عبد الكريم عليان/ هدلا القصــــار
نداء ـ المرأة المزواجة
هدلا القصار :
هل ننصف النساء في تعدد الأزواج بعد كل طلاق وتبادل الأدوار؟؟
قد يكون الكلام قاسيا في البداية، لكنه يحمل بين طياته سطور الصدق الذي سنكتشفه، فكلما اقتربنا من حياة الأزواج، كلما اكتشفنا أنه ما زال غير مكتمل النمو والنضج الاجتماعي والنفسي، وكلما قلّ التفاهم بين الزوجين، كلما تفاقمت الخلافات بينهما، مما ينتاب كلا الطرفين انه بحاجة إلى تجربة ثانية وثالثة ورابعة، وكثيرا ما نقرأ أو نسمع من الزوج شكواه ومبرراته وأسبابه، منها: إهمال الزوجة، كثرة متطلباتها، أمراضها، التقصير في واجباتها المنزلية، عدم الاهتمام بمظهرها، فقدان لغة الحوار، سيطرة الزوجة على الزوج، تبادل الأدوار والشخصيات، عدم التكافؤ، فقدان الثقافة الأسرية والاجتماعية، عدم احترام الزوج، عدم الاكتراث به، تجاهل متطلباته، وو... الخ، لكن المجتمع لا يكترث لشكوى الزوجة، ولا يطلب التوضيح لأسبابها ودوافعها وأخذها بعين الاعتبار، تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.
من هذه البداية الساخنة نتطرق اليوم بإيجاز عن أسباب وتكرار الزواج عند النساء بعد الطلاق، أو الترمل، هذا الموضوع الذي لم ينفرد به الإعلام على نطاق واسع، ولم ينل أيُّ اهتمام في مجتمعنا الذكوري، كما وأنه لم يتطرق أحد للظروف الإنسانية والنفسية والمرضية والاجتماعية المصاحبة لحالات الطلاق المتصدعة التي تدخل بطريقة أو بأخرى في مبررات تكرار الزواج، وصارت حالات الطلاق التي أصبحت في هذا الزمن خبر روتيني بـارد في مجتمع ذكوري لا يتعاطف مع نساء لا ينصفهن الحظ في اختيار الزوج المناسب ؟ ولم يسال أحد: لماذا تنتهي حياة الزوجات خاصة والأزواج عامة بالطلاق وإعادة التجربة بعد كل فشل، كما وأنه لم يتساءل الزوج الذي يريد الارتباط بمطلقة يوما، أو يبحث عن الدوافع والأسباب التي قد تكون معنوية، أو إنسانية، أو عقائدية مما تؤدي إلى هذا الفشل، ولو من باب حرص الزوج لتلافي أو لمحاولة إصلاح وحل المشكلة قبل أن تتكرر تجربة من سبقه من الأزواج ؟ وليحصر لنا أو نحصر معه مبررات الزوجة وأسبابها الكامنة، والتي تدخل الزوجة بعد فترة من الارتباط بمشكلات لا حصر لها . ولا أنكر أن هناك بعض النساء لا يكتفين بتجربة واحدة بعد كل طلاق أو ترمل، بل لديهن استعدادا تاما لخوض التجربة أكثر من مرة كالـسيدة (نــداء)، وربما نداء لا تستطيع الاستغناء عن وجود رجل في حياتها، ولا ضير في ذلك، لكن هل نتلمس لها العذر ونتفهم ظروف ودوافع هذه السيدة؟ وإذ كان يمكننا الدخول إلى عمق تجاربها المتكررة ومبرراتها التي دفعتها للتنقل من زوج إلى آخر؟! فربما تكون) نــداء( بحاجة إلى طبيب أو معالجة خاصة ؟ أو أنها ما تزال بحاجة إلى إشباع عواطفها وشعورها بأنها ما زالت مرغوبة من الجنس الآخر ؟؟ وهذا احتمال.
(نـداء) التي طلقت من ثلاثة أزواج بعد طلاقها من الزوج الأول الذي كان يكبرها بعدة سنوات وكانت ثمرة ذلك الزواج أربعة أبناء، منذ ذلك الوقت وهي ما زالت تبحث حتى الآن عن الرجل الآخر الذي ينسجم مع رغباتها بالحب الرومانسي الجامح في عشقه لها. لم تجد (نـداء) هذه التركيبة الفطرية المنقرضة في مجتمع تسيطر عليه الخشونة، إلا من الأشهر الأولى للزواج كل مرة، وهذه الفترة هي بالأصل دائما منبع الحب والشهد لتفريغ غرائز الشهوة المكبوتة منذ البلوغ حتى النضج. بعد مضي الزمن تشعر (نـداء) بأن هذا الحب الأفلاطوني الذي كانت تعيش فيه قد أصابه البرود وتبعثر، ليبدأ جرس الإنذار لديها بإعلان الخطر! ومن ثم تبدأ الغيرة والشكوك تحتل صدرها، وتسيطر على تفكيرها بدون تدبر منها لتستبدل الحب والملاطفة الودية والألفة، وتتجمد رغباتهما.. إلى أن يتجه سيف الجفاف نحو صدور الزوجين بالسيطرة المتبادلة، والعناد، ليستحيل بعد ذلك استمرارية العيش معا في جو يسوده التوتر النتاج من تبادل الاتهامات والتراشق بالألفاظ المقززة والبذيئة التي تعجز عنها أجناس الأدب والثقافة الأخلاقية التربوية من كلا الطرفين، يستحيل استمرار التعايش في ظل هذه الهتافات اللفظية التي تؤدي بهم في نهاية المطاف إلى الاشمئزاز من بعضهم البعض، وإلى طريق مسدود من لتفاهم بينهما، وتنتهي علاقتهما بتكرار الطلاق. ماذا يعني لنا: أن السيدة (نـداء) ما زالت تبحث عن الحب؟ وتصرخ بصمت الألم النفسي والمعنوي لعدم إيجاد الزوج الملائم لها؟ بخلاف الصديقتان (نادرة) و(حنان)..
عبد الكريم عليان:
ما لم تقله ـ هدلا في حالة نداء
لنبدأ من السؤال الرئيسي في أن بعض النساء لا يكتفين بتجربة واحدة بعد كل
طلاق أو ترمل، بل لديهن استعدادا تاما لخوض التجربة أكثر من مرة كالـسيدة " نــداء ". ألا يقودنا هذا السلوك إلى سؤال رئيسي هو: ماذا يريد الإنسان من الزواج ؟ وهل سلوك نداء في تعدد الأزواج أمر طبيعي؟ أم هناك خلل في شخصية نداء؟ ومن مثلها؟ من منا يختلف على ما نريد من الزواج غير الاستقرار والاطمئنان والمتعة بدون مشاكسات سواء من الذكر، أم من الأنثى؟ أليست هذه هي فطرة الحياة؟ من يستطيع الاستغناء عن الآخر؟ سواء الذكر، أم الأنثى؟ كبيرا كان، أم صغيرا؟ الأمر لم يعد مقتصرا على ذلك فقط ! بل إن درجة الاطمئنان والاستقرار لها متطلباتها كي تستمر الحياة..
نعتقد أن حالة نداء تحتاج منا اهتماما أكثر من الاهتمام بحالة صابرة، لأن نداء استطاعت كشخصية نادرة أن تتخطى كل التقاليد والأعراف السائدة في المجتمع، ولا نعرف إن كان هذا النموذج هو المطلوب في (كل حالاتها..) تحت مظلة مجتمعنا المحافظ؟ أو كيف يمكننا تنميط هذا النموذج بشكل يقبله المجتمع. ربما المسحة الجمالية لنداء وتحررها من التقاليد أعطاها فرصة تغيير الأزواج بشكل يرضي فضولها ولو مؤقتا؛ لأنها لم تنجح في زواجها الثاني، وكذلك الثالث، وقد لا تنجح في غيرهما أيضا. ولو بحثنا في شخصية نداء لا نجد أية مشكلة، إنما المشكلة الرئيسية هي الزوج الذي يكبرها بكثير إلى درجة أصبح فيها لا يستطيع ملء فراش زوجته إلا ما ندر إن لم يكن عاجزا تماما، أو أصبح لديه مشكلة بات من الصعب على نداء تقبل معاشرته، وهي الفتاة الشابة الشبقة دائما حسب ما ورد في القصة، ولنذهب لأبعد من ذلك في عصر التكنولوجيا والفضائيات وما تبثه يوميا من أفلام ووثائق لا أحد ينكر أثرها على الرجال الذين يتهافتون على مشاهدة تلك الأفلام بحيث يرون فيها ما لا يرونه في زوجاتهم، أو أن زوجاتهم لا يمكنهن من القيام بتلك الأدوار لإشباع رغباتهم الجنسية.. فماذا لو عكسنا الصورة عند "نداء" المتحررة؟؟
نعتقد أننا أمام ظاهرة منتشرة بشكل سري في مجتمع لا يجرؤ على مناقشتها.. وفي كثير من الحالات أوصلت الزوجين إلى الطلاق بدون البوح عن هذا السبب المهم، أو تحميله إلى أسباب ثانوية.. إذن نحن أمام مشكلة تحتاج إلى تكثيف في الثقافة الجنسية للجنسين تتلاءم مع ظروف العصر والرغبات الإنسانية التي لم تنتهي، ومن يعتقد أن هذه المشكلة هي مشكلة شرقية قائمة في المجتمعات المحافظة فقط ، يكون مخطئا أيضا..! بل هي قائمة في المجتمعات المتحررة، لكن في هذه المجتمعات يتم معالجتها من خلال البرامج الإعلامية والتلفزيونية والمؤسسات المتخصصة في ذلك.. كل هذا يحدث أمام أعيننا وكلنا يعرف ذلك، ولن نجرؤ على مناقشته خوفا من سوط التقاليد والأعراف المتحجرة المصبوغة بالدين، وما يؤسف أكثر هو القائمين على المنابر المختلفة، هم أيضا يعيشون نفس المشكلة ويتهربون منها بشكل، أو بآخر ولا يجرؤ حتى الشيخ مناقشتها مع أولاده، أو مريديه... إذن نحن أمام معضلة تربوية ثقافية تحتاج منا تغيير كبير في منظومة التربية السائدة بدء من البيت والمدرسة والشارع ووسائل الإعلام المختلفة وانتهاء بالجامعات...
كيف يتم الزواج في مجتمعنا؟ وعلى أي أسس؟ هل هناك معيار يمكن أن نقيس به إن كان الزواج ناجحا؟ أو غير ذلك..؟ في الحقيقة أن غالبية حالات الزواج في مجتمعاتنا تتم من قبل الأهل، أو بمساعدتهم في تحديد الزوجة ولا يكون للعروسة مفر آخر، سوى الموافقة والثقة التامة بما يفرضه الأهل عليها.. ولا يكون لها رأي في ذلك، كذلك العريس لا يتعرف على عروسته سوى بالشكل الظاهري دائما، وحالات قليلة جدا من الزواج تتم عبر قصص من الحب يكون فيها الطرفان قد تعرفا على بعضهما عبر الرسائل، أو مقابلات سرية قليلة.. فهذه "نداء" بعد الخمسين من عمرها وثلاثة أزواج تبحث عن الحب المفقود لديها منذ أكثر من عشرين سنة.. الشيء المهم الذي يجب ذكره هنا هو: غالبية عظمى من الشباب والشابات في مرحلة ما قبل الزواج يعيشون أحلاما وردية ويرسمون في مخيلتهم أشياء لم تتحقق لهم بعد الزواج ويصطدمون بواقع آخر لم يتحقق.. ولم يتفاهم الطرفان على تحقيقه، أو لم يجدا الوسائل التي تساعدهما في تحقيق ما يحلمان به، وحتى يفقدان طريقة الحوار الهادئ التي من المفترض أن توصلهما إلى حياة سعيدة بقدر ما.. يشاركان في خلقها بشكل يرتضياه الطرفان، بدلا من القطيعة التي قد تؤدي إلى الطلاق.
إن "نداء" كإنسانة من حقها أن تبحث عن سعادتها وتعمل على تحقيقها ضمن تقاليد المجتمع والأعراف السائدة فيه، لكن هل تجد ما يحقق لها ذلك.. إلا من الطامعين (كزوج صابرة) وأصحاب النزوات المارة في مجتمع ينظر إلى (المطلقة) أنها امرأة سيئة، أو شاذة؟؟ نعتقد أن المشكلة تكمن في المفاهيم الخاطئة السائدة في المجتمع والتي تتناقض مع النصوص الدينية، حسب قول الرسول (صلعم): "تنكح المرأة لأربع: جمالها، ومالها، وحسبها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.." إذن ما دام الأمر واضحا بهذه الصورة، لماذا لا يقبلها المجتمع؟ عندما يتزوج رجل امرأة طمعا في مالها، أو جمالها..؟
الاثنين، ديسمبر 01، 2008
المرأة والرجل -2
Labels:
عبد الكريم عليان,
هدلا القصار
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق