‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتب. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، أبريل 02، 2010

بلا عزاء لفاطمة المزروعي ،نار الشعر تحت رماد السرد

سلمان كاصد


يتساءل أي متلق عندما يقرأ ديواناً شعرياً منذ الوهلة الأولى، ما هي المفاصل الأساسية التي يتمحور حولها نصوص ذلك الديوان على المستويين الشكلي والمضموني/ المبنى والمتن، وعندما يصل إلى الإجابة عن هذا السؤال الذي أعتقد بأهميته يكون قد وصل ـ فعلاً ـ إلى فهم ما يريده الشاعر، ويفكك إلى حد معقول تلك الرموز التي يحفل بها النص الشعري في بنيته العميقة.
وفي محاولتنا لقراءة ديوان “بلا عزاء” للشاعرة فاطمة المزروعي الصادر عن مشروع (قلم) الذي يعتبر إنجازاً مهماً لدار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، لا بد أن ننوه إلى أن فاطمة المزروعي ليست شاعرة فقط وإنما هي روائية وقاصة أيضاً، وهذا يقودنا إلى موضوعة الديوان “بلا عزاء” الذي اتبع نمطاً بنائياً حديثاً بالنسبة إلى أنواع الشعر العربي وهو “قصيدة النثر”، وبالطبع يقودنا كل ذلك إلى استبصار أن الشاعرة قادرة على أن تقود قصيدتها باتجاه غير سردي كونها ساردة في مكونها الإبداعي الأول “الرواية” أي أنها تتكئ على كنائية اللغة بينما في قصيدة النثر تجمع هذه الكنائية بالاستعارة ما دامت الأولى “الكنائية” تمثل النثر والثانية “الاستعارة” تمثل الشعر، غير أنني أجد هذا الديوان يختلف تماماً عن البنى السردية التي تحفل فيها الرواية التي تكتبها، ولكن كيف يحصل ذلك؟
التأليف الشعري
عند تحديد المفاصل الأساسية التي يتمحور حولها نصوص الديوان أجد أن ما يقرب من 80 بالمئة من قصائد “بلا عزاء” تبدأ بجملة اسمية أي أنها استعارية وبما يعني أن نسبة السرد 20 في المئة قياساً إلى نسبة الشعرية في ديوان المزروعي، ولنقرأ من القصيدة الأولى لها وهي “وحدها”.
باحثة عن وجه
تمضي في شوارع المدينة العمياء
أما قصيدتها “الحياة على طريقتي” فتقول فيها:
لديّ بيت كبير بغرف كثيرة
وأحلام تتراقص بين جنبات الكتب الممزقة
أرنب زاهي اللون
وكذلك في قصيدتها “بقاء”:
حين تنام الأشياء
وتسبح الحياة في ملكوت الله
وتغلقين عينيك
ينتصب جسدي
ونلاحظ من ذلك أن استهلالات قصائدها ليست سردية أي ليست كنائية بل ترى فيها ابتعاداً عن الفعلية بعكس قصيدتها الرابعة “بلا عزاء”:
تتسرب الألوان من بين أصابعي
الأحمر.. الأصفر.. الأزرق
وأنا..
لوحة فاخرة من الوحدة فوق السرير
حيث نلحظ الفعل “تتسرب” كونه جملة فعلية يقودنا إلى نمط سردي يقربنا من بنية فاطمة سلطان المزروعي الحكائية التي تمتلك نفساً حكائياً، بينما تقربنا قصائدها الثلاث الأولى من شعرية الجملة الاسمية “باحثة عن وجه” و”لديّ بيت كبير” و”حين تنام الأشياء” وجميعها ظرفية لا تحمل من السرد شيئاً، وهذا الملحم مهم عند دراسة المهيمنات عند الشاعرة الذي أجد أن الاستعارية الشعرية هي المسيطرة لا كنائية النثر السردية التي ابتعدت عنها في هذا الديوان وهذا جانب مهم عندما ندرك قيمة التأليف الشعري في الانزياح عن الإغراق في السردية المطلقة.
مفاصل صغيرة
وفي قصيدة “بلا عزاء” التي تتكون من 4 مقاطع نلاحظ مقطعاً واحداً فقط اتبعت فيه الشاعرة أسلوباً سردياً بينما المقاطع الثلاثة الأخرى كانت استعارية بوضوح:
مقطع (2)
عندما يختلط كل شيء
مقطع (3)
في قلبي
أماكن مسكونة بالحب والكراهية
مقطع (4)
الجوع الذي لا يعرف المساء ولا رائحة البحر
ونلاحظ أن “الظرف” المكاني والزماني والجملة الاسمية بنى قارة في استهلالات الشاعرة مما أبعدها عن أن تكون ناثرة فقط بل قربها من بنية القصيدة الشعرية حتى لو كانت بشكل نثري.
هناك مجموعة من المفاصل الصغيرة الأخرى التي تتضح في أبنية قصائد الديوان وهي “التكرار” أولاً و”الضمائر القارة” ثانياًَ و”خطاب الآخر” ثالثاً..
في التكرار الذي هو عنصر شعري لازم قصيدة النثر العربية بشكل واضح منذ انطلاقتها بل وتعمقت فيها كونها قديمة مع الشعر وأصيلة في قصيدة التفعيلة استحسنتها نازك الملائكة في “قضايا الشعر المعاصر”واستقبحتها في نفس كتابها النقدي هذا.
أقول إن التكرار عنصر بنيوي في قصيدة النثر غير خال من الدلالة التي تتعمق عبر ما تضيفه الكلمات الساندة أو الشارحة للمكرر اللفظي من مثل قول الشاعرة:
الجوع الذي لا يعرف المساء ولا رائحة البحر
الجوع الذي أوقف الحياة فجأة
الجوع الذي يأكل كل الأعضاء
ذلك الجوع الذي يطعنني تحت اللحاف
يصرخ بي: تحديني أيتها الأنثى
التكرار البنائي هو “4” الجوع، والكلمات الساندة هي وصف الجوع “لا يعرف المساء” و”أوقف الحياة” و”يأكل كل الأعضاء” وكلها تشرح بالجملة “الذي يطعنني”.
كذلك في تكرار هذه الكلمة:
أتوق
أتوق لغابة تشع بضواريها
وكفى أن تشتعل الشهوة
إذ يأتي التكرار الثنائي “أتوق.. أتوق” ليمسك بالاشتعال وكأن التكرار تمهيدٌ ضروري لهذا الحال، وهنا أقول إن التكرار صفة بنائية لها ضرورة دالية في النص.
ليتني لم أكن المرأة التي تنتظر طويلاً
ليتني كنت الصمت وحده
وقد أتساءل هل بالإمكان حذف “ليتني” الثانية.. تساؤل يمكن للقارئ أن يحذفها ويقرأ من جديد ليجد هل اختلف المعنى.
كذلك:
مثلي
مثلي لا تزوره الأنامل الدافئة
أحادية الرؤية
ولقراءة كيفية تحكم الشاعرة فاطمة سلطان المزروعي بمفصل “الضمائر” نجد أنها تعمد إلى ضمائر ثابتة “قارة” منها استخدامات ضمير المتكلم الذي استغرق قصائدها بشكل واضح، وهذا يعيدنا إلى نسق شعرية قصيدة النثر التي تبدو أحادية الرؤية، حيث يتحكم الشعر بنظرته الذاتية إلى العالم، ففي قصيدتها “رجاء”.
لا تتركني خلفك
فأنا لا أستطيع أن أفتح عينيّ أمام الضوء الحارق لشمس يوليو
وأنتظر المساء
حتى أنام على الأريكة
وحيدة
وفي قصيدتها “خوف”:
عانقيني يا أمي
فأحشائي ممزقة بوحدتي
كما في قصيدتها “عبث”:
أنا في منتصف الدائرة
وعلى حوافها
الأسماء نفسها
وفي قصيدتها “بساطة” تقول:
أنا امرأة من العامة
تضم إلى صدرها طفلاً ولا تعرف الغناء أو الكتابة.
نلاحظ أن الضمير القار هنا هو المتكلم الذي يرتبط بـ “الأنا” بمعناه اللفظي والحسي، وهو يتجسد بشكل واضح في “الوحدة” التي هي عزلة الأنا عن العالم، ففي القصائد الأربع - ناهيك عن كثير منها في الديوان - نجد “أنا” الشاعرة متقدمة في الخطاب بشكل واضح، بل معلن، وهذا جزء من بنية مشروع القصيدة النثرية الحداثية، إذ العالم يدور حول ذات الشاعر.
وكي لا نطيل في قراءة الديوان وأترك اكتشاف المفاصل الأخرى للقارئ ربما لنا عودة إليه من جديد.
ولدت فاطمة سلطان المزروعي في أبوظبي وهي قاصة وشاعرة وروائية وتكتب السيناريو والمسرحية والمقالة، وهي خريجة جامعة الإمارات العربية المتحدة وتخصصت في التاريخ وآثاره ولها “ليلة العيد” و”وجه امرأة فاتنة” مجموعة قصصية و”زاوية حادة” رواية.

يتساءل أي متلق عندما يقرأ ديواناً شعرياً منذ الوهلة الأولى، ما هي المفاصل الأساسية التي يتمحور حولها نصوص ذلك الديوان على المستويين الشكلي والمضموني/ المبنى والمتن، وعندما يصل إلى الإجابة عن هذا السؤال الذي أعتقد بأهميته يكون قد وصل ـ فعلاً ـ إلى فهم ما يريده الشاعر، ويفكك إلى حد معقول تلك الرموز التي يحفل بها النص الشعري في بنيته العميقة.
وفي محاولتنا لقراءة ديوان “بلا عزاء” للشاعرة فاطمة المزروعي الصادر عن مشروع (قلم) الذي يعتبر إنجازاً مهماً لدار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، لا بد أن ننوه إلى أن فاطمة المزروعي ليست شاعرة فقط وإنما هي روائية وقاصة أيضاً، وهذا يقودنا إلى موضوعة الديوان “بلا عزاء” الذي اتبع نمطاً بنائياً حديثاً بالنسبة إلى أنواع الشعر العربي وهو “قصيدة النثر”، وبالطبع يقودنا كل ذلك إلى استبصار أن الشاعرة قادرة على أن تقود قصيدتها باتجاه غير سردي كونها ساردة في مكونها الإبداعي الأول “الرواية” أي أنها تتكئ على كنائية اللغة بينما في قصيدة النثر تجمع هذه الكنائية بالاستعارة ما دامت الأولى “الكنائية” تمثل النثر والثانية “الاستعارة” تمثل الشعر، غير أنني أجد هذا الديوان يختلف تماماً عن البنى السردية التي تحفل فيها الرواية التي تكتبها، ولكن كيف يحصل ذلك؟
التأليف الشعري
عند تحديد المفاصل الأساسية التي يتمحور حولها نصوص الديوان أجد أن ما يقرب من 80 بالمئة من قصائد “بلا عزاء” تبدأ بجملة اسمية أي أنها استعارية وبما يعني أن نسبة السرد 20 في المئة قياساً إلى نسبة الشعرية في ديوان المزروعي، ولنقرأ من القصيدة الأولى لها وهي “وحدها”.
باحثة عن وجه
تمضي في شوارع المدينة العمياء
أما قصيدتها “الحياة على طريقتي” فتقول فيها:
لديّ بيت كبير بغرف كثيرة
وأحلام تتراقص بين جنبات الكتب الممزقة
أرنب زاهي اللون
وكذلك في قصيدتها “بقاء”:
حين تنام الأشياء
وتسبح الحياة في ملكوت الله
وتغلقين عينيك
ينتصب جسدي
ونلاحظ من ذلك أن استهلالات قصائدها ليست سردية أي ليست كنائية بل ترى فيها ابتعاداً عن الفعلية بعكس قصيدتها الرابعة “بلا عزاء”:
تتسرب الألوان من بين أصابعي
الأحمر.. الأصفر.. الأزرق
وأنا..
لوحة فاخرة من الوحدة فوق السرير
حيث نلحظ الفعل “تتسرب” كونه جملة فعلية يقودنا إلى نمط سردي يقربنا من بنية فاطمة المزروعي الحكائية التي تمتلك نفساً حكائياً، بينما تقربنا قصائدها الثلاث الأولى من شعرية الجملة الاسمية “باحثة عن وجه” و”لديّ بيت كبير” و”حين تنام الأشياء” وجميعها ظرفية لا تحمل من السرد شيئاً، وهذا الملحم مهم عند دراسة المهيمنات عند الشاعرة الذي أجد أن الاستعارية الشعرية هي المسيطرة لا كنائية النثر السردية التي ابتعدت عنها في هذا الديوان وهذا جانب مهم عندما ندرك قيمة التأليف الشعري في الانزياح عن الإغراق في السردية المطلقة.
مفاصل صغيرة
وفي قصيدة “بلا عزاء” التي تتكون من 4 مقاطع نلاحظ مقطعاً واحداً فقط اتبعت فيه الشاعرة أسلوباً سردياً بينما المقاطع الثلاثة الأخرى كانت استعارية بوضوح:
مقطع (2)
عندما يختلط كل شيء
مقطع (3)
في قلبي
أماكن مسكونة بالحب والكراهية
مقطع (4)
الجوع الذي لا يعرف المساء ولا رائحة البحر
ونلاحظ أن “الظرف” المكاني والزماني والجملة الاسمية بنى قارة في استهلالات الشاعرة مما أبعدها عن أن تكون ناثرة فقط بل قربها من بنية القصيدة الشعرية حتى لو كانت بشكل نثري.
هناك مجموعة من المفاصل الصغيرة الأخرى التي تتضح في أبنية قصائد الديوان وهي “التكرار” أولاً و”الضمائر القارة” ثانياًَ و”خطاب الآخر” ثالثاً..
في التكرار الذي هو عنصر شعري لازم قصيدة النثر العربية بشكل واضح منذ انطلاقتها بل وتعمقت فيها كونها قديمة مع الشعر وأصيلة في قصيدة التفعيلة استحسنتها نازك الملائكة في “قضايا الشعر المعاصر”واستقبحتها في نفس كتابها النقدي هذا.
أقول إن التكرار عنصر بنيوي في قصيدة النثر غير خال من الدلالة التي تتعمق عبر ما تضيفه الكلمات الساندة أو الشارحة للمكرر اللفظي من مثل قول الشاعرة:
الجوع الذي لا يعرف المساء ولا رائحة البحر
الجوع الذي أوقف الحياة فجأة
الجوع الذي يأكل كل الأعضاء
ذلك الجوع الذي يطعنني تحت اللحاف
يصرخ بي: تحديني أيتها الأنثى
التكرار البنائي هو “4” الجوع، والكلمات الساندة هي وصف الجوع “لا يعرف المساء” و”أوقف الحياة” و”يأكل كل الأعضاء” وكلها تشرح بالجملة “الذي يطعنني”.
كذلك في تكرار هذه الكلمة:
أتوق
أتوق لغابة تشع بضواريها
وكفى أن تشتعل الشهوة
إذ يأتي التكرار الثنائي “أتوق.. أتوق” ليمسك بالاشتعال وكأن التكرار تمهيدٌ ضروري لهذا الحال، وهنا أقول إن التكرار صفة بنائية لها ضرورة دالية في النص.
ليتني لم أكن المرأة التي تنتظر طويلاً
ليتني كنت الصمت وحده
وقد أتساءل هل بالإمكان حذف “ليتني” الثانية.. تساؤل يمكن للقارئ أن يحذفها ويقرأ من جديد ليجد هل اختلف المعنى.
كذلك:
مثلي
مثلي لا تزوره الأنامل الدافئة
أحادية الرؤية
ولقراءة كيفية تحكم الشاعرة فاطمة المزروعي بمفصل “الضمائر” نجد أنها تعمد إلى ضمائر ثابتة “قارة” منها استخدامات ضمير المتكلم الذي استغرق قصائدها بشكل واضح، وهذا يعيدنا إلى نسق شعرية قصيدة النثر التي تبدو أحادية الرؤية، حيث يتحكم الشعر بنظرته الذاتية إلى العالم، ففي قصيدتها “رجاء”.
لا تتركني خلفك
فأنا لا أستطيع أن أفتح عينيّ أمام الضوء الحارق لشمس يوليو
وأنتظر المساء
حتى أنام على الأريكة
وحيدة
وفي قصيدتها “خوف”:
عانقيني يا أمي
فأحشائي ممزقة بوحدتي
كما في قصيدتها “عبث”:
أنا في منتصف الدائرة
وعلى حوافها
الأسماء نفسها
وفي قصيدتها “بساطة” تقول:
أنا امرأة من العامة
تضم إلى صدرها طفلاً ولا تعرف الغناء أو الكتابة.
نلاحظ أن الضمير القار هنا هو المتكلم الذي يرتبط بـ “الأنا” بمعناه اللفظي والحسي، وهو يتجسد بشكل واضح في “الوحدة” التي هي عزلة الأنا عن العالم، ففي القصائد الأربع - ناهيك عن كثير منها في الديوان - نجد “أنا” الشاعرة متقدمة في الخطاب بشكل واضح، بل معلن، وهذا جزء من بنية مشروع القصيدة النثرية الحداثية، إذ العالم يدور حول ذات الشاعر.
وكي لا نطيل في قراءة الديوان وأترك اكتشاف المفاصل الأخرى للقارئ ربما لنا عودة إليه من جديد.
ولدت فاطمة المزروعي في أبوظبي وهي قاصة وشاعرة وروائية وتكتب السيناريو والمسرحية والمقالة، وهي خريجة جامعة الإمارات العربية المتحدة وتخصصت في التاريخ وآثاره ولها “ليلة العيد” و”وجه امرأة فاتنة” مجموعة قصصية و”زاوية حادة” رواية.
http://www.alittihad.ae/details.php?id=18006&y=2010

الخميس، أبريل 01، 2010

كتاب الإدارة الرياضية

صدر عن وزارة الثقافة والإعلام بمملكة البحرين الطبعة الأولى من كتاب الإدارة الرياضية للمؤلفين الأستاذ نعمان عبد الغني من الجزائر والدكتورة لطيفة عبد الله شرف الدين من مملكة البحرين .

ويتناول الكتاب لمحة عن الإدارة الرياضية وأهميتها في حياة الرياضيين ودراسة تطبيقاتها وعناصرها ونتائجها الايجابية على أعضاء وطاقم التسيير في المجال الرياضي .
كما سعى هذا الكتاب في الوقت ذاته إلى تبيان الأوجه التي من شأنها إبراز ملامح الخصوصية في التسيير في المجتمع العربي في هذا الحقل، لاسيما وأن تحديات الرياضة المعولمة قد أثرت على مجتمعنا المتلقي لها ولآثارها عبر ثورة الاتصالات والتقانة والصورة واقتصاديات السوق الحر كجزء من منظومة كونية عارمة التأثير الآن .


الأحد، مارس 28، 2010

جديد ناعوت، عن النيجيرية: تشيمامندا نجوزي آديتشي، بالعربية



عن سلسلة الجوائز بالهيئة المصرية العامة للكتاب؛ صدرت رواية "نصف شمس صفراء" في ثوبها العربي بترجمة الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت. الرواية كتبتها بالإنجليزية الكاتبةُ النيجيرية الشابّة "تشيماماندا نجوزي أديتشي" وفازت بجائزة الأورانج البريطانية الرفيعة عام 2004.
تقع الروايةُ في أكثر من 600 صفحة من القطع الكبير، وتحكي عن علاقة حبٍّ ناضجة، بين بروفيسور في جامعة نيجيريا، ومثقفة شابة جميلة تنتمي إلى طبقة الأثرياء الجدد في نيجيريا. نشأت قصة الحب تحت ظلال الحرب الأهلية في نيجيريا، بين عامي 1967 و1970، تلك التي اندلعت فيها الصراعات البيافرية في محاولة من قبائل الإيبو الاستقلال وتكوين دولة، علمُها "نصف شمس صفراء"، رمزًا للتحرر والخروج من ظلامية النظام الفاشي المحافظ الذي كان يحكم نيجيريا آنذاك. ورغم تصوير الرواية المجازرَ والانتهاكاتِ البشريةَ العنيفة التي مورست على تلك القبائل المسالمة، إلا أن الروائية نجحت في الخروج بها من الحسّ التراجيديّ، عبر سردِها الوقائعَ على لسان طفل أسود صغير "آجوو"، بطل الرواية، الذي يخدم في بيت البروفيسور "أودينيبو".
تحمل الرواية فيضًا من أجواء الجنوب الأفريقي الساحر بطقوسه الغرائبية وشعائره الغريبة على القارئ العربي، إلا أن المترجمةَ نجحت في نقلها إلى اللسان العربي بلغة شعرية رفيعة تجعل القارئ يتوحَّد مع أحداثها، مع الحفاظ على أجواء القارة السمراء الفاتنة، كما صرّحت بذلك د. سهير المصادفة، رئيس تحرير السلسلة. خمسةُ أبطال رئيسون تدور حولهم الرواية: " أودينيبو"، أستاذ الجامعة الثوريّ ابن البرجوازية الوسطى، "أولانا"، المثقفة التي تنتمي لأبوين من طبقة الأثرياء الانفتاحيين، وتوأمتها "كاينين" نقيضُ أولانا، سيدة الأعمال التي تهوى جمع المال، ووقعت في هوى البريطاني "ريتشارد تشرشل" المتعاطف مع قضية السود، سوى إنه في النهاية سيكتشف أنه غير متورط بما يكفي في قضيتهم، بسبب بشرته البيضاء وعينيه الزرقاوين وشعره الناعم، فيترك الكتاب الذي بدأه بعنوان: "كان العالم صامتًا ونحن نموت"، ليكمله الصبيّ الأسود "آجوو"، الذي تدور معظم أحداث الرواية على لسانه، ومن خلال عينيه اللتين ترصدان أهوال الحرب والمجازر.
يذكر أن "نصف شمس صفراء" هو الكتاب السادس بين ترجمات فاطمة ناعوت، فقد سبق وأصدرت العديد من الأنطولوجيات الشعرية والقصصية من عيون الأدب الإنجليزيّ والأمريكي منها: مشجوج بفأس، قتل الأرانب، المشي بالمقلوب، وكتابين عن فرجيينيا وولف: جيوب مثقلة بالحجارة، وأثر على الحائط، اللذين صدرا مؤخرًا عن المركز القومي للترجمة.

الجمعة، مارس 19، 2010

وحيدان في الانتظار لمهند صلاحات في طبعة ثانية عن دار فضاءات



تزامناً مع تحويلها لعمل مسرحي من إخراج بني هاني:
صرح مدير دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن الشاعر والناشر جهاد أبو وحشيش إلى أن الطبعة الثانية من المجموعة القصصية "وحيدان في الانتظار" التي صدرت طبعتها الأولى عن نفس الدار عام 2008 ولاقت استحسان القراء والنقاد في الأردن والعالم العربي، للكاتب والمخرج الفلسطيني مهند صلاحات سيتم طرحها في الأسواق خلال أيام.
وأضاف أبو حشيش أن تمسك الدار باصدار الطبعة الثانية من المجموعة جاء إيماناً منها بأن المجموعة كانت إحدى الكتب المتميزة التي صدرت ليس عن الدار فقط وإنما في الأردن في ذلك العام، ونفذت حال صدورها بوقتٍ قياسي، وحققت صدىً كبيراً في الأوساط الثقافية العربية، وكذلك تحدت الحدود العربية حين أُعلن عن ترجمتها للإيطالية في العام الماضي، وهو ما يؤكد تميزها وفرادتها وقدرتها على أن تكون إحدى الكتب العربية التي تخترق الأوساط العالمية بجدارة.
يأتي الإعلان عن الطبعة الثانية من المجموعة التي سبق أن أعلن في نهايات العام الماضي صدور الترجمة الإيطالية لها للمترجمة "ميريام بوفي" التي نقلت قصص المجموعة للغة الإيطالية، متزامناً مع إعلان رسمي لتحويلها لعمل مسرحي من إخراج محمد بني هاني. جاء ذلك الإعلان فور إقرار اللجنة الاستشارية العليا للموسم المسرحي ومهرجان المسرح الأردني أسماء المشاريع المشاركة في الموسم المسرحي لعام 2010 والذي سيقدم عروضه المسرحية على مسارح العاصمة الأردنية عمّان، ثم يجري تعميمه على المحافظات الأردنية، على شكل أسابيع مسرحية خلال العام 2010، تحت عنوان "موسم الربيع"، في الفترة 14 -30 من أيار وأعلن عن هذا الإقرار بالصحافة الرسمية.
بالإضافة لأن هذا التعاون ما بين صلاحات وبني هاني ليس الأول من نوعه في مجال المسرح، فقد سبق لهما أن قدما في العام 2009 عملاً مسرحياً من إخراج بني هاني ونص لصلاحات ضمن إطار المسرح التفاعلي بعنوان "إملأ الفراغ" تم عرضه في أكثر من مدينة أردنية.
ولم يكشف المخرج محمد بني هاني عن تفاصيل تحويل العمل القصصي لمسرحي، سوى أنه أكتفى بالتصريح بأنه لن يترجم قصص المجموعة حرفياً لعمل مسرحي بقدر ما أنه سيستند للمجموعة كمرجع في تفاصيل العمل. مضيفاً في ذات السياق أن النص المسرحي الجديد الذي سيساهم فيه مهند صلاحات كدراماتورج للنص، سيسهم في أن يحافظ على روح مضامين النص الجديد الذي سيخرج من ورشة عمل ما بين المؤلف والمخرج.
يذكر أن مجموعة "وحيدان في الانتظار" التي صدرت في العام 2008، احتوت على 38 نص قصصي متنوعة المواضيع، كتبت بحرفية القاص المتمرس، وفاجئت النقاد والقراء على الرغم من كونها المجموعة القصصية الأولى للكاتب، في حين كُتبت قصصها على مدى ستة سنوات من الاشتغال عليها لتخرج بهذه الصيغة النهاية التي جعلتها جديرة بالترجمة وبتحويلها لعمل مسرحي.
وعبر القصص متباينة الحجوم ومتنوعة الموضوعات، جعل مهند صلاحات، من اللغة وسيلة جمالية أكثر من كونها غاية. كما ويشحذ صلاحات في مجموعته الواقعة في 235 صفحة من القطع المتوسط، من عزيمة ذاكرته الشابة المتيقظة. فلا تبقى لحظة من لحظات الطفولة والقرية والوادي، محصنة من التذكر، والوقوع تحت مبضع الكاتب، ومجهر رؤيته المختلف عن الرؤية العادية.
وتعكس قصص المجموعة قدرة صلاحات على الانتقال من مستوى تعبيري إلى آخر، بما يحتاجه هذا الانتقال من تغير في مستويات اللغة المستخدمة وسماتها وشعريتها أو عدم شعريتها. كما لاذ مهند صلاحات بأول إصدار قصصي له، بقدرته على التعرية، ووقف أمام مفرداته ليسخر من كل شيْ حتى من النخبة المعارضة التي تفتش عن سنتيمتر يكون بحجم طموحاتها وهي تود اخذ الأذن من الأخر، وبجدية مفرطة بسخريتها وقف على التفاصيل التي تبدو في العادة مجتزئة من سياقات نصوصنا، أو ما يمكن أن نسميها المسكوت عنها، فسلط الضوء عليها، وبذات الوقت كسر الهالات وأطفأها عن الأمور التي تبدو في نظرنا أحيانا كبيرة.

الخميس، مارس 11، 2010

فاطمة المزروعي، تنتصر للشعر، وتصدر ديوانها الأول: بلا عزاء



بعد أن كتبت في القصة والمسرح والرواية:

تواصل الأديبة الاماراتية فاطمة المزروعي، حضورها القوي في ساحة التأليف والإبداع الادبي، فبعد الاحتفال بصدور روايتها زاوية حادة آخر العام الماضي 2009، والإعلان عن ترجمتها الى اللغة الانجليزية، أصدرت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ضمن برنامجها التشجيعي للكتاب والمؤلفين "مشروع قلم" ديوان شعري بعنوان: بلا عزاء، ويقع الديوان في 51 صفحة وضم 49 نصا شعريا من شعر النثر الحديث، ومن أهم النصوص الشعرية التي ضمها الديوان: الحياة على طريقتي وليتني كنت الصمت وحده وجنازة وحب صامت وسوط المطر وطفولة وشاشة وأشياء مألوفة وعبث ….. الخ
ومن قصيدة بعنوان:ليتني كنت الصمت وحده نختار لكم هذا المقطع:

لا شيء سوى المرآة
وجسدين يمضيان متلاصقين
في ثرثرة صاخبة
العالم فارغ
وثمة عيون تراقب
تتضارب كالفؤوس
والخشية
أن يكسر أحد ما صورة الجسدين في المرآة


أريده لي
لي وحدي مثل قوس المصير
إذ .. كم سهل أن نضيع في الحياة
ولكن أن نجد قلبا ..
ذلك هو السؤال

يذكر ان ديوان بلا عزاء، هو الاول للأديبة الاماراتية فاطمة المزروعي، إلا انه سبق وصدر لها عدة مؤلفات، ففي مجال القصة القصيرة صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان: ليلة عيد عام 2003 عن دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة، ومجموعة قصصية أخرى بعنوان: وجه ارملة فاتنة، عام 2008 عن هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، وفي نهاية عام 2009 صدرت روايتها الاولى بعنوان: زاوية حادة، عن دار العين للنشر والتوزيع، وفي مطلع العام الحالي صدرت روايتها زاوية حادة مترجمة الى اللغة الانجليزية عن دار المحاكاة السورية، اما في مجال المسرح فقد كتبت المزروعي عدة مسرحيات من أهمها مسرحية بعنوان: الطين والزجاج والتي فازت بالمركز الأول في جمعية المسرحيين 2008 وحصة بالمركز الثاني في مسابقة التأليف المسرحي في دائرة الثقافة والإعلام 2009 ، كما تم عرض مسرحية الطين والزجاج على مسرح دبي للشباب 2009 ، وفي السيناريو كتبت سيناريو تفاحة نورة التي فاز بالمركز الثالث في مهرجان الخليج في دبي عام 2009 .

الثلاثاء، مارس 02، 2010

النادي الأدبي بالجوف يطلق 3 إصدارات جديدة

أطلق النادي الأدبي بمنطقة الجوف 3 إصدارات جديدة ، بمناسبة مشاركته في معرض الرياض الدولي للكتاب ، حيث يتم عرضها للجمهور في المعرض لأول مرة ، بعد صدورها هذا الشهر ربيع الأول 1431 هـ ، إلى جانب مطبوعات وجلات النادي.

ذكر ذلك رئيس مجلس إدارة النادي الأستاذ / إبراهيم الحميد مشيرا إلى أن الكتب الجديدة التي تم عرضها في افتتاح المعرض بجناح النادي ضمن أجنحة الأندية الأدبية هي :

1- غواية بيضاء/ ملاك الخالدي
2- الجرح إذا تنفس/ نجاة الماجد
3- حفرة الصحراء وسياج المدينة : الكتابة السردية في السعودية / عبدالله السفر

وقال إن الكتب الصادرة تشمل أول إصدار أدبي لديوان شعري فصيح لشاعرة نسائية من منطقة الجوف وهي الشاعرة ملاك الخالدي ، مشيرا إلى أن مقدمة الديوان أوضحت إن قصائد ديوان غواية بيضاء للشاعرة ملاك الخالدي جاءت من رحم فكرتين يصح القول أنهما متكاملتان أو متقاطعتان أو كلاهما معًا ، وهما( الغربة و الحزن ، و الوطنية الخالصة) ؛ لذا جاءت جميع قصائد الديوان في مساحة خاصة جدًا من العزف الفريد على إيقاع الألم و الأمل معًا ، و المكان و الحزن ، و الحب و الغربة ، ثم تأتي هذه الروح الاغترابية ممتزجة بروح الوطنية الصادقة ، ومن

قصيدة ( لا مكان للغرباء):

أنت غريبٌ يا (آرثر)

لا مكان لكَ في مدينةِ النِّخاسةِ هذه

كلُّ ما فيها ليس لِورودكَ البيضاء

اذهب إلى حيثُ لا دموع

حيثُ لا بُقَعٌ نتنةٌ تؤذيك

ففي هذا المكانِ تحتضرُ العصافيرُ

و يموتُ اللوتس!



(ومن قصيدة هكذا تموتُ الأزهارُ في مدينتي)

للوَجَعِ في مدينتي حكاية ..

باهظةُ الحُزن..

تفاصيلُها تسري في الهشيمِ ..

بلا ضوء ..

يَتَجرّعونَها من كؤوسهمِ النَّخرةِ ..

كأنَّهم أوثان !



وقال الحميد إن الكتاب الثاني هو ديوان الجرح إذا تنفس للشاعرة نجاة الماجد الذي يعد الديوان الأول لها ، مبينا أن مقدمة الديوان أوضحت أن أفكار الشاعرة نجاة الماجد في قصائد ديوان الجرح إذا تنفس كانت بمثابة قفزات نوعية جريئة خالفت فيها المفاهيم السائدة من حولها ، تستطيع من خلال قصائدها أن ترى كل شيء في عيون كلماتها في أثواب جديدة لم ترها من قبل ، فمن المألوف أن تفهم المعاني و الدلالات التي تحملها الأبيات و لكن من الصعب إن لم يكن مستحيلًا أن تشم رائحة الكلمات أو تنتشي بتراكيب عذرية لم يجرؤ على اقتحامها أحد قبل نجاة الماجد .

وقال رئيس مجلس إدارة نادي الجوف الأدبي إن الكتاب الثالث الذي أصدره النادي بمناسبة معرض الكتاب بالرياض وهو كتاب الأستاذ عبدالله السفر " حفرة الصحراء وسياج المدينة : الكتابة السردية في السعودية " والذي يأتي في وقت ، يعتبر مناسبا للحديث حول الرواية السعودية التي رأى فيها الأستاذ السفر في مقدمته أنه في وقتٍ من الأوقات قيل إن من أسباب قلة الرواية في السعودية هي فقدان التجربة الحياتية اليومية والمعيشية المتلوّنة والمطروقة بالساخن والبارد من أحداث. والآن نكاد نعيد القول،وهنا انتقام الكتابة، بشكل آخر هو الوقوع في " التناسخ "؛ موضوعة واحدة تنتقل من قلم روائية أو روائي إلى آخر ، موضوعة مشغولة بالسطوح وباستدرار الفقاعات التي تذهب سريعاً، دون أن تؤثّر أو تترك علامة، ينقل الرواية من مجرد كونها شاهدا ووثيقة، إلى بناء مُحْكَم؛ ممهور بصبغة الفن وحدها. تلك الميزة التي تجعل الرواية شاهدا فنيا يملك حقَّ المكوث في الضمير الثقافي والمسيرة الأدبية.

ويضيف الحميد : بهذا يعتبر الكتاب ذو قيمة عالية في نقد ودراسة وتمحيص التجارب السردية والروائية السعودية الحديثة .

وجدد الأستاذ إبراهيم الحميد رئيس نادي الجوف الأدبي بهذه المناسبة دعوة النادي لجميع المؤلفين والكتاب والمبدعين لتقديم إنتاجهم وإبداعاتهم الأدبية للجنة المختصة بالنادي سواء كان ذلك عن طريق إرسالها بالبريد العادي أو عبر البوابة الالكترونية لموقع النادي على "الانترنت" www.adabialjouf.com

وذلك تمهيد لدراستها وطباعة ما يتوافق مع شروط برنامج الطباعة بالنادي .

الأحد، فبراير 28، 2010

محترف راشيا يحتفي بإصداراته الأدبية لمناسبة بيروت عاصمة عالمية للكتاب




جائزة فيصل العمر الأدبية في إحتفال أقيم في قصر الأونيسكو بيروت وبحضور شخصيات رسمية وإجتماعية.


لمناسبة إعلان بيروت عاصمة عالمية للكتاب وجائزة فيصل العمر الأدبية وبالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية ومنظمة الأونيسكو أطلقت"جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" راشيا إصداراتها الأدبية للعام 2009- 2010 في إحتفال كبير أقيم في قاعة قصر الأونيسكو بيروت بحضور ممثل فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممثلاً بمدير عام وزارة التربية فادي يرق وممثل الرئيس سليم الحص حسن موسى وممثل رئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي النائب العماد ميشال عون الدكتورة جورجيت حداد وممثل قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ممثلاً بالعقيد فادي لبكي وممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي العقيد الياس حبيب وممثل مدير عام أمن الدولة العميد الياس كعيكاتي الرائد أيمن محمود والمطران الياس كفوري والأب مارون عطالله والنواب السابقين اللواء سامي الخطيب وفيصل الداوود والسفير رياض القنطار والشاعر جورج جرداق والفنان زياد بطرس ومانح الجائزة الأدبية الكويتي السيد فيصل العمر وأمين عام تجمع البيوت الثقافية البروفسور جورج طربيه ورئيس جمعية محترف راشيا الفنان شوقي دلال والكتاب الفائزين في الجائزة الفنان عارف أبو لطيف والشاعر نبيل أبو عبدو والشاعرة ندى أبو حيدر طربيه والشاعر غازي قيس وممثلي أحزاب لبنانية وحشد كبير من رؤساء بلديات ومخاتير ونقابيين وشعراء وكُتّاب وفنانين من مختلف المناطق اللبنانية .


بداية مع النشيد الوطني اللبناني ثم إفتتح المهرجان رئيس جمعية محترف راشيا شوقي دلال بكلمة قال فيها " من يدرك لبنان الأرز والجبال والجباه السمر ، من يدرك الخير والعطاء في تراب لبنان ، من يدرك فناً وأدباً وشعراً في هذا اللقاء ، يدرك ما تفعله الأعاصير بالمدى والريح بقلب الغاب ، والعصافير الزقزقات بطلوع الفجر ، وشهي الحب مع الصفصاف ، وأضاف دلال .. نطلق اليوم كوكبة جديدة من النتاج الشعري والأدبي في جمعيتنا محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون راشيا ومن كافة المناطق اللبنانية من خلال جائزة فيصل العمر الأدبية وهي خطوة أردناها هدية لبيروت عاصمة عالمية للكتاب لنؤكد على تميز حركة الفكر والإبداع في لبنان وبإذن الله سوف نستمر بطباعة خمسة كتب سنوية وإقامة حفل توقيع للكتب دون أي كلفة يتكبدها الكاتب "..

وإلى كلمة مانح الجائزة السيد فيصل العمر حيث قال " لبنان الحبيب هو الوطن الثاني لكل مواطن كويتي لما لهذا البلد الجميل بطبيعته وناسه الطيبين من مودة ومعزة في قلوبنا حتى أضحت عواصم لبنانية كحمانا وبحمدون وعاليه عواصم كويتية في لبنان ، وها أنا اليوم بين أهلي أقف مسروراً بكتاب وشعراء لبنانيين طالتهم الجائزة الأدبية وهو فضل يعود بالدرجة الأولى لله عز وجل ولرئيس جمعية محترف راشيا الفنان شوقي دلال وعمله الحثيث لأنجاح هذه الفكرة والتي ستستمر في المستقبل بإذن الله ، كما أن سعادتي اليوم بهذه الجائزة في لبنان تأتي متزامنة مع العيد الوطني في الكويت وعيد التحرير فتحية من القلب من إبن الكويت لكافة أبناء وطني الثاني لبنان "...

بعده كلمة الأدباء والشعراء الفائزين ألقاها الشاعر غازي قيس وقصيدة للشاعرة ندى طربيه ، وفي الختام قدم رئيس الجمعية شوقي دلال للعمر درع وفاء وتقدير ومن ثم وقع الكتاب والشعراء كتبهم الفائزة وهي كتاب للفنان عارف أبو لطيف بعنوان "حين يتكلم الطين" وكتاب للشاعر نبيل أبو عبدو باللغة الفرنسية وديوان شعر لندى طربيه بعنوان "عطر الندى" ورواية للشاعر غازي قيس بعنوان "قناديل المدينة" وتم توزيع كتاب جمعية محترف راشيا والذي أرشف لنشاطات الجمعية منذ العام 1992 ولغاية 2009 وكتاب الجمعية عن الصداقة اللبنانية الكندية بالقلم والريشة.


شوقي دلال – رئيس الجمعية

ندوة الحوارِ الثّقافيّ حولَ "صهيل" للشّاعر يحيى عطالله



آمال عوّاد رضوان

في جاليري مركز تراث البادية عسفيا، أقام منتدى الحوار الثّقافيّ ندوةً تحت عنوان "صهيل الشّاعر يحيى عطالله"، وذلك يوم الخميس الموافق 25-2-2010، بحضور كوكبةٍ من الشّعراء والمثقّفين، مُستهِلاّ اللّقاء الشّاعر رشدي الماضي بكلمةٍ ترحيبيّةٍ بالحضور، وبضيفةِ المنتدى القاصّة "دينا سليم"، ومباركة بمناسبة عيد المولد النّبويّ الشّريف لدى المسلمين، وبداية الصّوم الأربعينيّ لدى المسيحيّين، ومباركة بباكورة أعمال الشاعر يحيى عطا الله، مستشهدًا بما قدّمتْهُ الأديبة راوية بربارة للكتاب:

"إنّه ينبئ ببدايةِ مسيرةٍ شعريّةٍ، ستجدُ لها مكانًا ومكانةً في شِعرنا المحلّيّ والعربيّ".

د. فهد أبو خضرة: القصائدُ تراوحُ بينَ الكلاسيكيّة والرّومانسيّة وامتداد لهما، يحاول الشّاعرُ أن يُعبّرَ عن ذاتِهِ كفردٍ، ومن ناحيةٍ أخرى كفرد من أفرادِ الأمّة العربيّة، فكثيرًا ما يتّخذُ ضميرَ الأمّة، فيتحدّث عن كثير من المشاكل السّياسيّةِ والوطنيّة، بما تواكبُ مِن أحداثٍ بشكل موفّق، وبأسلوبٍ خطابيّ مباشر يحاولُ قوْلَ الأشياء بوضوح، ويعنيهِ أن يصلَ صوتُهُ للمتلقّي وهذه سمةٌ أساسيّةٌ بالكلاسيكيّة، يصل للمعنى الّذي يريدُهُ، فهل هذا سيّء أم جيّد؟ لمصلحةِ الشّعر أم ضدّه؟ وكيف نُحدّدُ ماهيّة الشّعر؟ عند العرب الكلاسيكيّين الشّعرُ من جهةِ الشّكلِ والأسلوبِ هو كلامٌ موزونٌ ومُقفّى ويدلّ على معنى. أمّا الباحثون غير المتعصّبين للكلاسيكيّة فيقولون، الشّعرُ هو مِن صُنْع الكلماتِ وليس مِن صُنع الأفكار وإلاّ تحوّلَ إلى مقال، فهل حقًّا لو أخرجنا الوزنَ والقافيةَ مِن النّصّ صار الشّعرُ خطبةً سياسيّة؟ يقولُ الرّومانسيّون الإنجليز: الشّعرُ لا يمكنُ أن يخلو مِن الصّور الجماليّة، فهو أجملُ الكلام في أجمل نسق، أمّا الحداثيّون فيُركّزونَ على قضيّةِ الغموض، لأنّ الوضوحَ هو نثر يحاول اتّخاذ شكل الشّعر، أمّا الشّعر فهو إيحاءٌ لا يبدأ مِن التّحديد، فهل الشّعر العربيّ القديم في معظمِهِ يبدأ مِنَ التّحديدِ والكلام المنظوم ثمّ يتّجهُ باتّجاهِ الإيحاء؟ وماذا عن الشّاعر أبي تمّام مثلا؟ الشّعرُ فيه إيحاءٌ وغموض، وإيصالُه يتطلّبُ صورًا فنّيّةً جميلةً تحملُ إثراءً، لأنّ المتلقّي يكون حينئذ فعّالاً ومشاركًا، أمّا في "صهيل" فيغلبُ أن يكون دوْرُ المتلقّي سلبيًّا، يتلقّى وينفعلُ ولا يشاركُ في بناء النّصّ. وبالنّسبةِ للشّعر العربيّ ككلّ أتساءل: ما هو مستقبلُ الشّعر العربيّ؟ لا أظنُّهُ في طريقِهِ للعودةِ إلى القديم، إنّما هو متّجهٌ أكثر مع الحداثة، وأظنّهُ يحتاجُ إلى معادلةٍ تجمعُ بينَ القديم والحداثيّ، شرْطَ أن يستخدمَ الغموضَ الشّفّاف وليس الوضوحَ ولا الإبهام.

ناظم حسّون: "صهيل" الشّاعر يحيى عطا الله يرنُّ في سمْع الورى/

إنّ الفاحصَ المدقّقَ لن يضلَّ الطّريقَ إلى شخصيّةِ شاعرِنا، مِن خلالِ قصائدِهِ الّتي تجمعُ بينَ أصالةِ القديم وروعةِ الحديث، فطابعُ شخصيّتِهِ لا يُفارقُ أشعارَهُ، وشِعرُهُ يشفُّ عن شخصيّتِهِ الّتي تعتبرُ صدًى لحياتِهِ المتمرّدةِ، ولمشاعرِهِ الّتي انطلقتْ بها مختزناتُهُ الباطنيّةُ لواقع الحياةِ وشجونِها، وردّاتٍ لانفعالاتٍ عاشَها، وعبّرَ عنها بخصائصَ تثيرُ في القارئ عاطفةً وجدانيّة. لشعرِ يحيى عطا الله مجاهرةٌ واضحة، بعيدةٌ كلَّ البعدِ عن الغموضِ والتّعتيم، وأسلوبُهُ يجنحُ إلى السّهولةِ واليُسر، فنراهُ عنيفًا أحيانًا، ورومانسيًّا أحيانًا أخرى، وهذه فضيلةُ التّناقضِ الّتي تُميّزُ الإنسانَ الحُرَّ والأصيل. فشاعرُنا متمكِّنٌ ومُلمٌّ جدًّا باللّغةِ التي أحبّها، مع إتقانٍ في الوزن ورنينٍ عذبٍ في القافية، وقد استطاعَ مِن خلال ثقافتِهِ وفِكرِهِ تطويعَ اللّغةِ لتأديةِ أغراض عديدة في معظم قصائدِهِ، ونجحَ في ذلك، فتعاملَ مع الفِكرة كما يشعرُ بها في داخلِهِ وسلوكِهِ، فوصلتْ للمتلقّي بنفسِ الإحساسِ الذي عايشَهُ، فانفردتْ قصائدُهُ بروعةٍ لا يدانيهِ فيها إلاّ القليلُ مِن شعراءِ هذه البلاد. وإذا نظرنا إلى عنوان الدّيوان "صهيل"، فما الذي يريدُ إيصالَهُ شاعرُنا للقارئ؟ الجوابُ صيحةٌ يسمعُها الورى، وقد جاءَ في نهايةِ القصيدة الّتي تحملُ عنوانَ الدّيوان.

"ما الشّعرُ إنْ لم يَسَتفِزَّ وما القصيدةُ يا تُرى/ إنْ لم تكنْ مثلَ الصّهيلِ يرنُّ في سمْعِ الوَرى"

الكتابُ الشعريُّ "صهيل" يحوي بين دفّتيْهِ 29 قصيدة، ويقعُ في 112 صفحة من الحجم المتوسّطِ، وكلُّ القصائدِ جاءتْ مؤرَّخةً بتاريخ كتابةِ القصيدة مع وجودِ تفاوتٍ زمنيٍّ بينَ تواريخ كتابةِ القصائد، والّتي امتدّتْ بينَ الأعوام 1986 حتى 2009. وعدا عن بعضِ القصائد، فيمكنُ تقسيمُ "صهيل" إلى قسمين: قصائد وطنيّة، وقصائد غزليّة. ورغم خوْض شاعرنا قصيدة النّثر إلاّ انّ شيئًا ما يشدُّها إلى التّفعيلة، حتّى وإن لم تستقم أحيانًا على بحر واحد، لكن الموسيقا انسابتْ بشكل فنّيّ تشدُّ القارئَ ليتماهى مع الصّور الشّعريّةِ بكلّ أحاسيسِهِ، فجاءتْ مخالفةً للنّظام الغالب على نماذج شاعرنا المألوفة، مثل "وجه الغريبة"، و"حبق ونعنعة"، و"الرّسالة"، و"دعابةٌ جريئة"، و"دعيني"، ونرى أنّ جميعَها كُتبتْ حديثًا في الأعوام 2008 و2009، ونشهدُ هناك تحوّلاً ما، مِن الشّعرِ العموديّ لصالح الشّعر الحديث.

يؤمنُ عددٌ مِن النّقّادِ أنّ أهمّيّةَ شاعرٍ ما، تكمنُ في قدرةِ شِعرِهِ على تصوير عصرِهِ، وعلى تصويرِ نفسِهِ كإنسانٍ وكائنٍ حيٍّ، يشاهدُ ويتعذّبُ ويتألّمُ ويُحبُّ، ويثورُ ويغضبُ ويَبكي ويَضحكُ، وقصائدُ "صهيل" تؤكّدُ مشاركةَ وانخراطَ شاعرِنا في واقع عصرِهِ الاجتماعيِّ والسّياسيِّ، فيعلو صهيلُ فرسِهِ الجامحِ بحرارةٍ كحرارةِ البارود، حاملاً كلّ ما تزدحمُ به هذه البقعةُ مِن قلق وتوتّر، فاتّسمتْ تجربتُهُ بروح التّمرّد ليغوصَ في الأعماق، ويتحفَنا بنصوص مكثّفة مِن الشّعر والشّعور المفرَط في التّفاعل، مع الأحداث الموجعة للواقع السّياسيّ والاجتماعي المنخور مِن الدّاخل والخارج، فجاءتْ قصائدُهُ مواجهة ضدّ التّيّار، وقفَ فيها موقفًا صادقًا وشجاعًا في التّعبير عن مظاهر التّمييز والتّفرقة ضدّ أبناءِ شعبهِ ووطنه، وقد أنهكَتْهُ محنةُ الاستعمار بواقعها المؤلم، لتعلو صيحتُهُ مدوّيةً في وجهِ الجور والوحشيّةِ والاستبدادِ مِن قِبلِ النّظُم السّياسيّةِ والاجتماعيّة، ليُطلقَ عنانَ فرسِهِ الجامح ليستنهضَ الهمم، ويرفعَ لواءَ التّمرّد والعصيان في وجهِ الغاشم بصورةِ التّعبيرِ المباشر، ورغمَ أنّ هذا الأسلوبَ يخلو مِن الإثارةِ والغموض، إلاّ أنّه بحماسِهِ بالغ النّزْفِ نسَجَ بحروفٍ من نار ونورٍ أبهى القصائد، كقولِهِ في قصيدة: "ستون" ص8

لا تفرحوا / وأمامكم كلّ الوثائق/ فلتنظروا ولتسمعوا/ ولتقرؤوا غضبَ الجريح

تقبّلوا ألمَ الحقائق/ مَن ليس يُفهمه الكلام/ فسوف تُفهمه البنادق

قليلاً ما نجد شاعرًا بهذه الجراءة، يتحدّى السّلطةَ التي تتجاهلُ كلّ المبادئ والقيم الإنسانيّة، فجاءَ ليثأرَ لكرامةِ عروبتِهِ المغتصَبة، وهو يدري أنّ الحرّيّةَ لن تُؤخذَ بغير الدّم والسّلاح، فيَصِلُ به الحالُ في بعض القصائد أن يتعالى صوتُهُ، ليصلَ درجة الصّراخ الذي يستثيرُ التّأمّلَ والتّفكيرَ في الواقع الكئيب. وفي قصيدةِ "قفا نبكِ" نجدُ النّقدَ الشّعريّ في تساؤل شاعرنا عن القيم الإنسانيّةِ والكرامة، تمزّقُ الأقنعةَ الزّائفةَ عن وجوهِ الحكّام العرب، فصوّرَ لوعتَهُ ورسمَ صورةً جريئةً للحياة والصّراع في المجتمع العربيّ البائس، فيقول ص 13

"عربٌ بحجمِ شعارِهم/ عربٌ بوزنِ نعالِهِم/ عربٌ بعرضِ عباءةٍ/ وبِطولِ عشر لسانِهم/ أينَ الكرامة يا ترى؟!"

وهنا تحضرُني صرخة الشّاعر(مظفّر النوّاب): "القدسُ عروسُ عروبتِكم/ فلماذا أدخلتم كلَّ زناةِ اللّيل إلى حجرتِها؟ ووقفتم تستمعونَ وراءَ الباب لصرخاتِ بكارتِها/ وسحبتم كلَّ خناجركم/ وتنافختم شرفًا/ وصرختم فيها أن تسكتَ صونًا للعِرض/ فما أشرفكم / أولاد القحبة هل تسكتُ مغتصَبَة؟"

و تعلو صرخة يحيى عطاالله في ص 17

القدسُ عاصمتي أنا/ لكن معراج النّبيِّ لكلّنا/ الله أكبر يا مواجعَ أمّتي/ النّصرُ نصرُكِ/ والشّهادة لي أنا

كثيرًا ما تكونُ حياةُ الشّاعر متحدّيةً لواقعٍ أو موقفٍ ما، ففي هذا الخطابِ الشّعريّ يتحوّلُ مِن رقيقٍ إلى نسرٍ كاسح، يُخاطبُ قلوبَ جيلٍ بكاملِهِ بعباراتٍ غاضبة، ويَحثُّهُ على الانتقام مِن الغاصبِ واسترجاع الفردوس المفقود (القدس)، فهذا الارتباط والتّعلّقُ بالوطن جعلَ شاعرَنا يطلبُ الشّهادة، ويهدي النّصرَ لشعبِهِ الذي أحبّهُ مِن كلّ عروق القلب.

القسمُ الثّاني مِن الكتابِ ينحصرُ في قصائد الغزل، تتخلّلهُ الصّورُ المجرّدةُ والحسّيّة، وهو يخاطب الحبيبة، ويتحدّثُ عن ذاته بأشجانها المتمرّدة بنبرة حماسيّة، تفيضُ بعفويّةِ إحساسٍ يعبقُ بالمشاعر العميقة، فتثيرُ في القارئ بهجةً ودهشة بصورٍ أخّاذة، ومشاعر دافئة وفطرة صادقة، كيف لا وشاعرُنا عاشقٌ وثائرٌ، سكبَ حِبرَهُ العبقَ فأروى "الصّهيل" برحيقِ الكلام العذب الصّافي، سواءً في قصائدِهِ الغزليّةِ أو الوطنيّة. في قصيدة "أنا"

هذا أنا/ آتي إليك بما أنا/ وكما أنا/ لا آخر لي في الحياة/ وليس لي بعض هناك وبعضِيَ الثّاني هُنا

في هذا المطلع نُحسّ التّعبيرَ بالصّورة للإنسان واثق الخطوة، يبثّ مشاعرَهُ بصورة جميلة تحملُ ما تزخرُ به مِن مشاعرَ وأحاسيس صادقة، عندما يخاطبها ص.74 / مهما عذلت وغرر منك الكلام/ فلن أكون سوى أنا

وفي قصيدة "حتّى متى" ص.75 / حتّى متى سيظلّ وجهُك غائبًا/ وإلى متى تبقين عنّي مدبرة

هنا كما في كثير من الصّور يستعمل التّعبير المباشر في حديثه مع الحبيبة محاولاً إرضاءَها، ثمّ ينادي ص.59/ يا يوسف الحقني بمعجزة تُغيّرُ حَالتي

المباشرةُ والأسلوبُ النّثريّ الذي استعملهُ هنا، وعلى الرّغم مِن مهارتِهِ اللّفظيّة وقدرتِهِ على إحكام الأوزان، إلاّ أن التّعبيرَ يظلُّ واضحًا بعيدًا عن الإيماء والتّمويه، ونرى ذلك جليًّا أيضًا في قصيدة "دعيني"، و"اعشقيني"، وَهيَ من أجمل قصائد المجموعة، يفتحُ الشّاعر صدرَهُ للحبيبة ويُناجيها بنمطٍ موسيقيٍّ وفق إيقاعٍ ينبض بإحساس، وبصورٍ تستهويكَ بإغرائِها وكلماتها الرّومانسيّة السّاحرة، وتمنحُ عاشقها شعورًا بالخدر ص75

جرعةٌ أخرى وأثملُ/ فاعشقيني مِن شغافِ الرّوح ِ/ واحتلّي كياني/ إنّني ظمأُ الهوى/ وهواكِ للظّمآنِ جدولُ

لكن سرعانَ ما تنبعثُ هذه الصّورةُ الجميلةُ للحبيبةُ بصورةِ الوطن فيقول ص 78: ثوري/ واعشقيني ثائرًا/ أستلُّ سيفي مِن فمي/ أستلُّ عشقي مِن دمي/ أنا جارفٌ كالسّيلِ عشقي/ جامحٌ كالعاصفة/ هاتي صلاتَكِ/ واعشقيني عابدًا

شاعرُنا استعملَ المفرداتٍ: ثوري، أستلُّ سيفي، دمي، جارفٌ كالسّيل، جامحٌ كالعاصفة، وهذه المفرداتُ قليلاً ما تستعملُ عادةً في التّغزّل بالحبيبة، لكن صورة الحبيبة هنا حملتْ إيماءاتٍ فنّيّةً ورموزًا غنيّةً مشبعةً بالهمّ، انتفضتْ لتنبعثَ في صورة الوطن. وفي ص 100 يقول: فإنْ تتورّدْ خدودُكِ عندَ الهجيرِ/ لشمس انتظار طويل/ فنسمةُ حبّي عند البحار ستأتي إليكِ/ لتلفحَ خدَّكِ/ تمحو الهجيرَ/ وتبقي التّورّدَ في وجنتيْك

هذا هو يحيى عطا الله، وهذا هو الحبُّ المحتشم، إنّه يُغري الحبيبةَ، لكنّه لا يهتك ستر الحبّ. لشاعرِنا صورٌ ذهنيّةٌ مبتكرةٌ تزخرُ ببراعةِ المعاني، صاغها بإتقانٍ:

الجرحُ أكبرُ مِن دمي، لي أخوةٌ عدد الحصى، صلّيتُ في أقداسِ عشقي ، سليلَ هزيمةٍ، لكلّ ذئبٍ حصّةٌ في لحمِكم، أقصيتِ غيمكِ عن سماءِ مواسمي، جرعةٌ أخرى وأثملُ، أدمنتكَ حتّى أدمنتَ شفاهي.

وفي النّهاية، لا بدّ مِن كلمةِ تقدير لمقدّمة الدّيوان الكاتبة راوية بربارة، التي أثنتْ وبكلماتٍ شاعريّةٍ على شعر يحيى عطا الله، ووصفته بأنّه يهزُّ بعضَ الثّوابتِ وبعضَ المفاهيم الملتصقةِ بالأذهان، ويُراوح بينَ عموديّةٍ تقليديّةٍ وحداثةٍ لها ما بعدها. هذا "الصّهيلُ" كان كافيًا لإشباع فضولي، فكلُّ التّقدير لشاعرنا الموهوب يحيى عطا الله، وإلى المزيدِ من التّألّقِ والإبداع.

د.بطرس دلة: الشّعرُ ديوانُ العربِ ومبعثُ الطّرب، لأنّهُ يدخلُ شغافَ القلوب فيشبقُها رقّةً وإحساسًا ومتعةً، خاصّة عندما تنسجمُ كلماتُ الشّاعر في نشيدٍ سماويٍّ تطربُ له الملائكة، ويهتزُّ الوجدانُ إذا ما رنّ في مسامع الورى، كما يقولُ شاعرُنا في ديوانه على الغلاف الأخير:

ما الشّعرُ إن لم يستفزَّ وما القصيدةُ يا ترى/ إن لم تكنْ مثلَ الصّهيل يرنُّ في سمْع الورى

هذا الدّيوانُ الصّغيرُ حجمًا والكبيرُ نوعًا هو انعكاسٌ لصهيلِ فارس مِن فرسان الكلمة، فارسٌ في قوْلِ الشّعر وفارسٌ حقيقيٌّ في حياتِهِ اليوميّة، لذلك عندما يتحدّث الى "ابن العتاق" مناجيًا إيّاه، فإنّه يقصدُ حصانَهُ المدلّلَ الّذي يمتطي صهوتَهُ يوميًّا، ليطيرَ به إلى ربوع "يركا" والطّبيعةِ الخلاّبة المحيطةِ بهذا البلد، والمشرفةِ على المنطقة كلّها مِن علٍ حتّى البحر المتوسط، في شطحاتٍ يجدُ فيها فارسُنا متعةً ما بعْدَها متعة، لأنّ أعزّ مكان في الدّنى سَرجٌ سابحٌ، وهو إذ يعتزّ بالكتاب فإنّه يعرفُ جيّدًا أنّ خيرَ جليس في الزّمان كتاب، مِن هنا ومِن على صهوة الجوادِ جاءتْ حروفُ هذا الكتاب، كلعلعةِ البرق وحِمم البراكين وهزيم الرّعدِ وهديرِ البحر، وحتمًا صفير الأعاصير وزئير الأسود والنّمور، ولكنّه إلى جانب هذا الصّخب الهائل نجدُ فيه قلبًا رقيقًا، يُصلّي في محرابِ الحُبّ وفي حقول وهضابِ الوطن، فيهزجُ مع العصافير على كلّ فنن، ويهمسُ حينًا كما توشوشُ زنبقةٌ صغيرةٌ جارتَها، ويرفعُ يدَهُ في تحيّةٍ تشبهُ تحيّةَ السّحابِ للتّراب، فيرويهِ مِن عذْبِ مائِهِ ويبعثُ الحياةَ في البذور، كي تنبتَ فيأتي الرّبيعُ مُهلهِلاً ضاحكًا.

في صريرِ الكلمةِ وتوتّرِ أوتارِهِ تسيلُ روحُهُ عذوبةً وشعرًا رائعًا، ونغمًا فيهِ الكثير مِن الرّجولة، ولونًا قل هو لون مِن ألوان الفراديس، ليفيضَ الكلامُ مع أوزان الخليل وبحورِهِ متدفّقًا بعذوبةٍ خاصّة، لأنّ شاعرَنا إنسانٌ كبيرٌ ينسجمُ مع اللّحنِ وروعةِ الفنّ بكلّ ما تحملُهُ هذه الكلمةُ مِن معانِ، ولمّا كانَ حصانُه "ابن العتاق"، فمعنى ذلك أنّهُ حصانٌ أصيلٌ، وهو يؤكّدُ ذلك في شهادةِ الانتماءِ إلى عائلةِ الأصالةِ للخيول العربيّةِ الشّهيرة في العالم كلّهِ، ومع أنّهُ لم يذكر اسمَ حصانِهِ ولا حتّى مرّة واحدة طوالَ ديوانِه، إلاّ أنّه يشعرُ بشيءٍ كبيرٍ مِن الاعتزاز والحماس حيث يقول ص 48:لا فارس غيري اعتلاك مهلهلا / ومرتّلاً ألحانَ بادية جديدة

أنا يا حصاني ما اقتنيتُكَ مترفًا/ بل مسرفًا في عشق رنّات الصّهيل

يتغزّلُ بصهيلِ حصانِهِ وبهمهمتِهِ، أي ضبْحِهِ الّذي يرنّ في أذنيْهِ، فيشعرُ أنّه سيظلُّ في علياءِ متْنِهِ فارسًا بالرّغم مِن نزق الشّكيمة؛ أي عندما يحرنُ الجوادُ فلا يُطيعُ صاحبَه.

الطّابعُ الوطنيُّ لقصائدِ القسم الأوّل مِن الدّيوان:

لم يقعْ اختيار القصائد الاولى صدفة، بل اختارَها لتُغطّي حوالي ثلثَ مساحة الدّيوان مِن الشّعر الحماسيّ الوطنيّ، والثّائر على أوضاع الأمّة العربيّةِ وعلى أدوارِ المُلوكِ والرّؤساءِ العرب المُتخاذِلينَ إزاءَ سياسةِ المُحتلّ، وحضارةِ العولمةِ الّتي تتّهمُ حضارتَنا العربيّةَ الإسلاميّةَ بأنّها حضارةُ عنفٍ وإرهاب، خاصّةً بعْدَ سقوطِ البُرجيْن الشّهيريْن؛ أي بورصة نيويورك بأيدي طيّارين مسلمين، درّبَهم وموّلَ نشاطَهم الثّائر أسامة بن لادن، والّذي تبحثُ عنه أمريكا بطائراتِها وشبكاتِ تجَسُّسِها منذ تسع سنواتٍ ولا تجدُهُ.

ولا ينسى المُحتلّ الإسرائيليّ لأرض الوطن، حيثُ مرّ على نكْبتِنا أكثرّ مِن ستّين عامًا، وتمّ تشريدُ القسم الأكبر مِن الشّعب العربيّ الفلسطينيّ في خيام الذلّ والغربة، فباتتْ قضيّةُ اللاّجئينَ القضيّةَ الوحيدةَ الّتي خلقتْها حرب 1948، ولم تجد الأوساطُ الدّوليّةُ لها حلاًّ يُرضي الطّرفيْن، فتآمرتْ على أرض فلسطين وضمنتْ قيامَ الدّولةِ الإسرائيليّة، على حسابِ حقوق الشّعب الفلسطينيِّ في تقريرِ مصيرِهِ! فكلُّ قضايا اللاّجئينَ الّتي ثارتْ بينَ الحربيْن العالميّتيْن وجدتْ لها حلولاً، إلاّ قضيّة شعب فلسطين الّذي يشعرُ بالغربةِ حيثُما حلَّ، وما زالتْ سلطاتُ إسرائيل تقتلعُ الورْدَ مِن أحضانِ حدائقِنا، وما زالتْ أعيادُ المُحتلِّ الغاصِب فيها أفراح العواصف، فإذا ما عيّدَ هذا الغاصب كانَ العيدُ للإنسانِ العربيِّ احتراقًا لهُ لهيبُ المحرقة، لذلك نجدُ شاعرَنا يخرُجُ مِن لغةِ الشّرح الإخباريِّ إلى لغةِ التّهديدِ والوعيد، لأنّهُ إذا لم تفد المفاوضات، فإنّ البنادقَ كفيلةٌ بتفهيم المُحتلِّ كيفَ ولماذا يجب أن يَعدلَ عن سياستِهِ الغاشمة.

نحن لا نوافق الشّاعرَ فيما خلُصَ إليهِ مِن ضرورةِ اللّجوءِ إلى السّلاح للتّوصّل إلى الحلّ المُرْضي، وذلك لأنّ مَن ليس له كيف يلجأ للسّلاح؟ ولا ننكرُ أنّ شاعرَنا يقولُ كلمتَهُ بجرأةٍ وصراحةٍ وبطولةٍ نادرة، وكأنّهُ يُعيدُ ما كان القائد جمال عبد النّاصر يؤكّدُهُ في معظم خطاباته، (إنّ ما أُخِذ بالقوّة لا يُستَرَدُّ إلاّ بالقوّة)، إلاّ أنّ هذا الفكرَ باتَ غيرَ مُجْدٍ إزاءَ الأمر الرّاهن، والواقع الّذي نعيشُهُ كعربٍ تحتَ ظلِّ السّلطةِ الإسرائيليّةِ الغاشمةِ والمغتصِبة، ناهيك عن أنّ لغةَ القوّةِ والحلول العسكريّةِ والاغتيالات باتتْ مِن مُخلّفاتِ الماضي الّذي لا تقبلُهُ مجتمعاتُ القرن العشرين، ولا الأوساطُ الدّوليّةُ ذات الوزن في كلّ صراع، هذا على الرّغم مِن أنّ هذه الأوساط تلجأ بنفسِها إلى قوّة السّلاح، كما حصل في كوريا وفيتنام وكمبوديا والعراق، والخطر الدّاهم الّذي يهدّدُ سوريا وإيران حاليًّا. إنّ اللّجوءَ إلى السّلاح والاحتكام لمنطق العنفِ والقوّةِ باتَ مُستنكَرًا ومَمجوجًا ومرفوضا، مِن قِبلِ جميع مُحبّي السّلام في العالم الأرحب.

في قصيدتِهِ "قفا نبْكِ" يعلنُ ثورتَهُ إلى حدّ التّماهي مع عروبتِهِ، إلى جانب نقمَتِهِ على العروشِ العربيّةِ الّتي باتتْ متأمركةً، فيَخلُصُ بنتيجةٍ واحدة هي أنّهُ ليس للفلسطينيِّ إلاّ أن يأخذَ مصيرَهُ بيديْه، لتظلَّ القدس عاصمةً لدولتِهِ، وسلاحُهُ البكرُ هو الحجرُ الأبكمُ الأصمُّ الّذي نطقَ ثورةً وكبرياءً في أيدي أطفالِ الحجارة الشّجعان، ليتحوّلَ كلٌّ منهم إلى داوود، ومقلاعُهُ مقابلَ سطوةِ الجبّار عملاق الرّدى، وليبقى الفلسطينيُّ وحيدًا لأنّهُ لم يبْقَ في وادي الشّرِّ أُسدٌ سواه، كلُّ ذلك على الرّغم مِن أنّ إخوتَهُ كثيرون بعددِ الحجارةِ الثّائرة، ولكنّهم لا يُساندونَ هذا الشّعب إلاّ بالكلماتِ، وهكذا سيمضي وحيدًا، فسلاحُهُ الحجارةُ وإيمانُهُ بعدالةِ قضيّتِهِ، ولمّا كانَ يرى في قضيّةِ العراق قضيّةً فلسطينيّة، وهو الإنسانُ المؤمنُ بعروبتِهِ إيمانًا وثيقًا وراسخًا فيه طُهرُ العروبةِ المقهورةِ والمهزومة، فإنّه يرجو خَلاصَها مِن نيرِ الاحتلال بكلِّ ثمن، وبالمقابل يشنُّ هجومًا عنيفًا على قادةِ وزعماءِ العالم العربيّ، فيُسمّيهم "عرب الطّزّ" و"لعنة الأمّة"، ممّن أتخمَهُم شحمُ النّفط فنَسَوْا أمّهاتهم، حتّى أنّ أقفيَتَهم باتتْ لا يُدفئُها سوى كراسي الحُكم. من هنا فإنّهُ لا يؤمنُ باجتماعاتِ رؤساءِ العرب ولا بقراراتِهم، خاصّة وأنّ كلّ إنسان يعي صعوبةَ اتّخاذ القراراتِ المصيريّة الّتي ستقفُ كلّ دول العالم ضدّها.

فؤاد السّنيورة هو رئيس حكومة لبنان، بكى وهو يطرحُ موضوعَ العدوان الإسرائيليّ على لبنان، بينما تقف الدّولُ العربيّةُ متفرّجةً، حيث يقولُ للسنيورة: أنا يا فؤاد أمام عينيْكَ أنحني وأُجِلُّ دمعَكَ مِن صميم فؤادي

فانظرْ إليه يتلاعبُ بالكلمات، فؤاد سنيورة وفؤاده هو في جناس تامّ، وينتقلُ خلالَ القصيدةِ إلى تناصٍّ خاصٍّ عندما يذكرُ أرضَ الميعادِ الّتي وَعدَ بها الله أبانا إبراهيم الخليل بقولِهِ:

ستّين عامًا في فلسطينَ استُبِحْنا كالشّياهِ لصاحبِ الميعاد

ويلجأ ثانية الى التّناص في صفحة 78 في قصيدتِهِ "اعشقيني" حيث يقول: اعشقيني حافزا للرّاجفة. والرّاجفة كما يُبيّن في الهامش هي النّفحة الأولى في الصّور يومَ القيامة، وبالرّغم مِن موضوع الوطنيّة الّذي نحن بصددِهِ، إلاّ أنّ ذلك لم يمنعْهُ مِن اللّجوءِ إلى لغةٍ فنّيّةٍ رفيعةِ المستوى، حيث يلجأ إلى المُحسّناتِ البليغةِ فيقول في نفس قصيدته لفؤاد السّنيورة: والآن غزة تستحمُّ بدمِها وتنوءُ تحتَ القاصفِ الهداد/ أعلافُ أمريكا تبطّر خيلَهُ وتمدُّهُ بتفوّق وعتاد/

ويجدُ عذرًا لدموع السّنيورة بقولِهِ: لا غرو إن غرقَ الرّجالُ بدمْعِهم وتلفّعتْ كلُّ النّسا بسواد

فكيف تستحمُّ غزة بدمِها وكيفَ يغرقُ الرّجالُ بدمعِهم؟ كنتُ أفضّلُ كلمة يَشرَقُ بدلاً مِن (يغرق)، وهو إذ يرى دموعَ السّنيورة إزاءَ الوزراء العرب الّذين لا حول ولا قوّة لهم، يدعو فؤاد إلى نزْفِ دموعِهِ بقولِهِ:

فاذرفْ دموعكَ يا فؤاد فإنها فيضُ الأسى من مهجةٍ وفؤاد

أمّا في قصيدتِهِ إلى أحرار الجولان ص 37، فيكثر من التّلاعب بالكلمات والبلاغة بالجناس:

في مجدل الشّمس ارتقتْ وترعرتْ في الشّمس من أسمائهم أسماء (جناس تام)

وبعين قِنيا لا تلينُ قناتهم وبسعد "مسعدة" هم السّعداء (جناس غير تام)

أمّا إذا بسط السّلام بساطَهُ تحتَ الرّبيع فشعبك المعطاء (وهذه محسّنات لفظيّة بليغة)

مِن هنا نستطيع أن نفهمَ لماذا اختارَ شاعرُنا اسمَ "صهيل" يتوّج به ديوانه، لأنّ كلمة الصّهيل تُعيدنا إلى أمجادِ العرب القدامى الّذين اعتنَوْا بالخيل وربّوها، واعتلَوْا صهواتِها في حروبِهم منذُ فجرِ الإسلام، ولأنّ الحصانَ كانَ دبّابةَ العصورِ القديمةِ والوسطى حتّى مطلع العشرين.

ديوان صهيل والحداثة:

الدّيوانُ الممّيز هو ذلك الدّيوان الّذي يقرؤُكَ إذ أنتَ تقرؤُهُ، فلا تأتي على آخر فصْلٍ مِن فصولِهِ حتّى تحسّ أنّك كنتَ جدولاً فأصبحتَ نهرًا، أو كنتَ نهرًا فأصبحت بحرًا، أو كنتَ تُفتّشُ عن بابٍ فانفتحتْ في وجهِكَ عدّةُ أبوابٍ، وتُفتّشُ عن أفقٍ واسعٍ فتنكشفُ لكَ آفاقٌ تُتاخمُ الأزلَ وأبدَ الآبدينَ على حدّ تعبيرِ ميخائيل نعيمة في كتابِهِ "الغربال الجديد" ص 203.

أمّا الكتابُ الّذي تنشرُهُ فيطويكَ، ويأخذُ منكَ ولا يُعطيكَ ويَسلبُكَ فيُضلُّكَ، فهو كتابٌ سوادُهُ على بياضِ أوراقِهِ وعلى السّاعاتِ والأيّام المهدورةِ في تصنيفِهِ وطبْعِهِ وتصديفِه، والفنُّ الشّعريُّ يجبُ أن ينضحَ بالحيويّةِ والحركةِ، وأن يضجَّ بالحياةِ بأوسع مفهوم لها بدلاً مِن الرّكودِ والسّكون، والصّهيلُ هو الحياةُ الصّاخبةُ الّتي عشناها مع هذا الدّيوان، وهو ككلِّ عِلم يُساعدُنا في معرفةِ أنفسِنا لِما فيه مِن دخانٍ ونورٍ ونارٍ متوهّجةٍ،

وصهيلُ هذا الدّيوان مليءٌ بالوهج والنّور الدّافقِ المُعبّأ بالفراشات على ألحان الخليل دونَ تكلّفٍ أو صناعةٍ، فيخلقُ نفسَهُ مِن خلال قصائدِهِ، ولو لم يعمل ذلك لجاءَ شعرُهُ سخيفًا وفارغًا بلا معنى وبلا قيمة، ومِن خلال الصّراع بين الكلاسيكيّ والمُحدَث، يصنّفُ شاعرُنا نفسَهُ مع الصّنف الأوّل، وهو الشّعر على طريقةِ بحور وقوافي الخليل بن أحمد، ولا يرضى ولا يطيقُ الشّعرَ على طريقةِ الحداثة والحداثيّين.

في فلسفةِ الحياة:

في قصيدتِهِ "أهيمُ ملءَ جنوني" الّتي هي من أروع قصائدِ هذا الكتاب، وجدتُ شاعرًا وفيلسوفًا ومُفكّرًا تأخذُهُ القوافي وبحورُ الشّعر إلى مسافاتٍ بعيدةِ المدى، فيسرحُ فيه الخيالُ إلى عالم الأوهام والسّحر، فيَصُفُّها على الورقِ سطرًا سطرًا، لتأتي قصائدُهُ عنقاءَ مُطهّمةً تعدو وتصهل في حوماتيّة الشّعر، ثم يتساءلُ، ألا تستطيع الخيلُ الرّقيّ إلى القمم العاليةِ، وهي معشوقة النّسور حيثُ يهوى الإقامة هناك بينَ القمم، كي يُشفي ما بنفسِهِ من داء؟ يبدأ قصيدتَه بقوله: أهيمُ مِلْءَ جنوني في سفرٍ مرّ المسافة بينَ الرّوح والحبر

ونحن نسألُهُ عن هذه المسافة بين الرّوح والحبر كم تكون، بالأمتار أم بالأميال؟ ثمّ لماذا يهيمُ ملءَ الجنون؟ ثمّ في هذه المسافةِ يُتابعُ رحلتَهُ في بحور الشّعر، فتأخذُهُ الهواجسُ ليرتقي إلى الجبال العالية، لأنّ القصيدةَ عندَهُ تشبهُ عناقَ الخيل إلى حدٍّ بعيد، فالقصيدةُ عنقاءُ مطهّمةٌ وهذهِ صفاتُ الخيل. ولكن في غزليّاتِهِ وحسب التّواريخ الّتي ذيّل بها قصائدّهُ، كان قد كتبَ معظمَ غزليّاتِهِ في فترة الشّباب والصِّبا، فإذا كانَ هذا صحيحًا، أي أنّ بعض القصائد كُتبت قبل حوالي 20-25 سنة، فلماذا أدخلَها في هذا الدّيوان ولديهِ مِن الشّعر الشّيء الكبير؟ فهل هو الخجلُ مِن العشق وقد تجاوزَ العشرين عامًا بقليل؟ أم حقيقة؟ فقصيدة "اعشقيني" كُتبتْ عام 1986، و"تنتظرين" عام 1981، أي عندما كانَ في العشرينات مِن عمره، ومع ذلك فغزليّاتُهُ الأخرى تعودُ إلى الأعوام 2006 و2008 وهلمّ جرّا.. وأنا لا أرى في القصائد الغزليّةِ غضاضةً مطلقًا، فالغزلُ يكتبُهُ الكهولُ كما يكتبُهُ الشّباب، والصّبايا الحِسانُ يعشقنَ شعرَ الغزل على قول أحدهم: والغواني يغرّهنّ الثناء!

في هذا الدّيوان يبدو صاحبُنا متعصّبًا للقصيدةِ الكلاسيكيّةِ على بحور الخليل بن أحمد، بعيدًا عن الشّعر الحُرّ وشعر الحداثة، حتّى أنّه يهزأ بهذا النّوع مِن الشّعر الدّخيل على اللّغة العربيّة، فيخاطب حصانه ص 48 بقوله في قصيدة صهيل: الخيلُ مِن فجر الدنى كانتْ خميرَ خرافة/ كانت نفيسة أهلها وشعار بادية كريمة/ كانتْ فتيلَ حماسة وصديقة الشعر الحميمة/ كانت وقودَ قصائد الفرسان/ تحملُهم إلى عزّ النّشيد إلى لهيب قصيدة/ والآن في برد الحداثة أين اسمُك يا حصان؟/ وأين رسْمُك في القريض وأنت رمز حماسة؟

إذًا هو يريدُ الشّعر الموزون المقفى، ولذلك يتابعُ أسلوبَهُ على الموزون المقفّى على الغلافِ الخارجيِّ الخلفيّ للدّيوان، وهناك عدّة دوافع تجعلُ الشّاعر يكتبُ باللكلاسيكيّة: لأنّ الشّعرَ الموزونَ المقفّى أسهل للحفظ/ لأنّ إلقاءَ القصيدة الكلاسيكيّة أقربُ إلى القلب بسبب جَرْسِها الموسيقيّ/ لأنّ هذا الشّعر له رنينٌ خاصٌّ في الأذن/ لأنّ أصحابَهُ يعتقدونَ أنّ الشّعرَ المُحدَثَ هو شعرٌ غريبٌ على اللّغة العربيّة ومستورَدٌ، لذلك يجبُ عدم الاهتمام به، لأنّ شاعرَنا يريد أن تكونَ القصيدةَ رنّانةً خطابيّة، يسمعُها السّامعُ فيطربُ لدى سماعِها،

ومع عدم محبّتِهِ لشِعر الحداثةِ إلاّ أنّه في قصيدته "أنا" يعود فيكتبُ الشّعر المُحدَث، ولكن بدون تعميةٍ أو إبهام، وقد يكتب القصيدة المحدثة مع كونِهِ ينتمي إلى الطّائفة المعروفيّة، إلاّ أنّه يعاقرُ الخمرةَ حتى ويتغزّل بها. وأخيرا يخرج الشّاعر في قصيدتِهِ الأخيرة عن اللّغةِ الفصحى "زهر اللوز" ص 109، في أغنيةٍ للشّاعر محمود درويش وباللّغة العامّيّة. هذه القصيدة غنائيّة وتصلح للتّلحين، فهي على البحر المحدث الّذي تفعيلاته فاعلن أو فاعل أربع مرات في كل شطر، وهي تبدو راقصةً حيث تنسابُ الكلماتُ مع اللّحن النّاعم في انسجامٍ تامّ، ومع كونِها أغنية راقصة إلاّ أنّ بين سطورها الشّيءَ الكثير من الوطنيّة الصّادقة، مع أمل أن يعودَ اللاّجئون إلى قراهم وأوطانِهم، فالشّاعر محمود درويش عاشَ الغربةَ عن مسقط رأسه "البروة" في الجليل، ومن حقّ أبناء البروة وغير البروة من الفلسطينيّين الّذين يعيشون في خيام الذّلّ والتّشرّد العودةَ إلى ديارهم، تمشيًا مع قرارات هيئة الأمم المتّحدة الّتي تضمنُ حقّ تقرير المصير. أخيرًا نقول للأستاذ يحيى عطالله تحياتنا لك أيّها الشّاعر المجيد، وليبْقَ قلمُكَ سيّالاً وشعرُكَ صهيلاً مُهلهلاً، يدخلُ شغافَ القلوب فيُطربُها في حماسٍ كلّهُ متعة وبهجة!



الشاعر جورج جريس فرح: قراءة عابرة في مجموعة "صهيل" للشاعر يحيى عطالله

يقع ديوان شاعرنا يحيى عطالله في 112 صفحة من القطع المتوسط ويشمل 29 قصيدة. قدّمت له الأديبة الباحثة راوية بربارة، فاستهلّت بقولها: هو حبرٌ تأخر فوحُ طيبه، لكنَّ أريجَ المسكِ يفضحُ صاحبَه.

اختار شاعرنا تسمية ديوانه "صهيل" وهو عنوان قصيدة من المجموعة وردت في صفحة 72 يختتمها بقوله:

ما الشعرُ إن لم يستفزَّ؟ وما القصـيدة ياترى؟/ إن لم تكن مثلَ الصهيلِ، يرنُّ في سمعِ الورى؟

يستدعي الشاعر كلماته مما ينسجم مع حالته الوجدانية، فجاء صهيلهُ في قصائدة التي طرق فيها مختلف المواضيع صارخًا مدويًا، صادقًا وشفافًا. وقد صهل متألمًا لما آلت إليه الأمة من هوانٍ، فقال في قصيدة "قفا نبكِ"، التي يذكّرنا عنوانها بمعلقة امرئ القيس:

أين الكرامة يا ترى؟ / أتُرى يطيب مقامُها في أمّةٍ/ ما زال فيها الخبز أكبرَ مسألةْ؟/ والسقفُ أصعَبَ مُعضِلَة؟

وصهل في قصيدة "يا فرات" متألمًا لما حل بالعراق من تفكك وتشرذم:

أُثقِلتَ بالدفـقِ المريرِ وقد غـدا فيكَ الخريرُ قصيدة الأحزانِ

لا تشكُ من بغيِ الغريب بقدرِ ما تشكو من الأخواتِ والإخوانِ

ماذا يضير الشمسَ لو من حولِها قمرٌ وحيـدٌ دارَ أو قمرانِ؟

وصهل مُطلقًا صرخته، متهكّمًا في "قمَة ماذا؟":

يا عربَ "الطزِّ"، ويا لَعنةَ هذي الأمَّةْ/ يا من يُتخمُكمْ شحمُ النفطِ / فينسى الواحدُ منكم أمَّه!

وصهلَ متألمًا لألم لبنان حين بكى الرئيس سنيورة، وللإخوة المقتتلين في غزّة، وصهلَ للجولان في عيد الجلاء، وللولد في قصيدة "يا بني"، وصهل معاتبًا دنياه في قصيدة "حتى متى؟" وصهل حاثًا المرأة في قصيدة "تعلَمي": إني رأيتكِ في اوراقِ داليةٍ فهل أراكِ على أعتابِ مُختَبَرِ؟

إلى أن يقول: يا نصفَ أمتنا المهدورَ طاقتُهُ يا نصفَ أغنيةٍ ينأى عن الوترِ

وفي هذه القصيدة ذاتها يتناول الشاعر تقاعص الأمة وتخاذلها عن مواكبة روح العصر:

من الخليجِ إلى إفريقيا دولٌ ما عندها مصنعٌ للشمعِ والإبَرِ

وأمة لبست من غير مغزلها واستوردت لبنًا من أغربِ البقَرِ

واستوردت دمها من قلبِ مَثلَجَةٍ واستجلبت فِكَرًا من تاجر الفِكَرِ

وهنا لا بد من وقفة للإشارة إلى أن بعض القصائد لا يخلو من الهِنات، فمثلاً: عجز البيت الأخير من الأبيات أعلاه ورد في الكتاب: واستجلبت فِكرَها من تاجر الفِكَرِ. الكلمة "فكرها" تخلّ بالوزن، لذا فقد قرأتها: "واستجلبت فِكَرًا" لتتجانس مع "واستوردَت لبَنًا".

وأما مضمون الأبيات ذاتها، فإنه يحيلنا إلى جبران خليل جبران في قوله: ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر.

والتناصُّ في بعض قصائد يحيى يستدعينا لاستحضار صور من التراث الشعري الأصيل.

فمثلاً، البيت: هل كان دمعُكَ في الحوادث غاليًا لتهلّه في حضرةِ الأوغادِ؟

يستحضر أبا فراس الحمداني في القصيدة التي يقول فيها:

لقد كنت أولى بالدمع منك مقلة لكن دمعي في الحوادث غالِ

وفي نفس القصيدة بيت قال فيه:

لمن اشتكيتَ؟ لمن بكيتَ؟ أما تعي أن لا حياةَ لمن ترى وتنادي

بهذا يستحضر البيت الشائع:

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًّا ولكن لا حياة لمن تنادي

وهو بيت اختلف الناس في نسبه إلى شاعر محدد. فمنهم من نسبه إلى عمر بن مَعْدي كرب بن ربيعة الزبيدي، ومنهم من نسبه إلى كُثَير بن عبد الرحمن بن الأسود (كثير عزَّة)، كما ورد البيت مُقتبسًا في قصائد لكبار الشعراء مثل بشار بن برد وعبد الرحمن بن الحكم وغيرهما.

في قصيدة أنا، تتجلّى عِزَّة نفس الشاعر وإبائه واعتداده بخصاله ونقاء سريرته، وشجبه للرياء والنفاق:

وليسَ لي بعضٌ هناكَ وبعضي الثاني هنا... هذا أنا!

ويختتم القصيدة بقوله:

لكنّما،/ مهما تُغرّرُكِ المُنى/ مهما عَذَلتِ ، وعضَّني منك المَلامُ/ فلن أكونَ سِوى أنا.

يقتحم علينا الشاعر فجأة، وبكل جرأة في قصيدة "دعابة جريئة"، ليقدم لآدم العزاء بفقدان الجنة، وليطمئن الرجل بأنه الرابح من تلك الصفقة، إذ فاز بحواء وأصبح يرى جمالها ومحاسنها، بعد أن كان يراها مجرد جذع شجرة: في الجنة / أنت ترى حواء كأنك تبصر جذع شجرة/ وترى نفسك /تجهل أنك ذكرٌ!

وهو يرى في حب حواء وعشقها، واحترامها، المفتاح بل جواز السفر، للعودة إلى الجنة:

إن كنتَ تحنُّ إلى مثواك الأول... أحبِب حواء أكثر... اطلب حواء.. أنصف حواء... اعشق حواء... علّم حواء.. بجّل.. قدّس...إلخ.

لغة الشاعر سهلة رقيقة، وأما المعاني فقريبة المأخذ، سهلة التداول، خالية من الترميز والتعقيد، معبرة عما أراده الشاعر بكل جلاء ووضوح.

وردت في المجموعة بعض الأخطاء التي أرجو أن تكون مجرد أخطاء طباعية، على سبيل المثال لا الحصر:

1- ص 35 أم يدعوا بقطع بنانكم– والصحيح: أم يدعو (بدون الألف) لأن الواو من أصل الفعل وليست واو الجماعة.

2- ص 69 أصبو إلى حل الظفيرة – والصحيح الضفيرة، فالضفيرة هي جديلة الشعر بينما الظفيرة هي المرأة التي تظفر بكل ما تريد.

3- ص 74 مهما يُغررك المنى – والصحيح مهما تُغررك المنى، فالمنى جمع تكسير، مفردها الأمنية، مؤنث.

عمومًا، لا يسع من يقرأ باكورة إصدارات شاعرنا إلا أن يقرّ بأنه يتحكم بناصية الشعر ويُبحِرُ في غمار بحوره، ويبرز ذلك في قصائده العمودية بشكل خاص. مع أصدق التمنيات له بدوام الصحة والمزيد من العطاء والإبداع.



محمّد علي سعيد: للشّاعر موقفٌ من قضيّة اللّغةِ والأوزانِ والبحور، ولهُ الحقّ أن يتحرّرَ ولا ينجرفَ إلى الحداثة، بشرطٍ أساسيٍّ أن يكون هناك تقدّمٌ في الكتاب القادم. في نصوصِهِ الكثير من التناصّ ،وهناك صورٌ مبتكرةٌ في قصيدة أمّي، كحفرة تعطي وكومة التّراب تزداد في العطاء. وقد لفتَ انتباهي الصّدقُ الفنّيّ والحياتيّ، وليس مجرّد شعارات أنّما يُعاني أكثر من غيره من قضايا شعبِهِ منذ عام 1948 حتىّ الآن، مُعبّرًا عن ذلك بصدق انتمائِهِ إلى إطار خدمةِ شعبِهِ، فيصرخُ صرختَهُ المُدوّيةَ بشكلٍ واضحٍ وصارخ شِعريًّا.

وهيب وهبة: على القصيدةِ أن تحملَ الإيحاءَ وأن تدخلَ في الحداثة، لأنّنا نتحدّثُ اليومَ عن القصيدة الّتي تحملُ أهمّيّةَ الإنسان في هذا الوجود ومكمونِهِ، والقصيدةُ تخضعُ إلى ثقافاتٍ عديدةٍ بحيث علينا مواكبة العصر الّذي نحياه بكلّ تفاصيلِهِ، أمّا قصائد "صهيل" فتحملُ المباشرةَ والنّزعةَ الخطابيّةَ الموجَّهة، والشّعر بجوهرِهِ قد تخلّى عن كلِّ هذه التّفاصيل واضحةِ المعاني.

نايف خوري: أحببتُ مجموعةَ "صهيل" وقصائدَها، لأنّها كُتبتْ بصدق، فلكلّ فردٍ وشاعرٍ أسلوبٌ ومنبرٌ ومنصّة، فيقول ما يشاءُ وكيفما يشاء، لكن الأهمّ هو الإيحاءُ الكامل السّليم والمضمون، بما يتجلّى في روحِهِ ويداعبُ العاطفة.

نزيه حسون: بالرّغم من أنّ شهادتي قد تكون مجروحة، لأنّ يحيى عطاالله صديق وأخ، إلاّ أنّني وبكلّ موضوعيّةٍ أقول، بأنّه يملكُ موهبةً شعريّة ومتمكّنٌ من أدواتِهِ اللّغويّةِ والنّحويّةِ والعروضيّة، أمّا بخصوص ما طُرحَ مِن قضيّةِ الحداثة، فإنّني أعتقدُ أنّها لا تتوقّفُ على أوزان وقافية وإنّما تتعدّى ذلك، فكما لا يمكنُ أن نلغي حداثة جبران خليل جبران والجواهري ونزار قباني؛ الذين كتبوا شعرًا موزونًا ومُقفّى، فالقصيدة حالةٌ وجدانيّةٌ شاعريّةٌ تعطي للمتلقّي إيحاءً ولغةً شعريّةً جميلةً وتخلق لديهِ حالةً جماليّة، فأقولُ للشّاعر يحيى عطالله اكتب كما أنت، فالشّاعرُ الحقيقيّ هو الّذي يعكسُ نفسَهُ على الورق.

هيام مصطفى قبلان: حيّت الشّاعر يحيى عطالله وأشادت بلغتِهِ وتمكّنِهِ مِن بحور الشّعر والوزن، ولمستْ صوتَهُ الشّعريَّ (صوتَ الرّعد)، فقصائدُهُ لا تحملُ الهمّ الذّاتيَّ فقط بل الهمّ العامّ خارجَ إطار الذّات، مِن همٍّ اجتماعيٍّ ووطنيٍّ يحملُ جرحَ الوطنِ العربيِّ من فلسطين إلى العراق، وعقّبتْ هيام على أنّ اللّغةَ العربيّةَ ليستْ ثابتةً ولا هي جماد، وإنّما على المبدع الذّكيّ والماهر أن يؤدّي إلى الدّهشة في المتلقّي بابتكاراتِهِ وخروجِهِ مِن جمودِ اللّغةِ ويباسِها، وأنّ القصيدةَ الكلاسيكيّةَ هي الأصل، ومِن المحبّذ أن يكونَ الشّاعرُ مطّلعًا على الأوزان والبحور، حتّى يختار أيّ نوع من أنواع الفنون الشّعريّة، وأنّها مع الحداثة تكتبُ التّفعيلة وقصيدة النّثر، ولا داعي لفتح النّقاش حول جودةِ القصيدة، إنّما الشّعر ما يدخلُ إلى النّفس ويسكنُها ويتركُ بها أثرا، وليس كلّ ما يُكتب مِن نظمٍ هو شعر، وليستْ كلّ قصيدةِ نثر هي شعر، وسيبقى الجدل بين القديم والحديث إلى ما لا نهاية، لأنّ اللّغةَ متناميةٌ وليس لها حدود!

آمال عوّاد رضوان: لا تهمّ المسمّياتُ ولا التّصنيفات في التّقييم الأدبيّ، ولا يكفي الصّدق بالكتابة فقط لنجعلَ النّصّ إبداعيًّا أو شعريًّا او أدبيًّا، فهناك مقوّمات وملكاتٌ أساسيّة أخرى يجب أن تتوفّر بالنّصّ إضافةً إلى الموهبة، (كاللّغة السّليمةِ والأسلوب والصّور الجديدة والتكثيف وعنصر التّشويق السّلس، وأهمّها الابتكار وعدم التّكرار والاجترار لما سبق)، كي يكونَ الإبداعُ ثريًّا ماطرًا، تحملُ سُحُبُهُ دلالاتٍ جماليّةً، تبعثُ على الدّهشة والإيحاء والاستمراريّة ومُعاوَدة القراءة مرّاتٍ، ومن خلال زوايا متعدّدة الرّؤية.

جودت عيد: الحداثةُ في النّصّ تجعلُنا نشعرُ بانطلاقٍ وحرّيّة، ممّا يضيفُ متعةً لكتابةِ النّصّ. والتّجديد الّذي وردَ في كتابِ الشّاعر يحيى عطالله يدعم فِكر التّجديد، بواسطة الدّمج الّذي أدخلَهُ بقدرةٍ لغويّةٍ ما بين الحداثة والتقليديّة، ممّا يُشجّعنا على الانسياب في الكتابة والانطلاق مع القلم بالحفاظ على ثوابت اللّغة، ولكن دون التّردّد في خلق صور جديدة وفكر جديد، حول الإنسان وكينونته. عند كتابةِ النّصّ وإن كان يميلُ إلى الإيحاء كشعر أو إلى التّحديد كنثر، ففي آخر الأمر هو نصّ يطرح فكرةً وتجربة، وتبقى تسميةُ النّصّ تُشكّلُ عائقًا أمامَ الإبداع في بعض الأحيان. أوافق رأي د. محمد خليل حول الحداثة وضرورة الكتابة من أجل الكتابة والإبداع دونَ الالتفافِ حولَ تعريفاتٍ أو تسميات، إنّما معاصرة التّغيير والتّجديد. أحيّي الشّاعر لهذا الثّراء اللّغويّ وقدرته على الاستعمالات المتعدّدة في النّصّ، ممّا يدعم الفكر في الدّمج بالذّات.

سماهر نجار: ها أنا جئتُ مِن بابِ الشّعر أطرقُ قولَ الكلمة، ربّما تحي النّور في بحور النّقد! هكذا تبدأ الكلمة من غصّة الحنين عند احتراق شعلةِ الشّعر، من شاعر يحنّ الى ماضٍ يعيش به أطلالَ العشق ليعبثَ بالحِبر، يُصوّرُ الفِكر والقلب، حقّا استطعتَ بلمساتِ الحروف، أن تنقلَ ما تحملُ مِن نبض الكرامةِ والعزّة تارة، واصطحاب الدّمع تارةً أخرلى. لغةُ الشّعر سلسة المآقي، جعلتِ الفكر يُخالط الحسَّ دون أن تفسحَ لعبثِ الأسئلة أو للنّقاش، تبدو واضحًا تنقلُ زمنَ الفكر الجليّ، وصاحب الموقفِ الواحد الصّريح، قادرٌ على إصدارِ صرخةِ الانتماء معلنها لكلّ عربيّ فلسطينيّ، مُكلِّلا هذا الانتماءَ بشموخ الجولان الّذي يشبهُ شموخَ "الأنا" لديك، وما لهذا الشّموخ سوى أن ينقلَ فرحَ الحياة، وأيّ حياة تتحدّث عنها عندما تقول: "خذني إلى فرح الجمال فإنّني سأظلُّ في علياءِ متنِكَ فارسًا وتطلُّ منّي صهوةُ العمر السّعيد".

أمّا المرأةُ أيّها الشّاعر فهي تشبه الشّعرَ في وعيِك، فكلاهما يحضران في نشوةِ النّظم، لشِعرك العابثِ بقلب العاشق الّذي يقول: "وكم سهرتُ على عنّات قافيتي والنّظمُ شاغلني عن طلعة الفجر".

لتنقلَنا الى الحلّةِ ذاتها في (اعشقيني): أدمنتُ عينيْكِ واحترتُ في لهفي إليكِ واحترفت الانتظارَ على دروبِك"

وقد جاء هذا التّشابهُ ليجعلَ الشّعرَ يغوصُ أكثر الى أعماقه في سطورك، وحتمًا مهما شربت من كؤوسه "لن يوصلك الى الحفة"، بل سيحي روحَ القلم ثانية في قصيدة كأسي. وأخيرًا أدعوك دعوةَ صدقٍ إلى خوض مغامرةٍ شعريّةٍ جديدة، إلى فنجان قهوة من القراءات، لتأتي لنا بمزيد من الشّعر، لنُحاكي معك أحلامَنا وحاضرَنا، وكي نغوصَ في عُمق اللّغة والقوافي، ونُبحرَ في بحور الشّعر والذّكريات، ولن ننسى أيّها الشّاعر شكرك وتقديرك وأنتَ تقدّمُ الشّعر لكلّ مَن يقرأ ولا يقرأ.

د. محمد خليل: أوّلاً بالنّسبةِ لموضوعةِ المقاومة، فأعتقدُ أنّها مسألةٌ محسومةٌ، ولم يعُدْ يختلفُ اثنان بأنّ المقاومةَ حقٌّ مشروعٌ للشّعوبِ المقموعةِ والمقهورة، فما بالُنا بالنّسبة للشّعوب المحتلّة؟ فهذا حقٌّ وواجبٌ تُقرُّهُ القوانينُ الشّرعيّةُ والوضعيّةُ على السّواء. بأيّ حقٍّ أو تبرير يحقُّ لأيّ طرفٍ كان احتلالَ طرفٍ آخر وقمْعِهِ وسلْبِهِ حرّيّته وكرامته، وانتهاكَ أرضِهِ وعرضِهِ ومقدّساتِهِ؟ هذا غير معقولٍ وغير مقبولٍ البتّة. إنّ كلّ شعب يحتلُّ شعبًا آخر هو نفسُه لا يكون شعبًا حُرًّا ولا ديمقراطيًّا، وكلُّ ادّعاءاتٍ أخرى هي مجرّدُ شعاراتٍ جوفاء خالية من أيّ مضمون. مِن حقّ الشّعوبِ أن تحيا بكرامةٍ وحرّيّةٍ ومحبّةٍ وسلام، وهذه قواعد تُقرُّها وتؤيّدُها البشريّةُ جمعاء. وإلى الآن لا يعرفُ التّاريخُ مكانًا احتلَّ مِن قِبل الغريبِ أو الدّخيل ولم يَجدْ مقاومة. إنّ الحرّيّةَ تُؤخذُ ولا تُعطى هكذا علّمنا التّاريخ .أمّا بالنّسبةِ لموضوعةِ الحداثة فأقول: لقد أصبحنا نعيشُ في القرن الحادي والعشرين، والغريبُ أنّه ما زلنا نجدُ بيننا إلى الآن مَن يعترضُ أو يُعارضُ رياحَ الحداثة الّتي بدأتْ تهبُّ ناحيتَنا متأخّرة، نحن نعلم أنّ الحداثةَ بدأتْ تتمظهرُ في العالم الغربيّ مع أواخر القرن التّاسع عشر، ولم يعُدْ بإمكان أحد أن يقفَ في وجهِها أو يصدّها، إنّها رياحٌ عالميّةٌ لا سيطرةَ لأحد عليها، والجميعُ يعلمُ أنّ سِمَتَي التّأثير والتّأثّر موجودتان على أرض الواقع بالفعل وبالقوّة، شئنا ذلك أم أبيْنا، والعالمُ اليومَ أصبحَ قريةً كونيّةً صغيرةً، ولا يمكن ولا نستطيعُ أن ننعزلَ عن العالم ونبقى وحدَنا نعيشُ في عزلةٍ عن سائرِ البشر. وأشَدُّ ما يؤسف أنّ بعضَهم ما زال يَرغبُ ويتمسّكُ ويتغنّى بالماضي لا لشيء، إلاّ لأنّه هو المبجّلُ والمقدّس في نظرِهِ، ونسيَ أنّ الحاضرَ والمستقبلَ يفرضُ عليه تحدّياتٍ جديدةً ومسؤوليّاتٍ كبرى وإشكاليّاتٍ معقّدةً ومركّبةً، لا يمكنُ مواجهتَها بالوقوف على الآثارِ الدّارسةِ والبكاءِ على الأطلال. لقد حانَ الوقتُ أن يَبرحَ هؤلاء أمكنتَهم ولا يتمسّكوا بمواقفِهم المسبقة، الّتي ترفضُ مجرّدَ التّفكيرِ في الحداثة. الحداثةُ الحقيقيّةُ حداثةُ العقل والتّفكير والإبداع والانطلاق، لا التّكرارُ والتّلقينُ والاتّباع والجمود. الحداثةُ عالمُ التّغيير والمحاولة، طبعًا إلى الأجمل والأفضل، في كلّ لحظةٍ لا في كلِّ ساعةٍ فقط، الحداثةُ عالمٌ مُبهِرٌ وساحرٌ بكلِّ ما للكلمةِ مِن معنى.

نظير شمالي: الأدبُ عامّةً لا يقبلُ التّأطيرَ والقوْلبةَ وخاصّةً الشِّعر، فأعطِني شِعرًا جيّدًا، ولا يهمُّني إن كان تقليديًّا حداثيًّا رومنسيًّا واقعيًّا تكعيبيًّا أو تعبيريًّا، فالشّعرُ الجميلُ هو الذي يفجؤُكَ ويُدهشُكَ ويؤثّرُ فيك، فكم من قصيدةِ عموديّةٍ ميّتةٍ لاحياةَ فيها، وكم من قصيدةٍ عموديّةٍ أدهشتْنا ولا تزال، وكم من قصيدةٍ حداثيّةٍ ميّتة لم تستطعْ أن تمدَّ إلينا جسرَ حوار، وكم من قصيدةٍ حداثيّةٍ أدهشتْنا وأبهرتْنا وشدّتْنا إليها بقوّة.

الزّجليّ شحادة خوري أتحفَ الحضورَ بعذبِ وصلةٍ زجليّة مهداة للشّعر وللشّاعر يحيى عطالله.

يحيى عطالله: شكرَ الحضورَ وأثنى على القائمينَ على إحياء هذه النّدوة والمتكلّمين بها، تحدّث بنبذةٍ قصيرةٍ عن سيرتِهِ الذّاتيّةِ ومُنطلقاتِهِ الوطنيّة، وقد اعترض على تخييرِهِ بينَ اللّونيْن الحداثيِّ والكلاسيكيّ، أو التّنازل عن ذلك الجمال التّراثيّ العروضيّ، وان كان الحكم على الشّعر العربيّ الكلاسيكيّ أنّه نظمٌ، فله الفخرُ أن يكونَ نظّامًا، لأنّه يكتبُ بالأساس ليُرضي نفسه أوّلاً وآخرا، وإن كان تقليديًّا فهو ليس مُقلِّدا.

الأحد، فبراير 21، 2010

بولقلق جديد عبدالله المدني

بعد روايته ((في شقتنا خادمة حامل)) صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للباحث والمحاضر الأكاديمي الدكتور عبدالله المدني رواية جديدة بعنوان "بولقلق". وعلى العكس من الرواية الأولى التي قامت على الخيال وحده دون الواقع، فإن الرواية الجديدة يمتزج فيها الاثنان، حيث الخيالي ينحصر في كل ما قام به بطل الرواية "خالد" من رحلات ومغامرات عاطفية، فيما الواقعي يقتصر على الحكايات التراجيدية التي كلف بالتقصي عنها في دول جنوب شرق آسيا, ضمن عمله مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فضلا عن الأماكن التي تردد عليها أو سكنها أو زارها.

تقع الرواية في 160 صفحة وهي من القطع المتوسط. وتضم عشرة فصول تحمل العناوين التالية: بولقلق، أرزاق التيوس، في عمارة صامباقيتا، الرحيل إلى بانكوك، حانة براون شوغر، العودة إلى مانيلا، في هونغ كونغ، رسالة من فيتنامية، فتاة لوفتهانزا، العودة إلى الخليج.

والجدير بالذكر أن مؤلف الرواية كاتب وأكاديمي متخصص في الشئون والقضايا الآسيوية من مملكة البحرين، وهو يحمل شهادة دكتوراة الفلسفة في العلوم السياسية من جامعة إكستر البريطانية، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية والإستراتيجيات من جامعة بوسطون الأمريكية. وله أكثر من عشرة مؤلفات في مجال تخصصه الأكاديمي وفي أدب الرحلات والتاريخ والسياسات المعاصرة وقضايا التنمية وحوار الحضارات والعلاقات العربية - الآسيوية.



السبت، فبراير 20، 2010

كتابان جديدان للباحث الشاعر الدكتور زاهر الجوهر حنني

(القادة الشهداء في ضمائر الشعراء) و (نقوش أولية على أهداب كوفية)

صدر حديثا عن المركز القومي للدراسات والإعلام / فلسطين، كتابان للباحث الشاعر الدكتور زاهر الجوهر حنني، أستاذ الأدب العربي الحديث المساعد في جامعة القدس المفتوحة/ منطقة قلقيلية التعليمية، الأول دراسات في الشعر الفلسطيني المعاصر بعنوان ( القادة الشهداء في ضمائر الشعراء- ياسر عرفات، صدام حسين، جمال عبد الناصر) وفي الكتاب ثلاث دراسات أكاديمية الأولى بعنوان (الفدائي ياسر عرفات في الشعر الفلسطيني) ويرصد بعلمية نقدية ملامح شخصية الفدائي القائد الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار) في الشعر الفلسطيني من خلال رصد الشعر الذي رافق رحلته النضالية في مراحلها المختلفة بدءا من مرحلة البدايات وانتهاء بالشهيد العائد، وانعكاس صعوبات الرحلة الطويلة الشاقة في الشعر الفلسطيني الذي عبر عن مسيرة النضال الفلسطيني المعاصر في مواجهة الاحتلال. أما القسم الثاني من الكتاب فهو بحث بعنوان (صدام حسين في ثلاث قصائد فلسطينية) ويرصد بمنهجية تأثرية انطباعية أثر مسيرة الشهيد القائد العربي صدام حسين في الشعر الفلسطيني بعد استشهاده ودوره في قضايا النضال التحرري العربي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. أما القسم الثالث فهو بعنوان (رثاء جمال عبد الناصر في الشعر الفلسطيني) ويتحدث عن الشعر الذي رثى فيه الشعراء الفلسطينيون القائد العربي القومي جمال عبد الناصر ودوره في القضية الفلسطينية وأثر استشهاده فيهم. وقد عرض الباحث نماذج كثيرة وقام بتحليلها بمنهجية تحليلية شخصية أقرب إلى التأثرية والانطباعية منها إلى أي منهج علمي بحثي آخر. ويقول الباحث أن طبيعة هذه البحوث وموضوعاتها تطلبت أن تكون تلك المنهجية هي المتبعة في البحث. فهي الأقرب إلى متطلبات طبيعة البحث. ومن أبرز النماذج الشعرية التي تناولها الباحث بالدراسة قصائد للشعراء محمود درويش ومعين بسيسو وسميح القاسم وعبد الناصر صالح والمتوكل طه وأمان الله عايش وفدوى طوقان ورشيد الجشي وهشام عودة وغيرهم.

أما الكتاب الثاني فهو ديوان شعري بعنوان (نقوش أولية على أهداب كوفية) وفيه ثلاثون قصيدة شعرية، تناولت موضوعات مختلفة منها الوطني ومنها القومي ولم تخل من نقوش ذاتية، وقد تنوعت بين بحور الشعر المختلفة وبين الشعر العامودي وشعر التفعيلة، يذكر أن الشاعر قد دخل في هذا الديوان المرحلة الثانية من مشروعه الشعري الذي بدأه بديوانه الثاني المعنون ب(إرهاصات) والصادر في العام 2005، وقد تميزت القصائد في الديوان بوحدة الهدف وتنوع النقوش، وتأصيل الانتماء الوطني الفلسطيني في عمقه العربي، فالقصائد تنقلت بين جبال فلسطين ورباها ومدنها وقراها، وربطتها مع عمقها العربي وانتماء أهلها وكل ما يربطها بالقضايا العربية، وصولا إلى العراق الذي يعيش مرحلة التحرر والنضال من أجل الخلاص من الاحتلال الأمريكي. ولم تخل نقوش الديوان مما يسمى بالمضحك المبكي.


الجمعة، فبراير 05، 2010

محترف راشيا يطلق إصداراته الأدبية بمناسبة بيروت عاصمة عالمية للكتاب


بيان من "جمعية محترف راشيا" مرفق مع غلافات الكتب عدد 6 مع كامل الشكر والتقدير .

"محترف راشيا" يطلق إصداراته الأدبية لمناسبة بيروت عاصمة عالمية للكتاب وجائزة فيصل العمر الأدبية وإحتفال في قصر الأونيسكو بيروت .

لمناسبة بيروت عاصمة عالمية للكتاب وجائزة فيصل العمر الأدبية وبالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية ومنظمة الأونيسكو أطلقت"جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" راشيا إصداراتها الأدبية للعام 2009- 2010 في مؤتمر صحافي عقده رئيس الجمعية شوقي دلال في مقر الجمعية راشيا الوادي والمتضمنة ستة كتب متنوعة بعنوان "كُتاب ومبدعون" لكل من :

- الشاعر نبيل أبو عبدو ، ديوان شعر باللغة الفرنسية بعنوان "dis – lui " .

- الأديب غازي قيس ، رواية عن شخصيات بعلبكية بعنوان "قناديل المدينة " .

- الفنان عارف أبو لطيف ، سيرة 50 عام في النحت بعنوان " حين يتكلم الطين " .

- الشاعرة ندى أبو حيدر طربيه ، ديوان شعري بعنوان " عِطر الندى"

- الفنان شوقي دلال ، كتاب بالألوان يؤرخ لنشاطات جمعية محترف راشيا منذ العام 1992 ولغاية 2009وصور وكلمات لمعظم الشخصيات اللبنانية والعربية التي إستضافتها الجمعية .

- كتاب بالألوان لنشاط فني أقامته جمعية محترف راشيا مع سفارة دولة كندا في لبنان بعنوان "الصداقة اللبنانية الكندية بالقلم والريشة" وفيه شهادات لشخصيات رسمية وإجتماعية لبنانية وكندية .

وسيصار إلى إقامة إحتفال للمناسبة يتم فيه توقيع الإصدارات وذلك نهار الأربعاء 24 شباط الحالي 2009 الساعة الخامسة عصراً في قاعة قصر الأونيسكو بيروت .

يذكر أن الإصدارات المذكورة هي بتغطية كاملة من الجمعية من ضمن مشروع دعم الكتّاب والمبدعين في لبنان لتمكينهم من طبع ونشر وتوقيع نتاجهم دون اي كلفة مادية يتكبدونها.

لمزيد من المعلومات الإتصال برئيس الجمعية شوقي دلال على الرقم 892873/03 والبريد الألكتروني chawki_dalal@hotmail.com



الأحد، يناير 31، 2010

بحر الصمت تحط بالقاهرة للجزائرية ياسمينة صالح



الجزائر: خاص

صدرت هذا الأسبوع عن دار الحضارة للنشر والتوزيع في القاهرة الطبعة الثانية من رواية بحر الصمت لياسمينة صالح، وهي الرواية الفائزة سنة 2001 بجائزة مالك حداد التي تشرف عليها الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت عن دار الآداب من نفس السنة، وتعد رواية بحر الصمت من أهم الأعمال الأدبية لياسمينة صالح، حيث ترجمت إلى الفرنسية عام 2002 ثم إلى الاسبانية سنة 2004، كما كانت إضافة أدبية جيدة للرواية النسائية الجزائرية بشهادة النقاد. ياسمينة صالح التي تصر على الإبداع بعيدا عن الأضواء هي واحدة من الروائيات الجزائريات المميزات كما جاء في دراسة للناقد التونسي "جمال الدين العرباوي" عن واقع الكتابة النسائية المغاربية (الصادر عام 2005 عن المؤسسة التونسية للنشر)، حيث ذكر أن الروائية ياسمينة صالح استطاعت أن تؤسس عالمها الأدبي بطريقتها المميزة، واستطاعت أن تدخل على الرواية النسائية المغاربية مصطلحات انقلابية لطالما كانت حكرا على الرجل عبر الغور في المواضيع السياسية الحساسة (الحرب التحريرية (بعيدا عن القداسة)/ الإرهاب (إرهاب الدولة)/ المافيا السياسية الحاكمة/ لاكامورا السياسة) بلغة آسرة وأسلوب ساحر، وإن تميزت ياسمينة صالح في تعاطيها لموضوع الثورة التحريرية في رواية بحر الصمت بكونها استطاعت أن تضع القارئ أمام واقع مغاير للشعارات المتعارف عليها، واقع تقول ياسمينة على لسان بطلها الرئيسي" الوطن يا ابنتي لا يختلف عن أمنا الغولة، إنه يعتني بكم لتكبروا، ثم يأكلكم بعدئذ دون أن يرف له جفن!"، وأضاف "العرباوي" في ذات الدراسة أن ياسمينة صالح استطاعت في سنوات قليلة أن تصبح من بين الأسماء النسائية الروائية الجديدة المميزة في الجزائر، من جهته قال الناقد المغربي الدكتور" عبد السلام فزازي" أن ياسمينة صالح تعد واحدة من أبرز الكاتبات الجزائريات تعاطيا مع اللغة السردية تعاطيا إبداعيا مبنيا على التجديد. يذكر أخيرا أن رواية بحر الصمت كانت ضمن دراسة جامعة في معهد البحوث والدراسات العربية في قسم الآداب بجامعة القاهرة السنة الماضية قامت بها "فريدة بن موسى" تحت إشراف الناقد الكبير صلاح فضل. غلاف الطبعة الثانية لرواية بحر الصمت للفنان العراقي إحسان الخطيب.

الخميس، يناير 21، 2010

لبنان يمنع رواية فرنسية تتهّم حزب الله باغتيال الحريري


الاخبار
بيسان طي -

«الأمن العام اللبناني منع رواية جيرار دوفيلييه Gérard de Villiers «لائحة الحريري» (La liste Hariri)، خرجت وسائل إعلامية فرنسية ـــــ ومنها صحيفة «لوفيغارو» بهذا الخبر أمس. في محاولة منها للترويج للرواية من خلال ترويج أخبار توحي بممارسات «لقمع الحرية».

هنا نلفت إلى أن دوفيلييه يروي قصة اغتيال الحريري من خلال بطل كتبه «مالكو» (أو كما يسميه الأمير النمساوي مالكو لينج)، وبناءً على «معطيات ومعلومات حصل عليها من لجنة التحقيق الدولية الخاصة بالجريمة، برئاسة ديتليف ميليس، ومن ثم سيرج براميرتس». الرواية التي تتصدر غلافها صورة فتاة مثيرة تحمل مسدساً، تحاول الإيحاء بأن حزب الله ضالع في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

اختار دوفيلييه «السكة الشيعية»، وفق المصطلح الذي بات رائجاً في ألمانيا وفرنسا في محاولة منه لاتهام حزب الله بالاغتيال. واللافت للنظر أنه يروّج لمعلومات ميليس، الذي رُفعت ضده دعوى في فرنسا لاعتماده على شهود زور حاولوا تضليل التحقيق. دوفيلييه، هو صاحب منشورات Sas، وقد كتب نحو 170 كتاباً بطلها أميره «مالكو».

صحافيون فرنسيون متابعون له يقولون إن كتاباته الصحافية تفتقر إلى الدقة، وإنه يدّعي أنها تحقيقات بنيت على الاستقصاء، لكنها أشبه ما تكون بروايات بوليسية للإثارة الرخيصة فقط، يطعّمها بمعلومات يجمعها من سفارات وعملاء استخبارات يلتقيهم من وقت لآخر. وفي هذا الإطار نذكر كتابه «الحقيقة حول رهينتين» الذي تناول قصة خطف الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو في العراق. فقد صدر الكتاب بعد مرور ثلاثة أيام فقط على تحرير الصحافيين (!)، وتضمنت صفحاته الـ150 أكثر من 60 خطأً، وهي ليست أخطاءً صغيرة بل معلومات معاكسة تماماً لما عاشه الصحافيان، وهو على أي حال لم يكلّمهما عن تجربتهما القاسية، بل استقى معلوماته من «عملاء» التقاهم في أيلول 2004، أي حين كان مالبرونو وشينو لا يزالان في أيدي خاطفيهم.

كتاب الرهينتين، لم يلقَ أيّ صدى، ولم يحقّق مبيعات، فهل يريد دوفيلييه أن يروّج لمنع الكتاب الجديد في لبنان لعلّه يجد طريقه إلى قرّاء يحبّون الإثارة ويكرهون العرب؟


الأحد، يناير 10، 2010

أثرٌ على الحائط.. جديد ناعوت عن فرجينيا وولف



و"جيوب مثقلة بالحجارة" عن مكتبة الأسرة

عن "المركز القومي للترجمة"، صدر كتاب "أثرٌ على الحائط"، مختارات قصصية للبريطانية الرائدة "فرجينيا وولف" (1882-1941)، من ترجمة وتقديم الشاعرة المصرية/ فاطمة ناعوت، مراجعة وتصدير عميد المترجمين العرب/ د. محمد عناني. يضمُّ الكتابُ، الذي يقع في 250 صفحة، عطفًا على القصص، توطئةً تُقدّم خلالها المترجمةُ مُدخلا ومفاتيحَ لقراءة وولف، التي وصفتها بأنها مهمةٌ ليست سهلة. ذلك أن وولف، فضلا عن كونها إحدى رائدات مدرسة تيار الوعي التي شكلت ثورةً على السرد التقليديّ ابن القرن التاسع عشر، بكلِّ ما يحملُ تيارُ الوعي من سماتٍ حداثية مركبة مثل التداعي الحر للأفكار، المونولوج الداخلي، المنظور التعدديّ، وسواها من التيميات التي تزيد العملَ تركيبًا، إلا أن وولف تميزت بتقنيات سردية أخرى هي: الالتفات في الضمائر، أنسنة الجماد، تضفير الواقعيّ بالمُتخيَّل، واختراق الأجرومية اللغوية، إضافة إلى الطول المفرط لجملتها السردية التي قد تصل إلى صفحات، ما يُزيد أعمال وولف تركيبًا بنائيًّا وصعوبةً في التلقي. لذلك تقدم ناعوت للقارئ بعض المفاتيح التي تُيسر دخول عالم وولف الفاتن، على صعوبته، كما تتكلم عن الأسلوب الذي نهجته في ترجمة وولف.
يقول الدكتور محمد عناني في تصديره الكتاب: إن ناعوت نجحت "في تمثّل أبنية فرجينيا وولف واستيعابها قبل نقلها بلون من المحاكاة يقترب من الإبداع الجديد، فهو بلغة جديدة، وهو ترجمةٌ، والترجمةُ بمعناها الاشتقاقي نقل للمكان، تنقلنا من مكان إلى مكان، فتعيد المترجمة بناء المواقف الشعورية في القصص الأصلية بلغة الضاد، متيحة للقارئ العربي فرصة الإطلاع على فن فرجينيا وولف ولو اختلفت اللغة. والمترجم الذي يختار هذا المركَّب الصعب لابد أن يكون مبدعًا أولاً، حتى يستطيع إبداع النص الإبداعي الجديد".
يُذكر أن هذا هو الكتاب الثاني الذي تقارب فيه الشاعرةُ فاطمة ناعوت حقلَ فرجينيا وولف السرديّ، بعد كتابها الأول "جيوبٌ مثقلةٌ بالحجارة" 2004، الذي صدرت طبعته الثانية، عن المركز القومي للترجمة 2009، ثم صدر قبل أيام عن مكتبة الأسرة، بمراجعة وتصدير د. ماهر شفيق فريد، ويضمّ الكتابُ دراسةً مطوّلة عن تجربة وولف السردية، وترجمةً لإحدى نوفيلاتها الطويلة إضافة إلى حوار تخيليّ مع فرجينيا وولف. ويعد "أثرٌ على الحائط" الكتاب الرابع عشر من إصدارات ناعوت التي تنوعت ما بين الدواوين الشعرية والترجمات والنقد. كما تنتظر صدور ترجمتها رواية "نصفُ شمسٍ صفراء" عن الإنجليزية للكاتبة النيجيرية الشابة تشيمامندا نجوزي أديتشي، عن سلسلة الجوائز بالهيئة المصرية العامة للكتاب، مع معرض القاهرة الدولي للكتاب بعد أيام.

السبت، يناير 02، 2010

هندسة الحب.. ولادة لغة مرصعة بالأناقة



أمينة بريمكو


هندسة الحب.. هندسة الكلمات.. هندسة عالم حسي يعيد للنص الشعري لياقته من خلال رحلة استكشافية لمخيلة زاخرة بصور فنية متجانسة مع عالم اللاواعي.

ديوان «هندسة الحب» للكاتب والشاعر «مصطفى سعيد» من الدواوين التي تغازل فينا روح الإبداع، وتحثّنا لنروي ظمأ أرواحنا بقصائد حقيقية تحمل الجديد في صناعة القصيدة.

يبدأ الشاعر «مصطفى سعيد» ديوانه بقصيدة: «مرايا»، يقدم لنا بداية ذكية مع قصيدة تحمل إشارة استفهام لشخصية الحبيبة، وقد يراودنا سؤال ترى كيف استطاع الشاعر احتواء حبيبته التي لا تهتم سوى بطلاء أظافرها؛ حيث يمسك الشاعر بيدي القارئ، ويجلسه في قارب الكلمات:

«أن دمعك سال

ليس من أجل تيهي..

بل من أجل طلاء أظافركِ».

حاول أن يسيّج النص بصياغات مدروسة يتوازن بها بين الشكل الفني للنص، والمضمون الواقعي.. وهو يوظّف مفرداته بطريقة سلسة حرة تطير في فضاء المعنى.

«تُشرقُ مع كلّ فصلٍ

حفنةُ ألم»

«ألعقُ كدماتِ الزمنِ

منتعلاً خفَّيْ موتٍ أزرقَ»

«منذرٌ أنا بريشةِ بومة..

منذُ عطسةِ الخريفِ الأولى..»

«وروحكِ

غذاءُ البشرِ

المنسكبِ بآنية الله..»

اعتمد الشاعر على لغة سريالية تضج بإيحاءات حسيّة، لتصبح السريالية المادة المعرفية التي تروض الشكل الفني في نفق المضمون، لينسجما معًا في صبغة وجدانية واعية.

« كان الغمام فوقكَ

كسقفٍ رَّخوٍ سينهارُ، مثلي..

حزناً عليكَ».

منذ القصيدة الأولى والشاعر يخفي تهكّمًا عميقًا ليروي للقارئ هندسة عشقه؛ وهو يكتب على هضبة الذات حزنًا هادئًا، كلما اجتزت حدود قصيدة لترتاح من معاناة الشاعر، حتى تلهث قصائد أخرى تحمل أنين الشاعر، وقلقه كما في قصيدة «عجينة الله» وقصيدة «انتنٌ محنط» وقصيدة «الوباء» يحمل الشاعر أوجاعه لينثرها بنعومة في روح القارئ:

«يطالبُني القدرُ ملءَ فمِه

أن أكتمَ قيحي..

سأدخنُ لفافةً مغمسةً بدمي..».

تحايل الشاعر في أدواته ليحاول ترجمة مشاعره بلغة مهذبة مصقولة بحس وجودي مكثف، وهو يهندس الكلمات ليروي للقارئ بهاء حبيبته:

« شرسٌ بهاؤُكِ

حَدَّ الانكبابِ»

«تمددتْ سخونتُكِ في ثلاجةِ الموتى..».

أخذنا الشاعر إلى قعر محنته، وهو يواجه خداع الحبيبة، ويشفق على نفسه كيف كان يصدقها، وكم كانت السنين ضيقة وحالكة:

«تبكي الفترات علي

لما أيقنتك متأخّرًا

ضيقة كانت السنين

حالكة بلا طين».

فيما بعد الفراق يحاول الشاعر استرجاع الوقائع من وجهة نظر أحادية، حيث يلوم الحبيبة كما في قصيدة «الضوضاء»:

«لكنك ظننتِ أني

قطعة غباء..

في صيدليةٍ دنيوية

أستخدم ربما للطوارئ يومًا..

ثم تقولين إني خدعتكِ»

حملت بعض القصائد عناوين كبيرة، لكنها لم تبهر القارئ في مضمونها، بل كانت ضعيفة قياسًا بباقي القصائد كقصيدة « الكوكب الزيتي»:

«الفضاءُ رحبٌ مثلَ صدري.

النجومُ ثابتةٌ.

مصابيحُ بأيدِي الملائكةِ..».

وقصيدة «ابن الكون».

«تسألينَ..

مَن أكونُ..

أكونُ من..

لا أدري..».

استطاع الشاعر أن يهدينا من خلال هندسة حبه أجزاء من حياته من خلال قصائد مهذبة؛ تحمل صبغة وجدانية عبر تراكيب قوية مرصعة بمفاتن لغوية كتعبير صادق لمشاعره، وما يحمله اتجاه حبيبته.


عن جريدة المدينة – الأربعاء الثقافي

http://www.al-madina.com/node/208863


الجمعة، يناير 01، 2010

الروائي المغربي رشيد الجلولي يصدر الجزء الأول من روايته: الخوف




صدر للكاتب المغربي رشيد الجلولي عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء وفي حلة أنيقة رواية الخوف في جزئها الأول الموسوم ب: إرادة الحياة ضد إرادة الموت ،وهي من منشورات بلاغات بالقصر الكبير-المغرب ضمن سلسلة نصوص إبداعية .الرواية التي تقع في 224 صفحة تضم 50 فصلا وتتميز بغلافها المزين بلوحة "الفيلسوف" للرسام العالمي رامبراند .ويمزج الروائي رشيد الجلولي بين فضاءات حقيقية تنتمي لمدينة القصر الكبير والعرائش وبين فضاءات متخيلة، ويتسم التشكيل السردي لهذا العمل بأحداثه المتماسكةأحداث وفق متواليات سردية يتداخل فيها الرمزي والأسطوري بالواقعي، مما جعل الكتابة الروائية تتميز بتداخل سحر الحكاية على نحو ما نجد في روايات أمريكا اللاتينية والعجائبي على شاكلة كتابات كافكا. ولعل هذا المزج هو ما جعل من رواية "الخوف"نصاً باذخاً لا يتواني في إثارة الأسئلة حول قضايا مثل الحرب التي لا نعرف زمن حصولها والتحولات التي يمر منها البطل ومعه المجتمع. الرواية تصوير لواقع نصي يحكي سيرة عيسى المثقف العضوي الذي يتحول إلى قائد عسكري يدافع عن مدينته عين الجسر بطرق مميتة ويشن حربا ضروس ضد العدو"السماوي". ون جماليات التصوير الروائي في هذا العمل السردي المخصوص لا تنبع فقط من اللغة الروائية الشفافة للروائي رشيد الجلولي خريج شعبة الأدب الإنجليزي بجامعة عبد المالك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. لأنها تتوسل برصيد فكري ينفتح على كل المعارف الإنسانية، وبطاقة بلاغية مكنته من توظيف الاستعارات والتشبيهات والإنزياحات، من أجل تأسيس جماليات روايته على نحو متفرد.وقد خص الدكتور عبد الجبار العلمي هذه الرواية بمقدمة رصد فيها معالم رواية الخوف بقوله:
"إن المؤلف يود أن يقول لنا هنا بأن الإنسانية مند قابيل وهابيل لم تتوقف يوما عن إشعال فتيل الحروب المدمرة.فكأنها إنما خلقت من أجل التطاحن والصراع والحروب الفتاكة.إن الرواية بوصفها للحرب بكثير من التفاصيل إنما تقدم إدانة مرة للواقع المعاصر الملئ بالحروب،وسيادة مبدإ القوة الغابوي".

الأربعاء، نوفمبر 18، 2009

كتاب لـ أندرياس فون بولوف - الـ سي آي إيه و11ايلول 2001 والإرهاب العالمي ودور أجهزة الاستخبارات



عرض د.مهند العزاوي
ترجمة: د. عصام الخضراء وسفيان ألخالدي

شهد العالم العربي والإسلامي فوضى سياسية وإعلامية بعد أحداث 11 أيلول 2001 واستهدفت العالمين العربي والإسلامي خصوصا بعد أن شرعت وسائل الإعلام الأمريكية والدوائر السياسية وبسرعة فائقة إلى توجيه أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وربط الاتهام بالرئيس الراحل صدام حسين كراع للقاعدة في تضليل واضح وتوظيف المشاعر المتعاطفة مع الضحايا تمهيدا لغزو أفغانستان والعراق المخطط لهما منذ أعوام تسبق الحادث , وكانت تلك الحادثة هي الشرارة الأولى لبدء المرحلة الثانية من لحرب العالمية على الإرهاب على لسان الرئيس الأمريكي السابق بوش بعد أن نادى بها الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان وأفضت إلى تجريم الولايات المتحدة الأمريكية من قبل المحكمة الدولية بإرهاب القوة وباستخدام القوة اللاشرعي ضد نيكاراغوا , وبذلك أصبحت أحداث 11 أيلول حصان طروادة لحروب الشرق الأوسط في أفغانستان والعراق, ونحتت مصطلحات وشعارات إعلامية دعائية ذات منحى سياسي وحربي لتغلف المشهد الحربي القادم وينمط العرب والمسلمين بالإرهاب بما يتوافق مع فلسفة "صموئيل هنغتون" والذي يعلن الحرب العالمية على الإسلام, وشهدنا الكثير من العروض المسرحية لتسويق مشاريع استعمارية لتفتت العالم العربي والإسلامي ومنها مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يفضي بسيادة استعمارية أمريكية كونية للقرن الحالي وبدفع صهيوني , وقد أقرته مجموعة القرن الأمريكي الجديد كمشروع كوني للهيمنة على العالم عام 1998في ظل تعاظم النزعة العسكرية الأمريكية وانفرادها كقوة عسكرية الأولى في العالم , وهنا انتهزت إدارة بوش هذا الحدث لتعلن قرصنتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على العالم وكان تصريح بوش المثير للجدل "من لم يكن معنا فهو ضدنا" ليعلن اكبر دكتاتورية سياسية عسكرية تغلفها دعوات وشعارات دموقراطية, نعم هناك الكثير من التساؤلات والمتناقضات التي رافقت تلك الأحداث ومنها ليزال دون إجابة وليس من المعقول والمنطقي والموضوعي أن نصدق كامل الرواية الأمريكية عن الأحداث فان خلف الكواليس الكثير من المتناقضات والأسئلة المحيرة وأصابع الاتهام الفنية والمهنية والحرفية وحتى التنظيمية وسياقاتها التي كانت غائبة عند وقوع الأحداث ومن ابرز معالم الشك حصر التحقيق بأجهزة المخابرات التابعة للكونغرس ومنع البرلمانيين من التحقيق وكشف الملابسات والحقائق التي رافقت الأحداث , وحتى يومنا هذا هناك مطالب شعبية وسياسية تطالب بكشف ملابسات الحادث والإجابة عن الأسئلة المحيرة والتي بالتأكيد أجوبتها صعبة يحضر طرحها على الرأي العام, لم يجرؤ السياسيون العرب والإعلام العربي والتابع منه على مناقشة تلك الأحداث ومعطياتها وفق القيم الأمنية والحقيقية للخروج من نظرية المؤامرة الإسلامية في الحادث , كون الإعلام الأمريكي انتهج إستراتيجية التعتيم الإعلامي الرسمي ,أذا علمنا أن هناك أجهزة مخابراتية جبارة في الولايات المتحدة قادرة على كشف الحقائق أو التلاعب بها وتزييفها وتضليل الرأي العام , وهناك تجارب كثيرة عبر التاريخ في هذا المجال , قد تكون تلك حرب الأشباح التي تنفذها دوائر مخابراتية لإغراض سياسية وحربية والتي لا تتسق مع روح القانون والديمقراطية , وتعزز روح الاحتراب والكراهية بين الشعوب وتنشر الفوضى والحروب وتعزز جشع الشركات القابضة الكبرى وتجعل الدول وشعوبها ميدان لتجارب شركات الأسلحة الحديثة وتسويق منتجها من خلال فتح أسواق دموية وقودها امن الشعوب والدول.

يقدم الكاتب "أندرياس فون بولوف" فكرة مهنية وحرفية تعتمد على قابلية التصور والشك على أسس علمية ونظرية ونمطية ومواكبتها مع المعطيات والموارد المخصصة للمعالجة والإجراءات الوقائية والاحترازية ناهيك عن الإجراءات العلاجية والتعمق بالتحقيق شاملا الوقت والزمان والدلائل الجنائية ومقارنتها مع إعادة تركيب الحدث على الأرض بعد وقوعه, والذي لم يحدث نظرا لتجريف مكان الحادث بسرعة دون معرفة من يقف وراء هذا الأمر والذي يعد خرقا امنيا تحقيقي لطمس بصمات الفاعل الحقيقي ومن يقف خلفه والدافع من ورائه.

استعرض الكاتب أرقام الرحلات 11,157ونوع الطائرات ومدن الانطلاق والتي استهدفت مركز التجارة العالمي البرج الشمال والجنوبي , والرحلة 77, ونوع الطائرة والتي ضربت المحيط الخارجي البنتاغون والتي كانت مستهدفة البيت الأبيض حسب التقارير وكذلك الرحلة 93 ونوع الطائرة والتي سقطت أو أسقطت قرب "شانك فل" في منجم فحم قديم بولاية "بنسلفانيا", وأشارت المعلومات الأولية سقوطها بصاروخ وانفجرت بالجو حسب الكتاب.

برج التجارة مواصفات فنية خارقة

أشار الكاتب إلى الخواص الفنية الخارقة للمبنى وأسلوب بناء مركز التجارة العالمي من بناء فولاذي الهيكل وبلغ ارتفاعه 400 متر مرتكزا على حوامل ضخمة فولاذية وسطه , وأقيمت الأساسات على فولاذ خاص استورد من اليابان سمكه 12 سم يتناقص سمكه باتجاه أعلى البناء لقد تم تثبيت البناء بواسطة 256 حاملة فولاذية تبعد الواحدة عن الأخرى مترا مثبتة بدورها بحوامل جانبية مغلفة بمواد ضد الحريق وركبت فيها النوافذ بمسافة 3,7 م, أما الأرضية في الطوابق فكانت تركن على تركيبه فولاذية إسمنتية مثبتة من جهة على الحوامل الفولاذية وعلى حوامل خارجية خاصة من الجهة الأخرى, لقد حصل ما لم يكن متوقعا يقول الكاتب لقد هبط البرج الجنوبي الذي أصيب من الجانب رغم أن تصميم الأبراج قد نفذ ليتحمل صدمات طائرات ضخمة من هذا النوع ويتحمل كذلك الرياح العاتية التي هي اشد قوة وخطر من الطائرات ولكن ما حدث هناك كان شيء ليمكن استيعابه فقد أظهرت الصور أن كتلة من ثلاثين دورا وعلى ارتفاع مئة متر مالت إلى الجانب بما يعادل 22 درجة لتسقط بعد ذلك مع 72 دور كليا إلى الأرض, وخلف السقوط سحابة غبارية هائلة حيث كان من الصعب حتى رؤية بعض الأجسام الفولاذية الساقطة , ويقول الكاتب انه بعد عشرين دقيقة سقط البرج الشمالي حيث بدا الدخان الأسود الكثيف في الأدوار يفعل فعله أكثر مما تسببه النيران, لقد هبط البرجان كما تهبط طبقات الكيك كما يوصفها الكاتب, جارفة الدور بعد الأخر رادمة تحتها الناس والتجهيزات, لم يعر احد في أوربا أي انتباه للنيران التي انتقلت من الأبراج المحروقة المهدمة إلى البناء المجاور والتي لم تكون بذلك الارتفاع لكنها كانت تمتلك مواصفات فنية شبيه بناطحات السحاب , كيف وصلت النيران إلى البناء رقم 7 بعد سقوط البرج الشمال في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا بتوقيت أمريكا ليسقط هو الأخر في تمام الساعة الخامسة والنصف, أما الأبنية رقم 5,4 فقد استمرت بها النيران لساعات طويلة ولكن هياكلها الفولاذية تمكنت من الصمود على عكس الأبراج والبناية رقم 7؟

مراقبة مضاربات البورصة من قبل إسرائيل

يشير الكاتب إلى نشاط اقتصادي سبق الأحداث تحسبا لوقوع حدث ما , حيث قدم مركز "هرتسيليا" الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب عرض بخصوص النشاطات التجارية للمطلعين على مجرى الأحداث داخل الإدارة الأمريكية في فترة الحادي عشر من سبتمبر جاء به , انه تم بيع 4744 سهم لشركة "الطيران المتحدة" مقابل معدل بيع 396 في الفترة نفسها أما شركة "الطيران الأمريكية" فقد تم بيع 4515 سهم مقابل 748 في الفترة نفسها وتم بيع 2157 سهم من قبل شركة "مورغان ستانلي" التي تشغل 20طابق في بناء مركز التجارة العالمي في غضون ثلاثة أيام قبل الأحداث مقابل فقط27 سهم في الفترة نفسها, أما شركة نيرلنك والتي تشغل أيضا 22 دور في مركز التجارة العالمي تم بيع 12215 سهم خلال أربع أيام قبل الأحداث مقابل 252 كانت تباع يوميا , ورغم الإعلان الفوري عن تلك العمليات المريبة لم يتم الكشف عن أسماء المنفذين من داخل الإدارة الأمريكية وكذلك لائحة الشركات الـ38 التي تاجرت بتلك الأسهم قبل أيام من الحادث, وأعلن البنك الاتحادي الألماني بناء على فحص وثائقه في تلك الفترة عن تورط العديد من المقربين من صناع القرار في الإدارة الأمريكية, وحتى اليوم ليزال الرأي العام ينتظر نتائج التحقيقات التي يجريها مكتب التحقيقات الفدرالي أف بي أي بالتعاون مع مكتب مكافحة الجرائم الاقتصادية, حيث قامت وكالة الأمن القومي وحسب المعلومات الصادرة أليها من الإدارة القانونية بمحو التسجيلات التلفونية المتعلقة بأنشطة المضاربين بالبورصة وتم تعليل هذا الأجراء بأنه لم يتم فقط التنصت على مواطنين أجانب, وقد طال هذا الأجراء مواطنين أمريكيين وهذا ما ليسمح به القانون وأعلن المدير السابق لقسم مكافحة الإرهاب انه لابد من الحفاظ على شرائط التسجيل واستخدامها في المحكمة كأدلة أذا كان المواطنون الأمريكيون مشتركين في عمل إرهابي أجنبي

التامين على مركز التجارة العالمي ضد الإرهاب قبل الأحداث بأسابيع

يشير الكاتب "أندرياس فون بولوف" انه قبل أسابيع قام الممول اليهودي "سلبر شتاين" باستئجار مركز التجارة العالمي من مدينة نيويورك لمدة 99 عام وباجر قيمته مئة مليون دولار سنويا, فقد كان هذا الرجل مسئولا في الانتخابات السابقة عن صندوق التمويل الخاص بالحزب الجمهوري وعليه كان هذا الرجل ذو تأثير كبير على الحزب الجمهوري في أمريكا,لقد تم توقيع عقد الإيجار بين إدارة موانئ نيويورك والسيد "سلبر شتاين" في يوم 26 ابريل 2001 باسمه وباسم شركة "ويست فيلد- WEST FIELDAMERICAM" وأصبحت هذه الصفقة سارية في 23 يوليو2001 وذات صلاحية قانونية أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بـ سبع أسابيع وسلم السيد "سلبر شتاين" مفاتيح مركز التجارة العالمي وكان هذا الرجل كان يقرا الغيب فقد قام بالتامين على مركز التجارة العالمي بمبلغ 3,2مليار دولار بما فيه الحوادث ضد الإرهاب ولأول مرة يحدث أن توافق شركة التامين على تامين ضد الإرهاب , لقد كان السيد "سلبر شتاين" يفكر منذ وقت طويل بهدم هذا البناء البالغ من العمر ثلاثين عاما والذي لم يكن مستغلا بصورة جيدة واستبدالها بأربع ناطحات سحاب في حالة حصل على تعويض مضاعف كما طالب لكان بالإمكان تمويل هذا المشروع دون عناء.

لا نهاية للمتناقضات- الطيارون لا يعطون الإشارات المقررة

يشير الكاتب "أندرياس فون بولوف" إلى سؤال هام يطرح نفسه عن السبب الذي منع ملاحي الطائرات الأربع المختطفة من اللجوء إلى استعمال الطريقة التي تدربوا عليها في حال اختطاف الطائرات, لان على الطيار في حال اختطاف الطائرة أن يعطي رمزا مؤلفا من أربعة أرقام على الكومبيوتر لمركز المراقبة الأرضي للملاحة الجوية , كيف كان بإمكان الخاطفين وبالطائرات الأربع من التغلب على طواقم الطائرات بكاملها بواسطة سكاكين بلاستيكية كما روي أو تلك التي تستعمل لتقطيع الكارتون, من الصعب استيعاب حقيقة عدم تمكن ولو شخص واحد من طواقم الطائرات الأربع من طباعة الأرقام الأربع على الكومبيوتر كأجراء وقائي أخباري في الطائرة, كما أن أمكانية قيام طيارين هواة سيئي التدريب بقيادة طائرات حديثة عملاقة وتوجيهها بسرعة 800كلم بالساعة باتجاه مركز التجارة العالمي البنتاغون يبدوا عملا مستحيلا حسب أراء و إفادة خبراء ومختصين في مجال الطيران المدني والحربي ,ومن جهة أخرى لا يمكن التصور بان يقوم الطيارين المحترفين لتلك الشركات بتوجيه الطائرة بما فيها من ركاب وهم أمانة في أعناقهم والذهاب بهم إلى الموت في الأبراج المذكورة, لان غالبية الطيارين هم محترفين من سلاح الجو الأمريكي.

اختفاء الصندوق الأسود ومسجل الصوت

ادعت دوائر التحقيق بالحادث عدم التمكن من وجود الصناديق السوداء للطائرتين المرتطمتين بأبراج مركز التجارة العالمي أما صناديق الطائرتين الاخريتين فقد تم العثور عليهما ولكن التسجيلات ناقصة أي متلاعب بمحتواها ولم يتم نشرها نظرا لسريتها, مع العلم أن تلك الصناديق السوداء صممت لتحمل صدمات من ارتفاعات عالية وحرائق تصل حرارتها إلى 1500 درجة مئوية أما شريط التسجيل التابع للطائرة التي سقطت أو أسقطت بصاروخ والمرقمة رحلتها 93 فقد كان يحتوي على تسجيلات تم حجبها من قبل أف بي أي عن أقارب الضحايا والرأي العام, والغريب في الأمر أن ركاب هذه الرحلة قد علموا عن طريق الهاتف المحمول بالضربات التي نفذت ضد مركز التجارة العالمي البنتاغون وتشير الرواية بأنهم شنوا هجوم ضد الخاطفين.

إزالة وحجب الأدلة

يقول الكاتب "أندرياس فون بولوف" بوصف الصخب بعد انجلاء العاصفة برزت صيحات ومطالبات تفيد أن ارتطام الطائرات بالبناء الفولاذي ليمكن أن يسبب انهيار هكذا مبنى بمواصفات فنية خارقة ,فهندسة البناء قد صممت لتتحمل مثل هذه الصدمات وتستطيع الصمود لعشرات السنين في وجه الرياح الشتوية العاتية الأشد ضراوة والتي تجابه مساحة قدرها 6400متر مربع من سطح البناء,وكان قد صرح بروفيسور أخصائي في علم "ستاتيك البناء" بان سقوط البرجين لم يكن ولا بأي حال من الأحوال ناجما عن تأثير عوامل الضغط والحرارة الناجمة من اصطدام الطائرة بالبرج, لان أعلى احتراق للكيروسين يصل إلى 375درجة مئوية أما درجة ذوبان الفولاذ 1300درجة مئوية؟ ويفقد الفولاذ متانته بدرجة 800 وتلك الدرجات لن يصل إليها الكيروسين المشتعل,وتم بصورة لافتة منع وإعاقة السلطات الجنائية من تعقب وجمع الأدلة وأثار الجريمة , خصوصا بعد أبعاد ونقل الأجزاء الفولاذية الحساسة من مكان الحادث قبل وصول الخبراء لإجراء الكشوف مما تسبب بفقدان أدلة مادية هامة من مسرح الجريمة.

تمرين دفاع ضد الإرهاب في يوم الحادي عشر من أيلول

يشير الكاتب إلى أن تمرين كان مقرر إجرائه يوم 11 أيلول في كل من البنتاغون مؤسسة التحريات الوطنية NROوقد الغي يومها بالذات وبالمصادفة كان هدف التمرين مواجهة حادث سقوط طائرة على كل من المبنيين الحكوميين ومعالجة الحادث, وتتولى مؤسسة التحريات الوطنيةNRO إدارة جهاز الاستطلاع في الولايات المتحدة المعتمد على الأقمار الصناعية ومهمته الإنذار المبكر للقيادة العسكرية والسياسية وتزويدهما بما يلزم من معلومات تحذيرية لاتخاذ الإجراءات الضرورية.

سبعة أشخاص ممن اتهموا بالاشتراك في الأحداث يعلنون أنهم على قيد الحياة

في الساعات الأولى بعد الإحداث تم إعلان تسعة عشر منفذ مسلم دخلوا الولايات المتحدة الأمريكية وتدربوا على قيادة الطائرات, في حين جرى التأكد من شركات الطيران لبيان صعودهم للطائرات أصرت الشركات على الإبقاء على لوائح ركابها التي تظهر أن أي من 19 المتهمين باختطاف الطائرات والذين نشرت أسمائهم لم يقم بمراسيم صعود الطائرة-CHECK IN وتبين حسب تحريات الصحفيين وكانوا في غالبيتهم بريطانيين أن سبعة من المتهمين على الأقل ما زالوا على قيد الحياة ولم يتواجدوا في أمريكا وقت الحادث, حيث قامت جريدة "الاندبندنت –INDEPENDENT" وجريدة "دالي مريرDAILY MIRROR" وتم خلال التعاون مع عدد من الصحف العربية بزيارة السبعة المذكورين في بلادهم وأجرت معهم مقابلات صحفية وكذلك صورهم منشورة عبر الانترنت ورغم ذلك لم يجد مكتب التحقيق الفدرالي ولا وسائل الإعلام الأمريكية والأوربية والسائرة في نهجها ضرورة نقاش مصداقية رواية لائحة المشتبه بهم التي أخرجت بسرعة بعد الأحداث بدقائق.

تطرق الكاتب "أندرياس فون بولوف" إلى عدد من الأسئلة والمواضيع المحيرة والمتناقضات الكثيرة والتي تعطي انطباع يقود إلى حقائق بعد التمحيص عبر عناوين رئيسية مثل:-

شكوك تقنية-مصداقية المكالمات الهاتفية من الجو
مكالمات الهاتف المحمول من على متن الطائرة التي سقطت في بنسلفانيا
تقنية التنصت ضد الجريمة الإسرائيلي
ضعف رواية احتلال قمره القيادة بسكاكين بلاستيك
مخططات توضيحية للارتطام والسقوط المشكوك بها
سقوط الحطام بسرعة ثابتة مخالف لنظرية الجاذبية الأرضية
أبنية مركز التجارة5,6,7 وكيفية تحطمها ولم تستهدف بضربة
البناء رقم سبعة يحتوي على محولات خفض التيار وخزانات ديزل ليمكن تحويلها
أخلاء وسقوط البناء رقم7 لمركز التجارة العالمي.
حريق وانفجار في مركز التجارة العالمي البناء رقم6.
تراكم التناقضات تحذيرات الاستخبارات الأجنبية
شل التحقيقات وخداع بصر الرأي العام
طمس البراهين وإعاقة الخبراء
فشل الدفاع الجوي الذريع
حالة طوارئ قومية وأعلى العسكريين رئيس هيئة الأركان لا علم
هنغتون والعدو الإسلامي الجديد
الأثر الزائف للمشتبه بهم
أمكانية التحكم بالطائرات الكترونيا من خارجها
التحكم من بعد موجود في أكثر من 600طائرة ركاب
انعطاف في مسار الطائرة لا يمكن لطيار أن يقوم بها
سر العمارة7 والمقرات وهل موجودة بها مقر تحكم بالطائرات
ماذا كانت الاستخبارات الإسرائيلية تعمله-ضحية إسرائيلية واحدة بالحادث
مراقبون خمس اسرائليون فوق سطح المتجر يلتقطون صور فيديو
اللعبة الكبيرة للسيطرة على العالم-القرن الأمريكي الجديد
الإرهاب كوسيلة للحرب النفسية
العصبية الوطنية تجتاح الشعب الأمريكي
الديمقراطية الساعية للحرب والنخبة المتسلطة
حرب من اجل التلاعب بمشاعر الجماهير ومواقفها
ويستخلص الكاتب في نهاية كتابه تساؤلاته حول المتناقضات والحقائق المدغمة قائلا:- على كل حال فل يكن ما يكون والعواقب لا يمكن التنبؤ بها ولكنها تؤثر في هذا القرن طويلا ما لم يتم دفع الرأي العام إلى الشك بصحة سلوك حكومة بوش واستقامتها, أن الدولة العظمى المتفوقة اقتصاديا وماليا وثقافيا وكذلك عسكريا على الدول والشعوب الأخرى الأضعف والأصغر منها تحرر نفسها للتخلص من قيود القانون الدولي مشيرا إلى الحوادث الإرهابية وتذهب تحت هذه الحجة وحجج أخرى إلى استخدام الوسائل العسكرية لإعادة تنظيم الأرضية النفطية في الشرق الأوسط معتمدة على قواعد عسكرية جديدة في المناطق ذات الواقع الهام في السياسة المالية, أن زمرة القيادة للقرن الأمريكي الجديد تطلب أطاعة عمياء غير مشروطة وتنعت ديمقراطيات أوربا غير المطيعة لها بأنها من أنصار الزهرة على عكس أنصار مارس (آله الحرب) الشجعان وتنعتها بالجبناء والفاشلين والمتخاذلين في الصراع ضد ما تسميه محور الشر وتواجه القرارات الدموقراطية التي لتتماشى مع الخط الأمريكي وتمارس التهديد بالعقوبات,أن الحلم الأمريكي قصة الحرية وحقوق الإنسان يوشك أن يتلاشى((عليك أن تعرف الحقيقة والحقيقة ستحررك)) هذا القول الأمريكي مكتوب على بوابة وكالة الاستخبارات المركزيةCIA, ومعرفة الحقيقة عن 11-9-2001 قد يكون لها المفعول المحرر في إدخال الضوء إلى المشهد العالمي المظلم حاليا,غير أن هذا القول الأمريكي ويقصد به شعار وكالة المخابرات المركزية هو في حد ذاته تضليل ولا يتوافق مع دورها ومهمتها بل هو أجمل من أن يكون واقعيا والمواطن المطلع المدرك هو الذي يستطيع التغلب على نتائج تضليل هائل وهذه مهمة تنتظر الشرفاء والوطنيين الحقيقيين في كل بلد, هكذا انهي الكاتب خلاصة كتابه باحثا عن الحقائق وكشف الملابسات التي رافقت الحادث والتي قادت بالتأكيد الى كوارث سياسية وإنسانية تمخضت عنها غزو دولتين شعوبهما إسلامية في الشرق الأوسط وقتل ملايين من شعوبها ودمرت مؤسساتها ولا تزال ترزح تحت حراب الاحتلال الأمريكي الدمقراطي .

الكاتب: أندرياس فون بولوف خبير الاستخبارات ووزير الاتحاد السابق .

كتاب لـ أندرياس فون بولوف"الـ سي آي إيه و 11ايلول 2001 والإرهاب العالمي ودور وأجهزة الاستخبارات,ترجمة د.عصام الخضراء&سفيان ألخالدي,دار الأوائل للنشر والتوزيع, سورية دمشق,الطبعة الثانية2006