سيرة شاعر يدعو إلى نظام شعريّ، جديد
أصدرت هذه الأيّام، دار إيماجين ذات الأبعاد، باردو، كتاب " ي / ر : من أجل نظام شعريّ، جديد"، في تأليف للفرنسيّة إيلاّ فرانس ، تروي فيه، على امتداد 128 صفحة ، بلغتها الشّعريّة الموحية سيرة الشّاعر يوسف رزوقة من ألفها إلى ما تيسّر من يائها ( على اعتبار أنّ الشّاعر، موضوع هذه السّيرة، لا يزال على قيد الحياة ولمّا يبلغ ياء العمر بعد).
جاء الكتاب في أحد عشر فصلا تمّ تبويبها كالتّالي:- ثالثة الأثافي أو التثليث البندوليّ : يوسف رزوقة شاعر ما بين القرنين- إعادة تكوين العناصر أو القماشة: أشكالها وألوانها
- سحب أوّل للعناصر: تعريف بالمكوّنات الأساسيّة ( الضّفاف والزّوايا الأربع)
- سحب ثان حسب الألوان: القمر المخرّم، المخيال، الحكاية، الطفل والشاعر، الأزرق المهيمن. - سحب ثالث: عناصر متجاورة، ألوان وأشكال متنامية: الأخضر، الأحمر، الأبيض، الدّائرة، الأفق وخيط العنكبوت.- تجميع العناصر: من الدّاخل نحو الخارج، زوايا نظر.- متغيّرات الانزياح: شاعر ما بين القطبين شرق / غرب
- أهداف وأصداء : سبر السّريرة، الخارجانيّة، القرب والعدول
- مراتب العظمة وموجات الصدمات
- لقاء بآدم: مركز التوزيع بين القرون والمياه
- سحب استثنائيّ: ألف قطعة وقطعة لإيقاع جديد، ضفاف إيقاع شرق / غرب وانحرافاتها
في هذا الكتاب، حاولت المؤلفة أن تلمّ بأهمّ محطّات الشاعر رزوقة، سيرة ونصّا، انطلاقا من بيئته الرّيفيّة حيث عاش طفولته بقريته زردة، مرورا بأكثر من مدينة كقصور السّاف وجوهرة الساحل سوسة حيث زاول دراسته فيهما وانتهاء بتونس العاصمة حيث استقرّبه المقام منذ ثمانينات القرن الفائت: حياة ووظيفة.لكنّ أهمّ ما في الكتاب، التقاط المؤلّفة للنقاط المضيئة في مسيرة رزوقة الشّعريّة دون أن تغفل جوانب طريفة من حياته ساهمت لاحقا في بلورة ملامحه الخاصّة كشاعر يدعو إلى "نظام شعريّ، جديد".
اللّغة في حالة حلم
هذا الكتاب قدّمته أود ريشو ديانو، أستاذة الأدب الإسبانيّ بجامعة لافالي دي مارن بفرنسا والتي سبق لها أن أصدرت كتاب " شعر يوسف رزوقة أو البحث عن الرّابط الأصيل" ، يضمّ قراءات نقدّية في مجموعاته الشعريّة الخمس، المكتوبة بالفرنسيّة.
وممّا جاء في مقدّمة ديانو قولها "كان على هذا الطفل الشاعر، قبل أن يعيد تشكيل كلّ شيء، أن يفكّ شفرة كلّ شيء ، انطلاقا من حلّ العقدة التي يتمّثلها في كلّ قصائده تقريبا. فالعقدة لديه هي مفتاح عالمه الشعري وتتجلى العقدة الإشكالية هنا كصورة وكصوت فهو يلعب ويشفّر العالم من جديد من داخل اللغة الفرنسية . فالعالم بالنسبة إليه معقّد، رتيب وكئيب وبالتالي فإن أنا الشاعر تمحو خارطة العالم لتقترح الخارطة البديل."
لتضيف : في غمرة اختلاط الأسئلة ، ينجم سؤال الهويّة عبر ثنائية " نحن والآخر" ليبحث فيها الشاعر على طريقته بإلغاء الحاجز: واو العطف لتصبح" نحن الآخر" أي أنّ نحن تساوي الآخر.
إن عقدة الهويّة تجعل قصيدة يوسف رزوقة تدور حول ذاتها وصوته يتماهى مع السؤال اللانهائي للأنا الدائرة ولم يقف ولع الشاعر بالجانب المضمونيّ فحسب بل اعتنى بالبعد الشكل في سؤاله الشعري حيث تلتقي الكلمات مع الموسيقى ومع الألوان تلتقي كلها باتجاه أفق جديد وممكن للحلم حسب القاعدة السحرية الرزوقية على حدّ تعبير ديانو.
وبالتالي فإن أنا المتكلم، حسب الناقدة، مطالبة بفضح العلائق المستعارة الراهنة عبر تشكيل نظام جديد يجمع فيه الكائنات والأشياء هو عالم شعريّ له قابلية الوقوف بشراسة وجها لوجه مع العدم كما تجلّى ذلك في قصيدته " الأوبرا غير المكتملة" حيث آلى الشاعر على نفسه أن " يجعل النجوم خارج الإطار وأن يخلّ بتوازن العالم" حتى يهب حبيبته الروسية أولغا وهما يتجوّلان بين مئات اللوحات في الأرميتاج في بطرسبورغ لوحة مختلفة وفق رؤيته الشعرية الفائقة.
وتشير ديانو في ختام مقدّمتها إلى أنّ هذا الخلق المتجدّد للروابط الجديدة من أجل عالم آخر ينبغي أن يمرّ عبر مقتضيات كتابة مختلفة وهذا ما تحقّق لدى يوسف رزوقة من خلال تقنيتي الإحداث والعدول ومن خلال تحرره من قيود القديم كما تجلى ذلك في ديوان " حديقة فرنسا" حيث تحرر من ربقة الإيقاع المتوارث أو في ديوان " ابن العنكبوت" حيث سوّغ أكثر من كلمة منحوتة جديدة.
في شعر يوسف رزوقة، تقول الناقدة ديانو، حلم عبر الكلمات ، فهو يلتقي مع طرح جيرار جينات الذي يرى " اللغة في حالة حلم".
ويبدو أن اللغة الفرنسية جامدة جدا، في رأي ديانو فلم يتحقق عبرها ما به يحلم شاعر ولهذا يعمد رزوقة إلى المبادرة بالمغامرة لتحقيق إمكانات قول أخرى، غير مستعملة.
- الكتاب: ي / ر، من أجل نظام شعريّ، جديد، تأليف إيلاّ فرانس، دار إيماجين ذات الأبعاد، باردو، 2007
أصدرت هذه الأيّام، دار إيماجين ذات الأبعاد، باردو، كتاب " ي / ر : من أجل نظام شعريّ، جديد"، في تأليف للفرنسيّة إيلاّ فرانس ، تروي فيه، على امتداد 128 صفحة ، بلغتها الشّعريّة الموحية سيرة الشّاعر يوسف رزوقة من ألفها إلى ما تيسّر من يائها ( على اعتبار أنّ الشّاعر، موضوع هذه السّيرة، لا يزال على قيد الحياة ولمّا يبلغ ياء العمر بعد).
جاء الكتاب في أحد عشر فصلا تمّ تبويبها كالتّالي:- ثالثة الأثافي أو التثليث البندوليّ : يوسف رزوقة شاعر ما بين القرنين- إعادة تكوين العناصر أو القماشة: أشكالها وألوانها
- سحب أوّل للعناصر: تعريف بالمكوّنات الأساسيّة ( الضّفاف والزّوايا الأربع)
- سحب ثان حسب الألوان: القمر المخرّم، المخيال، الحكاية، الطفل والشاعر، الأزرق المهيمن. - سحب ثالث: عناصر متجاورة، ألوان وأشكال متنامية: الأخضر، الأحمر، الأبيض، الدّائرة، الأفق وخيط العنكبوت.- تجميع العناصر: من الدّاخل نحو الخارج، زوايا نظر.- متغيّرات الانزياح: شاعر ما بين القطبين شرق / غرب
- أهداف وأصداء : سبر السّريرة، الخارجانيّة، القرب والعدول
- مراتب العظمة وموجات الصدمات
- لقاء بآدم: مركز التوزيع بين القرون والمياه
- سحب استثنائيّ: ألف قطعة وقطعة لإيقاع جديد، ضفاف إيقاع شرق / غرب وانحرافاتها
في هذا الكتاب، حاولت المؤلفة أن تلمّ بأهمّ محطّات الشاعر رزوقة، سيرة ونصّا، انطلاقا من بيئته الرّيفيّة حيث عاش طفولته بقريته زردة، مرورا بأكثر من مدينة كقصور السّاف وجوهرة الساحل سوسة حيث زاول دراسته فيهما وانتهاء بتونس العاصمة حيث استقرّبه المقام منذ ثمانينات القرن الفائت: حياة ووظيفة.لكنّ أهمّ ما في الكتاب، التقاط المؤلّفة للنقاط المضيئة في مسيرة رزوقة الشّعريّة دون أن تغفل جوانب طريفة من حياته ساهمت لاحقا في بلورة ملامحه الخاصّة كشاعر يدعو إلى "نظام شعريّ، جديد".
اللّغة في حالة حلم
هذا الكتاب قدّمته أود ريشو ديانو، أستاذة الأدب الإسبانيّ بجامعة لافالي دي مارن بفرنسا والتي سبق لها أن أصدرت كتاب " شعر يوسف رزوقة أو البحث عن الرّابط الأصيل" ، يضمّ قراءات نقدّية في مجموعاته الشعريّة الخمس، المكتوبة بالفرنسيّة.
وممّا جاء في مقدّمة ديانو قولها "كان على هذا الطفل الشاعر، قبل أن يعيد تشكيل كلّ شيء، أن يفكّ شفرة كلّ شيء ، انطلاقا من حلّ العقدة التي يتمّثلها في كلّ قصائده تقريبا. فالعقدة لديه هي مفتاح عالمه الشعري وتتجلى العقدة الإشكالية هنا كصورة وكصوت فهو يلعب ويشفّر العالم من جديد من داخل اللغة الفرنسية . فالعالم بالنسبة إليه معقّد، رتيب وكئيب وبالتالي فإن أنا الشاعر تمحو خارطة العالم لتقترح الخارطة البديل."
لتضيف : في غمرة اختلاط الأسئلة ، ينجم سؤال الهويّة عبر ثنائية " نحن والآخر" ليبحث فيها الشاعر على طريقته بإلغاء الحاجز: واو العطف لتصبح" نحن الآخر" أي أنّ نحن تساوي الآخر.
إن عقدة الهويّة تجعل قصيدة يوسف رزوقة تدور حول ذاتها وصوته يتماهى مع السؤال اللانهائي للأنا الدائرة ولم يقف ولع الشاعر بالجانب المضمونيّ فحسب بل اعتنى بالبعد الشكل في سؤاله الشعري حيث تلتقي الكلمات مع الموسيقى ومع الألوان تلتقي كلها باتجاه أفق جديد وممكن للحلم حسب القاعدة السحرية الرزوقية على حدّ تعبير ديانو.
وبالتالي فإن أنا المتكلم، حسب الناقدة، مطالبة بفضح العلائق المستعارة الراهنة عبر تشكيل نظام جديد يجمع فيه الكائنات والأشياء هو عالم شعريّ له قابلية الوقوف بشراسة وجها لوجه مع العدم كما تجلّى ذلك في قصيدته " الأوبرا غير المكتملة" حيث آلى الشاعر على نفسه أن " يجعل النجوم خارج الإطار وأن يخلّ بتوازن العالم" حتى يهب حبيبته الروسية أولغا وهما يتجوّلان بين مئات اللوحات في الأرميتاج في بطرسبورغ لوحة مختلفة وفق رؤيته الشعرية الفائقة.
وتشير ديانو في ختام مقدّمتها إلى أنّ هذا الخلق المتجدّد للروابط الجديدة من أجل عالم آخر ينبغي أن يمرّ عبر مقتضيات كتابة مختلفة وهذا ما تحقّق لدى يوسف رزوقة من خلال تقنيتي الإحداث والعدول ومن خلال تحرره من قيود القديم كما تجلى ذلك في ديوان " حديقة فرنسا" حيث تحرر من ربقة الإيقاع المتوارث أو في ديوان " ابن العنكبوت" حيث سوّغ أكثر من كلمة منحوتة جديدة.
في شعر يوسف رزوقة، تقول الناقدة ديانو، حلم عبر الكلمات ، فهو يلتقي مع طرح جيرار جينات الذي يرى " اللغة في حالة حلم".
ويبدو أن اللغة الفرنسية جامدة جدا، في رأي ديانو فلم يتحقق عبرها ما به يحلم شاعر ولهذا يعمد رزوقة إلى المبادرة بالمغامرة لتحقيق إمكانات قول أخرى، غير مستعملة.
- الكتاب: ي / ر، من أجل نظام شعريّ، جديد، تأليف إيلاّ فرانس، دار إيماجين ذات الأبعاد، باردو، 2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق