الثلاثاء، يونيو 12، 2007

صباحكم أجمل \ عودة الحشاشين


زياد جيوسي

صباحكم أجمل ...!!! كيف لي في هذا الصباح أن أقول صباحكم أجمل؟؟ كيف يكون صباح أجمل وحلم أجمل ووطن نتمنى أن يكون أجمل، والدماء شلال يسير في شوارع غزة ؟؟ كيف يمكن أن يكون حلمنا بصباح أجمل وجل ما نحلم به وقف نزيف الدم من شرياننا..
كتبت لي ابنة طيبة تقول: " أستاذي العزيز كيف حالك ؟ أتمنى من الله أن تكون بخير وبصحة جيدة منذ مدة أفتقدك أفتقد صباحاتك المعطرة بالأمل والحنان وصوت فيروز حيث باتت جزءا أساسيا في حياتي ... أحب هذا الأمل يا أبتِ وأشعر به كالنسيم العليل الذي يرافق الصبح بالأمس كان لي أن أشهد ولادة اليوم حيث أطل الفجر بأطيافه وألوانه الخلابة الآسرة كل لون يحكي حكاية ولكل حكاية ترنيمتها الهادئة الصاخبة بزقزقة العصافير ... تذكرت صباحاتك التي كانت ترافقني وأرافقها صباحاتك التي تعزف الأمل والبسمة من كبد الألم .... أتمنى أن يبقى الصباح الرفيق الجميل الذي يربطنا بشمس كلماتك وبوحك العذب الصافي ... سلامي لك يا أبتِ".
...فماذا أقول لك يا ابنتي !!! لقد قتلونا ودمروا مشروعنا الوطني ولم يكتفوا فتسللوا لأحلامنا، يقتلون ويدمرون ويخربون، عشرات الفتية يقتلون في ثورة جنون بين فصيلين كل له باعه الطويل في النضال والقتال ضد العدو، دماء أبناء الفصيلين تمازجت عشرات بل مئات المرات في مواجهة العدو الواحد المشترك، فما الذي يجري الآن ..ما الذي يجري ؟؟؟
جنون مطبق بل أقسى من الجنون، فهل صحا الحشاشون من رقادهم وعادوا إلينا مستبدلين الخناجر بالبنادق، والسيوف بالقذائف الصاروخية ؟؟؟ هل بعث الحسن بن الصباح من أواخر القرن الخامس الهجري، الذي كان زعيم طائفة الحشاشين، فعاد إلينا بلباس جديد وهندام جديد ؟؟ يقول التاريخ "تمكن قائدهم
حسن الصباح (ت 1124 م) من الاستيلاء على قلعة ألموت (جنوب غرب بحر قزوين، الخزر) والجبال المتاخمة لها. و منها بدأ في شن غاراته على شمال إيران و دولة السلاجقة بالخصوص. بعدما أن تملك أتباعه، و ابتداءا من سنة 1092 م بدأ حسن الصباح في شن حملات انتحارية. كان هدف هذه العمليات اغتيال كل من كان يبدي معارضة لمذهب هذه الطائفة. تميز أتباع هذه الطائفة بالحذر الشديد والعزلة التامة، ومنذ القرن الـ12 م بدأوا في شن حملات منظمة لاغتيال القادة المسلمين، كان ذلك يتم بالتنسيق مع الصليبيين أحيانا، وعرف قائد هذه الطائفة في المنطقة باسم "شيخ الجبل"، ويعزوا البعض الجرأة التي يتمتع بها النزاريون إلى تناولهم لمادة الحشيش، إلا أن هذا لم يكن حالهم دائماً، وفي عام 1256 م قام هولاكو بالقضاء على فرعهم في فارس و قلعة الموت، وقام قائد المماليك الظاهر بيبرس بعدها سنة 1270 م بدحر آخر معاقلهم في الشام."
وها نحن نرى قادة تملكوا أتباعهم ويشنون الغارات على مواقع خصومهم، ويستولون على الأبراج ومنها يطلقون قذائف الموت فتحولت الأبراج السكنية الآمنة إلى قلاع للموت، ويغتالون كل من يخالفهم الرأي، ويغتالون القادة الفلسطينيون ويستشري المخدر بينهم والحشيش، فقد شهد قطاع غزة عمليات ضخمة لتهريب المخدرات، فأن لم يكن لاستهلاك الأتباع وتخديرهم فلمن يكون ؟؟ ولا يخفى أن هناك تقاطعا مع الاحتلال في الأهداف، وجيش هولاكو الصهيوني لم يتوقف عن رمي الحمم وتنفيذ الهجمات والاغتيالات في صفوف الطرفين، ولكن السلاح لا يظهر والقذائف الصاروخية إلا في معاركهم مع بعضهم، وفي النهاية سيقضي هولاكو الصهيوني على الجميع، فهل ننتظر بيبرس آخر ليقضي عليهم، فتكون نهاية الحلم الذي حلمنا والوطن الذي نحلم به ؟؟
هل هناك من يمكنه أن يقنعني أن من يرمي شابا حيا من فوق برج، وهو مكتوف الأيدي أمام الشهود العيان هو ليس بالمُخدَر؟؟ وهل من يستطيع أن يقنعني أن من يطلق النار بهذه الشراسة على فلسطيني بغض النظر عن انتماءه السياسي ليس متعاطيا للحشيش ؟؟..وهل من يقنعني أن من يطلق القذائف على مقر رئيس السلطة ومقر رئيس الحكومة وبيته، وهم رموز السلطة الشرعية أنه بوعيه ؟؟ وهل هناك من يقنعني أن المواقع الوطنية التي يعلن عن السيطرة عليها، ليست معسكرات صهيونية أو مستوطنات ؟؟
حين أستمع للبلاغات أكذب نفسي وسمعي وبصري والتلفاز والفضائيات والمذيع، وأهتف بقوة..ها هي الجحافل تحرر الوطن وتكتسح معسكرات ومستعمرات الصهاينة، فها هم الشباب المقنعون بالأقنعة السوداء فلم نعد نعرف هذا من ذاك، يحملون السلاح وينطلقون "بشجاعة" قل نظيرها محررين الأرض والمعسكرات والمباني، يعلنون مناطق أنها مغلقة ويحرقون مواقع وبنايات، ومحطات إذاعة وتلفزة وجامعات، ويدمرون مستقبل طلبة في امتحانات الثانوية العامة، ولكن لا بأس فهذه ضريبة معركة التحرير التي يخوضونها، وها هي قلاع بني صهيون تدك بقذائف الشباب المغاوير، ومعسكراتهم وبناياتهم تلتهمها النيران والقتلى بالعشرات...
فماذا أقول لك يا ابنتي ؟؟ أصحو من خيالي على الواقع والألم الذي يجتاحنا، فقد عاد الحشاشون برداء معاصر، أصحو من نومي على حلم أن يكون القتال قد توقف وسادت لغة العقل، أقف لنافذتي والأم يعتصرني فالفجر غير الفجر الذي اعتدته وعشقته، أتابع نشرات الأخبار فما زال الحال كما هو، معركة كسر عظم بين أبناء الدم الواحد، معركة المنتصر فيها مهزوم وملعون، فيا الله إنا براء من كل من يطلق طلقة واحدة على صدر أخيه، ولتلعنه الدماء التي سالت ودماء الشهداء الذين سقطوا في قتال العدو، ولتلعنه أشجار الزيتون وسنابل القمح، ولتلعنه صرخات الأمهات الثكلى بأبنائهن الذين يسقطون على مذبح الجنون.
أخرج من صومعتي وقلبي كسير وذهني مشتت، أجول في بعض من شوارع المدينة الحزينة، نسمات باردة وغيوم بدأت تنقشع من سماء المدينة، ترى هل ستنقشع غيوم الرعد والموت والدمار من سماء الوطن، أحضر صحيفة الصباح معي، أشرب كوبا من الشاي متابعا نشرات الأخبار والجنون، أستمع لفيروز تغني:

بعدنا من يقصد الكروم
من يملأ السلال
من يقطف الدوالي
هل تنزل النجوم على التلال..

نعم فمن سيبقى ليقصد الكروم بعد هذا الجنون المطبق، بعد هذا "التسانومي" الوطني الذي تخجل منه الكروم والسلال والتلال...
ومع هذا ما زال عندي أمل، ما زال عندي حلم، فها هي الشمس قد أشرقت في السماء، فلعل الشمس تشرق يوما على وطني بلا أعداء ولا طوائف ولا حشاشين.
صباحكم أجمل

رام الله المحتلة

ليست هناك تعليقات: