عـادل عطيـة
هناك من يريد أن يكون حراً لا أن يصبح حراً ، فإذا به ينهزم في بداية امتحان الحرًية ، فيجري وراء طيف الحرية ، معتقداً أنه يستطيع أن يفعل ما يريد !
وحرّية الكذب ، واحدة من الخطايا التي لا تليق بإنسان خلقه الله على أعظم صورة ، واسمى مثـال ؛ فهي لا تقف عند حدود أذية الغير، والذي يمارسها يتحدّى حتى وخزات ضميره .
قد نجد في الصحف والفضائيات من يمارس حرية الكذب ، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بمعتقدات الآخر ، ومع ذلك نجد من يجابه هذه الحرية ، ويكشف زيفها ، وخداعها ، وتأثيراتها الهدامة .
ولكني حتى هذه اللحظة ، لم أجد أحداً يواجة حرية الكذب ، التي تمارسها الفضائيات ، بوعي منها أو بدونه ، من خلال ما تبثه من اعلانات ملتمعة برّاقة ، ولكنها كالقبور المُبيّضة من الخارج وبداخلها الموت !
إعلانات كثيرة ، تخرج من عباءة الكذب ، تخدع المشاهد ، وتهز بعنف القيم والمبادئ ، التي غرسناها بإيمان وصبر في نفوس فلذات اكبادنا .
انظروا إعلاناً عن أحد منظفات الملابس ، وكيف يسكبون على قطعة من الملابس ما يلوّثها ، وكيف يصّعبون أمر نظافتها بكيّها بالمكواة ، وفي النهاية تعود القطعة أكثر نظـافة من يـوم شرائها !..
أذكر أن بعض قطرات من الحبر ، سقطت على بنطالي ، ولم أحاول اعاقة تنظيفها بأي وسيلة من الوسائل التي يتحدانا بها هذا الإعلان ، ورغم ذلك لا تزال البقع باقية وشــاهدة على خداعي !
ويمكنكم أن تقيسوا على هذا المنوال ، إعلانات أخرى لا تعد ولا تحصى عن منتجات ، تمتاز بخاماتها الرديئة ، أوتتمتع بعيوب صناعية ، وبعضها لديه أمر خفي بالتعطّب فور أن تدخل في نطاق بيوتنا !
وهنا تحضرني قصة باندورا ، التي خُلقت حسب الأسطورة الإغريقية من الماء والتراب ، ومُنحت العديد من المزايا مثل : الجمال ، والاقناع ، وعزف الموسيقى ، بينما مُنعت من فتح صندوق أُهدى لها ، ولكن حبها للفضول دفعها لفتحه ، فخرجت منـه كل شرور البشرية من جشـع ، وغرور ، وافتـراء ، وكذب ، وحسد ... أسرعت باندورا لإغلاق الصندوق ، ولكن لم يكن قد بقي فيه إلا قيمة واحدة لم تخرج ، هي : " الأمل " .
فهل من أحد يخرج هذا الأمل من قمقمه ؛ ليلامس احلامنا وتطلعاتنا ، بأن تراجع الفضائيات ما تبثه من إعلانات ، وتتأكد من صدقه قبل بثه ؟!...
الخميس، أبريل 01، 2010
حرّية الكذب
Labels:
عادل عطية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق