الجمعة، مارس 19، 2010

سيد الشهداء

د. نوري الوائلي


حييت أرضك سيدي لأطول = ان كنت أقوى من علاك تلولا
يا ابن الأسود وما عرفنا لبوة = تلدُ الثعالب او تضمّ نحولا
لم تعرف الصّحراء غيرك واثباً = عند الغسوق وما رأتك مقيلا
أسد تطاردُ في الفلاة وحوشها = وتصيدُ من أمّ الأسود سليلا
يا عم أحمد والبطين وجعفر = وأخ الذي حمل الرسول كفيلا
يا ابن الذي نادى العزيز وقد أروا = جيشا لمكة كالجراد وفيلا
فإذا بآيات السماء تزخّهم = فوق الرؤس حجارة سجّيلا
ووثبت عند البيت تحمي ثلة = خرجت تنادي للسماء رسولا
وبرزت في بدر كأن رقابهم = ثمر البراري أينعت محصولا
فتساقطت وتناثرت أغصانها = لمّا دنوت لتقطف المحمولا
شهدت انوفهمو برغم ضغائن = ما كان سيفك للنحور جهولا
قد نال منهم والسهام امامه = تهوى عليه كما الشتاء هطولا
وأناخ في أحد شيوخ ثعالب = فإذا بهم يتسابقون فلولا
قد كنت درعاً للحبيب محمد = وأخاً يذود عن التقاة جفيلا
كالنخلة المعطاء تعلو قامة = في أرض عشب تستدير سهولا
الخيل ما عرفت مغيرا مثله = فجرت به فوق الردى ليصولا
قاتلت بالسيفين تحصد حشدهم = كمناجل بيد الجياع مثولا
يا سيد البطحاء ما كانت لهم = قدم أمامك أو يرون سبيلا
غدرا أرادوا أن يطيحوا كوكبا = لم يغد يوما آفلا ونزيلا
حتى لغدرك لم يكن في قلبهم = نبض ليرموك الحراب قبيلا
فتوسموا عبدا ليغدر دونهم = عاش المهانة عندها وذليلا
فإذا به كالشاة تتبع خلسة = ذئبا يطارد في الشروق فصيلا
فرمى برعشة خائف رمح الردى = وأصاب غدرا للحبيب خليلا
ورأى بعين الجافلين صوامعا = تنهار ثمّ لترتقي تهليلا
فيفرّ من ساح الوغى متلعثما = ويصيح مرحى قد شفيتِ غليلا
فسعت الى جثمان من كانت له = تحبو الرقاب مهابة ونزولا
يا سيد الشهداء كبدك لم يلن = في فكها , او أن تذوق فتيلا
لو نال منك جوفها كيف اللضى = تحويك حين تضمها تنكيلا
هذا مزاج الظالمين بخصمهم = جعلو القتيل ولحمه مأكولا
والسبط يبكي ملّة لا تكتفي = إلا تراه ظامئاً وقتيلا
ويلملمون لدفنك الأحشاء وال =أوصال والأمعاء والتهليلا
فتحيروا , كيف اللئام تناهشت = جسداً يفيض مهابة وفحولا
أحدٌ وفيك النائبات مواجع = والغدر فيك يجاوز المعقولا
قلبي تقطع كيف جسمك في الثرى = قد مُزقت أحشاءه تمثيلا
ما حال أحمد حين جسمك حوله = الشرك ينفش في الرفاة سجولا
صلّى عليه في الحشود محمد = سبعين لم يقصر بها الترتيلا
وبكى وأجهش عنده في غصّة = فغدت للوعته الجفون ذبولا
رغم الرحيل فأنت نور منارة = تهوى ويبقى جذرها قنديلا
ليس الرحيل لمثل نجمك مخفتا = أو مسدلا حول الضياء سدولا
لم يكف دمعي ان يعزي احمدا = وهو الذي ابكى الزمان طويلا
كم دمعة واستك سيّد آدم = من أمة تعلو بها تفضيلا
ما لي أراها لا تقيم لحمزة = ذكراً لمقتله ولا تبجيلا
عجبي لم الشعراء شل لسانهم = عن ذكره , أو قائلون قليلا
هامت حناجرهم لتذكرغيره = ورأت بذيل الأرذلين زبيلا
وكذا المنابر لم تقل في ذكره = ما يستحق من الثناء جزيلا
يا سيد الشهداء فزت بجنة = يحففك فيها من هداك قبولا
يخفي الزمان من الحناجر فخرها = وتظل فخرا للزمان أصيلا
ووقفت أنظرهالة من قبره = تعلو من الكبد الجريح صليلا
تعلو , لتسمع أمة قد أينعت = فيها المواجع ذلة وخمولا
وشممت مسكا نابعا بمقامه = عبقاً , فأندى في الأنوف ذهولا
أسد العزيز فما علوك بعزة = هل عز فأر حين نال خميلا
هل يفخرون بغدر مثلك سيدي = أو يطفئون بقتلك التنزيلا
كلا فدربك سيد الشهداء لا = يعلو مآذنه الدجى تضليلا
ستظل يا أسد الرسول وترتقي = فوق الزمان منارة ودليلا
وستعجزُ الأقلامُ عم محمد = عن وصف ما تحوي علا وجميلا
وتظل ذكراك الشموس لهدينا = فتنير جيلا للحياة فجيلا
لأبي عمارة قد ملئت محابري = شوقا لأبحر في الاباء قليلا
ما كان في أملي بلوغك سيدي = هل يبلغ الطفل الرضيع كهولا

ليست هناك تعليقات: