الثلاثاء، ديسمبر 09، 2008

قصص قصيرة جدا

خالد ساحلي
مقام الشهيد
عند المقام وقفوا عند رأسه، وقالوا: سنقرأ على روحه الفاتحة، وقالوا: سنكتب اسمه على الشارع الكبير، نقرر حياته في برامج الدراسة. رفعوا أيديهم بالدعاء هادئين خاشعين. انقضى اليوم، عادوا، في ظلام الليل تجمعوا في المعرض، أكتشفهم يرقصون بأقدام سوداء، وعلى الجدران كانت صور الشهداء، كان الغبار يحجب ملامح وجوههم الملائكية، كان لاينظر فيها أحد سواه، لم يكن يرقص معهم إنما استرق السمع و النظر حين وقف للتبول و أصابه العيار الناري للعسس .


فتية البحر
عند انبلاج الصباح، تسرب السرّ بأنهم أبحروا، كانوا فتية فوق الزورق دعوا الله مخلصين، من غير أن يعلم أحد من أهاليهم، بماذا كانوا يصلّون في رحلة ضاع فيها المكان و الهدف، في بحر قلوبهم التي لا ضفاف لها، تعالت أناشيدهم وأنغام الموج طليقة، تعتقهم من عبودية الكلمات، حلّقت الطيور البحرية عائدة لأعشاشها حيث الصخور،غابت الشمس مع الغروب عائدة لفلكها، حيث الأرض تدور. عند انبلاج الصباح طلعت الجرائد من مخابئها كالثعالب، لتذيع الفاجعة، فتية أكلهم الحوت و أبقى على عظامهم، نست الصحف ذكر الحقيقة، أن هذه العظام النخرة حية سيبعثها الله.


الفخ

قال لنا المعلم :
كل إنسان
يحمل وحشا تحت معطفه
كنا صغارا لم نفهم
كالماء كنا
كالزهور الطرية كنا
وقال المعلم:
كالطيور الجميلة كونوا،
غنوا
و أحذروا الثعالب الأشرار
والصقور المعادية
مات المعلم من زمان.
فهمت الكنايات
في حادثة وقعت.
مجرم نعرفه كان منا
أخرج الذئب الذي لطالما عوى
في قفار روحه الموحشة،
حين أراد أن يعود
طائراكما كان
بعدما أغواه السحرة
حولوه لوحش
ينتقمون بسعاره.
أراد العودة لعهد مضى
يغني كالشحرور للضياء
يومها الإمام وعظه
بعد ذلك عظّه
و أظهر ثعلبا يخفيه
في ثوب تقى وورع
وكان سيد عارفين الغابة،
لم ننتظر
رحلت أسراب كثيرة منا،
منها من مات في الطريق،
وما تبقى أوقعته المصيدة
و أدخل أقفاص الحديد.


لا أحد
يعرفه و يجهله، سأله: من أكون من فضلك؟ رد عليه صوت داخله: أنت أنا لا أحد.

ليست هناك تعليقات: