الأحد، أبريل 27، 2008

الوفاء

زكية علال
من مكرهم ... كانوا يعرفون عني كل شيء .. كانوا يعرفون أن طبيعتي العربية تعشق الجمال .. وأن قلبي الذي تنتفض نبضاته غضبا .. قد يسترخي ويتهاوى نبضه أمام سحر الكلام .. ولهذا أرسلوه إليّ ..
جعلوه يتسلل إلى خيمتي المغروسة في غزة .. ظِلُّه سبق وقع خطواته إلى مضجعي .. كان شابا وسيما .. وشاعرا !!! الكلمات العذبة تتراقص على شفتيه ..ويسكن السحر ضوء عينيه .. أفقت مذعورة .. فإذا به يقترب مني واضعا قلبه على راحة كفه وهو يهمس لي: - هذا قلبي أقدمه قربانا لعينيك الساحرتين ..
حاولت أن أتدثر بغطاء يتمرد على جسدي وسألته : ماذا تريد مني ؟!! قال لي وابتسامته الصفراء تتربص بغطائي الرمادي : كم أنت جميلة ، وفاتنة ! قلت له وأنا أتمسك بغطائي الذي يدثرني من خبث نظراته : كيف وصلت إلى خيمتي وهي محاصرة بالنار والجوع ؟!! رد بمكر فاضح : من عشق سحر عينيك لا يُسأل كيف وصل إليهما ..
سألته : ماذا تريد ؟ قال : أحبك ... قلت : ثم ماذا ؟ قال : إنك أملي ومحجتي ...أقضي الليل كله أعدُّ النجوم قطعة قطعة ... أرتبها .. أتسلى .. ليطلع الصبح فأراك .. إنك شمسي التي تشرق من مشرق قلبي المتعب..
قلت : ثم ماذا ؟ قال : لا أستطيع أن أحيا بدونك .. إنك قطعة مني .. بعض دمي .. أراك فيك قلبي يمشي على الأرض .. إن شئت أن أظل ساجدا العمر- كله - عند قدميك ، سأفعل. - وبخبث – امتدت يده لتكشف عن شعري .. انتفضت بجنون ، وصرخت : ماذا تريد ؟!!
قال وأنفاسه تكاد تعانق أنفسي : أريد أن أتحسس شعرك الفحمي .. فيه دفء يقتل كل إحساس بالغربة والشقاء و ... وصفعته .... لست أدري من أين جمعت قوتي التي جعلتني أصفعه ليتدحرج مهزوماً خارج الخيمة... كان لابد أن أفعل ذلك يا عبد الله ... فقد كانوا يريدونني أن أقع أسيرة حبه وكلماته الدافئة .. يريدونه أن يستولي على مشاعري ليسهل امتلاكهم لي .. هم يدركون أن هزيمة الأم هي بداية النهاية .. لكن .. لن أنهزم يا عبد الله ... لن أستسلم .. لن أدعهم يصلون إلى بوابة قلبي التي ظلت مقفلة منذ غادرتني وحملت معك نبضي !! كم كانوا أغبياء وهم يعتقدون أن الغزل مفتاح القلوب .. وجهلوا أن ما أغلقه الوفاء تستعصي عليه كل مفاتيح الغزل المباح .. وغير المباح .. جهلوا .. أنه تربطني بك حكاية حب .. قصة وفاء .. وحرقة عذاب أكبر !! ولهذا سأظل وفية لك ... في زمن الخيانات الرسمية .. وغير الرسمية ، سأظل قائمة على وفائي لك .. فقط – لأنك عبد الله ... ولأنني فاطمة ..

ليست هناك تعليقات: