الأحد، يوليو 27، 2008

متى يكف ُّ عن النعيقِ؟

د. عدنان الظاهر

من هو هذا الناعق البائس ؟ سينكشف للقارئ الكريم على الفور !
إستفزني مقال قرأته له قبل فترة ليست بعيدة في أحد المواقع حين كنتُ في بلد آخر فلم أستطع الرد أو التعليق عليه . عنوان مقاله ذاك هو ( بؤس سجال المثقفين العراقيين ) . أسس مقاله على ما كان يدور من نقاشات وشجارات حامية الوطيس بين الأطراف العراقية المختلفة في المعتقدات بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 . طبعاً كان الرجلُ هذا محقاً فيما قال بهذا الخصوص ولكن ما كان دقيقاً حيث ربط ذلك بالثورة ، لماذا ؟ لأنَّ الخلافات العميقة بين أربعة أطراف عراقية في الأقل كانت معروفة قبل الثورة وقديمة جداً .
الأطراف الأربعة هي : الشيوعيون والقوميون والبعثيون ثم الإخوان المسلمون . أتذكر جيداً كيف كانت الخلافات بين الطلبة في الكليات في العهد الملكي وخاصة في مواسم إنتخابات إتحاد الطلبة لكنها كانت تسوّى بأساليب توافقية ودية دون عراك بالأيدي . ما وجه إعتراضي على عنوان مقال الأستاذ ؟ إعتراضي عليه من باب آخر لا علاقة له بمثل هذه الخلافات بين أطراف الحركة الوطنية العراقية سواء قبل أو بعد ثورة تموز وكان هو أحد فرسانها بكثرة ما نشر وحاضر وإدعى وتهاتر . أعترض عليه في أمر تسميته لما يدور الآن من نقاشات وكتابات وكتابات مضادة في شتى مواقع الإنترنت أو على صفحات بعض الجرائد ب [ بؤس سجال المثقفين العراقيين ... ] .
هل يسمح لي أن أسأله : كيف كان شكل أو طبيعة سجالك يا سيد مع باقي رفاقك في قمة قيادة الحزب الشيوعي العراقي قبل وأثناء وبعد إنشقاقك الخطير عن الحزب ؟ أفلم يكن ذاك السجال شديد البؤس خطير النتائج ؟ هل مارست سجالاً فكريا ً ثرا ً وثرياً بعيداً عن البؤس والمهاترات ؟ أفلم تخنْ مرتين الأولى في دقك إسفيناً شديد الخطورة في يافوخ الحزب الشيوعي ؟ وكانت خيانتك الثانية في إنهيارك المشين وكشفك أسرار تنظيمك وتخليك عن الرهط الذي تبعك في مغامرتك إذ أظهرك البعثيون على شاشة التلفزيون ذليلاً بائساً خانعاً أسودَ الوجه من عارك ؟ لِمَ إذا ً لا تترك السياسة اليوم وقد سبق وأن تخليتَ أنتَ عنها وتنازلت عن شرفك الشخصي والسياسي ؟
أنصحك يا سيد أن تترك الخوض في السياسة وقد تخلفتَ كثيراً عنها وأن تنصرف للأدب والترجمة فعلمي أنَّ إختصاصك في دار المعلمين العالية هو الأدب الإنجليزي . أتدري لماذا أنصحك بالتخلي عن السياسة ؟ لأنك وكنت قد ملأتَ الدنيا في أغلب سنوات عمرك ضجيجاً تسب أمريكا والإستعمار والإمبرالية لكنك اليوم وبقدرة قادر إصطففتَ مع مجموعة المتأمركين الجُدد مُسرِفاً في عبادتك لأمريكا عرّاباً وبوقَ شؤم للإحتلال الذي تسميه تحريراً . بل وأفظع من ذلك : دفاعك الحار وتنظيرك البائس المٌشين للإحتلال الأمريكي للعراق طويل الأمد وللقواعد العسكرية الأمريكية التي تنوي أن تقيمها حكومة بوش على أرض العراق .
كيف إنقلبتَ ودرتَ حول نفسك بمقدار 180 درجة ؟ أهي بقايا تأثيرات الوظيفة التي تقلدتها ممثلاً لحكم البعث في اليونسكو ؟ لقد سامحك من سامحك على سقوطك المروّع ذاك ونسي مَن نسيَ سخامَ وجهك لكنك تأبى إلا الطفوّ على سطوح السياسة و { ماء الكروش } لتغسل بعض عارك على ما يبدو ولكن بماء غسيل قذر متعفن آسن ... ماء التطبيل والتزمير والترويج للإحتلال الأمريكي ولقواعده العسكرية . لعلمك أيها السيد : كان الشاعر المرحوم عبد الوهاب البياتي كثير الحقد عليك وكان يحتقرك ويسميك
( رأس البصل ) . كان ذلك أوائل ستينيات القرن الماضي وكنتُ حينذاك في موسكو وأظنك كذلك كنتَ هناك خلال تلكم السنين . كنتُ أدافع عنك بحرارة وكنت أفسّر تهجمات البياتي عليك بأنه يغار منك إذ صعدتَ أنتَ صعوداً خيالياً في عالم السياسة بينما ظل البياتي حتى وقتذاك كالمغمور المعزول في موسكو والمغضوب عليه كما كان هو يعتقد . ثم كنتما زملاءَ جيل واحد ٍ في دار المعلمين العالية على ما أحسب .
الآن وضُح لي أني كنتُ على خطأ في دفاعي عنك وأنَّ البياتي كان على صواب وإنه كان أدرى بك مني ومن سوايَّ . كان يعرف حقيقة معدنك وجذور الإستعداد للخيانة فيك وقد خنتَ مرتين كما بينتُ في أعلاه .
أنصحك أن تتعظ بنموذج رفيقك السابق مالك سيف إذ طلّق السياسة بعد أنْ إنهار وخان . نعم ، أمامك طريق الأدب وأنت مثقف وأديب وكاتب جيد وتتقن الإنجليزية فإنصرفْ للأدب والترجمة وتخلَ عن السياسة فلم تعدْ أنتَ تليق بها ولم تعدْ هي تليق بك .
مع إعتذاري لأنني أعترف أني من ذوي السجالات التي لا تخلو من عنف وأحسد جماعة المتأمريكين الجُدد فأعصابهم جدَّ باردة لا لأنهم مؤدبون ولكن ْ لأنَّ طبيعتهم في الأصل باردة ... شديدة البرودة ... هكذا خرجوا من بطون أمهاتهم !!

ليست هناك تعليقات: