السبت، يونيو 23، 2007

الـ C.I.A تحتلّ نازكَ الملائكة ، حتى في القاهرة


سعدي يوسف

في جامع " كشك " بالقاهرة ، عاصمتِنا ، جرى تشييع نازك الملائكة ، ومن ثمّتَ بدأ الطريقُ إلى مدفنِها ، في مقبرة العائلة ، غير بعيدةٍ ، عن مثوى نجيب محفوظ ، عزِّ العرب .
لكن ، في جامع كشك ، احتلّتْ الـ C.I.A نازك الملائكة ، كما احتلّتْ بغدادَ من قبلُ :
باقةُ الزهور الكبرى ( وهي ليست تقليداً إسلامياً ) كانت ضخمةً أكثر ممّا ينبغي ، ربما لإبراز منظمة المخابرات المركزية ( مجلس الثقافة العراقي ) في حجمٍ أكبر من نازك ذاتِها .
هل الأمر مقصودٌ ؟
لا شكَّ في ذلك !
نازك الملائكة شاعرة قوميةٌ .
نازك الملائكة أحدثتْ ثورةً في عمقِ الضمير العربيّ ، في عمقِ الشعر العربيّ ، ألحقَتْهُ بالعصرِ ، متحدِّيةً الأممَ ، ومباهيةً .
ونازك الملائكة شاعرةٌ قوميةٌ ...
فلتأتِ الـ C.I.A على هذا كله !
لتأتِ بزهورها المسمومة ...
لتأتِ بتنظيمها : المجلس العراقي للثقافة ... وما إلى ذلك ...
كأنها تقول : أيتها الشاعرة العربيةُ ، اذهبي إلى الجحيم ...
نحن نحتلّ بغداد !
ونحن نحتلّ الآنَ ، حتى مثواكِ الأخير ...
كنتِ ناصريّـةً !
*
في جامع كشك ، كان هناك شخصٌ . شخصٌ انتقل بسرعة البرق إلى القاهرة ، عاصمة العرب ، لأنه يملك جواز سفرٍ دبلوماسياً ...
هذا الشخص ، مع الأسف كله ، جاء ممثلاً " قِرْبةَ الفُســاء" ، اللقب الذي خلعه العراقيون على العميل جلال الطالباني ، الـمُنَصّب من الاحتلال ، رئيساً لإدارة الاحتلال المحلية .
الاحتلال أراد أن يُطْبِق على نازك الملائكة ، حتى ولو كانت في القاهرة ، مثل ما أطبَقَ في بغداد على السياسة والثقافة . حيثُ :
متديِّنون خَونَــةٌ استولَوا على السياسة .
وقوّادونَ خوَنةٌ استَولَوا على الثقافة .
لكنّ القاهرة ليست بغداد .
وقبل قرونٍ ، سقطت بغداد تحت خيول المغول ...
ونهضت القاهرة .
لقد أحسنت عائلةُ الملائكة صُنعاً ، حين رفضتْ أن تُدفَنَ نازك في أرضٍ مغصوبةٍ ، أرضِ العراق ِ ، وهي الحرّةُ التي منحت الشعرَ العربيّ المعاصرَ ، اسمَ :
الشِّعر الـحُـرّ ّ .

ليست هناك تعليقات: