الثلاثاء، مارس 30، 2010

ثقافة الذئبية

عـادل عطيـة
قال الشاعر اللبناني مراد أبو نادر :

وإذا لم تكن على الناس ذئباً أكلتك الذئـاب نهّشاً ونسـراً

أما الشاعر المصري فاروق جويدة ، فقد وصف زماننا بزمن الذئاب ، وفي أسـى ، يخاطب والـده :

أبتاه ، مازال في قلبي عتاب ..

لمَ لمْ تعلمني الحياة مع الذئاب ؟!..

وكلما واصلت القراءة عن الذئب في التراث العربي ، أشعر بتأكيدات ، وكأن جهات العالم الأربع ، تضم غابة عظمى ، والذئاب المتكاثرة تقعى أمام بيتي ، وقد كشفت عن أسنانهـا للافتراس ، والعـراك !

وتساءلت : هل البشرية كلها تذائبت ، وفقدت إنسانيتها ، وتعاطفها ، بعضها البعض ، فإذا العالم ذئاب في ثياب ؟!..

أم هي المبالغة التي يتعاطاها الشعر ؟!..

أم أن حضور الذئب في الشعر كأحد مفردات البيئة الصحراوية ، يمائل تماماً فكر هؤلاء الذين تصحّرت نفوسهم ، وتسلل الذئب إلى عقولهم ، فراحوا يروجون لنظرية المؤامرة ، وأن العالم كله على أبواب مدننا ، ينتظر الانقضاض علينا ؛ فنبغض الآخر الذي بيننا ، وحولنا ، والبعيد عنا إلى حد التحريم ، ويصبح للجهاد الدموي مبرراته ، وقدسيته ؟!..

ان ثقافة الذئبية لم تعد نستمدها فقط من شعرائنا ، ونحن نلوك خيالهم المرعب في رومانسية ، ولكن أيضاً من شيوخ الفضائيات ، ومكبرات الصوت ، الخارج من كل جامع ، وكل مسجد ، وكل زاوية ، القادرين على تعظيم الرؤى المفزعة عن الذئب المفترس ؛ لتستقر بثبات في عقلنا الباطني ، حتى اننا ننقل صورة هذا العدو إلى الحقيقة الواقعة ؛ لتنطلق بعد ذلك المسيرات الغاضبة كالطوفان الجارف ، الذي يأخذ أمامه : البشر ، والشجر ، والحجر ، وشرعنتها بنداء : الله أكبر !

وهي ثقافة ، ان لم نتداركها ، مدمرة لإنسانية الذين لم تلوثهم بعد الذئبية الشعرية ، والجهاد غير المقدس .

ليست هناك تعليقات: