الاثنين، يناير 08، 2007

يعقوبيان في البرلمان


تابعت كما تابع الكثيرون ما يتررد من أخبار و أقاويل و مقالات عن فيلم " عمارة يعقوبيان " و في وسط كل ما تردد من نقد ايجابي يرى الفيلم من وجهة نظر تطرح ما حدث في أيام التسعينات و مازال يحدث بتطور يواكب العصر و العولمة و نقد سلبي يرى أن هناك صورة سلبية كانت واضحة و كاملة في الفيلم عن مجتمعنا المصري .
جاء النقد بين مؤيد و مُعارض و متحفظ . و لكن ما آثار انتباهي ما علمت به بقيام الأستاذ الصحفي الكبير مصطفى البكري عضو مجلس الشعب الموقر و رئيس تحرير جريدة الأسبوع بتقديم بيان عاجل للبرلمان بضرورة التحفظ على الفيلم و حذف بعض المشاهد منه . و قام بالإمضاء على هذا البيان حوالي مئة و أحدى عشر عضو آخرين .
تسألت في نفسي هل انتهى جدول أعمال البرلمان من مناقشة و حل جميع مشكلات الوطن العربي من خراب العراق و القضية الفلسطينة و انتهى الصراع بين سوريا و لبنان و قبضوا على من اغتال الحريري ؟ هل انتهوا الأعضاء الموقريين من حل كل المشكلات القامعة في جذور بلدنا العزيز من أزمة البطالة و التعليم و الفساد و الأمية و ارتفاع الأسعار و صراع أجيال تذوب وسط كل هذه الهالة . هل انتهوا من كل هذا و بدأوا يبحثون عن ملأ أوراق المجلس بمشكلات ثانوية حتى يشعر المصريين أن هناك تواجد للبرلمان ؟ إنني أتسائل و حقيقة لا اعرف الجواب . آجل كل الاحترام للأستاذ مصطفى البكري فهو رائد من رواد الصحافة التي تحمل قيمً للمجتمع و تدافع عن الحقوق . و ما فاجئني انه هو من ترك كل شىء و تفرغ ليعقوبيان . أقول له يا أستاذي الفاضل : هذا الفيلم بكل ما أثير حوله من ضجة لا يحمل أكثر من الواقع و إن كنا نغفله . أحداث فيلم يعقوبيان تدور حولنا كل يوم و لكن من كثرة ما يشغل كل واحد منا قد لا يرى إلا القليل منها و لكن هذا الفيلم قام بتجميعها كلها في عمارة واحدة تقع وسط القاهرة الكبرى . جمع بين باشوات الماضي و بشوات الحاضر ، بين نماذج للفقراء و الأغنياء ، المطحونيين و الطاحنيين ، بين نموذج للمصري المسلم و للمصري المسيحي . كل أنماط المجتمع تجمعت في عمارة واحدة في وسط العاصمة ، ضمت كل ما نعيشه و نتقاسمه يومياً من احداث تدور حولنا او تحت أقدامنا ، رأينا مَن تُكافح لتضمن عيش أخواتها دون ان تفقد شرفها في مجتمع تغير فيه معنى الشرف كما رأينا مَن يستطيع أن يقوّم بلدنا ... و يقعدها كما قالها الفنان خالد صالح الذي قام بالشخصية المهيمنة في الفيلم شخصية كمال الفولي .
عندما شاهدت إعلان الفيلم تصورت انه سيكون صورة لمجتمع بدأ يقترب منا ، و المفاجئة عندما رأيته انه ماضي و حاضر يعصف بمستقبل اقل ما يقال عنه انه مستقبل مظلم . الحقيقة أن الفيلم مر علىّ ساعات من الكآبة و الضجر . و تمنيت لو استطعت أن أصرخ و أقول كفى ، كفى لهذا الظلم ، كفى لهذا الفساد ، كفى إهدار لاحترامنا كبشر ، كفى كبتً و إرغاماً و إغواءً و دماراً لمجتمع نحن فيه مستعبدين للمادة و السلطة و الغرائز . كفى .. كفى .. أردت أن أقولها بكل ما في من عزم و أنا في حالة انهيار جزئي و كأني لم أكن اعلم بكل هذا و لكن تأكدت أن المعرفة شيء و رؤيتها أمامي متجسدة شيء آخر . اكتب كلماتي كما يكتب الكثيرين ، اكتب كلماتي حتى لو ظلت كلمات . اكتبها و أن كانت صرخة بوادي لا يسمع أحد فيه .

رشا ارنست
مصر

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الأخت الفاضله رشا
لو نتمحص جيدا بمجتمعاتنا العربية لوجدنا بأن شريحة عمارة يعقوبيان تتكرر في كل حي ، في الماضي ، والحاضر . نحن شعب كالنعامة ، نريد بأن نخبيء رؤوسنا في الرمال.
أنا اعتبر بأن مظاهر القصة طبييعية. ولو خجلنا بأن نتكلم عن الشذوذ، فأنه ينتشر كالجراد في مجتمعاتنا . حتى أنه كان يحتل في صدر الأسلام بابا من أبواب الشعر ، وهو التغزل بالذكور ، تماما كباب المدح ، والعجاء ، والغزل الخ