خالد بشار الخير
استكمالا للأنشطة الثقافية التي دأب مختبر السرديات بالتنسيق مع ماستر الدراسات الأدبية و الثقافية بالمغرب على تنظيمها داخل رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء وخارجها ،التأمت يوم الجمعة 17 أبريل 2009 حلقة تكوينية ثانية لفائدة ثلة من الطلبة الباحثين المغاربة ، في محور" الخطاب في الأدب و التواصل "، والتي افتتحها شعيب حليفي بصفته رئيسا لمختبر السرديات و منسقا لماستر الدراسات الأدبية و الثقافية بالمغرب بكلمات عبر من خلالها عن أهمية مثل هذه اللقاءات التي تتوخى تأطير الباحثين الجامعيين في الجانب المنهجي وربطا للجسور بين النقد الأدبي والبحث العلمي الأكاديمي ، مرحبا في الآن نفسه بالنقاد المشاركين والحضور.
· السخرية والتطريز الصوتي
تناولت الكلمة في البداية الباحثة حنان النبلي التي سعت من خلال تقريرها إلى إبراز أهمية البحث في مفهوم السخرية و تمثلاتها في المتن الإبداعي المغربي ، معتبرة إياها إحدى الإستراتيجيات الهامة في الكتابة الحداثية ، إذ أصبحت مكونا رئيسيا من مكونات السردية التي تنظم عقد الكتابة الروائية عند مجموعة من الروائيين ، و في هذا الصدد ، رامت الطالبة الباحثة البحث في مظاهر و أشكال السخرية وأساليبها في الرواية ، و كيفية توظيفها و مساهمتها في بناء الشكل و الدلالة أولا، ثم الوقوف ثانيا على مدى أهمية السخرية كظاهرة فنية في تطوير الخطاب الروائي عن طريق جعله خطابا غير ثابت شكلا و منفتح أمام تعدد القراءات و التأويلات جوهرا و مضمونا ، وقد اختارت رواية " أحلام بقرة " للروائي "محمد الهرادي" و رواية "أحمد المديني" المسماة " العجب العجاب " كمتن لدراستها ، لتجعل من " السخرية في الرواية المغربية " عنوانا لبحثها.
التقرير الثاني ، تقدمت به الباحثة فاطمة الزهراء الهراز التي تشتغل على بحث موسوم ب"المظاهر التطريزية في القصة القصيرة المغربية ، مقاربة صوتية ،بائعة الورد لمحمد زفزاف : أنموذجا "بينت من خلاله أن بحثها يمثل مشروعا لدراسة أسلوبية ــ صوتية لسانية ، تندرج بالأساس في إطار الأسلوبية الصوتية ،من خلال تبني مقاربة صوتية ، تهدف إلى دراسة المتواليات التطريزية في اللغة القصصية عند" محمد زفزاف" ، عبر ظواهر المقطع و النبر و التنغيم ، و هي بذلك تسعى إلى مقاربة نص قصصي مغربي من زاوية لسانية صوتية للكشف عن الخصوصيات الأسلوبية ــ الصوتية و التعبيرية في اللغة القصصية عند القاص" محمد زفزاف" من خلال نموذج قصته القصيرة " بائعة الورد " .
· الإعلام والاشهاربالمغرب
انصب التدخل الثالث للباحثة أسماء أصبير (ماستر الإشهار و التواصل ) على تلخيص أهم خطوات دراستها المعنونة ب" الإعلام التنموي بالمغرب : واقع الحال و آفاق التغيير ، مركز أجيال التكنولوجي للتنمية و التواصل نموذجا " ، منطلقة من واقع الساحة الإعلامية المغربية في الفترة الأخيرة التي عرفت طفرة نوعية على مستوى الإنتاجية ، خاصة بعد إصدار القوانين الخاصة بتحرير القطاع السمعي البصري . وأمام هذا الواقع تناقش الباحثة إشكالين اثنين يطرحان نفسيهما بقوة في هذا السياق ، وهما :
هل استطاع إعلامنا اليوم الموازنة بين الكم و الجودة ؟ و هل استطاع الإجابة عن سؤال التنمية في ظل المشروع التنموي الذي خطته السياسة المغربية في هذه المرحلة ؟ .خاصة و أن الإعلام بمفهومه الحديث أصبح رمزا للتنمية المستدامة ، فهو شريك أساسي في تحقيق التنمية .
التقرير الأخير تقدمت به الباحثة الزوهرة الغلبي الحاصلة على الإجازة تخصص قانون،والمنتمية لماستر الإشهار و التواصل ،وقد مكنتها هذه الازدواجية في التخصص من خوض غمار بحث يزاوج هو الآخر بين تحليل الخطاب الإعلامي والمقاربة القانونية ، و قد وسمت بحثها ب " الإشهار المغربي : الضوابط القانونية و الأخلاقية و الرقابة " محاولة من خلاله طرح إشكالية مقاربة الخطاب الإشهاري في بعديه القانوني و الأخلاقي ، و ذلك لإيجاد سبل لحماية المستهلك و حماية المجتمع من الانحرافات و التغييرات السلعية التي يمكن أن تلحقه من خلال بعض أساليب الترويج ، موضحة في الآن نفسه أنها أن دراستها تتغيى الإجابة عن سؤالين مركزيين هما :
ماهي حدود الإطار القانوني و الأخلاقي في تنظيم الخطاب الإشهاري بالمغرب ؟ و هل هناك آلية للمراقبة على المستوى التشريعي تضمن حق المستهلك المغربي من السوق الإشهارية ؟. ووفق هذا التصور قسمت بحثها إلى ثلاثة فصول ، خصصت الأول لدراسة المفاهيم المؤطرة للبحث ، أما الفصل الثاني فيتمحور حول الضوابط القانونية و الأخلاقية للإشهار ، فيما جاء الفصل الثالث حول مفهوم الرقابة و أنواعها مع إيراد مجموعة من العينات المنتقاة من الإشهار المغربي قصد توضيح مدى موافقتها للقوانين و التشريعات المغربية.
أما في ما يخص الملاحظات التوجيهية التي ساهم بها النقاد المشاركون في الحلقة وهم : حسن نجمي ، عبد الواحد خيري ، محمد خفيفي ، عبد الرحمن غانمي وشعيب حليفي، حيث وجهوا العديد من الملاحظات المنهجية وفي الموضوع ، هذه أهمها :
بخصوص موضوع" السخرية في الرواية المغربية " لحنان النبلي والذي أثار العديد من النقاشات ، خاصة في كون تيمة السخرية حاضرة قديما و حديثا في الإبداع الأدبي ، وكان الشعر الجاهلي و النص القرآني المنبع الأول للسخرية العربية ، ثم استثمرت بعد ذلك من طرف أمراء الإبداع الأدبي أمثال الجاحظ والمعري وغيرهما ، و في هذا الإطار أكد الأساتذة على ضرورة ضبط المفاهيم المؤطرة للدراسة. وتساءلوا عن سبب اختيار الباحثة لرواية أحلام بقرة" لمحمد الهرادي"والتي لا تستخدم السخرية بقدر ما توظف المسخ بالأساس .
وحول تقرير الباحثة فاطمة الزهراء الهراز ، الذي أثار نقاشا ساخنا من طرف الأساتذة ، و مرد ذلك هو صعوبة الربط بين ما هو مكتوب و ما هو منطوق ، لكون الموضوع محفوف بالكثير من المخاطر، مقترحين بعض الضوابط المنهجية التي يجب على الباحثة تجاوزها و منها تحديد المنهج المتبع في الدراسة وتجاوز الخلط بين المناهج المتعددة و المختلفة . فالدراسة فريدة في مجالها ، و أن مقاربة الظواهر التطريزية في الإبداع الأدبي مجازفة ، ووحدها النتائج التي ستنتهي إليها الدراسة هي الكفيلة بتكوين صورة أوضح و أشمل للموضوع . و للخروج من المشكلة التي تطرحها صعوبة الربط بين المكتوب و المنطوق اقترحوا على الباحثة اختيار متن يغلب عليه القص الشفوي.
مباشرة بعد ذلك ناقش الأساتذة تقرير الباحثة أسماء أصبير ، مع ملاحظة عدم توظيفها للإطار النظري الذي اعتمدته الدراسة ، في حين أن استخدام الإحصاء الوصفي في مثل هذه الدراسات أمر لا مناص منه ، كما أن تلك الأحكام القيمية التي اعتمدها التقرير قبل خوضه غمار البحث في الموضوع ، إذ أكد أن مثل تلك الأحكام تفسد جدة البحث و تفقده الصبغة العلمية التي يتبناها ، وضرورة اختيار نموذج معروف في الساحة المغربية .و حول التقرير الرابع للباحثة الزوهرة الغلبي ، اعتبروا بحثها يرتبط بالتحولات التي يعرفها القطاع السمعي البصري المغربي.
بعد ذلك أكدوا على ضرورة استثمارالباحثة لمناهج علم الاجتماع في مثل هاته الدراسة مما سيعطي نتائج ناجعة ، و ذلك إلى جانب الدعوة إلى تحليل الخطاب الإشهاري لما يكتنزه من رموز ودلالات موحية .
--
مختبر السرديات Laboratoire de Narratologie
كلية الاداب والعلوم الانسانية - بنمسيك -الدار البيضاء .المغرب
للمراسلة
labonarratologie@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق