الأحد، مايو 31، 2009

محمد عز الدين التازي في ضيافة مختبر السرديات: أكتب.. كما يحفر النهر مجراه




خلال يوم كامل، وبمشاركة أربعة عشر ناقدا مغربيا، انعقدت ندوة ( اللغة والمجتمع وغياب اليقين في روايات محمد عز الدين التازي ) يوم الجمعة 29 مايو 2009 برحاب كلية الآداب بنمسيك بالدارالبيضاء ، جامعة الحسن الثاني المحمدية ، في ضيافة مختبر السرديات الذي دأب على الاحتفاء بالثقافة المغربية والعربية في لقاءات علمية. وقد عرفت الجلسة الافتتاحية كلمة شعيب حليفي التي سجل فيها المقاصد الكبرى من هذه الندوة وأهمية الروائي المغربي التازي في المشهد الثقافي. كما تحدث محمد عز الدين التازي عن بعض الملامح والآفاق في مسار الكتابة عنده .

· جماليات التجريب والتخييل

انطلقت الجلسة الأولى والتي ترأس أشغالها جواد بنيس ، بمداخلة عبد الفتاح الحجمري(روايات التازي : كتابة منذورة للبقاء ) حيث تحدث بتفصبل عن حياة محمد عز الدين التازي الثقافية ومسيرته الابداعية متوقفا عند أهم المحطات الابداعية بدءا من أول رواية "أبراج المدينة" إلى "أبنية الفراغ" وقد عمل وهو يرصد نصوص التجربة إلى توصيفها جماليا ودلاليا وأيديولوجيا. مع تركيزه على خصوصياتها الموضوعاتية والفنية قياسا إلى تجارب مغربية مناظرة..

وفي مداخلة بعنوان ( الواقعي والتخييلي في رواية أبراج المدينة ) تدخل محمد بطل متحدثاعن القوة الإنجازية للرواية وهي تُحرض خيال المتلقي. وقد أطر الباحث ورقته بتناول محاور منها شبق الكتابة وتمفصل الحكي عن الخطاب ، لينتقل إلى مقاربة تمفصل الدلالة الرمزية للمدينة وأبراجها ،التماهي السخري من الواقع ، وصولا إلى البحث في الاوضاع الخطابية من ترهينات ولغات، خاتما تحليله بالتوقف عند التخيييلية باعتبارها بُعدا جماليا في رواية أبراج المدينة.

أما مداخلة عبد الرحيم جيران فكانت بعنوان"البلاغي الأسطوري في (زهرة الآس) أو تقابل العوالم" وقد انصبت على معالجة العلاقة بين الأسطوري والكتابة الروائية. وقد تطرق الباحث في البداية إلى العلاقة الماثلة بين الأسطورة والبلاغة، وضبط اشتراكهما معا تجسيم العالم انطلاقا من التنافر بوصفه مظهرا دالا على بنية تستقطب عبر التوسط أشكال الكتابة في رواية زهرة الأس. ثم انتقل بعد ذلك فحص هذا التوسط في الرواية، حيث بين الحدود التي يتحرك ضمنها. وهكذا عمل الباحث على مقاربة توسط الأسطوري الكتابة الروائية والتاريخ في علاقتهما بالموضوع الروائي "فاس"، بما يعنيه ذلك من ضبط المبدإ الكلي الذي يتخفى بوصفه منطلقا وتوقا وراء الصياغة السردية للرواية، هذا فضلا عن ضبط الانبثاق السردي في ارتباطه بأسلوب الورطة، وتجسيمه الأسطوري في بناء التقابل البلاغي، مع ما يقتضيه ذلك من ضرورة خلق تجسير بين هذا التقابل متطلبات الرواية بوصفها جنسا أدبيا له شروطه الخاصة، الشيء الذي أفضى إلى ضرورة تبين تدخل العجيب في بناء التعالق بين الأسطورى وممكن الرواية.

رشيد الإدريسي في ورقة نقدية بعنوان ( انعدام الحقيقة وهشاشة الكائن: مفاتيح لفهم المنطق الحكائي لدى عز الدين التازي) اعتبر المدونة السردية للكاتب من أكثر المدونات ارتيادا للتجريب، ونتيجة لهذه الخاصية التي تطبع أغلب إبداعاته، يجد القارئ نفسه إزاء عوالم حكائية غير مألوفة لديه. وهذا ما ينطبق على رواياتي "مهاوي الحلم" و"ضحكة زرقاء"، ففيهما معا تتجلى كل خصائص تصور الكاتب للإبداع وطريقة صوغ الأفكار والعوالم التي يريد تبليغها للقارئ. ويعتبر المحور النصي المتمثل في انعدام الحقيقة وهشاشة الكائن، من أكثر المفاتيح قدرة على سبر أغوار هذين الروايتين، والتي يعتبر الغموض أحد مكوناتها وثوابتها الأساسية، مما يستدعي الرفع من درجة مشاركة القارئ التأويلية، وعدم الاكتفاء بالتفسير الحرفي التاريخي الذي يجب البناء عليه لإنجاز تأويلات عميقة تتوافق مع طبيعة هذا النوع من الإبداع.

أما مداخلة عبد الإله رابحي الموسومة ب" التخييل الليلي في رواية الخفافيش " فقد انطلق فيها من توصيف ثنائية الظلمة والنور في الرواية بكل ملحقاتها أو سيماتها التي يعجز منطق الترادف على الإحاطة بها ، وذلك عبر اقتران الكتابة الإبداعية بالحلم كسياق ليلي تتجلى من خلاله الثنائية الأصل :الواقعي والمحتمل التي تجعل من الكتابة سؤالا مؤرقا، ثم انتقل إلى توضيح كيف أن الكتابة تتأرجح بين العالمين:عالم الظلمة -الحلم- وعالم النور- الواقع- ،عالم "الحاجة لالة زهور "كعالم يعج بالأشباح ،كتخييل ليلي يعجز حرفيو الكتابة إدراك أسراره ، وعالم "كنزة" الغارق في تفاصيل اليومي العابر. ومؤكدا أن حيرة الكتابة بين العالمين تفسح المجال للقارئ لكي يرتق خيوط الحكاية الليلية المتناثرة، ويكمل سيرة الحاجة وسيرة الكتابة بما تراكم لديه من متخيل ليلي، وهو المتخيل الذي ينقل الوقائع من التاريخي إلى الروحي، موضحا أن هذا الانتقال مناظر لما عبر عنه ريكور بالانتقال من العبودية إلى الحرية أي إلى حالة الخلاص.

وحول ( لعبة الحكي وتراجيديا التحول في رواية مغارات) قارب عبد الغاني عارف النص الروائي من خلال أربعة محاور وهي أولا : المكان باعتباره موضوعة في الرواية وبؤرة تستقطب إلى مركزها مجموع وقائع الرواية.ثانيا: لعبة الحكي ضمن اختيار سردي ينزع نحو التجريب وعبر لعبة حكي تتعالى عن الواقع بالإيهام الفني .ثالثا : شخصيات الرواية المحكومة بمواجهة أقدار عابثة رغم وعيها الحاد المشرئب إلى واقع خارج الانهيار.رابعا اللغة وماهية الكتابة ، والأبعاد الترميزية التي تفتح للتأويل منافذ جديدة وتفصح مرآويا عن عنف التحول المتحقق في طنجة المدينة وفي الشخصيات .

· اللغة ، المجتمع ، غياب اليقين
في الجلسة الزوالية التي نسق أشغالها عبد اللطيف محفوظ ، تدخل بوشعيب الساوري في موضوع ( ترميم الذات والمكان في رواية امرأة الماء ) من خلال محورين اثنين .الأول بخصوص السفر في الذات والمكان حيث تتأسس روائية الرواية بغية القبض على العطب ، وكذلك الكشف عن التحولات انطلاقا من الحوار بين الماضي والحاضر . المحور الثاني حول التنويع السردي انطلاقا من سرد تفقد المكان والتذكر والاسترجاع ، ثم الرسائل وشطحات الحلم .

أما مداخلة سلمى براهمة فقد كانت بعنوان "من تصدع البناء إلى تصدق الأسطورة"، حيث حاولت أن تكشف من خلالها أن تصدع البناء وتشظيه كان له دور دلالي قوي تمثل في إسقاط الأسطورة اليهودية. لذلك وقفت الباحثة عند الحكاية الأساسية في الرواية، والتي تتصل بالهيلولة (احتفال ديني سنوي لليهود المغاربة) حيث توقفت عند كشف الخطاب الروائي لكل الأقنعة عن الخطاب الديني..

وقد انتهت الباحثة إلى تأكيد أن رواية " فوق القبور تحت القمر" ذات بعد أطروحي وبعد جمالي أيضا. الشيء الذي جعلها تكتسب تميزا وتفردا على مستوى المحتوى وطرائق السرد.

ثم تدخل جمال بندحمان بموضوع( مدارج اللغة وحكي القيامة الدنيوية: دراسة في رواية " خفق أجنحة" )وانطلق من التساؤل عما يميز لغة الحكي عن غيرها؟ وهل يتحكم مضمون الخطاب الحكائي في نوع لغته؟ و ما الذي يفعله القارئ أمام خطاب متشعب اللغة ؟ أي علاقة بين مقاصد الخطاب والمبدع والمتلقي؟ وهل تتمرد اللغة على مستعملها؟ وما مسوغ الجمع بين لغات داخل اللغة وبين حكايات داخل الحكاية؟ وهل يكفي رصد المعجم لتعليل أنماط الحكي وتموجاته؟ أي دور تلعبه التراكيب في بلورة الموقف المفترض للقوى الفاعلة؟ وما الدلالات التي تقدمها لنا اختيارات الأسماء والأماكن؟ وإلى أي حد تتراجع اعتباطيتها لتصبح اختيارات مقصودة؟ كيف نبلور خطابا عن الحكي من خلال اعتماد الأفعال الكلامية وصيغ السؤال المفتوح؟

انطلاقا من هذه الأسئلة، وغيرها، قارب الباحث رواية خفق أجنحة استنادا إلى مقاربة تعتبر أن للغة سلطتها في بعض المقامات الحكائية التي تتوسل بها لتبليغ مضامين ذات التباس دلالي كبير، يقود إلى جعل تشاكلاتها الدلالية أكثر إيغالا في جعل التعايش ممكنا بين المتناقضات، وفق تصور يعيد صياغة الإشكالات الفكرية والمجتمعية والتاريخية، ويضعها في مأزق يكسر ثوابتها،ويجعل اليقينيات أكثر عرضة للتشكي..

أما محمد خفيفي فقد كانت مداخلته بعنوان "تعدد الأصوات وانهيار القيم في رواية حكاية غراب" وقد استهل المداخلة بالكشف عن النصوص الغائبة التي قد تفرض ذاتها على المتلقين تبعا لقدراتهم الإدراكية، لينتقل إلى وصف خصوصيات الغراب في الرواية، حيث لاحظ أنه ملتبس مختلف عما تقدمه المعاجم عن هذا الطائر العجيب والغريب الذي يتبدى جراء ذلك ممتلكا لصفات تجعله متعدد الهوية.. وهو متعدد بتعدد المواقف والوضعيات التي تتأرجح بين حضور واقعي وآخر رمزي يؤشر على شيء آخر تراهن الرواية على فطنة القارئ لتوصيفه وفك طلاسيمه. كما لاحظ أن الرواية تتجاوز البناء التركيبي التقليدي، وتعتمد تقنية تعدد الأصوات التي تساعد على تشخيص أنواع الوعي الإيديولوجي..

وانتهى الباحث إلى أن الرواية تحقق التناغم بين الذات وأفعالها، فهي انطوائية منعزلة تفكر كثيرا في الموت لكن عزاءها الكبير في توهج الحكاية وقدرتها على هزمه.

في الجلسة الرابعة والختامية خلال هذه الندوة والتي نسق أشغالها شعيب حليفي تدخل شريشي لمعاشي بورقة نقدية حول رواية المباءة (الرواية واللايقين ..يقين الجنون ) معتبرا أن هذه الرواية هي سرد يولد من متاهة اللايقين وتتشكل من مفصلين كبيرين ، الأول تخييلي والثاني شبه واقعي ، وعبرهما سيتوقف الباحث عند عدد من القضايا المحركة للنص ، منها أبعاد الرموز ، لغة التصوف ، الجنون ، التفاوت بين عمق الوعي وعمق الإحساس .

أما إبراهيم أزوغ فقد قارب موضوع (صوغ المتناقضات والأوهام والمواقف في رواية بطن الحوت ) باحثا عن تيمة غياب اليقين المفضي إلى العجائبي باعتباره وسيلة تعبيرية لتصريف المواقف والرؤى حول المجتمع الصغير والكبير .كما توقف الباحث عند مستوى توظيف الرواية لتقنية السؤال في بناء النص ، أو صيغة البحث دون جواب.

وتدحل بعد ذلك المصطفى مويقن بموضوع "دم الوعول: بين المسخ والبوح" حيث عمل على مقاربة الرواية من خلال دلالة المسخ، وقد طال الشخصية المحورية "عبد الرحيم" الذي مسخ في هيئة قزم. موضحا أن هذا التحويل استدعى بوح كل الشخصيات ذات العلاقة بالذات موضوع المسخ، ومن ثمة تحول المسخ إلى ذريعة للبوح وتعرية الكائن، تبدى معه أن كل شخصيات الرواية تعاني المسخ..

وانتهى إلى تأكيد أن الرواية تعكس من خلال لغة متشظية انكسار الشخصيات المحطمة، كما تشخص المسخ الذي أصاب الواقع نفسه.

وكانت آخر مداخلة لعبد اللطيف محفوظ، تحت عنوان "بناء المعنى في رواية أبنية الفراغ" حيث عالج المعنى انطلاقا أولا من شكل توظيف اللغة الموسوم بالبساطة والشفافية في التعبير عن الموضوعات، وثانيا من خلال سجلات الكلام التي تتركب من ثلاثة مستويات، مستوى عام ومجرد يتصل بالموقف من العالم والقيم والأنساق المنظمة للسلوك الرمزي المتحكم في أشكال الفعل والتفكير فيه وتقييمه، ومستوى ثقافي اجتماعي يمس العلاقات الإنسانية، ومستوى ثالث يتصل بالفردي والخاص، ملاحظا أن بناء المعنى يقتضي أخد المستويات وعلاقاتها بعين الاعتبار، وثالثا من خلال مضمرات السرد والكتابة والتي حددها في مجموعة من الأدلة وصفها بالأيقونية، وهي العلاقة الفضائية بين الفصول والمحكيات الصغرى، والتي تعوض وتنوب عن العلاقات السببية، وعلاقة المسارات السردية بدلالات أسماء المتكلمين في الرواية، وعلاقة الحريقين الذين تنفتح الرواية على أحدهما بالبيضاء وتنتهي بثانيهما بطنجة بالدلالات الرمزية للحريق في الأنساق الرمزية

· المجرى والمسار

في نهاية اللقاء تحدث عز الدين التازي عن تجربته الروائية الممتدة في مساحات التخييل الروائي من خلال الورقة التالية :



" ما الذي يتغير في الإنسان وهو يغير جلدته كما تفعل الثعابين ، أو وهو يغير لسانه ليتكلم بلغة الوقت وبأصوات الآخرين ،أو وهو يغير ما كان يقوله لنفسه في سرائه وضرائه بقول آخر يتكيف فيه مع الآخرين ؟

من غير شك فإن الجوهري في ذات الإنسان يتغير بفعل تلك التغيرات، وحيث تتعرض الذات للتهتيك وفقدان مقوماتها كذات .

وإذا كان الإنسان روائيا ، فإنه يحتمي بالكتابة من فراغ المعنى ومن المسخ والتشيئ، ومن ابتذال القيم ، لأن ثمة ما يكمن أصيلا في ذات الكاتب ، يحميها من التزلف والزيف والنفاق .

الأسرار التي تحفل بها الحياة لا يحاول الكشف عنها شيء سوى الكتابة .

في الكتابة الروائية تتجدد علاقة الكائن بذاته وبمحيطة الاجتماعي ، وبنظرته للناس وللوقائع والتحولات .

هكذا يمكن أن يعلل الكاتب الروائي شرط وجوده بالكتابة الروائية قبل أن يعلله بأي تعليل آخر. وقد لا يفهم كثير من الناس معنى أن يربط إنسان ما حياته اليومية ولسنوات طويلة، تمتد إلى عقود من الزمن.. لعل المسألة في غاية البساطة ،فذلك الارتباط لم يتحقق طوعا أو قسرا ، وإنما جاء كما يحفر النهر مجراه .

في خصوبة عوالم الكتابة ، وتجددها واستمراريتها، ما يهيئ لجرأة خاصة على اقتحام الموضوعات التي تبدو محرمة ، أو تبدو وكأنها من قبيل المسكوت عنه ،وتلك الجرأة لا تتحقق إلا من خلال دخول الكتابة في عوالمها التي تنهض على محكيات الشخصيات التي تختلف عن بعضها في التجربة والمسار في دروب الحياة.

الوجود في الكتابة الروائية يضاعف الوجود ، ذلك أن ما تحياه الشخصيات من أحداث ومواقف ، على تعددها هو السبيل الوحيد لمضاعفة الوجود ، وتعدد أوجهه وملابساته ومستويات صعوده وانحداره.

هكذا لا توجد في الكتابة الروائية يقينيات ، لأن كل يقين تحمله شخصية روائية هو معرض لزلزلة الشك والحيرة والبحث عن السراب .معنى ذلك أن قلق الشخصيات الروائية هو قلق إنساني ، يتمازج فيه تاريخ الأسطورة بتاريخ العلم ، كما يتمازج فيه تاريخ الذات وتواريخ أخرى مشوشة ولا تصل إلى الحقيقة .

بهذا المعنى تصبح الكتابة الروائية سؤالا عن الوجود ، في تضعيفاته وتحييناته في الأزمنة ، في توسيع للزمن الروائي الذي يستوعب كل الأزمنة.

وبهذا المعنى أيضا لا تغدو الرواية وثيقة ، لأنها تخون البحث عن حقيقة الإنسان ، تلك الحقيقة التي جاءت الأساطير وبعدها الأديان ، لمحاولة توضيحها ، ثم جاء العلم أيضا لمحاولة توضيحها، وهي ما تزال مستعصية عن أن تتجلى بكامل الوضوح .

في هذا الغموض الذي يكتنف الوجود الإنساني ، يكون لا بد للرواية من أن تشتغل على الغموض، فإذا كان عالم الرواية غير مكتمل ، ولا نهائي ، فانه يكون مضطرا إلى التنويع في مقترباته من لحظات إنسانية دالة على الزمن والفضاء في أوضاع مجتمعية قابلة للتبدل والتحول حتى وان كان يثوي في صلبها ما هو ثابت وجوهري .

بهذا المعنى كذلك ، تخوض الكتابة الروائية مغامرة تشخيص الأفكار والمبادئ والأسئلة في التشخيص الروائي ، وهو ما يحول الأفكار والمبادئ والأسئلة إلى وقائع وتوقعات، أي إلى سرد روائي يعتمد الحكاية ، وما التاريخ الإنساني ، وتواريخ الشعوب ، سوى حكاية تتردد على الألسنة بروايات شديدة الاختلاف .

ربما ، ومن هنا تكتسب الكتابة الروائية مشروعيتها من إنتاج خطابات متعددة ومتنوعة ، ولا تكون تلك الخطابات منتمية إلى غير الخطاب الروائي نفسه ، الذي ينظم العوالم ويبني الأشكال.

أما الروائي فهو في أوقات الكتابة يتحرر من أفكاره وتجاربه في الحياة ونظرته للعالم ،لأنه يجعل من ذاته مرصدا لصيرورة وتحول العالم ، دون ان يعني ذلك أن الذات التي تتحول الى مرصد ، تنكر ذاتها .

كيف يمكن إذن ، للواقع السياسي والاجتماعي ، وللأساطير المعاصرة ، أن تتسلل إلى جسد الرواية ، وكيف يمكن للذوات المتشظية أن تصبح" أبطالا "روائيين ، وكيف يمكن للفضاءات بتاريخها المنسي أن تستعيد ذاكرتها في الرواية ؟

هي كتابة روائية تشتغل على تعدد هذه المستويات ، لتصهرها في صوغ أدبي تخييلي.

أليس هذا هو المهم في الكتابة الروائية ، وهي تلتقط تفاصيل الواقع ، وتجعل منه أسطورة واقع ؟

لعل هذا هو المهم .

أما تقنيات الكتابة فهي تنتمي إلى التصنيع الروائي الذي يحفل ببناء إستراتيجية للأشكال ، ويعني ذلك كل ما يجعل من الكتابة الروائية لعبا على مساحة الفراغ التي هي الصفحة البيضاء .

حتما ، إن هذا الغليل لا يُشفِي غليلا أكثر غلة ، لتأمل كتابة روائية لها متسعها الذي لا يحد بحدود .

وعودة إلى الكاتب الروائي ، فهو ليس ناطقا باسمه ، ولا يأكل الثوم بأفواه الآخرين ، إنه لايغير جدلته كما تفعل الثعابين، كما هو لا يغير لغته ليتكلم بلغة الآخرين ، كما أنه لا يكيف لغته لكي تتكيف مع لغة الآخرين .

إنه هو من يشتغل على السرد وأصواته السردية ، وهو من يجعل من ذاته مرصدا ترصد الكلية المجتمعية .

وهو ليس هنا وهناك .

إنه لا يوجد إلا ككاتب روائي ، وبهذه الصفة يجب أن يُعَرَّف.


ملحق


ــــــــــــــــــــــــ

التازي وسيرة الإبداع

ولد محمد عز الدين التازي بفاس سنة 1948. حصل على الدكتوراه في الأدب الحديث. يعمل أستاذا للتعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان.

صاحب أكبر كم روائي وقصصي نشره مغربي لحد الآن، فهو يواظب على الكتابة والنشر منذ أربعين عاما. نشر أول نص قصصي له سنة 1966 بالملحق الثقافي لجريدة الأنباء المغربية، بعنوان مربك هو: "تموء كالقطط"، ليواصل نشر قصصه القصيرة في جريدة "العلم"، ولينشر قصصه في المجلات العربية كالأقلام العراقية، والآداب البيروتية، وفي منابر عربية أخرى.

كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية وقصص الأطفال وسيناريوهات بعض الأفلام والنقد الأدبي. نشر ثمانية عشر رواية لدى دور النشر في المغرب والجزائر وسورية ومصر لبنان، قبل أن تَضُمَّ أغلبَها ثلاثُ مجلدات صادرة عن وزارة الثقافة المغربية، تقع في 1785 صفحة، إضافة إلى روايته الثلاثية: "زهرة الآس" التي صدرت في ثلاثة أجزاء، والتي لم تُتَضمن في أعماله الكاملة، وإلى رواياته الصادرة بعد صدور أعماله الكاملة، ما ينتظر الصدور من أعمال.

في مجال القصة القصيرة كان قد نشر أضمومته القصصية الأولى سنة 1975، بعنوان: "أوصال الشجر المقطوعة"، وكان أن قَدَّمَ لها الناقد محمد برادة، ثم توالى صدور مجاميعه القصصية، فصارت تسع مجموعات، صدرت في مجلدين من753 صفحة، يحتويان على 134 قصة قصيرة .

صدرت له أزيد من عشرين قصة للأطفال، وتفوق كتبه المنشورة، الخمسين كتابا. تحولت روايته "رحيل البحر" إلى شريط أنجزته التلفزة المغربية. قررت وزارة التربية الوطنية روايته "المَبَاءَة" على تلاميذ الجذع المشترك ثانوي. كرمته عدة كليات وجمعيات ثقافية، وعقدت عدة ندوات حول أعماله. كرس حياته للكتابة، وهو يقضي ليله ونهاره يكتب ويمحو ما كتب، باحثا عن اقتناص لحظة إبداعية من خلالها يبني عالما أو قيم معنى أو يشذب حديقة نص، أو يخاتل ما يسميه إستراتيجية الأشكال.

ترجمت بعض قصصه القصيرة إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية والسلوفانية، كما ترجمت روايته "مغارات" إلى الفرنسية. اختيرت روايته "أيام الرماد" من بين أفضل 105 رواية عربية نشرت في القرن الماضي، ضمن استقراء نشرته جريدة الأهرام القاهرية.

حاصل على عدة جوائز من أهمها جائزة فاس للثقافة والإعلام لسنة 1976، وجائزة المغرب للكتاب لسنة 1977. و 2009 عن روايته الأخيرة "أبنية الفراغ". كما حائز على وسام العرش من درجة فارس .

عضو اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب العرب، وجمعيات ثقافية منحته عضويتها الشرفية، وأخرى منحته شهادات تقديرية.

المؤلفات

· الأعمال الروائية

1- أبراج المدينة، اتحاد كتاب المغرب بتعاون مع اتحاد الكتـاب في العراق، دار آفاق عربية ، 1978 . 104 ص .

2- رحيل البحر، طبعة أولى، المؤسسة العربية للدراسات والنشـر، بـيروت، 1983 . طبعة ثانية، مؤسسة منتدى أصيلة 2002 . 320 ص.

3- المباءة، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، طبعة أولى 1989، طبعة ثانية 2000 . 198 ص . طبعة جديدة صادرة عن مكتبة الأمة بالدار البيضاء، أكتوبر 2005، مخصصة لتلاميذ الثانوي.

4- فوق القبور/ تحت القمر، منشورات عيون، الدار البيضاء 1988 . 69 ص .

5- أيها الرائي، دار الأمان، الرباط، 1990 . 79 ص .

6- أيام الرماد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1994 . 305 ص .

7- مغارات، الطبعة الأولى، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1992 الطبعة الثانية، مطبعة الساحل، الرباط ، 1994 . 158 ص .

8- عيوشة امرأة الشمس والقمر، رواية للفتيان، دفاتر المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، نوفمبر 1996.

9- مهاوي الحلم، البوكيلي للطباعة و النشر، القنيطرة، 1998 . 100 ص .

10- ضحكة زرقاء، منشورات الزمن، الرباط، يوليوز 2000 . 155 ص .

11- خفق أجنحة، مطبعة طوب بريس، الرباط2002 .

12- كائنات محتملة، مطبعة طوب بريس، الرباط 2002 . الطبعة الثانية: روايات الهلال، القاهرة، فبراير 2003.

13- الخفافيش، وكالة الصحافة العربية، القاهرة2002 .

14- زهرة الآس، رواية في ثلاثة أجزاء : ( واد رشاشة / شم النسيم في جنان السبيل / دار الدبيبغ ) ، عن منشورات السليكي، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال، 2003.

15- دم الوعول، منشورات سليكي، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2005 .

16- امرأة من ماء، منشورات سليكي إخوان، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2005.

17- بطن الحوت، منشورات سليكي إخوان، طنجة، بدعم من وزارة الثقافة، 2006.

18- حكاية غراب، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2007بدعم من وزارة الثقافة.

19- أبنية الفراغ، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2008بدعم من وزارة الثقافة.

ـ الأعمال الروائية والقصصية الكاملة في خمسة مجلدات، عن وزارة الثقافة، وتشمل: الأعمال الروائية في ثلاثة مجلدات، (13 رواية). والأعمال القصصية في مجلدين، (9 مجموعات قصصية).

· الأعمال القصصية

1- أوصال الشجر المقطوعة، دار النشر المغربية، الدار البيضاء 1975 .

2- النداء بالأسماء، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981.

3- منزل اليمام، مطبعة برانت ديفزيون، سلا، 1995

4- ) الشبابيك، البوكيلي للطباعة والنشر، القنيطرة، 1996.

5- يتعرى القلب، وكالة شراع، طنجة، يونيه 1998 .

6- شيء من رائحته، منشورات عكاظ، الرباط، أكتوبر 1999.

7- شمس سوداء، دار توبقال، الدار البيضاء، 2000.

8- باب العين، متضمة في الأعمال القصصية الكاملة، الصادرة عن وزارة الثقافة.

9- جهة الماء، متضمة في الأعمال القصصية الكاملة، الصادرة عن وزارة الثقافة.

· الأعمال المسرحية:

1- تحفة النظار ( عن رحلة ابن بطوطة )، دفاتر المدرسة العليا للأساتـذة بتطوان ، يونيه 1999 .

2- شجرة الأحلام / الـمَحَّاء / الغريب في الميناء (نصـوص مسرحية)، المركز المغربي للإعلام، يوليوز2001.

· قصص الأطفال:

1 ـ الأقفاص والعصافير، ( بالعربية الإسبانية)، الناشر : جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا (أتيمي)، مطبعة سيربيفار، الترجمة إلى الإسبانية : سعاد الزواق، رسوم الفنان السوداني عبد الله ميرغني، 1997

2 ـ اللقلاق الأعرج، (بالعربية والفرنسية)، منشورات مرسم، رسوم عبد القادر الأعرج، الرباط، 2002.

3 ـ سمكتي الرائعة، منشورات صوت الطفل، 2006 (صدرت في طبعتين).

ــــــــــــــــــــــــــ

منشورات وزارة الثقافة :

4 ـ جدتي صيحة، رسوم عبد الله درقاوي، 1999.

5 ـ النمر الذي أراد أن يفترس النهر، رسوم نبيل الدادسي، 2000.

6 ـ جوقة الفئران، رسوم عبد المجيد أوليد، 2000.

7 ـ التاجر عبد الأحد والقراصنة، رسوم عبد الله ميرغني، 2004.

8 ـ الفراشة الحائرة، رسوم عزيز السيد، 2004.

9 ـ النرجسة والذئاب، رسوم عزيز السيد، 2004.

10 ـالطاووس المختال، رسوم عزيز السيد، 2004.

11 ـ الذئب والقنفذ، رسوم عزيز السيد، 2004 .

12 ـ الفيل والحطاب، 2007.

13 ـ الثعبان الماكر، 2007.

14 ـ فم الأسد، 2007.

15 ـ النسر والقرد والحمامة، 2007.

16 ـ القرد الفنان، 2007.

ــــــــــــــــــــــ

منشورات دار الكتب الحديثة بلبنان:

17 ـ حومة الأقزام.

18 ـ القرد الفنان.

19 ـ الغراب ألأبيض.

20 ـ الحمامة الحنون.

21 ـ الأقفاص والعصافير.

22 ـ البجع والبحيرة.

23 ـ القنفذ الأملس.

· الأعمال النقدية:


1- الكتابة الروائية في (رفقة السلاح و القمر)، دار النشر المغربية، الـدار البيضاء، 1984.

2- السرد في روايات محمد زفزاف، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985.

3- الكاتب الخفي والكتابة المقنـعة، وكالة شراع، طنجة، يونيه 2000.

4- تنويعات الخطاب الروائي العربي، التشخيص والاستعارة، قراءة في أعمال.

5- الرواية العربية الجديدة، تنويعات الشكل والخطاب.

6- المرايا المهشمة (قراءات في أعمال روائية مغربية)

7- أسئلة الثقافة والإبداع في المغرب.

المذكرات:

ـ محمد شكري كاتب من زماننا، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2003.

ـ مبدعون عرفتهم.

الحوار:

ـ حوار مع الفنان أحمد العمراني (حدائق اللون وحرائق الجسد) ، طوب بريس، الرباط، 2003.

ـ حوار مع الشاعر محمد السرغيني (جذور في الحياة، جذور في القصيدة).

ليست هناك تعليقات: