ماجد الشّيخ
إلى محمود درويش
العائد إلى وطن لا بدّ آت على مهل
لئن رحلت الآن إلى آخر المدى
فلا الأغاني تموت..
ولا الشعر يذوي ليذوي ذاك الصّدى
حتى الصّدى يتخلّق من صوته السّكوت
غنّ يا صديقي أغانيك المجبولة بالحنين
واطلق رؤى القصيدة
أطلقها من لقائك بالأرض الآن كي تبقى راياتنا
مرفوعة الجبين
ما مات المغنّي ولا ماتت الأغاني كي لا تضلّ القصيدة
وإن ضلّوا وظلّوا يعاندون الحقيقة
* * *
في لقائك بالأرض إرتفعت سماء القصيدة
غادرت الأرض أديمها قليلا لتصعد في القصيدة
نم قليلا هناك .. ثمّ عد .. عد إلينا قليلا كي نراك
نرى سماء القصيدة على حقيقتها
نرى سماء الحقيقة تماري أديم الأرض في علاك
* * *
لا تقولوا وداعا للّذي مضى يبشّرنا بالّلقاء
لا تذرفوا دموع الوداع على محمود
هو الآن يمضي وهو يداعب صمت القصيدة
يلاعبها ويناجيها كي تنطق بالغناء
وليستمرّ فينا لهب القصيد
وجع البشارة وولادة فجر جديد
لا تقولوا وداعا.. قولوا سلاما لروح النّشيد
كفكفوا الدّمع ليس من مضى يعود
ليس إلاّ ذاك الفتى الّذي غنّى وغنّت لأغانيه الأمّهات
وإفتقدنه في حلكة اللّيالي السّود
ذاك هو محمود .. ذاك هو محمود
كوكب لا تكرّر إستيلاده السماوات
* * *
هو الآن يمضي أو يعود
من ربّى فينا عشق الأغاني
من حضّنا على الحبّ.. إستزرع فينا خصيصة الأمل
ومضى قبل ميعاده أبكر أبكر
لا تقولوا وداعا
قولوا سلاما لذاك الفتى الغضّ الّذي غادر "بروته" آجلا
وعاد إلى "رام الله" عاجلا .. وعاجلا أكثر
أكثر إستعدادا لمغالبة الموت .. أكثر إشتياقا لأمّه
كي يحضّها على الحياة.. لتعمّر أكثر
كي تحضن حلم الهويّة وراية أن نصبح على وطن
* * *
هو الآن يمضي من ربّى فينا الأمل
ولم يقل وداعا للّذي سيأتي:
وطن لن يأتي على عجل
ما أكبر الفكرة.. ما أضيق الدّولة
ضاقت الدّولة.. تباعدت عن مركزها على مهل
وطن أكبر من دولة تضيق
وشاعرنا أكبر من قصيدته ..
أكثر إمتدادا.. أطول قامة في أغانيه
لا يموت المغنّي .. لا ولا تموت أحلام الأغنيات
لن تضلّ قصيدتنا .. ولو ضلّوا
ستبقى لنا الأماني
وسيبقى وطن الحقيقة أجمل .. أكبر من دولة تضيق
كلّما "إنتصروا" أو إختصروا منها أكثر
وسيبقى وطن الهويّة أكبر .. أعلى كعبا من الأسطورة
وسيبقى لنا وطن الأغاني.. وكل الأماني
مهما إستباحوا أو أباحوا "فقه المقدّس"
أو صوّبوا بإتّجاه الرأس المسدّس
ويبقى من يربّي فينا عشق الأغاني
من يحضّنا على الحبّ.. يستزرع فينا خصيصة الأمل
كي نربّي حلم هويّتنا وراية أن نصبح على وطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق