الجمعة، أكتوبر 23، 2009

حوار التناظر مع الكاتبة ورد محمد في غريبــــةٌ أنـــــــا


د. مازن حمدونه

غريبةٌ أنا على دروب الشتات أعتصر عناقيد الأسى لآخر رمق
وأحتسي شراب الأمل المعتق في أقبية الحنين والشـــوق والقلق
تائهة الأفكار والكلمات أبحثُ عن وسـادةٍ من وردٍ وعبق
فـدعني على صخرةِ المنفى أرقب النور وعصافير المساء
وألـوان طيفٍ لوطن مصلوب منذ أزمان على أعمدةِ العناء
اتركـني لعل الريـح تأتي بأخـبارٍ من وراء أسوار الشقاء
فأنا ظـمأى لحكايات السـنابل والزيتـون والريحان
لأغـنية تتـهادى عبر بيـادر القمح وحدائق الأقحوان
لأصـوات فرحٍ يـغزل فيه الهـمس الأشعار والألحان
ضقتُ مـن الرحيل ومـن الوقوف على مــحطات الانتظار
من السـؤال المخيف متى تـعود تلك الطيور إلى الديـار؟؟؟
من الاستماع إلى أصوات الهزيمة ومن دوي السقوط والانحدار!!!
تعبـت فاغمرني بجناحين مـن أملٍ يعــيد حُلماً طويناه
واحـنو عليّ من صـقيع ً مللنا اللجوء إليه وكرهناه
وامـحو ذلك الذنب الـذي من أجله فـقدنا وطناً وأضعناه
اصغي إلى صـوتي من وراء البـحر يُنذر بالخطر
وأصـواتٍ مـن تحت الركام والموت تتوسـل القدر وآهـاتٍ مـن وجـع الآلام والقـيد تبكي وتحتــضر
ولا تسـأل عـن سفنٍ تحمل أســرار البطولة منذ عصــور
تجوب البحار والأزمان مبشــرةً بأمطارٍ من عطورٍ وبخور
ورجالٌ من نارٍ ونور يحملون قلوب الآساد وشموخ النسور
إنـها قادمةٌ فموعدها محفور كالنقش في الأسفار والإنجيل والقرآن
في نبوءة موسى وتعاليم عيسى ورسالة محمد وفي صفحات الفرقـــان
فهيئ لهم قناديل من شمسً وأقمار فهديرهم سيزلزل التاريخ كالطوفان!!!
أنا هنا على شـرفات الغربة أنتظرهم يخرجـون مع الفجر
بكوفياتهم الأسطورية يحملون بنـادق الحرية والنصر
ويتمتمون بأناشيدٍ للحياة ولرصاصة الثورة والحجر
دعني أمزق صخور الزمن من أجلهم ليمروا فوق أعناق الليل والجمــود
وأحفر لهم جداول من ماءٍ وغضب ليسقوا الوطن حُباً وخلود
فكم خبئت لهم في دفاتري قصائد مجدٍ وأكاليلَ من زهــرٍ وورود!!

سيدتي ..
كلما مرت ومضات جفن عقلي على لوحاتك .. أرى أنى عاجز عن رحيل المكان .. وأدرك أني في حضرة المقام لحظة السكون .. تداعبه صور التاريخ وآهات الحاضر .. وانتظار المستقبل عله قريب .. عله قريب
كم عذبتني الغربة .. وكم عانقني الأسى ومراره .. واحتضنني الألم .. وفي كل ليلة انظر من نافذة الزمان علني اسمع صافرة عودة أحلامي إلى حيث فصل الحكاية .
اغتسل من آثام الزمان .. ألهو حول حديقة جدتي .. وانقش قصتي على صخور الدهر .. فكم كانت قاسية غربتي !!
حين يمتد ذراعي لامتشق بعض من معين الاشتياق .. تهطل دمعتي فيوقظني الحلم الذي عشقت فصوله بعدما تتحجر الجفون .. ويغمرني الهلع حين أرى أنى مازلت أضع رأسي على وسادة الأمس .
تبعثرت كلماتي .. مفرداتي .. ؟أوراق سجلاتي .. وبت على قارعة الزمان تقارعني الآلام ..أرقب طلة الفجر الذي غابت عني ألوان عشقه .. حين كانت تداعب جفوني من خلف أشجار الرمان .. بجوار شواهد تاريخ جدتي ..
دعني أسافر عبر التاريخ .. عبر تذكرة الزمان .. على جناح مفردات أحلامي .. فقد يكون في غفوتي .. حلم جميل يكفكف دموع جرحي
انظر إلى وطني من نافذة اشتياقي .. ترى كم عذبني تعميده بالتنكيل والجراح .. كم طالت غربته استباحة أحشائه .
أرى الوطن في أم عيني .. وعيني مازالت ترصد سكونه .. نواحه .. عويله ودمعاته مازلت تطفو على الجسد بعدما زاده اشتياقي .
كم داعبني الحلم بالسفر عبر جناح الزمن .. أسافر معه إليه .. كالمتعبد في محراب النبي .. أطوف شوارعه كفريضة الحج ..
يا سيدي ..
هل سمعت رواية جدتي عن سنابل القمح ..وحبات الزيتون وعطر نورها .. وأريج المكان ريحان .. هل داعبك يوما أوراق عوسجها ؟؟
هل رقصت يوما على أغنية البيدر .. هل رقبت رقصات سنابل أرضها ..
هل سهرت تحت مظلة قمرها .. تسمع فصول حكايات الشعر والألحان والقصص ..
أتعلم يا سيدي كم جلست على محطات الزمن في انتظار وصول قطار عودتي ..
هل أتعبتك الهزيمة ؟ هل مزقك الانحدار ؟ هل تلوعت من تناقضات المفاهيم والأفكار ؟؟
ادعوك ان تغمرني بحلم يعيد الأمل ليوقظ رحلتي بعدما سقطت بوصلة الديار ..
هل يصلك أثير صوتي .. علك ترى بعقلك إني استغيث من تحت ركام ألمي ..من خلف جدار رسمته مخالب الجائرين على الديار .. علك ترقب صراع غرقي في بحر .. تضيع من بعدها الشراع
إني مازلت .. أقف على شواطئ الزمن .. فقد تصل مع موجات القدر الهادر .. سيوفا .. خطتها مفردات الرحمن في الأسفار والإنجيل والقرآن .
أنا مازلت أقف على شرفات ربوة التاريخ علهم يصلوا .. فقررت البقاء مهما طال الانتظار.
إني مازلت انتظر لأسمع صليل سيوفهم .. أزيز الرصاص .. هدير مدافعهم والطائرات .
فاني مازلت انتظر بيارقهم .. لأضع النور في طريق ممراتهم .. علهم يمزقوا صخور غربتي .. افجر لهم ينابيع الاشتياق يرون منها بطون الثرى بعدما تحجرت من وهج الاشتياق .. عل الأمس القريب ينبت رياحين الغد ويعبق الكون أريجا بعدما طال الاشتياق ..!!..

ليست هناك تعليقات: