بقلم عماد رجب
عاد أحد الأصدقاء من الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا، بعد رحلة دامت عامين، وبعد التهاني بعودته والترحيب به، بدأ نقاش ممتع حول رحلته التي استمتع فيها وتعلم منها الكثير.
بدأ صديقي يحكي لنا، ونحن جميعًا نتابع كلامه بلهفة ورغبة في التعرف على نمط اجتماعي يختلف عن نمطنا الاجتماعي, وأسلوب حياتنا الذي تعودنا عليه.
وأخبرنا أنه عندما هبط على أرض الولايات المتحدة الأمريكية، أصبح من اللازم عليه أن يحترم كل القوانين الأمريكية, والتقاليد الاجتماعية, التي تتوافق مع دينه ووطنيته المصرية التي يعتز بها كثيرًا, وكان من ضمن هذه القوانين ألا يجمع بين زوجتين على حد قوله, وألا يستخدم الضرب وسيلة في تقويم ابنه إذا أخطأ؛ حتى لا يقع تحت طائلة القانون, وهو الذي قد يوقعه فريسة سهلة لحملات التشهير بالعرب.
وأذهلتني الفكرة المأخوذة عنا نحن العرب, فعندما اشتد لهيب الحديث بيننا, ونحن نتابع باستغراب صورة العرب التي تصورها وسائل الإعلام الأمريكي، والتي حدثنا عنها بدا التعجب واضحًا على الجلوس؛ فالمرأة يجب أن تمشي خلف زوجها, ويمنع منعًا باتًا سير السيدات بدون حجاب, حتى وإن كن غير مسلمات, حتى إنه حكى عن فاطمة الأمريكية التي ارتضت الإسلام دينًا بعد زواجها من شاب مصري, وعندما ارتدت الحجاب تم فصلها من العمل، وكان عملاً خاصًا فذهبت لغيره, وغيره إلى أن استقر بها المكان في عمل أقل دخلاً ومكانة.
واستطرد صديقي قائلاً: وهذا لا يحدث عادةً في كل الولايات، لكن للأسف نظرة الناس هناك للعرب سيئة للغاية، إلا أنه في جميع الأحوال يجب على الزائر اتباع كافة القوانين المتبعة هناك.
جعلتني هذه الكلمة أدخل في دوامة من الأسئلة المنطقية، التي فرضت نفسها على الحديث.. لماذا لا يتبع السائح في بلادنا نفس القوانين ونفس الحالة؟
لم يفرض علينا السائح بعض الأنماط الغريبة؟ وما نعرفه ونسمعه عن تصرفات السائحين في شواطئنا الشرقية، والذي يستفز مشاعر المواطنين.
فالأجنبي في بلادنا له كامل الحقوق المكفولة له في موطنه، سواء كانت هذه الحقوق تتماشى مع عاداتنا وقوانيننا أو لا, فلم نرَ مرة في جرائدنا الكثيرة خبرًا عن إلقاء القبض على سائح شوهد مخمورًا، رغم أن مناطقنا السياحية تعج بمثل تلك الأفعال التي لا يقبلها المواطن المصري، وتخالف أعرافنا وتقاليدنا.
ونظرت في المقابل إلى بعض جزر شرق آسيا، التي يفوق عدد سائحيها سنويًا عدد سائحينا في عدة سنوات, وبرغم إمكاناتنا السياحية والأثرية التي يندر أن تجتمع ثانيةً في أى مكان في العالم، إلا أن تفوقهم علينا واضح، وهم رغم ذلك يفرضون على السائح عدم شرب الخمر طيلة زيارته, ويستبدلونها بأنواع العصائر الطبيعية غير المحرمة, ولا يوجد شكوى من السائحين, بل بالعكس يتقبلون الوضع بكل ترحاب ومودة، وفي حوار بثته إحدى الفضائيات المصرية مع عدد من السائحين، أعرب عن احترامه لعادات هذه الشعوب وتقاليدها, وأن هذا لم يمنعه من تكرار الزيارات التي تخطى عددها العشر زيارات في عشر سنوات متتالية.
ووجدت أن منعهم للخمور أو الدعارة لم يهلك مصدر دخلهم الرئيس وهو السياحة، بل زادها وحافظ عليها، وهي أنها فرصة لتقديم نموذج ناجح عمليًا، يمكن تطبيقه في بلادنا بدلاً من الخوف المفرط على السائح، فنحن نخاف من قوانينه في بلاده، وهو يريدنا أن نحترم قوانيننا في بلادنا
كاتب وشاعر مصري ,عضو اتحاد كتاب الإنترنت
هناك تعليق واحد:
أخي عماد
أوافقك الرأي أخي فنحن العرب مشهورون بكرمنا الحاتمي ، خصوصا مع الأجنبيات ، أو الأجانب . وخاصة في عدم احترامهم لتقاليدنا ، وعاداتنا ، وحرمات دين أمتنا.
السؤال الذي يطرح نفسه الأن . هل نحن حقا نحترم تقاليدنا ، وعاداتنا في بلادنا.
ذكر لي في الأردن أحد الأخوة المسلمين بخصوص شرب الخمرة في الأردن ، وقال ،"لولا ان المسلمين يقدمون على شرب الخمرة في الأردن ، لأغلقت كل الحانات ، ومعامل الكحول من أول يوم ؟ ."
للأسلام أكثر من مئة ألف ميزة / فالمسلم في بلدنا يأخذ ما يناسبه ، ويرضي غرائزه من الدين ، ويضع كل الميزات ، والحسنات ، حتى بعض الفرائض على الرف.
فأنا كعربي نصراني ، يفتخر بأن يكون جزءا من فسيفسائه ، أبغض بأن اسمع من المسلمين هذه الجمل ."اثنان ، وثلاثة ، واربعة " "روجي أنت طالق " "تزوجتها على سنة الله ورسوله" . وأما بقية ما ذكر في القرأن الكريم فأمر لا يعنيه البته ، وخاصة فرائض الصلاة ، والزكاة.
كلامك يا أخي في محله ، ويا ليتنا نحن نطبق التقيد بدين أمتنا ، وعاداتنا ، وتقاليدنا
إرسال تعليق