السبت، يونيو 30، 2007

مجد الشاعر

مفيد نبزو

من أب إلى ولده الأول

يا مجد بدعي ربّنا يحميكْ

لتشعشع بنورك أمانينا

ويكون صوت العبقرية فيكْ

وتنشر الفرحة حوالينا

بدنا يا ابني ع الوفا نربِّيكْ

لتزهِّر بغصنك أمانينا

وإلا ع درب الصبر مامنهديكْ

مهما الدني تطحن طواحينا

قول الصدق خلِّي الصدق يغنيكْ

ولا تقول كلمة قبل ما تزينا

قلنا مجد يا مجد منسمِّيكْ

وخلِّي الدني تخلخل موازينا

كل الجناين عطرها بتهديكْ

وبتفرش بأرضك رياحينا

سبحان الله بالحلا محلِّيكْ

اسمك مجد حلَّا أسامينا

طير الهنا ع جوانحو يعلِّيكْ

ويسجع حمام الدني غنانينا

وبجنينة الأحلام منغطِّيكْ

لتنام ع نغمة حساسينا

ولما النسمة بصوتها تصحِّيكْ

بتفرفشْ بريش الهنا فينا

ولما ملاك الطهر بيناغيكْ

كل الدني بصوتك تناغينا

ألا منْ مُحسن ٍ

د. نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم
نيويورك


يتيم ٌ فاقدُ الأبوين صِغرا ً** لقد فقدَ الحنانَ عُلا ًوجذرا

يتيما ًعاشَ منْ وارى بدهر ٍ ** ظِلالَ الوالدين وناخ ذ ُعرا

فأم ّ كالضلوع تحيط ُ قلبا ً ** تـُحاميه , كجنح ٍ ضم ّ طيرا

يظمُّ صدرها طفلا ً بعطف ٍ ** كأنّ الكونَ قد ملكتْ ودهرا

اذا جاءتْ إليه كأنَّ شمسا ً ** علت أفقَ الظلام زُها ً وظهرا

فيحبو جاريا للأم ِّ لوعا ً ** كنبع ٍ بات للضمأن ِ مجرى

حنانُ غرائز ٍ في قلب أم ٍّ ** لطفل ٍ مِنْ حشاها صار بحرا

ففاقدُ امِّه ألما ً تلضّى ** وجالَ الدهر محزونا ًوعُسرا

فلم يُدركْ جميل الأم إلا ** بفقد حنانها موتا ًوهجرا

وبعد الأمِّ يأتي في المعالي ** أبو الأطفال ِ صنديدا ً ووفرا

أبو الأطفال رحمته عليهم ** فيبقى للصغار مدى ً ووكرا

إذا جاءَ الديارَ بعُتم ِليل ٍ ** فضاء َ الدارَ أفراحا ًوسحرا

وحقِك لن يّنالَ الطفلُ ودّا ً** كودّ الوالدين وطال صدرا

فهذا عالمٌ دان ٍ مليء ٌ** بأيتام ٍبقعر الحُزن أسرى

فجاءوا للحياة ِ بدون أهل ٍ ** فلا عرفوا الى الأبوين وطرا

ومنهم بات في أهل ٍ ودفء ٍ ** وأضحى لابسا ً يُتما وكدرا

لهمْ دمعٌ مع الآهات بيضٌ ** تشقُّ الخد أحزانا ًوقهرا

يعانق ُفي خيال اليُتم شوقٌ ** لآباء ٍ غدت للموت ِ هدرا

وتنهمرُ الدموع ُدما ًبعيد ٍ ** لأيتام ٍ , فكان العيدُ قبرا

ويخفق ُقلبهم للأم شوقا ً ** إذا أمسوا وكان العطفُ جزرا

لقد عاشوا بدنيانا كبيت ٍ ** بلا سقف ٍغدا لم يحم ِ قطرا

فكم طفل ٌ من الأيتام عُسرا ** يُصاحبُ زوجة ً للأبِّ جبرا

وكم أ ُمّ لأيتام ٍ تودت ** لزوج ٍ لليتيم أذاق َ فقرا

وفوقَ الجور مِنْ ضرب ٍ ونهي ٍ** أتى أكلُ الحقوق ِعَصا ًوأمرا

فوأسفي لطفل ٍ بات ليلا ً ** يتيما ًناشدا ًعطفا ًونصرا

فيا أهلَ الصلاح وخيرَ دين ٍ ** ويا أهلَ التقى ودعاة َ أخرى

عليكم باليتامى ما أستطعتم ** فقد حرموا ضياء الشمس فجرا

أناشد كلّ مَنْ نادى بصدق ٍ** بأني مسْلمٌ عملا ً وذكرا

بأنْ يسعى بمال ٍأو حنان ٍ** لجعل ِمطالب ِالأيتام ِنهرا

بدون تمنـُن ٍ يُعطي ويُجزي ** ويُجلي عن نفوس اليُتم غبرا

وإنـّا أمُّة الأسلام ِ كثرٌ ** لنا مالٌ يُغطي الأرضَ وفرا

لنا رب ٌودستورٌ ينادي ** عليكم باليتامى , طاب أجرا

هنيئا ً للذي آوى يتيما ً ** وأعطاه مع الأيمان ثمرا

وظمّ للعيال ِ يتيم َ أهل ٍ ** وكفكفَ دمْعه وأزاح َوزرا

ولم يأكل بظلم ٍ مالَ يُتم ٍ ** فيغدو ماله في البطن صقرا

فيا أختي شفيعُك عند ربّ ** يتيم ٌمن حنانك عاش يُسرا

فكوني لليتيم ِ بروح ِ أمّ ** يرفرفُ جنحها ودا ً وبشرا

فهذا المصطفى قد عاش يُتما ً** فبشـّر كافل الأيتام قدرا

أنا مِنْ كافل ِ الأيتام ِ قربا ً** كسباب ٍ من الأبهام مسرا

فيرجو كافلُ الأيتام ركبا ً ** بقرب ِ المصطفى قدرا ًوأجرى

أبو الأيتام معروفٌ عليّ ٌ ** فداه كان للأيتام ِ سترا

فعشقُ اليُتم مِنْ شيم ِ المعالي ** وخيرُ العشق ِ ما أعطى وأثرى

ومَنْ عشِق َاليتامى كان غـُصنا ً** بأعلى منبت ٍ للخير فخرا

ألا من ْصالح ٍٍ يهبُ اليتامى ** ويذكرهم كمن في اليُتم أدرى

ألا منْ مؤمن ٍ آوى يتيما ً** ويمسحُ رأسه حُبّا ًوشكرا

ألا منْ مُحسن ٍ أبلى صنيعا ً** بجعل ِ لياليَ الأيتام ِ فجرا

ألا منْ شاعر ٍعرفَ اليتامى ** فصاغ َ دموعَهمْ أدبا ًوشعرا

سيبقى صبْرهم لله شكوى ** ويبقى دمعهم سيفا ًونحرا

وتمسي دمعة ُ الأيتام ِ رعدا ً** يهزُ مضاجع َالأخيار زجرا

فلم يُكمل ْ لهم نومٌ بليل ٍ ** إذا بات اليتيمُ عُرى ً وضجرا

الجمعة، يونيو 29، 2007

صراع

حسن عبدالرزاق
عاند النهر لمدة اربع ساعات ، وعند انتصاف النهار نال منه سمكة تكفي لثمانية افواه.خلصها من السنارة بمهارة متواضعة ، ورماها في سلته المصنوعة من خوص النخيل ، وتركها تنط وتنط وتنط ، لعل النهر يراها ويعيدها اليه.
قال الرجل :- هذا يكفي.
ثم اوعز لجسده السبعيني بالنهوض من جلسة استغرقت نصف نهار.
استجاب جسده بالكاد ، وبالكاد تخلص عموده الفقري من التقوس ، وحين استقام واقفا ، تحولت الظهيرة الحزيرانية الى ظلام واسع فيه صفير خفيف يزعج الاذنين.
في خضم ذلك الظلام غاب عن عينيه كل الوجود وغاب هو عن الوجود ، في حين ظل الشاطيء وحده يسمع صوت قفزات متواصلة لسمكة يائسة حبست بالسلة ، وصوت ساقين هزيلين وهما يرفسان ماء النهر بوهن .
اما النهر الذي سقط في جرفه فلم يتردد عن سحب جسده ببطء نحو احدى الحفر ، لكي يقدمه فيما بعد وليمة لاسماكه الجائعة ، مستغلا فرصة انخفاض ضغط الدم لراس هذا الرجل المتقاعد، الذي سببه التعرق الغزير.
دروب

كتاب إسرائيلي جديد: أميركا وعرب وأوروبيون حثوا إسرائيل على ضرب سورية في حرب تموز



عــ48ـرب/ بلال ظاهر
قال كتاب صدر في إسرائيل مؤخرا إن الإدارة الأميركية ودولا عربية معينة وجهات أوروبية حثّت إسرائيل على توجيه ضربات عسكرية لسورية خلال حرب لبنان الثانية في تموز الماضي.والكتاب الذي صدر تحت عنوان "أسرى في لبنان - الحقيقة عن حرب لبنان الثانية" هو من تأليف عوفِر شيلَح، المحلل العسكري والسياسي في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ويوآف ليمور، المحلل والمراسل العسكري للقناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي.
وكتب شيلح وليمور إنه في السنوات التي سبقت الحرب على لبنان وعمليا منذ أن بلور الرئيس الأميركي جورج بوش منظوره بشأن "محور الشر"الذي يضم إيران وسورية وحزب الله وحركة حماس "أوضحت الولايات المتحدة بطرق عديدة لإسرائيل بأنها ستكون مسرورة جدا إذا وجهت إسرائيل ضربة لسورية في إطار ترتيب الوضع في لبنان وأوضحت للأسد (الرئيس السوري بشار الأسد) تبعات نهجه المعادي لأميركا عند حدود سورية - العراق، وأن تسهم إسرائيل بقسطها لاجتثاث علاقة طهران - دمشق - بيروت".
وأضاف المؤلفان أن مسؤولين إسرائيليين اجتمعوا في السنوات الماضية مع نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني ووزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد، خرجوا بشعور واضح مفاده أن"الولايات المتحدة تكاد تطلب من إسرائيل إيجاد ذريعة لتضرب سورية" وأن "الصقور في البيت الأبيض ووزارة الدفاع عرضوا هذه المهمة على أنها بمثابة مهمة يتوجب على إسرائيل تنفيذها، بصفتها حليفة الأميركيين في المنطقة البالغة الإشكالية بالنسبة للإدارة الأميركية".وكشف الكتاب الإسرائيلي الجديد أنه "في الأيام الأولى لحرب لبنان تجددت هذه الرسائل (الأميركية) بقوة أكبر". ونقلت جهات أمنية إسرائيلية في واشنطن إلى القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تقارير مفادها أن الأميركيين يريدون"أن نقحم سورية" في الحرب.
ونقل سفير إسرائيل لدى واشنطن داني أيالون أقوالا بروح مشابهة لرئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت.كما استمع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون، الذي تواجد في حينه في واشنطن بصفة شخصية، إلى أقوال مشابهة من مسؤولين في قيادة الإدارة الأميركية جاء فيها "إذا احتجتم إلى أية مساعدة فإننا سنهتم (بتزويدكم) بكل شيء من معلومات استخباراتية وسلاح وكل ما تحتاجونه".
وأشار المؤلفان إلى أقوال الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جيمس وولسي في "مؤتمر هرتسليا" الذي يعقد في إسرائيل في نهاية كل عام واعتبر فيها أن "إسرائيل أخطأت بعدم مهاجمة سورية في الصيف الأخير" أي أثناء حرب تموز في الصيف الماضي.وأكدا على أن أقوال وولسي عبرت بشكل صريح عما قيل خلال الحرب في الغرف المغلقة.وقال المؤلفان في كتابهما إن الولايات المتحدة لم تكن وحدها التي حاولت دفع إسرائيل إلى مواجهة مع سورية، فقد "مررت دول عربية معينة، شعرت مهددة من جانب المحور الإيراني - السوري، رسائل إلى إسرائيل جاء فيها أن توجيه صفعة لدمشق ستقابل بالترحاب".
كذلك انضمت جهات أوروبية غاضبة على سورية منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري إلى "جوقة التشجيع" من وراء الكواليس. من جهة أخرى كان هناك خلاف في الآراء في إسرائيل حيال هذه الضغوط لضرب سورية إضافة إلى وجود موقف صاغه الجيش الإسرائيلي مفاده أن "أحد أهداف القتال هو أن تبقى سورية خارج الحرب".
وقد أكد وزير الدفاع عمير بيرتس على هذا الموقف عدة مرات خلال الحرب في اجتماعات الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية.كذلك فإن "التعليل الأساس لمعارضة رئيس هيئة الأركان (دان حالوتس) لعملية عسكرية برية أوسع (في جنوب لبنان) هو خطر اندلاع مواجهة مع سورية" فيما أيد نائب رئيس هيئة الأركان موشيه كابلينسكي ضرب سورية وقال في مداولات عسكرية داخلية في يوم 12 تموز، أي يوم اندلاع الحرب، إنه قد "تنشأ فرصة" لضرب سورية وإذا كانت نشأت فرصة كهذه فعلا فإنه يتوجب استغلالها.
كذلك أيد رئيس الموساد مائير داغان في 12 تموز مهاجمة أهداف سورية وتحدث في اجتماع لدى أولمرت، سبق اجتماع الحكومة الإسرائيلية بعد هجوم حزب الله وأسر الجنديين الإسرائيليين في صبيحة اليوم ذاته، عن "هجمات انتقائية في سورية".وبعد ذلك بيومين وخلال اجتماع السباعية، الذي يضم أولمرت ونوابه ووزير الأمن الداخلي آفي ديختر، وتقرر فيه قصف ضاحية بيروت الجنوبية تحدث ديختر عن إمكانية مهاجمة سورية.وبحسب الكتاب فإن أولمرت، الذي كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تكيل له المديح خلال الأيام العشرة الأولى للحرب، أخذ يفكر في إمكانية مهاجمة سورية، ورغم أنه لم يتحدث في الموضوع في اجتماعات رسمية لكن مقربين منه أكدوا أن الفكرة بدأت تعجبه، لكن قسما من هؤلاء المقربين حذروه من الإقدام على تنفيذ ذلك وطالبوه بعدم الانصياع للمطالب الأميركية.
ويبدو، بحسب الكتاب، أن ما حسم الأمر لصالح عدم مهاجمة سورية هي حالة الجيش الإسرائيلي المتردية وعدم قدرته على مواجهة سورية.ففي اليوم الأول للحرب طالب قائد الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أودي آدم بتجنيد لواء في قوات الاحتياط للدفاع عن هجوم محتمل لوحدات كوماندو سورية، لكن بدلا من ذلك تم إرسال كتيبة نظامية تم نشرها من جبل الشيخ والمناطق الواقعة غربه الأمر الذي أفقد هذا القطاع من الجبهة أية أهمية دفاعية فيما تم تجنيد لواء احتياط فقط في 17 تموز بعد ورود معلومات عن حالة استنفار في صفوف قوات الكوماندو السورية، أمّا قوات الاحتياط المدرعة الإسرائيلية التي كانت غايتها الدفاع عن الجولان لم يتم تجنيدها بتاتا سوى في وقت متأخر وتم توجيه معظمها للجبهة اللبنانية.
وشكل حالوتس طاقما برئاسة قائد شعبة التنصت أودي شاني وكلفه بإعداد تقرير حول وضع الجيش واستعداده لحرب مع سورية، لكن نتيجة التقرير كانت واضحة للغاية وجاء فيها أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا لتطور كهذا.
كذلك اتضح بعد الحرب أن سلاح الجو الإسرائيلي ما كان بمقدوره مهاجمة أهداف كثيرة في سورية بسبب انشغاله المفرط في الغارات ضد لبنان، إضافة إلى أن الذخيرة التي تستخدمها المقاتلات الإسرائيلية أخذت تنقص في مخازن الجيش.وفي موازاة كل ذلك بعثت الحكومة الإسرائيلية برسائل تهدئة لسورية عبر قنوات أجنبية تفيد بأنه لا توجد لدى إسرائيل نوايا بمهاجمة سورية.
لكن الأميركيين لم يكونوا راضين عما اعتبروه "ترددا إسرائيليًا" ونقل الكتاب عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم لمندوبين إسرائيليين "يبدو أنكم تخافونهم" أي من السوريين، و"كان الشعور في واشنطن أن إسرائيل أظهرت ضعفا سيكون له تأثير بالغ في أماكن مؤلمة للغاية بالنسبة للأميركيين وعلى رأسها العراق".

لماذا ألغي مؤتمر "شعراء العالم" في باريس؟

اعتماد 18 سفيرا عربيّا وبعث إذاعة خاصّة

أفادنا الشّاعر يوسف رزوقة، الأمين العام لحركة شعراء العالم \ ممثّل العالم العربيّ أنّه تم اعتماد 18 شاعرا عربّيا سفراء لبلدانهم لدى الحركة بأمريكا اللاّتينيّة وقد أرسل الشّاعر الشّيلي لويس أرياس مانثو، الأمين العام لحركة شعراء العالم إلى الّشعراء المعنّيّين أوراق اعتمادهم بموجبها يتحرّكون من أجل الرّاهن الشّعريّ وأهله.
علما وأنّه تموقع في بوّابة هذه الحركة إلى حدّ الآن زهاء 700 شاعر عربيّ ، إلى جانب 1700 شاعرمن بقية الأقطار الأخرى ليكون من ثمّة العدد الجمليّ 2400 شاعر(وليس 1500 شاعركما تداولته مؤخّرا وسائل الإعلام العربيّة).
ويأتي هذا الاختيار، حسب إفادة يوسف رزوقة، على إثر تنامي الحضور العربيّ في صلب هذه الحركة وبوّابتها وهو ما يدعو إلى تكاتف الجهود وتضافرها بين هذه النخبة من شعراء العربّية ليبذل كل من جهته ما يراه كفيلا بخدمة المنجز الشّعريّ في بلاده و عائلته الشعريّة، الموسّعة، تعريفا وتأكيدا لسنّة التّواصل بين سائر أفرادها سواء أكانوا شبابا في حاجة إلى بعض ضوء أو متقدّمين في السنّ و في التّجربة في حاجة إلى بعض دفء، عبر"الصّالون المتنقّل لشعراء العالم" الّذي سبق له أن كرّس هذا التّقليد ذا البعد الإنسانيّ والتّكافليّ بزيارة أدباء كبار في بيوتهم.
وعن المعيار الّتي تمّ بموجبه اعتماد هؤلاء الشّعراء دون غيرهم، أوضح رزوقة أنّ اختيارهم أملاه ، في الواقع، ما يمكن أن تنتظره الحركة منهم في مستوى تغذية بوّابتها باستمرار بالزّخم الضروريّ من الأسماء الشعرية الّتي لم تتموقع بعد وبكلّ ما يهمّ الشّأن الإبداعيّ في السّاحة الثّقافيّة التي ينتمون إليها وهذا ما لمسناه في هؤلاء الشّعراء الّذين قدّرنا فيهم، إلى جانب حضورهم في المشهد، أهليّة ما بخصوص التّعاطي مع الشّبكة العنكبوتيّة للاتّصال، الأداة الأكثر مرونة ونجاعة في مثل هذا السياق. أمّا الشّعراء الّذين تمّ اختيارهم سفراء في حركة " شعراء العالم" فهم :
محمد الحربي ( السعودية)، نوّارة لحرش ( الجزائر)، أحمد العجمي (البحرين)، أحمد فضل شبلول ( مصر)، إدريس علّوش (المغرب)، باسم فرات ( العراق)، حسين جلعاد (الأردن)، أوركيش إبراهيم ( كردستان)، سعدية مفرح ( الكويت)، صباح زوين ( لبنان)، خلود الفلاح ( ليبيا)، سعيدة الخاطر (عمان)، سليمان دغش ( فلسطين)، سعاد الكواري ( قطر)، غالية خوجة
( سوريا)، عصام عيسى رجب ( السّودان)، يوسف رزوقة ( تونس)، أحمد السلامي ( اليمن).

البرازيل تحتضن المؤتمر الأوّل لشعراء العالم \ مايو 2008 :

وبخصوص المؤتمر الأوّل لشعراء العالم والذي كان من المقررّ أن يقام في باريس \ أكتوبر 2007 فقد تمّ تحويل وجهته إلى أمريكا اللاّتينيّة لتحتضنه البرازيل في مايو 2008 ، جاء هذا القرار إثر خلاف دبّ بين منظّم المهرجان العالمي الأول للشعر في باريس الذي رأى في زيارة الأمين العام لحركة شعراء العالم مؤخرا إلى إيران في إطار ملتقى أدبي، خاصّ بأمريكا اللاّتينية والتقاءه مع الوفد المرافق له الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ذريعة إيديولوجيّة لإلغاء ما تمّ التّعاقد في شأنه بخصوص هذا المؤتمر وهو قرار أحاديّ اتخذه الطّرف الفرنسيّ وأثار في صلب شعراء العالم جدلا حادّا لم تنقطع بوّابة الحركة عن نشر وقائعه إلى الآن.
وقد وضّح لويس أرياس مانثو، أمين عام الحركة موقفه من زيارته تلك بالتالي :" أن رحلته إلى طهران كانت منذ البداية يكتنفها الوضوح وقد تم الإعلان عنها مرارا عبر بوّابة الحركة وعبر وسائل إعلامية، أخرى، متاحة وأنّ خطابه في إيران كان يدافع عن السلام ولا شيء آخر، غير السلام، عن العدالة وعن المساواة بين الشعوب في العالم في إشارة صريحة إلى ضرورة التسليم بحق تواجد هذه الشعوب في العالم " .
ليخلص إلى " أنّه بناء على ما تقدم، فإن المؤتمر الأول لشعراء العالم سينتظم في البرازيل في مايو2008 وسيحاط كل شعراء العالم علما بالمعطيات الضافية في أوانها ".ليختم رسالته بأنّ " السلام لا يبنى بوجهة نظر واحدة أو برأي واحد بل إن ثقافة السلام تأبى أن تنبع من تلك الثقافة ذات الجذور الاستعمارية والامبريالية فإذا سنحت لك الفرصة أيها الشاعر للتحدث مع رئيس فافعل وليكن ما يكون وقل له ما تريد قوله ، لأن شعراء العالم يغتنمون كل فضاء أينما كان وكيفما كان، منطلقا لنضالهم ضد الشر، سواء أكان ذلك في القصور الفخمة للنفوذ أو في شوارع الفقر الخلفية".

الملتقى العالميّ للشّعر بالشّيلي \ أكتوبر 2007
أمّا الملتقى العالميّ للشّعر بالشيلي فستلتئم فعالياته من 22 إلى 27 أكتوبر2007 تحت محور "في اقتفاء أثر الشّاعر" ويتطلّع السّاهرون على هذه التظاهرة إلى مشاركة عربيّة هاّمة مقارنة بالعام الماضي الذي تميّز بمشاركة شاعرتين فقط من مصر وتونس.

إذاعة "شعراء العالم":هذا وقد تمّ بعث إذاعة خاصة بشعراء العالم ، ناطقة في مرحلة أولى بالاسبانية ، في انتظار انفتاحها مستقبلا على لغات أخرى وفي ذلك تحقيق للهدف الذي من أجله بعثث وهو نشر رسالة الحركة وشعرائها على مدى أوسع وبشتى اللغات المتاحة.

الخميس، يونيو 28، 2007

أرزة شموخ العز


مفيد نبزو
كان للقصيدة حضورها بشموخ ،لحضور الأرزة الشامخة، عملاق الطرب والفن ، الكبير تاريخاً وفناً وتواضعاً الدكتور وديع الصافي الذي معه كنت وله قلت: 14- 8- آب- 2005 - في سوريا:
يا أرض قومي استقبلي حبابكْ
جايي وديع يبوِّس ترابكْ
جايي رسول الفن تاريخ الوجودْ
يزرع حروف الشمس بكتابكْ
من طلّ وجهو فتَّحتْ كل الورودْ
وعرَّش الياسمين ع بوابكْ
***
يا أرض غنِّي ويا نجوم تزيَّني
جايي الصافي ربوعنا يزورا
مطرح ما غنَّى جبالنا هزّ الدني
وغنَّى يا ريس هيَّج بحورا
أرزة شموخ العزّ لا ما بتنحني
وصوت الهرم بيضلّ أسطوره
***
ولبسوا الغباني مع هوى الوديان
يا فرحة بلادي
لبسوا الغباني مع هوى الوديان
يا نشوة بلادي
وبحّة قصب منجيرة الرعيان
تصدح بهالوادي
وعمرو الطرب والفرح لا ما كان
لولا أبو فادي
***
ويا سما جايي اليوم لعنَّا قمرْ
تاريخ فنو بألف قلعة من حجرْ
وحروف اسمو متل زخات المطرْ
اشتقنا ع صوتو يرندح بنقرة وتر
ونقول للصافي: يا أهلا ومرحبا
إلا بصوتك ما حلي بعمرو السهر
إلا بصوتك ما حلي بعمرو السهر
إلا بصوتك ما حلي بعمرو السهر

الأربعاء، يونيو 27، 2007

صباحكم أجمل \ بين نارين


زياد جيوسي

صباح آخر أصحو فيه من نومي مبكرا كالعادة، أقف لنافذتي أنتظر شروق الشمس وبزوغ الفجر، فقد اعتدت أن أنتظره كل صباح أنا والحمائم والعصافير، أتفقد تلك الحمامة التي التجأت لنافذة صومعتي، فبنت عشا صغيرا باضت فيه بيضها وترقد عليه، أجدها في مكانها، فأزداد حرصا وأنا أسقي أحواض الأزهار والنعناع أن لا أزعجها.
أخرج بمجرد بدء انتشار الضياء إلى دروب رام الله وشوارعها، مستغلا اعتدال الجو قبل أن تزداد الحرارة والاختناق، فأنا بطبيعتي لا يمكنني احتمال الحرارة الغير معتدلة، أتجه من ميدان الساعة أو ميدان المغتربين كما اسمه الأصلي، في شارع يافا نزولا باتجاه طريق بيتونيا، أمر من أمام متنزه رام الله الجميل فأستعيد ذكريات طفولة، حين كنا نأتيه مع الوالدة أطال الله بعمرها وجمعني وإياها من جديد بعد أن طال الغياب وامتدت السنوات، أتحسس رأسي فقد قفزت إلى ذاكرتي ذكريات عدة مرات سال الدم فيها من رأسي، حين كنت العب على الأراجيح وأقع أرضا، فتضرب الأرجوحة رأسي ولا يجدون غير البُن لإغلاق الجرح، ويعجبني في هذا الشارع الطويل أنه ما زال تقريبا محافظا على شكله القديم، فقلة من المباني الضخمة قد قامت على جنباه وما زالت العديد من البيوت المبنية على الطراز القديم قائمة.
أواصل السير تغريني هذه النسمات الناعمة والشوق لمرابع الطفولة، أصل إلى بداية الانحدار الذي كنا نسميه بطفولتنا "طلعة أو نزلة سلفانا"، حسب اتجاه الصعود أو النزول، وأخذ هذا الانحدار اسمه من أقدم مصنع للشيكولاته كان اسمه "سلفانا"، حتى ارتبطت بأذهاننا الشيكولاتة باسمه، أقف قليلا مترددا أن أواصل المسير أو أن أعود فأقرر المواصلة، أنحدر باتجاه بيتونيا مستذكرا أن هذا الطريق لم يكن فيه بعد مصنع سلفانا أي مبنى إطلاقا، وفي منتصف ستينات القرن الماضي تقريبا بني في نهاية المنحدر مصنع عرف باسم "معايعة" للأثاث المعدني وأظنه ما زال قائما، كنا نتسلل إلى الساحة المحيطة فيه أطفالا، فنستولي على بعض من شرائح المعدن المقصوصة من مخلفات التصنيع، نصنع منها سيوفا طفولية وقبعات معدنية كالمحاربين، ونسير أولاد الحارة على شكل طابور ننشد معا "عقدنا العزم أن تحيا الجزائر..فاشهدوا"، تلك المنطقة كانت على الجانبين وخاصة الجانب الأيمن مزروعة بالأشجار بكثافة وخاصة اللوز والخوخ بأنواعه إضافة للزيتون، وكانت على يمين الشارع بين البساتين نبعة ماء في كهف، لكن كل تلك المنطقة قد تغيرت واحتلتها المباني وورش تصليح السيارات، فلم يتبقى منها أي اثر لا لنبع الماء ولا لتلك البساتين والأشجار، مارا بطريقي ببيت صديقي التوأم الدكتور هاني الحروب فيخطر بذهني أن أصعد إلى بيته في ممارسة "إزعاج" مبكر ولكني أغير تفكيري فالساعة ما زالت السادسة صباحا، أعود لتذكر هذه البساتين التي كنا نأكل منها ما لذ وطاب من الفاكهة بدون خوف أو وجل من أصحابها، فالخير كان منتشر والنفوس كانت طيبة، وكان أصحاب البساتين حين يروننا، ينادون علينا أن نأكل ما نريد على أن ننتبه أن لا نكسر غصنا، أو نهدم "سنسلة" وهي الجدران المقامة بالحجارة المرتبة بشكل جميل بدون أي اسمنت أو طين، ولكنها تعتمد على مهارة بنّاء السلاسل الحجرية، فكانت تشكل مانعا لانجراف التربة وحدودا للأرض بين أصحاب الأراضي.
أمر وانظر إلى يساري حيث كنا نسكن في هذه المنطقة واقف قليلا ناظرا لتلك البيوت، فكل الحارة كانت مكونة من خمسة بيوت حجرية مستقلة، وكل بيت مقام وسط بستان من الأشجار، وكنا نسكن في أحد هذه البيوت ولم يكن من مستأجرين سوانا وعائلة أخرى، والباقون من أهل البلدة ولاحقا سكن مدرس نقل إلى مدرسة بيتونيا في الحارة، فكان سكنه وبالا علينا نحن الطلبة، فاضطررنا لنقل مواقع لعبنا إلى الجهة البعيدة، فرهبة المعلم كانت كبيرة في النفوس، وواصلت المسير بعد أن عادت ذكريات الطفولة إلى الذاكرة، ومعظمها يرتبط ارتباطا كبيرا بشقيقي جهاد الذي يصغرني بعامين، والذي كان ولم يزل الأقرب للروح من الروح، أصل لمفترق طرق عين عريك فأتذكر كيف كان الشارع غير مرصوفا باتجاه القرى الغربية ابتدءا من هذا المفترق، بينما كانت طريق بيتونيا من رام الله حتى قرى اللطرون مرصوفة وان كان الشارع ضيقا وليس كما هو الآن، وكان أهل البلدة يسمونه "القريصة" ولا أعلم مصدر هذه التسمية، مواصلا المسير فأتذكر بيتا كان هنا لرجل عرفناه باسم ابوشريف كان لديه أبقارا وكنا نشتري الحليب منه لأخي الأصغر ليشرب منه بعد الفطام، كان رجلا طيبا وأسرته طيبة وكنت حين أذهب لشراء الحليب لا يبخلون عليّ بكأس من الحليب الطازج، وأمر من أمام بيت أستاذنا الجليل رحمه الله، الأستاذ عطا مدرس الدين وإمام وخطيب المسجد، فأتذكر عصاه على أيادينا حين كنا نتغيب عن الصلاة، أو نضبط بأي ممارسة طفولية خاطئة، كان رجل مهابا بمعنى الكلمة وله احترام كبير لدى الجميع، فالمعلمين بتلك الفترة كانت لهم هيبة كبيرة ومركز اجتماعي كبير، لكن الدنيا تغيرت كثيرا وفقد التعليم الكثير من محتواه وفقد المدرس مكانته، أواصل السير حتى أصل للمدرسة فأقف متذكرا أعواما ثلاثة قضيتها فيها، كانت من أجمل سنوات حياتي وتركت الأثر الأكبر من خلال المدرسين العظام على نفسي، فكانت حقيقة نقطة البدء في توجهي الأدبي نحو القراءة والكتابة، فأترحم على من علموني فيها فكل من عرفت عنهم بعد هذا العمر انتقلوا إلى رحمة الله تعالى، وفي المراجع قالوا عن سبب التسمية للبلدة "تعددت الروايات حول أصول تسمية البلدة، فقد ذكر أنها جاءت من الكلمة الرومانية (بيت أنيا) وتعني (بيت الزهرة الجميلة)، وبرواية أخرى أنها سميت على اسم قديسة يونانية اسمها (أونيا) سكنت الموقع وكان الناس يدلون على الموقع على أساس بيتها. وذكر الدباغ في كتابه بلادنا فلسطين أن التسمية لعلها تتألف من(بيت-ثونيا) بمعنى بيت الشخص المسمى (ثونيا) أو (طوني) وان الصليبيين سموها (بيتومين) ".
أقرر العودة راكبا فالمسافة طويلة والطريق تكون صعودا بالعودة فأركب سيارة أجرة بعد هذه الرحلة الصباحية سيرا على الأقدام، والشمس بدأت تشتد حرارتها ومسافة السير زادت من الحرارة، أصل لرام الله وأسير للمكتبة لإحضار صحيفتي الصباحية وأتجه للصومعة، و ها هي رام الله تحترق بين نارين، نار الجو الغير معتاد بارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، ودرجة حرارة الجو السياسي بعد المأساة التي حصلت بالاقتتال الداخلي، وتمزق الوطن تحت الاحتلال إلى غزة والضفة، حكومتين مختلفتين منهاجا وفكرا وسلوكا، وكل منها تعتبر نفسها الشرعية لا غيرها، والوطن والمواطن يدفع الثمن فهو يسحق تحت نار الاحتلال وارتفاع الأسعار وأزمة الرواتب التي لم تحل حتى الآن، وتجمع الديون على رقبة المواطن المسحوق الذي يدفع كما الوطن الفاتورة، سواء كانت فاتورة الاحتلال أو فاتورة الصراعات الفصائلية، أو فاتورة صراع الارادات للفوز بالسلطة والسيطرة عليها، وما هي إلا سلطة تحت الاحتلال يحكمها ويسيطر عليها وعلى منافذها، وها هي الأخبار تأتينا بافتتاح مخيمات جديدة على الجانب المصري من معبر رفح، لتأوي الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل خارج قطاع غزة أثناء جريمة الاقتتال الداخلي، فتزداد المخيمات ولكن هذه المرة ليست بسبب خارجي ولكن بسبب الجنون الذي اجتاحنا.
أعود لصومعتي راكضا لحمام بارد واقف لنافذتي مع كوب الشاي الأخضر بالنعناع، أستحضر روح طيفي الذي لم يفارقني طوال جولتي الصباحية سائلا الله أن نلتقي، نستمع وروحه إلى فيروز تشدو لنا..
"ضاق خلقي يا صبي من ها الجو العصبي، يا صبي ما بتفهم من نظرة ولا حتى حكي، ضاق خلقي شو ما بتفهم عربي..ضاق خلقي.."
صباحكم أجمل

رام الله المحتلة

حناجر السِّر

الهام ناصر
يهمس الغصن لأخيه:
كم وجها للقمرِ يطل علينا ؟
ليأتي الجواب على قدميه
كاشفا عن ساقيهِ المبلّلتينِ بالسرعة:
_ بعدد وجوه النساءِ أثوابُ ظلّه.
كلما غرس نوره في سرّتي
انكسرَ ظلّي
كلما احكمَ نوره الخناقُ حولي
تعددت أوجُهي
حوار يفتحُ أذنيهِ للحرفِ ,
رافعا قبّعة القلمِ ,
خالقاً من أضلع الليل ,
ليلاهُ ويطلق " السر " حناجره
......
أحيانا يشدني طرف الرهبنة للتمثل به على نحوٍ مخادع,
وأحيانا ألبسُ جسد مومس للإحساس بشعورٍ مغاير.
وأحيانا يرتبط الزهد بمصيرِ الجسد حيث المكوث الأطول للموتِ حياً.
نهوى كذبا عذرية الملامح,
وأحمر مطبوعا على الخدّينِ وقميصا بأكمام طويلة مزركشة يغمر المفاتن حد الكسل عن الصياح .
امرأة القبيلة والمدينة المتحضّرة تتشاركان في رمي الحصى و رسم الدوائر في بحيرةِ الأحلامِ
كلتاهما في الحب " واحد ".
أشفق على الوجهِ المدوّر الغارق في دولابِ الأثواب حالما بيدِ رجل على كتفِ إحدها, ينتقي الأجمل لها.
والأنامل ترعى استفهاماتٍ غافية في خصلِ الشعرِ تنتظر جواب المداعبة.
والشفّة استهكلت أحمر الشفاه ولم تأت القبلة بعد.
مراهقة تمتد عمرا حتى بلوغَ المرأة عُمر مرآتِها.
هل تصورت المرأة نفسها غير " أنثى " ؟ تكاثر الأنوثة عقار مُباح.
يمر التصور في كل امرأة بالتجربة المحرّمة والمحظورة,
حتى الاعتراف الضمني بأن في كل امرأة كل أنواع الحكايا المختبئة تحت الوسادة,
وفي دبابيسِ شعرِ دميتها .
تصوّر يختبئ في الملاءة لتنشيط الأنوثة ,
واجب التحضير لاحتفالٍ يقطن على مقربة من رجل.

كلما لامسَ إصبعُكَ جبيني
تلبسُ الأنوثة خواتمها

الاثنين، يونيو 25، 2007

جوهرة التاج الأمريكية: ( انطباعات رحلة أمريكية )


نبيل عودة

الولايات المتحدة الأمريكية – هذا الأسم يثير عصبيتنا السياسية في الشرق . . ومع ذلك هو أكثر عنوان مرغوب لدى من ينشدون تغيير واقعهم الأجتماعي والأقتصادي .. أو الوصول الى مركز علمي مرموق.
بعض الهاربين من فساد أنظمتهم وبطشها وعقلية القرون الوسطى التي تميز حكام بلادهم وأنظمة حكمهم ، يجدون الحرية السياسية والأجتماعية والشخصية لممارسة حياتهم بلا رقيب وقيود فكرية أو دينية أو اجتماعية أو سياسية أو حتى أخلاقية .. والمفارقة أن بعض الهاربين من قيود القرون الوسطى وتخلفها الفكري والاجتماعي ، يحلمون بأن يفرضوا على المجتمع الأمريكي عقلية ماضوية لا تختلف عن العقلية التي هربوا منها !!
حقا قرأت الكثير عن المجتمع الأمريكي .. وهاجمت وما زلت سياسات أنظمته .. ولم أستطع فهم محركات عقليتهم السياسية .. ورغم اجتهادات كثيرة لمحللين عرب وغير عرب ، لتحليل دوافع السياسات الأمريكية ، الا أن ما استوعبته اثناء زيارتي ، التي استغرقت شهرا كاملا للولايات المتحدة ، أعطتني أجوبة ، شخصية على الأقل .. أفضل من كل ما ظل غامضا وغير مفهوم ، وربما لا يجد المحللين والمختصين أهمية لما وجدته أنا بيضة القبان !!
حقا انا غارق بالسياسة والثقافة كجزء لا يتجزأ من الحياة . ولست ممن يعومون على شبر ماء ، ولست من أصحاب الأحكام المسبقة ، أوالآراء النهائية المؤطرة. ولا أتعامل مع السياسة من منطلق " مكره أخاك لا بطل " ، انما كموضوع حياتي مؤثر ، موضوع يحتاج الى تفكير متوازن ، واطلاع جيد ، وعدم تردد في طرح الموقف ، حتى لو بدى مناقضا للاجماع .. ... حقا لو ملكت الخيار الأنساني ، لما كتبت كلمة في السياسة . ولكرست كل قدراتي في الابداع الأدبي . ولكن كيف يجوز لي أن أبتعد عن السياسة ، وشعبي ، وشعوبنا العربية تدفع الى خارج التاريخ ، ومبلية "بأنظمة شرشوحة" - على حد تعبير ممتاز للدكتور عزمي بشارة ( قبل أن يلجأ الى أصحابه في الأنظمة الشرشوحة ) تفتقد لمؤسسات الحكم المستقلة .. ؟!
قد يجوز لي أن أعتمد في الأبداع الأدبي والنقدي على تجربتي الذاتية وحسي الذوقي ، ولكن في رؤيتي ورؤايا السياسية والأجتماعية أحتاج أكثر من مجرد التجربة ، أحتاج الى القدرة على التفكير العملي غير المحكوم للمشاعر والرغبات . وقد أكون طورت رؤية تتميز بنمط لا تشده المشاعر الجياشة على مختلف انواعها ، من هنا واجهت نقدا لبعض مواقفي التي اعتبرها البعض عمى سياسي ، من رؤيتي المختلفة للمواقف الأمريكية مثلا الموقف في العراق ، المرفوض، والموقف في لبنان او من السلطة الفلسطينية ، الذي اراه صحيحا. احاول حسب نمط تفكيري ومنهجي أن أصل الى رؤية المضامين وليس الانفعال مع المرئيات والمشاعر والآراء المسبقة النهائية . السياسة في التلخيص الأخير ليست آيات مقدسة لا حراك عنها .
حقا الولايات المتحدة تتميز بأنها مجتمع المعلومات .. ولكن ما وجدته ان المواطن الأمريكي محدود المعلومات ، ليس لقلتها ، المميز هي كثرتها الهائلة ، ولكن نتيجة مباشرة لتسويق النظام كميه هائلة من المعلومات التي لا قيمة لها ، وما لاحظته ان المعلومات الضرورية وذات القيمة العليا ، هي معلومات للنخبة فقط ... وأكثرية الأمريكيين ، حتى من ينطبق عليهم المقياس الثقافي .. هم بلا معلومات ومعارف انسانية فكرية وسياسية وثقافية عامة ،هم لا يملكون أكثرمن اطار التقنية التي تلزمهم في نشاطهم الأنتاجي .. وتكاد معارفهم العامة تقارب أدنى درجات المعرفة الأنسانية ، بكل ما يتعلق بشؤون العالم ، والمخاطر التي تهدد الوجود الانساني ، أو المغامرات الحمقاء لنظامهم ، ولا ابالغ بقولي أن الجهل المعلوماتي والمعرفي هو جهل مخطط .
لماذا الاستهجان ؟
ان المجتمعات البشرية تملك الكثير جدا من المعارف .. .. والسؤال المطروح ، ما هي أنواع هذه المعلومات ، وما هو مدى تحولها الى قوة اجتماعية وسياسية وثقافية وفكرية فاعلة ومؤثرة داخل مجتمعاتها ؟
كنت على ظن أن المجتمع الأكثر تطورا في مجال المعارف والمعلومات ،المجتمع الأمريكي مثلا ... افراده هم الأكثر اطلاعا وفهما ووعيا للواقع الانساني العام . ولكن تبين بشكل قاطع ، انه لا علاقة بين المجموعة التي تملك المعارف الدقيقة والمهمة والمؤثرة في عالمنا ، وبين سائر قطاعات السكان . وأن المعرفة العلمية والمعلومات الصحيحة ، هي للنخبة التي تدير الدولة بكل مؤسساتها وتركيبتها ،في امريكا وغيرها من الاقطار ، لدرجة يمكن القول ، أن غياب الرئيس ورجال السلطة ، لن يؤثر على استمرارية عمل مؤسسات السلطة وأجهزتها المختلفة . بالطبع من الصعب ان نشمل دولنا العربية المحروسة ضمن هذه الدول التي تدار عبر المؤسسات والأجهزة .. فرقينا يجعلنا لا نسعل بدون اذن صاحب الفخامة أو صاحب الجلالة . حتى صار ترميم كنيسة في مصر يحتاج قرارا جمهوريا . واقامة واقي من الشمس في ساحة مدرسة غير مسلمة ينتظر اقراه ، أو رفضه على الأغلب ، عشر سنوات في أروقة السلطة .
حتى وجود الانترنت وانتشاره الواسع في بعض المجتمعات ، كأداة معلومات هامة لا تعني أن المعلومات الصحيحة والضرورية وصلت للمجتمع ، وأصبحت في متناول يد المواطن . ليس لأن الدولة تخفيها ، انما لأن الدولة ( النخبة ) تغرق مجتمعها والمجتمع البشري كله ببحار من المعلومات الخفيفة والمسلية والزائدة عن الحاجة – الزبالة .
هذه الحالة تسود كل المجتمعات البشرية .. وأعتقد ان نسبة صغيرة جدا في كل مجنمع ، هي التي تتحكم بالمعلومات الهامة والدقيقة والمؤثرة ، وتنشر معلومات فائضة ( زبالة ) ، غير اساسية بشكل واسع .
هذا جزء اساسي من الواقع الأمريكي . وقد نجد مجموعات سكانية في دول أقل تطورا ، أكثر قربا للمعلومات الهامة من المجموعات السكانية بدول متطورة . اذن القياس هنا لا يتعلق بمستوى التطور الاجتماعي والأقتصادي .
مع ذلك حياة الامريكيين تتميز بالاستقرار والانعزال . لا يوجد مجتمع مترابط ومتعاضد . حياة الأمريكي العادي هي حياة عمل وطعام ومنام .. وقد يجد بعض الوقت ليسمع المبشرين الدجالين على قنوات التلفزيون ، أو بعض الأخبار التي أيقنت ان الكثيرين منهم يفتقدون لخلفية تيسر لهم فهم مضمونها ، حتى بما يتعلق بالسياسات الأمريكية في العالم ... وحتى لو استوعبوا أن جنودا أمريكيين يسقطون في العراق ، فهم بحالة عدم ادراك عن اسباب قتلهم .. وأعترف اني فوجئت بجهل كامل لموضوع التورط الأمريكي في العراق .. فالأمر لا يبدو انه يخصهم .. ماداموا لا يدفعون الثمن الشخصي المباشر .
احد المواضيع التي اشغلتني ، هو العلاقة المميزة بين اسرائيل والنظام الأمريكي . قرأت الكثير .. وتكونت لدي أفكار عدة ، بعضها لا يمكن نفيه ، ولكني أعتقد ان الجميع لم ينتبهوا لحقيقة أساسية ، انه في أمريكا يوجد مجتمع متماسك ومتعاضد واحد لا غير ،مجتمع متآلف وفي أعلى سلم الرقي من حيث الوظائف والأدوار الآجتماعية لأفراده .. هو المجتمع اليهودي .
الحديث عن المجتمع الأمريكي ومعايير رقيه ، هو مقياس رقي المجتمع اليهودي . أطرح هذه الرؤية من زاويتها الانسانية . ان المجتمع اليهودي الأمريكي يستحق الاحترام بتنظيمه وادارته لشؤونه .مجتمع متعاضد ، ويدفع ابنائه نحو التميز . مستوى التحصيل العلمي في صفوفة أرقى من سائر المجموعات ، رجالاته يديرون عصب الاقتصاد الامريكي ماليا وتقنيا واعلاميا .. وهم من أبرز المختصين في مجالات عملهم .. يحافظون على ترابط اجتماعي ، داخل أحياء خاصة حيثما وجدوا .. ومؤسساتهم المختلفة تقدم خدمات لكل الامريكيين ، وتعتبر من أرقى وأفضل الخدمات ، وأغلاها .
بقية الأقليات القومية مبعثرة ، العرب لا رابط قوي يجمعهم .. المسيحيون العرب يندمجون بسهولة في المجتمع الأمريكي ، وهو مجتمع يحافظ على بعض الترابط ، ويتميز بانه الأكثر منافسة للمجتمع اليهودي في نسبة الأكاديميين من افراده ، وقد انطلقوا لتحقيق ذاتهم بعيدا عن الاضطهاد الديني والاقصاء في أوطانهم . الأجيال الجديدة من اولاد المهاجرين المسلمين يندمجون بتسارع أبطأ في المجتمع الأمريكي .... بعض المجوعات الاسلامية همها أسلمة الامريكيين ، الذين بدأوا بالانفضاض من كنائسهم ، واليوم كنائس كثيرة معروضة للبيع . وهمهم أبعد من تغيير دينهم الذي زهقوه بدين آخر . حقا المجتمع الأمريكي واقع تحت تأثير الدين ، ولكنه بات أكثر ابتعادا عن ممارسة الطقوس .. حتى التيار المسيحي اليميني هو ظاهرة هامشية ، ارتفعت أسهمها مع وصول بوش للرئاسة ، ومن الخطأ الظن انه تيار منقذ للايمان المسيحي .. الانفضاض عن الكنائس بات ظاهرة بارزة في حياة الامريكيين .
ولكن النظام الأمريكي ، بارادته أو بغير ارادته ، مرتبط مع المجتمع الأكثر تنظيما وتأثيرا على الواقع الأمريكي . قد نجد مئات آلاف الشخصيات الأمريكية من مختلف المهاجرين في اطار النخبة الأمريكية ، التي تتحكم بالمعلومات ومصادر المعرفة والقوة الاقتصادية والاعلام والسينما والثقافة ، ولكن لن نجد الا مجتمع مترابط واحد هو الأكثر تأثيرا ، والأكثر تنظيما وتعاضدا بين أفراده . ولا مفر للادارات الأمريكية الا باعطائه حقه الكامل مقابل دوره الهام والأساسي جدا في الواقع الأمريكي ..
المجتمع اليهودي هو جوهرة التاج للمجتمع الأمريكي . فهل هناك ملك يتخلى عن جوهرة تاجه ؟

نبيل عودة – كاتب ، ناقد وأعلامي فلسطيني - الناصرة
nabiloudeh@gmail

السبت، يونيو 23، 2007

جدل في سوريا حول سؤال في اللغة العربية في امتحان الثالث الثانوي

يثار جدل بين الأساتذة باللغة العربية حول وجود خطأ في السؤال الثالث من مادة اللغة العربية في امتحان الشهادة الثانوية الفرع الأدبي لدورة هذا العام 2007 والذي يتعلق بالبيتين الأول والثالث من القصيدة المطلوبة في الامتحان:
1ـ سلام على حاقد ثائـر على لاحب من دم سائر
2ـ يخبّ ويعلم أن الطريـ ـق لا بد مفضٍ إلى آخر
3ـ كأن بقايا دم السابقيـ ـن ماضٍ يمهّد للحاضر
ويقول السؤال: استخدم الشاعر كلمة (دم) في كل من البيتين الأول والثالث، ما الفرق في الدلالة بين كل من (دم سائر) و(دم السابقين).
وقال مدرس اللغة العربية المتقاعد عصام حقي إن " السؤال ربط بين كلمتي (دم) و(سائر) بعلاقة النعتية أو الإضافية، وهي علاقة فاسدة لفساد الإعراب والمعنى".
وأضاف أنه "من الناحية الإعرابية، سائر: نعت مجرور للمنعوت حاقد في صدر البيت، ويكون موضعه: سلام من حاقد ثائر سائر على لاحب من دم، والجمع بين دم وسائر في السؤال المذكور محض وهم ويفتقد الدقة، ومن ناحية المعنى فإن السائر هو الحاقد الثائر نفسه الذي سيخب في البيت الثاني، وأما من دم فشبه جملة متعلقة بنعت من لاحب".
من جهته, قال مدرس اللغة العربية للثالث الثانوي الأدبي محمد عفا الرفاعي إن السؤال "صحيح ولا لبس فيه" وأنه لا يتفق مع رأي الأستاذ حقي.
وأوضح أن جواب السؤال حول الفرق في الدلالة بين التعبيرين هي أن "(دم سائر) تشير إلى دم المناضلين الآن فيما تشير (دم السابقين) إلى دم المناضلين القدماء, والمغزى هو أن نضال المناضلين الآن هو استمرار لنضال السابقين".
واقترح الأستاذ حقي إلغاء السؤال وتوزيع درجاته على بقية الأسئلة معتبرا أن "ما يؤكد عدم الدقة في السؤال افتقاده إلى علامة استفهام في نهايته, علماً بأنها علامة قد يحاسب عليها الطلاب في موضوع التعبير".
وعلمت سيريانيوز أن موضوع هذا السؤال سيطرح الاثنين المقبل في اجتماع لموجهي اللغة العربية لمناقشة سلم التصحيح في مدرسة محمد أحمد ناصيف في منطقة ركن الدين بدمشق.
يوسف دعيس, يعقوب قدوري - سيريانيوز

الـ C.I.A تحتلّ نازكَ الملائكة ، حتى في القاهرة


سعدي يوسف

في جامع " كشك " بالقاهرة ، عاصمتِنا ، جرى تشييع نازك الملائكة ، ومن ثمّتَ بدأ الطريقُ إلى مدفنِها ، في مقبرة العائلة ، غير بعيدةٍ ، عن مثوى نجيب محفوظ ، عزِّ العرب .
لكن ، في جامع كشك ، احتلّتْ الـ C.I.A نازك الملائكة ، كما احتلّتْ بغدادَ من قبلُ :
باقةُ الزهور الكبرى ( وهي ليست تقليداً إسلامياً ) كانت ضخمةً أكثر ممّا ينبغي ، ربما لإبراز منظمة المخابرات المركزية ( مجلس الثقافة العراقي ) في حجمٍ أكبر من نازك ذاتِها .
هل الأمر مقصودٌ ؟
لا شكَّ في ذلك !
نازك الملائكة شاعرة قوميةٌ .
نازك الملائكة أحدثتْ ثورةً في عمقِ الضمير العربيّ ، في عمقِ الشعر العربيّ ، ألحقَتْهُ بالعصرِ ، متحدِّيةً الأممَ ، ومباهيةً .
ونازك الملائكة شاعرةٌ قوميةٌ ...
فلتأتِ الـ C.I.A على هذا كله !
لتأتِ بزهورها المسمومة ...
لتأتِ بتنظيمها : المجلس العراقي للثقافة ... وما إلى ذلك ...
كأنها تقول : أيتها الشاعرة العربيةُ ، اذهبي إلى الجحيم ...
نحن نحتلّ بغداد !
ونحن نحتلّ الآنَ ، حتى مثواكِ الأخير ...
كنتِ ناصريّـةً !
*
في جامع كشك ، كان هناك شخصٌ . شخصٌ انتقل بسرعة البرق إلى القاهرة ، عاصمة العرب ، لأنه يملك جواز سفرٍ دبلوماسياً ...
هذا الشخص ، مع الأسف كله ، جاء ممثلاً " قِرْبةَ الفُســاء" ، اللقب الذي خلعه العراقيون على العميل جلال الطالباني ، الـمُنَصّب من الاحتلال ، رئيساً لإدارة الاحتلال المحلية .
الاحتلال أراد أن يُطْبِق على نازك الملائكة ، حتى ولو كانت في القاهرة ، مثل ما أطبَقَ في بغداد على السياسة والثقافة . حيثُ :
متديِّنون خَونَــةٌ استولَوا على السياسة .
وقوّادونَ خوَنةٌ استَولَوا على الثقافة .
لكنّ القاهرة ليست بغداد .
وقبل قرونٍ ، سقطت بغداد تحت خيول المغول ...
ونهضت القاهرة .
لقد أحسنت عائلةُ الملائكة صُنعاً ، حين رفضتْ أن تُدفَنَ نازك في أرضٍ مغصوبةٍ ، أرضِ العراق ِ ، وهي الحرّةُ التي منحت الشعرَ العربيّ المعاصرَ ، اسمَ :
الشِّعر الـحُـرّ ّ .

ثلاث قصائد لمفيد نبزو

مفيد نبزو

بتجنني
ما بتذكري من كم سنه
هديتك يا حلوة سوسنه
ذكرى المحبة يا منى عمري
بهالعمر الهني
وأنت هديتيني البسمة بوقتها
وكلمة بحبك من شفايف ناطرة
تاتنجني
بتسوى الدني
وحياة عينيك الدني,
كل الدني
مابتذكري من كم سنه
كنا يا عمري زغار وكبرنا
وصرنا نحنّ بشوق ع هالولدنه
كبرنا سوى
وبعدك عيوني بتفتني
وبعدك بذوقك بالحلا
بتجنني

بتجنني
بتجنني

**
صيد الحجل
لمن شفتني خدودها احمرَّت خجَلْ
مرقتْ وراحتْ خايفة تمشي بعجَلْ
قلتلها يا حلوتي صيدك حلي
قرَّبتِ صوبي وقرَّب عليكِ الأجلْ
ورميت طلقة , رجعت الطلقة إلي
تاري الحجل بيصيد صياد الحجل
تاري الحجل بيصيد صياد الحجل

**

يا عود
مهداة للفنان الكبير وديع الصافي، حيَّاه الله، وأمد بعمره، وأسبغ عليه الصحة والعافية
عن مين بدي خبرك عن مين
أنت الفرح يا عود صدقني
يا ما عزفت أنغام وتلاحين
ومن بين أغلى الناس تسرقني

**
بتحزن معي بتدندن الألحان
و ع الفرح بترندح معي فرحان
وع الملتقى ع رجعة الخلان
بحسك بصوت الأوف سابقني

**
وإن فارقوا بتتذكرالملقى
وبتحترق من لوعة الحرقة
وبريشتك عم تدمع الفرقة
تعزف نوى علِّي مفارقني

**
ويا ما أنا من رقتك حنَّيت
ويا ما بصوتك للدني غنَّيت
ويا ما ابتهلت وللسما صلَّيت
وصارت نجوم السما تعانقني

**
علَّات جوى القلب ما بتروح
إلا بصوتك يا وليف الروح
من كل ما في ضيق ما في جروح
ما بحس بعدك شي مضايقني

**
عن مين بدي خبرك يا عود
وهالعمر كلو قطفتين وعود
بكرا على تراب الأرض منعود
ضلَّك وفي وضلَّك مرافقني

الجمعة، يونيو 22، 2007

يوم ُ الحسوم

د. نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم

يومُ الحسومُ وما أدراك ما حسموا ** فيه المآثمُ والخيرات ُ ترتسمُ

يومٌ بخمسين ألفا من سنين بها ** نحيا حياة ً على أرض بها أممُ

يومٌ يفيق به من عاش مقتنعا ** لا نفس تحيى وجسمٌ بالثرى حُطمُ

الكونُ يطوى بأيدي من له خشعت ** كل الخلائق في أكوانه نـُعموا

هذي النجوم بيوم الحسم قد طمست **والشمس قد كوّرت والحشر منقسمُ

يومٌ ترج ّ به أرضُ لها عمد ** تجري الجبالُ كسحب سيرها ركمُ

البحرُ يُسجر والأفلاكُ تنحسر ** والكون يطوى ويبدو اللوح والقلم

يومٌ يُبعثرُ فيه كل ّ ما دفنوا ** من كائنات ٍ و أجساد و ما ردموا

الربُّ قد جاء للأذهان تبصره ** وبالقلوب ومنه الكفر مُنحرمُ

الأرضُ تطوى وما فيها غدا هلعا ** من صيحة الصور حتى كاد ينهدمُ

كل ُّ القبور وما فيها وما حملت ** يوم القيامة لن يبقى بها نومُ

تجري الحشودُ كأنّ النصب منتظرٌ ** فيها العراة على الأقدام ترتطمُ

وجيء بالنار والأبصارُ خاشعة ٌ ** نادت حريقي الى الظلام يلتهمُ

المرضعاتُ فلن يرضعن ما ولدن ** وذاتُ حمل ٍ فلا حمل لها سلمُ

تأتي النفوسُ وفي ألوانها هلعٌ ** الرعب فيها وفي أذهانها المُ

من شدة الهول قلب العبد منشغل ** عن والديه ومن أخوان ِ ينهزمُ

لا صاحبَ المرء يُعطي من محاسنه ** لا أنت تعطي ولا الأحسان يُقتسمُ

الناسُ تبدو سكارى في تموجهم ** لا سكرَ فيهم فهم من خوفهم سُقمُ

النفس قد سألت والعينُ شاخصة ٌ** ماذا جرى ؟ كيف جسمي سوف يلتئمُ ؟

قبري ترابٌ وجسمي آل مفسدة ** وكيف يجمع من في قبره رممُ ؟

ماذا تقول إذا ناداك مقتدرٌ ** خذ في الذراع كتابا ما به ظلمُ

أقرا كتابك يا أنسان في حسر ٍ ** فيه سجلات عُمر ما بها عتمُ

تدعا لتمشي على خط ٍعلا حمما ** الذنبُ يوقع , في أحشائها الندمُ

بعد الحساب فللنيران صرختها ** زدني حميما فقعري اليوم يزدحمُ

ان كنت تحمل في يسراك مشئمة ً ** فأعلم بأنك في النيران تضطرمُ

ان كان فيك حظوظ أنت مالكها ** يوم الحساب فعنك النار تنصرمُ

وأزلفت للذين آمنوا غرفا ** جنانُ رب على بيبانها النعمُ

النورُ يسطعُ من وجناتهم وهجا ** والقلبُ راض ٍ وهم بالود قد غنموا

لا تحسبن عيون الرب غافلة ** عما تقوم به , فالسوء يتهمُ

ان كنت تظهرُ من اعمال ِ أحسنها ** فاليوم لم يخفَ ما يُخزي وما يصمُ

لا ينفع اليوم مال أو بنون إذا ** كانت خطاياك في الشيطان تعتصمُ

ماذا أقول لربي يوم يسألني ** عن سوء فعلي لما قدّمت أختصمُ

أمارة السوء نفسي ما لها وزع ** ميالة للهوى , للظلم تقتدمُ

تلهو بدنيا وفيها للهوى شطط ** فالنار تعشق غاويها وتنتقمُ

أن كنت منشغلا في اذنه وقرُ ** فالموت آت ونفس المرء تنحطمُ

يومُ الحسومُ به الأيمانُ مبتسمٌ ** والمشركون على سيمائهم وجمُ

يا سامعين كلامي اليوم أغتنموا ** ساعات عمر , وفي الأحسان أستقموا

أعمل ليوم تكون النفس نادمة ** ترجو رجوعا وبالخيرات تلتزمُ

فاسال ألهك أن يعطيك عافية ** في الدين والجسم والأحوال تغتنمُ

أعمل لدنيا كأن العمر في مدد ٍ ** وأعمل لأخرى كأن الموت محتدمُ

الخميس، يونيو 21، 2007

حركة شعراء العالم ترثي نازك الملائكة



هل يحق لنا، نحن يتامى الخارطة، أن نؤبّن شاعرة كلّها حلم وحريّة وحياة كنازك الملائكة؟لقد حاولنا مرارا عبر " الصّالون المتنقّل لشعراء العالم" ومنذ شهور أن نزورها في مستشفاها هناك بالقاهرة وقد قامت شاعرتنا فاطمة ناعوت بأكثر من اتصال في هذا السياق ولكن صحّة نازك الملائكة المتدهورة يوما إثر يوم حالت دون ذلك لترحل دون أن تمنحنا شرف التقائها وجها لوجه لنهديها باقة ورد تجسيرا لتواصل لا بدّ منه
فلتغفر لنا قلّة حيلتنا في الوصول إليها وهي في الرّمق الأخير من الحياة ولتهنأ برحيلها إلى هناك ، إلى حيث عاصمة الاطمئنان الأعظم، بمنأى عن رداءات هذا الزّمان وضجيجه الأجوف.
بالقاهرة، توفيت يوم الأربعاء 20 جوان 2007 شاعرتنا العراقية الرائدة نازك الملائكة عن 84 عاما اثر هبوط حاد في الدورة الدموية.
وكما هو معلوم ، لدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 أغسطس اب عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو (أم نزار الملائكة) أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا. ودرست الشاعرة الراحلة اللغة العربية في دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة. ثم درست اللغات اللاتينية والانجليزية والفرنسية وأكملت دراستها في الولايات المتحدة عام 1954 حيث حصلت بعد عامين على شهادة الماجستير في الادب المقارن من جامعة وسكنسن. والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية.
وعملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت وتعد من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي. ونشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة (الكوليرا) عام 1947 فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (1926- 1964) الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا؟) واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.
وسجلت نازك الملائكة في كتابها (قضايا الشعر الحديث) أن "بداية حركة الشعر الحر كانت سنة 1947 في العراق. ومن العراق بل من بغداد نفسها زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت بسبب تطرف الذين استجابوا لها تجرف أساليب شعرنا العربي الاخرى جميعا. "وكانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر قصيدتي المعنونة (الكوليرا) وكنت قد نظمت تلك القصيدة 1947 أصور بها مشاعري نحو مصر الشقيقة خلال وباء الكوليرا الذي دهمها وقد حاولت فيها التعبير عن وقع أرجل الخيل التي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء في ريف مصر. وقد ساقتني ضرورة التعبير الى اكتشاف الشعر الحر."
وصدر ديوانها الاول (عاشقة الليل) عام 1947 ببغداد ثم توالت دواوينها التالية ومنها (شظايا ورماد) عام 1949 و(قرارة الموجة) عام 1957 و(شجرة القمر) عام 1968 و (يغير ألوانه البحر) عام 1970. كما صدرت لها عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة). ومن بين دراساتها الادبية (قضايا الشعر الحديث) عام 1962 و(سايكولوجية الشعر) عام 1992 فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها (التجزيئية في المجتمع العربي) عام 1974.
ورحبت الشاعرة شعرا بثورة رئيس الوزراء العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم عام 1958 لكنها اضطرت لترك العراق وقضت في بيروت عاما كاملا بعد انحراف قاسم الذي "استهوته شهوة الحكم."
ورغم غياب نازك الملائكة عن المنتديات الثقافية في السنوات الاخيرة فانها ظلت في دائرة الضوء اذ حصلت على جائزة البابطين عام 1996 وجاء في قرار منحها الجائزة أنها "شقت منذ الاربعينيات للشعر العربي مسارات جديدة مبتكرة وفتحت للأجيال من بعدها بابا واسعا للابداع دفع بأجيال الشعراء الى كتابة ديوان من الشعر جديد يضاف الى ديوان العرب... نازك استحقت الجائزة للريادة في الكتابة والتنظير والشجاعة في فتح مغاليق النص الشعري."
كما أقامت دار الاوبرا المصرية يوم 26 مايو ايار 1999 احتفالا لتكريمها " بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي" وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون اضافة الى زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد البراق.
يوسف رزوقة

الأمين العام المساعد لحركة شعراء العالم بأمريكا اللاتينية

الثلاثاء، يونيو 19، 2007

صباحكم أجمل \ آآآهات على صدر الوطن


زياد جيوسي
رام الله لم تصحو بعد من نومها، فما زالت تضع عباءة الليل على كتفيها، في الرابعة صباحا الكل نيام إلا من قصد بيوت الله ليعبدوه فيها، صحوت مبكرا قليلا عن موعدي المعتاد كل صباح، لعله تأثير الشفاء من المرض الذي طرحني الفراش منذ مساء الجمعة الماضية، فأشعل في كافة أرجاء جسدي نارا مشتعلة، فحرمت من الطعام المعتاد ومن مواصلة العالم ومن أجمل ما أقوم فيه، المشي في شوارع رام الله في الصباح والمساء، مترنما بقصة عشق تربطني برام الله والياسمين وطيفي البعيد القريب الذي ترافقني روحه دوما، كانت أياما عصيبة على المستويين الصحي والوطني، وقد أصر صديقي الطبيب أن ألمي ناتج عن حجم القهر والضغط النفسي الذي ينتابني، وأوصاني بالابتعاد عن المثيرات العصبية والنفسية، فماذا أقول لك يا طبيبي والوطن يتمزق ؟؟؟..
بقيت طريح الفراش لم أخرج من بوابة صومعتي حتى مساء الأمس، حين زارني صديقي الشاعر عبد السلام العطاري وخرجت معه والتقينا صديقنا الشاعر مراد السوداني، في جلسة مشاركة ألم الوطن في مقهى صغير مع كوب من العصير.
يحضرني في هذا الصباح الناعم اسم مطرب شعبي اشتهر بعد هزيمة حزيران اسمه محمد العزبي، كان له أغنية شهيرة تبدأ بموال كلمة آآآآه، فيكررها مرات وهو يغني " الأوله آه والثانية آه والثالثة آه"، وأشعر أن الآهات تندفع كبركان من روحي، فآه واحدة لا تكفي..
آآآه أولى ..يا صديقي نصر أبو شاور وأنت ترتقي إلى السماء على مذبح الفتنة والجنون في غزة، تعود صورتك إلى الذاكرة ونحن لم نلتقي منذ العودة للوطن بقامتك النحيفة وابتسامتك الحلوة، فاسترجع في الذاكرة تلك الجميلة الممشوقة القد في عمان حين كانت تذكر اسمك بوله ومحبة، كانت تسميك زين الشباب وزين الفرسان وهي تبث أمامي عشقها المكتوم لك، فكانت تجد في بث آهاتها أمامي متنفسا وفي شخصي من يحفظ السر وهي تسأل عن أخبارك، ترى ماذا سأقول لها لو التقينا يوما وسألتني عنك ؟؟؟
هل سأقول لها أن أحد أشجع الفرسان في الدفاع عن بيروت في الاجتياح قبل ربع قرن قد ترجل أخيرا عن فرسه بيد أبناء شعبه ؟؟ أم أحدثها عن خروجك مع قوات جيش التحرير الفلسطيني من الأردن إلى بيروت للدفاع عن الوطن والقضية وأنت تقود محورا بشجاعة وشراسة الفارس المؤمن في مواجهة عشرات الدبابات الإسرائيلية فتمنع الاختراق في محورك مع الشباب الشجاع المقاتل، وها أنت تترجل برصاصات تمزق جسدك من فتية غيبت عقولهم وأصبحوا وقودا لتحقيق مصالح فصائلية مزقت الوطن، أكبرهم لم يكن مولودا حين كنت تقاتل من أجل شرف وطنهم وأمهاتهم، رحمك الله يا صديقي وأنت تترجل بعد أن فَشلت منذ أكثر من ستة شهور كل محاولات نقلك من غزة للضفة رغم كل المحاولات، فالعدو لم ينسى تاريخك ورجولتك وشجاعتك وأنت تقاتلهم بوجه مكشوف، ونسيها فتية غيبوا عن الوعي فقتلوك وهم يرتدون الأقنعة، ها أنت تترجل شهيدا وأرى دموع القهر في عيون أخي الأقرب لروحي والذي لم يبكي يوما وكان يعيب عليّ عاطفتي، ها أنت تمضي وحيدا غريبا بعيدا عن أسرتك وأحبائك..فطوبى للغرباء.
آآآه ثانية...لآلاف الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن فلسطين من أنحاء بلاد العرب، ففي حرب النكبة وما تلاها سقط الشهداء تلو الشهداء من فلسطين ومصر والسودان والمغرب العربي، وتخليدا لذكراهم أقيم نصب الجندي المجهول في شارع عمر المختار في قطاع غزة، هذا الرمز الذي بادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى تدميره حين احتلال القطاع في عام النكسة، وأعيد بناءه بقرار من الشهيد الرئيس أبو عمار حين عودته للوطن، ليقوم الفتية المقنعون بتدميره من جديد وجره بشماتة في شوارع غزة، فهل هكذا نحترم ذكرى الشهداء الذين أتوا من البعيد ليستشهدوا دفاعا عن وطننا وهكذا نجزيهم ؟؟ أم ظن هؤلاء الذين يخفون وجوهم بالأقنعة السوداء، أنهم قد فتحوا مكة وقرروا أن نصب الجندي المجهول هو من أصنام الجاهلية كأصنام هُبل واللات والعزى، فقرروا تطهير الكعبة الجديدة من الرجس والأصنام ؟؟
آآآه ثالثة...أبو عمار مهما اختلفنا أو اقتربنا منه في حياته أو مماته، كان وسيبقى رمزا لن يموت في ذاكرة الشعب الفلسطيني، وها هم المغيبون عن الوعي يبادرون لاجتياح بيته ونهب ذكرياته التي هي ملك الشعب الفلسطيني، كما كان أبو عمار ذاكرة الشعب ورمزه فهل هكذا يكافئ الشهيد والرمز الذي قضى عمره مقاتلا مناضلا حتى استشهد غيلة وغدرا وهو يرفض التنازل عن القدس والوطن ؟؟؟
آآآه رابعة...على وطن أصبح ثلاثة أقسام وسلطة أصبحت سلطتين ودماء سالت على مذبح الجهل والتعصب والفصائلية، بينما الأعداء يجولون ويصولون ويعربدون، فقبل قليل نقلت الأخبار استشهاد شابين في منطقة جنين على أيدي العدو وقواته، بينما نحن ما زلنا نقاوح ونكافح حول شرعية ذلك الطرف أم غيره، ...أيها السادة المغيبون إن الشرعية الوحيدة هي شرعية الوطن والزيتون والحب...وما عدا ذلك فكما قلتها مرارا وتكرارا ..أخذتم حصتكم من دمنا فارحلوا..
وآه وألف آه لا تكفي لتصوير الجريمة البشعة والفتنة السوداء، "ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح"، فقد زاد الألم وباعدوا بيننا وبين الفرح الذي ننتظر، أعود من جولة قصيرة في شوارع المدينة الهادئة متأبطا صحيفتي الصباحية، أضم روح طيفي التي لا تفارقني وأحتسي كوب الشاي الأخضر بالنعناع، وعصافير الدوري والحمائم تحط على نافذتي أستمع مع طيفي ومعها لشدو فيروز..
فيكن تنسوا صور حبايبكن، فيكن تنسوا لون الورد بورق رسايلكن، فيكن تنسوا خبز الكلام أسامي الأيام والمجد إلي الكن، لكن شو ما صار لا تنسوا وطنكم ..جبيني ولا مرة حني، شعبي ذهبي وفرحي وغضبي، بترك صوتي وما بترك وطني..
صباحكم أجمل..

الاثنين، يونيو 18، 2007

شاعر سعودي يؤكد تقدمه لخطبة ابنة صدام.. ورغد تنفي


دبي- حيان نيوف

العربية نت
أكد شاعر سعودي أنه تقدم بالفعل لخطبة رغد كبرى بنات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وذلك بعد شائعات انتشرت في المنتديات الإلكترونية بهذا الخصوص وهو ما بادرت إلى نفيه ابنة الرئيس العراقي قائلة إنها تستغرب مثل هذه الأنباء.

وفي حوار مع العربية.نت علق الشاعر السعودي الشاب منصور شعوان الشيباني على الشائعات التي ملأت المنتديات حول زواجه من رغد قائلا إنه تقدم لها بالفعل بعد أكثر من لقاء بينهما ولكنها وعدتها خيرا دون أن تجزم بالقبول كاشفا أن ذلك حصل في اليمن منذ شهرين عقب قصيدة غزل برغد عبّر فيها عن أمنيته بالزواج منها.

وفي أعقاب نشر الخبر سارعت ابنة الرئيس العراقي الراحل المقيمة حاليا في الأردن إلى نفي تلك المعلومات للعربية قائلة إنها تستغرب الأنباء التي تتحدث عن خطبتها.

وكانت العربية.نت حاولت الاتصال برغد قبيل نشر الخبر إلا أنها فضلت عدم التعليق على الموضوع، فيما أكدت مصادر أخرى مقربة من عائلة صدام استبعادها أن تكون مثل هذه الخطبة قد تمت. ورغد هي ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من زوجتة ساجدة.

ولدت عام 1967، وكانت زوجة حسين كامل الذي حاول الانشقاق على صدام وهرب للاردن، قبل أن يعود للعراق حيث تم تصفيته من قبل عائلته عام 1996.

وتعيش رغد حالياً في العاصمة الأردنية عمان. وهي الوحيدة من عائلة الرئيس السابق صدام حسين التي أصدرت تصريحات سياسية بعد الحرب على العراق واعتقال والدها، خاصة وأنها متأثرة كثيرا بشخصية صدام، وكانت تصلها رسائله من سجنه قبل إعدامه.

وكانت رغد وشقيقتها رنا لجأتا للمرة الاولى الى عمان في آب 1995 مع زوجيهما حسين كامل الذي كان وزيرا للصناعة، وشقيقه صدام كامل المسؤول عن حماية الرئيس العراقي ونحو ثلاثين من أفراد عائلة المجيد.

تفاصيل الخطبة المزعومة
وفي روايته التي أوردها للعربية.نت قال الشاعر منصور الشيباني -الذي يعرف أيضا باسم منصور الغازي- إنه "كتب قصيدة منذ أكثر من 3 أشهر، يعبّر فيها عن إعجابه برغد صدام حسين ويتمنى أن تقبل الزواج به، ثم وصلت القصيدة إلى رغد عن طريق قريبة لها هي صديقة للشاعر وهي شاعرة وسيدة أعمال". وتابع "بعد ذلك أدخلتني قريبتها في اتصال هاتفي معها، لم يكن مباشرا بل مكالمة جماعية. فسمعت رغد القصيدة مني مباشرة، وأعجبت بها، وعبّرت عن أمنيتها بلقائي". وعن مكان وزمان الخطبة المزعومة، قال الشيباني إن قريبتها "رتبت اللقاء في اليمن منذ أكثر من شهرين، خلال زيارة لرغد لليمن بعد وفاة والدها". ووصف الشيباني تقدمه لخطبة رغد بأنه "لم يكن رسميا"، وأضاف: "كنت أنا وهي، وقريبتها ومجموعة أشخاص من نساء ورجال من مجموعة دول في دائرة حكومية باليمن، وحضرها أشخاص واصلين (متنفذون)، وفي اليوم التالي حصل لقاء آخر بيننا بناء على طلبها هي بحضور قريبتها وشخص عراقي، وأكّدت لها رغبتي بالزواج ووعدت بالخير.. دون أن يتم تحديد موعد للزواج".ونفى الشيباني بشدة -في روايته للموقع- ما تناقلته بعض المنتديات على شبكة الانترنت بأنه "تم عقد القران" وقال إن "ما جرى فقط أنني تقدمت لخطبتها ولم نتفق بعد على عقد القران والتواصل مستمر معها". وعن أبرز المعاني في قصيدة غزله برغد صدام حسين، يقول منصور الشيباني: "التعبير عن أمنيتي بالزواج من رغد صدام لقوة شخصيتها وقوة والدها وشجاعته، وأتمنى في القصيدة الزواج بها والانجاب منها ثلاثة أبناء الأول يحرر العراق والثاني يحرر فلسطين وأخر يكون نصيرا لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز". وقال الشاعر الشيباني إن عمره 26 عاما رافضا الكشف عن وظيفته وعمله في السعودية غير نشاطه الأدبي والشعري. وينشر قصائده في المجلات والصحف السعودية، كما توجد له قصائد على شبكة الانترنت بصوته.

الأحد، يونيو 17، 2007

مع "لائحة الاتهام تطول" للكاتبة: صبيحة شبر


زياد جيوسي


أتيح لي أن تكرمني الزميلة الكاتبة بنسخة من مجموعتها القصصية "لائحة الاتهام تطول"، حيث تكرمت بإرسالها إلى عنوان أسرتي في الأردن، ومن هناك تم إرسالها لي بعد تيسر من يحملها بعد شهر وأكثر من الزمان، فكانت رحلة طويلة لوصول كتاب أدبي ولكنها رحلة تروي معاناتنا هنا في فلسطين المحتلة في الحصول على كتاب.
في اللحظة الأولى لفت نظري العنوان الذي حملته المجموعة وهو عنوان أحد القصص التي يضمها الكتاب، ودققت النظر في لوحة الغلاف فوجدت خارطة العراق خضراء لا لون آخر سوى الرافدين دجلة والفرات باللون الأزرق، موضوعة في قفص الاتهام وشجرتي نخيل مخلوعة من الجذور، وملقاة مكسورة تحفها من اليمين واليسار شجرتان أخريان ما زالتا شامختين كما هو نخيل العراق، هذه اللوحة مع العنوان أثارا بداخلي التساؤلات والمسارعة بالبدء بالقراءة متخطيا عادتي بأن أقرأ حسب تاريخ وصول كتاب ما إلى يدي.
وكالعادة بدأت بعد تدقيق الغلاف بالنظر إلى الإهداء الذي يشي بالمعنى الذي تهدف إليه هذه المجموعة فكان "إلى وطني الذي أدين له بكل شيء جميل"، وهذه إشارة واضحة لا تخفى على قارئ، وقد أتيح لي الإطلاع على بعض القراءات ووجهات النظر في هذه المجموعة، فوجدت بعض القصور في فهم ما تريده الكاتبة من خلال نزف قلمها، فالمجموعة تحمل في ثناياها الهم الوطني الكبير وألم الوطن وجرح الوطن من خلال المعاناة، معاناة الوطن الذي أثخنته الجراح ومعاناة البعد والاغتراب الذي طال، ومعاناة المجتمع وأمراضه، فالمؤلفة عراقية المنبت والمحيا ولكنها تعيش خارج الوطن منذ عام ألف وتسعمائة وتسع وسبعون حين غادرت للكويت، وبعد سنوات إلى المغرب واستقرت هناك.
وما أن بدأت بالقراءة وبعد عدة قصص حتى أدركت أن لائحة الاتهام تطول، تطال العديد من المتهمين في ثنايا النصوص مما دفعني للمسارعة في القراءة لأطلع على هذا النوع من القصص الهادف، الذي يحمل في طياته المعاناة وألم البعد والاغتراب وجرح الوطن النازف، والذي لم يتوقف عن النزف في حروب متعددة لم تتوقف منذ عام مغادرتها الوطن حتى وقوعه تحت ربقة الاحتلال، والصراع الدموي الذي يجري في داخله فينزف الدم اليومي، وأصبحت أخبار العثور على عشرات الجثث المشوهة والمغتالة خبر اعتيادي في نشرات الأخبار كل يوم، وأصبحت أخبار العربات المفخخة والتي تفتك بالناس والأسواق والأفراح والجنازات خبرا متكررا بالكاد تجد لها زاوية في عالم الإعلام.
وما بين أربع وسبعين صفحة وتسع عشرة قصة تتوزع لائحة الاتهام وتطول، ويزداد النزف ويكبر حجم الألم ويتفتح الجرح، وسأحاول في هذه القراءة المتواضعة أن أصل لتحديد شخصيات المتهمين، والتهم الموجهة إليهم، تاركا للقارئ الحكم عليهم، وبعد الإطلاع على لائحة الاتهام جمعت كل مجموعة من المتهمين الصغار ضمن المتهم الأكبر، والذي لا تمثل شخصيات المتهمين إلا أجزاء من المتهم الأساسي الذي يضمهم في ثناياه، وقد لفت نظري اقتصار المجموعة على تسع عشرة قصة !! فهل الرقم أتى صدفة مجردة أم مقصودا ؟؟ أم أنه المخزون التراثي في العقل اللاواعي هو الذي حدد هذا الرقم والمرتبط ارتباطا وثيقا بالمعتقدات الدينية ؟؟...
المتهم الأول..القدر..

في قصة "الخطافة" يلعب القدر لعبته في قصة حب وانتظار وحلم لقاء "أيام طويلة تمضي وأنا أمني النفس أنني سألقاك"، "وفجأة وأنا أحلم باللقاء رأيتك إلى جانبي"، هو حلم واستدعاء للذاكرة والطفولة "حكايات الماضي..حين كنا صغارا نلهو مع الزمان"، "أتسلق السطوح، أمك وحدها تبقى معنا تغزل باستمرار وكأنها تحوك للناس أحلامهم"، وتستمر الذكريات واستدعاء صورة الحبيب الذي غادر ولم يعد " سأذهب لإكمال دراستي وأعود جديرا بك..يطول بك الغياب وأشعر بالعجز لبعدك، تهجرني إرادتي وأصبح مشلولة أمام قوى تريد اختراقي"، "تأتي من السفر وتهرع لرؤيتي، وإذا بك أمام مخلوقة أخرى ضعيفة مستسلمة"، فيغادر إلى حضن آخر ويأتي القدر على صورة "امرأة ممتلئة في العقد الخامس من العمر"، تصرخ بقوة "لا رجل لك,,,قصص الحب عندك مبتورة منذ البداية..هذا الذي جنبك جاء إحياء للذكرى وليس من أجلك"، "تلتفت لي: فرصة أخيرة لك، انه بعيد ويهواك، اطلعي البحار من أجله وحين تصلين إليه تعيشين ثلاثة أيام في الجنة ثم يتركك إلى العالم الآخر"، من هو الحبيب الذي غادر وتجسد على شكل رجل ؟؟ هل هو الغياب عن الوطن والبعد، هل هو الوطن الذي يعاني فما أن يعود إليه محبوب حتى يكون ضحية اغتيال أو سيارة موت متفجرة تقف في الزوايا لترسل العشاق إلى العالم الآخر؟؟ وهذا القدر على شكل امرأة خماسينية العمر هل هو عمر الدولة الحديث الذي انتهى بالاحتلال ؟؟ هي تساؤلات لا يمكن التغافل عنها من خلال تداخل المعنى والأهداف في هذا القصص الجميل.
في "محاولة" نرى عبث القدر مرة أخرى وبشكل آخر، امرأة تقف أمام مرآتها، فتشعر أن "المرآة تضحك مني، تنظر إلي شامتة، تخرج لسانها، تسخر من عجزي واستسلامي"، "وددت لو أفعل شيئا، أن أنتصر عليها، أحطمها"، وما المرآة هنا إلا قدر يخاطب بطلة القصة، "ابتسمي..اهربي من سجنك، حطمي قيودك، ثوري على جلاديك، انتصري لمبادئك وقيمك"، فتجيب "ماذا عساي أن أفعل وأنا غريبة هنا ؟ كبر الأبناء وتركوني، فارقت أهلي وأحبابي منذ دهر، ولا أصدقاء لي هنا، أحبابي رحلوا...وأنا لا أجيد السباحة ضد التيار، أصبحت خانعة أرضى بما يبتغونه لي"، إنها عملية استسلام هائلة للقدر، لكنها تقرر أن تقاوم قدرها "عليّ أن أقهر خنوعي واستسلامي، الإنسان مخلوق قوي، إن تردد يوما فانه يعود للحزم والعزم مرة أخرى...ينبغي أن أتحلى بإرادتي..."، "أعاود الضحك تنتصر إرادتي، تنقشع الغيوم السوداء"، تستعين بأغنية لفيروز تقول فيها " لم لا أحيا وطل الورد يحيا في الشفاه"، تنظر في مرآتها "مخلوقة جديدة أمامي، متفائلة، واثقة تحب الحياة، تهزم همومها بالضحك، قادرة على الابتسام".
المتهم الثاني..المجتمع

المتهمون نماذج مختلفة وعديدة، وكل نموذج يلعب دورا ما في المجتمع، وان كان الكل يلعب دوره بصورة أو بأخرى باضطهاد المرأة وقمعها وقمع تطلعاتها، ولكني آثرت أن أضع جميع المتهمين تحت خانة المجتمع بغض النظر عن كل جريمة وطبيعتها، ففي النهاية المجرم هو النظام الاجتماعي بأدواته المختلفة، والجريمة واحدة وان اختلفت صورها.
في "استغاثة" نجد نموذجا متميزا من النماذج التي توردها الكاتبة، نموذج المرأة التي يطلب منها أن تلقي محاضرة عن الحياة الزوجية السعيدة، في الوقت الذي لا تشعر فيه بالسعادة أبدا، فهي وبغض النظر عن مستواها التعليمي المتقدم، ما هي إلا ضحية من ضحايا المجتمع عامة والمجتمع الذكوري بشكل خاص، ولكنها تستغل غياب الذكور والزوج لتتكلم بوضوح وصراحة مشرحة المجتمع العربي بكل ما يعانيه من ازدواجية في التعامل، بكل ما فيه من الصور المزورة والأقنعة والزيف، وتشير بأصابعها بوضوح إلى المجتمع متهمة إياه، "سأكون صريحة معكن وأتحدث بلا أكاذيب أو اختلاقات وعندما ترينه مقبلا أخبرنني كي آخذ حذري وأعود إلى حديثي المرسوم و المقرر، بلا مساواة ولا بطيخ في مجتمعاتنا العربية"، "هراء ما تدعيه بعضكن، هل تزعمن المساواة، أي مساواة تجدنها في الوطن العربي ؟"، "ألا ترون أن علينا معشر النساء واجبات كثيرة؟ وليس لدينا حقوق"، " أجد نفسي هكذا، أنا آلة صماء"، "هراء ما بقينا نسمعه طوال عمرنا المهدود عن دعاوى المساواة"، "لماذا يفرض على المرأة أن تحب من نسيها"، "المرأة العربية تكتسب عادات زوجها وتتخلق بها بمرور الوقت "، ومن ثم تنتقل لتصوير المرأة المقموعة من داخلها "المرأة كالوردة تذبل إن لم يتم ارواؤها"، "حلمت مرارا برجل يحبني ويضمني إليه بحرارة"، "هو القدر، جعلني أبدو هادئة ساكنة، وداخلي يغلي كالمرجل"، "لا شيء غير الحب يبعث الأمل في النفوس"، وفي النهاية بعد تصوير هذه الحالة التي تمثل النساء العربيات، الحالة المقموعة من المجتمع الذكوري، نجدها بمجرد إطلالة الزوج تعود لترتدي القناع المزيف من جديد "إنها حياة حافلة بالنجاحات، زاخرة بالأفراح، عشتها مع توأم روحي"، "نحن زوجان متعاونان في كل أمور الحياة، ناجحان سعيدان..وشريكي إنسان ذو قلب كبير"، هكذا تعود لارتداء القناع المزيف وتبقى صرختها تهدر في الأذن وفي عيون القراء "لم يعد يراني امرأته، ومن أكون..؟؟".
وتتكرر الاتهامات للمجتمع في أكثر من قصة، ففي قصتها "تراجع عن قرار"، نجد نموذج آخر لامرأة مضطهدة من المجتمع المتمثل بزوج سكير، وأبناء لا تستطيع أن تتركهم وتنال حريتها "كيف يمكنها أن تتخلص من العبء المرهق وهؤلاء أولادهما المشتركون، ويريدونهما أن يكونا مع بعضهما البعض، طيلة الحياة"، ولكن " لقد حلمت مرارا أن تضع حدا للمعاناة المستمرة بلا طائل"، فهي تعاني من زوج "يحرص على نكرانها وإقصائها من حياته كما أبعدها عن قلبه"، رغم أنه "يقرأ كثيرا، يريد أن يظهر أمام الناس أنه مثقف، كأن الثقافة قراءة وتحول إلى دودة كتب، ودفن النفس بعيدة عن الحياة واشراقاتها، لم يبال يوما بمشاعرها وأحاسيسها"، هذا الإهمال كان يدفعها للتفكير بالخلاص، ومع زواج ولدها يدفعها البؤس النفسي لتدبير جريمة قتل محبوكة كما خيل إليها للخلاص من الزوج، "سيبدو الأمر طبيعيا، والجريمة بدون فاعل، فمن يشك بها؟؟"، تسائل نفسها "كيف يمكنها أن تعيش مع إنسان غريب عنها، لا شيء يجمعهما ويوحد مشاعرهما المتباينة"، إنها ضحية أخرى تمثل نموذجا من ضحايا المجتمع واستلاب حق القرار للمرأة، حتى تفكر بجريمة قتل وكل ما تحتاجه أن تشعر بإنسانيتها لاغير وبحضن دافئ يضمها، وفي لحظة مفاجئة يحضر إليها ليعرض عليها حضور فيلم سويا، "يفاجئها حضوره، لعله يشعر بوحدة قاسية بعد أن ذهب الأولاد كما تشعر هي"، تسأل نفسها "ما بال هذا الرجل؟؟ هل فراق الأولاد يجعله حنونا، رأت في عينيه ومضة حب لم تجدها وكانت تبحث عنها..ومضة جعلتها تود احتضانه كما كانت في الأيام الماضيات"، والنتيجة تكون "ستؤجل قراراها، وتنتظر، عله يعود".
وتتكرر صورة أخرى تصور اضطهاد المرأة في قصة "يوم في حياة امرأة"، حيث نرى المرأة التي تتحمل كل أعباء البيت إضافة لعملها والزوج الذي لا يرضى أبدا ولا يكف عن التذمر وإلقاء اللوم عليها أمام أي قصور مقصود أو غير مقصود، فالزوج هنا يمثل شريحة من المجتمع تريد من المرأة العمل الذي يجلب الدخل الإضافي إضافة للعناية في كل شؤون البيت، وأما هو فيكفيه العمل الحر الذي لا يستعبده والجلوس على المقاهي دون أن يفكر بمساعدتها، أو على الأقل الكف عن التعنيف والتذمر و "جعل الزوجة حائرة لا تدري بم ترضي زوجها".
وفي قصتها "أهدي نفسي باقة ورد"، نجد نموذج المرأة المكافحة بجانب حبيبها حتى يحقق طموحه ثم يتناساها وينسب الفضل فيما وصل إليه إلى ذاته متناسيا الجهد المشترك، "قلت لي انك تطمح أن تكون أكثر نجاحا..أسعدني طموحك وناضلت من أجل نجاحك، ظانة أنه نجاح لي"، وفي الحفل الذي تقيمه للأصدقاء احتفالا بهذا النجاح وتتكلم عنه بكل ايجابية، يتكلم هو ويقول "فكرت أن تختار من النساء من تعينك بالمهمة الجديدة، لكنك لم تجد ضالتك...المرأة رغم نضالها الطويل لم تصل إلى المستوى الذي نريد..وان المرأة..لا يمكن أن تنجح بالمهام العظيمة"، وهكذا يتغافل عن كل دورها ويحط من شأن المرأة، فتضن عليه بباقة الورود التي أحضرتها "نظرت إلى باقة الورد بيدي، وجدتها تشفق أن تذهب إلى يد لا تعرف قيمة الورد"، "يا من تسطو على انتصاراتي ناسبة إياها لك وحدك، متناسيا تضحياتي المتواصلة للوقوف بقربك".
نموذج آخر تقدمه لنا الكاتبة في قصتها "ما عاد لك"، حيث الزوج الذي يتخلى عن زوجته بإغراء امرأة أخرى، ونجد ما جرى على لسان المرأة الغريمة " رفيق حياتك أسيري، وأنت تعانين التشتت والضياع، كلمات غزل مني صيرته معبودا لي، وأنت قد زالت منك الحياة، ودخلت في سراديب البرودة والثلج".
حالة أخرى تقدمها لنا الكاتبة من خلال قصتها "سطو"، فهنا المرأة تتعرض للشك والتخوين دون أن يتاح لها الدفاع عن نفسها، فتعيش ذكريات الحب القديم فتتذكر "كنا نسير وحيدين، أنا وأنت يا حبيبي، كفك حمامة تحط في يدي، كلماتك غيث تتشربه روحي، وأنا جذلى أزغرد"، هنا هي ليست أكثر من ذكريات حب قد رحل ولم يدم الفرح "لم أعتد البهجة، فسرعان ما تعاونت مجموعة أياد لتغتال مني الألق وتخنق في نفسي الوهج"، انه الشعور بالظلم الذي تعرضت له فدمر حياتها، فالمرأة في المجتمعات الشرقية يمكن أن تعاقب على الإشاعة، ويمكن أن تقتل أيضا تحت مسمى جرائم الشرف، التي تتيح للرجل قتل المرأة تحت بند الدفاع عن الشرف وتبييضه، والمجرم لا يعاقب إلا بالسجن شهور قليلة ويخرج من السجن مرفوع الرأس، والمجتمع ينظر له بالإعجاب والتقدير، "لم أجن إثما..ماذا نقلوا لك ؟ وأي نوع من الآثام اقترفت يداي، يشلني الشعور بالظلم، أتصدق كل ما يقولونه عني وأنت بحر حنان ؟ لم تدع لي مجالا للدفاع عن نفسي".
في قصتها "شعور عارض" تأتي القصة على لسان رجل، وهي القصة الوحيدة التي نجد الرجل هو المتكلم معبرا عما في داخله تجاه زوجته، فهو يسمعها تحاول أن تكتم ألمها ولا تصرخ فيشعر بالإثم وانه كان قاسيا على زوجته "شعور بالإثم سيطر علي لحظة هذا الصباح"، "انتابني إحساس بأنني ظالم وأنني جانبت الإنصاف، واضطهدت هذه المخلوقة بدون قصد مني"، "وفي كل مرة تتكلم فيها، أحاول أن أقنعها بأن ما تشعر به من ظلم ليس صحيحا، وأن مرد هذا الشعور حساسيتها المفرطة، ونفسها المرهقة"، "فكرت أنها أبعدتني عن عواطفها كما فعلت أنا منذ زمن"، هل هي صحوة ضمير في لحظة ما وهو يتذكر الماضي وهي تكتم ألمها ؟؟ لكن سرعان ما يدق هاتفه ويأتي صوت صديقته تدعوه لسهرة في بيتها فيصحو من الشعور العارض الذي انتابه "رحبت بالاقتراح وأبعدت ذلك الشعور العجيب الغريب وكأنه زائر جاءني دون استئذان".
المتهم الثالث..النظام السياسي
"تعلمنا أن الأب معاملة حانية وحازمة، حنان متدفق، دفء متواصل..إن الحياة جميلة وأننا يجب أن نتعلم العطاء مثلما تعلمنا الأخذ"، هكذا هو الأب في قصة "الفقدان"، وفقد الأب ليس سهلا في حياة الإنسان "لا أصدق أنك رحلت، وأنني لن أراك بعد الآن"، فهذا الأب يختلف عن الكثيرين من الآباء "لم أسمع منك كلمة خشنة، أباء صديقاتي كانوا يضربون بناتهم بالحزام دون أن يبالوا أنهن فتيات وحرام أن يضربن بباقات الورود...تخرج معي ونذهب إلى دور الكتب نشتري كتابا معينا أو للسوق فتختار لي ما أريد بذوقك الذي حسدني عليه الجميع"، هذا الأب يموت قهرا وألما من سطوة النظام السياسي الحاكم "قضوا على حياة والدك، وأجبروك ألا تخبر أحدا بالنبأ وألا تقيم مجالس العزاء، وإلا أبادوا جميع أفراد أسرتك"، "الأسرة...يغتال أفرادها الواحد تلو الآخر، تمني النفس أن أحد أولادك الموقوفين ما زال حيا...ولكن أحلامك قد تحولت سرابا حين علمنا أن جميع الموقوفين قد أبيدوا، حكم عليهم بالموت ونفذ الحكم دون أن نعلم بالأمر"، وهنا تلخص حال الشعب وحال المجموع "ولماذا ينبئونا ونحن مجرد أرقام"، والنهاية هي "أحاط بك الحزن من كل جانب"، "واليوم تغادر دون وداع"....والنتيجة تشتت أبناء الأسر المنكوبة بأنظمتها فالنظام السياسي الفاسد المعادي لجماهيره هو متهم رئيسي يتحمل المسؤولية كاملة.
وفي "المعلم" تقدم لنا الكاتبة صورة لامرأة من هذا الشعب اضطرت للمغادرة والعمل في مكان آخر وبلد آخر لتقع تحت نظام آخر ينخره الفساد فيستغلها أبشع استغلال من خلال مسئولين حكوميين، فالغريب مضطهد كالعادة "الساعة الآن الثالثة صباحا، اتصلوا بك قبل دقائق يأمرونك بالقدوم، عليك السمع والطاعة والامتثال لما يقررونه من أمور، والا حلت عليك اللعنة"، "عليك أن تبتسمي، وتعلني عن طاعتك وامتثالك لأوامرهم، والا أعادوك من حيث أتيت"، هي لقمة الخبز والفرار من الاضطهاد الذي يؤدي بالروح إلى الموت، إلى الاضطهاد الذي يمتص قطرة العرق والكرامة، "أسمعوك كلمات عديدة أنك لولاهم لمت جوعا وما استطاع أولادك أن يتعلموا"، "يحكمون عليك بما يقررون لأبناء وبنات وطنك، ولكنك ارتأيت أن تكوني بعيدة عن أياديهم الطويلة، فغادرت إلى هذه البلاد"، " قد يطردونك من العمل، لكنهم لا يسجنوك أو يعذبوك، أنت شبه آمنة هنا"، "لم تجدي عملا إلا حيث يرهقونك ويخفضون من راتبك"، رغم أنهم "رحبوا بقدومك قائلين أنك كفاءة في القدرات التعليمية والتربوية"، وفي النهاية يكون هدف هذا الاستدعاء المرعب في الثالثة صباحا هو "عندنا طلاب ثلاثة أريدك أن تساعديهم...الأمر بسيط ..اكتبي لهم الأجوبة، اصعدي للطابق الأعلى كي لا يراك أحد واكتبي"، وأيضا "ولدين في مدرسة أخرى يرغبان بأخذ دروس خاصة عندك...تذكري أن لي خمسين بالمائة من الأجور"، انه القهر بعينه يتحمل مسؤوليته المتهم \ النظام السياسي.." أنت مسيرة، ماذا بامكانك أن تفعلي وأنت غريبة هنا ؟ بعيدة عن الأهل والخلان واليد الواحدة لا تصفق".
وفي قصة " تشابك مهن" تتكرر المعاناة من خلال سفر النموذج الذي تورده الكاتبة لعلاج ابنتها، فيتم احتجازها في المطار ونزع ابنتها منها في الدولة التي تقصدها وزجها في السجن مع مجموعة من المجرمات، ويتم التحقيق معها في المطار "لماذا انتم تتخذون من خارج البلد مأوى لكم ولأبنائكما؟؟ والوطن عزيز على الجميع، مشهود له بالغنى الوفير وبتنوع الخيرات، التي تجعل الغرباء يتوجهون إليه وأنتم ارتأيتم البعاد عنه".
وفي قصة "مع سبق الإصرار والترصد" تلجأ الكاتبة إلى الرمزية في الإشارة إلى فرار أبناء الوطن بمجرد أن تتاح لهم الفرصة، من خلال تصوير زوج من البلابل هربا من القفص "عندما فتح لهما الباب طارا معا وتركاني وحدي، أنتظر عودتهما، فلا شك أنهما فقدا معالم الطريق".
وفي قصة "رسالة إلى صديقتي المقتولة"، نجد نموذجا آخر لامرأة كانت تهزأ بالصعاب وتقاومها " انك تطردين الهموم والأحزان بضحكك المستمر، وابتسامتك المتواصلة"، ترفع شعارا واحدا "بعدا للألم..وسحقا للانهزام "، ولكنها تقع أيضا تحت ظلم النظام السياسي " أعدموا زوجك وابنك الكبير، فقدت ابنتك الوحيدة...بقيت وحيدة غريبة، في ذلك المنزل الكبير والمتهدم، تمنين النفس أن يعود ابنك المتبقي لك في هذه الحياة"، ولكن.."يأتيك النبأ بأن ابنك قد أبيد مع الآخرين، وأن حكما بالإعدام قد صدر بحقه، دون أن تعلمي أو يبلغوك"، ومع هذا تقول "بعدا للألم، سحقا للانهزام"، لتقع في النهاية ضحية تفجير في سوق شعبي في ظل الاحتلال.
"سطو" قصة تتحدث أيضا عن الآم الاغتراب، وتلخص نظرتها إلى دور النظام السياسي ودوره بهذه العبارة المعبرة "كل شيء سرقوه يا حبيبي..الوطن، الأهل، الأصدقاء، الهوايات، الاهتمامات، الشعور بالأمان، لم يبق لنا إلا الخيال".
ويلاحظ تكرار الحديث عن المقابر الجماعية في العديد من القصص الواردة ضمن هذه المجموعة، ويتكرر هذا بشكل إنساني حين العثور على مقبرة جماعية فتذهب امرأة لتبحث عن رفات ولدها، فتجد بعض من العظام ولا تجد الآخر، فتلح بالسؤال على الحارس بينما روح ولدها ترف من حولها، فيقول الحارس بانفعال " سيدتي لم تبق فينا عظام، تهرأ كل شيء فينا، أصبحنا رمادا تذروه الرياح".
وفي أراجيح العيد تتكرر حكاية الذين خرجوا ولم يعودوا، الذين اختطفهم النظام السياسي ولم يعرف لهم مصير، "العيد آت، رغم رحيل الوالد، واستمرار غيابه..هل لا زال على قيد الحياة، أم أنه أبيد كالآلاف من أبناء وبنات شعبنا الطيبين".

المتهم الرابع..الحكومات العربية
"لائحة الاتهام تطول" نموذج آخر بأسلوب متميز، فهنا نجد صورة لمحاكمة شعب بأكمله وتهجما عليه من قبل الأشقاء، من خلال محاكمة فرد، هي قصة رمزية تصور محكمة وامرأة في قفص الاتهام "أنت واقفة منذ دهر، تورم منك القدمان، وانتفخ الساقان، وانتفض القلب وأرعد وأزبد، يبست شفتاك، وإحساس هائل بالظمأ يجتاحك برعب، ربطوا فمك، فماذا يمكنك أن تفعلي؟؟ طالما انتفضت، ثرت، قاومت، قواك أوشكت على الانطفاء، وعيناك المربوطتان ما زالتا وهاجتين"، المرأة تتمازج هنا بين الوطن وبين الذات "قومك مثيرون للشقاق والنفاق"، "قومك أهل شقاق ونفاق..شقاق ونفاق..شقاق ونفاق"، إنها العبارة المنسوبة للحجاج الحاكم الظالم الذي أعمل سيفه برقاب الأمة من أجل إخضاعها، فتم تداولها عبر التاريخ وأصبح كل حاكم وغاز ومحتل يستخدمها ويستخدم الأسلوب ذاته، القمع والقتل والتشريد وكأن شعب العراق مختلف عن شعوب الأرض قاطبة ولا يساس إلا بالقمع والسوط، إنها لعنة تاريخية على رقاب شعب حر أبي يطمح لأن يعيش حرا "أرضنا تشققت، خيراتنا اضمحلت، هواؤنا تسمم، ماؤنا تلوث، نفطنا تفجر وتبخر، أطفالنا تبعثروا، أشلاؤهم تناثرت، سيقانهم قطعت، أيديهم بترت، عيونهم انطفأ نورها"، ويتم تحميله وزر كل شيء من خلال المحاكمة المفترضة للمرأة هنا، والتي هي محاكمة لوطن بأكمله والحضور "ينظرون بشماتة، يتناولون المرطبات بسرور وبهجة، يتفرجون على مخلوق غريب، في وسط القاعة، معصوب العينين، مربوط اليدين، قد خيطت منه الشفتان، وتورمت القدمان، وانتفخت الركبتان، والقلب قد مل الوجيب"، فمن تكون المرأة إلا الوطن الذي تخلى عنه الأهل والأشقاء، وتركوه يعاني الحصار والجوع والاحتلال والقتل والتدمير، وكأنه لعنة يريدون التخلص منها، "أنت نقمة سلطها الشيطان على هذه الأمة المنكودة، فسلب منها اليقين المفرح، وسرق رضا الله، حين عصت ولي الأمر"، !!!! "هذه المتهمة الماثلة أمامكم أم المصائب التي حلت في ديارنا، أطالبكم أيها القضاة، يا رجال العدالة أن توقعوا بالمجرمة أقصى العقوبات وأن تعيدوا إلى ربوعنا المعذبة أمنها المسلوب"، وهنا أضع أكثر من خط تحت عبارة "أم المصائب".

المتهم الخامس..الاحتلال..
في قصتها الأولى "أرق ونحيب مكتوم" نجد الكاتبة تتحدث عن النساء المناضلات المعتقلات في السجون الضيقة والقبور التي تلتهم الروح والجسد في لوحة تجسد الألم والمعاناة، فالمعتقلات أرواح بشرية لها معاناتها الإنسانية رغم الصمود في مواجهة الجلاد، وهنا تكمن القدرة على تصوير الجانب الآخر في نفسية المناضل، المعاناة الإنسانية وألم الروح وليس تصوير جانب الصمود فقط كما اعتدنا مغفلين معاناة الإنسان كانسان يحب ويرتبط بآخرين داخل القضبان وخارجها، فمن تصوير المعاناة بالنحيب المكتوم من رجاء "لماذا تراها تبك ؟
وهي القوية الصامدة، المتمتعة بتلك القدرة العجيبة على الصبر والاحتمال"، "كانت قوية وصلبة على الدوام"، وتتحدث مع نفسها وكأنها تتحدث مع رفيقة الأسر والقهر"ما الذي يدعوك إلى البكاء والنحيب هذه الساعة المتأخرة من الليل وقد هجع الجميع، أو تظاهرن أنهن في نوم متواصل وعميق"، انه الشعور الإنساني بالفرح الآتي والقدرة على التضحية من أجل بسمة على وجه طفل وارض تنبت سنابل قمح، احترام الذات والآخر بعيدا عن العنجهية التي يصور بها البعض الأسرى والمعتقلين وكأنهم قدوا من صخر وليسوا بشر، انه تقدير لحظات الضعف الإنساني للمناضل أثناء نزفه الليلي دون أن ينتقص من صموده الأسطوري " ولكن الأمل ينبعث بقوة داخلك أن رجاء عزيزتك هجرت بكاءها، وعادت إلى قوتها المعهودة".
إلى تصوير ذوبان الفرد في المجموع والحرص عليهم "تظل الليل كله يغلبها السهاد، مخافة أن تأتي بحركة غير مقصودة تسبب إيقاظ رفيقتها المتظاهرة بنوم عميق، تتخلله الأحلام الباسمات"، إلى تذكر لحظات التحقيق التي يفتقد فيها المحقق عن أي نوع من الشعور الإنساني "تتعالى ضحكاتهم، يستعملون الأحزمة للضرب المبرح على المناطق التي يكون ألمها بالغا، يطرحون الأسئلة من كل جانب، أسئلة متنوعة....لماذا تقرئين بهذه القوة وهذا النهم؟ من تعرفين من المخربين ؟ هؤلاء الحمقى الذين يطمحون إلى تغيير الشمس وشكل القمر"، تشدها الروح الإنسانية والرغبة في الفداء التي ألقت بها في هذا القبر المكتظ الذي لا يعرف الشمس "تسمعين صرخات متصاعدة من رجل يضرب بإصرار متواصل....تتمنين لو تستطيعين أن تمدي له يد العون....تتساءلين من يكون ذلك الرجل المكبل؟؟ أخبروك آخر زيارة أنهم قبضوا على من منحك الحب والرعاية والحنان في طفولتك"، وتعود الروح الإنسانية للحلم في المستقبل الذي لولاه لما وجدت نفسها أسيرة خلف القضبان بعيدا عن الدفء والشمس "تحلمين بصباح جديد تشرق فيه الشمس، وباب مفتوح وبنافذة لا يوصدونها بالمسامير، تسمعين تغريد البلابل، تغنين مع العنادل، تأكلين ما يحلو لك، تعانقين من تحبينهم، تنامين إلى وقت الظهيرة أيام عطلتك، ولا تعودين إلى سماع ذلك الصراخ المرعب"، إنها الروح الإنسانية التي تحلم بقطاف ثمن التضحية فرحا وبسمة وراحة وليس ذاتية تتجلى بمنصب ومقعد مسئول، انه الحلم بالغد المشرق " فالصباح لا بد أن يكون مشرقا ذات مرة".
وفي قصة "رسالة إلى صديقتي المقتولة"، نجد المرأة التي تقع ضحية النظام السياسي الذي أباد أسرتها "فقدت الجميع ولم تتمكني من توديعهم، ولم تعثري على قبور لهم فقد لا يكون لهم قبور"، وتقع ضحية الاحتلال "تفجير سوق شعبي بسيارة مفخخة"، "وها أنت تقتلين بأيد غادرة، فمن سيقوم بما يلزمك من دفن وبكاء وإنزال داخل القبر"، والنتيجة.."لقد استطاعوا أن يقمعوا تلك الضحكة المجلجلة، كما نجحوا في أن يفقدوني صديقتي الوحيدة".
في "أراجيح العيد" نجد أن من لم يقضي في السجون يذهب ضحية السيارات المفخخة التي تفتك بالبشر في الأسواق وفي الشوارع وأماكن التجمعات، فالطفلة تنتظر الأم التي ذهبت لتشتري ما يلزم لعمل حلوى العيد، "تسمعين رنينا متواصلا من جرس الباب..مجموعة من الناس يحملون أمك، لم تكن تحمل شيئا، وكانت هامدة لا قدرة لها على الحراك، يصيبك الذهول، تسمعين أصواتا لا تدركين كنهها، ..سيارة مفخخة"، فتصرخ الطفلة "لماذا ؟؟؟ الآن ؟؟ وقت العيد ؟؟ ولماذا يغيب الآباء والأمهات ولا يعودون ؟؟؟"
اللاعبون في الوطن أصبحوا كثيرين في ظل الاحتلال كما العابثون فيه، وهذا يتجلى بدقة في القصة الرمزية "ضاع عمري"، التي تصور رجل يصرخ " النجدة أغيثوني لقد سرق مني عمري"، ثم الحوار بين المواطن الصالح الذي يشعر أن من واجبه مساعدة المستغيث فيخرج من بيته تحت الظلام، فالكهرباء مقطوعة تماما إلا ساعات محدودة في ظل الاحتلال، فيلتقيه شرطي يسأله أين يذهب ويفهم منه قصة الرجل الغريبة فيعرفه ويشرح له "انه مدمن على لعب القمار خسر كل ما بجيبه من نقود، ولعب على عمره فخسر مرة أخرى"، فهل قامر النظام بكل ما يملك حتى استولى عليه الاحتلال، يكمل الشرطي قوله والشرطي هنا أراه رمزا لنظام آخر "من يدري ؟ قد يفيد اللاعبين أن يحصلوا على عمر إنسان قد أوشك أن يودع عمره".

الخلاصة...
إن القراءة السريعة لمجموعة لائحة الاتهام تطول، تعطي دلالة واضحة على قدرة الكاتبة على تشخيص الأمراض التي تعصف بالمجتمع، من خلال المباشرة تارة ومن خلال الرمز تارة، لكن دون الإغراق بالرمزية التي تضيع القارئ وتبعد ذهنه عن الهدف المنشود، ومن هنا نجد تشخيص الحالات والتي اندرجت تحت عدة لوائح، القدر..فنحن أمة بطبيعتها قدرية ومؤمنة بالقدر ونلمس هذا بشكل كبير في موروثنا الشعبي والديني، والمجتمع.. فأمراض المجتمع التي تعصف به وتنخره تؤدي إلى أنظمة شمولية لا تؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ومثل هذه الأمراض المنتشرة في أنظمتنا العربية تؤدي إلى التمزق والتشتت والتآمر، مما يؤدي إلى وجود الأرضية الخصبة لإعادة الاحتلال المباشر وغير المباشر، وبالتالي السيطرة على مقدرات الأمة ومصيرها ومستقبلها، إن التشخيص لأمراض المجتمع وللمعاناة التي تسببها الأنظمة الشمولية، يعطي المؤشرات لكيفية معالجة الوضع وبناء مجتمع خال من الأمراض يمكن أن يحقق للإنسان سعادته، إن الكاتبة لم تضع خططا للمستقبل فهذه ليست مهمة القاص، ولكنها تمكنت من تشخيص الحالة والإشارة إلى الخلل بوضوح من خلال هذه المجموعة القصصية، التي تستحق منحها الوقت للقراءة المتمعنة، وتستحق الكاتبة كلمة شكر على هذا المجهود الكبير.
*****

السبت، يونيو 16، 2007

طه حسين v/s فقهاء الظلام


وائل عبد الفتاح
الاخبار
طه حسين: انتقام متأخّر لـ«الأزهر»؟

المدرسة المصريّة تطرد عميد الأدب العربي
كيف يمكن أن تتطاول أيّ يد على «أيام» طه حسين؟ هل يعقل أن الرواية المنشورة قبل قرابة ثمانين عاماً، ما زالت تزعج إلى اليوم؟ «المشايخ» يعودون إلى صباهم في مصر، ويهدّدون منجزات «التنوير»، فيما الثقافة الحديثة تنسحب مهزومةً إلى الهامش، في ظل المؤسسة الرسمية المتخاذلة، أو المتواطئة
آخر أخبار القاهرة ليست سعيدة تماماً. مشايخ الأزهر يريدون حذف فقرات من رواية «الأيام»، سيرة حياة طه حسين المقرّرة ضمن مناهج طلاب المدارس الثانوية في مصر.وحذف الفقرات كان الحل الوسط بعدما طلبت مديرية التربية والتعليم في القاهرة، من مستشار اللغة العربية إلغاء تدريس «الأيام». لماذا..؟ «لأنّها تتضمن نقداً لرجال الأزهر». هذا ما قاله المسؤولون عن التعليم في عاصمة مصر.
وعلى رغم أنّهم أساتذة جامعة «أفندية» يرتدون الملابس المدنية الحديثة، إلا أنهم يلبسون تحت جلودهم الزي التقليدي للمشايخ وبكامل الإكسسوارات. إذاً، يبدو الأمر كأنّه عودة المنتقم.الفقرات المحذوفة من «الأيام» تتعلّق بالنقد اللاذع للتعليم الأزهري في أول القرن الماضي. أما الرغبة وراء الحذف فهو انتقام متأخّر من الإهانة التي تلقّتها المؤسسة الدينية من الأديب الضرير الذي تجاوز تعاليمها إلى خيارات الثقافة الحديثة.
فرقة الحذف والانتقام قالت مطالبها خلال اجتماع لجنة تطوير التعليم، وحصلت على شبه وعد بإلغاء الرواية وخرجت بنصف أمل: حذف الفقرات المثيرة لغضب المشايخ. والأقوى أنّهم برروا طلبهم بوصف طه حسين بـ«أنّه كافر»... واستعانوا بخبرتهم وهم يردّون على المعترضين: «طه حسين نفسه كان يرى أنّها رواية غير مهمة»، متّبعين كل الوسائل لإلغائها وحذفها من المناهج، في محاولة جديدة لاستعراض القوة، وإعلان عودة الفقهاء الذين اختفت قوتهم وحضورهم مع ظهور نموذج المثقف الحديث خلال صدمات السنوات الأولى من القرن العشرين.
أمراء الظلام يعودون إلى المعترك إذاً... وهم اليوم نجوم تلفزيون وزعماء فضائيات يتصارعون على الفتاوى الغريبة التى تشهرهم. مفتي الديار المصريّة صدم الجمهور الكبير بفتوى عن تبرّك الصحابة ببول الرسول. زميله في البحث عن الفتاوى الصادمة عثر على فتوى أكثر إثارة تسمح بإرضاع الكبير، فتوى أثارت شهية رجال مكبوتين، وأخصبت المخيلات وذكرتنا بمتع جنسية غير تقليدية.
أمراء الظلام هم قادة التفكير في مجتمع مهووس بالحصول على فتوى في كل كبيرة وصغيرة، من انتخابات الرئيس إلى شكل الملابس التى ينام بها الرجل مع زوجته... وحتى طريقة الجنس الشرعي مع أربع زوجات دفعةً واحدةً. إنها عودة «الفقهاء» إلى صباهم المفتقد، أيام كان خلع الزي التقليدي للأزهر هو علامة الدخول إلى العصر الجديد. تلك السنوات الحاسمة شهدت صدمة عنيفة للأفكار المستقرة، مع طه حسين، وقبله مصطفى عبد الرازق... ومعهما أحمد أمين، سلالة طويلة لم يكن آخرها نصر حامد أبو زيد.
كلّ هؤلاء غادروا عباءة «الشيخ» إلى موقع «المثقف». كل على طريقته، وبثورته التى تتباين حدّتها حسب الملامح الشخصية وعمق الموقف من نظام القيم السائدة.الآن في مصر، هل بات مطلوباً من الثقافة أن تعتذر عن خروجها عن نص الفقهاء؟ انتقام واضح تفرضه سلطتهم الجديدة التي تتيح لهم الكلام في كل شيء، وتمنحهم القوة للتطاول بالحذف على رواية عمرها 80 سنة تقريباً.
وليس من قبيل الصدفة، أنّ تتزامن القضيّة مع عودة الشيخ عبد الصبور شاهين إلى دائرة الضوء... هو الذي تسبّب قبل أكثر من 10 سنوات باتهام نصر حامد أبو زيد بالكفر، وإقامة دعوى حسبة ضدّه قضت بتفريقه عن زوجته لأنّ بحث الترقّي الذي قدّمه إلى الجامعة، كان يدور حول النص القرآني. يعود شاهين بعد اختفاء طويل، تعرّض خلاله لتهمة التكفير نفسه من متطرّفين أكثر منه، بسبب كتابه «أبي آدم».
خرج الشيخ عبد الصبور الأستاذ في كلية دار العلوم من كهفه، وأعلن في حوار صحافي نُشر قبل أيام قليلة: «نصر كافر وتابع للحزب الشيوعي».موجة جديدة من الشعور بقوة الثقافة السلفية وانقلاب من أسفل. وها هم المشايخ يحتلّون الواجهات العلنية بينما تنسحب الثقافة الحديثة إلى الهامش مهزومةً، مطاردةً بتهمة الخيانة والخروج عن الأدب واللياقة الاجتماعية.الشيخ يعرف أكثر. هو خبير بخبايا مجتمع مهزوز تسيطر عليه ثقافة الحرام، يعيش في قلب العصر الحديث ويستهلك منجزاته، لكنّه يبحث عن التوبة والغفران.
من هنا، فإن الفتاوى الصادمة للذوق الحديث هي إعلان عن ثقة زائدة بقوة السلطة العائدة للمشايخ والفقهاء. كما أنّ طلب حذف رواية طه حسين هو شعور بالسيطرة والقدرة على التحدّث باسم الثقافة الغالبة. ربما هي لحظة إعلان سلطة حقيقية في ظل ارتباك الدولة في مصر، وبحثها عن «شرعية دينية» في مواجهة منافسة الإخوان المسلمين أو في إحساسها الدائم بالحاجة إلى غطاء شرعي يعوّض عدم تمثيلها للشعب المصري.هذه اللحظة يسهم فيها طابور «خامس» من موظفي الدولة نفسها.
إنّهم ليسوا فقط عناصر نشيطة من جماعات سياسية رافضة للدولة المدنية، بل هم مشايخ حكومة، ومسؤولون عن مصانع تكوين الأجيال الجديدة في المدارس والمساجد وأجهزة الإعلام. لكنها سيطرة غير كاملة، كما يبدو من ظهور نسخ في المكتبات لكتب لها تاريخ طويل من القراءة السرية مثل «الروض العاطر» و«رجوع الشيخ إلى صباه»... أشهر كتب التربية الجنسية العربية. تتزامن عودتها العلنية خلال الأسابيع الماضية مع غرام الفقهاء بفتاوى تفصيلية في الجنس. «الروض العاطر» و«رجوع الشيخ» وكتب غيرهما ما زالت ممنوعة على رغم أنّها من صلب التراث العربي الإسلامي، تقوم مقام كتب التربية الجنسية، إذ كان علماء الدين والأطباء يقدّمونها في عصور الدولة الإسلامية وتحمل نصائح للحياة السعيدة «يمكن أن يكون تم تجاوزها الآن».
الشيخ التونسي محمد النفزاوى كتب «الروض العاطر» دروس في الحصول على لذة الجنس والوصول إلى قمة النشوة. وهذا ليس حراماً. لكن سلطة الأخلاق المعاصرة منعته وحرمته، ودفعت به إلى الخزائن السرية. وجعلت صورته أقرب إلى كتاب بورنوغرافي، يُتداول سراً بين مثقفين عارفين بوجود الكتب، وأهميتها في صناعة ثقافة الحياة بدلاً من ثقافة الموت التي تركّز عليها فتاوى الشيوخ المعاصرين.
هل هو الهوس الدفين بالجنس ما زال خاتم المنع عن كتب الشيوخ القدامى؟ وهو نفسه السبب الذي يدفع شيوخ الفضائيات، ومنافسيهم في مؤسسات رسمية، يتنافسون على الفتاوى الجنسية؟ بينما المثقف الحديث هو المنبوذ، بأفكاره التي يتم الانتقام منها الآن بقوة الحذف والطرد من مؤسسات التعليم والثقافة. عودة «المشايخ» إلى صباهم يمكن أن تكون بداية انحسار للفكرة الأصولية التي أصبحت في السلطة... وقد تكون بداية عصر جديد من الدخول في كهوف الراحة الأبدية مع فتاوى البول والرضاعة.