الاثنين، مارس 16، 2009

فى مساء عيد الأم



عـادل عطيـة


أيتها الأم الغائبة عن هذه الدنيا ، والسارحة ابداً فى خيالى !
فى عيدك ، فى يوم الأم المبارك من السماء ، كان : مولدك الأبدى ..
ولدت من رحم الموت ؛ لتعيشين : الحياة الحقيقية ، التى يصبو إليها كل قلب .
عانينا مخاض الفراق ، وبكينا ...
بكاء مصحوباً بارتياح الفرح ،
ونحن ننظر إلى هديتك الالهية : الراحة من اتعابك من طعنة المرض اللعين !
- فالولادة من الجسد ،
والولادة من الموت ،
تجبرنا :
أن نبكى فى افراحنا ..
ونفرح فى آلامنا ..!
غبت عنى يا أمى ،
فغاب عن عينى وجهك الباسم بملامحه الرقيقة الرزينة ،
ومعانيه الدقيقة الحنونة .
واشتاقت حواسى إلى راحة أمومتك المنتشرة من فستانك العتيق !
يا أمنية غالية يسعى إليها حلم !
أرانى فى المساء عندما انطرح على فراش الفراق الخشن القاسى ،
اذكر يديك اللطيفتين الناعمتين .
وفى الليل عندما تمتزج افكارى بابخرة الاحلام ،
اشعر بقدميك الصغيرتين تنقران الارض حول سريرى ،
وفى الصباح افتح عينى ؛
لاراك ..
فلا أرى غير جدران غرفتى الداكنة !
ولاسمعك ..
فلا اسمع سوى صوت غيرك !
اخرج إلى الحقيقة ،
فأرى :
الأبناء الأوفياء ، يجلسون إلى أمهاتهم ، يذكرونها : بابتسامة ، بوردة ، بكلمة ، بقبلة ،...
وأرى :
كل الكائنات فى احضان امهاتها ، وتحت اجنحتها تتعانق ..
وأنا ، أنا وحدى ..بعيد عنك ، متشوق إليك يا أمى ..
فأبحث عنك فى الذكريات !
... ... ...
ياسيدة العطاء الخالد !
يا من عرضت ساعديك الكريمين لاحتراف العذابات الحياتية ،
من أجل أن يلمع فى ايدينا – صباح كل عيد – قرش ابيض كقلبك !
وبالونة حمراء كعينيك المتورمتين فى ليالى التدبير !
تأتين فى عيدك إلى طفولتنا التى لا تزال تحبو على طريق آلام الفراق ،
فأرى وجهك اللطيف الثابت ، يبتسم إلىّ من الاقاصى البعيدة ،
ويدك المباركة المدربة على ممارسة العطاء ،
تمتد إلىّ بسلتك الملأى بالذكريات الحلوة :
يوم تعلمنا منك – نحن أولادك – كيف نكون تلاميذ ليوحنا الحبيب ،
الذى قال لهم وصية الوداع : المحبة ، ثم المحبة ، ثم المحبة ...
- وما أجمل المحبة بين الاخوة ،
التى هى من ثمرة إيمانك يا من سرت على درب لوئيس ، وافنيكى !..
ويوم تعلمنا منك :
انك فى احلك لحظات الجفاف لم تتواكلى .
ونفضت عن شفتيك ارتعاشات الشكوى .
ومسحت من على وجنتيك دميعات الاسى ...
ويوم تعلمنا منك ، وأنت على فراش المرض :
كيف لا يهتز ايماننا .
فحتى آخر وخزة من آلامك المضنية ،
كنت تؤمنين : بمعجزة الشفاء الالهى .
وقد اراد لك الله فى الموت : شفاء !
... ... ...
أه ياأم النور الذائب فى اعماقنا !
يا من لم يرضها من الدنيا سوى ابتسامتنا ..
اسمحى لى أن ابكى مرتين :
مرة ؛ لأنه فاتنى فى حياتك على الارض ، أن ألتمس الصفح ، وانت قمته :
عن كل لحظة ألم سببتها لك راحتى .
عن كل ليلة سهر بجانب سريرى لأغفو ملء جفونى .
وعن كل يوم سلخته من حياتك لاحيا فى كنف عطفك وحنانك .
ومرة ؛ لأن هديتى البسيطة ، دائماً ، لم تتمكنين من تسلمها فى ذلك اليوم .
يا من لم تطلبى منا يوماً : طلبة واحدة لنفسك !
اطلب منك يا ام الحب وانت بجوار شفيعتك : مريم ..
أن تكونى : مونيكا – أخرى - ..
كلما اخذتنى الخطية إلى عالمها المظلم .
فهذه كانت رسالتك المقدسة : أن نكون اطهاراً انقياء مبررين .
وهذا ايماننا : أن صلاتك هى الآن اكثر قرباً من قلب الله .
اننى اسمع صوتك – يا من لم تطلب من الدنيا ولم تجد - :
أطلبوا تجدوا ...
وقد طلبت .

adelattiaeg@yagoo.com

ليست هناك تعليقات: