حسن عبدالرزاق
عاند النهر لمدة اربع ساعات ، وعند انتصاف النهار نال منه سمكة تكفي لثمانية افواه.خلصها من السنارة بمهارة متواضعة ، ورماها في سلته المصنوعة من خوص النخيل ، وتركها تنط وتنط وتنط ، لعل النهر يراها ويعيدها اليه.
قال الرجل :- هذا يكفي.
ثم اوعز لجسده السبعيني بالنهوض من جلسة استغرقت نصف نهار.
استجاب جسده بالكاد ، وبالكاد تخلص عموده الفقري من التقوس ، وحين استقام واقفا ، تحولت الظهيرة الحزيرانية الى ظلام واسع فيه صفير خفيف يزعج الاذنين.
في خضم ذلك الظلام غاب عن عينيه كل الوجود وغاب هو عن الوجود ، في حين ظل الشاطيء وحده يسمع صوت قفزات متواصلة لسمكة يائسة حبست بالسلة ، وصوت ساقين هزيلين وهما يرفسان ماء النهر بوهن .
اما النهر الذي سقط في جرفه فلم يتردد عن سحب جسده ببطء نحو احدى الحفر ، لكي يقدمه فيما بعد وليمة لاسماكه الجائعة ، مستغلا فرصة انخفاض ضغط الدم لراس هذا الرجل المتقاعد، الذي سببه التعرق الغزير.
دروب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق