نبيل عودة
راكب الحمار لفتاة جميلة : لم أعرف ان القمر ينزل على الأرض.
الفتاة : وانا أول مرة أرى حمارا بطبقتين.
بعض البشر يبلغون سن الرشد متأخرين، أو هكذا يتوهمون قبل نفوقهم بسنوات قلية، والمميز لمثل اؤلئك الأشخاص ، انهم يتوهمون في ذاتهم كل الكمال المطلوب للتجلي ،حتى على ظهر حمار.
اراد المللك فاروق في زمنه أن يستعرض الباكوات والباشوات في مملكته .. فطلب ان يجري استعراض ضخم ، يركب فيه الباكوات على ظهور الخيل ، ويركب الباشوات على ظهور الحمير . ويمرون من أمام منصته المزينة والمحروسة بشدة .
وهذا ما كان.
في يوم العرض ، مرت قافلة طويلة جدا من الباكوات على ظهور الخيل .. مما اثلج صدر الملك الفريد وملكته فريده. وفيما بعد مرت قافلة طويلة جدا من راكبي الحمير الباشوات ، وورائهم كانت مفاجأة لجلالة الملك الفريد ، اذ سارت على الأقدام قافلة لا تظهر نهايتها . تفاجأ الفاروق وسأل وزير التشريفات الملكية : " ما هذا يا وزير ؟ " فرد صاحب الفخامة على تساؤل جلالة الملك فاروق : " يا مولاي ، كما أمرت مر الباكوات على ظهور الخيل ، أما الباشوات فأركبناهم الحمير ، ولكن تبين أن عددهم أكبر من عدد الحمير في المملكة ، فما كان منا الا ان جعلناهم يسرون على اقدامهم لتستعرضهم جلالتك " .
فهل من المستهجن ان الواهمين بأخلاقهم وشديدي الحساسية والحياء لكل تلميح جنسي ،يركبون حميرهم القبلية ؟
لا بأس ليس هذا موضوعي الأساسي، ولكنه تمهيد لا بد منه لفهم نفسية أشخاص أقرب شيء اليهم هم شغيلات الليل ، وأمامنا نماذج فضحت نفسها على الشبكة العنكبوتية ، في محاولة القفز من قاع القفة الى أذنيها.. متسرعين الظهور والشهرة ، وكسب أكثر ما يمكن من الزبائن .. بعرض بذاءاتهم العقلية ، ولو على ظهور حمير القبيلة .
في أول مطب أقاموا حدا للأخلاق . أولاد " الايه .. " صاروا أخلاقيين . حكاية رمزية خدشت حيائهم رغم أخلاقهم التمساحية . اما تفكيرهم الغارق بالجنس ، والاباحية والنكاح والوطوء فهو من باب الاخلاق والورع والطهارة كما يدعون . ظلامي متخلف ينخدش حيائه وجلده التمساحي من قصة رمزية معبرة وجميلة في كل المقاييس. لا بأس ، لا أكتب لكي أخدش حيائه ،ولا يقلقني حياء الحمير . ويستطيع ان لا يقرأ ما أكتب ، ولو لم تكن كتاباتي تشد القراء ، وتثير النقاش ، لغة وأسلوبا وأفكارا وقصصا ، لما قرأ أحد كتاباتي أصلا. وبالتأكيد ما كنت أتعرض لرفس الحميرونهيقها .
لم أكن البادئ في قذارة اللسان والنفس مع أي انسان .. ولكن لو كانت مقاييس ثقافية وفكرية في صحاقتنا ، لوجد صاحب الحياء المخدوش نفسه وكتاباته في القمامة ، وليس على الشبكة العنكبوتية أو الصحافة المطبوعة.. ولكننا في سوق ، تتحكم فيه مقاييس تفتقد لأبسط شروط النشر . اركب حمارا سياسيا وستصبح باشا من الوطنيين .. حتى لو تفوق عدد الحمير على عدد الباشوات .. ستظل باشا سائرا على قدميك وراء الحمير على الأقل .
تقريبا لم يناقشني أحد حتى اليوم ، من كل الباشوات والباكوات والأغبياء بجدارة ، في ما أطرحه . ناقشوني في ما تخيلوه نقاط ضعف من السهل ان يطعنوني عن طريقها. كراهية شخصية ؟ لا أملك تفسيرا آخر ..!! نقاشهم خلو من الفكر . خلو من اللغة الأخلاقية ، خلو من الموضوع وخلو من العقل والمنطق البسيط . وهم بغباء لدرجة انهم لا يعلمون اي هاوية يقفزون اليها. حتى الحمير غير المركوبة لا تنزلق لمثل هذه الهاوية!!
لا اريد ان أدخل في نقاشات سفسطائية ، وقتي لا يسمح لي باللهو مع فتيات ليل .. ومع مشاعرهم التي تخدشها حكايات فيها لمحات جنسية، مدعين انها ضد الأخلاق ومحرمة أخلاقيا.. متجاهلين ان أجمل صفحات تراثنا العربي ، هي الصفحات التي يشكل الجنس جوهرها الأساسي. وأقول اني سأتفرغ بعد هذا المقال لما يفيد البشر ويغيظ الجالسين في الطبقة الأولى. فانا لاأرى فائدة من نقاش حميري ، لا يعرف غير الرفس والنهيق.
هل حقا الجاهلين ، مدعي المفهومية ، لهم اطلاع عل الثقافة العربية .. على تراث العرب ؟؟
تعالوا نترك التراث وسأعود الية لتقديم نماذج ... لعلهم يطلقون التراث العربي بالثلاث..
يدعون الايمان والورع ، هل من صفات المؤمن ان يتطاول على الناس بدون سبب ؟ هل من صفات الورع الامتلاء بالكراهية لسبب غير معلوم لي حتى اليوم ؟ لايخيفني التطاول، و "يا خوف عكا من هدير البحر" - ولا تخيفني كراهيتهم ، لينصهروا بها .. ولكن هل يعرفون أيضا ان كل الكتب السماوية تفيض بقصص الجنس ، والجنس الفاحش الاباحي ؟ والمنطق ان الجنس يشكل مساحة هامة من حياة الانسان ... ؟
"جاءت امرأة الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقالت: يا أمير المؤمنين، زوجي خير الناس يقوم الليل ويصوم النهار!
فقال رجل في المجلس معقبا : ما سمعت شكوى أمر من هذه .
فقال عمر: ما تقول؟ قال : تقول انه ليس لها من زوجها نصيب.
فأرسل عمر الى زوجها وأمره بتخفيف العبادة واعطاء زوجته نصيبا من وقته ".
اذن هل سيطلقون الايمان بالثلاثة أيضا لأنه يخدش حيائهم ؟ ومتى كان حياء لجاهل؟
أفهم ان من يقلقه الجنس هو الذي يعاني من حالات مستعصية ، في تربيته ، وفي أخلاقه ، وفي نظرته للحياة والمجتمع .
ربما صار حرف الصفر في اللاتينية يخدش حياء الدواب البشريين لكونه حرف مدور قد يوحي بأمور مدورة أخرى كما يؤكد خبراء تفكيك النص في ابحاثهم حول ما يطرحه أصحاب الفكر الماضوي الظلامي في رؤيتهم للحياة والجنس والعلاقات الاجتماعية .
عندها علاجهم سيكون في اسطبل للحمير ليشبعوا نهمهم ...
كلمة الحب .. ممنوعة . لقاء بين حبيبين في قصة ، جريمة خلقية. حكاية عجوز يطلب مشورة رجل دين حول مشكلة يواجهها مع زوجته ، تجعل من كاتب الحكاية عجوزا مراهقا .
في أي قرن يا قرون نحن نعيش ؟
تعالوا نستعرض بعض قصص التراث العربي من حضارة العرب بعد الجاهلية وليس قبلها، أعتمدت فيها على مصدر موثوق ، للباحث المعروف د. هادي العلوي ، من كتابه " المستطرف الجديد " . وهو نتيجة بحث وخبرة عشرات السنوات ، وبالتأكيد يفهم أفضل من شغيلات الليل بقصص العرب وحكاياتهم الجنسية . ولتنخدش مشاعركم وتشتموا تراثنا وجامعي هذا التراث ...
* - ذكريات جارية ( ص:293)
قالت غريب: ضاجعني ثمانية خلفاء ما اشتهيت منهم الا المعتز.
وهنا سئلت: وأين انت الآن؟
فقالت : الشهوة باقية لكن الأداة بطلت!
· - ذوق(ص:292)
كانت عائشة بنت طلحة في منزلها وعندها صديقة لها. فبينما هي تحدثها اذ دخل زوج عائشة واتجه من فوره الى غرفته وأومأ اليها فتبعته ودخلت الغرفة وأغلقتها عليها. وظلت الصديقة جالسة فسمعت من الشهيق والنخير ما هالها... ثم خرجت عائشة وجبينها يتفصد عرقا.. وقالت الصديقة مشيرة الى ما سمعته:
- ماهكذا تفعل الحرة. فأجابت عائشة:
- ان الخيل لا تشرب الماء الا مع الصفير... ( العقد الفريد )
-
· - مفاضلة ( ص: 282) أبو حنيفة:
- النكاح أفضل من العبادة .
* ضد الزواج ( ص : 289)
شاعر:
لا تبغ في الدنيا نكاحا لازما
وافعل بها ما يفعل الزنبور
هذه مقاطع .. وما لم أقدمه كنماذج مذهل أكثر في خدشه لحياء التماسيح. أقرأوا قصائد أبو النواس .. اقرأوا طوق الحمامة .. اقرأوا كتاب "من روائع التراث الجنسي عند العرب" لبكر محمد ابراهيم. اقرأوا كتاب " النكاح والجنس في التراث العربي" لراغب الأصفهاني. اقراوا كتاب الأغاني للأصفهاني ، اقرأوا العقد الفريد ، اقرأوا الجاحظ ، اقرأوا ابن الفارض .. .. ماذا كان المتخلف سيقول عن الكاتبة الروائية سلوى النعيمي التي بدات روايتها " برهان العسل " بهذا النص : "هناك من يستحضر الأرواح، أنا أستحضر الأجساد، لا أعرف روحي ولا أرواح الآخرين، أعرف جسدي وأجسادهم. هذا يكفيني. أستحضرهم وأعود إلى حكاياتي معهم عابرين في جسد عابر، لم يكونوا لي أكثر من ذلك. الأمور محددة الأفق منذ البداية. إذن؟. أستعملهم؟، أدوات جنسية؟، ولم لا ؟."
من بين 100 كتاب الأكثر مبيعا عام 2007 احتلت كتب الجنس التراثية أماكن متقدمة منها :
الروض العاطر في نزهة الخاطر - المرتبة 50 رجوع الشيخ إلى صباه - المرتبة 51 نزهة الالباب فيما لا يوجد في كتاب - المرتبة 68 الجنس عند العرب ج1 - المرتبة 72 الجنس عند العرب ج2 - المرتبة 88
لا اتحدث عن الأدب الحديث العربي والاجنبي .. لم أقرأ بعد رواية لا تعتمد على جانب جنسي . لذلك انتم لا تقراون .. وتعيشون بنعيم جهلكم .
اما قصة بسيطة فتثير بغال الفكروتبدأ المناطحة والرفس ... ليس سرا ان الهدف هو انتقام سياسي من نبيل عودة ، التقى فيه الماضويين مع القومجيين .. هذا واضح من النصوص ومن الطروحات غير الناضجة. وهذه الرغبة في الانتقام قديمة جدا ، وقد فشلت محاولات سابقة خاضها المغادر وطنه قسرا باسم مستعار ... ومضى على حقده على الأقل عقد ونصف العقد من السنين ، ازداد فيها الغضب والتصميم على الانتقام .. فصار معتقا ، ولكنه فسد لان تعتيقه كان صبيانيا. حتى وجدوا من يركب الحمار الفالت ، ظنا انه صارت العتمة على قدر يد الحرامي ، فجلس كامل الانتصاب فوق الحمار مثل اصحاب الحظوة من الباشوات الراكبين. !!
من الواضح ان الهدف هو مهاجمتي الشخصية من قلم ماجور ، أو مجموعة أقلام .. والذي يؤجر قلمة يؤجر شرفه الفكري أيضا. النقاش معي لم يتركز حول موضوع بعينه كتبته في مقال محدد .. بل كان خلطا صبيانيا احتمى وراء أخلاقيات ونظريات لا تعيش الا في جور التصريف الصحي .
لست ضد الحوار ونقد مواقفي ، ولكن أين الحوار وأين النقد ؟ اتحدى أي انسان أن يقدم لي نموذجا واحدا لنقد مواقفي بلغة نظيفة من الهجوم الشخصي وتوجيه الاهانات. المقالات نشرت على الشبكة العنكبوتية .. مقالاتي ومقالات الهجوم الأهوج وردي غير المتساهل أيضا.
للأسف معاركي القديمة ظلت طي الصحف المطبوعة يجهلها الكثير من القراء .. ولكنه تاريخ معارك سياسية وفكرية وأدبية لا بد من أن أجمعها يوما .. ربما لو راجعها الجالس بالطبقة الثانية لأستوعب الدرس ، وفضل ان يركبه الحمار.
كان في قديم الزمان يتجول شخص في حاراتنا وعلى ظهره شوال خيش ، وينادي " قناني فارغة للبيع " وكنا نبيعه القناني الفارغة التي نحوشها لنشتري بثمنها ما يطيب لنا من سكاكر او مثلجات ... ومرت الأيام واختفت هذه المهنة كما اختفت مهنة المبيضين الذي كانوا يبيضون لنا أواني النحاس بالقصدير.. ولم أتوقع ان تعود مهنة بياعي القناني الفارغة الى واجهة الصحافة.. ربما تكاثر القناني الفارغة في سياستنا المحلية أوجب عودة هذه المهنة القديمة ، مثل مهن عتيقة أخرى ما تزال قائمة وتتطور ... ودائما أصحاب المهن العتيقة يوحدهم الهدف والمصير ، وربما العقلية الموجهة أيضا .
اذن مهاجمتي تتعلق بأشخاص نكرات قرروا تغيير مجرى حياتهم.. بلغوا بجيل متأخر .. أحدهم أراد أن يصبح كاتبا عظيما.. فكر وقرر ان يبدأ ب "نبيل عودة" الذي له حساب طويل مع سياسيين تحركهم عقلية المهنة القديمة في التاريخ... وعندما وجد البالغ متأخرا ما توهم انه المطلوب ، سجل في يومياته: " انا فلان ، بكامل قواي العقلية حتى لحظة قراري الهجوم على نبيل عودة. على الأغلب ساحافظ على قواي العقلية .. فانا كامل القوام حسن الهندام " وما فشل فيه السابقون سينجح فيه اللاحقون.
وفكر : لماذا لا يصير مفكر أيضا ؟ مفكري شعبنا وصلوا لمصادر أموال أغرقتهم . بعضهم اختار المنفى قسرا.. المنفى مع الأموال ولا نفوق الحمير في الوطن.
قال لنفسه : " يجب ان أنبه الخلق لوجودي"
حكاية هذا المسكين ، الذي نفق حيا تذكرني بحكاية رجل أمريكي قرر هو الآخر تغيير نهج حياته من أقصى اليمين الى أقصى اليسار. . بعد ان وصل لجيل السبعين.. متأملا ان يمتد به العمر، والتمتع بما خزنه من دولارات ، ليست من مصادر مشبوهة يعاقب عليها القانون . .
الأمريكي ، عكس شغيلات الليل ، لم يهاجم كاتبا أمريكيا .. بل قرر تنفيذ حمية شديدة لينزل كرشه ، ويبدو رجل سكسي في جيل السبعين بحيث لا يحتاج لشاب يلوح بالفوطة فوق سريرة ، أو يتبادل معه الأدوار.. كما في قصة "العجوز والفوطة" المنشورة في مقال لي بالأسم نفسه.. اثارت حنق المتربع في الطابق الثاني .
خلال ثلاثة أشهر أنزل 15 كيلوغرام . وكل الدلائل تشير انه لم يفقد من عقله ولو غرام واحد.. ولكن لم يؤكد أي طرف موثوق بقاء العقل سليما.
الأمريكي خفض مساحة خصره ب 15 سنتيمتر.وسع من دائرة صدره 10 سنتيمترات.صار له مظهر رياضي.. بدون كرش ... ومظهر مفكر ، وهذا المهم ، وقوام سكسي وهو الأهم !!
بعد ان راى انه اصبح كامل القوام ورشيق الحركات ، أفضل من كل من عرف في حياته من شغيلات الليل ، قرر ان يغير من قصة شعره لتتلائم مع مظهره المتصابي.
ذهب للحلاق ، الذي انشغل بقص شعره قصة موديرن. وأضطر الحلاق لاضافة بعض اللون حيث لم يعد ينبت شعرا. تأمل نفسه بالمرآة معجبا، وقال لنفسه : " الآن سيفاجأ كل معارفي، صار شكلي مختلفا ، أكثر شبابا ، ولي مظهر مفكر ، وذكي ، ومنافس جيد لكل الشغيلات ".
ولكن عندما خرج صاحبنا من المحلقة صدمته سيارة مسرعة ونفق فورا.. والحبل على الجرار .
سجي المسكين داخل النعش . ولكن روحة القلقة توجهت الى ربها سائلة: " يا الهي ، كيف فعلت هذا بي بعد ان حسنت مظهري وقوامي وصرت مفكرا وكاتبا وأشتم نبيل عودة مع صحوي ومنامي؟" وجهزت نفسي لحياة جديدة ؟ قل لي يا الهي سببا واحدا وجيها لتميتني بهذه السرعة ؟"
وجاء صوت من السماء ارتج له النعش والمسجى بالنعش : " من أجل الحقيقة يا صاحبي ، لم أتعرف عليك بمظهرك الجديد ، وخاصة بعد قصة شعرك والقلم الذي تحمله على أذنك ."
آمل ان نبيل عودة لا يسب ارتجاجات عقلية للبعض. ولا يخرج أحدا عن أطواره قصدا . ربما يستحن ان يجد المتطاولين ، الذين تحركهم غرائز الانتقام ، من يربطهم باسطبلاتهم الحزبية ، ليكسب رابطهم بذلك أجرا عظيما .. خاصة عند القراء ، ومجموعات الحفاظ على البيئة من التلويث الخلقي.
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
راكب الحمار لفتاة جميلة : لم أعرف ان القمر ينزل على الأرض.
الفتاة : وانا أول مرة أرى حمارا بطبقتين.
بعض البشر يبلغون سن الرشد متأخرين، أو هكذا يتوهمون قبل نفوقهم بسنوات قلية، والمميز لمثل اؤلئك الأشخاص ، انهم يتوهمون في ذاتهم كل الكمال المطلوب للتجلي ،حتى على ظهر حمار.
اراد المللك فاروق في زمنه أن يستعرض الباكوات والباشوات في مملكته .. فطلب ان يجري استعراض ضخم ، يركب فيه الباكوات على ظهور الخيل ، ويركب الباشوات على ظهور الحمير . ويمرون من أمام منصته المزينة والمحروسة بشدة .
وهذا ما كان.
في يوم العرض ، مرت قافلة طويلة جدا من الباكوات على ظهور الخيل .. مما اثلج صدر الملك الفريد وملكته فريده. وفيما بعد مرت قافلة طويلة جدا من راكبي الحمير الباشوات ، وورائهم كانت مفاجأة لجلالة الملك الفريد ، اذ سارت على الأقدام قافلة لا تظهر نهايتها . تفاجأ الفاروق وسأل وزير التشريفات الملكية : " ما هذا يا وزير ؟ " فرد صاحب الفخامة على تساؤل جلالة الملك فاروق : " يا مولاي ، كما أمرت مر الباكوات على ظهور الخيل ، أما الباشوات فأركبناهم الحمير ، ولكن تبين أن عددهم أكبر من عدد الحمير في المملكة ، فما كان منا الا ان جعلناهم يسرون على اقدامهم لتستعرضهم جلالتك " .
فهل من المستهجن ان الواهمين بأخلاقهم وشديدي الحساسية والحياء لكل تلميح جنسي ،يركبون حميرهم القبلية ؟
لا بأس ليس هذا موضوعي الأساسي، ولكنه تمهيد لا بد منه لفهم نفسية أشخاص أقرب شيء اليهم هم شغيلات الليل ، وأمامنا نماذج فضحت نفسها على الشبكة العنكبوتية ، في محاولة القفز من قاع القفة الى أذنيها.. متسرعين الظهور والشهرة ، وكسب أكثر ما يمكن من الزبائن .. بعرض بذاءاتهم العقلية ، ولو على ظهور حمير القبيلة .
في أول مطب أقاموا حدا للأخلاق . أولاد " الايه .. " صاروا أخلاقيين . حكاية رمزية خدشت حيائهم رغم أخلاقهم التمساحية . اما تفكيرهم الغارق بالجنس ، والاباحية والنكاح والوطوء فهو من باب الاخلاق والورع والطهارة كما يدعون . ظلامي متخلف ينخدش حيائه وجلده التمساحي من قصة رمزية معبرة وجميلة في كل المقاييس. لا بأس ، لا أكتب لكي أخدش حيائه ،ولا يقلقني حياء الحمير . ويستطيع ان لا يقرأ ما أكتب ، ولو لم تكن كتاباتي تشد القراء ، وتثير النقاش ، لغة وأسلوبا وأفكارا وقصصا ، لما قرأ أحد كتاباتي أصلا. وبالتأكيد ما كنت أتعرض لرفس الحميرونهيقها .
لم أكن البادئ في قذارة اللسان والنفس مع أي انسان .. ولكن لو كانت مقاييس ثقافية وفكرية في صحاقتنا ، لوجد صاحب الحياء المخدوش نفسه وكتاباته في القمامة ، وليس على الشبكة العنكبوتية أو الصحافة المطبوعة.. ولكننا في سوق ، تتحكم فيه مقاييس تفتقد لأبسط شروط النشر . اركب حمارا سياسيا وستصبح باشا من الوطنيين .. حتى لو تفوق عدد الحمير على عدد الباشوات .. ستظل باشا سائرا على قدميك وراء الحمير على الأقل .
تقريبا لم يناقشني أحد حتى اليوم ، من كل الباشوات والباكوات والأغبياء بجدارة ، في ما أطرحه . ناقشوني في ما تخيلوه نقاط ضعف من السهل ان يطعنوني عن طريقها. كراهية شخصية ؟ لا أملك تفسيرا آخر ..!! نقاشهم خلو من الفكر . خلو من اللغة الأخلاقية ، خلو من الموضوع وخلو من العقل والمنطق البسيط . وهم بغباء لدرجة انهم لا يعلمون اي هاوية يقفزون اليها. حتى الحمير غير المركوبة لا تنزلق لمثل هذه الهاوية!!
لا اريد ان أدخل في نقاشات سفسطائية ، وقتي لا يسمح لي باللهو مع فتيات ليل .. ومع مشاعرهم التي تخدشها حكايات فيها لمحات جنسية، مدعين انها ضد الأخلاق ومحرمة أخلاقيا.. متجاهلين ان أجمل صفحات تراثنا العربي ، هي الصفحات التي يشكل الجنس جوهرها الأساسي. وأقول اني سأتفرغ بعد هذا المقال لما يفيد البشر ويغيظ الجالسين في الطبقة الأولى. فانا لاأرى فائدة من نقاش حميري ، لا يعرف غير الرفس والنهيق.
هل حقا الجاهلين ، مدعي المفهومية ، لهم اطلاع عل الثقافة العربية .. على تراث العرب ؟؟
تعالوا نترك التراث وسأعود الية لتقديم نماذج ... لعلهم يطلقون التراث العربي بالثلاث..
يدعون الايمان والورع ، هل من صفات المؤمن ان يتطاول على الناس بدون سبب ؟ هل من صفات الورع الامتلاء بالكراهية لسبب غير معلوم لي حتى اليوم ؟ لايخيفني التطاول، و "يا خوف عكا من هدير البحر" - ولا تخيفني كراهيتهم ، لينصهروا بها .. ولكن هل يعرفون أيضا ان كل الكتب السماوية تفيض بقصص الجنس ، والجنس الفاحش الاباحي ؟ والمنطق ان الجنس يشكل مساحة هامة من حياة الانسان ... ؟
"جاءت امرأة الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقالت: يا أمير المؤمنين، زوجي خير الناس يقوم الليل ويصوم النهار!
فقال رجل في المجلس معقبا : ما سمعت شكوى أمر من هذه .
فقال عمر: ما تقول؟ قال : تقول انه ليس لها من زوجها نصيب.
فأرسل عمر الى زوجها وأمره بتخفيف العبادة واعطاء زوجته نصيبا من وقته ".
اذن هل سيطلقون الايمان بالثلاثة أيضا لأنه يخدش حيائهم ؟ ومتى كان حياء لجاهل؟
أفهم ان من يقلقه الجنس هو الذي يعاني من حالات مستعصية ، في تربيته ، وفي أخلاقه ، وفي نظرته للحياة والمجتمع .
ربما صار حرف الصفر في اللاتينية يخدش حياء الدواب البشريين لكونه حرف مدور قد يوحي بأمور مدورة أخرى كما يؤكد خبراء تفكيك النص في ابحاثهم حول ما يطرحه أصحاب الفكر الماضوي الظلامي في رؤيتهم للحياة والجنس والعلاقات الاجتماعية .
عندها علاجهم سيكون في اسطبل للحمير ليشبعوا نهمهم ...
كلمة الحب .. ممنوعة . لقاء بين حبيبين في قصة ، جريمة خلقية. حكاية عجوز يطلب مشورة رجل دين حول مشكلة يواجهها مع زوجته ، تجعل من كاتب الحكاية عجوزا مراهقا .
في أي قرن يا قرون نحن نعيش ؟
تعالوا نستعرض بعض قصص التراث العربي من حضارة العرب بعد الجاهلية وليس قبلها، أعتمدت فيها على مصدر موثوق ، للباحث المعروف د. هادي العلوي ، من كتابه " المستطرف الجديد " . وهو نتيجة بحث وخبرة عشرات السنوات ، وبالتأكيد يفهم أفضل من شغيلات الليل بقصص العرب وحكاياتهم الجنسية . ولتنخدش مشاعركم وتشتموا تراثنا وجامعي هذا التراث ...
* - ذكريات جارية ( ص:293)
قالت غريب: ضاجعني ثمانية خلفاء ما اشتهيت منهم الا المعتز.
وهنا سئلت: وأين انت الآن؟
فقالت : الشهوة باقية لكن الأداة بطلت!
· - ذوق(ص:292)
كانت عائشة بنت طلحة في منزلها وعندها صديقة لها. فبينما هي تحدثها اذ دخل زوج عائشة واتجه من فوره الى غرفته وأومأ اليها فتبعته ودخلت الغرفة وأغلقتها عليها. وظلت الصديقة جالسة فسمعت من الشهيق والنخير ما هالها... ثم خرجت عائشة وجبينها يتفصد عرقا.. وقالت الصديقة مشيرة الى ما سمعته:
- ماهكذا تفعل الحرة. فأجابت عائشة:
- ان الخيل لا تشرب الماء الا مع الصفير... ( العقد الفريد )
-
· - مفاضلة ( ص: 282) أبو حنيفة:
- النكاح أفضل من العبادة .
* ضد الزواج ( ص : 289)
شاعر:
لا تبغ في الدنيا نكاحا لازما
وافعل بها ما يفعل الزنبور
هذه مقاطع .. وما لم أقدمه كنماذج مذهل أكثر في خدشه لحياء التماسيح. أقرأوا قصائد أبو النواس .. اقرأوا طوق الحمامة .. اقرأوا كتاب "من روائع التراث الجنسي عند العرب" لبكر محمد ابراهيم. اقرأوا كتاب " النكاح والجنس في التراث العربي" لراغب الأصفهاني. اقراوا كتاب الأغاني للأصفهاني ، اقرأوا العقد الفريد ، اقرأوا الجاحظ ، اقرأوا ابن الفارض .. .. ماذا كان المتخلف سيقول عن الكاتبة الروائية سلوى النعيمي التي بدات روايتها " برهان العسل " بهذا النص : "هناك من يستحضر الأرواح، أنا أستحضر الأجساد، لا أعرف روحي ولا أرواح الآخرين، أعرف جسدي وأجسادهم. هذا يكفيني. أستحضرهم وأعود إلى حكاياتي معهم عابرين في جسد عابر، لم يكونوا لي أكثر من ذلك. الأمور محددة الأفق منذ البداية. إذن؟. أستعملهم؟، أدوات جنسية؟، ولم لا ؟."
من بين 100 كتاب الأكثر مبيعا عام 2007 احتلت كتب الجنس التراثية أماكن متقدمة منها :
الروض العاطر في نزهة الخاطر - المرتبة 50 رجوع الشيخ إلى صباه - المرتبة 51 نزهة الالباب فيما لا يوجد في كتاب - المرتبة 68 الجنس عند العرب ج1 - المرتبة 72 الجنس عند العرب ج2 - المرتبة 88
لا اتحدث عن الأدب الحديث العربي والاجنبي .. لم أقرأ بعد رواية لا تعتمد على جانب جنسي . لذلك انتم لا تقراون .. وتعيشون بنعيم جهلكم .
اما قصة بسيطة فتثير بغال الفكروتبدأ المناطحة والرفس ... ليس سرا ان الهدف هو انتقام سياسي من نبيل عودة ، التقى فيه الماضويين مع القومجيين .. هذا واضح من النصوص ومن الطروحات غير الناضجة. وهذه الرغبة في الانتقام قديمة جدا ، وقد فشلت محاولات سابقة خاضها المغادر وطنه قسرا باسم مستعار ... ومضى على حقده على الأقل عقد ونصف العقد من السنين ، ازداد فيها الغضب والتصميم على الانتقام .. فصار معتقا ، ولكنه فسد لان تعتيقه كان صبيانيا. حتى وجدوا من يركب الحمار الفالت ، ظنا انه صارت العتمة على قدر يد الحرامي ، فجلس كامل الانتصاب فوق الحمار مثل اصحاب الحظوة من الباشوات الراكبين. !!
من الواضح ان الهدف هو مهاجمتي الشخصية من قلم ماجور ، أو مجموعة أقلام .. والذي يؤجر قلمة يؤجر شرفه الفكري أيضا. النقاش معي لم يتركز حول موضوع بعينه كتبته في مقال محدد .. بل كان خلطا صبيانيا احتمى وراء أخلاقيات ونظريات لا تعيش الا في جور التصريف الصحي .
لست ضد الحوار ونقد مواقفي ، ولكن أين الحوار وأين النقد ؟ اتحدى أي انسان أن يقدم لي نموذجا واحدا لنقد مواقفي بلغة نظيفة من الهجوم الشخصي وتوجيه الاهانات. المقالات نشرت على الشبكة العنكبوتية .. مقالاتي ومقالات الهجوم الأهوج وردي غير المتساهل أيضا.
للأسف معاركي القديمة ظلت طي الصحف المطبوعة يجهلها الكثير من القراء .. ولكنه تاريخ معارك سياسية وفكرية وأدبية لا بد من أن أجمعها يوما .. ربما لو راجعها الجالس بالطبقة الثانية لأستوعب الدرس ، وفضل ان يركبه الحمار.
كان في قديم الزمان يتجول شخص في حاراتنا وعلى ظهره شوال خيش ، وينادي " قناني فارغة للبيع " وكنا نبيعه القناني الفارغة التي نحوشها لنشتري بثمنها ما يطيب لنا من سكاكر او مثلجات ... ومرت الأيام واختفت هذه المهنة كما اختفت مهنة المبيضين الذي كانوا يبيضون لنا أواني النحاس بالقصدير.. ولم أتوقع ان تعود مهنة بياعي القناني الفارغة الى واجهة الصحافة.. ربما تكاثر القناني الفارغة في سياستنا المحلية أوجب عودة هذه المهنة القديمة ، مثل مهن عتيقة أخرى ما تزال قائمة وتتطور ... ودائما أصحاب المهن العتيقة يوحدهم الهدف والمصير ، وربما العقلية الموجهة أيضا .
اذن مهاجمتي تتعلق بأشخاص نكرات قرروا تغيير مجرى حياتهم.. بلغوا بجيل متأخر .. أحدهم أراد أن يصبح كاتبا عظيما.. فكر وقرر ان يبدأ ب "نبيل عودة" الذي له حساب طويل مع سياسيين تحركهم عقلية المهنة القديمة في التاريخ... وعندما وجد البالغ متأخرا ما توهم انه المطلوب ، سجل في يومياته: " انا فلان ، بكامل قواي العقلية حتى لحظة قراري الهجوم على نبيل عودة. على الأغلب ساحافظ على قواي العقلية .. فانا كامل القوام حسن الهندام " وما فشل فيه السابقون سينجح فيه اللاحقون.
وفكر : لماذا لا يصير مفكر أيضا ؟ مفكري شعبنا وصلوا لمصادر أموال أغرقتهم . بعضهم اختار المنفى قسرا.. المنفى مع الأموال ولا نفوق الحمير في الوطن.
قال لنفسه : " يجب ان أنبه الخلق لوجودي"
حكاية هذا المسكين ، الذي نفق حيا تذكرني بحكاية رجل أمريكي قرر هو الآخر تغيير نهج حياته من أقصى اليمين الى أقصى اليسار. . بعد ان وصل لجيل السبعين.. متأملا ان يمتد به العمر، والتمتع بما خزنه من دولارات ، ليست من مصادر مشبوهة يعاقب عليها القانون . .
الأمريكي ، عكس شغيلات الليل ، لم يهاجم كاتبا أمريكيا .. بل قرر تنفيذ حمية شديدة لينزل كرشه ، ويبدو رجل سكسي في جيل السبعين بحيث لا يحتاج لشاب يلوح بالفوطة فوق سريرة ، أو يتبادل معه الأدوار.. كما في قصة "العجوز والفوطة" المنشورة في مقال لي بالأسم نفسه.. اثارت حنق المتربع في الطابق الثاني .
خلال ثلاثة أشهر أنزل 15 كيلوغرام . وكل الدلائل تشير انه لم يفقد من عقله ولو غرام واحد.. ولكن لم يؤكد أي طرف موثوق بقاء العقل سليما.
الأمريكي خفض مساحة خصره ب 15 سنتيمتر.وسع من دائرة صدره 10 سنتيمترات.صار له مظهر رياضي.. بدون كرش ... ومظهر مفكر ، وهذا المهم ، وقوام سكسي وهو الأهم !!
بعد ان راى انه اصبح كامل القوام ورشيق الحركات ، أفضل من كل من عرف في حياته من شغيلات الليل ، قرر ان يغير من قصة شعره لتتلائم مع مظهره المتصابي.
ذهب للحلاق ، الذي انشغل بقص شعره قصة موديرن. وأضطر الحلاق لاضافة بعض اللون حيث لم يعد ينبت شعرا. تأمل نفسه بالمرآة معجبا، وقال لنفسه : " الآن سيفاجأ كل معارفي، صار شكلي مختلفا ، أكثر شبابا ، ولي مظهر مفكر ، وذكي ، ومنافس جيد لكل الشغيلات ".
ولكن عندما خرج صاحبنا من المحلقة صدمته سيارة مسرعة ونفق فورا.. والحبل على الجرار .
سجي المسكين داخل النعش . ولكن روحة القلقة توجهت الى ربها سائلة: " يا الهي ، كيف فعلت هذا بي بعد ان حسنت مظهري وقوامي وصرت مفكرا وكاتبا وأشتم نبيل عودة مع صحوي ومنامي؟" وجهزت نفسي لحياة جديدة ؟ قل لي يا الهي سببا واحدا وجيها لتميتني بهذه السرعة ؟"
وجاء صوت من السماء ارتج له النعش والمسجى بالنعش : " من أجل الحقيقة يا صاحبي ، لم أتعرف عليك بمظهرك الجديد ، وخاصة بعد قصة شعرك والقلم الذي تحمله على أذنك ."
آمل ان نبيل عودة لا يسب ارتجاجات عقلية للبعض. ولا يخرج أحدا عن أطواره قصدا . ربما يستحن ان يجد المتطاولين ، الذين تحركهم غرائز الانتقام ، من يربطهم باسطبلاتهم الحزبية ، ليكسب رابطهم بذلك أجرا عظيما .. خاصة عند القراء ، ومجموعات الحفاظ على البيئة من التلويث الخلقي.
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق