الأحد، أبريل 13، 2008

قلْ كلمتك وامشِ .. ورقاب بين السيف الأميركي والنطع الإسرائيلي


شوقي مسلماني
"قلْ كلمتك وامشِ" هو الكتاب الجديد لرئيس رابطة إحياء التراث العربي كامل المرّ، ويشمل موضوعات تؤرِّخ لحرب تمّوز 2006 وتسجّل لوقائع وأحداث عربيّة من موقع المنافح عن بلاد العرب والمؤيِّد للقوى المناهضة للغرب الإمبريالي وأميركا والصهيونيّة مع دعوة للإتّكال على الذات، فما يُسمّى "المجتمع الدولي" غدا عجينة في يد القطب الأميركي الأوحد، والأمم المتّحدة باتت شاهد زور، ومجلس الأمن لا ينتصر إلاّ للطغاة.
والكتاب الصادر في سيدني ويضم بين دفّتيه 107 صفحات يركّز على مسار الأحداث في لبنان كنتيجة من نتائج الغزو الأميركي للعراق ضمن ما عُرِف بالتحالف الذي ضمّ أميركا جورج بوش الإبن وبريطانيا توني بلير الذي أطلقتْ عليه الصحافة البريطانيّة لقب "كلب بوش الوديع" أمّا ضلع المثلّث الثالث فأستراليا جون هاورد ولو بمشاركة رمزيّة دفعت أستراليا ثمنها غالياً في تفجيرات بالي مثلما دفعتْ من سمعتها كظهيرة للإرهاب الدولي. وأولى نتائج هذا الغزو على لبنان استصدار الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا قراراً عبر مجلس الأمن وهو الرقم 1559 (اعترف جورج دبليو خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة العربيّة، وهي الزيارة التي ندّدتْ بها كلّ القوى الشريفة في العالم العربي فيما رحّبت بها المعارضة السوريّة ـ كتب محلّلون في ذلك ونأمل ألاّ يكون صحيحاً ـ بلسان رياض الترك واستتبعتها بزيارة إلى السفارة الأميركيّة ضمّت سميّه رياض سيف الذي أوقفته السلطة السوريّة بعد أيّام، أنّه صاغ القرار مع نظيره الفرنسي جاك شيراك) ويقضي هذا القرار بمعاقبة سوريا من خلال إخراجها على نحو مهين من لبنان لعدم تعاونها في العراق مثلما تعاونت باكستان برويز مشرّف في أفغانستان، فنزعِ سلاح الميليشيات اللبنانيّة والمقصود سلاح المقاومة في جنوب لبنان. ومن كان يستطيع تنفيذ هذا القرار بشقّه السوري على الأقل لولا اغتيال الحريري صنيعة سوريا سياسياَ وشعبيّاً بعدما كان صنيعة السعوديّة ماليّاً ودبلوماسيّاً؟. أمّا الشقّ المتعلّق بحزب الله وسلاح المقاومة فتكفّلت به إسرائيل أولمرت تحت شعار استرداد الجنديين الأسيرين بتعاون مع لبنانيّين يطلق عليهم الكاتب إسم "المرتَهنين" ص14 و"أُكلة الجبنة الذين دأبوا على ابتلاع ثروات لبنان وإغراقه بالديون تمهيداً لارتهانه إلى إرادات خارجيّة" ص91. ويشير الكتاب بكلّ وضوح إلى المخطّط الذي أوّل ما يستهدف عموم الشرق العربي، وهو مخطّط "الشرق الأوسط الجديد" السيء الذكر، ويقول الكاتب "فتّشوا عن كونداليزا رايس" وشرقها الأوسطي الجديد الذي قبل الحرب على العراق قال وزير الخارجيّة الأميركيّة السابق كولن باول في محاضرة له بإعادة "رسم خارطة الشرق الأوسط" بما يناسب المصالح الأميركيّة، وقالت مثله كونداليزا رايس وزيرة الخارجيّة الحاليّة إبّان حرب تمّوز على لبنان: "إنّها آلام مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد" ... إيماناً منها أنّ إسرائيل ستقضي على المقاومة اللبنانيّة، فهي أعتى قوّة في المنطقة و"طائرات النقل العسكري الضخمة في طريقها إلى إسرائيل (من الولايات المتّحدة) محمّلة بالقنابل الذكيّة ..." ص13 مثلما يسجّل أن قوى لبنانيّة محليّة توعّدت المقاومة بالمحاسبة وهي ذاتها القوى التي "تتناغم مواقفها مع الموقف الأميركي المتماهي مع الموقف الإسرائيلي" كما يرد في الصفحة 25. وفيما كونداليزا رايس المتلهّفة لسحق حزب الله ونزع سلاح المقاومة لم تتساءل ماذا لو كان مخاضها كاذباً؟ كذلك لم تتساءل القوى الداخلية "المرتَهَنة" التي أشبعت كونداليزا رايس تقبيلاً ثمّ أشبعتها من لحم أبناء مروحين في العشاء العلني ثمّ اجتمعت في السفارة الأميركيّة كأنّما لتشارك في إدارة الحرب ما دفع زياد ماجد وهو إسم بارز ضمن قوى الموالاة لاستهجان هذا السلوك باعتباره خطأ فادح، هذه القوى كذلك لم تتساءل ماذا لو هُزِمت المقاومة؟ وماذا عن حساب جمهور المقاومة مع المرتَهَنين والمتعاونين؟.
أمّا وقد انهزمت إسرائيل في الحرب العربيّة الإسرائيلية السادسة على نحو مدوي، أمّا وقد بدأت قوى الموالاة إذا أُحرِجت تقرّ بهزيمة إسرائيل (النائب البريطاني جورج غالاواي في تصريح له بعد لقاء رئيس وزراء الموالاة قال: "عجيب أمر العرب فإذا انهزموا قالوا انتصرنا وإذا انتصروا قالو انهزمنا" ردّاً على سؤال حول لقاء جرى بينه وبين رئيس الوزراء ذاته بعد انتهاء حرب تمّوز) أمّا وقد انهزمت إسرائيل فقد شرعت القوى المرتهنة الحريصة "على تحقيق الحريّة والسيادة والإستقلال بوعود من أميركا ولو على جماجم اللبنانيين على غرار ما يحدث في العراق وتفاخر بأنها تتمتّع بتأييد دولي واسع" ص90 فقد شرعت هذه القوى بالحديث عن الخسائر: "والأنكى أن هؤلاء أخذوا يفلسفون هرطقتهم مؤكّدين أنّ صمود المقاومة بوجه العدوان الإسرائيلي كان مكلفاً للغاية ولو صحّت فلسفة هؤلاء حول الربح والخسارة لما تجرّأ مقهور على رفع صوت احتجاج ولكانت مدينة ستالين غراد ركعت أمام جبروت هتلر ولكان هتلر اليوم يحكم العالم بجزمته ... ولما كانت تحرّرت فرنسا، الجزائر ... كوبا وفيتنام التي دفعت ثمن تحرّرها أضعاف ما أصابنا من خسائر بسبب صمودنا" ص41. وما أشبه اليوم بالأمس، وها هو قائد الثورة البلشفيّة يبعث برسالة إلى غوركي يقول له فيها: "ولنأخذ كورلنكو مثالاً، فلقد قرأتُ له "الحرب والوطن والإنسانيّة" الذي كتبه في آب سنة 1917 .. أي منذ فترة قصيرة، وكورلنكو كما تعلم منشفيكي حقيقي يطلي دفاعه المقزّز عن الحرب الإمبرياليّة بكلمات معسولة ـ يا له من مادّي تعس أغرته تحايلات البرجوازيّة ـ أن يُقتَل عشرة ملايين في حرب إستعماريّة لا يثير لديه غير التحفّظ ضدّ الحرب أمّا مقتل مئات الألوف في حرب أهليّة ضدّ الإقطاعيين والرأسماليين فقد استدعى منه كلّ هذا اللهاث والهستيريا".
وعلى غرار مقالة باكونين وهو أحد زعماء "اللاسلطة": "إنّكم توبّخوننا بسبب عدم إيماننا بالإله، نحن نتّهمكم بالإيمان به ... فمن تجدون تحت راية الإله؟ تجدون الإمبراطور، الملوك، كبار الملاكين، كلّ المفسدين المحظوظين في أوروبّا ... كلّ خنازير العالم الصناعي والتجاري والبنكي ... من دون نسيان كتّاب الصحافة الخسيسة ... هؤلاء جيش الإله، ثمّ من تجدون في المعسكر المقابل؟ تجدون منكري كلّ المبادئ التسلّطيّة، المؤمنين بالإنسانيّة، المدافعين عن الحريّة الإنسانيّة" على غرار مقالة باكونين: إنّكم توبّخوننا بسبب خسائرنا!؟ نحن نتّهمكم أيّها المرتهنين بالمشاركة في العدوان ... وبدم أهلنا في كلّ لبنان خلال حرب تمّوز الإمبرياليّة التخطيط والصهيونيّة التنفيذ ... ثمّ من تجدون تحت راية أميركا والرجعيّة العربيّة وإسرائيل و"المجتمع الدولي" و"من ترك لنا إرثاً سياسيّاً واقتصاديّاً مدمِّراً" والأمم المتّحدة التي ألغت جمعيّتها العامّة القرار الذي يساوي الصهيونيّة بالعنصريّة وأصدرت قراراً بتقديس الهولوكست، ومجلس الأمن الذي أمهل إسرائيل 33 يوماً لاستكمال عدوانها؟ فمن تجدون تحت راية هؤلاء؟: البيت الأبيض، الملوك، كبار الملاّك، كلّ المفسدين المحظوظين في أوروبّا ... كلّ خنازير العالم الصناعي والتجاري والبنكي ... من دون نسيان كتّاب الصحافة الخسيسة ... والمعجبين بالديمقراطيّة الأميركيّة والذين يحرّضون على غزو سوريا و"التخلّص من نظامها كما جرى التخلّص من نظام العراق الدكتاتوري" ومؤيّدي القرار 1559 وصنّاعه العلنيين والسريين والداعين إلى نزع سلاح المقاومة وتطبيق اتفاقية الهدنة مع إسرائيل وكأن اللبنانيين هم الذين يخترقون يوميّاً منذ عام 1949 هذه الهدنة ويعتدون على إسرائيل وليس العكس ... ثمّ من تجدون في المعسكر المقابل؟: الرافضين للعدوان والإحتلال والعولمة المتوحّشة والفوضى الخلاّقة والشرق الأوسط الجديد والمحافظين الجدد ومعمَّمي جورج بوش الإبن في العراق ومعمّميه ورهبانه "الشرطة السوداء" في لبنان.
أخيراً يقول الأديب كامل المرّ في كتابه" قل كلمتك وامش" : "رقابهم جميعاً (العرب) بين السيف الأميركي والنطع الإسرائيلي" ص61 فمتى يعي عربٌ ذلك؟.
Shawki1@optusnet.com.au

ليست هناك تعليقات: