السبت، مارس 21، 2009

حين نقيس الحب بالمسطرة

ليلى البلوشي

الحب .. طاقة من الزهور الخلابة يظل شذاها يضوع في قلب المرأة أبد الحب .. وهو هواء منعش متجدد بالنقاء والتحفز في حياة الرجل ..وكل ٌ في هذا الكون ينطلق من خلال " الحب " .. بدءاً من حب الله تعالى استكمالا إلى حب الذات ، الأشخاص ، العمل ، الأماكن ، الهوايات ...الخ .
فالحب شجرة وارفة تصل ظلالها إلى أبعاد شاسعة شساعة مشاعرنا تجاه المكنونات .. وحين نخص شخصا ما بحد ذاته بأحاسيس خاصة .. ونطوقه بهمس لا يشمل سواه .. جُل أحلامنا ورغباتنا ترقص في حدود مساحته فإن الحب هنا له لغته ومذاقه .. لكن تتفاوت نسب خلود هذا الحب مع الزمن حين تتبدى طوارئ أخرى في حياة الإنسان فقد تقهر بالحب وتسمو بها وقد تقهر هي الحب وتنتشل آخر نبض حميمي فيه ..
فبعضهم يقيسون الحب بمقاييس خاضعة لها أبدا في لغة أهوائهم .. فإذا ما تعدى قياساتهم الدقيقة المرسومة عن رغباتهم فإنه يغدو في نطاقهم شيئا لا يطاق سرعان ما يطفئونه أو يرمونه بلا مبالاة كسيجارة بالية .. الحب الحقيقي هو أن نقبل الآخرين ضمن شروطهم .. فماذا لا نجعل طرفنا الآخر المكمل لنا في الحب يحبنا بطريقته .. بلغته .. بكيانه .. بحريته دون قيود نكبلها به ولا سلاسل نجره من خلالها إلى ما نريد ونتخطى ما يريده .. نتقبل منه ما نرغب ونأبى عن ما يرغب به هو .. الحب عطاء متبادل تتساوى كفتاته بين الطرفين المبذولين .. وحين يبذل طرف والطرف الآخر يأخذ فقط فإن هذا الحب يتضاءل شيئا فشيئا حتى يترهل مع الزمن ويموت ..
الحب كيان انساني موحد .. علينا أن نحترم فيه الآخر .. أن نترك له فرصة ليعبر فيها عن نفسه ، عن أحلامه بطلاقة .. معنى التوحد في الحب لا يعني التوحد في الأحلام .. لكل طرف أحلامه الخاصة يسعى إلى تحقيقها فهي تحقيق لذاته الإنسانية في الحياة .. ومن خلال غاية الحب الواحدة يساند الطرفان بعضهما البعض للسمو من خلال حياة صحية مبنية ضمن خطط صحيحة ومنطقية تناسب كلا الشريكين في الحب .. تتنفس مشاعرهما بعفوية مطلقة من أكسجين الحياة بألف أسلوب تتجدد كل يوم كالشمس وألف لغة تتألق كل مساء كالقمر ..
وحين يجد أحدهما أو كلاهما في دائرة الحب أن لغة الحب بينهما فقدت قدرتها على التواصل .. وفترت الأحاسيس .. تجمدت المشاعر الدافئة بينهما والغاية في بقائهما معا تلاشت أشبه بموعد تتواعد فيه الشمس مع الغيم فلا يلتقيان في أفق واحد .. فإن إقصاء الآخر لا يعني أنه غدا عدوا نتمنى له التعاسة في بقية حياته وربما العدمية عن الكون كله .. فإن هذا الشخص قد منحك يوما قلبه فلا ترميه له مغروسا بسهم بل قدمه له كما أودعه في قلبك في لحظة الحب .. ولا داعي التراشق بالجرح وليبقى الطرفان على وفاق الصداقة انطلاقا للأحاسيس الجميلة التي ضمت سقف قلبيهما يوما ما ولتقتات الذكرى الطيبة التي فرشت أرض غايتهما فيما سلف .. ولا تندم مطلقا على حب عشته .. ففي الحب الإنسان رابح دائما كما تقول " غادة سمان " : ( في حالة الحب فالإنسان رابح دائما .. إنه يربح اكتشاف ذاته ومدى استعداده الحقيقي للعطاء ، ومدى قدرته على أن ينطلق ليحب العالم كله من خلال انطلاقته عبر حبه الفرد والخاسر الوحيد في علاقات الحب هو الذي لم يحب حقا ً ..!)
Lailal222@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: