د. عبدالله عقروق
فالكلمة الاخيرة لرب العامين ..وليس هنالك اي اعتراض على حكمه ، فالرب اعطى والرب اخذ . فالمرحوم باذن الله محمود درويش قد لبى دعوة ربه ، واعاد الامانه لمستحقها الاوحد ..ودفن في فلسطين وتم احضار ترابا من قريته ، وسارت في جنازنه لا يقل عن مليون نسمة جاؤا من اقسى المعمورة ليشاركوا مراسيم دفنه .
وبكاه ورثاه الملوك ورؤوساء الجمهوريات ، وشاهدوا جنازته عشرات الملايين من الشعب العربي من كل انحاء المعمورة . بكته كل عيون الشعب العربي من المحيط الى الخليج ، شيوخا وشبانا ذكورا واناثا ، وصغارا واطفالا وحتى الغرباء.
وتتلمذ على يديه الناس .واصبحوا يعرفون عن ماسي المحنة ،والغربة ،وجغرافية فلسطين، وتضاريسها ، واشجارها وبيوتها ، وأعشابها ، ورجالها ، ونساؤها ، وانقسامانهم ، وافراحهم ، واتر احهم ، واعيادهم وعن كل شيء يخص فلسطين تاريخا وحاضرا . واثرى المكتبات العربية والغربية يادبياته، وافعاله الوطنية ، وانتاجاته العملاقة اللامثيل لها في الوقت الحاضر.
له الشعب العربي كل قصائده ، وغصت كل قاعات عند وجوده بالوف الحاضرين . واعتبر بدون منازع انه من اعذب شعراء العالم كله واصدقهم بالتعبير عن خلجات نفوسهم الدفينة ، والهبت مشاعرهم في كل المناسبات . حتى اصبحيعرف بشاعر المثقفين البرجوازين من رواد المجتمعات المثقفة جدا .عاش حبيبنا المرحوم محمود عيشة حافلة بالنشاطات والابداعات .
عاش كبيرا ومات كبيرا . وكان ما بين الولادة والموت جسرا يحمل احاسيسه الوطنية ، وعبر عنها بقصائده ومحاضراته، وندواته ، وكتبه ، ودوواينه..وكانت حياته مليئة بالآنجازات الوطنية الخالدة.فالمرحوم محمود كان من فلسطين . وكتب بكثب عن فلسطين وصورالالام بلوحات شعرية رائعة ، وكتب عن النضال وطرق التحرير والعودة . قرأ له معظم الوطنين وغير الوطنين .
وتأثروا جدا من أقواله وكتاباته . وذرفوا الدموع ، وأشعلوا الشموع ، وبكوا بكاءا مرا ، وتألموا لما يحصل لشعبنا في الاراضي المحتلة ...ولكن بعد الفوران المؤقت كانت كلمات المرحوم محمود تتلاشى من العقول كأن شيء لم يكن . وكان يمضيالناس بعد ذلك لامورهم الخاصة ..وكأنك يا زيد ما غزيت .كانت كلمات المرحوم محمود بمثابة المبكى الذي يقصده الناسك المتعبد ويضرب براسه عرض الحائط حتى يدمي جبينه ، ويصب كل غضبه وكر هه وبعدها يعود الى وضعه الطبيعي
ان شعر المرحوم محمود هو بمثابة البكاء على الاطلال . هو افيون ومسكن ومخدر بأن واحد . والشعب أدمن عليه ونسى بان استرداد الاوطان تتم بالعمل الميداني وبحمل السلاح والحث على الدفاع عن الوطن بالمقاومة والمجابهات .
ان شعر المرحوم محمود هو بمثابة مجلس الامن يقصده دبلوماسينا العرب ويلقون اعنف الخطابات ، ويجتمون مع عشرات الوفود ، ويواصلون الليل بالنهار في المفاوضات وثم يتم التصويت ، ويكون احيانا لصالحهم ولكن دون تنفيذ .انهم يضعون كل غضيهم وجهدهم لنجاح القرار وعندما ياتي التنفيذ ولا يتم تنفذيه فيعودون مطئطئين رؤوسهم الى مكاتبهم .
أن شعر المرحوم محمود لا يمكن ان نسميه شعر مقاومة اوشعر ثوروي .هو من اجمل انواع الشعر. ممكن ان نطلق عليه شعر فولكلوري يصلح للمناسبات الوطنية . ولكنه لا يصلح البته ليكون شعرا ثوريا يؤدى بنهاية المطاف الى ان يخرج الناس ويتدفقون امامالمكاتب الفلسطينية للتطوع لاجل فلسطين تماما كما فعل شعراء المفاومة قي فرنسا وامريكا ودول امريكا اللاتنية .
ولم يحرض على انتفاضة في حين ان اطفال الحجارة الذينلم يقرأوا شعر المرحوم محمود اشعلوا انتفاضتين . فشعر المرحوم محمود كان يلهب مشاعر الناس وينتهي تاثيره بعد دقائق من سماعه .يعتبر شعر المرحوم محمود من اروع الشعر فلسطينيني .
وهنالك مئات الشعراء الفلسطينين وغير الفلسطينين قد كتبوا شعرا عن فلسطين في نفس البلاغة ونفس العمق لم تتح لهم المجالات ليشتهروا كما اشتهر المرحوم محمود وربما يكون كثيرون منهم او منهن من تتلمذوا على يديه وتبعوا اسلوبه ونهجه وحماسته ...
فنحن لا نبكي المرحوم محمود شاعر فلسطين بل نبكيه لانه من فلسطين والهب مشاعرنا الوطنبة بقصائده كما فعل غيره ولم يشتهروا كشاعرنا البرجوازي ، الثري ، المحبوب من القيادات العربية لآن شعره يؤدي نفس الطريقة التي تتبعها بعض المؤسسات الحكومية بامتصاص غضبالشارع بالجمل والكلمات لتهديئة الغليان في داخلهم .
فالضغط يولد الانفجار . والانفجار يولد ثورة. والثورة تؤدي الى هزهزة كراسي كثيرة .فاتاحوا المجال لظهور شخصية كرزمية تحميهم من غضب الشارع وثورتهم . فشعر المرحوم محمود قد حمى كراسي كثيرة كما حمى اسرائيل من غضب الشارع وبجنازته الملوكية قد فتحت الابواب على مصراعيها لنحتفل بعدها بشعراء كثيرين غير المرحوم محمود .فالمرحوم يستهال كل هذا التعظيم والاكرام ..فهل سيتم بعده – بعد عمر مديد – لغيره من الشعراء الفلسطينين هذا التكريم .
فأن كان ، وار جو ذلك ، فبالحق نكون امة تقدر ادبائها جميعا دون تميزلقد كتب الشاعر الفلسطيني احمد دحبور في الثمانينات قصيدة عن فلسطين . وشطرة واحدة منها قد عبرت عن كل ما كتبه شعراء فلسطين حينما قال يصف الفلسطيني ،" أنا المطعون بكل حراب الاهل على كل الساحات " ..فاعمال المرحوم محمود ستبقى الكعبة لاعمال ادبية رائعة تصلح لاعمال فولكلورية تبكيالناس ولكنها لا تصلح البته الى اعمال مقاومة وثورة ..
فحذار ان نخلط بين اعمال محمود الادبية الرفيعة المستوى ونطلق عليه شاعر المقلومة او شاعر الثورة .أن شطرة واحدة من قصيدة الشاعر الفلسطيني ربما اثرت كثيرا على الشارع الفلسطيني .وبالامس وقف الرئيس الفلسطيني يتحدى ارادة الله سيحانه وتعالى عندما غضب لوفاة المرحوم محمود قبل ان تولد دولة فلسطين ليكنب عنها المرحوم محمود .
لم نصل بعد الى هذا الافلاس من الشعراء الفلسطينين . فكان اجدر بان يعد المرحوم محمود بالصلح مع الفئات الاخرى ، واعادة بناء البيت الفلسطيني وثم اقامة الدولة الفلسطينبة وعاصمتها القدس الشرقيه.
فنم يا شاعرنا الوسيم . فالرب سبحانه وتعالى يريد ان يجنبك مأسي قادمة اتية لفلسطين وشاء رب العالمين الا تطلع عليهاوساظل يا حبيبنا محمود اضيء لك شمعة عندما اصلي لاعمالك الادبية ،وانسانيتك العذبة واخلافك الرفيعة العالية وجاذبيتك الخارقة وعطاؤك الذي سسيبفى نبراسا للاجيال القادمة . فالرب اعطى والرب اخذ وانا لله وانا البه راجعون
هناك تعليق واحد:
ستالينية بائتة ينتفض موتاها بين الحين والآخر لإعادة خطابية شعبوية مسطحة سقطت في كل حركاتها في مواجهة العالم الآن هقروق من مقبرة السالينية يعيد قراءة وصية النظام المتبخر . وكأن درويش لم يكن في حلوله في شعبه وفي شيوعيته المتطورة الناضجة ايقونة خلاص الفلسطيني في معادلة المعاصرة.
نم اخي عقروق في ورق التوتاليتاريات الكوميدية , واجراؤها مستوردي ثقافتهم الاثرية واجب لم لم يستطع كافة الشعراء الشعبويين والماويين والماياكوفسكيين والمسطوحين في مقاهي انظمة القمع لماذا لم يتجاوزوا درويش كان عليك ان تذكرهم بهذع المهمة الجليلة لكنك لم تفعل من الممكن لضآلة صوتك على كل حال حاول عقروق حاول.
إرسال تعليق