الجمعة، يونيو 22، 2007

يوم ُ الحسوم

د. نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم

يومُ الحسومُ وما أدراك ما حسموا ** فيه المآثمُ والخيرات ُ ترتسمُ

يومٌ بخمسين ألفا من سنين بها ** نحيا حياة ً على أرض بها أممُ

يومٌ يفيق به من عاش مقتنعا ** لا نفس تحيى وجسمٌ بالثرى حُطمُ

الكونُ يطوى بأيدي من له خشعت ** كل الخلائق في أكوانه نـُعموا

هذي النجوم بيوم الحسم قد طمست **والشمس قد كوّرت والحشر منقسمُ

يومٌ ترج ّ به أرضُ لها عمد ** تجري الجبالُ كسحب سيرها ركمُ

البحرُ يُسجر والأفلاكُ تنحسر ** والكون يطوى ويبدو اللوح والقلم

يومٌ يُبعثرُ فيه كل ّ ما دفنوا ** من كائنات ٍ و أجساد و ما ردموا

الربُّ قد جاء للأذهان تبصره ** وبالقلوب ومنه الكفر مُنحرمُ

الأرضُ تطوى وما فيها غدا هلعا ** من صيحة الصور حتى كاد ينهدمُ

كل ُّ القبور وما فيها وما حملت ** يوم القيامة لن يبقى بها نومُ

تجري الحشودُ كأنّ النصب منتظرٌ ** فيها العراة على الأقدام ترتطمُ

وجيء بالنار والأبصارُ خاشعة ٌ ** نادت حريقي الى الظلام يلتهمُ

المرضعاتُ فلن يرضعن ما ولدن ** وذاتُ حمل ٍ فلا حمل لها سلمُ

تأتي النفوسُ وفي ألوانها هلعٌ ** الرعب فيها وفي أذهانها المُ

من شدة الهول قلب العبد منشغل ** عن والديه ومن أخوان ِ ينهزمُ

لا صاحبَ المرء يُعطي من محاسنه ** لا أنت تعطي ولا الأحسان يُقتسمُ

الناسُ تبدو سكارى في تموجهم ** لا سكرَ فيهم فهم من خوفهم سُقمُ

النفس قد سألت والعينُ شاخصة ٌ** ماذا جرى ؟ كيف جسمي سوف يلتئمُ ؟

قبري ترابٌ وجسمي آل مفسدة ** وكيف يجمع من في قبره رممُ ؟

ماذا تقول إذا ناداك مقتدرٌ ** خذ في الذراع كتابا ما به ظلمُ

أقرا كتابك يا أنسان في حسر ٍ ** فيه سجلات عُمر ما بها عتمُ

تدعا لتمشي على خط ٍعلا حمما ** الذنبُ يوقع , في أحشائها الندمُ

بعد الحساب فللنيران صرختها ** زدني حميما فقعري اليوم يزدحمُ

ان كنت تحمل في يسراك مشئمة ً ** فأعلم بأنك في النيران تضطرمُ

ان كان فيك حظوظ أنت مالكها ** يوم الحساب فعنك النار تنصرمُ

وأزلفت للذين آمنوا غرفا ** جنانُ رب على بيبانها النعمُ

النورُ يسطعُ من وجناتهم وهجا ** والقلبُ راض ٍ وهم بالود قد غنموا

لا تحسبن عيون الرب غافلة ** عما تقوم به , فالسوء يتهمُ

ان كنت تظهرُ من اعمال ِ أحسنها ** فاليوم لم يخفَ ما يُخزي وما يصمُ

لا ينفع اليوم مال أو بنون إذا ** كانت خطاياك في الشيطان تعتصمُ

ماذا أقول لربي يوم يسألني ** عن سوء فعلي لما قدّمت أختصمُ

أمارة السوء نفسي ما لها وزع ** ميالة للهوى , للظلم تقتدمُ

تلهو بدنيا وفيها للهوى شطط ** فالنار تعشق غاويها وتنتقمُ

أن كنت منشغلا في اذنه وقرُ ** فالموت آت ونفس المرء تنحطمُ

يومُ الحسومُ به الأيمانُ مبتسمٌ ** والمشركون على سيمائهم وجمُ

يا سامعين كلامي اليوم أغتنموا ** ساعات عمر , وفي الأحسان أستقموا

أعمل ليوم تكون النفس نادمة ** ترجو رجوعا وبالخيرات تلتزمُ

فاسال ألهك أن يعطيك عافية ** في الدين والجسم والأحوال تغتنمُ

أعمل لدنيا كأن العمر في مدد ٍ ** وأعمل لأخرى كأن الموت محتدمُ

ليست هناك تعليقات: