بقلم / يوسف صادق
استغرب حقيقة من الهجوم اللاذع بحق الدكتور جمال نزال الناطق الإعلامي بحركة فتح في الضفة الغربية هذه الأيام، على اعتبار أن الهجوم عليه جاء لكونه يتغاضى عما يقوم به بعض العناصر من حركة فتح كرد طبيعي في ظل حرب الفتنة المسعورة التي تجتاح الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وفي قطاع غزة بشكل خاص.
فهذا الرجل، دون مبالغة، هو مكسب للشعب الفلسطيني بكل شرائحه، بما فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، سيما وأننا بحاجة إلى رجال متخصصون في كل المجالات، وتحديدا في هذا الوقت العصيب الذي تمر به قضيتنا الفلسطينية.
ومثلما تفاؤلنا كثيرا من وجود أناس أكفاء من حركة حماس داخل قبة المجلس التشريعي يقومون بمهامهم الموكلة إليهم على أكمل وجه، جاءت حركة فتح بهذا الرجل من شمال أوروبا بعد أن أكمل درجة الدكتوراه في الإعلام بتقدير إمتياز مع مرتبة الشرف، ليكون أحد الأعلام الفلسطينية لهذا الجيل الشاب، في ظل التخبط وتناقض التصريحات المختلفة للعديد من الناطقين الإعلاميين سواء من هذا الحزب أو ذاك. ومن البديهي أن ينتقد جمال نزال هذه المرحلة الأخطاء التي ترتكبها حركة حماس في الشارع الفلسطيني، مثلما نشاهد يوميا عبر الفضائيات المختلفة إعلاميين محسوبين على حركة حماس ينتقدون الرئاسة الفلسطيني المتمثلة في الرئيس أبو مازن ومن لف لفيفه، وهو ما يعكس مدى الوعي والديمقراطية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، رغم حالة التدهور الأمني التي تشهدها الساحة الفلسطينية من سفك للدماء وحرق للمنازل والسيارات وعمليات الاختطاف التي يبدو أنها ستأخذ طابع آخر قد يصل إلى قتل الأجانب في بعض الأوقات فحالتنا الفلسطينية مريرة وعصيبة جدا، وإن لم نجد حكيماً يستطيع أن يصل بالفلسطينيين إلى بر الأمان، سنغرق في بحر من الدماء.. وسنرى الضحايا في كل زقة من أزقة المخيمات والقرى والمدن، خاصة وأن ثقافة الموت التي لم تكن موجودة في عقولنا، وليست من شيمنا كما أكدها رئيس الوزراء الفلسطيني "أبو العبد"، قد انتشرت وتفشت، وأصبح الموت عندنا كما لو كنا نعيش في شيكاغو أو أي دولة تعتمد العنف والقتل نهجاً وسلوكاً.
ولهذا كان لا بد من البحث عن أمثال جمال نزال في الشتات وبين المخيمات والمدن في الداخل، حتى ننأى بشعبنا وأنفسنا عن تلك الفتنة المسعورة التي راح ضحيتها حتى الآن عشرات الأبرياء من حركتي حماس وفتح، ومنهم صديقي الشهيد "خيري صبح" الذي كان يعمل في القوة التنفيذية حتى يوفر بعض المال لاستكمال نصف دينه، إلا أن رصاصات طائشة في شجار عائلي وسط خان يونس، أصابت قلبه الذي عشق من خلاله الوطن، وأحب الناس على مختلف شرائحهم وانتماءاتهم... فمن يتحمل دم خيري الذي سال أمام أعين الناس جميعا دون أي ذنب إقترفه...! ومن يتحمل بحر الدم المتدفق من شرايين الأطفال الثلاثة عندما قتلوا بدم بارد، دون مراعاة للطفولة ومشاعر الإنسانية....!
نحن يا سادة بحاجة إلى من يضمد جراحنا التي ما كادت أن تتوقف من رصاص الاحتلال الإسرائيلي في غزة بعد اندحارهم منها منذ ما يقرب من عامين، حتى عادت تلك الدماء وعاد الجرح بأيدي فلسطينية بحته... ولن نقبل أن يكون ابن قباطيه "نزال"، هو أحد الذين سيسيل دمائهم إن وصل الأمر لقتل الناطقين الإعلاميين سواء من حركة حماس أو فتح مهما كانت الأسباب، ومهما اختلفت الآراء..
فنحن شعب ديمقراطي "سكر زيادة"، نقبل بالنقد كوسيلة بناء وليس للهدم، فهذا الرجل نظيف اليد، جميل الخلق، إجتهد حتى بلغ أعلى درجات العلم وله مؤلفان أحدهما من أربعمائة صفحة في ألمانيا، تتحدث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الناحية الإعلامية، وتقديرا له منحته ألمانيا درجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، أما نحن كشعب فلسطيني فلا نملك شهادات تقدير نوزعها على هذا نزال وأمثاله من كافة الفصائل الفلسطينية.. سوى أننا نقدرك يا جمال ونحترمك وأنت تمثل الشعب الفلسطيني في الفضائيات المختلفة بفكرك السديد وأسلوبك اللغوي الرائع الذي يكشف صدقيَة الامتياز التي منحتك إياه ألمانيا.. وليبتعد مطلقي الرصاص عن السياسيين والإعلاميين ولينأوا بهم عن الفتنة الدائرة إن كان لا بد من مواصلتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق