الأحد، يناير 21، 2007

العبد المُوفر

بقلم / يوسف صادق
يكاد شعبنا الفلسطيني أن يصل لمرحلة فائض الألفاظ والعبارات والخطابات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع في وقتنا هذا.. فبعد أن وصلت الأمور بنا إلى ما وصلت من قتال وزهق للأرواح هنا وهناك، إنتقلنا إلى مرحلة التفجيرات في شوارع قطاع غزة والتي طالت محلات مختلفة وحتى صيدليات تبيع الأدوية لمرضانا الكثر في هذه الفترة العصيبة.
وإن كنا لسنا بصدد التفصيل الممل حول أسباب تلك التفجيرات، فإننا نقف طويلا أمام مسلسل العنف المنظم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو ما يعرف بالجريمة المنظمة، خاصة وأننا نؤكد أن اغتيال الشيخ الداعية عادل نصار قبل أسبوعين جاء نتيجة رفض الطرف الثالث لهذا التوجه الذي دعا إليه الشيخ الشهيد عادل نصار في إحدى خطب الجمعة له.
ندرك تماماً أن الطرف الأول من المعادلة والطرف الثاني هما حماس وفتح، وهما على الأقل أصحاب عنوانين معروفة ومميزة، لا ينكر أحدهم الآخر مهما كانت الظروف والأسباب، ومهما اختلف برنامجهم السياسي عن الآخر، بينما لا احد يتابع الطرف الثالث المنتشأ على الأرض الخصبة التي صنعها الطرفان الأول والثاني.
فهذا الطرف "الثالث" هو من صنع إسرائيلي بحت ولكن الأيادي التي تعبث داخلها هي فلسطينية من الدرجة الأولى، حتى ولو كانوا "عملاء" للاحتلال الإسرائيلي.. ضل طريقة في الانتفاضة الأول بعد أن تم القضاء على تلك الظاهرة الغريبة عن ديننا وعاداتنا وقيمنا، بينما عاد بقوة الصاروخ مع إنطلاق أول رصاصة ضد الفلسطيني بسلاح فلسطيني، إنطلق دون أي عوائق له، بل على العكس تماماً، فقد كان الاقتتال الداخلي الذي وقع بين عناصر من حماس وأخرى من فتح هو مفتاح إنطلاقته لممارسة كافة الأعمال التي عجز الاحتلال الإسرائيلي عن ممارستها أبان فترة إحتلاله لقطاع غزة.
إذن فالعملاء الآن أصبحوا أكثر حرية وتنفساً من المواطن الفلسطيني البسيط، في وقت لم يعد الحديث الآن عن رواتب موظفين أو ظروف حياتية قاسية أو ما شابه، أكثر من الحديث عن الأمن المنشود في شوارع وزقاق مخيمات وقرى ومدن غزة والضفة الغربية.
وإن كانت الجولات التي يقوم بها كافة الجهود النيرة من الفصائل كحركة الجهاد الإسلامي والفصائل الوطنية المختلفة أو الأنظمة العربية لوأد الفتنة داخل الشارع الفلسطيني، فعلى كافة الأجهزة الأمنية والمعنيين في الأمر أخذ الحيطة والحذر والتعامل الجدي في قضية العملاء التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطن وأمنه.
ما دعاني لعنونة المقال بالعبد المُوفر هو أن حالتنا السياسية والاقتصادية الفلسطينية ليست بعيدة عن الرجل الذي دلل على عبدٍ له أراد بيعه في سوق العبد آنذاك، وإختار له عنوان تجاري لكسب أكبر قدر من الدراهم جراء بيعه، فقال إن هذا العبد سوف يوفر كثيرا على صاحبه، وهو ما رفع سعره لمبلغ عالٍ من المال.
وعندما طلب السيد الجديد لهذا العبد كوبا من الماء، رد العبد "جيب انت" أو إجلب كوب الماء بنفسك.. وعند موعد الغذاء طلب السيد من العبد تحضير طعام الغذاء له فرد العبد بإمكانك أن تحضره بنفسك.
وهكذا كان العبد في نظر سيدة القديم موُفر على صاحبه... بينما نحن نوفر في أشياء كثيرة لا حصر لها .
Yousefsadek2004@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: