آه يا ابن آدم آه..
سيدي!
ها أنت تعود إليَّ في موسم زيتون آخر،
ربما قد نسيت موسمنا الفائت! ألست إنسانا يقلب الله قلبه كيف يشاء؟ لكنني أنا..
لن أنساه أبداً ما حييت. جئتني يومها لتنعم بعطائي وتسعد بلقائي ،
فاشتد غضبك عليّ، وتجمعت تجاعيد وجهك حينما وجدتني قليلة الحبّ،
وشحيحة العطاء, قمت فلعنتني ولعنت وجودي، ونعتني بأقبح الأوصاف!
ما كان ذنبي عندما حبس الله عنكم الغيث لكثرة ذنوبكم وخطاياكم؟
ماذا جنيت حينما انشغلتم عني بالتناحر على المناصب والمكاسب؟
فيبس عودي ، واشتد ظمأي وقلّ عطائي!
وها أنت تعود إليَّ بعد غيابك الطويل، متلهِفٌ لقطف ثماري، مشتاقٌ لظلي الظليل ..
لا لن احبس عنك الخير الوفير، ولن أعاتبك على إهمالك الكبير ،
فزيتون فلسطين لا ينكر الجميل.
آه يا ابن آدم آه..
ما بالك اليوم تأتيني وحيداً، مثقل الهموم كئيباً، وقد كنتم جميعاً تحتضنون موسمنا بهمة ونخوة ووفاء؟!
وتعقدون فوق الروابي حلقات الدبكة ، والرقص والحداء !
أما زال محمود وإسماعيل يقتتلان على عبادة العجل الذهبي،
ويشنان على الأهل الكراهية والبغضاء؟ فتفتت شملكم .. وتفرقت مشاربكم!
عجباً سيدي .. أيُقَسّم زيتي هذا الموسم إلى ماركة فتحاوية وأخرى حمساوية؟
وأنا الزيتونة الفلسطينية لا شرقية ولا غربية! يا حسرةً أيها الزيت الفلسطيني،
فقد فسد طعمك، وبهت لونك وسيغدو وهجك الوطنيّ ابخس الأثمان.
آه يا ابن آدم آه..
ما بالك تقصدني اليوم وبيمينك عصاً غليظةً 'مرقطة' ؟ وقد كنت تأتيني بالمجوز والقربة واليرغول!
أجئت تضربني وتكسر أطرافي كما يصنع أبناء عمومتك بحقول الزيتون؟
أم جئت لتلقي عصاك فإذا هي حية تلقف ما يكيدون ويحيكون؟
فبالأمس القريب حضر إلى الحقل مختار القرية وصديقه (شمعون)،
فاقتطع صديقه الحاخام الحميم غصن زيتون صلبٍ من زيتونة أم احمد العجوز ،
ظننت أن المختار احضره لينقش لها درعاً على شرف ذكرى ولدها الشهيد
،لكنني سمعت (شمعون) يحدثه، بأنه ينوي نحت تمثال يجسد حلم هيكلهم المزعوم!!
آه يا سيدي ثم آه.. ليتني حنظله! لأرسم فضائحكم فوق جدار العزل الملعون!
آه يا ابن آدم آه..
هيا أفرش تحت أفناني بقايا أكياس التموين! فراشاً يتلقف الحبّ،
واضربني بعصاك الغليظة بقسوة وبلا رحمه لأدر عليك ثمري الوفير!
لا تقلق ! اضربني، لا ترحم !
سيخرج بعض زيتي من شدة ضرباتك ..ليكتب فوق أكياس الصليب الأحمر، وبقايا ثياب المبعدين:
' إنّا باقون ،ما بقي الزعتر والزيتون/ ما بقيت آيات الإسراء وما بقي اللوح المكنون '.
آه يا سيدي ثم آه..
قد بت أخشى أن تذهبوا.. وترحلوا ..ويذهب الزيتون !
آه يا ابن آدم آه..
استحلفك بالله ! لا تنس من زيتي نصيباً لذوي الشهداء، وللأيتام، ولأم احمد،
ولسراج الأقصى الذي بات يخبو نوره وانتم تنظرون !
وكل موسم وانتم بموسم زيتون.
(جت المثلث)
الأحد، أكتوبر 19، 2008
إنّا باقون ما بقي الزعتر والزيتون
عوني وتد
Labels:
عوني وتد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق