الاثنين، أكتوبر 29، 2007

صيد الأمل


مفيد نبزو
- 1-
أحن لرحلتنا في السماء،
ويوم التقينا بروض الوفاء،
لأنا نريد طيور الرجاء،
حلمنا،وسرنا فمات المساء،
وكنا نود طيور الأمل
-2-
ولما رأينا خيالا ًلها،
تطير وريش السنا ريشها،
مشينا بصمت المدى خلفها،
وصرنا نفكر في حتفها،
لأنا نود طيور الأمل

-3-
ركبنا حصان السماء فطارْ،
وفي جانحيه شرارات نارْ،
ورحنا نصيد الرؤى في النهارْ،
فغبنا مع الشمس خلف المدارْ،
وكنا نود طيور الأم
- 4-
ولما ركبنا الغيوم ندور،
ورحنا نصيد النجوم الطيور،
نصبنا الفخاخ بورد ونور،
وفي جانحينا يجن السرور،
لأنا نود طيور الأمل
- 5 -
ولما هوى النجم نحو الفخاخْ،
كطير يرفرف فوق الفراخْ،
رمى نفسه من بعيد وداخْ،
يصيح يزقزق في الفخ (( آخْ))،
ونحن نغني لصيد الأمل

اشتعال

عبدالله الأقزم

حـيـنـمـا أفـنـى جـمـودَهْ

و رمـى عـنـِّـي صـدودَهْ

زادنـي الـحـبُّ اشـتـعـالاً

فـي شـرايـيـن ِ الـقـصـيـدَهْ

هـكـذا الـحـبُّ بـقـلـبـي

ضـمـن ألـحـان ٍ فـريـدَهْ

فـي الـهـوى ألـحـانُ شـوقي

مِـنْ تـصـانـيـفـي الـعـديــدهْ

صـورة ُ الـشـوق ِ تـُغـنـِّي

فـي اشـتـعـالاتٍ جـديــدَهْ

فـي اشـتـعـالاتِ الـمـعـانـي

تـبـدأ الـدنـيـا الـسـعـيـدَهْ

يـبـدأ الـحـبُّ قـريـبـاً

لاشـتـعـالاتٍ بـعـيـدَهْ

خـيـلُ صـبـري فـي اشـتـعـالٍ

أدركـتْ فـي الـوصـل ِ عـيـدَهْ

يـا حـبـيـبـي ذاكَ حُـبــِّــي

ردَّد الـمـاءُ نـشـيـدَهْ

حـبـُّـكَ الـجـاري اقـتـحـامٌ

و انـفـجـاراتٌ شـديـدَهْ

كـلُّ أوراقـي الـتـهـابٌ

فـي الـهـوى أفـنـى وجـودَهْ

فـي الـهـوى تـوقـيـعُ قـلـبـي

ردَّ لـلـحـن ِ وريـدَهْ

ردَّ لـلـعـشـق ِ انـصـهـاراً

ردَّ لـلـغـيـم ِ رعـودَهْ

قـد بـنـى تـوقـيـعُ قـلـبـي

لـلـهـوى الأحـلـى رصـيـدَهْ

إنَّ مـِنْ عـشـقـكَ ربـحـاً

فـيـكَ لـم يـُوقـفْ صـعـودَهْ

يـا حـبـيـبـي ذاكَ عـشـقـي

فـيـكَ قـد أرسـى حــدودَهْ

فـيـكَ مـجـرى الـعـشـق ِ فـيـضٌ

مـا بـنـى فـيـكَ ســدودَهْ

فـيـكَ قـد أحـيـا ازدهـاراً

فـيـكَ لـم يـُظـهـِـرْ ركــودَهْ

فـيـكَ تـرتـادُ الأمـانـي

كـلَّ أمـجـادٍ تـلـيـدَهْ

كـلُّ أمـجـادي غـرامٌ

زارعٌ أحـلـى قـصـيـدَهْ

يـا حـبـيـبـي نـورُ عـشـقـي

فـيـكَ قـد أحـيـا ردودَهْ

صـدرُكَ الأحـلـى بـصــدري

لـلـهـوى أعـطـى بـريـدَهْ

يـا حـبـيـبـي وجـهُ عـشـقــي

فـيـكَ أشـكـالٌ عـديـدَهْ

الأحد، أكتوبر 28، 2007

حكاية الرقم 7


علي جبر

موضوع حيرني وبيحيركم بس اقرؤووه 7

7

7

يقال ان الرقم سبعه يملك طاقة في حدا ذاته

موضوع جميل يستحق الوقوف عنده للتدبر والتفكر والتمعن وان كان يميل الى الإعجاز ولكنه يستحق الوقوف عنده

أبواب النار 7

عجائب الدنيا 7

رؤيا ملك مصر 7

يؤمر الفتى بالصلاة عند سن السابعة

الطواف حول الكعبة 7

السعي بين الصفا والمروة 7

عدد آيات الفاتحة 7

عدد الجمرات 7

عدد البحار 7

المعادن الرئيسية في الأرض 7

العلم يتوصل الى 7 أنواع أساسية من النجوم.

ويتوصل أيضا الى 7 مستويات مدارية للألكترون...... تلك ال7 مستويات حول النواة. وتوصل العلم ل7 ألوان للضؤ المرئي والى 7 اشعاعات للضؤ الغير مرئي................ ...!! وكذلك 7 أطوال لموجات تلك الاشعاعات.

توصل العلم أيضا الى أن الانسان يتكون من 7 ...

فهو يتكون من ذرة+جزيئه+جين+كروموس وم+خلية+نسيج+عضو

مضاعفة الحسنة في 7 سنابل.

مواضع السجود في القرآن سبعة .

تكبيرة العيدين سبع تكبيرات .

في الحج نطوف 7 مرات حول الكعبه..ونسعى 7 أشواط..ونرمي الجمار 7 مرات وفي كل مرة نرمي 7 جمرات

ألوان الطيف الرئيسية سبعة

حديث النبي ( صلى الله علية وسلم ) عن السبع تمرات التي ياكلهن المسلم في نهاره

وعدد أيام الأسبوع سبعه

ودورة القمر حول الأرض أربع سبعات ( 28 يوما )

عدد قارات العالم 7

لماذا السلم الموسيقي سبع نغمات ؟

لماذا نحتفل باليوم السابع لمولد الطفل (الاسبوع)؟

لماذا صارت الوان قوس قزح سبعة؟

ذكر في القرآن السماوات السبع

السنابل السبع

البقرات السبع

في المسيحية نجد الأسرار السبع

في اليهودية نجد الطبقة السابعة من شجرة الحياة <نتزاخ>

سبعه يظلهم الله بظله يوم لاظل إلا ظله :

1- الإمام العادل .

2- شاب نشأ في عبادة الله .

3- رجل قلبه معلق بالمساجد .

4- رجلان تحابا في الله .. اجتمعا عليه وافترقا عليه .

5- رجل دعته إمرأة ذات منصب وجمال قال إني أخاف الله .

6- رجل تصدق بصدقه فأخفاها .. حتى لاتعلم يمينه ما أنفقت شماله .

7 -رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه بالدوع .

وأخيرا وليس آخرافإن شهادة التوحيد .. عدد كلماتها سبعة

لا _ إله _ إلا_ الله _ محمد _ رسول _ الله

ترى ما السر وراء هذا الرقم؟؟؟!!!

كُلُّها رَهْنُ الخِلاف

سامي العامري

ذكرى لديَّ لصيقةُ القمرِ
انا ما مشيتُ فكيفُ كيفَ ستقتفي أَثَري ؟!
وفواكهي حمراءُ
يا لَمشاعلِ الشَّجَرِ !
هذا كتابي في يميني
والمدامعُ في شمالي ,
كلُّها رَهْنُ الخلافِ
ورهنُ قلبي وهو يسعى
للهطولِ على الضفافِ
بحيثُ فيها تنبضُ الأمواجُ كالوَتَرِ
ويجيءُ فصلُ المَغرِبِ
يا صاحبي ...
ويمرُّ بيْ
قمرٌ ضَحوكْ
قمرٌ هوى
ولِفِتْنَتي
حَمَلَتْهُ أعرافُ الديوكْ !
وأنا هنا ناعورةً أبلوكْ
لتصيخَ لي بَصَراً وسَمعا
انا نغمةٌ
انا - يا رعاكَ الله - مَرعى
والغيثُ يحرثُ موطني
يسقيهِ أسماكاً بلونِ السَّوسنِ
ويكادني
حتى مضيتُ ومِلءُ جيبي ماءُ نافوراتْ !
وعَلَتْ دروبيَ شهقةٌ
او قُلْ
نسيمُ شظيَّةٍ !
فرجعتُ شأنَ المُحْرَجِ
ويئستُ لا خِلاًّ أرومُ
ولا شباباً أرتجي !
***
كولونيا
alamiri
84@yahoo.de

إيميل متأخّر إلى سركون بولص

يوسف رزوقة
Sargonboulus@aol.com

مع ذلك، أرسله في الواقع، ليس مهمّا، إطلاقا، هذا الإيميل
مجرّد هلوسة لا أكثر
كي تنسى سركون "الأوّل والتّالي"
من أجل "حياة قرب الأكروبول"على خلفيّة أنّ " العقرب في البستان"
وأنّ "مدينة أين""أساطير وتراب"
من يحمله "فانوسك في ليل ذئاب" يبدو أطول من أرق امرأة حبلى بوحوش لا تحصى"إن كنت تنام"، بلا حرّاس محتملين لذاكرة المنفى، "في مركب نوح"؟
سل جبران
أو انس الواقع والموضوع برمّته
لتترجم للهلعين من الشّعراء ، وأنت هناك، " رقائم روح الكون"

في الموصل،
ذات خريف مشحون،
من عام كذا
هل تذكر ذلك يا سركون وقد مرّت سنوات؟
ضاق الفندق بالشّعراء
فلذنا بالتّاريخ
وبالطّرف الثّاني من دجلة
حيث العطر الآشوريّ يبعثر ما فينا من أسئلة واطمئنان"هو ذا أثر الإنسان وما أخفى"
وأشرت عليّ بأن أنسى بغداد إلى حين لأراها أجمل في الإنسان
وفي ما لم يكتبه الفاعل والمفعول به مازحتك يومئذ:
انزع نظّارتك السّوداء إلى حين لترى الأشياء كما هي يا سركون
وأذكر أنّك مازحت امرأة كانت تبكي رجلا هل كان ككلّ رجال الشّرق؟
دعيه
ولا تدعي ماكياجك
يفسده دمع الخنساء

تمرّ الآن بذاكرة الأنهار
فينهض في شعراء العالم شيء منك
وأنت العابر من كركوك، إلى بغداد، إلى بيروت، إلى برلين
ومن برلين، إلى سان فرانسيسكو المهد الرمزيّ الأوّل والمثوى
لك أن تتسلّى الآن بفتح ملفّات أخرى
وتترجم، من تحت الأرض، الكتب الممنوعة للدّيدان
ولي أن أودع صندوق استقبالك هذا الإيميل المتأخر
من يدري قد تفتحه، يوما ما، ريح ما
أو قد لا يفتحه أحد بتعلّة أنّ الشّاعر قد لا يرحل مثل عموم النّاس
وقد يبقى، من ثمّة، حارس "غرفته المهجورة"
ينهض كلّ مساء...كي يتصفّح كلّ رسائله المتروكة في الكومبيوتر
من يدري.

حذف مقطع بالنشيد الجزائري عن "فرنسا" يثير جدلا في البلاد



صورة للنشيد في مقرر المرحلة الابتادائية

الجزائر- رمضان بلعمري

العربية نت
أثار حذف مقطع من النشيد الوطني الجزائري، يتحدى فيه شاعر الثورة مفدي زكريا الاستعمار الفرنسي، من كتاب السنة الخامسة من المرحلة الابتدائية سخط المعلمين وأولياء التلاميذ، الأمر الذي يمكن له أن يهدد مستقبل وزير "الإصلاحات" أبو بكر بن بوزيد في ظل الحديث عن تغيير حكومي وشيك يمكن أن يطال كذلك رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم.وقبل أن تهدأ العاصفة تم اكتشاف خطأ آخر في كتاب التاريخ لتلاميذ المرحلة المتوسطة (الإعدادية)، يمجد الاستعمار الفرنسي من جهة ويصف المجاهدين الجزائريين بـ" المتطرفين المتشددين".

وقامت صحيفتا "الخبر" و"الشروق اليومي" اليوميتين في الجزائر، في ظرف أسبوع بالتركيز على القضية، حيث نشرتا تفاصيل ما اعتبرته الصحيفتان "فضيحة تربوية".
وفيما يخص الفصل الأول من "الفضيحة" فقد تم حذف مقطع "يا فرنسا قد مضى وقت العتاب" من النشيد الوطني الجزائري في الكتاب المدرسي الموجه لتلاميذ الصف الخامس، وهو النشيد الذي كتبه شاعر الثورة مفدي زكريا.
ويقول المقطع:
يا فرنسا قد مضى وقت العتاب
وطويناه كما يطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب
فاستعدي وخذي منا الجواب
إن في ثورتنا فصل الخطاب
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا...
أما الفصل الثاني من "الفضيحة" فتمثل في تضمين كتاب التاريخ لتلاميذ المرحلة المتوسطة، مادة تاريخية مأخوذة من نصوص فرنسية، تصف فرنسا بأنها "حررت الجزائر من الاستعمار العثماني"، وتصف المجاهدين في فترة الحرب التحريرية بـ"المتطرفين المتشددين"، وهو الأمر الذي أثار استياء المعلمين حينما اطلعوا على المقررات المدرسية، فضلا عن أولياء التلاميذ الذين تفاجأوا فيما اعتبروه "خطأ كبيرا في حق تاريخ البلاد".
ويجري هذا في وقت غير مناسب، إذ لم تستجب فرنسا الرسمية لمطالب الجزائر بتقديم اعتذارات عن جرائم الاستعمار ردا على قانون تمجيد الاستعمار الذي أصدره البرلمان الفرنسية عام 2005، وهو القانون الذي قدم فترة 132 سنة من الاستعمار على "أنها جلبت الحضارة للجزائريين".

"نقص يقظة"
وكرد فعل سريع على هذا الخطأ، أقدم وزير التربية أبوبكر بن بوزيد على تشكيل لجنة تحقيق، أفضت إلى توقيف مفتشين في مادة التاريخ تم تحميلهما مسؤولية الخطأ في انتظار إحالتهما على لجنة التأديب، كما تقرر سحب 700 ألف نسخة من الكتب التي تعرض فيها النشيد الوطني للحذف، مع تصحيح الخطأ وطبع الكمية نفسها بنشيد وطني كامل، بحسب ما كشف عنه السيد بومعراف المكلف بالإعلام على مستوى الوزارة لـ" العربية.نت".
وردا على سؤال " العربية.نت" حول ما إذا كان الخطأ ناتجا عن توجه معين في الوزارة، أوضح المتحدث أن "الخطأ لم يكن مقصودا ولا علاقة له بأي توجه, إنما هو بسبب نقص اليقظة".

لماذا لا تحترم تحية العلم؟
وكان وزير التربية، وهو أقدم وزير في الحكومات المتعاقبة منذ عام 1994، انتقد ظاهرة عدم احترام تحية العلم كل صباح، في الوقت الذي اعتبر فيه أن " المدرسة الجزائرية بريئة من ظاهرة تخريج الانتحاريين"، في إشارة إلى التلميذ نبيل صاحب الـ15 ربيعا الذي فجر ثكنة دلس ببومرداس.وسبق للرئيس بوتفليقة أن اشتكى من تراجع الروح الوطنية لدى التلاميذ خصوصا والشباب عموما، وفي آخر خطاب له أمام ندوة ولاة الجمهورية اعترف بوتفليقة بتحمل الحكومة قسطا من المسؤولية في ظاهرتي "الحراقة" نحو سواحل أوروبا و"الانتحاريين الشباب" اللتين برزتا مؤخرا بقوة.

أنت بقلبي

الدكتور نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم
Noori786@yahoo.com


يا والدي لا أطولَ الوصفَ بالخُطب ِ = أو بشعر ٍأجادَ الحرفَ بالكتب ِ

أنتَ بقلبي فلا شعري ولا قلمي = بالوصف ِ يُوفي عطاءَ الأب ِ في حُقب ِ

الوصفُ قطرٌ وانتَ الغيثُ من سُحب ٍ = تعلو السماءَ بلا قشع ٍولا حُجب ِ

أنتَ الظلالُ بيوم ِالقيض ِمنتصبا ً = أنت َالعمود ُلبيت ِالفخر ِوالنسب ِ

قبلَ الضياء ِتشدُ الخِصرَ في عجل ٍ = تبغي المسيرَلجلب ِ الرزق ِكالشهب ِ

صارعتَ غدرَ أناس ٍما لهم وزع ٌ = من اجل ِما يُسعفُ الأحبابَ من نوب ِ

قاومتَ حتى جلبتَ الزادَ من ضبع ٍ = ما جاعَ يوما ً من العدوان ِوالنهب ِ

صاح َالفؤاد ُوفي وجهي مُبشرة =لما رأيتُ خيال َالأب ِفي دُرب ِ

تأتي لداركَ حيثُ الأهلُ في لهف ٍ = حتى تطلَ عليهم كالهوى العذب ِ

تأتي يداك َمع الأكتاف ِ مُثقلة = عند َالمساء ِبخير ِالزادِ والرُطب ِ

تعلو ثناياكَ أنوارٌ على وهج ٍ= رغم َالعناء ِ وكيد الدهر ِ والتعب ِ

لن يُدركَ الفضلَ للآباء ِمن أحد ٍ = إلا يتيما ً يعيش ُاليتم َ في رهب ِ

هما ًعلوتَ كسيف ٍ ما له سكن ٌ = يطوي الرقابَ كنيران ٍعلى حطب ِ

أدمعتَ عينا ًاذا ما بتُّ في وجع ٍ= كالطفل ِ يبكي على ثدي ٍ بلا شُرب ِ

لم ترض بالمس ِمن جان ٍبلا سبب ٍ = لكنَّ صدرك َللأطفال ِكالعُب ِ

يُسعدك َمن ولد ٍ إذ فاقَ منزلة ً= فيها بلغت َ قبابَ العلم ِ والأدب ِ

ان غابَ وُلدك عن وقت ِالرجوع ِ بكتْ = عيناك َمن قلق ٍ , والبال ُفي كرب ِ

اسعدّت أمُّا ً مع الأطفال ِفي ولع ٍ= تسمو عطاءاً بلا من ٍّ ولا عتب ِ

رُحماكَ ربي إذا دنياي تشغلني = عن ذكر أب ٍّ لخلقي كانَ كالسبب ِ

السبت، أكتوبر 27، 2007

عيد على ضفاف الفراتين

ايمان الوائلي
ياعيد هل عادتْ بك الأيام ؟ُ
وتبسّمتْ في صبحها الأحلامُ
يا عيد هل نزلَ الأمان ربوعنا
هل أشرقت شمس وجادَ غمامُ؟
قل لي بربّك ساكبا دمع الأنين ..
عن اليتامى هل لهم إكرامُ ؟
هل إنّهم فرحوا وهل لبسوا الجديد..
وهل تزيل دموعهم أنغامُ؟
هل إنهم طربوا بها، قد يضحكون......
وفي ثياب بكائهم ألغامُ
هم راقدون على الرصيف وحلمهم
فوق السحاب تجوبه الآلامُ
والليل يعزف صوتهم باكين يشهق....
خوفهم فزع عليه لثامُ
قل لي أزالت أدمعا فوق الدروب. .
توقّّّّدت جمراً بها الأجسامُ؟
أتغيّر اللهب المهول بصرخة ٍ
محمومة ٍقد نالها الإيلامُ
فلقد تصاعد صوته ودخانهُ
وجراحنا والموت والأوهامُ
يا عيد خبّر عن ضفاف الرافدين...
أما تزال على الأنين تلام ُ؟
هل مرَّ يومٌُ لم يكن خوفٌ تفجّر...
فوق جرحه عبوةٌ وحزام ُ؟
هل عاد من ترك العيال لرزقه
لم يقتلوه ولم يكدْه لئام ٌ
والأمّ هل قرّت عيون بكائها
لم تنثكلْ بوليدها فتُسامُ
والدمعُ هل جفّت غدائرهُ هنا؟
والخوف هل زالت له أقدامُ ؟
ياعيد هل تُركتْ لحوم جراحنا
منثورةً فوق الدروب، ركامُ ؟
ما زال وصلك في الجراح مقطّعا
ينأى بنا والرافدين سجامُ
بلدي العراق أتعرف الأعياد أم
أنّ الحياة على ثراك حرامُ
سكبوا جراحك فوق درب الموت
ثائرة الدما والموت فيك مُقام
وتلوذُ في فزع ٍهناك قتيلة ٌ
وئدت بظلم ٍوالترابُ عظامُ
ما بال أرضك حزنها لا ينتهي
وتنوحُ عند ركامها الأيتام
والرّاقدون هناك في أثوابهم
هل إنّهم بُعثوا وزال حِمام ؟
كم مهجةٍ مؤؤدةٍ في تربه
ترجو الحياة وطالها الإعدامُ
كم من فمٍ جاعت مغالقه هنا
والخير يطفح خيره الأقزامُ
ماذا جنينا والرّدى يحكي مبا
هجنا بلا مهل ٍوفيه نُسام
قد أرغمونا أن نعيشَ بلا هوىً
لكنّهم لم يبلغوا ما راموا
يسقي الجراح كرامة ً ومحبة ً
ألمٌ تنزّ ضفافَهُ الأعوامُ
وتعودُ يا عيدَ اليتامى حانياً
تبكي ودمعُك في العيون زؤامُ
والجوع يحزن عندما تبكي النخيل...
يلفّهُ ظمأٌ سقاهُ ظلامُ
لكنّ مجد َك في المحافل واهبٌ
من ماء صبره تنهل الأيامُ
ما جفّ نهراك اللذان تصابرا
وتعاهدا أنْ لايزولَ سلامُ
هذا لأنّك أصلُ هذا الجودِ لم
تركعْ لهم والكربلاءُ ختامُ

الجمعة، أكتوبر 26، 2007

مدارات

عبدالله علي الأقزم

لا مـا عـرفـتُ الـفـقـرَ حـيـن تـفـتـَّحـتْ

لـغـتـي و فـاضَ مـن الـفـؤادِ هـواكِ

لا مـا عـرفـتُ الـبؤسَ حـيـن تـضـمـُّنـي

ضـمَّ الـريـاح ِ الـمـبـهـجـاتِ يــداكِ

لا أعـرفُ الـطـيرانَ إلا حيـنـما

دنـيـايَ قـد طـارتْ إلـى دنـيـاكِ

إنـِّي سـعـيـدٌ أن أكـونَ مـمـزَّقـاً

إن كـان هـذا فـي سـبـيل رضـاكِ

ولاكِ عـشـقـي مـنـبـعـاً لـدمـائهِ

لا تـقـتـلـي الـعـشـقَ الـَّذي ولاكِ

قـد ضـمَّ بـحـرُ الـعـشـقَ كـُلَّ قـواربي

لا تـطـردي الـحـضـنَ الـَّذي أعـطــاكِ

أرمـي شـبـاكَ الـحـبَّ نـحـوكِ طـامعـاً

فـإذا أنـا الـمـربـوطُ بـيـنَ شـبـاكــي

امـتـدتِ الأزهـارُ مـوجـاً حـيـنـمـا

عـلـمـتْ بـأنَّ مـصـيـرَهـا شـفـتـاكِ

تـخـضـرُّ أشـجـاري بـذكـركِ طـالـما

أحـرقـتـُهـا شـوقـاً إلـى رؤيـاكِ

و تـخـطُّ فـي وسـطِ الـظلام ِ مـشـاعلٌ

لا تـعـرفُ الإبـعـادَ عـن مـمـشـاكِ

و تـُحـلـِّقُ الأوتـارُ نـغـمـاً سـاحـراً

عـند الـهـبـوطِ مـطـارُهـا أُذنـاكِ

مـن قال إنَّ الـقـلـبَ قـرَّرَ طائشـاً

مـا بـيـن ألـحـانِ الـهـوى يـنـسـاكِ

سـجـَّلـتُ أهـدافـاً و أجـمـلـُهـا بــدا

كـالـبـرقِ مـنـدفـعـاً إلـى مـرمـاكِ

هـذي الـنـجـومُ تـكـاثـرتْ و تـناثـرتْ

لـَّمـا تـردَّدَ فـي الـفـضـاءِ صـداكِ

إنـِّي مـداراتُ الـفـضـاءِ تـزيـدُنـي

ضـوءاً و تـحـملـُنـي نـدى كـفـَّاكِ

تـمـتـدُّ أسـلاكُ الـهـواتـفِ فـي دمـي

و رنـيـنـُـهـا مـسـتـمـتـعٌ بـهـواكِ

يـتـوقـَّـفُ الـمـصـبـاحُ عـن أضـوائـهِ

و يـعـودُ للأضـواءِ حـيـنَ يـراكِ

لا يـلـتـقـي نـحـلٌ بـأزهـارِ الـربــى

إلا و ضـمـن شـروطـهِ لـُقـيـاكِ

لا يـشـبـعُ الـوردُ الـجـمـيلُ و يـرتوي

إلا إذا اقـتـحـمَ الـسـمـاءَ شـذاكِ

هـذي جـُذورُ الـشـوقُ تـخـتـرقُ الثرى

ظـمـأً و مـاءُ جـذورِهـا عـيـنـاكِ

تـتـسـاقـطُ الأوراقُ ألـفـاظـاً إذا

أغـصـانـُهـا لـم تـكـتـشـفْ مـعـنـاكِ

يـحـمـرُّ وجـهُ رسـائـلي خـجـلاً إذا

بـيـنـي و بـيـنَ مـيـاهِـهـا خـدَّاكِ

لا تـُثـمـرُ الأقـلامُ إلا حـيـنـمـا

و صـلـتْ لـريِّ سـطـورهـا قـدمـاكِ

خـفـقـانُ قـلـبـي صـامـتٌ إلا إذا

تـسـعـى شـرايـيـني إلـى مـسـعـاكِ

تـأوي إلـى عـيـنـيـكِ كـلُّ قـصـائـدي

و تـكـونُ أجـمـلَ وهـيَ فـي مـأواكِ

الـعـشـبُ يـنـشـرُ كُـلَّ أسـرارِ الـهـوى

مـادامَ مِـنَ صـفـحـاتـهِ مـرعــاكِ

سـيـري فـقـد عـرف الـثـرى مـتـشـوِّقاً

مـن بـيـن أقـدام ِ الـنـسـاءِ خـُطـاكِ

إنـِّي أُحـبُّ الـشـعـرَ حـيـن تـحـرَّكـتْ

فـي جـزرهِ ... فـي مـدِّهِ... شـفـتـاكِ

أغـصـانُ أشـعـارِ الـهـوى قـد أثـمـرتْ

نـوراً و يـسـبـحُ فـي الـغـصـونِ شـذاكِ

مـدُنُ الـقـصـائـدِ كُـلـُّهـا قـد أُغـلـِقـتْ

و يـكـونُ فـتـحُ فـُتـوحِـهـا ذكـراكِ

قـد أبـحـرتْ عـبـرَ الـبـريـدِ قـصـائـدي

عـشـقـاً و مـيـنـاءُ الـوصـولِ يـداكِ


الخميس، أكتوبر 25، 2007

في لقاء بتونس المدينة: احتفاء يليق بشاعرة سعوديّة

ناجية بوبكر من تونس
يوسف رزوقة : الخليج ليس نفطا فقط

في انطلاق موسمه الثّقافيّ، استضاف صالون "الأربعاء الأدبيّ" بالنّادي الثّقافيّ الطّاهر الحدّاد بتونس المدينة، يوم الأربعاء 24 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2007 الشّاعرة السّعوديّة هدى الدّغفق وقد شاءت المصادفة أن يتزامن عيد ميلادها مع هذه المناسبة.
في كلمة تمهيديّة، أولى، رحّب الهادي الموحلي، مدير الفضاء، بالشّاعرة، ضيفة اللّقاء وبالضيوف الحاضرين، من السّعوديّين : سالم عسكر اليامي ( مسؤول الشّؤون السّياسيّة والإعلاميّة) وإبراهيم بن عبد الرّحمان الطّاسان ( الملحق الثّقافيّ)، من الليبيّين: العجمي محمّد صوفيّة ( كاتب روائيّ) وقرينته الشّاعرة غزالة الحريزي إلى جانب الحضور التّونسيّ من أدباء المرحلة : الهادي الدّبابي، فاطمة بن فضيلة، فتحية الهاشمي، الطّيب شلبي، مليكة العمراني، هيام الفرشيشي، عامر العيّاري، لمياء البجاوي وآخرين.
استهلّ اللّقاء الشّاعر يوسف رزوقة، رئيس صالون الأربعاء الأدبيّ ، بتسليط بعض الأضواء على راهن المشهد الثّقافيّ في الخليج وفي معرض حديثه، استعار جملة " سعوديّة الغد الممكن" لشاكر النّابلسي ليشير إلى " أنّ السّاحة الأدبيّة والفكريّة في سعوديّة الهنا والآن زاخرة بأطروحات الحداثة وما بعدها، في النقد، مع عبد الله الغذامي، عابد خزندار، عبد الفتاح أبو مدين وآخرين ، في السرد، مع تركي الحمد، رجاء الصانع، عبده خال، يوسف المحيميد، رجاء عالم، محمود تراوري وآخرين، وفي الشعر، مع محمد الحربي، عبد الله الصيخان، سعد الحميدين، فوزية أبو خالد، علي الدميني، محمد الثبيتي، زينب حنفي، خديجة العمري، هيلدا إسماعيل، هدى الدّغفق وآخرين، ليخلص رزوقة إلى " أن الخليج ليس نفطا فقط"، مانحا الكلمة لضيفته هدى الدّغفق الّتي أعربت عن مدى اغتباطها بمثل هذا اللّقاء لتشير إلى " أن الثّقافة هي الجسر الدّائم والحقيقيّ لتأكيد التّواصل بين الشّعوب" ثمّ قرأت من قصائدها المختارة : أسماؤها الحسنى، الجذر، سبّورتي البعيدة، سماؤها، الزوجة، توحّد، أيّ امرأة أنت؟
تقول في قصيدة " الجذر": تبعدني الدّروب / تضيّعني الجهات / كلّما تدفّقت، تغلقني الأبواب".
إثر قراءاتها الشعريّة، فسح المجال للحضور حيث رأت فتحية الهاشمي في شعر الدغفق نسغا من الطفولة في إشارة إلى قصيدة " سبورتي البعيدة" في حين عبّرت فاطمة بن فضيلة عن مدى سعادتها باكتشاف شاعرة مثلها، شاعرة تكتب قصيدتها حسب ثنائية السهل الممتنع لكنها قصيدة تنطوي مع ذلك على التواءات وغموض ورأت مليكة العمراني من جهتها أن الشاعرة، ضيفة اللقاء، تعنى بتوليد صورها الشعرية وتكثيفها بكثير من الانزياح في حين رأت هيام الفرشيشي في كتابات الدغفق كشفا عن اللحظة الأنطولوجية الغائبة واكتفت لمياء البجاوي ، مديرة "أوتار" الألكترونية بالتّعبير عن احتفائها بالشّاعرة بقولها " لم أجد الكلمات".
وفي غمرة اللّقاء، قدّم الهادي الموحلي، مدير الفضاء، هديّة رمزيّة لهدى الدّغفق، كعربون احتفاء بعيد ميلادها الأربعين. وكانت مناسبة للشّاعرة لتعيش طقسا احتفاليّا وشعريّا بين أعمدة أعرق فضاء ثقافيّ، في تونس العتيقة.
في تعريجها على رصيدها الشعري وعن مجموعتها الأخيرة "الظل إلى أعلى" ترى أنّ النثر فيها بدا أكثر كثافة لأنها بدأت بكتابتها باكرا وأيضاً ديوانها "حقل فراش" الذي سيصدر هذا العام 2007م ففيه حرصت على أن يكون مرآة عاكسة لعالم المرأة والمجتمع بشكل خاص ، عالم المرأة في علاقتها مع كل الآليات والوجود، في علاقتها بالوسط الأسرويّ، بالمرأة ذاتها، فكل العلاقات تهمها في مجتمع صعب واهتمامها بها شعريا، يعني اهتمامها بتعرية العلاقات الاجتماعية أكثر من اهتمامها بتعرية علاقات الحب التي تتردد عادة في قصائد النساء.
احتفاء يليق بشاعرة ولحظة بيضاء لسركون بولص
لم يفت الشّاعر يوسف رزوقة، مدير الصّالون، أن يورّط أيضا ضيفته اللّيبيّة الشاعرة غزالة الحريزي التي رأت في مثل هذه اللقاءات اختزالا للمسافات بين أبناء الوطن الواحد لتضيف بأنّها تحبّ نصوصها كثيرا وتكتب قصيدة النثر وتراها النمط الأرحب للتعبير عما يعتمل في العمق منها، لها في رصيدها مجموعة شعرية تحت عنوان" تراب الحدائق النائمة "ومجموعة قصصية " حتى حين آخر" ، إلى جانب مخطوط شعري بعنوان " احتفاء يليق بغيمة " ومجموعة وجدانيات "ٌهواجس منتصف الليل " وقد قرأت قصيدة "ريح ساكنة وماء كسول".
وفي الآن نفسه، واحتفاء بالشاعرة هدى الدغفق ، دعا رزوقة الشاعرات التّونسيّات مليكة العمراني ، فتحية الهاشمي و فاطمة بن فضيلة للقراءة فاكتفت كلّ واحدة منهن بقصيدة كتحيّة شعريّة لضيفة اللقاء. كما دعا رزوقة الحضور إلى أن يخصّوا الرّاحل، الشاعر العراقي الكبير سركون بولص بلحظة بيضاء هي بمثابة ترحّم على روحه

الأربعاء، أكتوبر 24، 2007

صباحكم أجمل \ رام الله دعيني أحبك أكثر


زياد جيوسي

رام الله.. دعيني أحبك أكثر، في الخامسة صباحاً وما أن أطللت من نافذتي إلا وصدمت عيناي بمرور مجموعة من دوريات الاحتلال، فتعوذت بالله من رؤيتهم وهم يدنسون المدينة في هذا الصباح المبكر، ومع هذا لم تتمكن دورياتهم من منع هديل الحمائم وزقزقة العصافير مع أولى تباشير الفجر، ولم تمنع الندى من أن يحط على نافذتي وشوارع المدينة ليطهرها من دنسهم، وفي السادسة صباحاً خرجت من صومعتي لأجول في طرقات رام الله ودروبها، فمنذ مساء السبت الماضي وبعد عودتي من اجتماع دعت إليه بلدية رام الله مساءً، في لقاء أطلق عليه عنوان "عصف ذهني"، وأنا لم أخرج للشارع في الصباح المبكر، فلم التقي الياسمين ولم أحتضن الشمس في شروقها، فقد انتابني عارض مزعج من الأنفلونزا المتعبة، فبقيت طريح الفراش يشدني الشوق لشوارع مدينتي، لياسمينها وصنوبرها وطيب هوائها، وها أنا أتجاوز الألم وأخرج في الصباح المبكر أمارس عشقي الذي لا يفارقني تجاه هذه المدينة الجميلة، التي تلهب خيالي وتثيره بصور من العشق والجمال، ولم يتوقف أصدقائي عن تقديم الوصفات المختلفة لمقاومة الأنفلونزا، ولعل أطرف وصفة هي ما أرسلها صديقي الشاب الشاعر أسعد المصري فأرسل يقول لي: "زياد.. عليكَ يا صديقي بالهيام، ارتشف طيفك مع كلمات الغرام، قبل و بعد الطعام، نصف دقيقة وربما أقل لتصبح على أحسن ما يرام، هي وصفة مجربة الله وكيلك ليس أي كلام ولك مني أطيب الأماني والسلام.."، فأبتسم وأقول له: وأين مني طيفي وبيني وبينه الحدود وحراب الجند والأسلاك الشائكة يا صديقي..
في الاجتماع الذي دعت إليه البلدية كان هناك نوع من ممارسة العشق لرام الله، فالبلدية ستحتفل في العام القادم بذكرى مرور مائة عام على تأسيسها، ودعت عدد يناهز الخمسين شخصاً للحوار والمناقشة في مقترحات البلدية المقدمة كاقتراحات لبرامج الاحتفال الذي سيكون احتفالاً بالمدينة نفسها، والمؤسف أن عدد الحضور كان بما فيهم ستة أو سبعة من أعضاء البلدية والعاملين فيها، لم يتجاوز العشرين شخصاً، في غياب شبه كامل لكثير من الشخصيات التي تتغنى برام الله في المقابلات المتلفزة، وللمراكز الثقافية باستثناء مركز للفن ونادٍ رياضي واجتماعي، ومن ضمن المدعوين كان هناك ستة اعتذروا عن الحضور لسبب أو آخر، ومن يسجل اعتذراً وكأنه حضر، مقارنة بمن لم يعتذروا ولم يحضروا، فأين رام الله التي تتغنون بها أيها السادة حين تناديكم؟
في جلسة "العصف الذهني" التي دعت إليها البلدية، قدمت البلدية تصورات عن كم من الأهداف والمشاريع، ولعل أهمها مركز وطني للمعارض ومتحف للعلوم، حدائق عامة ومكتبة جديدة وإعادة تأهيل المسرح البلدي، ومتحف للتراث وترميم المواقع الأثرية وإحياء البلدة القديمة، إضافة لعدد كبير من مشاريع البنية التحتية والتطويرية والتي إذا أنجزت خلال السنوات القادمة، فهذا يعني أننا سنحظى برام الله أجمل وأرقى تجعلنا نحبها أكثر.
وفي المقابل جرى حوار على مدى ساعتين بين مجلس البلدية والحضور حول التصورات والاقتراحات، وكانت مبادرة جميلة من مجلس البلدية برئاسة الأخت جانيت الدعوة للحوار مع المواطن والاستماع منه، وقد سجلت تحفظي على مشروع لمبنى متعدد الطبقات ليكون موقفاً للسيارات في مركز المدينة، فما زلت أرى أن هذه المواقف يجب أن تبتعد عن مركز المدينة وأن يحال المركز إلى مناطق للمشاة فقط، ووجود مثل هذا المبنى سيعيق فكرة إغلاق وسط المدينة، ويدفع المواطن للتحرك للمركز بسيارته مما يساهم بزيادة الضغط وأزمة السير بدلاً من حلها، وأيضاً طالبت بما طالبت به سابقاً من حيث ضرورة الاهتمام بالملامح الجمالية للمدينة، فهناك ضرورة لإزالة الخازوق المعدني الذي يلتف حول دوار المنارة، وضرورة لإعادة الساعة لدوار الساعة، وزرع الأشجار ذات الأحجام المقزمة في وسط المدينة وشوارعها التي اجتاح العمران أشجارها، وضرورة اللقاء من خلال المحافظ مع الفصائل السياسية التي ما فتأت صبيتها على تشويه جدران المدينة وشوارعها بالملصقات والتخطيط بالدهان، بحيث تحولت جدران المدينة والمحلات والبنايات السكنية والتجارية، إلى لوحات مشوهة بلا معنى ولا جمال.
رام الله.. ما أجملك في هذا الصباح الندي الجميل، كم أشتاق إليك وأشعر بالأيام التي مرت وكأنها سنوات، فهذا دأب العشاق إن ابتعدوا عن محبوباتهم، وأنت يا رام الله أجمل الحبيبات وأكثر المعشوقات جمالاً وعذوبة، أخرج بعد احتساء فنجان قهوة, أقف في الشارع أملئ صدري بالهواء المنعش البكر، أهمس صباح الخير يا حبيبتي..صباح الخير يا رام الله..صباح الخير يا وطن.. أسير في الدروب فتهب علي روائح الياسمين المنوع الذي تشتهر به مدينتي, أتأمل العشرات من الزنابق بألوانها المنوعة تملأ الحدائق والممرات, رائحة النعناع تنعش الصدر, أجلس على حافة قصيرة فيفيض الجمال بعينيّ, أتأمل الحورية الباسقة قرب متنـزه رام الله باسماًً: رام الله..لن تجرؤ يدي على نقش اسمك على الحور العتيق, لن أجرح هذه الشجرة التي عرفتها طفلاً وعدت إليها رجلاً في خريف العمر, سأكتفي بنقش اسمكِ في جنبات النفس وآهات الروح.. آه يا رام الله.. إني أراك في خيالي وأحلامي الحبلى بك.. التقيك كموال شجي، وشجن دمعة تمازجت بفرح الرؤى، ورغم هذا افتقدك إلى حد الجنون، فاكتبي إلي بلغتي لنتمازج بحروف اللغة كقطرتي ندى، على ورقة ورد جوري في صباح ندي مبكر، دعينا نلتقي بأشواق مطلقة تنزعنا ولو للحظات، من عالم الوحدة الموحش البارد الذي يلف كلينا.
في الأمس فقط تمكنت من التحامل على نفسي وسرت قليلاً في شوارع المدينة، كانت هناك مسيرة تضامنية مع الأسرى في سجون الاحتلال، وشعرت من واجبي أن أشارك ولو بوقفة قصيرة مع أهالي وعائلات الأسرى، فمن ذاق مرارة السجون يدرك ما معنى التضامن مع الأسرى وعائلاتهم، وفي دوار المنارة وكالعادة في مناسبات رام الله كان التجمع الذي تلته مسيرة قصيرة، وكالعادة أيضاً جاءت تلك الثلة القليلة التي تمتهن الظهور في المسيرات والتجمعات بغض النظر عن أهدافها، فالتقطوا الصور وظهروا في الواجهة أمام الصحافة والإعلام، والقوا بكلماتهم وشعاراتهم، ولم يكلفوا أنفسهم السير في المسيرة حتى لا تتعب أقدامهم المتعبة كأرواحهم أصلاً، ثم غادروا خلسة بعد انفضاض الإعلام، وبقيت عائلات الأسرى وحيدة تحمل صور أسراها، لا يقف معهم إلا المواطنين الذين ينتمون للوطن، وليس لتلك اليافطات التي مل منها الشعب وكفر بها.
صباحك أجمل يا رام الله، صباحك أجمل يا وطن، أعود لصومعتي وطيفي لم يفارق تجوالي، أشرب الشاي بالمريمية الجبلية، أستمع وخيال طيفي لشدو فيروز:
"لا تسألوني ما اسمه حبيبي، أخشى عليكم ضوعة الطيوب، والله لو بحت بأي حرف تكدس الليلك في الدروب، ترونه في ضحكة السواقي، في رفة الفراشة اللعوب، في البحر في تنفس المراعي، وفي غناء كل عندليب، في أدمع الشتاء حين يبكي وفي عطاء الديمة السكوب، محاسن ما ضمها كتاب، ولا ادعتها ريشة الأديب"..
صباحكم أجمل.
رام الله المحتلة
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com

الثلاثاء، أكتوبر 23، 2007

السجارة , إصبَعي الحادي عشر !


سامي العامري

السجارة , السجارة هي أوَّل شاهدٍ على مشاكساتي في هذه الدنيا وأوَّل شاهدٍ على خيباتي من هذه الدنيا ! ومصدرٌ مهمٌّ من مصادر إفلاسي شبه الدائم , أدخِّنُها وتدخِّنني منذ أكثر من ثلاثين عاماً , منذ أن كنتُ في السادسة عشر حيث كُنّا نحن التلاميذ نقفز من سياج المدرسة ونشترك في تدخين سجارةٍ ونحن نرتجف خوفاً ! بعد أن يكون أحدنا قد اشتراها من دكّانٍ بالمفرد ولا أتذكَّر أني تركتُها يوماً او أفكِّر بتركِها , صحيحٌ أني تركتُها لمدة يومين وكان ذلك قبل عشرين عاماً او يزيد , والسبب إلتهابٌ في الرئة سرعانَ ما زال , وكذلك أستثني فترات السجن المتقطِّعة في العراق لأنَّ ترك التدخين فيها لم يكن اختياراً , وللسجارة عندي طقسٌ خاصٌّ فبرغم أني ألجأ اليها في السرَّاء والضرّاء إلاّ أنني وانا من عشّاق القهوة ومدمني الشاي وأتناول الخمر لا أستطيع تناول القهوة او الشاي او الخمر إلاَّ بعد تأكُّدي من توفُّر السيجارة , المسألة لا علاقة لها بالإدمان او التعوُّد بقدر ما هي أُلفةٌ تحوَّلتْ الى صداقةٍ فَحُبٍّ ثُمَّ اذا بها تتحوَّل الى اتِّحادٍ صوفيٍّ !
ومِن لوامعِ هذا التصوُّف أني أتغاضى عن العديد من الأطعمة التي يودُّ أيُّ إنسانٍ أن يتناولها إرضاءاً للتدخين أي أنني أحسُّ بأني إنما أأكل من خلال رئتي !
وبما أني عرفتُ الجوع منذ صباي فكان انقطاعي عن الطعام لفترات محدَّدة لا يعني لي الشيءَ الكثير ولكن السجارة , وكم دَخَّنتُ بالدَّين ! او كم مرةٍ في حياتي ذهبتُ ليلاً الى المحطات لأجمع أعقاب السجائر , أقول : ليلاً , لأنني ما أزال أحمل في داخلي ذلك الحياء الشرقي وهو في العادة يندحر اذا كنتُ ثَمِلاً ! وشفيعي مفردة المانية تتردَّد غالباً على ألسنة الناس ألا وهي ( إيكَال ) والتي تعني بلهجتنا ( طُزْ ) ! او : لا يهمُّني .
وكانت السجارة بالنسبة لي وما زالتْ عزاءاً لا يمكنني تصُّور احتمالي للآلام من غيره وطبعاً الإنسانُ غير المُدخِّن لا يعرف مدى تأثير هذه الأشياء على النفس او المزاج والتي تلوح بسيطة ومن جانبٍ آخر كم تتحوَّل لغتي حين أكتب الى لغة رائقة في أحيان كثيرة مهما كان الموضوع مقرفاً او يدعو الى الغضب شرطَ أن يكون الى جانبي كوب الشاي او القهوة تطلُّ من فوقهِ السجارةُ بشموخ !
وهذه الرسالة التي أحملها , وهي ليست رسالة لتعميم التدخين ! تطمح الى التأكيد بقناعةٍ وعن تجربة طويلة أنَّ القناعة الكبرى كثيراً ما تأتي من التفاصيل الصغرى وكم منعتْ السجارةُ من ارتكابِ جريمةٍ ساعةَ الغضب بدفعِ المُدخِّنِ اذا انهارتْ أعصابهُ الى التفكير بهدوء ! , أمّا عن أضرارها الصحية فالصحة منذ البدء مُعتلَّة بل ماذا يوجد في الحياة من مغريات تدعوك للحفاظ على صحتك !؟
هناك بيتٌ من الغزل للمتنبي يقول :
وشَكيَّتي فَقْدُ السَّقامِ لأنَّهُ
قد كانَ لمّا كان لي أعضاءُ !
الشاعر هنا يشكو من انعدام المرض لأنَّ وجود المرض مرتبطٌ بوجود الجسد , والمتنبي أنحلَهُ الحُبُّ حتى أفنى جسدَهُ !
أردتُ بهذا البيت أن أقول لماذا القلق من المرض طالما أنَّ الجسد نفسه غير موجود ؟!
أمَّا على صعيد الشعر فقد وجدتُ أني جعلتُ للسجارة في قصيدتي مكانةً تليق بها ! وكان ذلك يتمُّ عفويّاً طبعاً
فالسجارة لها شأنٌ آخر في الشعر
فتارةً حين أحزن أفتِّشُ عنها في قلبي
وهي تارةً أصبعي الحادي عشر
ومرةً جعلتُها كالوردة إذْ قلتُ في مقطعٍ نثري : وردةٌ ذابلة تغبط رحيقَ سجارتي .
وغيرها من الصور التي تتخلَّل قصائدي . أمّا ما هو سيءٌ من تبعات السجارة فعلاً فهو الإفلاس السريع , وعلى مَن هو مثلي أن يوطِّنَ نفسه عليه !
أتعزّى أحياناً وانا في غمرة الإفلاس والفقر بقصيدة تملأني نشوةً وضحكاً من مرارة الدنيا , وقِلَّةٌ هُم الذين برعوا في التعبير عن الفقر والإفلاس كهذا الشاعر وبهذا الإسلوب الرقيق الساخر المَرِح , هذا الشاعر الذي نسيتُ اسمه وكلُّ ما أعرف عنه أنه شاعر عربي عاش في الأندلس وهنا أبياتهُ :
أصبحتُ أفقرَ مَن يروحُ ويَغتدي
ما في يدي مِن فاقةٍ إلاّ يدي
في منزلٍ لم يحوِ غيري قاعِداً
فاذا رقدتُ رقدتُ غيرَ مُمَدَّدِ
لم تَبقَ فيهِ سوى رسومِ حصيرةٍ
ومخدَّةٍ كانت لأُمِّ المُهتدي
مُلقَىً على طرّاحةٍ في حشوها
قملٌ كمثلِ السِّمسمِ المتَبدِّدِ
والفأرُ يركضُ كالخيولِ تقاطرتْ
مِن كلِّ جرداءِ الأديمِ وأجرَدِ
هذا ولي ثوبٌ تراهُ مُرَقَّعاً
من كلِّ لونٍ مثل ريشِ الهُدهدِ
!!!
هل كان هناك مَن هو أكثرُ غنىً وغبطةً من هذا الشاعر وهو يبدع هذه الأبيات !؟
alamiri84@yahoo.de

شاعر مصري يقاضي شيخ الأزهر ويتهمه بالتوقيع على "تكفيره"


صورة من تهديد سابق تلقاه الشهاوي حول "الوصايا في عشق النساء"

دبي - فراج اسماعيل

العربية نت
أكد الشاعر المصري المعروف أحمد الشهاوي أنه يخشى حاليا على حياته، بعد صدور تقريرين لمجمع البحوث الاسلامية، أعلى هيئة فقهية في الأزهر "يتضمنان تكفيرا صريحا له، موقعين من شيخ الأزهر، معتبرا أن ذلك يعطي مسوغا للجماعات المتشددة بإهدار دمه.وقال الشهاوي لـ"العربية.نت" إنه قام برفع أول دعوى قضائية ضد د.محمد سيد طنطاوي رافضا "الطعن في عقيدته دون حتى الاستماع إليه". واستغرب قيام جهاز مباحث أمن الدولة بتحويل الجزء الثاني من كتابه "وصايا في عشق النساء" إلى مجمع البحوث، ليكتب تقريره الثاني بالمصادرة معتبرا أنه يمس الدين بعد طرحه في الأسواق بعشرة شهور ".واستطرد جهاز الرقابة على المصنفات الفنية قام اثر ذلك بجمع النسخ من المكتبات وباعة الصحف ومصادرتها. وقال: شيخ الأزهر وقع على التقرير في جلسة لمجمع البحوث الاسلامية بعد أن كتبه شخص واحد وتمت الموافقة عليه بالتمرير. أنا استغرب من المؤسسة التي يرأسها أن تتبنى فكرا تكفيريا متشددا تجاه الفكر والرأي، مع أنها كانت طوال تاريخها مؤسسة تنويرية تعكس الاسلام المعتدل.وأوضح "سبق أن قمت بابلاغ جهاز أمن الدولة بتهديدات بالقتل وصلتني من جماعتين اسلاميتين متشددتين باسم أنصار الاسلام وأنصار الله، إذا قمت بنشر الجزء الثاني، وهو تهديد تحديته حينها، بطبع هذا الجزء المصادر".وأكد أنه سيرفع خلال الأيام القادمة دعوتين أخريين ضد عالمين بارزين في مجمع البحوث الاسلامية، هما د.عبدالرحمن العدوي ود.محمد رأفت عثمان، مطالبا بالحق المدني على الاتهامات التي وجهها كل منهما لعقيدته، والدعوة إلى تعزيره بالقتل.من جهته، نفى د. رأفت عثمان عضو المجمع بشكل قاطع صدور أي تصريح منه بتكفير الشهاوي أو فيما يخص كتابه "الوصايا". وقال لـ"العربية.نت": لم يحدث مطلقا أن تناولت الكتاب أو اتهمت صاحبه بشيء. كل ما أعلمه أنه وصلت نسخة منه لمجمع البحوث، لكني لا اعلم شيئا بما تم بشأنه لأنه ليس من اهتماماتي".ولم يتيسر الحصول على تعليق فوري من مكتب الأمانة العامة لمجمع البحوث برئاسة د. محمد ابراهيم الفيومي، لكن مصدرا أكد فحص الكتاب عند وصوله للمجمع فحصا أوليا وتكليف د. عبدالرحمن العدوي بكتابة تقرير عنه وهو ما حدث.كان حمدي الاسيوطي محامي الشاعر الشهاوي طالب كلا من وزير الداخلية حبيب العادلي وشيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بوقف تنفيذ قرار مجمع البحوث الاسلامية بمصادرة كتاب 'الوصايا في عشق النساء' بدعوى تناوله الفاظا فاحشة.وقال في عريضة دعوى هي الأولى من نوعها، قام بتحريكها ضد كل منهما "إن الفتوى التي اصدرها مجمع البحوث الاسلامية بمصادرة الجزء الاول من كتاب" الوصايا في عشق النساء" تضمنت كلمات من شأنها اهدار دم الشهاوي، حيث ورد بها انه كافر كفرا صريحا".

العشق النسائي
وأشارت الدعوى إلى أن "د.عبدالعظيم المطعني وهو استاذ بالأزهر صور الكتاب بأنه مثل 'بروتوكولات حكماء صهيون ويدعو الى العشق النسائي'. مشيرة إلى أن ذلك غير صحيح، لأنه "أحيا فنا ادبيا متروكا وهو فن الوصية ولم يعتمد الاقتباس او الاتكاء او الاعتماد على القرآن الكريم او السنة النبوية، وانما ارتكز عليهما بشكل عفوي، وفقا لتكوينه الثقافي والديني، وأن النصوص الشعرية والنثرية التي وردت في الكتاب قابلة للتأويل.وتساءل الشهاوي في تصريحاته تعقيبا على هذه الدعاوى القضائية "لماذا يلجأ مجمع البحوث إلى نفس الشخص الذي كتب تقرير المصادرة والتكفير بخصوص الجزء الأول عام 2003، ليكتب التقرير الخاص بالجزء الثاني عام 2007 ، وهو د.عبدالرحمن العدوي؟".وتوقع عدم حصوله على حكم قضائي لصالحه "فقط أردت اثبات أن كلام شيخ الأزهر ليس منزلا، وأن هناك في هذه المؤسسة الدينية العريقة من يقوم بالتكفير بدون أدلة شرعية، ومن هو أكثر تطرفا في أحكامه وأقواله ورؤيته للأمور، من الجماعات الاسلامية المتشددة التي تدعو للقتل بدلا من الحوار".وواصل الشهاوي "طلبت في الدعوى القضائية إلزام الأزهر بتقديم نسخة من تقرير المصادرة الثاني الذي لم يظهره علنا حتى الآن مكتفيا بتسليمه لجهاز أمن الدولة".واستطرد: لا أريد أن أكون ضحية لشيخ الأزهر أو لمجمع البحوث الاسلامية. يكفي تكفيري في المرة السابقة، فلا يمكن أن أكفر مرتين خلال أربع سنوات وأسكت ولا أدافع عن عقيدتي. أخشى على حياتي بسبب هذا التكفير، وكنت قد حاولت قبل التقرير الثاني الذي أصدره الأزهر اغلاق هذا الملف عندما علمت بأنه سيكون هناك استدعاء لي أمام النيابة العامة وقرار بالمصادرة، خصوصا أن جماعتي أنصار الاسلام وأنصار الله، ارسلتا تهديدات لي بالقتل في حالة نشر الجزء الثاني".أوضح "أقدم بهذه الدعوى سابقة في الثقافة المصرية بعدم الخضوع لسلطة الأزهر، بل يجب مناقشته، وإذا كان يحولني إلى المحاكم فأنا استطيع أيضا فعل نفس الشئ، وعلى مجلس الدولة الفصل في الأمر".

كيف يكفرونني غيابيا؟
وقال أحمد الشهاوي "ينبغي ألا يفتون في أمر يخصني دون مناقشتي. قبل تكفيري والمطالبة بانزال عقوبة القتل أو التعزيز، كان لزاما عليهم الجلوس معي ومعرفة مدى تديني وايماني، فالتكفير ليس بهذه السهولة، خاصة إذا كان صادرا من أشخاص أكاديميين في أعلى هيئة فقهية للأزهر. لا ينبغي التشكيك في عقيدتي أيا كان الكلام المكتوب".تابع: حصل اختراق خطير لهذه المؤسسة، لدرجة أن أساتذة كبار حاصلين على درجات الدكتواره في شتى العلوم الفقهية والشرعية، أكثر تشددا من المنتسبين إلى الجماعات الأصولية.وعلل الشهاوي ذلك بأن "عضو مجمع البحوث الاسلامية د. محمد رأفت عثمان طلب في حوار صحفي إنزال عقوبة القتل بي، وكاتب التقريرين د.عبدالرحمن العدوي اتهمني بالكفر الصريح، وأملك نسخة من التقرير الأول تتضمن ذلك".وأوضح أنه "تعمد في كتاب الوصايا في عشق النساء ذكر أشياء منسوبة للرسول وزوجاته والصحابة، كلها وردت في أحاديث صحيحة مجمع عليها وليس فيها أي شك".

سببوا لي مشاكل عائلية
تابع الشهاوي "كنت في غني عن المشكلات التي حدثت لي بسبب (الوصايا في عشق النساء). الناس الآن لا ينظرون لي كشاعر بل باعتباري صاحب الوصايا. هناك أضرار كثيرة لحقت بي على المستوى الأدبي، فما معنى أن هناك كتابا شهيرا لي على حساب كتبي الأخرى، وما معنى أن أكون شهيرا وتنغص حياتي تحت سوط القتل والتهديد، والسباب والشتائم".ويقول إن فتوى الأزهر بالمصادرة سببت له العديد من المشاكل خصوصا في منزل عائلته.ويعمل الشاعر أحمد الشهاوي نائبا لرئيس تحرير المجلة النسائية "نصف الدنيا" التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، وعضو الموسوعة العالمية للشعراء، وحائز على جائزة اليونسكو في الآداب وجائزة "كفا فيس" في الشعر.من إصداراته ديوان ركعتان للعشق – الأحاديث – كتاب العشق- أحوال العاشق – كتاب الموت – الوصايا في عشق النساء – مياه في الأصابع – لسان النار.ويقول عن نفسه إنه ابن عالم أزهري، وخروجه من بيئة صوفية ساعده على التعبير عن العشق والعاشق, وأن علاقته عميقة بالتراث الديني. الشهاوي أصدر الجزء الأول من الوصايا عام 2003 والجزء الثاني عام 2006 مشيرا إلى أن الجزء الأول طبعته مكتبة الأسرة الخاصة بمهرجان القاهرة للجميع التي ترعاه زوجة الرئيس المصري السيدة سوزان مبارك، وباع ثلاثين ألف نسخة، وكتبت عنه مئات المقالات والدراسات والتعليقات في الصحافة العربية والأجنبية وترجم إلى العديد من اللغات من بينها اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والهولندية وتناولته صحف شهيرة مثل الجارديان البريطانية ، وشيكاجو تربيون الأمريكية.تضمن الجزء الثاني 30 مقتطفا من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والأقوال المأثورة عن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والعلماء والفقهاء من الأسلاف وأصحاب المذاهب، عن ما يسميه الكاتب العلاقة العشقية، ويحوي 167 وصية.

اعتــذارات

هدلا القصار
شاعرة وكاتبة لبنانية


أقدم اعتذاري لمن اخرج لغز كلماتي
أقدم اعتذاري للأخطاء الصحيحة التي ارتكبتها
ولأصابعي الخمسة وحسن نواياها

في كانون الثاني سنة . . . .

قدمت اعتذاري للمحب القديم ... الجديد
ولصديق صوري
للأكاذيب التي عشتها في ملعب الثعابين
اعتذرت من سذاجتي الملحوظة
وضياع عقدي وخاتمي
وخيوط الخيانة المجانية
والأثاث المدمن على التنازلات
كما قدمت اعتذاري للمنزل الذي تركته
وللجيران الذين حرمتهم مراقبتي

وفي شـهر نيسـان

قدمت اعتذاري للمعجبين ... والمجاملين
وللشوارع التي فقدت بعض آثاري
لحوارات البحر الخرساء
ولن أنسى صخور إرادتي كالمد والجزر
للمرأة المنسية
وسخونة الطمأنينة
وقصاصات شعري
واللعب بحصوات الأرض
ومن الدائن والسارق
وللسناء العاهرات/ ومكر الرجال الصامت
اعتذرت منهم لأنني لن أكون ألا سواي

في شهر حزيران
اعتذرت من دقات قلبي السريعة
ومن أوردتي المحقونة بالمهدءات
والدموع الملونة بالغباء
ولقب ابتساماتي
ومن زيارة قبري
ودعوات الأرواح
والحقيقة المعلنة
والوجوه المتعددة
والمنازل التي سكنتني
كما اعتذرت من الزهور التي اشتريتها لنفسي

فـي شـهر آب

اعتذرت من الأسئلة المخبئة
والخواطر المدفونة
وثقوب محبيني
أرقام الهواتف، والمراسلين
وأصحاب الذمم الرخيصة
ومن الأمواج التي كسرتها الصدمات

واليوم اعتذر من كلماتي التي توهت قصيدتي

رسالة من الوردة المحترقة

عبدالله علي الأقزم

ربَّـطـوا صـوتـي

بـقـيـد ٍ و سـلاسـلْ

و ادَّعـوا أنـي مفـاتـيحٌ

لأبـوابِ الـمشـاكلْ

و تـمـادوا و اســتـمـروا

و أنـا أزرعُ

للـمـسـتـقـبـلِ الآتـي

سنـابـلْ

أغـرسُ الـعـشـقَ

بـكـفـي و أقـاتـلْ

و لـكـي تـخـضـرَّ

جـدرانُ الـمـديـنـةْ

سـأنـاضـلْ

و أنـا مـشَّـطـتُ شـعـري

طـالـمـا عـنـتـرةُ الـعـبـسـيُّ

فـوق الـجـرح ِ

فـوق الـخـنـجـر ِ الــدَّامـي

يـُقـاتـلْ

تـنـتـهـي فـي كـتـب ِ

الـعـشـق ِ

الـتـي أقـرؤهـا كـُلُّ

الـفـواصـلْ

ربَّـطوا صـوتـي

فـلا أمـلـكُ شعـراً

لا و لا أمـلـكُ نـايـاً

بـيـنـمـا يـنـتـفـخُ الـجـرحُ

بـأصـواتِ الـزلازلْ

بـيـنـمـا أمـسـيـتُ

فــي الـهـامـشِ

صـمـتـاً لا يـُجـادلْ

ربـَّطـوا صـوتـي

بقـيـد ٍ و سـلاسـلْ

و أنـا أبـعـثُ

للـشـمـسِ و للـنـجـم ِ

فـضـائـلْ

و أنـا أنـزعُ دومـاً

مـن ذئـابٍ و كـلاب ٍ

ألـف وجـهٍ للـرذائـلْ

فـلـمـاذا ربَّـطـوا صـوتـي

بـقـيـدٍ و سـلاسـلْ

و ادَّعـوا أنـِّي مـفـاتـيـحٌ

لأبـوابِ الـمـشـاكـلْ

الاثنين، أكتوبر 22، 2007

سركون بولص يختار نهايته في برلين


حركة شعراء العالم تنعى أحد أعضائها البارزين:
بعد كمال سبتي ورعد مطشّر وآخرين، يغادرنا صباح اليوم، الإثنين 22 أكتوبر2007، في برلين وبعد صراع مرّ مع المرض، سركون بولص ، شاعرنا العراقيّ الكبير الّذي تناوبته الأراضي البعيدة والغربة الكاسرة حتّى استقر به التطواف في ألمانيا ليلفظ بها أنفاسه الأخيرة وهو في الثالثة والستّين ربيعا.

ولد سركون بولص عام 1944 بالقرب من بحيرة الحبّانية، العراق. يقيم منذ عام 1969 في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، وقد أمضى السنوات الأخيرة متنقلاً بين أوربا وأمريكا، وخصوصاً في ألمانيا حيث حصل على عدّة مُنَح للتفرّغ الأدبي وحيث صدرت له ثلاثة كتب بالألمانية: غرفة مهجورة، قصص 1996؛ شهود على الضفاف، قصائد مختارة 1997، وأساطير وتراب ، سيرة 2002 وقد أصدر بولص: الوصول إلى مدينة أين، الحياة قرب الأكروبول، الأوّل والتالي، حامل الفانوس في ليل الذئاب، إذا كنتَ نائماً في مركب نوح، والعقرب في البُستان.

كما أصدر ترجمته لكتاب إيتيل عدنان هناك في ضياء وظلمة النفس والآخر، وسيصدر له هذا العام النبي لجبران، ورقائم لروح الكون / ترجمات مختارة.

حسب إفادات صلاح عواد ، فإن سركون بولص كان ينتمي في الستينات وقبل أن يهاجر، إلى جماعة كركوك الادبية ، حيث برزت وقتها أسماء عدة من العراقيين الناطقين بالسريانية، مثل الشاعر وراعي الأدباء (الأب يوسف سعيد) والشاعر العبثي الراحل (جان دمو)، وكذلك الشاعر العراقي الأصيل والمتميز (سركون بولص)، هذا الشاعر المنحدر من مدينة كركوك حاول مع أقرانه حين وصلوا إلى بغداد في الستينات تغيير خارطة الشعر العراقي، وفي إحداث ثورة بأساليبه وتقنياته ضمن مشروع يريد تجاوز ما أنتجه جيل الرواد الشعري، جيل قصيدة التفعيلة ومن بغداد حمل سركون بولص مشروعه الشعري، حيث توقف في بيروت وتعرف على تجربة مجلة شعر اللبنانية وساهم في تحريرها وترجم العديد من النصوص الشعرية من اللغة الانجليزية، خصوصا لشعراء القارة الأمريكية.

ثمّ منذ فترة تزيد على عشرين عاما هاجر سركون بولص ليقيم في مدينة سان فرانسسكو،. وخلال الأعوام التي قضاها هناك، بقي سركون مخلصا للشعر ولترجمة الشعر، وأثناء تلك الإقامة الطويلة التي قرر أن ينهيها بالذهاب الى أوروبا خصوصا الى لندن وباريس وألمانيا حيث حصل على عدّة مُنَح للتفرّغ الأدبي، طور سركون تقنياته الشعرية، وصارت اللغة لديه أكثر حسية.

فهو بالرغم من إقامته الطويلة في الولايات المتحدة لم يتخلص من لهجته البغدادية وبقي نفس القروي ذلك القادم من كركوك.

يقول في قصيدة له بعنوان " حديث مع رسّـام في نيويورك بعد سقوط الأبراج":

نهايتكَ أنتَ من يختارها؟ قالَ صديقي الرسّام

انظر الى هذه المدينة. يشترونَ الموتَ بخسا ً، في كلّ دقيقة ،

ويبيعونَـهُ في البورصة

بأعلى الأسعار

كان واقفا ً على حافة المتاهة التي تنعكفُ نازلة ً على سلاسل مصعد ٍ واسع للحمولة

سُـفُـلاً بإثنـَي عشر طابقا ً إلى مـرآب العمارة إنها معنا ،

الكلبة سمّها الأبديّـة ، أو سمّها نداءَ الحتف لكلّ شئ ٍ حدّ ،

إذا تجاوزتـَهُ ، انطلقت عاصفة ُ الأخطاء

إنها حاشية ٌ على صفحة الحاضر

خطوتها مهيّـأة ٌ لتبقى حَفرا ً واضحا ً في الحجر

أرى إصبُعَ رودان في كلّ هذا .

أراهُ واقفا ً في بوّابة الجحيم ،

يشيرُ إلى هوّة ستنطلق ُ منها وحوشُ المستقبل ،

هناكَ حيثُ انهارَ بُرجان ، وجُنـّتْ أمريكا

هكذا حدّث الرسام صديقه الشاعر وهو يسأله: نهايتك أنت، من يختارها؟

في إشارة إلى البرجين اللذين انهارا في نيويورك، وكأنهما يخفيان برجا آخر هو الشاعر سركون بولص وقد "اختار نهايته"، هناك، بمنأى عن النبع والأصدقاء.

رحل الشاعر الكبير سركون بولص لنظلّ نذكره بين قصيدة وقصيدة فمثله لا يموت وإن اختفى عنّا.

يوسف رزوقة

الأمين العام لحركة شعراء العالم، ممثّل العالم العربي

السبت، أكتوبر 20، 2007

تمازجـنـا

عبدالله علي الأقزم
أرتـِّبُ عـالـمَ الإبـداع ِ حـتــَّى

يـفـيـضَ الـحـرفُ فـي خـديـك ِ قـُبـلـة ْ

رسـمـتـُـكِ غـيـمـة ً هـطـلـتْ لأحـيـا

عـلـى خـطـواتـك ِ الـخـضـراءِ شـُعـلـة ْ

عـلـى بـابِ الـهـوى يـزدادُ شـوقــي

كـبـحـر ٍ لـم يـجـدْ لـلـدر ِّ أهـلـه ْ

عـشـقـتـُـكِ فارتـقـى الـمـاءُ الـمـصـفـَّى

يـُحـقــِّـقُ في فمي للـشـعـر ِ نـقـلـة ْ

تـضـاريـسُ الهوى في القلبِ تـُبـدي

لنبض ٍ عاشـق ٍ في الـحـُبِّ جهـلـه ْ

فكلُّ قصائدي توقيعُ عشقي

على عـيـنـيـكِ عنترة و عبـلــة ْ
عـلى فـسـتـانـكِ الـقـمـري طـريـقٌ

مـنـيـعٌ لـم يـَردْ لـلـبـدر ِ عـقـلـه ْ

جـمـالـكِ فـوضـويٌّ حـيـن يـُنـسـي

جـمـالَ الـكـون ِ مـعـنـاهُ و شـكــلـه ْ

تـفـاعـلَ فـي هـواكِ الـلـون ُ نـجـمـاً

يُـعـيـدُ جـذورَهُ و يـزيـدُ حـقـلـه ْ

كـلانـا فـي مـدار ِ الـرسـم ِ صِـرنـا

كـأحـلـى لـوحـتـيـن ِ لـخـيـر ِ قـبـلـةْ

تـمـازجـنـا مـع الألـوان ِ مـداً

يُـقـيـمُ لـحـبـِّنـا الأبـديِّ رحـلـةْ

عـلـى طـول ِ الـسـواحـل ِ قـد كـتـبـنـا

هـوانـا جمـلـة ً تـتـلـوهُ جـمـلـة ْ
و صرنـا أجـمـل الألـوان ِ حـتـَّى

تـشـكـَّـلـنـا هـنـا و هـنـاكَ نـحلـة ْ

بـقـيـنـا كـالـربـيـع ِ إذا تـوالـتْ

فصـولُ الـحـزن ِ لا يغتالُ فـصـلـهْ

لـنـا حُـبٌّ يُـبـيـنُ لـكـلِّ جـذر ٍ

أمـام تـنـكـُّـر ِ الآفـاق ِ فـضـلـهْ

بين الأمريكيّ فيليب هاكت والتّونسيّ يوسف رزوقة


حسان الباهي
وعلى الأرض السّلام
عندما يلتقي شاعران، أحدهما من شمال إفريقيا، من تونس تحديدا والآخر من الغرب، من سان فرانسيسكو، فإنّ هواجسهما ستلتقي بالتّأكيد حول راهن "القرية الكونيّة" وما يطرأ عليها من متغيّرات أو أحداث تتفنّن في حبكها ثنائيّة الدّراما والدّمار وهما من ثمّ منذوران لكتابة شيء أو شعر يؤرّخ للمرحلة، في محاولة لفتح نافذة على الأفق البعيد وهذا ما حدث مع التونسيّ يوسف رزوقة والأمريكي فيليب هاكت عندما التقيا، في صائفة 1988 بالأردن وكتبا معا قصيدة "على الأرض السّلام"، ثمّ افترقا كي يلتقيا من جديد، بعد 18سنة، في مجموعة شعريّة، مشتركة صدرت مؤخّرا، تحمل عنوان القصيدة نفسها حيث آثر كلاهما أن يقول همّه على نحو ما.
يقول هاكت في مقطعه النّواة:
إلى حدود اللّيلة الأخيرة
حتّى في روما، باردا كان الطّقس
وهي كعادتها واعدة، كانت
تتلمّس الأشياء
بشفافيّة باذخة
تتلمّس يدها الضّوء
فتومض خارج العتمة
ليلتقط الخيط نظيره التّونسيّ رزوقة في مقطع جوابيّ، في ذات السّياق:
ثمّ إنّ اللّغم في القلب
وحول القلب نارترتمي في صمتها حدّ الكلام
ولنا الآن صديقي
أن نقول الماء أو أن نتمنّى الماء
لكنّ السّماء...
ولنا أن نصرخ الآن معا، حدّ الجنون:
وعلى الأرض السّلام
صدر الكتاب،عن سوتيبا واحتلّ كلّ واحد من الشّاعرين حيّزا مستقلاّ ضمّ قصائده الّتي تجانست مضامينها ، إلى حدّ ما، مع تيمة السّلام.
في الحيّز الأوّل، نقرأ كلمة أولى يقدّم فيها جاك هيرشمان الشاعر فيليب هاكت تليها قصيدة مهداة له "على الهامش" بإمضاء جاك ميشيلين لنقتحم بعد ذلك عالمه الشعريّ، عبر 15 قصيدة مختارة.وفي الحيز الّثاني، نقرأ، إلى جانب كلمة أولى بإمضاء كمال الّرياحي، كلمات أخرى حول الشاعر يوسف رزوقة لكلّ من إلياس لحّود، محمّد بن رجب، حاتم النّقاطي وخديجة الغرسلّي لنقتحم عالمه الشعريّ من خلال 18 قصيدة ترجمتها إلى الانجليزيّة خولة كريش.
لمزيد الاطلاع على مسيرة الشاعر فيليب هاكت، يمكن مشاهدة هذا الفيديو (بالانجليزية):
http://www.youtube.com/watch?v=q_GYp0i3QF0

خلاخِل الريح


سامي العامري
ماشٍ انا والغيثُ يجرف خطوتي
والريحُ خلخالٌ لها
دَوّى
فَرَقَّتْ دمعةٌ لم تَصمتِ
فرأيتُني أشكَلْتُ
حتى قد شعرتُ بوحشةِ المَسرى
وبَرْدِ مَظَلَّتي !
مَن ذا يجيءُ لكي أُخَبِّرَهُ
بأني خاطرٌ
والقلبَ جَمْرُ ؟
وبأنني حريَّةٌ والأرضَ قَهْرُ ؟
ووراءَها ناسٌ هُمُ في الأصلِ بُورُ ؟
وضَلالةٌ في القاعِ
فكَّرتُ أنْ سأُزيدُهُم سَقَماً وسوءَ طِباعِ !
وأرى السماءَ كأنها شَرِقَتْ بجُرعةِ أنُجُمٍ
وتهَلَّلَت لضياعي !
شَبَحٌ بلا نَفْسٍ ولا نَفَسٍ
أُشيحُ بقلبيَ المحزونِ عنهُ ,
هي البلادُ بها مرَرْتُ مُسَلِّماً
يا نفْسُ مُرّي في سلامٍ
إنني مُستَرسِلٌ
والمَشهَدُ استولى فلا تنصاعي
ماذا سيبقى لي اذا عاندْتِني
ماذا سيبقى لي
سوى عَدَميّةٍ
ودُجىً تطاردُني بكلِّ بُقاعِ !؟
ألَقاً
وذهنَ يَراعِ !
ولطالما كان الخرابُ مُحلِّقاً
والدارُ دارَ أفاعِ !
---------
كولونيا
alamiri84@yahoo.de

الجمعة، أكتوبر 19، 2007

لا تنزعج من شيب شعر الرأس المبكر


علي جبر

شيب شعر الرأس: أصبحت ظاهرة شيب الرأس المبكر من أكثر الظواهر التي تؤرق الشباب في الوقت الحاضر بل وأكثرها انتشاراً وفى نفس الوقت لا يمكننا القول بأنها ظاهرة غير صحية.

عندما يتحول شعر الإنسان إلى اللون الأبيض أو الرمادي في مرحلة متقدمة من عمره سيتم النظر إليها على أنها ظاهرة طبيعية مرتبطة بالتغيرات التي تحدث للإنسان عند هذه المرحلة العمرية الجديدة.

أما إذا حدث ذلك في سن مبكرة ونقصد سن العشرين، فهو بالشيء الذي يدعو إلى الدهشة.

يتساءل البعض عن الفترة التي يستغرقها الشعر لكي يتحول إلى هذا اللون الجديد، وهو الأمر الذي يصعب تحديده ومعرفته على وجه الدقة لأنه يحدث تدريجياً على أشهر أو سنوات عديدة بل وعقود (عشرات من السنين).

ويقترن ملاحظة شيب الرأس (أو الشعر الأبيض) بدرجة دكانته، وتفسر هذه الظاهرة على النحو التالي:

- هو توقف بوصيلة الشعر عن إنتاج المادة التي تكسب الشعر لونه الطبيعي سواء الأسود أو الأشقر، حيث نجد العديد من الشباب يتحول لون شعرهم كلية إلى اللون الأبيض في سن العشرين، في حين يحتفظ أشخاص آخرون باللون الأسود للشعر حتى بلوغهم سن الستين والسبعين. ويمكننا القول بأن العامل الوراثي له دخل كبير في ذلك.

- والشيء الذي لا يعرفه الكثير منا أن الشعر لا يتحول إلى اللون الرمادي، بل هو شعر ينمو من بوصيلات جديدة تحل محل بوصيلة الشعر الأسود لأن شعر الإنسان يتساقط كل يوم ويحل محله خصل جديدة في نفس المكان وتتحكم مادتان أساسيتان في لون الشعر وهما مادتي: - الميلانين (Melanin).- الفيوميلانين (Pheomelanin). بالنسبة لمادة الميلانين، فهي مسئولة عن اللون الأشقر والبني والأسود للشعر ويعتمد ذلك على مدى تركيز الصبغة في الشعر. أما مادة الفيوميلانين، فهي مسئولة عن اللون الأحمر واللون الشبيه بالأحمر في الشعر الأشقر والبني والأسود.

وعندما يتوقف الجسم (وذلك مع تقدم السن) عن إفراز هذه الصبغات التي تكسب الشعر ألوانه المختلفة، يتحول الشعر إلى اللون الرمادي الأبيض وهذا مازال سراً من أسرار عالم الشيخوخة الغامض، ونفس الشيء بالنسبة للشاب الذي يتعرض لشيب الرأس في سن مبكرة. لكن الشيء المثير للدهشة، أن الأشخاص الذين يتعرضون للعلاج الكيميائي ولهم شعر رمادي فعند تساقطه للتأثر بهذه المواد الكيميائية، فإن الشعر الجديد الذي ينمو يرجع إلى لونه الأصلي ولم يستطع أحد أيضاً تفسير هذه الظاهرة حتى الآن. ويكون الحل عند بعض الأشخاص استخدام صبغات الشعر.

ظلت تنادي .. عارية

خالد خيت
**
ظلت تنادي
عارية َ الحواس ِ
ظلت تنادي ..
سنابل ُ بلادي
ببوق المآسي
ساقية َ الحياةِ
ساقية َ اقحوان ٍ ندي
ظلت تقاسي ..
زفرة َ الآهاتِ
عبرة َ الحدادِ
روابي بلادي

مرتْ على رصيف الدمع ِ
خمس ُ بنادق ٍ
ممشوقة ُ القوام ِ
كثيرة ُ الخلع ِ
تنثر ُ رقصات ِ رصاص ٍ
و أثير َ عهر ٍ و دم ِ
مرت في زي منديل
ذي نقش ٍِ ثمل
و عبق ِ عمامة شيخ ٍ جليل
وطأت ْ فزادت ِ الرصيف َ بللا ً.. عطرا ً
و روت ِ الطريق زهره
من بيروت َ حتى الخليل

شكرا ً يا بنادق الخير
يا بنادق السلام
فدونك دروبنا ميتة الزهر
منفية الكلام
شكرا ً فدهرنا دونك ليس له دهر
و جامعنا بلا محراب ٍ
أو امام ...

كانت الأوراق ُ الشاحبة
تعّد و الأقلام ُ طبق َ حوار
بالقرب من خيمة الأعداء
على ضوء بطون ٍ فارغة
و صدى زعيق كرامة ٍ هاربة
عيون ُ السماء..
عيون الأطفال..
من الجنوب إلى الشمال
كانت ترمق صحوة َ الممات
و ميض َ قرار
وميض حياة ..
قد اختبأ يا أطفال
في قوارير ِ الخمر ِ
شرف ُ المائدة
و تمايلت دراهم الأبار
في ملهى ليلة ٍ هادئة
لتنام إلى الأبد ِ بسمة ُ الصغار
الذين ملّوا الهرولة
ملّوا بقرف ِ القيء انتصارا ً و انتظار

أحبائي..
حفاة البطون
برقية أحذية ٍ و نعال
تفوح منها نغمات ُ أفيون
و ترانيم ُ التهاب ٍ و سعال
برقية ٌ من جلد ِ صنم ِ الحرية
الصنم ِ التمساح
بعبق ِ دواة ٍ خنزيرية
و بصمة ِ نباح..
فهل طأطأتم الجماجم يا صغار
احتراما ً للبرقية
و زحفتم بأدب ٍ .. بوقار
عربون َ شكر ٍ للهدية

أحبائي ..
قتلى الضباب
ما يزال الطريق طويل
و الليل فوق شفاهكم ينساب
و النهار في أحداقكم جميل ٌ .. جميل
أحبائي ..
أنتم الحياة و الحياة أنتم
و الأرض ان غفت
فالسماء لكم ..
و القصائد لكم
و رغيف الأمل المقمّر
و حقول الصبر
و أهداب ُ القدر
و أنامل الشمس ِ .. لكم
و ضفائر القمر
فهلاّ تبسّمتم ...

أحصدوا خرائبي وازرعوا جنتكم.. لعبد السلام العطاري


زياد جيوسي

" هذيان لا أكثر "
بهذه العبارة التي تعتلي النص، يضعنا عبد السلام العطاري أمام بحر لجب ذي أمواج هادرة، تجعل المرء يفكر ألف مرة قبل أن يفكر بالإبحار، فالهذيان حالة من حالات انعدام الوعي والخروج عن المألوف والطبيعي، والإنسان لا يهذي إلا في حالات مرضية أو حالات التعب النفسي أو الإجهاد المرتفع الدرجة، فهل أراد شاعرنا أن يقطع الطريق علينا، ويجعلنا نفهم مسبقاً أنه ليس مسؤولاً عن كلماته، وأنها صدرت في حالة من حالات الهذيان ؟ أم أن الكلمات تحمل في طياتها رسالة معينة محددة الوجهة، فلا يريدنا أن نأخذها نحن بعيداً عن هذه الوجهة المجهولة التي يقصدها؟
في إبحارنا في النص نجد الشاعر يستخدم صيغة الجمع في المخاطبة: أحصدوا / ازرعوا / احرقوا / انسفوا / ابنوا / أنثروا / صبوا / أعلنوا... نجد ذلك منذ بدء النص إلى منتصفه، حيث ينتقل بنا فجأة إلى صيغة مخاطبة الفرد التي ترد أربع مرات في النص لا غير: حمقاء / تتطوعين / ارحلي / أتُركي... وينتقل إلى الحديث بصيغة المتكلم عن نفسه، فنجد كلمة أنا تتكرر في بدايات وصف الذات أربع عشرة مرة بأوصاف تتراوح بين الألم والاعتزاز بالذات، لكي يعود إلينا في نهاية النص بصيغته الأولى: ازرعوا / احصدوا / ارحلوا... لكنها هنا أعطت للمخاطب صيغة الخيار المؤلم: أحصدوا خرائبي وازرعوا جنتكم أو فارحلوا.. مشيراً إلى المخاطب أنه يبني حصاده على ألم الشاعر المتضوج ألماً وحزناً، ومن هذا الزرع المؤلم في خرائب نفس الشاعر يزرع المخاطب جنته الخاصة، بعدما أستنـزف الزرع من خرائب الشاعر، وهي أطلال حب تحول في لحظة إلى خرائب، فثوى القلب من الجمال والحب، لكنه ما زال خصباً بعطاء الزرع للمحبوب حتى على الخرائب.
إن استخدام هذه الصيغ المشار إليها تحمل في داخلها دلالات ذات معنى، فهو يخاطب الفرد بصيغة الجمع معبرّاً عن حالة من الألم الذي يعتري الروح والنفس، فيشعر بالألم مضاعفاً كبيراً ينعكس على روحه بقوة، فيستخدم تعابير، أشرنا إليها، تشير إلى الدّور الذي يلعبه الآخر في داخله وهي صيغة الفعل: احرقوا / انسفوا.. الخ، بينما حين استخدم صيغة المخاطب للفرد، أعطى صفة للمخاطب لا تنعكس عليه بقدر ما هو طلب موجه من الشاعر إلى المخاطب.. ارحلي .. اتركي..
وحين يستخدم "أنا" مشيراً إلى نفسه بالتشبيه أنه زعيم الصعاليك عروة بن الورد، الشاعر والفارس وشاعر المجون والترف، يصف نفسه أنه ما تبقى من كأس نبيذ، من بقايا قصيدة، من عشق امرأة... وهذا التعبير هو الذي يكشف ما توارى خلف الكلمات وصيغ المخاطبة من أن كل الدخان المحترق والخرائب ناتجة عن حالة عشق تعرضت لهزة أو هزيمة، ولذا نجد التناقضات في الوصف تملأ وصف الذات والأنا، فمن وصف الاعتزاز باسم عروة بن الورد إلى وصف نفسه بأنه سبي قبليّ خاسر، وشتان بين اعتزاز عروة وألم السبي وبين خريف الغضب والربيع الذي يزهر حطباً بدلاً من الزهور والأشجار.
ما سر هذا الانهزام والألم حتى يبدو حبل المشنقة أجمل حين يطوق عنقه؟ هل هو فقدان الثقة بالذات إلى آخر بلحظة محددة، فيشير إلى آخر في بطون الكلمات: " هناك من ينتصر لك.. من يحملك على مركب وأشرعة إلى مرجان البحر والمياه العذبة "، لكنه يواجه ذلك بعزة نفس صارخاً: " ارحلي واتركي لي الرمل والصحراء.. أنا عروة بن الورد"، أم ردة فعلٍ على حدثٍ ما أو حوار أو حديث ما مسَّ نفس العاشق: "هزمتنا كلماتنا وقصائدنا"، أو فقدان إيمان بحب وعشق وإنسان: "انثروا من حبق الفجر زهرة مسمومة".
هي قصيدة ألم يتجلّى في قمته حتى يبلغ ذروة العذاب وجلد النفس من جانب، والاعتزاز بالذات ومحاولة السمو على الجرح من جانب آخر، الحب والعشق المهزوم.. الحب والألم، فكانت حالة من مأساة قلب متمزق بليلة نوء شديد.
أبدع العطاري في صوره وتشبيهاته وفي طريقة تطويع صيغ المخاطبة ما بين القسوة تارة والحنان المغلف بالقسوة تارة أخرى، وما بين اعتزاز وهزيمة وتوتر وقليل من الهدوء، يجول بنا عبد السلام العطاري برائعته، فلنتمتع سوياً، ونبحر مع العطاري.

أُحصدوا خرائبي وازرعوا جنتكم
عبد السلام العطاري

"هذيان لا أكثر "
أُحصدوا خرائب الزمن المُرّ
وازرعوا اليأس حنطة
احرقوا ما تبقى من قصائدكم
وانسفوا جسور العبور
وشدوا الوثاق
حبل المشنقة يبدو أجمل
حين يطوق عنقي

ابنوا على خرائبي عروشكم المهزومة
وازرعوا فوق قباب الذاكرة صورة مشوهة
وانثروا من حبق الفجر زهرة مسمومة
شيّدوا منابركم
وانثروا كلماتكم
هذا الجمهور المقهور يحتسي عرق التعب
صبّوا ناركم
جنونكم
خوفكم
وأعلنوا أن نيرون يعود هذا المساء
حمقاء يا لغتي أنتِ
كيف تتطوعين خلف جنوني؟!
كيف أطوع رغبتي السوداء كي تكوني جحيماً
ناراً
وحكاية مهزومة؟!
هناك من ينتصر لكِ
من يحملك على مركب وأشرعة إلى مرجان البحر والمياه العذبة
ارحلي واتركي لي الرمل
والصحراء
أنا عروة بن الورد
صعلوك الحكايات القديمة
أنا شاعر المجون والترف
أنا ما تبقى من كأس نبيذ
من بقايا قصيدة
من عشق امرأة
من رائحة دخان المحرقة
أنا الجحيم حين لا تكون الجنة واحة للتصوف
أنا المبعثر بين الأساطير القديمة
أنا حجر القلاع المسلوبة
أنا هديل حمامة يطاردها الرب وجُند الحراسات
أنا صيف بلا أشجار
بلا أنهار
أنا شتوي عتيق موحل
ليل ينتحر القمر فيه
أنا "خريف الغضب "
ربيع يزهر حطباً
أنا كل ما تبقى من اليابسة الميتة
أنا حجارة سجيل تبحث عن أبرهة
أنا آخر ما تبقى من سبأ
هزمتنا كلماتنا وقصائدنا
وأغنياتنا
أنا سبي قبلي خاسر
أنا كل ذلك الوقت المضبوط على إيقاع الجرح والحزن
فاحصدوا خرائبي وازرعوا جنتكم
أو ارحلوا.
رام الله المحتلة \ فلسطين

الخميس، أكتوبر 18، 2007

الرصــاص والنحلــة

هدلا القصار
شاعرة وكاتبة
لبنان / فلسطين



هربت لغرفتي ظهراً
تأففت صوت الرصاص
الآتي شرقـاً وغربـاً
نظرت من النافذة لأرى العصافير والفراشات تهرول
لا تعرف إلى أين تذهب
كان صوت الرصاص أقوى من معرفة
من أين يأتـي

تركت النافذة مفتوحة
وإذ بنحلة على ثوبي البنفسجي تبحث
تبحث متلهفة عن وردة تسكنها
تبحث كطفل لا يعرف المهــد
كان الورد على ثوبي خدعة للنحلة
وطارت

طارت فوق رأسي محلقة
وهبطت متسللة
وضعت رحيق الأفكار زهراًً
وطارت

طارت وفرشت على الصدر جناحيها
وجدت في المكان خوفاً
وفي النفس ألماً
وطارت

طارت وبجناحيها صفقت حزناً
نالت مني مللاً
كانت على جسدي نحلة متطفلة
نظرت إليها بالسقف محلقة
وهبطت

هبطت على جفني وارتشفت من العين دمعة
وطارت

طارت وحطت على الأذن وتراً
فتحولت الأوتار في إذني نغماً
وطارت

طارت ووضعت على شفتي عسلاً
فتلعثمت الكلمات
لم تأخذ إشارات يدي يـأسـاً
وما زالت تطير وتحلق حول الضوء
نالت مني شفقاً
فجأة!!
صحوت على صمت الرصاص
نظرت من النافذة لأتأكـد
سمعت صوت الرصاص يتردد
رأيت النحلة على نبتة النافـذة كـذلك تتـردد
وطارت

طارت وحلقت في كهف السماء واختفت
عاودت الجلوس ابحث عنها ربما تعود
سألت نفسي؟
أكانت لي من الخوف سلـوى
أم من صوت الرصاص لي استسلمتَ

الأربعاء، أكتوبر 17، 2007

مجموعة جديدة للشاعر المغربي بن يونس ماجن





"مناورات في كواليس الصمت " عنوان المجموعة الشعرية الجديدة التي صدرت مؤخرا عن دار نينوى ، في دمشق، للشاعر المغربي بن يونس ماجن المقيم في لندن.
تـضم المجموعة قصائد جديدة باسلوب السهل الممتنع وتقع في 80 صفحة من القطع المتوسط.
الغلاف من تصميم الفنان نزار صابور.


من أجواء المجموعة:

" منذ أمد
وأنا أبحث عنك
بين رفوف الغبار
وزوايا التيه
ايتها الهاربة
ارجعي الى مخيلتي
وادخلي حناياها
بسلام دائم
يا سرابا
نضب معينه
في يوم ممطر
يا غيمة
حبلى بانتشاء الغيث.."

يوسف رزوقة في كتاب بالفرنسيّة



سيرة شاعر يدعو إلى نظام شعريّ، جديد

أصدرت هذه الأيّام، دار إيماجين ذات الأبعاد، باردو، كتاب " ي / ر : من أجل نظام شعريّ، جديد"، في تأليف للفرنسيّة إيلاّ فرانس ، تروي فيه، على امتداد 128 صفحة ، بلغتها الشّعريّة الموحية سيرة الشّاعر يوسف رزوقة من ألفها إلى ما تيسّر من يائها ( على اعتبار أنّ الشّاعر، موضوع هذه السّيرة، لا يزال على قيد الحياة ولمّا يبلغ ياء العمر بعد).
جاء الكتاب في أحد عشر فصلا تمّ تبويبها كالتّالي:- ثالثة الأثافي أو التثليث البندوليّ : يوسف رزوقة شاعر ما بين القرنين- إعادة تكوين العناصر أو القماشة: أشكالها وألوانها
- سحب أوّل للعناصر: تعريف بالمكوّنات الأساسيّة ( الضّفاف والزّوايا الأربع)
- سحب ثان حسب الألوان: القمر المخرّم، المخيال، الحكاية، الطفل والشاعر، الأزرق المهيمن. - سحب ثالث: عناصر متجاورة، ألوان وأشكال متنامية: الأخضر، الأحمر، الأبيض، الدّائرة، الأفق وخيط العنكبوت.- تجميع العناصر: من الدّاخل نحو الخارج، زوايا نظر.- متغيّرات الانزياح: شاعر ما بين القطبين شرق / غرب
- أهداف وأصداء : سبر السّريرة، الخارجانيّة، القرب والعدول
- مراتب العظمة وموجات الصدمات
- لقاء بآدم: مركز التوزيع بين القرون والمياه
- سحب استثنائيّ: ألف قطعة وقطعة لإيقاع جديد، ضفاف إيقاع شرق / غرب وانحرافاتها
في هذا الكتاب، حاولت المؤلفة أن تلمّ بأهمّ محطّات الشاعر رزوقة، سيرة ونصّا، انطلاقا من بيئته الرّيفيّة حيث عاش طفولته بقريته زردة، مرورا بأكثر من مدينة كقصور السّاف وجوهرة الساحل سوسة حيث زاول دراسته فيهما وانتهاء بتونس العاصمة حيث استقرّبه المقام منذ ثمانينات القرن الفائت: حياة ووظيفة.لكنّ أهمّ ما في الكتاب، التقاط المؤلّفة للنقاط المضيئة في مسيرة رزوقة الشّعريّة دون أن تغفل جوانب طريفة من حياته ساهمت لاحقا في بلورة ملامحه الخاصّة كشاعر يدعو إلى "نظام شعريّ، جديد".
اللّغة في حالة حلم
هذا الكتاب قدّمته أود ريشو ديانو، أستاذة الأدب الإسبانيّ بجامعة لافالي دي مارن بفرنسا والتي سبق لها أن أصدرت كتاب " شعر يوسف رزوقة أو البحث عن الرّابط الأصيل" ، يضمّ قراءات نقدّية في مجموعاته الشعريّة الخمس، المكتوبة بالفرنسيّة.
وممّا جاء في مقدّمة ديانو قولها "كان على هذا الطفل الشاعر، قبل أن يعيد تشكيل كلّ شيء، أن يفكّ شفرة كلّ شيء ، انطلاقا من حلّ العقدة التي يتمّثلها في كلّ قصائده تقريبا. فالعقدة لديه هي مفتاح عالمه الشعري وتتجلى العقدة الإشكالية هنا كصورة وكصوت فهو يلعب ويشفّر العالم من جديد من داخل اللغة الفرنسية . فالعالم بالنسبة إليه معقّد، رتيب وكئيب وبالتالي فإن أنا الشاعر تمحو خارطة العالم لتقترح الخارطة البديل."
لتضيف : في غمرة اختلاط الأسئلة ، ينجم سؤال الهويّة عبر ثنائية " نحن والآخر" ليبحث فيها الشاعر على طريقته بإلغاء الحاجز: واو العطف لتصبح" نحن الآخر" أي أنّ نحن تساوي الآخر.
إن عقدة الهويّة تجعل قصيدة يوسف رزوقة تدور حول ذاتها وصوته يتماهى مع السؤال اللانهائي للأنا الدائرة ولم يقف ولع الشاعر بالجانب المضمونيّ فحسب بل اعتنى بالبعد الشكل في سؤاله الشعري حيث تلتقي الكلمات مع الموسيقى ومع الألوان تلتقي كلها باتجاه أفق جديد وممكن للحلم حسب القاعدة السحرية الرزوقية على حدّ تعبير ديانو.
وبالتالي فإن أنا المتكلم، حسب الناقدة، مطالبة بفضح العلائق المستعارة الراهنة عبر تشكيل نظام جديد يجمع فيه الكائنات والأشياء هو عالم شعريّ له قابلية الوقوف بشراسة وجها لوجه مع العدم كما تجلّى ذلك في قصيدته " الأوبرا غير المكتملة" حيث آلى الشاعر على نفسه أن " يجعل النجوم خارج الإطار وأن يخلّ بتوازن العالم" حتى يهب حبيبته الروسية أولغا وهما يتجوّلان بين مئات اللوحات في الأرميتاج في بطرسبورغ لوحة مختلفة وفق رؤيته الشعرية الفائقة.
وتشير ديانو في ختام مقدّمتها إلى أنّ هذا الخلق المتجدّد للروابط الجديدة من أجل عالم آخر ينبغي أن يمرّ عبر مقتضيات كتابة مختلفة وهذا ما تحقّق لدى يوسف رزوقة من خلال تقنيتي الإحداث والعدول ومن خلال تحرره من قيود القديم كما تجلى ذلك في ديوان " حديقة فرنسا" حيث تحرر من ربقة الإيقاع المتوارث أو في ديوان " ابن العنكبوت" حيث سوّغ أكثر من كلمة منحوتة جديدة.
في شعر يوسف رزوقة، تقول الناقدة ديانو، حلم عبر الكلمات ، فهو يلتقي مع طرح جيرار جينات الذي يرى " اللغة في حالة حلم".
ويبدو أن اللغة الفرنسية جامدة جدا، في رأي ديانو فلم يتحقق عبرها ما به يحلم شاعر ولهذا يعمد رزوقة إلى المبادرة بالمغامرة لتحقيق إمكانات قول أخرى، غير مستعملة.
- الكتاب: ي / ر، من أجل نظام شعريّ، جديد، تأليف إيلاّ فرانس، دار إيماجين ذات الأبعاد، باردو، 2007

خريف باريس ، ربيع الأمل


الحوار المتمدِّن

سعدي يوسف

saadiyousef1@hotmail.com
في الأسبوع الأول من تشرين أوّل ( أكتوبر ) هذا العام 2007 ، ذهبتُ إلى باريس ، للمشاركة في " مهرجان خريف باريس " ’ وهو برنامج أنشطة ثقافية عدّة ، تتوزّع بين السينما والشعر والموسيقى والمسرح ، والندوات ... إلخ .

باريس في الخريف ، مثل باريس في الربيع : شمسٌ وسماء زرقاء وشوارع غنيّةٌ بأهلها . الفرقُ الوحيد هو أن ورق الشجر هبط من الأغصان ليكسو الشوارعَ وأرصفتَها ذهباً خفيفاً تتلاعب به النسماتُ .

أتاحتْ لي الزيارة أن ألتقيَ محمود درويش بعد قراءته المسائية في بيت الشعر الباريسيّ . كما التقيتُ في المساء ذاتِه الصديقَينِ فاروق مردم ، وإلياس صنبر مترجم درويش إلى الفرنسية ورئيس تحرير مجلة " دراسات فلسطينية " الصادرة بالفرنسية .

زرتُ كذلك ، الرسام العراقي المتوحد نعمان هادي ، الساكن في الضواحي ، عند غابة فنسان الشهيرة ، حيث المحطة الأخيرة للمترو !

ما كنتُ أريد أن أعلن عن زيارتي . أردتُ أن أستمتع بذكرياتي ، وأن أُطَوِّفَ في الشوارع والأزقّة التي طال ما عرفت خُطاي ، حتى في أخريات الليل أحياناً ...

*كانت الندوة ثلاثيةً ، سنان أنطون ، كاظم جهاد ، وأنا ، في قاعةٍ تطلّ على النهر ، قاعةٍ في مركزٍ ثقافيّ .الندوة حول العراق : ذكريات ونصوص .

قلت في بداية حديثي إن حضورنا نحن الثلاثة تلخيصٌ حادٌّ لأزمة العراق في تاريخه الحديث . سنان أنطون بدأ حياته الكتابية في التسعينيات ، كاظم جهاد بدأ في السبعينيات ، وأنا بدأتُ في الخمسينيات ...نحن ، الثلاثة ، في المنفى الآن !أمصادفةٌ أن يحْدثَ هذا ؟

في العام 1258 سقطت بغداد تحت حوافر خيول المغول . في العام 1958 استعاد العراقيون بلادَهم ، وأعلنوا جمهوريّتهم .في العام 1963 أصدر الرئيس الأميركي جون فيزجيرالد كنيدي أوامره بإزاحة عبد الكريم قاسم قتلاً .

في العام 2003 احتلّ الأميركيون بلادنا ونصّبوا أسوأ القومِ وكلاءَ محليين .

*تحدث سنان أنطون عن ظروف هجرته ، وكذلك فعل كاظم جهاد .وقرأنا قصائد .

*في خريف باريس هذا ، شعرتُ بأملٍ ما. شعرتُ بأن ثمّتَ تأنيبَ ضميرٍ .

فداحة الجريمة التي تُرتكَب ضد الشعب العراقي ، يومياً ، لا مثيل لها في تاريخ بني الإنسان المتمدن .

لقد شرع الناس يتساءلون ... وعلينا ، نحن بني العراق الأحياء ، أن نقول كلمتَنا . لن يدافعَ أحدٌ عنا ، إنْ لم ندافع نحن أوّلاً عن أنفسنا .

لن يرتفع صوتٌ إلى جانبنا إن هادَنّــا الجريمةَ ومُنَفِّذيها .ليس من شجاعةٍ هنا .لِمَ لا نستجيبُ لغريزتِنا ، غريزةِ الدفاعِ عن النفس ، ونحن مهدَّدون بالإبادةِ شعباً وهُوِيّةً وكياناً ؟

*في خريف باريس ، ربيعُ أملٍ !

من الدفتر القديم: اليوم يموت انسان



نبيل عودة
بقايا
كيف حدث ان صرت نسيًا منسيًا، ولماذا انت بالذات دون خلق الله اجمعين.. وفي اللحظة التي كدت ان تصل فيها الى القمة؟ لتترو بعض الشيء، ولتمسك اطراف الخيوط جيدًا، قد تفلت الحقائق من بين يديك اذا اندفعت وراء العاطفة.. ان العاطفة والشيخوخة امران متناقضان. تعلم ذلك، وتعلم اكثر منه ان عاطفتك الشرقية في تركيبتها، لا تزال تتأجج بسهولة، حتى وانت في هذا الوضع المأزوم .. ترى ما هي العلاقة بين العاطفة والشرق؟ هذه الافكار تسليك... وتعذبك احيانًا. ولكنك تمارسها. هي الرياضة الوحيدة المتوفرة لك في وحدتك. احيانًا تكره افكارك. تعذبك. تؤلمك حتى الاعماق. ترمي بك الى القلق، وكثيرًا ما تثير حقدك الجنوني. وما اصعب الحقد حين يكبت في الصدر، ولا يجد متنفسًا للتعبير عن ذاته.
الشيخوخة اقعدتك؟ هل ستستعيد يومًا ما قوتك؟.. او تستسلم؟ ما اكثر مشاكلك. منذ ولدتك امك وانت صاحب مشاكل.. يومًا انت نصف ميت، وآخر متفجر بالحياة. ربما يكون ما ترسب في نفسك ليس الا استمرارًا لايامك الاولى على الارض!.
هل انت سعيد؟ تأخذ نفسًا طويلاً من سيجارتك.. وهل انت حزين؟ تنفث الدخان بقوة في الفضاء... اذن ماذا انت؟
انت اقرب شيء الى البشر. غير ان حياتك ليست حياة عنصر بشري ، البديهيات تؤكد ذلك، ويضاف انك صنعت عددًا من الاولاد والبنات واكتفيت. بل لم تعد تستطيع... ولكن الكائنات الحية الاخرى ، حتى التي لا تفكر... تصنع اولادًا؟ ماذا تقول امام هذه الحجة؟
زعيق جنوني لفرامل سيارة.. ضجة.. صراخ.. واشياء اخرى غير واضحة. وصلنا كما يبدو الى نقطة هامة. او ربما نكون قد ابتعدنا. لا تستطيع ان تطرح الشيء الا اذا طرحت نقيضه. تندفع منطلقًا كالريح وراء افكارك المتسارعة. تشعر بحالة تحليق غريب.افكار وتخيلات كثيرة تتداعى في ذهنك دون نظام. انت مأساة. اجل انت بنفسك المأساة. اما حياتك فلم تكن الا بقايا روح علقت بك منذ ايام الصغر.
البيت الذي كان
يا اهل الله. يا رايحين وجايين. انا هو...
كثيرًا ما اردت ان تقف على منضدة في ذلك المقهى الذي يمتص ايامك بمراقبة الرائحين والغادين: انك انت هو... ولكن الجرأة كانت تتخلى عنك في اللحظة الاخيرة.
كنت تجادل نفسك ان ارضي يا نفس الكلب بما آلت اليه احوال الدنيا.
تخلص مرة واحدة من نقائضك. اشعر مرة واحدة بكرامتك دون ان تشعر بوضاعتك. ربما لا تعلم ان الانسان حالات. ولكن انت حالات متراكبة متداخلة، لا تخرج من مأزق الا لتجد نفسك في مأزق غيره. لا نبعد كثيرًا عن الحقيقة اذا قلنا انك اصبحت ذا خبرة حياتية. لا نقل ذلك بقصد السخرية، فانت شيخ اكبر منا، سنك يستحق الاحترام. اجل يا شيخ. ان خبرتك تقضي بعدم محاولة الخروج من المأزق، لان ذلك يعني في الوقت نفسه الدخول في مأزق غيره. اذن ما عليك الا القبول بما هو قائم ، وصلي على النبي وترحم عليه.
وتخون ابنك الذي يحمل السلاح؟
ولكنك لن تفصح عن مكنونات صدرك.. ما هي الا خدعة لراحة نفسك.
وكيف ترتاح نفسك بعد ان صار بيتك اطلالاً؟
كان بيتًا رائعًا.. واسعًا وبخمس غرف، ويطل على البلد من اعلى جبل فيها. وغرفة يلعب فيها الهواء الطلق في الصيف.
وعلى ابوابه سجلت تاريخ ميلاد اولادك.
جميلة ولدت يوم احتلال اللد والرملة.
ولغباوتك لم تسجل انها سقطت شهيدة في عملية اسميت اللد والرملة...
اليت نسفوه.. طار، تناثرت حجارته..
وتريد ايها المسخ ان تنسى؟
وما فائدتك بعد ان صرت نسيًا منسيًا؟
حزيران وأيلول
ليتك تعلم اين بقية اولادك، وليتك تبقى جاهلاً بهم. قد يفرحك اي خبر عنهم وقد يقتلك. بعثرهم حزيران الاول، وعندما كدت تشم رائحتهم جاء ايلول الاسود فما عدت تعرف شيئًا عنهم ، وأنت ... اصبحت نسيًا منسيًا. تلوك الايام بعينيك، وتمضغ الحزن اربعًا وعشرين ساعة كل يوم.
ما اصعب الانتظار.
بل ما احلاه.
لولا الانتظار لاستعدت حيوتك.
او ربما يتضاعف بؤسك.
قد يعود اولادك فتشرق لك الدنيا؟
قد يلحقون بجميلة فتكون نهايتك اتعس نهاية.
ولكن مصيرك ان تعرف!
الظاهرة والعمق
تتنازعك شتى الهواجس. تتقاذفك شتى الافكار. وتبقى متكورًا في زاوية قهوتك تحرق الدخان واعصابك. وتريد ان تقنع نفسك بافضلية التسليم، فيلوح لك بيتك بحجارته وابوابه وآثاثه المحطم المحروق... فتمتلئ بالحقد وبالدموع. انها تعابير داخلية لا تطفو على السطح. فوجهك بلحيته البيضاء الكثة، وبالعينين الصغيرتين الكالحتين لم يعد يعطي اي تعبير. فقد قابليته للتأثر. خسر ميزة بشرية هامة. حتى الى هذه الزاوية الضيقة يلاحقك النسيان. من المؤكد انك تمارس عملية التفكير بوعي. انت متمالك لحركات فكرك كلها.. وبدون شك انك مسيطر على جميع شطحاته التخيلية. المجانين يعتقدون ان الجنون في غيرهم، وتراهم مقتنعين انهم قمة التعقل والمنطق. ترى ما هي حالتك بالضبط؟
كفى يا شيخ توجسًا، ان الذي تخاف منه تجلس عليه. القلق والحزن يتراوحان في تعذبيك. لكل شيء اصول، حتى للموت... لماذا لا تبتعد عن ضجيج الحياة؟ قد تنسى هواجسك، وتهدأ ترقباتك، وتغوص في النيسان؟
كيف تفعل ذلك؟
بالارادة.
لم يعد لها معنى.
ما لك وللمعاني.. المهم هو الفعل.
تنفخ دخان سيجارتك بتأوه ومرارة. لم ترتعش ابدًا. ولم يبد على وجهك انعكاس للمرارة والتأوه، ونقطة ما، لا اعلم مقدار بعدها او قربها منك... لا تمل عن التحديق فيها. تغيرها بين سيجارة واخرى.. اذا اردت!!
صرت قطعة ملازمة للمقهى. اذا غبت يفتقدك جميع رواده. رغم انك انت منسي .. ولا يذكرك احد اطلاقًا. يعرفونك كشيء يجلس في تلك الزاوية يناجي صمته ويلاعب سجائرة. اما غير ذلك فصمت مطبق.
في البدء كانت الكلمة
لم تكن الاحاديث التي تسمعها تجلب اهتمامك. وما اكثر ما سمعت. كنت تنتظر كلمة ما، لا تعرف ما هي تمامًا،ولكنك متأكد ان هذه الكلمة هي المنطلق الى حل ما انت فيه، غير ان الانتظار يطول ولا تبدو له نهاية.
لماذا لا تفعل شيئًا؟
يهزك غضبك هزًا عنيفًا.. فتشعر بألم داخلي عميق، ربما ما تعانيه كابوسًا؟ حلما مزعجا؟ شطحة مروعة؟ تتلمس الاشياء حولك بنظرات صامتة. وهل يطول الكابوس خمس سنين؟ هل يمتد الحلم الاف الساعات ؟ يجب ان ينتهي كل شيء. لو كنت أقدر قليلاً لهانت عليك اكثر المصاعب. ولكنك عاجز ومنسي! انت تفهم جيدًا الآن انضمام اولادك للمقاومة...
كأنك تبرر موت جميلة؟.
ابدًا، كانت احب اولادك الى نفسك.
قتلت لانها فدائية.
وانت يقتلك الضياع والتشرد والنسيان.. وبيتك هدموه.
تهتز عاطفتك احيانًا فتعتريك حمية غريبة.. ان تفعل اشياء، وان تقول اشياء... اياك يا شيخ والعاطفة. ماذا تستطيع ان تفعل امام الرصاص سوى الخوف لا غير؟
اجل! هل تعرف ما هو الخوف؟ انه الترقب، ولا خوف اعنف من الترقب . انتظار اللحظة. توقع الشيء. ترقب المجهول. ان الخوف كما خبرته مرادف للقلق. مضى العمر في ترقب الآتي الذي جاء دائمًا بنقيضه، فلماذا تكثر اذن على نفسك تناقضاتها؟ دع الامور تسير كما هي. فما انت الا بقايا روح.. نسي منسي.
كيف صرت منسيًا؟
عودة الى الاشياء المجردة. اتراك لا تكف عن البحث والتنقيب في آلامك؟ اتجد متعة في صلب نفسك ودقها بالمسامير؟ لماذا لا تحاول الابتعاد؟
الابتعاد؟ يا للسخرية! وهل بقي لك شيء غير الماضي تعيش على ذكراه؟ حتى لو كانت ذكرى أليمه؟ فما الذي بقى لك غير الموت؟ الموت اولى بك لولا بقايا روح!
هل تبقى هكذا مجمدًا؟
عل مهلك يا شيخ! لماذا تستفزك العاطفة؟ جرى الاتفاق ان تتمالك عواطفك. العاطفة افيون شرقي. هل باستطاعتكم ان ترتكبوا ضدهم نصف ما ارتكبوه ضدكم؟
كنت تود الاسترسال في بحث يراود فكرك. ولكن خيل اليك انك سمعت شيئًا. هل هل الكلمة المنتظرة؟ ربما! استحوذت عليك حاسة السمع. حتى حاسة النظر اصبحت تابعًا لحاسة السمع. وانفاسك تقطعت بشكل اصبحت تبدو للملاحظ كمؤثرات هوائية لملء الفراغ بين كلمات المذيع وجمله. لم تكن متأكدًا مما سمعت. تسارعت دقات قلبك وازدادت يداك ارتعاشًا. كل علامات التأثر الداخلي تشير الى ان العقل الباطني استوعب الموقف وابعاده. ولكنك لم تنتظر ان يكون لقاؤك باحد اولادك على هذه الصورة. كيف القى القبض عليه؟ واي واحد هو؟ جميل، عباس ام خضر؟... او لعله احد احفادك.. صباح او يوسف؟.. اما الباقون فلا يزالون صغارًا على هذه الاشياء.. او هكذا عهدتهم. اعتراك شعور من الراحة. ستعرف مصير اولادك وترتاح. ولكنك ستفقد ابنًا أو حفيدًا! تمنيت ان يكون ما تصورت غير صحيح. ربما لم تسمع جيدًا كلمات المذيع؟
ما العمل الآن؟ ها...
واليكم نشرة الاخبار بالتفصيل..
حسنًا. قد يكون في ذلك شيء يشفي غليلك.
القت دورية من دوريات جيش الدفاع... القبض على ثلاثة مخربين، تسللوا مساء امس.
تسللوا؟ عندما تذهب للنوم في خرائب بيتك، هل يسمى ذلك تسللاً وتستحق عليه السجن او الموت؟ اذن الى اين تذهب؟ الى اين؟!
كدت ان تصرخ بذلك لولا بقية من اعصاب. انت مركب من بقايا بشرية. نعم.. الآن تأكدت انه احد ابنائك. سمعت بوضوح واستوعبت الصورة بكل هدوء واستسلام. لا! لم يعد للاستسلام مكان.
تخاف الموت. اهي العاطفة؟ لتكن! لاول مرة تشحذك المآسي بقوة فولاذية. لاول مرة تشعر بعمق روحك وعنفوانها. لاول مرة يتحرك الجمود من تعابيرك الانسانية. لاول مرة منذ خمس سنين تفتح عينيك واذنيك جيدًا. يجب ان تراه. ان تقبله. ان تطمئن على المنتظرين.. تريد ان تشم رائحة اولادك.. الآن تشعر بانه اصبحت لك قيمة. لم تعد مهملاً. ولن تبقى نسيًا منسيًا!!
لترعد في الجو اصوات القنابل، ولتشعل الحرائق في كل مكان. انت في آخر عمرك ولكن بقي لك شيء تعلمه. عندما انتصبت واقفًا شعرت بنشاط غريب يدب في ساقيك. لم تكن ترى شيئًا امامك. كانت الدموع تحجب سبيلك للرؤية. ولكنك تعرف الطريق بالتجربة، تعرفها بالممارسة. تقدمت مندفعًا. دموعك تنهمر بغزارة وتصميم. وجسدك يرتعش من البكاء والغضب. انفجرت وانتهى الامر. وعندما بلغت منتصف شارعٍ الاسفلت هز سمعك صوت فرامل سيارة مسرعة زعقت بوحشية. وبعدها صرت نسبيًا منسيًا.
( الناصرة - 1971)
( رغم الزمن ، مازال واقعنا يراوح مكانه .. أو ما دون ذلك)
نبيل عودة- كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com