الاثنين، أكتوبر 13، 2008

صلاة

فوزي ناصر

وقف امام الكنيسة التاريخية ,رفع عينيه نحوالسماء فاتحا ذراعيه ,ثم ركع وسجد , وما ان انتصب ثانية اخذ يرسم اشارة الصليب قائلا :بسم الله الرحمن الرحيم, رفع يديه ثانية نحو السماء وتمتم :اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله, وبعد صمت قصير اضاف:واومن ان سيدنا عيسى بن مريم نفخة من روح الله.

ذهل مرافقوه مما راوا وسمعوا, لم ينبس أي منهم ببنت شفة بل اكتفوا بعلامات الاستهجان على شفاههم وفي عيونهم. أنستهم المفاجأة ما في الكنيسة من عبق التاريخ والبخور. مر الوقت بطيئا وكان جل تفكيرهم بما سيسمعون حين يخرجون.

ما أن حان وقت الخروج حتى هرولوا وتحلقوا حول زميلهم محاولين سماع تفسيره لما حصل, ظنوا ان زميلهم التاجر الذي عرف بالغش اصيب بمس او نزل عليه وحي! او في احسن الاحوال يطلب الصفح , وتمنوا ان يتوب ويصير مثال التاجر الامين.

اخذوا يتذكرون نوادر غشه وبخله , تذكر احدهم كيف يجمع التاريخ في فاتورة الحساب , وتذكر اخر كيف كان ينتفض حين يقول له جليسه(هات كاسك لاملاها) وكيف كان يفرح حين يقال له(خذ الزجاجة واملأ كأسك)! وأخذوا يتذكرون زوجته التي كان يرتجف خوفا حين يسمع اسمها او صوتها.

تدافعوا وتسابقوا اليه وكم كان شغفهم عظيما لسماع ما يقول, هذا الرجل الذي ما كان أحد يحتمل كلامه! قال انه شهد الشهادتين لأنه سمع انهما طريق الجنة , ورسم اشارة الصليب لأنه سمع ان المسيح طريق الخلاص.

حين بداوا يهرجون سأله احدهم عن سر خشوعه وتمتمته امام الهيكل وهو الحامل لذنوب لا حصر لها , قال: اعترف اني لا اميل الى السرقة ولا اميل للغش , اني اقوم بذلك بألم كبير ,ذلك لأن زوجتي طماعة ومبذرة ,ولا يمكن ان ارضيها الا بمزيد من المال , وهذا لا يكون الا بالغش . وحين وقفت امام الهيكل قلت لربي:"اعلم يا سيدي ان المبذرين اخوة الشياطين , طلبي ان تيسر لي الربح الكثير كي ارضي الشيطان الذي يشاركني فراشي"!

ليست هناك تعليقات: