زياد جيوسي
أعود وحيدا..هكذا هو قدري ومسيرة حياتي، أفكر بذلك وأنا أجتاز بعض من شوارع رام الله في هذا الصباح المبكر، فقد سافرت أسرتي منذ يومين وافتقدت الدفء العائلي الجميل، افتقدت مشاكسات ومداعبات ابنتي الوحيدة، وعلي أن أنتظر حتى الصيف القادم لرؤيتها من جديد إن كان هناك في العمر بقية، أفتقد زوجتي أيضا التي كانت تشاركني بعض من مسير الفجر في شوارع رام الله، هي الحياة هكذا وقدر مرسوم أيضا، لأبتسم لعبق الياسمين من جديد وأمتع روحي بجمال مدينتي.
لا تقتصر وحدتي على سفر أسرتي وعائلتي، فقد غادرني أيضا صديقي التوأم د. هاني الحروب، الذي كنا نلتقي يوميا، نتناول وجبتنا الأساسية في السادسة مساءا بعد أن ينهي تدريباته الرياضية، بصحبة من يزورنا من أصدقاء الصومعة، فقد غادر هو أيضا في إجازته السنوية لرؤية عائلته في البعيد، فهو لا يتاح له أيضا أن يلتقيهم إلا في إجازته السنوية مرة في العام، فهو يمثل حالة نقيضة لحالتي، فهو يتمكن من السفر ولو بالإجازة وزيارة أسرته، أما أنا فلا أقدر على مغادرة بوابة المدينة، وعليّ الانتظار أن تتاح الفرصة لأحد أفراد عائلتي أن يزورني.
في الأمس اتصلت معي صديقة طيبة تعلمني بعودتها من السفر، كانت تحضر مؤتمرا في أحد الدول الإفريقية وغابت أسبوعين كاملين، هنأتها بالسلامة وتحدثنا عن أفريقيا وعن المؤتمر، قالت أتمنى لك السفر لهناك فهي فرصة رائعة لزيارة بلد أفريقي، قلت لها: يا صديقتي طموحي أن أتمكن من زيارة أبو قش، فضحكت بألم فأبو قش قرية لا تبعد عن رام الله سوى بعض من الكيلومترات، ومن لا يمتلك هوية ومحجور عليه في المدينة، لا يمكنه أن يتجاوز بوابة المدينة حرصا من الوقوع في براثن حاجز طيار من حواجز الاحتلال.
هي الوحدة إذن وان اعتدت عليها عبر هذه السنوات الطويلة، ما بين سفر أو غياب قسري أو بعد العائلة في المنافي والشتات، لكن بعد لقاء احد من أفراد أسرتي ثم غيابه، يتجدد الشعور بها، حتى أتمكن من تجاوزها من جديد، وعادة لأصدقائي الدور الأكبر في سرعة هذا التجاوز، ففي الأيام الماضية حظيت بزيارة رائعة وجميلة من الكاتب الشاب سامح عودة، قادما من مدينة قلقيلية بجوار قريتي الصغيرة جيوس، وكان لقاءنا الأول بعد أن التقينا كثيرا عبر الحروف والكلمات، أتى وهو يحمل كم كبير من الأحاديث الجميلة التي زادها جمالا أحاديثة الجميلة عن قريتي المحروم من زيارتها، حاملا بأحاديثه عبق الزعتر البري وعبق الجوافة والبيارات، فكان لقاء لا ينسى وحفر في الذاكرة خطوطا جميلة، وفي الأمس زارني صديقي المهندس الفنان فهيم في زيارة مفاجئة وغير متوقعة، كان المساء حارا كما النهار فخرجنا سويا، سرنا في شارع الإرسال مسافة جيدة، حتى وصلنا لبيت الكاتب جميل حامد الذي ما زال أعزب، وكلما التقيته يسألني متى ستجد لي عروسا وتُزوجني، فأقول له يظهر أنك أدمنت العزوبية ولم تعد فكرة الزواج تقلق روحك، اقتحمنا عليه عزلته وجلسنا جلستنا المعتادة، تحت شجرة الجوز مقابل الساحل الفلسطيني السليب، حيث نتمكن من رؤية أنوار الساحل حسب صفاء الجو، جلسة افتقدتها منذ بدء موسم البرد في العام الماضي، وككل جلسة لا بد من الخوض في أحاديث الوضع الراهن وأحاديث الذكريات.
قبل اشتداد الحرارة أفضل السير في الصباح المبكر، أشد الخطى في السير فقد تثاقلت خطواتي في هذه الفترة، حيث أنني اكتسبت عدة كيلوغرامات جديدة من الوزن، لعله من الراحة النفسية بلقاءي بعض من أسرتي، إضافة إلى الولائم والدعوات التي غمرنا بها أصدقائنا ومعظمها كانت في الأمسيات، فكانت جلسات عائلية جميلة لا تخلو من المرح، فتعود بي ذاكرتي في هذا الصباح لذكريات بعيدة، حين كانت الحياة بسيطة والظروف المادية كذلك، فلم نكن نعرف من الأطعمة إلا القليل وما يمكن أن يسد غائلة الجوع، فلم نكن نعرف هذه الأنواع والأصناف من الطعام، وأما اللحوم والدواجن فهذه كانت حالات نادرة ومرتبطة بالأعياد والمناسبات، وحين كنت أحدث أبنائي حين يتدلل أحدهم على بعض أنواع الطعام عن ما عشناه، كانوا ينظرون لبعضهم في استغراب، ربما حرصي أن أوفر لهم ما حرمت به في طفولتي، لم يسمح لهم بتخيل نوعية الحياة التي عشناها، فأشتاق في هذه الذكريات للوالدة التي آلمني جدا ما وصلت إليه حالتها الصحية، حيث تحدثت إليها قبل أيام هاتفيا وهي تعاني المرض وعوامل السن، وأنا بعيد لا يمكنني رؤيتها ولا أمتلك سوى الشوق والدعوات لله أن يشفيها، فأتذكر الطفولة بجمالها وشظف العيش فيها، فأذكر أطعمة كانت تصنعها، نقبل عليها بشهية فلا إمكانية لغيرها، فالإفطار لم يكن يتجاوز الزيت والزعتر إلا نادرا، كان الأهل يقولون لنا أنه يقوي الذاكرة، وأما ثريد العدس فهو وجبة تتكرر أكثر من مرة في الأسبوع، ودوما كان يقنعوننا أن العدس يعادل اللحم بفوائده، فأقول للوالدة ولما لا نأكل اللحم بدلا منه، ولعل الأسوأ في ذاكرتي هو الوجبة التي كنا نسميها "الرز بالبندورة"، وهو رز مسلوق بماء البندورة يترك لزجا وكنت أعتبر هذه الوجبة التي تتكرر كثيرا، عقوبة سيئة ولكن لا مجال إلا الأكل منها فلا بديل، وكنت أسعد يوم نحظى ببعض حبات البطاطا المقطعة قطعا صغيرة، ومسلوقة مع "رُب" البندورة، وان كان المحظوظ من يغوص بالماعون للحصول على قطعة البطاطا، أما اللحوم فلا مكان لها على المائدة إلا في الأعياد وعادة في عيد الأضحى، وان كنا محظوظين في فترة ما حين سكنا بيتونيا جنوب رام الله، في موسم الربيع كانت مياه الشتاء تتجمع غرب بيتونيا، مشكلة مسطحا مائيا كبيرا وكأنه بحيرة صغيرة، كان الكل يسمونه "البالوع"، فتأتي الطيور بأعداد كبيرة مثل البط البري وطيور القطا والحمام والعصافير، وكان الوالد يمارس هواية الصيد في تلك المنطقة، فنحظى حسب حظه بالصيد بأعداد من الطيور الطيبة تعوض بعض مما نفتقده، ومع عطاء الأرض الطيبة تكون الفرصة لتناول أطعمة من نبات الأرض، فنأكل الخبيزة والهندباء والبقلة وورق الزعمطوط والسِلك وغيرها مما ينعم به الله في الأرض، نجمعها من الأرض ونحضرها للبيت لتطبخها الوالدة أطال الله بعمرها، ومنذ فترة سمعت نكتة لطيفة تقول: أن هناك رجلا تزوج من فلسطينية، ففي اليوم الأول طبخت له خبيزة، وفي اليوم الثاني طبخت له بقله، وفي اليوم الثالث طبخت له ملوخية، وفي اليوم الرابع قال لها: لا تطبخي اليوم سأنزل بنفسي إلى الحقل وأرعى الأعشاب من الأرض مباشرة.
أضحك من هذه النكتة التي تعيد للذاكرة كم كان لعشب ونباتات الأرض من دور في حياتنا، فأشد بالسير عائدا لصومعتي فقد بدأت درجة الحرارة بالارتفاع، فدرجات الحرارة هذه الأيام مرتفعة نوعا ما عن ما عرفناه بطفولتنا عن جو رام الله المعتدل، ولعل ارتفاع درجات الحرارة عالميا، وافتقاد رام الله للمساحات الشجرية الكبيرة التي كانت تغطيها، مع التوسع العمراني الهائل والكبير افقد المدينة بعض من مزاياها، لذا آمل أن يواصل تجمع البلديات الثلاث رام الله والبيرة وبيتونيا حملة التشجير التي بدأوا بها، حتى يعود لنا بعض من جمال افتقدناه، وأجواء ألطف وأجمل لعلها تخفف عنا حرارة الجو، وتنسينا ولو قليلا هذا الواقع الأليم الذي نحياه، في ظل تمزق الوطن والصراع الفصائلي، الذي سلخ غزة عن الضفة وأوجد قطيعة يعلم الله إلى متى تستمر.
أعود لصومعتي وصحيفة الصباح بيدي وأستمع لنشرات الأخبار، أتصفح الصحيفة وكالعادة لا أخبار مفرحة، فالدماء التي تسيل والصراعات هي الأبرز، أقرر أن أحتسي القهوة ضاربا عرض الحائط وصية الطبيب، أستحضر خيال طيفي البعيد القريب، آه يا نجمة الصبح إن الشوق لا يتوقف.
أستمع لفيروز ككل صباح تشدو..
بلدتي غابة جميلة، حلوة التلال
حبها نغمة طويلة، أرضها جمال
صباحكم أجمل
أعود وحيدا..هكذا هو قدري ومسيرة حياتي، أفكر بذلك وأنا أجتاز بعض من شوارع رام الله في هذا الصباح المبكر، فقد سافرت أسرتي منذ يومين وافتقدت الدفء العائلي الجميل، افتقدت مشاكسات ومداعبات ابنتي الوحيدة، وعلي أن أنتظر حتى الصيف القادم لرؤيتها من جديد إن كان هناك في العمر بقية، أفتقد زوجتي أيضا التي كانت تشاركني بعض من مسير الفجر في شوارع رام الله، هي الحياة هكذا وقدر مرسوم أيضا، لأبتسم لعبق الياسمين من جديد وأمتع روحي بجمال مدينتي.
لا تقتصر وحدتي على سفر أسرتي وعائلتي، فقد غادرني أيضا صديقي التوأم د. هاني الحروب، الذي كنا نلتقي يوميا، نتناول وجبتنا الأساسية في السادسة مساءا بعد أن ينهي تدريباته الرياضية، بصحبة من يزورنا من أصدقاء الصومعة، فقد غادر هو أيضا في إجازته السنوية لرؤية عائلته في البعيد، فهو لا يتاح له أيضا أن يلتقيهم إلا في إجازته السنوية مرة في العام، فهو يمثل حالة نقيضة لحالتي، فهو يتمكن من السفر ولو بالإجازة وزيارة أسرته، أما أنا فلا أقدر على مغادرة بوابة المدينة، وعليّ الانتظار أن تتاح الفرصة لأحد أفراد عائلتي أن يزورني.
في الأمس اتصلت معي صديقة طيبة تعلمني بعودتها من السفر، كانت تحضر مؤتمرا في أحد الدول الإفريقية وغابت أسبوعين كاملين، هنأتها بالسلامة وتحدثنا عن أفريقيا وعن المؤتمر، قالت أتمنى لك السفر لهناك فهي فرصة رائعة لزيارة بلد أفريقي، قلت لها: يا صديقتي طموحي أن أتمكن من زيارة أبو قش، فضحكت بألم فأبو قش قرية لا تبعد عن رام الله سوى بعض من الكيلومترات، ومن لا يمتلك هوية ومحجور عليه في المدينة، لا يمكنه أن يتجاوز بوابة المدينة حرصا من الوقوع في براثن حاجز طيار من حواجز الاحتلال.
هي الوحدة إذن وان اعتدت عليها عبر هذه السنوات الطويلة، ما بين سفر أو غياب قسري أو بعد العائلة في المنافي والشتات، لكن بعد لقاء احد من أفراد أسرتي ثم غيابه، يتجدد الشعور بها، حتى أتمكن من تجاوزها من جديد، وعادة لأصدقائي الدور الأكبر في سرعة هذا التجاوز، ففي الأيام الماضية حظيت بزيارة رائعة وجميلة من الكاتب الشاب سامح عودة، قادما من مدينة قلقيلية بجوار قريتي الصغيرة جيوس، وكان لقاءنا الأول بعد أن التقينا كثيرا عبر الحروف والكلمات، أتى وهو يحمل كم كبير من الأحاديث الجميلة التي زادها جمالا أحاديثة الجميلة عن قريتي المحروم من زيارتها، حاملا بأحاديثه عبق الزعتر البري وعبق الجوافة والبيارات، فكان لقاء لا ينسى وحفر في الذاكرة خطوطا جميلة، وفي الأمس زارني صديقي المهندس الفنان فهيم في زيارة مفاجئة وغير متوقعة، كان المساء حارا كما النهار فخرجنا سويا، سرنا في شارع الإرسال مسافة جيدة، حتى وصلنا لبيت الكاتب جميل حامد الذي ما زال أعزب، وكلما التقيته يسألني متى ستجد لي عروسا وتُزوجني، فأقول له يظهر أنك أدمنت العزوبية ولم تعد فكرة الزواج تقلق روحك، اقتحمنا عليه عزلته وجلسنا جلستنا المعتادة، تحت شجرة الجوز مقابل الساحل الفلسطيني السليب، حيث نتمكن من رؤية أنوار الساحل حسب صفاء الجو، جلسة افتقدتها منذ بدء موسم البرد في العام الماضي، وككل جلسة لا بد من الخوض في أحاديث الوضع الراهن وأحاديث الذكريات.
قبل اشتداد الحرارة أفضل السير في الصباح المبكر، أشد الخطى في السير فقد تثاقلت خطواتي في هذه الفترة، حيث أنني اكتسبت عدة كيلوغرامات جديدة من الوزن، لعله من الراحة النفسية بلقاءي بعض من أسرتي، إضافة إلى الولائم والدعوات التي غمرنا بها أصدقائنا ومعظمها كانت في الأمسيات، فكانت جلسات عائلية جميلة لا تخلو من المرح، فتعود بي ذاكرتي في هذا الصباح لذكريات بعيدة، حين كانت الحياة بسيطة والظروف المادية كذلك، فلم نكن نعرف من الأطعمة إلا القليل وما يمكن أن يسد غائلة الجوع، فلم نكن نعرف هذه الأنواع والأصناف من الطعام، وأما اللحوم والدواجن فهذه كانت حالات نادرة ومرتبطة بالأعياد والمناسبات، وحين كنت أحدث أبنائي حين يتدلل أحدهم على بعض أنواع الطعام عن ما عشناه، كانوا ينظرون لبعضهم في استغراب، ربما حرصي أن أوفر لهم ما حرمت به في طفولتي، لم يسمح لهم بتخيل نوعية الحياة التي عشناها، فأشتاق في هذه الذكريات للوالدة التي آلمني جدا ما وصلت إليه حالتها الصحية، حيث تحدثت إليها قبل أيام هاتفيا وهي تعاني المرض وعوامل السن، وأنا بعيد لا يمكنني رؤيتها ولا أمتلك سوى الشوق والدعوات لله أن يشفيها، فأتذكر الطفولة بجمالها وشظف العيش فيها، فأذكر أطعمة كانت تصنعها، نقبل عليها بشهية فلا إمكانية لغيرها، فالإفطار لم يكن يتجاوز الزيت والزعتر إلا نادرا، كان الأهل يقولون لنا أنه يقوي الذاكرة، وأما ثريد العدس فهو وجبة تتكرر أكثر من مرة في الأسبوع، ودوما كان يقنعوننا أن العدس يعادل اللحم بفوائده، فأقول للوالدة ولما لا نأكل اللحم بدلا منه، ولعل الأسوأ في ذاكرتي هو الوجبة التي كنا نسميها "الرز بالبندورة"، وهو رز مسلوق بماء البندورة يترك لزجا وكنت أعتبر هذه الوجبة التي تتكرر كثيرا، عقوبة سيئة ولكن لا مجال إلا الأكل منها فلا بديل، وكنت أسعد يوم نحظى ببعض حبات البطاطا المقطعة قطعا صغيرة، ومسلوقة مع "رُب" البندورة، وان كان المحظوظ من يغوص بالماعون للحصول على قطعة البطاطا، أما اللحوم فلا مكان لها على المائدة إلا في الأعياد وعادة في عيد الأضحى، وان كنا محظوظين في فترة ما حين سكنا بيتونيا جنوب رام الله، في موسم الربيع كانت مياه الشتاء تتجمع غرب بيتونيا، مشكلة مسطحا مائيا كبيرا وكأنه بحيرة صغيرة، كان الكل يسمونه "البالوع"، فتأتي الطيور بأعداد كبيرة مثل البط البري وطيور القطا والحمام والعصافير، وكان الوالد يمارس هواية الصيد في تلك المنطقة، فنحظى حسب حظه بالصيد بأعداد من الطيور الطيبة تعوض بعض مما نفتقده، ومع عطاء الأرض الطيبة تكون الفرصة لتناول أطعمة من نبات الأرض، فنأكل الخبيزة والهندباء والبقلة وورق الزعمطوط والسِلك وغيرها مما ينعم به الله في الأرض، نجمعها من الأرض ونحضرها للبيت لتطبخها الوالدة أطال الله بعمرها، ومنذ فترة سمعت نكتة لطيفة تقول: أن هناك رجلا تزوج من فلسطينية، ففي اليوم الأول طبخت له خبيزة، وفي اليوم الثاني طبخت له بقله، وفي اليوم الثالث طبخت له ملوخية، وفي اليوم الرابع قال لها: لا تطبخي اليوم سأنزل بنفسي إلى الحقل وأرعى الأعشاب من الأرض مباشرة.
أضحك من هذه النكتة التي تعيد للذاكرة كم كان لعشب ونباتات الأرض من دور في حياتنا، فأشد بالسير عائدا لصومعتي فقد بدأت درجة الحرارة بالارتفاع، فدرجات الحرارة هذه الأيام مرتفعة نوعا ما عن ما عرفناه بطفولتنا عن جو رام الله المعتدل، ولعل ارتفاع درجات الحرارة عالميا، وافتقاد رام الله للمساحات الشجرية الكبيرة التي كانت تغطيها، مع التوسع العمراني الهائل والكبير افقد المدينة بعض من مزاياها، لذا آمل أن يواصل تجمع البلديات الثلاث رام الله والبيرة وبيتونيا حملة التشجير التي بدأوا بها، حتى يعود لنا بعض من جمال افتقدناه، وأجواء ألطف وأجمل لعلها تخفف عنا حرارة الجو، وتنسينا ولو قليلا هذا الواقع الأليم الذي نحياه، في ظل تمزق الوطن والصراع الفصائلي، الذي سلخ غزة عن الضفة وأوجد قطيعة يعلم الله إلى متى تستمر.
أعود لصومعتي وصحيفة الصباح بيدي وأستمع لنشرات الأخبار، أتصفح الصحيفة وكالعادة لا أخبار مفرحة، فالدماء التي تسيل والصراعات هي الأبرز، أقرر أن أحتسي القهوة ضاربا عرض الحائط وصية الطبيب، أستحضر خيال طيفي البعيد القريب، آه يا نجمة الصبح إن الشوق لا يتوقف.
أستمع لفيروز ككل صباح تشدو..
بلدتي غابة جميلة، حلوة التلال
حبها نغمة طويلة، أرضها جمال
صباحكم أجمل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق