الاثنين، أبريل 28، 2008

كشف المآذن !!

عادل عطية

عندما يفاجؤنا احد اولادنا – على غير طبيعته وعادته – بهدوئه ودعته وطاعته ...ننظر إليه بارتياب ، ونقول له : " يبدو أنك اقترفت شيئاً معيباَ "..
وكثيراً ما يصدق حدسنا ، وينكشف القناع !فلقد تعلمنا أن التحوّل المفاجئ :من الحركة إلى السكون ، ومن العناد إلى الطاعة ، ومن الطلاح إلى الصلاح ...
ماهى إلا أقنعة مزيفة ، نرتديها عندما نشعر بخطئنا ، وخوفنا من رد الفعل .تصدق هذه التجربة لتشمل احوال أمة بأكملها !
أنظروا إلى تزايد ارتفاعات المآذن، وعددها ، وفخامتها ..بعدما كانت فى الماضى على شكل يوحى بالرصانة والتقشف كأول مئذنة بنيت فى الديار الاسلامية !
هاهى تظلل ملايين الرجال الذين يطيلون لحاهم، فيطلقون عليهم: شيوخ !والنساء اللاتى يلبسن الخمار، ويرتدين الحجاب ، فيطلقون عليهن : نساء فاضلات !ولابد أن نتفرس فى هذه الظاهرة.. ونعلن ادراكنا بأننا فى ورطة .
فكلما ارتفع النداء الى الصلاة ،لابد وان نتذكر قول الله عن بنى اسرائيل،وكل امة تتمثل بها : " يقترب إلىّ هذا الشعب بفمه ،" ويكرمنى بشفتيه ." وأما قلبه فمبتعد عنى بعيداً." وباطلاً يعبدوننى ." وهم يعلمون تعاليم هى وصايا الناس ".
وكلما أدّعى حاكم بأنه يحكم بالشرع ،نجد غياب العدالة الاجتماعية ،والحكم الديكتاتورى مقطوع الصلة بمبدأ الشورى الاسلامى !لقد اشتهرت القاهرة ، قاعدة الديار المصرية ، فى الماضى ، بأنها : مدينة الألف مئذنة !
ولكن تلكم المآذن ، والتى صارت اليوم بالملايين ..كانت ولاتزال شاهدة على تاريخ طويل من الظلم والظلام المغلّف بأدعياء التدين !
وكم من مآسى خلقها ، قادة وحكام ، أضافوا إلى اسمائهم اسم : الله ..كالحاكم بأمر الله ، والعاضد لدين الله ، والحافظ لدين الله ، والعزيز بالله ،...
وآخرون زيّنوا ألقابهم ، بكلمة : الدين ..كصلاح الدين ، ونور الدين ، وشرف الدين ، وسيف الدين ،...وبعضهم وصفوا أنفسهم بصفات لم يتمثلوا بها ..كالملك الصالح ، والوالى العادل ، والرئيس المؤمن ، الذى صنع "الفتنة الطائفية ، وأضافها كتعبير فى القاموس اللغوى المصرى!
وهاهى ذا شذرات من كتب التاريخ ، الذى لايزال يكتب حتى يومنا هذا بمداد فسفورى ،كل ما يكشف قناع المآذن ، والتدين الزائف ،والاسماء التى ليست على مسمى :.. فقد خلّف احمد بن طولون بعد وفاته من ذهب ولؤلؤ وجواهر ويواقيت وتحف وضياع واملاك وبساتين وعبيد مالا يحصى عدده !
.. وخلّف ابنه خمارويه الذى زوّج ابنته قطر الندى بجهاز اسطورى ، كان له اثره على بيت المال !.. اما كافور الاخشيدى ، فقد ترك فى خزانته بعد وفاته ما قيمته نحو مليون دينار من الجواهر والثياب والسلاح والامتعة !..
أما فى عهد الخليفة المنتصر بالله الفاطمى ، فقد عانى سواد الشعب المصرى من المجاعات الرهيبة والطواعين والقحط وإختفاء المواد الغذائية ، حتى اضطر الناس إلى أكل الكلاب والقطط ، ثم إلى أكل جثث من يموت من البشر !..
أما الخليفة الظافر بالله ، فقد أنكبّ على اللهو والطرب وشرب الخمور ، بل كان يهوى ابن وزيره " عباس " وينزل إليه ويبيت عنده فى غالب الأوقات .
ثم أهداه صينية من ذهب فيها ألف حبة لؤلؤ !.. و فى عهد " العاضد بالله " كثرت الفتن و المذابح والحوادث الشنيعة ، زادها بحريق مدينة "الفسطاط" بمشورة خرقاء من وزيره ، حيث استمر الحريق واحداً وخمسين يوماً، حتى صار الدخان يرى من مسيرة ثلاثة أيام !..
أما فى عهد العزيز بالله ابن الناصر صلاح الدين ، فحدث ولاحرج من فرض الضرائب الثقيلة ، وانتشار دورالدعارة واللواط وأماكن القمار و الحشيش والخمور ، وانعدام العدل ، وتفشى الرشوة وتحكمها فى كل شىء !،...،...،...
فبدلا من ان تكون الديانة هى الاخلاقيات فى صلتها بالله كمشرع،ومعرفة واجباتنا كأوامر الهية ،- على حد تعبير المفكر عمانوئيل كانت - .صارت بأفعالهم الرديئة :" كالافيون " ، - كما قال كارل ماركس- .
ولكن هل يمكن ان تكون الديانة :مجرد مادة مسكنة..تذهب بالعقل ،وتخدر الاحاسيس ،وتطهر الضمير الملوث بالجرم وتحرره من ثقل المذنوبية ؟!...
adelattiaeg@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: