عـادل عطيــة
فى إحدى المستشفيات
كان لقاء
وكانت صداقة
وكم من صداقات ، هى وليدة الألم : آلامنا ، أو آلام غيرنا !
لذلك فهى حميمة ، وعظيمة بمقدار الألم العظيم !
**
تعرّفت إليها :
أرملة وثكلى فى مقتبل العمر
فقدت وليدها ، وزوجها
فى حادث مأساوى
أبقى آثاراً واضحة المعالم على جسدها ، الذى كاد أن تلتهمه النار
إلا نفسها
فقد حمل روحها ، باقتدار ، جسدها الذى يئن !
ناولتنى صورتها ،
التى سبقت الحادث ،
وقالت لى :
هذه آخر صورة ألتقطت لى
فقد امتنعت عن الظهور فى أى صورة من الصور : فردية أو جماعية
كانت الصورة جيدة زاخرة بالحياة ،
أو : كالحياة ذاتها
تأملت تلك الملامح ، التى كشفتها العدسة فى لقطة
ففى كل صورة من صور الإنسان غنى لا ينضب
إنها جزء منه ، ومن شخصيته
مع اننا أمام العدسة ،
لا نرى سوى أنفسنا ،
ولا نحس إلا باللحظة الزائلة التى ينفتح فيها مصراع آلة التصوير ،
وينغلق فى اقتناص !
وتساءلت :
ترى ماذا كنا سنبدو فى تصاويرنا ،
لو كنا نعلم بما سيحدث لنا من أحداث عميقة ومؤثرة ؟
فلو كانت هذه السيدة التى ترقد على السرير الابيض ،
تعلم بما سيلم بها فى المستقبل ،
لما ظهرت على بساطتها ،
وهدوئها ،
المرتسمين على وجهها فى هذه الصورة ،
ولفقدت إلى الأبد واحدة من الذكريات التاريخية فى حياتها
**
لا بد وأن نقر بأن الجمال الحق لا يكمن فى الملامح المتناسقة ،
بل فى الروح الثاوية خلف حجاب يقينا مصاعب الحياة
وكمهمة المصور،
علينا أن ننفذ إلى ما وراء المظهر الخارجى ؛
لنكشف الجمال المستتر
فلوحة : " الجيوكندا " أو : " الموناليزا "
الشهيرة والثمينة
لا يرجع تقديرنا لها إلى جمال مثير فى سيدة اللوحة ،
وإنما لما وراء هذه اللوحة من مشاعر وومضات وعبقرية الفنان ،
الذى وجه أنظارنا بلمساته السحرية :
إلى ذواتنا بما فيها من خلق ، وابتكار، وإبداع
وإلى غيرنا ، فنشاركهم مشاعرهم
وإلى ذاته ، إلى : ليوناردو دافنشى
الإنسانى العميق
الذى تأثر كثيراً بأحزان سيدة اللوحة : ليزا الشمعة المحترقة !
**
اعدت الصورة إلى سيدة الصداقة
وقد تعلمت :
أن الانسان أعظم من الصورة
ومهما شوهته الأحداث جسدياً ،
ستبقى فيه تلك الروح الخلاقة المتصلة بالله ،
فهى التى تعكس مدى أهميته فى الكون
adelattiaeg@yahoo.com
الخميس، أغسطس 28، 2008
أصل وصورة
Labels:
عادل عطية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق