الأربعاء، ديسمبر 20، 2006

لا عزاء للصحفيين


رشا أرنست

وسط هالة من مفكري هذا البلد العريق مصر ، رفع الصحفيون أخيراً صوتهم عالياً مرددين بحقوقهم الصحفية في بلدهم ، منددين بكل صمت و سكوت في مجتمعنا . و بعد حوارات و محاولات قررت خمسة و عشرون صحيفة يومية وأسبوعية عدم إصدار صحيفتها ليوم الأحد الموافق 9 يوليو 2006 ، هذا اليوم الذي سيُذكر في تاريخ المصريين و الصحفيين على وجه الخصوص انهم توقفوا عن التفكير ، توقفوا عن الصراخ في وجه الفساد ، توقفوا ان يكونوا أحراراً كما خلقهم الله .

هذا اليوم الذي سيكون شاهداً على بلد تنادي بديمقراطية مُحاصرة ، تنادي بحرية مُكبلة بالقيود . سيكون شاهداً على حال بلدِ بأكمله حاولوا أهله بكل الطرق أن يصلوا به الى حافة الدول المُفكرة و التي تُنادي بما تؤمن به دون شرط او سجن .

أثناء متابعتي للأحداث عبر الفضائيات التي إستغلت الحدث لتُثبت ان مصر بلد يُحرم فيها أولادها من حقهم الطبيعي في التعبير عن آرائهم دون خوف او إحتياط من نتيجة حريتهم ، تذكرت فيلم البداية لسمير سيف ، تذكرت ما فعل الديكتاتور الذي سيطر على الأبطال الذين كانوا من كل الثقافات و الطبقات ، كيف سيطر عليهم بمسدسه حتى يكون هو السيد و هم العبيد ، و عندما قرروا ان يتمردوا عليه هددهم بالقتل و السجن و لم يكن يدري ان جميعهم كانوا مسجونين في هذه الجزيرة النائية ، و عندما أشار عليه أحدهم بأن لديه الطريقة التي يستطيع بها إخراسهم تماماً كانت ان ينشأوا مجلة حائط يعبروا فيها عن كل ما يكتمونه بداخلهم من رعب و خوف من المجهول .

و النتيجة انهم فعلوا هذا و كانت كلماتهم صرخة مدوية بهذه الجزيرة البعيدة التي لن يسمعهم أحد فيها .

أتذكر هذا السيناريو لأن حتى إمكانية التعبير و الصراخ أصبحت مشروطة و مسجونة داخل قوانين تُسمى قوانين الصحفيين . أصبح القانون هو السجن و القلم و الفكر هم المسجونان .
تسقط الصحافة و يحيا الفساد شعار رفعه الصحفيين ليومهم الحافل ، تسقط الصحافة الحرة و يحيا القانون الذي يقف بجانب مَن يدفنون الفكر و الحرية و يقفون على القبر ليستقبلوا التعازي . و رغم هذا أيضاً يضعون لافتة على القبر مكتوب عليها لا عزاء للصحفيين .

ليست هناك تعليقات: