميز بقوتها فهو له حضور إبداعي فاعل في الساحة الشعرية عندما كان هنا واستمر تألقه في محل إقامته مملكة البحرين حيث تقام له بين الفترة والأخرى أمسيات ويشارك في مهرجانات عديدة وتلاقي نصوصه أصداء إعجاب في أوساط المثقفين هناك وكذلك جمهور الشعر .
من ابرز نصوصه التي بقيت في أذهان جمهوره ومحبيه (قرابين امرأة ..لوجهها الآخر ) والتي يقول فيها :
وضاع..
وضعت أنا فيه …
إنّ الحياة بلا لغة الروح ..
ترجمة ستتيه.
.وتهت أنا
والليالي تكبّر أحساس فقدي لهوالبساتين
في إثره كلّها وله ماله ولنا؟
الدرب يأخذ دوما ولا يستردّ الهنا
مالها ولنا ؟
الأرض دوما تدور بعكس توقّعنا..!
إنّه هاهنا
كان جنبي واستأذنته دقائق ريح تمرّ على بابنا
إنّه هاهنا
وتظهر قدرة حيدر الشعرية في اجادته بتضمين بعض المقاطع أو المفردات إلى نصه بتقنية جمالية تضيف للنص روعة أخرى فهو يسطر نصه في تناسق بنائي شعري ماسكا بأدوات الشعر وعالما به يقول في قصيدته أعلاه
وفرشت روحي قبل أن تطأ احتضارك..
مزهريّــة
الكلّ يعلم أنّنــــــي
قد ذبت فيك وذبت فيّ
والكلّ يجهل وجهك المدفون في عمـق القضيّـــة
والـكــلّ نــامــوا
أنت تصحـــو كلّما هلـّت بليــــّة
(آ.. يـل جمالـك سـومري ونظرات عيـنك بابليّة)
حيدر النجم له ثراء ابداعي وتنوع وجَودة في النتاج الشعري ومن بين قصائده التي تبنى على القوة الشعرية والإجادة وكذلك الانسياب في المفردات المكونة للقصيدة قصيدة العراقي فهي من القصائد ذات الشطرين(العمودي) كما يسمونها في هذه القصيدة تحديث شعري يتزامن مع شكلها القائم على الوزن والقافية لكن الحضور للتميز الشعري الحديث وإجادة (جيل ما بعد المحنة) الذي ينتمي إليه حيدر أو هو قريب منه ،يقول مطلع القصيدة:
رحيلك عنا كان شيئا لنا مرا
وبعدك هذا خلف العوز والفقرا
ساصبر لكن لا ارى الصبر مانحي
عزاء لان الصبر قد فقد الصبرا
وانبت صخر من هواك وهذه
قلوب من اللا ادري تمتهن الصخرا
فمن لهمومي لوتنامت وفتشت
على صدرها الدافي ولم تجد الصدرا
وطافت كمجنون وألقت خمارها
تسائل من يدري وماهو بالادرى
وتمتد القصيدة بشعرها لو أردنا استعراض نصوص حيدر الجميلة فهذا يتطلب بان نضع جميع نصوصه في استعراضنا لكن اكتفي بهذا القدر من المقاطع من قصائده حين يصرخُ فيه العراق .
حيدر شاعر موقف تهزه الاشياء الكبيرة فيزفر شعرا يقول في ماحدث قبل ايام اثناء مؤتمر الكتاب العرب (هكذا سمعت الخبر على هامش اجتماعات مؤتمر اتحاد الادباء والكتاب العرب في البحرين ، من أن العراق مـَقْـصِيٌّ ، وغير عضو في هذا الاتحاد ، فعجبت كيف يمكن للشمس ان تحجبها يد ، ويقصون من ؟ أيقصون العراق ؟ الادب الشعر الفن الثقافة ؟ . لم أتمالك نفسي حتى سألت المعنيين في الاسرة ... اين دور العراق في هذه الامسية ؟ لماذا اقصيتموني من المشاركة لامثِّل بلدي قال قائل منهم انتم ... العراق مقصيون من الاتحاد .. .. جلدني جلوسي في هذا المكان دون ان ارى العراق فجاءت هذه القصيدة :
هم يعلمونَك ...
أنت نخلُ ستظلُ انت َ ..
ولن يَظَلّلوا
وتكونُ تفترع السماواتِ التي بالشمس ..
تعلوشمس بمفترق الوجود
وهم على القيعان .. ظل
وتخيفهم جدا فأنت عصىً وهم بالذل ....
طبلُوعليك يختلف المكان فإن حللت ..
هناك حلّوا انت البداية كيف يدركها الجواب وانت حلُّ)
وقد القيت ثأرا - بعد يوم واحد مما حصل - في الملتقى الثقافي الاهلي – مملكة البحرين ، في امسية شعرية مع ذكر الموقف .
في 5 – 12 - 2007 في مثل هذا وغيره يحضر بشعره ناطقا به العراق وصارخا وهنا اتوقف لنعرف عنه: ولد في قضاء الرفاعي – محافظة ذي قار المدينة التأريخية المسافرة في التاريخ في 7 \10\ 1978 وتلقي التعليم الابتدائي والثانوي في مدارسها، التحق بكلية الاداب جامعة بغداد وتخرج فيها بشهادة بكلوريوس آداب لغة عربية وشارك خلال هذه المرحلة بمهرجانات عديدة مثل مهرجان الجواهري ومهرجان الاداب وكان ظهوره الاول من خلالها رغم كتابته الشعر في عمر مبكر، وحصد الكثيرمن الجوائز في مسابقات عديدة .
ترأس وأسس مع ثلة من مثقفي مدينة الرفاعي منتدى الجواهري الثقافي الذي ضم الشعراء والمسرحين والمبدعين وساهم في اقامة المهرجانات والفعاليات الادبية والامسيات الشعرية وتقديمه لمسرحيات عديدة آخرها مسرحية ( عرس الشهادة ) ،
كتب القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة والنثر له مجموعتان شعريتان إحداهما قريبة للطبع ( قرابين امرأة لوجهها الآخر ) .عمل في الاعلام والصحافة كمحرر ومراسل ومقدم للاخبار ومقدم للبرامج في( راديو دجلة اف ام - بغداد ) وقدم برنامج همسات الذي يعنى بالشعر ، ترك حدود بلد النشأة ، وسط الظروف الامنية التي تحيق بالعاصمة بغداد ، يقيم الان في مملكة البحرين متزوج وله بنت واحدة (نَـــدْ).

الاثنين، أكتوبر 15، 2007

حين يتجول الشعر

صادق مجبل الموسوي

قراءة لنص "رحلة تفقدية في حدود الوطن" للشاعر جواد كاظم إسماعيل

في الشعرِ مساحة قد لا يمكن لأي كائن كلامي آخر أن يحمله هو مساحة تحتوي كل الانفعالات الإنسانية،هو إدراك لهذه الحياة وكما يصف البعض الشعر إن وحي أو ينبع من شيطان شعري داخل نفس الشاعر أيضا هو إدراك وان الشاعر هو الذي يطوع لغته ومفردته لينتج نصاً مع اعترافي بالقول الأول واعتقادي به في الكثير من النصوص الشعرية المؤثرة
يشمل الشعر كل الجوانب الإنسانية والأدب بصورة عامة هو جدارية لكتابة الحياة وقد حفلت كتابات الكثير من رواد الكتابة العالمية تفاصيل الحياة وحروب عقب وتجارب عديدة..الحرب نار تطاردنا منا من عاش وسط لهيبها قد يمر عليه الموت يخطف من جنبه الحرب جبهة موت محقق .
وإذا كان دون كيشوت الرجل الذي يحارب طواحين الهواء فنحن نحارب لهيب من نار وإذا كان كيشوت قد سار وراء أفكار مثالية وهو محق في إيرادها والتفكير بها فنحن سرنا وراء حماقة مجنون اشتهى الحرب ..لست بصدد أجراء مقارنة بين نص شعري عراقي يكتب في فترة من فترات حزننا المزمن كما يقول شاعره وبين ملحمة إنسانية ظلت خالدة في الذاكرة لكن اريد ان أوضح مدى تأثير الحرب في ن فوسنا بغض النظر عن تأثيرها المادي الذي حرق ما حرق من ثروات هذا البلد .
الحرب تعيش في قصائدنا ونصوصنا الأدبية لأنها مرحلة لا يمكن لها ان تمر دون ان نلقي عليها من ضوء كتابتنا وننقل حقيقة ما يجري هناك.
نحن نحارب ليس على شيء ..إذا كان همنغواي حارب في أسبانيا تطوعا ورغبة فنحن نمضي للحرب مجبرين فنار الحرب أمامنا ونار الهروب خلفنا ..الحرب التي رحنا ضحيتها وان لم يعشها بعضنا هي علامة لا يمكن إن تزول عن تفكيرنا ، الحرب في نص شعري يتجول في حدود الوطن يتفقد.. هذا ما أريد أن أسلط عليه بكلماتي هذه . فقد قرأت نصا للشاعر والكاتب جواد كاظم إسماعيل في احد المواقع الالكترونية عنوانه(رحلة تفقدية في حدود الوطن) وأعجبني كثيرا أسلوبه الجميل انه يوزعك بين مشاهد مختلفة يتنقل بتقنية شعرية يجعلك أمام حقائق الحرب .
وجواد كاظم إسماعيل كاتب عراقي سومري يحمل وجع أهله وهمومهم ويتواصل بنشر كتاباته في صحف ومواقع عراقية وعربية مختلفة .في نصه الأخير ثمة ما يدعوني للبكاء ..البكاء على أولئك الذين يودعون أهلهم وهم يمضون إلى ساحات الموت لحرب طواحين الجثث وليس الهواء ، في رحلة الشاعر التفقدية هذه أصوات تصرخ بالشعر تأخذ من الواقع مفرداتها وفكرتها هو يصور النار المنتشرة في بداية رحلته يقول الشاعر في بداية نصه :
(هناك في أقاصي الشيب
وعند تخوم الطيب
حتى حدود الدير
نار تشتعل)
فيكمل الشاعر في قصيدته ويورد أدوات الحرب ما يكون في ساحتها التي يبدو انه عاشها إلى جنب أقرانه فيقول :
(رؤوس موزعة بين الملاجىء والخنادق
رائحة البارود تملاء السماء
جثث تتفحم في فرن الخطيئة
خوذ متنائرة
قنابر
أزيز رصاص
سرف معطلة عن الحركة
سواتر تفصل جسد المدينة)
هو يورد ما يتواجد هناك في نقل الواقع ولحظته إلى فضاء القصيدة لنعيش نحن مع النص وكأننا أمام مشاهد واقعية تدور إحداثها أمامنا على الأرض،ثم يكتب الشاعر تضمين غاية في الروعة ومناسب جدا من حيث الغرض
(أناشيد تزيد من لهيب النار
( أحنة مشينة للحرب لأجل الوطن سالم يظل أحنة مشينة للحرب)
كلما نضجت الجلود
صاحت هل من مزيد..؟)

نحن نحيا حياة (الهوسة) والشعار والهزازات العروبية لا كما يقول رولان بارت "نحن نحيا حياة الصور" ففعل هذه الأناشيد والشعارات والخطابات التي تهيج عواطف المساكين وتصور لهم عدوهم التاريخي انها "احنا مشينا للحرب" حالها كما يقول سيد مكاوي الارض بتتكلم عربي وكما في نشيد السلاح صاحي وغيرها من أناشيد الحرب التي تهز في الجنود عواطفهم وتبعث فيهم حماسة من شعار .عموما. لقد كان التضمين جميل في هذا النص .كما يضمنه اهزوجة ( ياحوم أتبع لو جرينة) وغيرها .ويستمر الشاعر في عرض مشاهد من الحرب ويصور ما يجري بمفردات حافظ الشاعر على ان تكون مناسبة وقريبة إلى القارئ ومؤثرة في من عاش الحرب،
....
في رحلته الثانية أو مشهده الثاني وكأننا أمام نص مسرحي يحمل ثنائية الزمان والمكان يتحدث الشاعر مواصلا الحرب،وهو منذ البداية يريد ان ينقل لنا الملل الذي ينتاب تفكير من عاش الحرب وهو يتحدث عن نفس المكان
(رحلة ثانية:
في ذات المكان
وفي ذات المسار
عند تخوم الوطن المتشظي
عبرت الذاكرة تتفحص نزيفها
رحلة قصية
رحلة تفقدية
أليك مجددا
أليك ياندم
أليك يانزيف
أليك ياهزيمة
أليك ياكذبة
ياكذبة سرقت أعمارنا وصبانا وشبابنا)
انه تفكير كل عاقل دخل الحرب فيخاطب يائسا يا ندم/نزيف/هزيمة /كذبة ،وفعلا لقد كانت كذبة ونحن ضحيتها .

ولعل أجمل ما جذبني نحو النص هو احتوائه على مفردات قريبة
وطين حري/لبن الجاموس/رطب البرحي/زئبق العمارة/لوحات ليلى العطار/خريط الجبايش/دهينة النجف/كباب اربيل/كرزات الموصل/رائحة ابو نؤاس/رحلة السندباد/ابن زريق/عيون المها/أسوار بغداد..الخ
من مفردات منسوجة في مخيلة العراقي إضافة إلى ذكره ومن بين هذه الاشياء قصائد شعراء كبار من العراق .
ثم يتحدث في (من يشتري؟) عن أسماء عراقية مبدعة سأطل معه على بعضهم
(زيدان حمود،نعيم عبد مهلهل،عالية طالب،ناصر الموسوي،ياسر البراك،طارق حربي،بلقيس حسين،أمنة عبد العزيز،خضير ميري،أنتظار الشمري،أحمد عبد السادة،عبد الزهرة زكي ،جواد الحطاب،منذر عبد الحر،فضل خلف جبر،أكرم التميمي،أبراهيم سبتي،فاضل ثامر،عارف الساعدي،علي عبد النبي الزيدي، ،حيدر عبد الخضر،مجاهد ابو الهيل،وجيه عباس ،يحيى السماوي وهذه الاسماء اغلبها من الاسناء الفاعلة في المشهد الثافي العراقي فزيدان حمود هو ذلك الجنوبي الاسمر والقاص المبدع ونعيم هو كنز من كنوز ارض سومر كاتب بمخيلة سومرية نسجتها رؤى من هذا الطين وامنة مبدعة حقا وشاعرة رقيقة اما احمد عبد السادة فهو ذلك الجريء والكاتب الذي يفهم ويهتم وجاد لايعرف التقليد والنمطية ،وعارف الساعدي هو نخلة عراقية شامخة وحيدر عبد الخضر صديقي السومري النحيف بقوة الشعر وكلهم على قدر ثقافي كبير ولهم نتاج ابداعي واسع ومتميز .

واخيرا لا ادري ماذا جر الشاعر ليفز جرحه

(عدت اليك يا جرحي المستديم
عدت الى مرساي ألأول والأخير
الى مقهى حسن عجمي
فوجدت الكراسي تتصارع
فأودعوني سجن المجانين مجددا)

في هذا النص او(الرحلة التفقدية ) في حدود الوطن مذاق عراقي ورؤية شعرية لحرب تحدثنا عنها بقليل من الكلمات في البداية لكنها تبقى اكبر..اما الشاعر فكيف لا يبدع وهو سومري طبع اسمه بقوة في قائمة احفاد جلجامش وهو ايضا يبحث عن سر الكلمة ويقدم ابداع رائع في نص واقعي يثير فينا آلامنا المتراكمة ويوقظ حزننا المزمن
فتحيتي له على هذا النص الجميل وهذه الكلمات ليست دراسة نقدية مجرد رؤية وانطباع حول هذا النص .

Sadeq89@yahoo.com

الخميس، أكتوبر 11، 2007

الواقعية الرقمية ..المذهب القادم


صادق مجبل الموسوي
اشرتُ في مداخلة لي ضمن الجلسة النقدية في مهرجان الحبوبي الاخير (القصة العراقية ..تحولات الواقع وآفاق التحديث )الى مذهب جديد يعلن دخوله ساحة الكتابة السردية واليوم استوقفتني عدد من التجارب لاذكر هذا التنويه للثقافة الرقمية ودورها المرتقب فالتقنيات الحديثة والطفرة العصرية التي احدثتها الثورة المعلوماتية القت بظلالها على مختلف اصناف الحياة ومنها الجانب الثقافي والإبداعي ودخلت هذه التقنيات الى تفاصيل العمل الابداعي في تطور متصاعد من تزايد مستخدمي الانترنت ثم سهولة النشر الالكتروني وسرعة الامكانية في التواصل والبحث الذي توفره الشبكــة العالمية فدارت كتابات حول عوالم الانترنت الافتراضية واستخدمت التقنيات الحديثة كعناصر في البناء الروائي وخرجت من مختبرات الكتابة نصوصا سردية متعددة دارت احداثها في عالم افتراضي وظهرت عدد من التجارب في هذا المجال ،نذكر منها على المستوى العربي روايات الواقعية الرقمية "ظلال الواحد" و"شات" و"صقيع" للروائي المغربي الدكتور محمد سناجلة الذي يعتبر صاحب السبق والريادة في هذا المجال وهذه الكتابات محاولات جريئة لنسف الكثير من ثوابت الكتابة النمطية والتقليدية ولم تكن هذه الكتابة حداثوية فقط بل انبثقت من واقع حياتي جديد لفعل ابداعي يعتبر الدكتور سناجلة منظرا له برؤى ومفاهيم جديدة .
لم يتوقف الاهتمام بالثقافة الرقمية عند حدود الكتابة فأُعلن قبل اكثر من عامين عن تأسيس اتحاد كُتّاب الانترنت العرب كهيئة تجمع المبدعين العرب في هذا المجال وهو تأسيس يوحي بهمة سبقت ما كان موجود في اوقات التأسيس حيث تم تاسيس هذا الاتحاد بعد عشر سنوات فقط من التعامل العربي مع الانترنت بينما كان تاسيس اتحاد الكتاب العرب بعد ظهور الطابعة بوقت اكثر من هذا بكثير .
وامام هذا السيل المعلومات الجارف الذي وفرته التقنيات العلمية الجديدة وقفت نزعات ماضوية جعل منها البعض ذريعة لمواجهة هذا الانتقال في اخطر مثال على الردة والسلفية في واقعنا الثقافي العربي ورفض لاي تغير في نمطية العمل وان كان هذا العمل ابداعياً قابلا للتغير .
اصبحت الان رواية الواقعية الرقمية والادب الافتراضي تدخل بقوة الى الاوساط الكتابية مبشرة بمذهب ادبي جديد يستأثر النقد والاهتمام والمتابعة ويدخل فضاءات التجريب والكتابة من قبل الكتاب في العالم العربي ... انه فعلا المذهب القادم ..

الجمعة، سبتمبر 28، 2007

عَن أيُّ شَيءٍ نَكتِبُ ؟


صادق مجبل الموسوي
sadeq89@yahoo.com

تَقولُ فِرجينيا وولف رائدةُ تيار الوعي في الروايةِ "كُلُ شيء في الحياةِ يصلحُ أن يكونُ المادة المناسبة لرواية" والقول يَكشفُ عن قدرة وموهبة يمتلكها الكاتب الحقيقي فقط في تسخير كل شيء لصالح مشروعه الروائي فهو ينطلق من الحدث أو الحالة أو الفكرة ليكمل رواية بمضمون جيد ومتكاملة مِن حيث عناصر البناء الروائي وتبقى درجات الشكل والتقنيات الجماليّة والقيمة الفنية مرتبطة بقدرة الكاتب على استحضار ما لديه من تقنيات كتابية .
هنالك مَن يحلم في أن يصبحُ كاتباً، يدخل مغامرات غير واعية في عالم الكتابة منهم من لم يفلح أبداً في كتابة فصل روائي واحد مَع ادعاءه بأنه كاتب وشكله وطريقة حديثة توحي بذلك ومنهم من يكتب رواية- مثلا- دون أن نحسُ بطعمِها أو قَدْ لا نستطيعُ إكمال قراءتها لعدم تواصلُ خيوطها وتفكك سيرها السّردي ولا يمكن اعتبارها رواية أولاً ثُمَ لا يمكن عدها ضمنَ خانة الكتابة لأنَّ الكتابة الحقيقة ليست مُجرد كلمات سوداء لملئ بياض الورق وانتشار مثل هكذا كتابات يؤكدُ غياب القراءة الواعية فكان الغياب سببا لاعتلاء البعض دون استحقاق ولكن للزمن كلمته فَقَدْ ظَلتْ بعضُ الأسماءِ والأعمالِ خالدة وعالقة في ذاكرة الأجيال من دون غيرها ودخول المغامرة يحتاج إلى وعي أيضاً فعندما قررَ الروائي التركي أورهان باموق أن يكتبُ الرواية كان قَد تركَ دراسة الهندسة التي قطعَ شوطاً فيها وكذلك تركَ الفن التشكيلي حيث كان في البداية رساماً ورغم معارضة الجميع وقف باموق وترك كل شيء ليتفرغ لكتابة الرواية ومثل هذا الأمر لا يقدمُ عليه إلا ما ندر من الأشخاص وفعلا أصبحَ باموق من اشهر الأسماء الروائية في العالم وتصدرت كتبه الكتب أكثر مبيعاً وحصلَ على نوبل وباتَ حتماً على مدينته أن تستعيد اكتشافه وعلى الجميع مباركته.
تكشف مغامرة باموق عن وعيه وحرصه على الاختيار فأحسن الاختيار وفق ما أراد وسعى لأنه امتلك إرادة حقيقية حتى واصل الكتابة وأصبحت المنضدة جزءا من جسده يقول "اكتب لساعات طويلة وبشكل يومي متصل، حتى أصبحت المنضدة جزءا من جسدي"
هنالك من يدخل المغامرة في وضع اشد معارضة من ما تعرض له باموق فهاهو ماركيز لم يكن الطريق معبداً أمامه إلا بالرفضِ والأشواكِ في وقتٍ كانَ لا احد فيه يعلم إنّ بائعَ القناني الفارغةِ تفاوضُُ سكرتيرته الشركات وحقوقه عشرةُ ملايين دولار.
فعندما كان في كولمبيا كان أدباء بلده يرون فيه سوى شاب متطفل على الأدب والأدباء وكان بائعاً للقناني الفارغة متخما بالديون محملا بأوراق رواياته التي رفضتها دور النشر وكانت النصائح له "عليك إن تجد لك مهنة غير الكتابة".لم يقف هنا انطلق وواصل وحاز على نوبل ووقف يشاهده الجميع وأصبحت وسائل الإعلام تسعى للحصول على كلمة منه ...انه كاتب حقيقي ، لذلك اشتهر انه يعرف عن ماذا يكتب ..!!
كتبت هذه السطور ..
عندما سألني احد من يدعي انه كاتب، وعندما كتب كل ما عنده ..قال (ماذا اكتب؟؟)
فانطلقت من هذا السؤال الذي سمعته لأكتب هذا ..عن أي شيء ا نكتب ..وكيف كانوا يكتبون ..
وأخيرا ..الكتابة للكاتب الحقيق فقط ..

الاثنين، سبتمبر 24، 2007

النص المفتوح ... إطلالة مِن فتحة النص

صادق مجبل الموسوي
اتسعتْ بعض المصطلحات والمفاهيم ودخلت فضاء التجريب والكتابة وتصاحب مع هذا الاتساع تأثير عكسته ألازمة التي نعاني منها في مفاهيمنا التي انحرفت عن استعمالاتها في واقعنا الثقافي المعاصر والتي لم تقف عن تحديداتها، النص المفتوح من المصطلحات أو الأنواع التي مورستْ فيه الكتابة ولا نستطيع اعتباره جنساً أدبياً لأنه لا يتمتع بخصائص معينة تفرده عن سواه من أنواع الكتابة الأدبية ولا توجد شروط يقع ضمنها لذلك خرج من خانات التصنيف إلى فضاء مفتوح يجمع بين أجناس الكتابة حتى سُمي بالجنس الجامع أو جنس الأجناس ، وليس النص المفتوح كما يفهم الآن فقط على انه النص الذي لا يأخذ جنسا معينا من الأجناس الأدبية فهو أيضا ذلك النص الذي يجعل القارئ ينفتح على آفاق مختلفة من الثقافات والذكريات والمعلومات وهو من النصوص التي تحتمل القراءات التفكيكية والإحالات التي يرسمها القارئ في مثال لانتقال سلطة الأدب من الكاتب ثم إلى النص والى القارئ في المناهج الحديثة لاسيما المنهج التفكيكي الذي يختلف عن المنهج السياقي والتحليل ألتأويلي فالقارئ له كامل الحرية في البحث واللعب واستقراء المدلولات في النص. وتحدد تسمية النص المفتوح عند ثلاث معاني فالتحديد المعرفي للنص المفتوح ينطبق على النصوص لتي لا تكون لها نهاية محددة والتحديد الأخر والشائع هو انه ذلك النوع من الكتابة الذي لا يتمتع بخصائص معينة مثل الكتابات الشعرية والسردية التي تقع ضمن أجناس معينة أما التحديد الثالث فهو ما يعرف بانفتاح النص فيكون النص المفتوح هو ذلك النص الذي يجعل القارئ منفتحاً على آفاق مختلفة من الثقافات ويعتبر امبرتو إيكو صاحب الفضل في إشاعة مصطلح ا(انفتاح النص وانغلاقه) .
ونقرأ بين فترةٍ وأخرى في الصفحات أو المطبوعات الثقافية نصا على انه (نص مفتوح) ومن خلال متابعة بسيطة لما ينشر تحت عنوان (نص مفتوح) لاحظت انه فتحة للهروب من شروط الكتابة من قبل البعض دون النظر إلى شروط هذا النوع من الكتابة الذي أكثر ما يكون سيمائيا أو يحمل شبكة من الشفرات التي يقوم القارئ بفكها من تأويلية ودلالية ورمزية، ولعل ضياع الحدود أو الفوارق بين الأجناس الأدبية ألقى بظلاله على خروج تسميات مثل تسمية النص المفتوح فبعد غياب الفوارق بين الأجناس أصبحتْ هناك عدد من النصوص ذات قيمة فنية وجمالية وفنية جيدة لكنها لا تحتمل وضعها ضمن جنس معين وهذا التداخل في الأجناس الأدبية اتسعت مؤخرا فالروائي استعار أسلوب الشاعر لتكون هنالك شعرية في الكتابة الروائية وكذلك الشاعر فهناك سردية الخطاب الشعري وسينمائية ذلك هذا التداخل أنتجَّ نصوصاً أدبية جديدة ، لكن يجب أن يكون النص المفتوح على قدر جيد من المكانة الفكرية التي يحملها وليس كما تطالعنا بعض النصوص ذات الضبابية الغائمة التي لايمكن رؤية ملامحها أو الشفرات المغلقة التي لاتتوجد أدوات لفكها وهنا يبرز الدور النقدي والحاجة إليه في رسم حدود معينة ومراجعة دقيقة لهكذا مصطلحات وتسميات خشية من استغلالها واستخدام كلمة مفتوح فالنص ليدخل كل طارئ من هذه الفتحة ويعيث بعالم الأدب ..هذه مجرد إطلالة من تلك الفتحة في النص التي اخترتها نافذة للكتابة
..
sadeq89@yahoo.com

الأحد، أكتوبر 15، 2006

مقالات صادق مجبل الموسوي


لقراءة جميع مقالات الكاتب انقروا على اسمه الموجود في أسفل هذه الصفحة على الجهة اليسرى: