هـيـثــم الـبـوسـعـيــدي
الألم هو الدافع الحقيقي للإبداع والعامل المشترك في حياة الموهوبين، والألم مصدر الإلهام والخيال، بإمكانه تحويل الموهبة إلى طاقة كبرى تحرك الأفكار، وقوة عليا تستقطب الأحاسيس، لتنثر بين أيادي البشر في النهاية أرقى القصص وأروع الأشعار.
والألم بما يفعله بالجسد والروح من أفاعيل يؤدي إلى خلق نوع من النقص في نفسية الموهوب، فيحاول قهر الألم وتفجير الأوجاع بالتحليق في سماوات واسعة وتوظيف قدراته الخاصة بطريقة فنية تستوعب الحزن وتجسد المعاناة، فينزف القلم المحروم، ويبحث القلب المكلوم عن الملاذ الآمن والفضاء الرحب حتى يفرغ ما يدور بذاته من هموم وعذابات.
والنتيجة روائع تحارب الاضطهاد وتتشبث بالحياة، وإبداعات تحاول إثبات وجود المحرومين في هذا العالم، وملاحم تعصر تجارب الكادحين، وأعمال ترسم زفرات المغيبين وأنات المتشردين.
وليس كل إنسان تخضبت حياته بالآلام بمقدوره صنع الإبداع، لأن الأمر يتعلق بصاحب الموهبة وصاحب الملكات الفطرية الغائرة في النفس، ولكن حينما تصطدم حياة الموهوب بالآلام والظروف القاهرة كالمرض ، والفراق ، والفقر، والقهر، والظلم، عندئذ يصبح الألم الوقود الذي يلهب المشاعر والنيران التي تشعل الأحاسيس حتى تصل بصاحبها إلى ذروة الإبداع وقمة التميز، وهذا معناه إن الإبداع يولد ويترعرع في رحم المعاناة، وإن المبدع يسعى بكل ما أوتي من قوة لتكوين العمل الإبداعي في حين تتمزق روحه بين أنياب الفاقة وذل الحياة.
وما سبق ذكره مدعوم بالكثير من الأمثلة، فما سر إبداع السياب ومحمود درويش و دينكنز وحنا مينا وبيتهوفن، إنها كمية الآلام والأحزان التي أضاءت دروبهم وأشعلت مواهبهم، فقدموا للناس روائع تتصف في عالم اليوم بالنبوغ والخلود والتميز بل لا زالت الكتب والمحافل الثقافية تتحدث عن إبداعاتهم وإنجازاتهم ليومنا هذا، أما ما يقال أن ثمة نوابغ أبدعوا نثراً وشعراً دون أن يعرفوا شيئاً عن المعاناة، فقد يكون هذا القول نسبيا صحيح ولكن كم نسبة هؤلاء المبدعين؟ إنها نسبة ضعيفة ولنتسائل معا: هل بإمكان من نام على الحرير وغرف من بحر النعيم أن يصور أوجاعا لم يراها أو ينسب لنفسه لدغات الزمن أو ينسج خياله روايات تحاكي جروح الفقراء والمشردين؟ طبعا لا.
ومن ناحية أخرى فإن الألم يحمل وجهين لعملة واحدة فهو البلاء الذي يواجهه المبدع بمزيد من الصبر والتضحية والغرق في عوالم الكتابة ليستطيع التعبير عن الصرخات المكبوتة والأنات المتزاحمة في ثنايا القلوب، وهو أيضا عالم جميل وممتع للمتلقين والقراء الذين يتلذذون بمشاهدة الجمال وقراءة الإبداع المعجون بتربة الآلام والصادر من ركام الجروح، بل يقابلون المبدع بنظرات الإعجاب وكلمات الإطراء دون أن يدركون حجم معاناته .
أخيرا الألم في حياة المبدع ليس فقط أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما الألم هو ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع....فهل يدرك البشر قيمة المبدع؟ وما ينفقه من جهد ذهني لإيصال أفكاره وما تجشمه من جهد عاطفي لتفريغ مشاعره في زمن لم يعد للمبدع أي قيمة أو مقدار.
الألم هو الدافع الحقيقي للإبداع والعامل المشترك في حياة الموهوبين، والألم مصدر الإلهام والخيال، بإمكانه تحويل الموهبة إلى طاقة كبرى تحرك الأفكار، وقوة عليا تستقطب الأحاسيس، لتنثر بين أيادي البشر في النهاية أرقى القصص وأروع الأشعار.
والألم بما يفعله بالجسد والروح من أفاعيل يؤدي إلى خلق نوع من النقص في نفسية الموهوب، فيحاول قهر الألم وتفجير الأوجاع بالتحليق في سماوات واسعة وتوظيف قدراته الخاصة بطريقة فنية تستوعب الحزن وتجسد المعاناة، فينزف القلم المحروم، ويبحث القلب المكلوم عن الملاذ الآمن والفضاء الرحب حتى يفرغ ما يدور بذاته من هموم وعذابات.
والنتيجة روائع تحارب الاضطهاد وتتشبث بالحياة، وإبداعات تحاول إثبات وجود المحرومين في هذا العالم، وملاحم تعصر تجارب الكادحين، وأعمال ترسم زفرات المغيبين وأنات المتشردين.
وليس كل إنسان تخضبت حياته بالآلام بمقدوره صنع الإبداع، لأن الأمر يتعلق بصاحب الموهبة وصاحب الملكات الفطرية الغائرة في النفس، ولكن حينما تصطدم حياة الموهوب بالآلام والظروف القاهرة كالمرض ، والفراق ، والفقر، والقهر، والظلم، عندئذ يصبح الألم الوقود الذي يلهب المشاعر والنيران التي تشعل الأحاسيس حتى تصل بصاحبها إلى ذروة الإبداع وقمة التميز، وهذا معناه إن الإبداع يولد ويترعرع في رحم المعاناة، وإن المبدع يسعى بكل ما أوتي من قوة لتكوين العمل الإبداعي في حين تتمزق روحه بين أنياب الفاقة وذل الحياة.
وما سبق ذكره مدعوم بالكثير من الأمثلة، فما سر إبداع السياب ومحمود درويش و دينكنز وحنا مينا وبيتهوفن، إنها كمية الآلام والأحزان التي أضاءت دروبهم وأشعلت مواهبهم، فقدموا للناس روائع تتصف في عالم اليوم بالنبوغ والخلود والتميز بل لا زالت الكتب والمحافل الثقافية تتحدث عن إبداعاتهم وإنجازاتهم ليومنا هذا، أما ما يقال أن ثمة نوابغ أبدعوا نثراً وشعراً دون أن يعرفوا شيئاً عن المعاناة، فقد يكون هذا القول نسبيا صحيح ولكن كم نسبة هؤلاء المبدعين؟ إنها نسبة ضعيفة ولنتسائل معا: هل بإمكان من نام على الحرير وغرف من بحر النعيم أن يصور أوجاعا لم يراها أو ينسب لنفسه لدغات الزمن أو ينسج خياله روايات تحاكي جروح الفقراء والمشردين؟ طبعا لا.
ومن ناحية أخرى فإن الألم يحمل وجهين لعملة واحدة فهو البلاء الذي يواجهه المبدع بمزيد من الصبر والتضحية والغرق في عوالم الكتابة ليستطيع التعبير عن الصرخات المكبوتة والأنات المتزاحمة في ثنايا القلوب، وهو أيضا عالم جميل وممتع للمتلقين والقراء الذين يتلذذون بمشاهدة الجمال وقراءة الإبداع المعجون بتربة الآلام والصادر من ركام الجروح، بل يقابلون المبدع بنظرات الإعجاب وكلمات الإطراء دون أن يدركون حجم معاناته .
أخيرا الألم في حياة المبدع ليس فقط أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما الألم هو ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع....فهل يدرك البشر قيمة المبدع؟ وما ينفقه من جهد ذهني لإيصال أفكاره وما تجشمه من جهد عاطفي لتفريغ مشاعره في زمن لم يعد للمبدع أي قيمة أو مقدار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق