الخميس، يناير 25، 2007

إنها الحقيقةُ


سعيد علم الدين

الدخان الأسود المتصاعد يوم الثلاثاء الحزين في الثالث والعشرين من كانون ثاني/يناير 2007 من قلب بيروت الجريحة ولبنان المدمى يذكِّرُ أفضل تذكير بدخان جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبرار الأسود، التي ارتكبتها نفس الأيادي في الرابع عشر من شباط 2005 والتي تعيث اليوم بلبنان خرابا محاولة الانقلاب على الحكومة الشرعية وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ليسقط لبنان ثانية ورقة باهتهً صفراء تدوسُ عليه الأقدام تحت شجرة زقوم المحور الشيطاني الشرير وتجتاحهُ وتدمره وتخترقه وتحاصرهُ إسرائيل كما وكلما وكيفما تشاء.
وكأنهم أرادوا بما يرتكبونه اليوم من بشائع وحرائق ودماء وسقوط قتلى وجرحى أبرياء، اغتيال الشهيد الكبير ورفاقه وكل شهداء انتفاضة الاستقلال ومعهم الحقيقة ولبنان والطائف والحرية والديمقراطية والسيادة والاستقلال.
الفارق فقط أنهم قبل عامين ارتكبوا جريمتهم بقفازات وبدهاء المخابرات ومكرِ الخبثاء ليصعبَ كشف حقيقتهم، أما اليوم فإنهم يرتكبونها علنا وبوقاحةٍ وهمجية وبشاعةٍ ومن دون قفازات.
إنها الحقيقةُ التي عرتهم على حقيقتهم الباطنية!
إنها الحقيقةُ التي وضعت عقولهم في بطونهم!

إنها الحقيقةُ مطلب الشعب اللبناني وبصوت مجلجل، التي أوصلتهم إلى مرحلة الهستيريا والهذيان وفقدان الصواب والرؤية والميزانية والأعصاب فسقطت أقنعتهم وظهر حقدهم المذهبي الباطني الصفوي الأسود على عظيم لبنان والعرب وباني مجدا في الشهب رئيس الرؤساء الشهيد العملاق ابن صيدا الطيبة رفيق الحريري. إنه عفن التاريخ المعشعشُ تحت عمائمهم وفي أدمغتهم ضد إخوانهم: فتنا وخداعا وكذبا ونفاقا ومكراً ورياء.
سقط القناع ومعه الجبة والعمامة والبذلة الإفرنجية عن بشار الأسد وخامنئي وحسن نصر الله وإميل ولحود وسليمان فرنجية وباقي المتآمرين الخبثاء. لقد ظهرت عوراتهم وخرج عفنهم الكريه جميعا أمام الشعب اللبناني والأمة العربية وأصبحوا عراة بلا رداء.
إنه عفنٌ يتغذى من مشاكل الحاضر، وبسم فلسطين المنكوبة يتاجرون بالقضية: فيحللون ويشترون ويبيعون ويصافحون ويهرولون ويركعون ويتمسَّحون ويستجدون من إسرائيل السلام ومن بوش نظرة ومن كوندي قبلة وابتسام،
وبسم فلسطين الجريحة أيضا يتآمرون: فيحرمون ويهاجمون ويقتلون ويخربون ويخونون ويمنعون ويتهمون ويهددون ويغدرون ويغتالون الشرفاء.
وأثبتوا للملأ بأنهم عندما كانوا يطالبون بالحقيقة كانوا كاذبين مخادعين يقولون بأفواههم عكس ما في قلوبهم!
بعد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه لم يكن يتصور النظام السوري أن هذه الصرخة اللبنانية المجلجلة "بدنا الحقيقة!" التي ضجت بها الأرض واستجاب لها الأشقاء والأصدقاء ومجلس الأمن ستأخذ مداها وتحقق أبعادها بتشكيل محكمة دولية لكشف الجريمة ومعاقبة المجرمين.
وبما أن الحقيقة لا يمكن أن تنكشف بدون لجنة تقصي للحقائق، فكانت لجنة السيد فيتزجرالد الإيرلندي الطيب الذي أوصى بلجنة تحقيق دولية قام بها بشكل جيد النمس الألماني البرليني ميليس. فأقاموا الدنيا وأقعدوها على رأسه لأنه كشف حقيقتهم بدهائه وأسرع مما يتصورون، واغتالوا غازي كنعان انتحاراً الذي اعترف أمامه بالحقيقة. فما كان من ميليس ولمصلحة الحقيقة إلا أن استقال مسلِّما القيادة إلى البلجيكي براميرتس، حيث صرح فيما بعد لجريدة الشرق الأوسط " أنا على يقين أن النظام السوري هو مرتكب الجريمة".
وبدوري أقول بأنني على يقين بأن النظام السوري لم يكن وحيدا في ارتكاب الجريمة بل الطبقة السياسية يومها وفي مقدمتها "حزب الله" ومن يحرق معه الدواليب اليوم شاركوا في الجريمة النكراء كل بدوره، ولا نستطيع هنا تبرئة ميشال عون الذي تثبت تصرفاته تورطه بالجريمة وبشكل ما ومن بعيد.
المهم ردا على صرخة الشعب اللبناني المجروح ومطالبته ب "الحقيقة" صرح وزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع، "أن معرفة الحقيقة ستخرب لبنان". معه حق. وكان على صواب، لأنه كان يعرف المجرم أو المجرمين. وهذا ما نراه اليوم على أيدي مأموري الحلف الإلهي.
ومن خلال هذا السياق نفهم التصاق حزب الله بالنظام السوري إلى درجة مريبة جدا تدفعنا إلى أن نوجه له الاتهام موثقا بعفن التاريخ المذهبي المقيت والحقد الباطني على الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي نسمعه سموم فتنة من مصرانه "المنار" وعلى لسان عناصره وأنصاره وزعرانه شتائم ونبش قبور أموات واعتداءً على أحياء.
ومن خلال هذا السياق نرى حسن نصر الله في مظاهرة 8 آذار شاكرا النظام السوري الذي زرع في لبنان دولة "حزب الله" لغما ودولة فوق الدولة الشرعية ليكون لها القرار .
وبينما كان الحريري يبني بقلبه الكبير ويعمر كان النظامان الإيراني والسوري يؤسسان بمكرٍ وخبثٍ ويبنيان دولة ولاية الفقيه لتستولي يوما ما على لبنان.
ومن خلال هذا السياق نرى حسن نصر الله وهو يقدم بافتخار البندقية إلى القاتل رستم غزالي.
ومن خلال هذا السياق نرى اعتكاف وزرائه عند مناقشة مسودة المحكمة لعرقلتها واستقالتهم فيما بعد.
ومن خلال هذا السياق نراه منفذا لأوامر بشار بتكليف شرعي خامنئي بجر إسرائيل في عملية 12 يوليو لتكسير لبنان بحرب ليس لها أي مبرر سوى وقف المحكمة لقتل الحقيقة.
ومن خلال هذا السياق نرى محاولتهم في فرض ثلثهم المعطل على الحكومة، وإلا حرق العجلات!
ولهذا فما يتصاعد اليوم من دخان أسود فوق سماء بيروت هو فقط لحجب شمس الحقيقة والقول للشعب اللبناني: انس الحقيقة، وإلاَّ شوية اغتيالات! والقول لمجلس الأمن: غضَّ الطرف، وإلاَّ خرابا في لبنان وفلسطين والعراق!
وبقدر إصرارِ المحورِ الإيراني السوري وأتباعهِ المأمورين الصغارِ في لبنان على جرائمهم البشعة باغتيال الأحرار ومغامراتهم بالحروب والدمار وحماقاتهم المتكررة بعرقلة المحكمةِ الدولية، وحتى بقطع الطرقات وحرق الإطارات وتخريب البلاد وجرها إلى الفتنة والقتال،
فسيكون إصرارَ شعب لبنان ومعه أحرار 14 آذار وحكومة السنيورة الشرعية وأحرار العرب ومجلس الأمن والعالم أجمع أقوى على كشف الحقيقة وتشكيل المحكمة الدولية تحت البند السابع ومعاقبة القتلة الأشرار!
فالشرعية الدولية وقراراتها وماء وجهها على المحك!
انتصار هؤلاء في هجومهم على الشرعية سيقبر الديمقراطية الفتية ويحول لبنان إلى دولة مصدرة للإرهاب وحرق العجلات.
مصلحة السلام العالمي تفرض أن لا يُترك لبنان لقمةً سائغةً في فم الإرهاب الشيطاني المتألهُ وأدواته الخبيثة التي تقوم ميليشياتها من "حزب الله" وغيره والمسلحة أفضل تسليح والمدعومة من قبل المخابرات السورية التي ما زالت شبكاتها عاملة فوق وتحت الأرض اللبنانية.
حيث قبض على العديد منهم. منذ أيام تم القبض على أحد عناصرها المخابراتي السوري أياد نوفل، المعروف بأيمن والذي اعتقله جهاز أمن الدولة بعدما داهم منزله المستأجر في بلدة عزة قضاء راشيا والعثور على بنادق رشاشة وقاذف صاروخ من طراز "لاو"، الى جانب عشرات الهويات والأوراق المزورة، معترفاً أمام القضاء بأنه كان يقوم بمراقبة ورصد حركة النائب وائل أبو فاعور بالإشتراك مع مجموعة، بهدف اغتياله.


ليست هناك تعليقات: