الجمعة، أغسطس 29، 2008

لفتة هامة لتكريم الأديب والمناضل الكبير حنا ابراهيم


نبيل عودة
التكريم جري " بسرية " وبغياب صارخ لأقرب الأصدقاء والزملاء

لم يسرني ويلفت انتباهي خبر ثقافي بالقدر الذي سرني ولفت انتباهي خبر تكريم بلدية الشاغور للشاعر والكاتب والمناضل الكبير حنا ابراهيم.
وبنفس الوقت أغضبني هذا الخبر .. لأن تكريم انسان بمستوى حنا ابراهيم يستحق ان يكون حدثا أدبيا يتناول ابداعات ونضال هذا الانسان المميز في مسيرته الحياتية والثقافية.
أولا شكرا لبلدية الشاغور على هذه اللفتة الكريمة .. التي أرى بها تكريما ليس فقط لإنسان له دوره ومكانته في ثقافتنا ونضالنا السياسي والاجتماعي ، انما لفتة طيبة ، عبر احد أبرز الرواد في ثقافتنا ، الى مسيرة ثقافتنا النضالية العربية داخل اسرائيل .
ثانيا لماذا لم ُينظم التكريم بشكل واسع ، وبدعوة ادباء شعبنا ، وعلى راسهم أصدقاء حنا ابراهيم وزملائه في النضال والفكر ، الى هذا التكريم الهام لنا جميعا؟!
حنا ابراهيم ليس اديبا آخر في ثقافتنا ، انما هو الأديب الذي أرسي بمشاركة رواد نا الثقافيين ، جذور أدبنا ، وصيغنا النضالية ، وتمسكنا بأرض الآباء والأجداد ، عبر تحد سياسي بطولي نادر في تاريخ الشعوب.
المعركة العملاقة التي خاضها جيل حنا ابراهيم جعلت منا شعبا متراص الصفوف ، جريئا في النضال ومقاومة الاضطهاد القومي وارهابه ، في أكثر الظروف سوادا بتاريخنا ، بعد نكبة شعبنا الفلسطيني .
جيل حنا ابراهيم قاوم سياسة التجهيل بلغتنا وتراثنا وأرسى نهجا ثقافيا نضاليا كان الفاتحة والقاعدة الصلبة لتطور أدبنا ووصوله الى ان يصبح أحد ابرز ممثليه ، محمود درويش .. أهم شاعر عربي معاصر .. الى جانب ادباء وزملاء اسسوا لنهج ثقافي نضالي صار نموذجا ومثالا ثقافيا وسياسيا للشعوب.
مع ذلك لعلها هفوة من بلدية الشاغور ، ولكني أطمع الى تكريم لحنا ابراهيم يستحق هذه الصفة حقا ، عبر مشاركة واسعة من أدباء شعبنا ، وفي مقدمتهم زملاء وأصدقاء حنا ابراهيم ، الذي زاملوه أيضا بالنفي والسجون والملاحقة البوليسية والتعرض لهراوات الشرطة ، وزاملوه في المشاركة في المهرجانات الشعرية والسياسية التي أعطت لشعبنا عنفوانه السياسي ووعيه لأهمية الحفاظ على تراثه ولغته في مواجهة شراسة سياسة التجهيل والتجويع والارهاب وشراء الذمم .
حنا ابراهيم ليس أديبا فقط ، وليس مناضلا سياسيا فقط ، انما هو سجل شامل لتاريخ شعب ، وتاريخ نضال ، وتاريخ ثقافة .. ومن المؤسف ان هذا السجل يبقى "داخل الحصار" .. غائبا عن الأجيال الجديدة .
بظل أبطال مثل حنا ابراهيم نشا جيلنا وتثقف سياسيا . على رعد قصائد حنا ابراهيم وزملائه الطلائعيين في مهرجاناتنا السياسية والشعرية ارتبطنا بثقافتنا وبدأنا خطواتنا الأولى كأدباء امامنا أفضل نموذج يمكن أن يحلم عليه الأدباء الناشئين . وحقا أثبت هذا النموذج أهليته وأهميته ومضمونه التربوي والثقافي والسياسي .
فهل لا يستحق حنا ابراهيم تكريما لمسيرته النضالية والثقافية ، تتجاوز الحدود "شبه السرية " التي تكرمت بها بلدية الشاغور، مشكورة رغم كل شيء؟
حقا أشعر بالألم بان لا أكون حاضرا في تكريم بطل من أبطال شعبنا بكل المفاهيم .واكاد أشعر بألم أصدقاء وزملاء ومحبي حنا ابراهيم .. الذين جرى هذا التكريم من وراء ظهورهم!!

نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com

ليست هناك تعليقات: