بقلم : اسحاق الشيخ
– كاتب و اديب سعودي
غوغائية الصراخ التي ملأت الارض العربية في اللطم والبكاء على مصير الطاغية صدام حسين الذي دُفع شر دفعة الى مزبلة التاريخ.. ظاهرة تدلل على بؤس التخلف الذي تكتوي به شعوبنا العربية اقتصاديًا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. ولا شك ان التعليم يشكل محور هذا التخلف من واقع ان الاهتمام بالتعليم يعني الاهتمام بالتنمية الشاملة والمستدامة..
غوغائية الصراخ التي ملأت الارض العربية في اللطم والبكاء على مصير الطاغية صدام حسين الذي دُفع شر دفعة الى مزبلة التاريخ.. ظاهرة تدلل على بؤس التخلف الذي تكتوي به شعوبنا العربية اقتصاديًا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. ولا شك ان التعليم يشكل محور هذا التخلف من واقع ان الاهتمام بالتعليم يعني الاهتمام بالتنمية الشاملة والمستدامة..
وهو في نفس الوقت الارتباط بالديمقراطية التي تتناقض في اساسها مع الامية.. والتي تراها ابدا تبكي وتلطم على طلل الماضي في الاخذ بالشورى ونبذ الديمقراطية واقصائها والقيام بتكفيرها.. ولا يمكن الحديث عن التعليم في واقع حداثي علمي وعقلاني دون الحديث عن الديمقراطية.. وعندما تصبح الديمقراطية حقا طبيعيا للجميع على طول الحياة فان التعليم يصبح ايضا حقا طبيعيا للجميع على طول الحياة..
فالتعليم الحداثي في نوعه يرتبط في جدل مع الديمقراطية المرتبطة جدلا ايضا بالتنمية الشاملة والمستدامة. إن الديمقراطية تأخذ واقعًا انسانيا كونيا على طول الخط وكذلك التعليم والتنمية..
ان التلازم في هذه المكونات الكونية الثلاثة: الديمقراطية والتعليم والتنمية تتناقض في الاساس مع التعليم الديني السلفي الاخواني الطاغي في انظمتنا العربية الذي يرى ان الجهاد ضد الاديان الاخرى غير الاسلامية »جهاد لا هوادة ولا تخاذل فيه الى قيام الساعة«. إن غياب هذه المكونات الثلاثة وتلازمها في واقعها الحداثي العلمي العقلاني والكوني يشكل اساس صراخ الغوغائية العربية التي انفلتت من عقال هوس جنونها تندب الدكتاتور الدموي صدام حسين الذي لاقى جزاء حكم عادل صارم، بعد ان اشاع الخراب والموت والدمار والقمع والارهاب والتنكيل بشعب عظيم باسل من شعوب امتنا العربية..
ولم يكن من الصدفة بمكان ان يبرز الاسلام السياسي على الساحة العربية في تهييج قوى الجهل والامية وتفعيل المنتديات وتجييش الشوارع ومنابر المساجد ودور العبادة في البكاء والعويل واللطم واقامة صلوات الغائب واعتبار الطاغية صدام حسين الذي قضى نحبه على يد شعبه شهيدا للاسلام والمسلمين.. وكم هم بذلك يسيئون للاسلام والمسلمين في اتخاذهم القتلة والمجرمين الذين تفننوا في حفر القبور الجماعية لشعوبهم شهداء للامة العربية والاسلامية..
وهذا ان دل على شيء فانما يدل على الثقافة الدينية والفكرية للاسلام السياسي القائمة على تكريس مطلق سلطة النص على سلطة البرهان في مدرسة السلف والاخوان في الاحتكام لظاهر النص بعيدا عن القراءة التاريخية في حركة المجتمع. ولذا تراهم يرون في صدام حسين »كنص« ايماني ظاهري اسلامي ما انفك يتأبط القرآن وهو أمام محكمة التحقيق في الجرائم التي ادار رحا بشاعة جرائمها ضد شعبه بعربه وكرده واقلياته القومية والمذهبية والطائفية.. وكحاكم عربي مسلم غير مسبوق المحاكمة والشنق دون ان يذهبوا الى تأويل اعماله الاجرامية الوحشية التي ما انفك على طوال ٥٣ عاماً وهو يمارس ابشع وسائلها في حق شعبه ودفع الالوف من العراقيين بما فيهم رجال دين وائمة تقاة صالحين الى السجون والتشريد و القتل والتعذيب.
إن عدم تفكيك النص وتأويله او نبش جوانبه وقراءته قراءة تاريخية.. يفقد الموضوعية والعقلانية في القراءة النقدية وهو ما تجده النفعية السياسية الاسلامية في منفعتها اللوجستية في عدم تحريك النصوص وانما الاحتكام الى مظهرها. وقد كانت كوبونات النفط واموال الشعب العراقي تذهب هدراً على الاسلام السياسي وعلى المرتزقة من الكتاب والمثقفين والصحافيين والفنانين من تلك الاسباب ايضاً في تحريك غوغائية الجهل والامية السياسية العربية في ابراز الطاغية صدام حسين قائداً للامة الاسلامية وشهيدها البطل الفذ دون منازع. عندما تتجمد النصوص..
تتجمد العقول وتتطير بالجهل والامية ويصبح الخطاب الديني الاسلامي خطاباً يضع القتلة والمجرمين من حكام العرب وقادتها شهداء للاسلام والمسلمين.. وهو ما نراه و نسمعه بلا حياء وبلا خجل يتردد من على منابر المساجد وفي دعوات وصلوات الغائب على الطاغية صدام حسين. وفي العودة الى المكونات الكونية الثلاثة التي نرى ضرورة اقامة تكريس كونيتها في مجتمعاتنا العربية ديمقراطياً وتعليمياً وتنمية مستدامة..
فان ذلك يقضي بالتخلص من عقدة تصدير افكار الخارج والثقافة الغربية في تجاوز العادات والتقاليد والخصوصية والهوية والقومية والأخذ بالعقلانية الدينية المرنة والتخلص من فقهية: »الجهاد حتى قيام الساعة« و رد الاعتبار لليهودية والمسيحية والطوائف والمذاهب والاديان الأخرى كمدخل كوني للديمقراطية والتعليم والتنمية الشاملة المستدامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق