السبت، أبريل 26، 2008

من مكة إلى المدينة


عادل عطية
كانت انطلاقة السرب الاسلامى من مكة إلى المدينة ، أكثر من هجرة !
فقد تحوّلت النواة الاسلامية تحولاً خطيراً ، حتى جاز لنا القول : إن إسلام مكة ليس هو إسلام المدينة !
فكفّار مكة ليسوا هم كفّار المدينة!
وأولياء مكة ليسوا أولياء المدينة !
والهالكون فى جهنم حسب نص القرآن المكى ليسوا هم هالكى جهنم فى القرآن المدنى !
فمن والاه المسلم فى مكة أصبح يعاديه فى المدينة
ومن عاداه فى مكة أصبح أشد عداوة فى المدينة
فالكفّار المشركون عبدة الأصنام والأوثان هم هالكو جهنم فى مكة ،
وهم محط اللعنات القرآنية طوال أكثر من ثلاثة عشر عاما فى مكة
بينما أهل الكتاب هم " المسلمون " الذين أمر محمد أن يكون معهم من المسلمين ،
وهم الذين قال فيهم القرآن : " أولئك الذين هدى الله ، فبهداهم اقتده " ( الأنعام 6 : 90)
أما أهل الكتاب فى المدينة فهم الذين حرفوا الكتاب ليّاً بألسنتهم ،
وهم الذين أخفوا نعت محمد واسمه من كتابهم ،
وهم عبّاد الثالوث الذين ألّهوا المسيح وأمه واتخذوهما إلهين من دون الله
فاستحقوا جهنم خالدين فيها أبداً !
**
إن من يقرأ القرآن يدرك أنه لم ترد آية واحدة طوال أكثر فترات العهد المكى ،
تنذر أهل الكتاب بالعذاب الأليم فى جهنم ،
بل إن آيات التبشير بالعذاب كانت موجّهة فى جملتها إلى المشركين من قريش وما حولها ،
الذين صدّوا عن سبيل الله ،
والذين استكبروا ورفضوا دعوة المساواة التى أطلقها الإسلام بين الطبقات
لكن الأمر يختلف كثيراً عندما نقرأ ما نزل من القرآن فى المدينة :
فهى لا تفرق بين مسيحيين ومسلمين لله ،
لا يشركون به إلها آخر ،
مسيحيين يقرّون له بالوحدانية
وبين آخرين ضالين اتّخذوا من المسيح وأمه إلهين ،
أو الذين اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله !،
**
حتى أولاد المشركين والكتابيين نالوا نصيبهم فى هذا التغيير !
فقد سألت " خديجة" ، زوجة محمد طوال العهد المكى ، محمداً عن مصير أولاد المشركين ،بمافيهم أهل الكتاب ،فقال : " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (الأنعام 6 : 164)
" هم على القنطرة "
وفى رواية أخرى : " هم فى الجنة"
وقد روى أبان عن أنس ، قال :سئل رسول الله (ص) عن أولاد المشركين ، فقال :" لم يكن لهم حسنات فيجزوا بها فيكونوا من ملوك الجنة
ولم يكن لهم سيئات فيعاقبون عليها فيكونوا من أهل النار فهم خدم لأهل الجنة "
هذا الموقف الصريح من أولاد المشركين وأهل الكتاب ،نراه يختفى ويتغير إلى موقف آخر يتبناه القرآن تجاه الكفار بما فيهم أهل الكتاب ، وأولادهم
فقد سألت " عائشة " ، زوجة محمد فى العهد المدنى ، محمداً عن ذرارى غير المسلمين ،فقال : " هم مع آبائهم "
قالت : " بلا عمل ؟!"
قال : " الله أعلم بما كانوا عاملين ، والذى نفسى بيده لئن شئت أسمعتك تصاغيهم فى النار "
ففى مكة أولاد أهل الكتاب فى الجنة خدام لنزلائها ،ولكن بعد أن اتخذ الإسلام موقفاً مستقلاً من مصدره الأول ،بل معادياً من هذا المصدر ،الذى ظل يمدّه بالعقائد والتشريعات طوال أكثر من ثلاثة عشر عاماً ،كانت النتيجة إلقاء هؤلاء الاطفال فى الجحيم ، بلا ذنب سوى انهم جاءوا من صلب كتابيين
**
قد يتصوّر أهل الكتاب ،أنه لامبرر لوجود الآيات المكية المتسامحة ،بعدما نسخت فى المدينة !
ولكن وجودها ،سيسمح لبعض المسلمين الذين لم يتحجّر قلبهم بعد ،أن ينحازوا اليها ، لصالحهم !
**
لمشاهدة صورة عادل عطية بإمكانكم الرجوع الى فيلم كتّاب مجلة ليلى

ليست هناك تعليقات: